قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الجمعة 23/12/2011

- 'المستقبل اليوم'

تؤكّد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة وما انتهت إليه الأحكام التي صدرت في حقّها منذ اللحظة الأولى، والتي حاول رئيسها أن ينفيها لكنّه لم يفلح.. وبالممارسة. فهي أوّلاً وأخيراً حكومة 'حزب الله' وتنفّذ قراره وتوجيهاته وسياساته و'تحالفاته'.لكن رغم ذلك لم يعد ينقص هذه الحكومة إلاّ تقسيم طاولة اجتماعاتها تبعاً لانقسام الهوية السياسية لوزرائها. ولا بأس إن وُضعت خطوط تماس تحدّد بدقّة حدود ملعب كل طرف تحت سقف 'المرشد الأعلى' صاحب القمصان السود.وبصرف النظر عن 'الفضيحة المؤسساتية' التي شهدناها في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء بشأن تصحيح الأجور، فإنّ مرحلة جديدة من عمر هذه الحكومة يُفترض أن تكون قد بدأت بالأمس.. شيخوخة مبكرة. جاءت نتيجة مراهقة سياسية غير مسبوقة في تاريخ لبنان. والسؤال الآن ليس عن موعد سقوطها بل عن الكيفية التي سيتم فيها ذلك؟ هل سيكون الأمر نتيجة لجموح العماد ميشال عون وطريقته وعدم قدرة الآخرين على التحمُّل، أم نتيجة لتطوّرات إقليمية مرتقبة.حكومة الانقلاب بدأت بالانقلاب على نفسها. ولا شماتة في ذلك. إذْ إنّنا في نهاية المطاف ما كنّا نتمنّى لهذا البلد إلاّ ما يخفّف من مصاعبه ومشاكله الكثيرة، وليس حكومة تبدو الآن قمّة مشاكله


ـ 'المستقبل'
نصر الله 'يَرد الإجر' لميقاتي
عبد السلام موسى:

دخل القاعة رافعاً علامة النصر بأن 'إتفاقاً' تم على 'تصحيح الأجور'، فإذ به يخرج منها 'مكسوراً' و'خائباً' بأن 'إنقلاباً' حصل لن يسلم من نتائجه.
مضحكٌ مبكٍ ما أصاب الرئيس نجيب ميقاتي في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. ربما، وعلى سبيل لفت نظره، كان الأجدى به قبل أن يرفع 'علامة النصر'، أن يرفع 'سماعة الهاتف' ويقف على خاطر مرشد حكومته، الأمين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصر الله، إذا ما كان راضياً على الإتفاق أم لا، كي يأخذ 'موافقة مبدئية' على رفع 'شارة النصر' ممن يحمل وكالتها المسجلة.فلم يكن خافياً على أحد أن نصر الله حتى اللحظة 'لم يهضم' ما ابتدعه ميقاتي من 'مخرج' لتمويل المحكمة الخاصة بلبنان، غصباً عن 'حزب الله'، الأمر الذي تسبب له بأزمة مع 'أشرف الناس' بأنه مرر تمويل محكمة 'إسرائيلية وأميركية'، وإن كان مرره على 'مضض' بناء على رغبة سورية.
بهذا المعنى، يتضح أن 'حزب الله' رفع 'البطاقة الحمراء' في وجه ميقاتي لأنه اتقن ارتكاب الأخطاء في منطقة الجزاء، ولم تعد تنفع معه 'البطاقة الصفراء' بعد أن ظن أنه 'رأس حربة' في اللعب على تناقضات الأكثرية في سياق يهدد استمراريتها، فإذ بالحزب يُعيد 'تحجيم' ميقاتي إلى 'حارس مرمى' ضعيف مهمته أن يُشرع 'مرمى الدولة' أمام الحزب وحلفائه لتسجيل أكبر عدد ممكن من الأهداف في مرحلة عنوانها الانتظار وترقب ما يجري على الساحة السورية.وما يعزز هذه القراءة، بحسب المراقبين، أن ميقاتي الذي أزعج 'حزب الله' بـ'التمويل' وجعله 'يبلع الموس'، وضع علاقة الحزب مع حليفه المسيحي الأول، النائب ميشال عون، على المحك، بعد أن أخذ الأكثرية بـ'المفرق' وأسقط بـ'التصويت' مشروع وزير العمل شربل نحاس الخاص بتصحيح الأجور لمصلحة مشروعه، ما تسبب بأزمة حادة بين ثلاثي الأكثرية 'حزب الله' 'امل' 'التيار الوطني الحر'، لم يكن ممكناً حلها إلا بـ'عملية جذرية' كالتي حصلت في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، والتي انكسر فيها ميقاتي أمام أكثرية ارادت أن تثبت أن جلسات 'شد العصب والأعصاب' التي واظبت عليها قد فعلت فعلها، إلى أن تم اللقاء بين الأمين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصر الله والنائب ميشال عون لاستعادة 'نضارة التحالف'.

وقد تبين بنتيجة ما شهدته الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، أن إجتماعات التنسيق بين وزراء 'ثلاثي الأكثرية' كانت موجهة ضد الرئيس ميقاتي بالدرجة الأولى، وهو شاء أم أبى، تلقى 'ضربة قاضية' كانت كافية لـ'تزليط' ميقاتي الذي كان في أوج تصوير نفسه على أنه يحقق إنجازات حتى كتب بعض الإعلام الذي يموله رئيس الحكومة ما كان عنوانه 'ميقاتي يهزم نصر الله'.وبمعزل عن إعتبار ما حصل بمثابة 'رد إعتبار' لعون، القصة ليست هنا، لأن مئة قرار على شاكلة قرار 'تصحيح الأجور' لن يرد أي اعتبار لعون. فهو وميقاتي والرئيس نبيه بري في 'خندق واحد' تحت أمرة المقاومة وليس معها.وبمعزل عن اعتبار ما حصل بمثابة 'رد إجر' من 'حزب الله' لميقاتي جراء تمويله المحكمة، القصة أن 'الرسالة السياسية' التي لا يبدو أن ميقاتي قرأها جيداً مفادها أن 'حزب الله' أعاد تصويب البوصلة بأنه 'صاحب القرار'، وبأنه حين يقرر ما على الآخرين سوى 'التبعية'، وهذا الأمر الذي لا يستطيع الرئيس بري أن 'يتشاطر' عليه، بدليل 'مفاخرة' معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل بأنه 'عراب' الإتفاق الخطي بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية، لكنه ما لبث، في مفارقة غريبة عجيبة، أن 'لحس المبرد' وصوّت ضد الإتفاق الذي كان عرابه.ولا شك أن ما سبق ذكره يُرتب، بحسب مصادر نيابية في المعارضة، مسؤولية كبيرة على رئيس الجمهورية ميشال سليمان بصفته رأس الدولة، وعليه ان يقوم بدوره قبل أن يغرق المركب، بعيداً عن 'تبويس اللحى' وسياسة الاسترضاء. وقبل ذلك، فليتأكد من أن الوزراء المحسوبين عليه إلى جانبه فعلاً، فوزير الداخلية مروان شربل لم يكن إلى جانبه في 'تصحيح الأجور'، ما أثار مخاوف مصادر سياسية 'من أن يكون مروان شربل، عدنان السيد حسين، الجديد؟'.
الخلاصة، أن 'حزب الله' حين يقرر أن يأكل العنب، لا يقتل الناطور، وهذا ما يفعله اليوم بالتحديد. 'حزب الله' وبعد خطب نصر الله الأخيرة اتخذ قراره في الداخل، بأن فترة السماح انتهت، وبأن فترة الانقضاض على الدولة قد بدأت فعلياً وليس 'مبدئياً'، وتحت ستار 'الديموقراطية' وما على ميقاتي إلا أن يكون 'باش كاتب'.على أي حال، الثلج يذوب عن حكومة 'التكاذب الوطني'، مهما اجتهد ميقاتي في التبرير، لن ينجح في إقناع الرأي العام بأنه رئيس حكومة 'كلنا للوطن'، بل 'كلنا على الوطن'، ولن ينجح في إقناعهم 'بريء' من 'وسطية' ارتضت أن تكون 'وسيلة رخيصة' لتقويض الدولة ومؤسساتها. وما حصل ليس إلا 'بروفة' قبل التعيينات، والآتي أعظم


ـ 'المستقبل'
غصن يحرج ميقاتي وجنبلاط بطرحه تسلل عناصر من التنظيم عبر الحدود
دمشق لم تتّهم 'القاعدة' فلماذا يعلن وزير الدفاع ما ينفيه حتى النظام السوري؟!
أحمد الأيوبي (رئيس 'هيئة السكينة الإسلامية'):

أثار وزير الدفاع فايز غصن الكثير من الالتباس حول أوضاع الحدود اللبنانية ـ السورية وما يجري على جانبيها، في ظل تصاعد جرائم القمع التي تمارسها قوات الرئيس السوري بشار الأسد، من القصير إلى تلكلخ، ومشاهدها الدامية لا تصل إلى اللبنانيين القاطنين في عرسال ووادي خالد وأكروم عبر شاشات الفضائيات التي يحلو لأبواق النظام وصفها بـ 'المضلِّلة'، بل إنهم يرون بأم العين كيف يُطارَد الأطفال والنساء والشيوخ عبر الحدود، وكيف يمزّقهم الرصاص؛ فمنهم من يقضي نحبه ومنهم من يصل في الرمق الأخير، وقليل منهم الناجون من جحيم السجن العربي السوري الكبير.ماذا قصد وزير الدفاع من الحديث عن تسلل عناصر من تنظيم 'القاعدة'، ولماذا قال ما لم يقله النظام السوري عن دخول هذه النوعية من الأشخاص إلى المعادلة السورية؟ هذا ما نحاول الإجابة عليه في السطور الآتية.
ماذا قال وزير الدفاع؟
جاء في الخبر الذي جرى توزيعه أن 'وزير الدفاع اللبناني فايز غصن لديه معلومات تتحدث عن عمليات تحصل عند بعض المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان ولاسيما في منطقة عرسال اللبنانية الحدودية يتم خلالها تهريب أسلحة ودخول بعض العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة على أنهم من المعارضة السورية'.وأضاف الخبر أن غصن 'أكد خلال استقباله وفداً من كبار الضباط في قيادة الجيش قدم له التهنئة لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، أنه سيطرح هذه القضية على مجلس الوزراء وسيفند ما بحوزته من معلومات لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم'، مجدِّدا 'ثقته بالجيش اللبناني وقيادته الحكيمة التي تمكنت على اكثر من مفترق خطير من تجنيب لبنان رياح الفتنة والانقسام'. ولفت إلى 'أن ما تمر به المنطقة من تطورات يضاعف حجم المخاطر على لبنان مما يستدعي تغليب الحكمة في التعاطي مع مختلف القضايا والالتفاف حول الجيش الوطني ودعمه في كل الخطوات التي يقوم بها'.
وفي استكمال لهذه الأجواء سرّبت 'مصادر وزارية' أن 'قائد الجيش العماد جان قهوجي كان أخطر رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والبرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي بمعلومات من 'مصادر أوروبية غربية' عن مواطن لبناني على صلة بتنظيم 'القاعدة' في عرسال، وأن الجيش اللبناني حاول توقيفه للتحقيق معه، لكن الأهالي حالوا دون ذلك، فيما قال الأهالي إن الشخص الذي حاول الجيش توقيفه سوري الجنسية مقيم منذ مدة طويلة في البلدة ويعمل فيها ولا يتعاطى السياسة'.في المقابل ردت مصادر سياسية 'أن تسليط الأضواء على بلدة عرسال الحدودية يتم في ظل تزايد عمليات اختراق الجيش السوري للحدود وإطلاقه النار داخل الأراضي اللبنانية، ما أدى الى جرح الكثير من اللبنانيين، قتل أحدهم قبل أيام من آل فليطي'.
وردّت قوى المعارضة بنفي وجود عمليات تهريب عبر عرسال الى سوريا وتشكيك في وجود أي عنصر من 'القاعدة'، مشيرة الى انتشار الجيش السوري على الحدود للحؤول دون ذلك، وطالبت بتولي الحكومة الاتصالات مع السلطات السورية لمنع الاختراقات السورية للحدود في شكل متواصل. وهي كانت اتهمت 'حزب الله' بأنه 'شارك قوى الجيش في الدخول الى البلدة'.

إحراج 'الوسطيين' وحشر ميقاتي
فتح وزير الدفاع عبر تصريحه هذا ملف الضغط الجدي على القوى 'الوسطية' في الحكومة، من وزراء رئيس الجمهورية ميشال سليمان مروراً بالرئيس نجيب ميقاتي ووزرائه وانتهاء بالنائب وليد جنبلاط وفريقه الوزاري، لأن نقل الملف إلى مجلس الوزراء كما صرّح غصن، يعني فرض مواجهة مكشوفة، تهدف إلى ضرب النشاط السياسي والإغاثي المساند للشعب السوري، عبر إحراج الجميع بإدخال عنصر تنظيم 'القاعدة' و'الإرهاب' إلى ملف الواقع الحدودي وما يجري من انتهاكات يقوم بها جيش الرئيس الأسد، سواء في الشمال أو البقاع.
إن طرح هذا الملف في مجلس الوزراء بالصيغة التقريرية التي ورد فيها، وقبل تكوين أرضية قضائية، سيجعل منه ضيفاً ثقيلاً وملحاً، وقد يكون من غاياته الإحراج من أجل إخراج بعض فرقاء التركيبة الحكومية، خصوصاً وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، بعد أن حسم النائب جنبلاط موقفه ضد النظام السوري، وأعاد بوصلة تموضعه السياسي على قاعدة الحفاظ على السلم الأهلي وإدارة الاختلاف على الملف السوري ضمن الحق في التميز السياسي، وحماية الحكومة حفاظاً على الأمن والاستقرار، ولإدراكه استحالة أو الصعوبة الشديدة لتشكيل حكومة جديدة في هذه الظروف الإقليمية الضاغطة، ولإبقاء الحد الأدنى من آليات التواصل مع 'حزب الله'.
في الوقت نفسه، سيجد الرئيس نجيب ميقاتي نفسه أمام إشكالية التهويل بتنظيم 'القاعدة' على جمهوره السني المتشابك والمتمسك في غالبيته العظمى بالدعم السياسي والإعلامي والمعنوي للشعب السوري، في حين يحاول فريق وزير الدفاع السياسي توريطه في مواقف نجح حتى الآن في تجنبها، سواء بالدفاع عن النظام السوري أو بإدانة الشعب الثائر، بل إن ميقاتي وازى بين مواقف حكومته الخارجية الملتبسة أو النائية بالنفس أو الرافضة لقرار الجامعة فرض عقوبات على النظام، بالحرص على إبراز أرقام تثبت قيام 'الهيئة العليا للإغاثة' بواجبها كاملة تجاه النازحين السوريين في لبنان، في رسالة غير مباشرة إلى الجمهور السني بأنه يحافظ على الحد الأدنى من التوازن في القضية السورية، فضلاً عن سعي ميقاتي إلى إصدار مواقف عامة في شهر رمضان الفائت تحمل تأكيده لحق الشعوب في الحرية وتقرير المصير.

هذه الخيوط الدقيقة التي يجهد الرئيس ميقاتي للحفاظ عليها، مع تقدم خطاب الرئيس سعد الحريري في الملف السوري، قد يجد رئيس الحكومة نفسه أمام خيار مفصلي، بين التمسك بها، باعتبارها من الثوابت الإسلامية المعنوية المهيمنة على الوجدان السني والمتواصلة مع مجمل شرائح قوى 14 آذار المسيحية، إضافة إلى الموقف البارز للنائب جنبلاط وكتلته النيابية والوزارية، وإما أن يضطر الرئيس ميقاتي إلى مسايرة الفريق السياسي لوزير الدفاع المتمثل بـ'تيار المردة' والتيار العوني ومن ورائهما 'حزب الله'.

محاولة استدراج الجيش
وفي الواقع، فإنه يُخشى من تسريب الكلام باسم قائد الجيش حول الملف، من دون أن يصدر موقف رسمي منه أو من المؤسسة العسكرية نفسها، أن نكون أمام محاولة إحراج أو استدراج جديدة للجيش وسط التجاذب الحاصل حول الوضع السوري وما له من تداعيات داخلية وإقليمية. والمثير للاستغراب أيضاً إسناد تصريحات وزير الدفاع إلى ما نُسب لقائد الجيش من أنه أخطر الرؤساء بالمعلومات عن مواطن لبناني على صلة بتنظيم 'القاعدة' في عرسال، ومحاولة الجيش توقيفه للتحقيق معه، لكن الأهالي منعوا ذلك.
واللافت في هذا السياق أن هذه الضجة الكبرى حول 'القاعدة' لم تخرج بأسماء أشخاص أو مجموعات، سوى شخص واحد أكد أهالي عرسال أنه ليس إرهابياً، مما يعني أن محاولة اعتقاله سياسية بحتة، إلا إذا كان المقصود من هذا التسلسل في التسريب اتهام أهالي عرسال جميعاً بالإرهاب وبإيواء هذا 'القاعدي' الوحيد.
وهل وجود مواطن فرد (مشتبه به من المخابرات الغربية وليس اللبنانية!) يستأهل كل هذا الضجيج السياسي؟ وهل باتت المخابرات الغربية مصدراً موثوقاً يمكن الاتكال عليه والتعاطي الإيجابي معه في ملف إسلامي، وهي في الوقت نفسه أجهزة معادية استعمارية عندما يتعلق الأمر بملفات أخرى؟! ولو أن هذا المواطن يشكل بالفعل خطراً على الأمن اللبناني فهل كان الجيش ليتركه نتيجة رفض الأهالي واحتجاجهم؟.
وأمام هذا الواقع هل يريد وزير الدفاع أن يخبرنا أنه رغم كل ما تحدث عنه من إجراءات أمنية للجيش اللبناني على الحدود، فإن هذه المناطق لا تزال 'فالتة' وأن المعابر 'غير الشرعية' لا تزال تعمل وأن الدولة عاجزة عن ضبطها؟ ومن هي المجموعات التي يفترض أنها من تنظيم 'القاعدة' ومن يغطيها ويمولها؟ ولماذا تبقى هذه الأسئلة دائماً من دون أجوبة؟.وهل الجانب السوري من الحدود أيضاً مخترق ويمكن استخدامه من 'الإرهابيين' المفترضين، فتصح بذلك أقوال بعض من جمعتنا بهم من المحسوبين على النظام مناظرات إعلامية، بأن حرس الحدود السوريين تم شراء ذممهم، وبذلك تمكنت المجموعات المسلحة من إدخال هذه الكميات الهائلة من السلاح، في بلد يحكمه قرابة الثمانية عشر جهازاً أمنياً، يتحكمون بمفاصل الحياة اليومية وتفاصليها؟!.والإشكالية الأساس التي تواجه الرئيس ميقاتي في هذا الملف هي أنه رُمي على طاولة النقاش السياسي والحكومي من دون أرضية قضائية وقانونية قائمة وصالحة للمتابعة، بل إنه يأتي في سياق سلسلة من محاولات التوريط والإدانة لأهالي المناطق الحدودية، والتي لم يصمد منها أمام التحقيقات النهائية والقضائية شيء، ومن سعي البعض إلى توريط الجيش اللبناني في المواجهة السياسية وتحميله أعباء ملفات مركبة، كما حصل في ما سمي قضية 'تهريب السلاح من مرفأ سوليدير' والتي انتهت بتوقيف أحد المحرضين وإطلاق الأخوين الثمين من طرابلس.

تغطية اعتداءات شبيحة النظام السوري
المسألة في موقف وزير الدفاع تتفرع أيضاً لتصل، في مفاعيلها، إلى إخفاء اعتداءات شبيحة الأسد وإدخال اللبنانيين في صراع سياسي ـ أمني بالغ الخطورة، رغم أن مواقف سابقة للوزير كانت متسرعة ولم تكن موفقة، كما كان الحال عند اندلاع الحملة على النائب خالد الضاهر واتهام مرافقه فؤاد القواص بإطلاق النار على إفطار رمضاني نظمته بعض شخصيات 8 آذار في عكار، وأخلت سبيله النيابة العامة لتستكمل الملف وهو مطلق السراح، رغم سقوط قتيل في تلك الحادثة، مما يجعل مسار تلك المحاكمة مؤشراً الى عدم وجود دور جرمي للقواص، لأنه لو ثبت لدى النيابة العامة وجود دور له في جريمة قتل، لما كان يمكن إطلاقه، من وجهة النظر القضائية.
نذكر يومها أن الوزير غصن طلب رفع الحصانة القضائية عن النائب الضاهر واتهمه بأنه كان من داعمي تنظيم 'فتح الإسلام' الإرهابي، وذهب بعض الأبواق في مساندته للوزير إلى القول بأن مكان الضاهر هو السجن، وأنه شخصية معادية للجيش اللبناني.. لتنتهي كل هذه العاصفة السياسية عند حقيقة البراءة لمرافقه وتلاشي الاتهامات الباطلة حول 'فتح الإسلام' وإلى تحديد الإشكالية المحدودة في الخلاف مع قيادة الجيش في نقاط قليلة، وإلى تغليب الاعتبار لأولوية العلاقة الإيجابية مع المؤسسة العسكرية ولدورها الوطني الجامع، وإلى وضع توازنات العدالة والحرية السياسية والحفاظ على الاستقرار وإبقاء قنوات التواصل قائمة.

محاصرة الناشطين السوريين
ومن نافل القول إن من مفاعيل أو من أهداف طرح وزير الدفاع تعطيل النشاط السياسي والإعلامي والإغاثي للناشطين السوريين بدعوى وقف استغلال نشاطهم من تنظيم 'القاعدة'، ووضعهم في صيغة ملتبسة بأنهم ـ ولو من غير قصد ـ يشكلون غطاء لنشاط إرهابي، مع ما يعنيه ذلك من ضغط أمني على هذه الشريحة من الناشطين وممن يحتضنهم من اللبنانيين المتعاطفين مع قضيتهم.
ماذا يقول النظام عن المجموعات المسلحة؟
أما السؤال الأهم، في كل هذا الطرح الذي تقدم به وزير الدفاع، فهو عن حقيقة الموقف وهل 'القاعدة' مهتمة أصلاً بالقتال ضد النظام السوري، وهل هذا النظام نفسه يتحدث عن مسؤولية 'القاعدة' عما يجري في سوريا؟.
من المفيد هنا تذكير الرأي العام بأن النظام السوري أسقط من حساباته ومن خطابه الإعلامي والسياسي اتهام تنظيم 'القاعدة' أو أي جهة إسلامية أخرى بما يسميه أعمالاً تخريبية في سوريا، وهو تدرج في التنصل من اتهام الإسلاميين من تغييب صفة التكفيريين، كما حصل مع أهل درعا ومع شيخ الثورة الدرعاوية الضرير أحمد الصياصنة، الذي اتهمته أبواق النظام بأنه مرشد التكفيريين وقائدهم، إلى أن اضطر الرئيس بشار الأسد إلى استقبال الشيخ الصياصنة وإجباره على التحدث إلى التلفزيون الرسمي السوري، ليعود الشيخ الضرير ويكشف عن حقيقة اللقاء مع الأسد قائلاً: إن الرئيس أخبره بأنه يسامح أهل درعا على تحطيم تماثيله وتماثيل أبيه من دون محاسبة أو سؤال، فكان جواب الشيخ الثائر: ومن المسؤول عن دماء أبناء درعا التي سالت، ومن المسؤول عن التدمير والقتل المنتشر في أرجاء سوريا؟!.
اضطر النظام السوري إلى الكف عن التعرض للشيخ الصياصنة في خطوة تراجع أولى، تبعها فشل النظام في تسويق مسؤولية 'الإخوان المسلمين' عما يسميه أعمال العنف، بل إن بعض المحسوبين عليه اضطر الى الإشادة بمدرسة 'الإخوان' وبدورهم الإسلامي على مستوى العالم العربي.
وهكذا لم يعد في جعبة إعلام النظام وسياسييه أي اتهام لأي جهة إسلامية ليحصر اتهامه بوجود جماعات إرهابية مسلحة لا طعم لها ولا انتماء ولا لون!!، مما يعطي فكرة واضحة عن سقوط إمكان إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلاميين داخل سوريا وخارجها، ربما لأن الثورة السورية اليوم هي ثورة شاملة لكل شرائح الشعب السوري، والإسلاميون جزء منها.

هل تبنّت 'القاعدة' الجهاد في سوريا؟
الجانب الآخر من هذا النقاش هو موقف تنظيم 'القاعدة' من الثورة السورية، ويمكن القول بأن موقف هذا التنظيم انحصر في خطاب يتيم لأيمن الظواهري خليفة أسامة بن لادن، دعا فيه إلى مساندة الثورة السورية، من غير أن يحمّل كلامه أي مؤشر إلى دعم خاص ستقدمه 'القاعدة' الى الشعب السوري بأي شكل من الأشكال.
وفي تفصيل موقف 'القاعدة'، فإن هذا التنظيم لم يعلن أن سوريا تحولت بالنسبة إليه أرض جهاد، ولم يدعُ المتطوعين للدخول إليها وقتال النظام، مقابل سكوت مريب مارسه إعلام الأسد عن حقيقة مآل مئات المقاتلين الجهاديين الذين طالما استخدموا الأراضي السورية في العبور نحو العراق لتنفيذ عمليات يصفها المجتمع الدولي والعراقيون بأنها إرهابية، ويعتبرها نظام الأسد مقاومة، مع الإشارة إلى أنها أودت بحياة آلاف العراقيين من دون أن نعرف كم منها استهدف جنود الاحتلال الأميركي ومواقعه.
من هنا لا يمكن تجاهل أهمية الموقف المعلن لـ'القاعدة' من الملف السوري لتقييم خطواته، وذلك لأسباب كثيرة أهمها: أن المؤسسات الأمنية، الدولية والإقليمية وحتى المحلية، والمختصين والخبراء، والوزارات المعنية بمواجهة 'الإرهاب'، يضعون في مقدم عناصر تقييمهم للموقف من أي ملف مرتبط بـ'القاعدة'، موقف التنظيم 'الرسمي' الصادر عبر بيانات أو تصريحات قيادييه، وعلى مواقعه الالكترونية المعتمدة.
وهكذا كان البحث خلال أزمة مخيم نهر البارد عن موقف 'القاعدة' ومدى تبنيه لتنظيم 'فتح الإسلام' الإرهابي، وكانت الخلاصة الإجمالية عدم ثبوت الارتباط بينهما، بالاستناد إلى مجمل بيانات التنظيم وقادته. وما يصح في قضية 'فتح الإسلام' يصحّ في غيره من الملفات، وخصوصاً في ما يتعلق بمجريات الملف السوري.
أخيراً، يمكن القول إن ما تقدم به وزير الدفاع لم يكن موفقاً في مقاربته لوضع الحدود ولمسألة احتمال تسلل عناصر من 'القاعدة' عبر لبنان إلى سوريا، وإن كنا نعترف بحقه في تقدير الأمور من وجهة نظره، ونأمل أن يحافظ على مسار خطه لنفسه بألا ينزلق إلى خطابات التخوين والتوريط التي قد يستوجبها موقعه في الوزارة وانتماؤه إلى تحالف سياسي يُغرِق في هذه اللغة.
ذلك أن ثمة فرقاً بين الإثارة السياسية التي توظف في المسار السياسي التنافسي، وبين القضايا الكبرى التي تؤثر على مصير الناس في منطقة هي في الأصل منكوبة بالحرمان. ومن مآثر قوى 8 آذار أنها رفضت وبشكل قاطع كل أشكال تحديد أو ترسيم الحدود مع سوريا، خلال السنوات التي تلت انسحاب نظام الأسد من لبنان، ومن الصعوبة اليوم بمكان أن يقنعنا هذا الفريق بأنه حريص على ضبط الحدود وصيانتها من الاختراق والاستعمال المتعدد الأوجه، لكننا وعلى وجه اليقين، نعتقد أن وجود 'القاعدة' على الحدود يحتاج إلى أكثر من تصريح سياسي يستند إلى مصدر استخبارات غربي!!.


ـ 'الديار'
بين الضاحية والصرح &laqascii117o;صفحة خاصة جداً" .. الزيارة على توقيت عقارب بكركي
ابتسام شديد:
 
شكلت زيارة السفيرة الأميركية الى الصرح ومن قبلها جيفري فيلتمان للقاء البطريرك الراعي محطة عوَل عليها بعض اركان الأكثرية السابقة آمالاً لفتح ثغرة في نافذة بكركي الموصدة على قناعة سيد بكركي وهواجسه بضرورة حماية الوجود المسيحي من الأخطار والتهجير، والقناعة بان سقوط النظام السوري لن يكون لمصلحة المسيحيين في المنطقة، خصوصاً وان لقاءات سيد الصرح بالزائرين تزامنت مع تصريح قبل اسبوعين صدر عن سيد بكركي لحصر السلاح بيد الدولة، مر من دون ان يثير ردود الفعل خصوصاً وان الموقف البطريركي جاء ملتبساً على جميع الاوساط في شأن تفسيراته التي اعتبرها البعض موجهة الى السلاح غير الشرعي في المخيمات والمنتشر في بعض المناطق اللبنانية، في حين رأى سياسيو الأكثرية السابقة ان الراعي قصد حزب الله من دون ان يسميه، وفي حين ذهب المتفائلون منهم الى ابعد من ذلك، الى قراءة ملامح تحول في الخطاب البطريركي وتراجع تحت الضغوط والظروف لسيد الصرح عن مواقفه الباريسية. وفي كل الأحوال،فان احداً من سياسيي الفريقيين في 8 و14 آذار لم يتجرأ على تفسير كلام الصرح،فلا سياسيو 14 تسنى لهم ان يحلموا بعودة الراعي الى قواعدهم واستراتيجيتهم، وكذلك لم يجرؤ احد من قبل 8 آذار على التشكيك في كلام سيد الصرح،وعليه مر الكلام بهدوء ومن دون حساسيات خصوصاً وان الصرح سيد نفسه ولا احد يملي عليه خطواته وما يراه البطريرك مناسباً ولمصلحة ابناء الكنيسة المارونية.

لكن زيارة الوفد الماروني الى الضاحية للقاء الأمين العام لحزب الله وفتح صفحة &laqascii117o;خاصة" جداً بين الحارة والصرح جاءت لتنقض كل الروايات التي سيقت في الأيام الأخيرة،فمعنى الزيارة بالمفهوم العام والشكلي ان بكركي ترفض الإملاءات والضغوط عليها من اي جهة اتت،وان سيد بكركي مقتنع بالانفتاح على الفريق الآخر في الوطن ويسعى الى التنسيق معه في مواجهة الأخطار المحدقة بالوطن والتي تتهدد الأقليات فيه بصورة خاصة.
وبالطبع فان الزيارة لم تأت وليدة ساعتها بل تقررت على &laqascii117o;عقارب" ساعة بكركي،وكانت مدرجة على جدول اعمالها منذ زيارة وفد حزب الله الى الصرح لتهنئة الراعي بانتخابه بطريركاً، في اطار زيارة &laqascii117o;رد الرجل" المقررة منذ فترة ولشكر الحزب على الاستقبالات الشعبية التي اقيمت للراعي في بعض جولاته الراعوية. و ما رشح من لقاء الأربع ساعات من النقاش بين الأمين العام لحزب الله والوفد الماروني يوحي بان المجتمعين تناولوا القضايا الساخنة والمطروحة،بدءاً من الملف السوري حيث نقل وفد بكركي عن سيده مخاوف من تداعيات سقوط النظام السوري وما قد يتعرض له المسيحيون في سوريا من عمليات قتل او تهجير،الى قانون الانتخاب حيث شرح وفد بكركي وجهة نظر الصرح وعدم تبنيه لأي قانون انتخابات بعد..
بدون شك فان اللقاء تتويج للمسيرة الانفتاحية بين بكركي والحارة، ولا يعني ذلك ان الطريق ستكون خالية من الألغام والمطبات، فالأشهر الأولى من عهد الراعي لم تخل من مناوشات وتحريك ملفات &laqascii117o;نائمة" في الأدراج،قضية لاسا التي تم نبشها واجهها الراعي بشجاعة فانتقل من مقره الصيفي في الديمان الى بكركي،مجترحاً الحل بحيث لا يتم تهديد ميثاقية العيش المشترك في منطقة جبيل. إستطاع الراعي كما يرى العارفون تحييد نفسه عن &laqascii117o;الملف الحارق" حتى الساعة لم يصدر عن الصرح أي موقف &laqascii117o; يدين" سلاح الضاحية، ووفق تقدير العارفين فالأرجح ان لا يصدر أي رأي يعكر تلك العلاقة بين الطرفين مهما بلغت الاتهامات والإدانات الدولية ومهما تعاظمت الهمسات المسيحية في فلك الصرح،فالبطريرك يركز أولوياته على ملف المصالحة والحوار بين المسيحيين وعلى معالجة الملفات التي تهدد الوضع المسيحي من مثل الهجرة وبيع الأراضي والتجنيس و... بالاتفاق والتنسيق مع القادة المسيحيين. أما السلاح، فيرى العارفون ان البطريرك الراعي أقرب في هذا المجال الى موقف رئيس الجمهورية، حيث ان نظرة بكركي في هذا الاطار بان الحل يكون في إطار الدولة وليس عبر التهويل ونزعه بالقوة في الشارع. العارفون أيضاً ينقلون عن الراعي إعترافه بالمقاومة ورفضه &laqascii117o;مقولة السلاح الميليشياوي"،هذه النظرة بدون شك لا تعجب فريقاً واسعاً في الأكثرية المسيحية السابقة،وهي بدون شك لا تنسجم ولا تشبه رأي سيد الصرح السابق الذي كان غالباً ما يردد &laqascii117o; ان العربة لا تصل الى بر الأمان عندما يجرها حصانان


- 'السفير'
تـقــريـــر لمــركـــز &laqascii117o;بــروكـيـنـغــز".. هل يحجِّم &laqascii117o;الربيع العربي" النفوذ الأوروبي: بين فهم &laqascii117o;الإسلام السياسي" واختباره؟ 
دنيز يمين:
 
هل ينجح &laqascii117o;الربيع" العربي في تغيير مقاربة الاتحاد الاوروبي للأمور في منطقة البحر الابيض المتوسط باتجاه دعم اكثر جديّة لـ&laqascii117o;دمقرطة" الدول؟ سؤال حاول الباحثان في مركز &laqascii117o;بروكينغز" الاميركي، عمر تاسبينار وجوناثان لورانس، الاجابة عليه في بحث بعنوان &laqascii117o;هل يحجّم الربيع العربي النفوذ الاوروبي؟"، مستبعدين الافراط في الرهان على هذا التغيير، انطلاقا من ثلاثة اسباب تدحض الفرضية.
يبدو انه لا يوجد تعديل جوهري قد يطرأ على المعيار الاوروبي في التعاطي مع منطقة البحر الابيض المتوسط في مرحلة ما بعد الثورة، بل قد تكون فقط بعض التدابير التجميلية: اول الاسباب التي تمنع تغييرا جديا في سياسة اوروبا الخارجية عائد للازمة الاقتصادية الكبيرة التي تضرب اوروبا، في ظل عدم توافق فرنسي ـ بريطاني ـ الماني حول مستقبل اليورو ومستقبل الاتحاد، الامر الذي يجعل اعادة النظر في السياسة الخارجية، أمرا ثانويا في مثل هذا التوقيت.
ثانيا، ان نجاح الاسلاميين الانتخابي في دول المنطقة كان كافيا لاشاعة الذعر في اوروبا. فخلال العقود الماضية، كان الاهتمام الاوروبي مركّزا على التطوير الامني والاقتصادي في المنطقة، ثم على مكافحة الارهاب وضبط الحدود عبر المتوسط ومحاصرة الفساد، وكلها عناوين نسّقت اوروبا مع الانظمة الدكتاتورية الصديقة لتمريرها عبر المؤتمرات واتفاقات التعاون (احدثها الاتحاد من اجل المتوسط). فأتى شعار &laqascii117o;الأمن والتنمية اولا" على حساب دعم الديموقراطية في بلدان مثل مصر والجزائر وتونس والمغرب. هكذا كرّست البرامج الاوروبية (وما يشبهها من سياسات اميركية) منطق الخوف من البديل عن هذه الدكتاتوريات، حتى كان الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك &laqascii117o;المايسترو" الذي نجح في استغلال هذه المخاوف الغربية من خلال تقديم &laqascii117o;الإسلام الراديكالي" كبديل وحيد عن الأنظمة القمعية.
السبب الثالث الذي يجعل تغيير اوروبا لسياستها الخارجية امرا مستبعدا، هو تردد القارة المتواصل لجهة قبول عضوية تركيا، الدولة التي تدين بنجاحها كديموقراطية علمانية مزدهرة، لرسالتها الأوروبية. فرفض الاتحاد الاوروبي لدولة مثل تركيا يظهر محدودية رؤيته الجيوستراتيجية الحالية للعالم الاسلامي.
الخطأ يتكررّ
ثلاثة معطيات لا تمنع القول ان المجتمع الاوروبي، رغم كل شيء، يحاول اعادة توجيه مقاربته نحو البحر الابيض المتوسط من خلال اقتراحات مثل &laqascii117o;الشراكة من أجل الديمقراطية والازدهار المشترك" فضلا عن غيرها من التدابير العسكرية الاخرى للمنطقة. لكن، فيما يشدد التعاون على التحول الديموقراطي وبناء المؤسسات والانماء الاقتصادي وتطوير المجتمع المدني وتقدّم الانظمة الصحية والتربوية الى جانب الاصلاح الدستوري وضمان الحريات واحقاق العدالة ومكافحة الفساد، يغيب عن الخطة الاوروبية ما هو اهم من كل ذلك، وما هو متصل مباشرة بـ&laqascii117o;دمقرطة" الدول، الامر الذي يُعدّ تكرارا للأخطاء الأوروبية السابقة: تأثرت مقاربة الاتحاد الاوروبي التقليدية بنظرية &laqascii117o;العصرنة" التي تقول ان التنمية الاقتصادية تؤدي حُكماً الى تزايد الديموقراطية.
توقّع ان يدفع النمو الاقتصادي باتجاه الاصلاح السياسي يناقض تماما الحقائق على ارض الواقع، خصوصا حيث تعايش الاستبداد مع الركود الاقتصادي، فيما بقي النمو الاقتصادي محصورا بالقلة المتمكنة. كذلك، بعد 11 ايلول 2001، كان لدى صناع القرار السياسي الأوروبي حافز إضافي لتحديد أولوياتهم على اساس التعاون الأمني مع الأنظمة الاستبدادية في مجالات مثل مكافحة الارهاب والتنسيق الاستخباراتي.
.. دينامية مشابهة قامت على الجانب الاخر من الاطلسي. اذ فيما كانت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تدعو بين العامين 2002 و2005 للديموقراطية في المنطقة في وقت بدا الصعود الاسلامي الانتخابي في كل من مصر وفلسطين ولبنان، لم &laqascii117o;تعاقب" الولايات المتحدة مصر مثلا لاعتقالها سعد الدين ابراهيم وايمن النور، كما لم &laqascii117o;تعاتب" الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، على قمع حرية الصحافة في تونس...
&laqascii117o;الاسلام السياسي".. ونتائج الثورات
بعدما ابدت اوروبا ارتياحها لقيام الثورات العربية من دون قيادة اسلامية، عادت لتدق ناقوس الخطر، بعد نجاح الاسلاميين انتخابيا. لكن اذا كانت الثورات مفاجئة بالنسبة للاوروبيين، في الشكل والتوقيت، فلا يجب ان تكون نتائج الانتخابات كذلك، اذ لا يأتي هذا الصعود (41 في المئة في تونس، 27 في المئة في المغرب، 36 في المئة في مصر من ضمنهم 24 في المئة للسلفيين) من لا شيء، اذ حصل حزب النهضة التونسي مثلا على 14.5 في المئة من اصوات الناخبين في انتخابات العام 1989 فيما حصل حزب العدالة والتنمية في المغرب على 13 في المئة من مقاعد البرلمان في العام 2002...
ربما كان كلام رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل في تشرين الاول الماضي عن ان &laqascii117o;الشريعة" ستكون مصدر القانون في ليبيا الجديدة، مثيرا للذعر الاوروبي، كما يتوقع ان يفرمل تشكيل &laqascii117o;الاخوان المسلمين" في مصر حكومة اسلامية ـ سلفية، حماسة الاوروبيين للديموقراطية في العالم العربي..
لا شك ان هذا الشعور الاوروبي يظهر جليا في الاعلام الغربي في تخوّف من ان تؤدي مسيرة الديموقراطية في المنطقة لاسلام راديكالي في مصر وجيرانها في شمال افريقيا. لذا من الاجدى ان يحاول المحللون الغربيون فهم الظاهرة المعقّدة التي تدعى &laqascii117o;الاسلام السياسي" في العالم العربي.
في الواقع، تبدأ القراءة الصحيحة لهذه الظاهرة من تحليل دور الاسلام في ظل الانظمة الدكتاتورية في العالم العربي، من شمال افريقيا الى السعودية وحتى اليمن. فغياب الحكم الرشيد والسياسات الديموقراطية والانتخابات الحرة كان وراء ترسخ الانظمة السياسية السائدة. اما الإسلام - في مثل هذا السياق القمعي - فبرز بوصفه السبيل الوحيد لمعارضة ذات معنى. وفي ظل غياب الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية ذات التوجه الشعبي، وعدم توفّر حرية لتكوين الجمعيات وحرية التعبير، أصبحت المساجد المكان الوحيد الذي يمكن للجماهير المحرومة ان تتجمع فيه وتنخرط في العمل الجماعي. فبينما كانت السياسة تعجّ بالنخبة الثرية والفاسدين، كان الدين ملاذ الغالبية الصامتة.
وفيما شكلت المساجد المنفذ السياسي والاجتماعي الوحيد المتاح امام الاسلاميين في هذه الأنظمة القمعية، ظهر بعد ذلك ما يمكن تلخيصه بـ&laqascii117o;أسلمة التمرّد"، لأن الإسلام كان في كثير من الأحيان &laqascii117o;اللعبة الوحيدة في المدينة"، فمهّدت هذه الظاهرة لعملية موازية ادت إلى &laqascii117o;تسييس الاسلام" مع تحوّل الأحاديث في المساجد الى السياسة اكثر فأكثر. كذلك، ساهم تشديد الاسلام اصلا على مفاهيم &laqascii117o;العدالة" و&laqascii117o;المساواة" و&laqascii117o;الوحدة" بين جميع المؤمنين، في ترسيخ خط الاسلاميين، لما لها من صدى طبيعي بين الجماهير &laqascii117o;المهانة" و&laqascii117o;المكبوتة"... باختصار، يمكن لما تقدّم ان يشير لسبب صعود الاسلاميين الهائل في المجتمعات العربية ما بعد الدكتاتورية.
ومع ذلك، سرعان ما ستدرك الحركات الاسلامية المشاركة في السلطة ان شعار &laqascii117o;الاسلام هو الحل" لن ينجح. فنظرا للمشاكل المعقدة التي ستواجهها هذه الحركات، سيكون على الاسلاميين التكيف مع البيئة الجديدة التي أصبحت أكثر واقعية وكفاءة. فإذا كانوا مصرين على الجمود العقائدي والايديولوجي، فسوف يؤمّن فشلهم فرصة من نوع جديد. ببساطة، إن هذا الفشل سيقلل من مصداقية &laqascii117o;الإسلام السياسي" باعتباره الحل السحري للمنطقة. وفي كلتا الحالتين، سيشكل ذلك مكسبا للمجتمعات العربية والغربية على حد سواء... لذا بانتظار تبلور المشهد العربي، يتعيّن على الاتحاد الاوروبي البحث - بدلا من الهلع - عن فرصة &laqascii117o;تحديث" الاسلام السياسي مع وصوله للسلطة او إزالة الغموض عن هذه القوة المتمكنة.
.. واسلاميو اوروبا؟
نظرا لقربها الجغرافي من العالم العربي، من الطبيعي أن تشعر أوروبا بخطورة التأثر بنتائج الثورات في جنوب المتوسط، لكن ما يثير هذا الشعور لديها اكثر من اي شيء آخر، هو كونها قارة - ملاذ لعدد كبير من المسلمين، يقارب 16 الى 18 مليون مسلم داخل حدود بلجيكا وفرنسا وألمانيا وهولندا واسبانيا وايطاليا وبريطانيا.. تساءل العديد من المراقبين عندما وصلت الثورة إلى شمال أفريقيا هذا العام، عن الدور الذي قد يلعبه المسلمون الأوروبيون في ظل الأحداث. هل سيكونون &laqascii117o;كادرات" ثورية، يساندون الداخل من الخارج؟ هل ستصل الروح الثورية الى اوروبا؟
على مدى العقود الماضية، كانت الدول الاوروبية اشد المتحمسين لتغيير الانظمة في شمال افريقيا، فكانت القارة العجوز ملجأ المنادين بالتغيير في شمال القارة السمراء: وصول امواج من الناشطين الاسلاميين الى أوروبا ما بين أوائل الستينات وأواخر التسعينات، كان بسبب فرض حظر على الأحزاب المعارضة في البلدان الأصلية. وفيما تعد كل من تونس ومصر، المصدرين التاريخيين للقيادة التنظيمية الإسلامية في أوروبا، يمكن لشرعنة &laqascii117o;النهضة" و&laqascii117o;الإخوان" في البلدين المذكورين ان تؤدي إلى مشاركة المسلمين الأوروبيين في المنافسة السياسية، أو على الأقل، دعم الناشطين من الشتات.
عبّر العديد من المفكرين في اوروبا عن هذا التخوّف بالتحديد، خصوصا ابان وصول التحركات الشعبية - تحت سقف مطالب معيشية مماثلة للمطالب العربية - الى مدريد ولندن واثينا وغيرها، في خطوة جسّدت ميدانيا &laqascii117o;الغضب" الاوروبي - الشعبي... ولكن، بالرغم من ذلك، بقي تأثير الربيع العربي محصورا بالسياسة الاوروبية والثقافة السياسية، دون ان يكون له صدى مباشر في صفوف الاسلام الاوروبي، علما بأن مثل هذا الامر قد يرفع المشاركة الاسلامية في السياسة الاوروبية الى مستوى يضمن ربما تأثيرهم في السياسة الخارجية تجاه العالم العربي. اما السبب، فعلى الارجح هو ان الدول التي خضّتها الصحوة العربية، مصدّرة للمهاجرين الى اوروبا: 600 الف تونسي في فرنسا و250 الفا في ايطاليا والمانيا، وهي اعداد لا تقارن بتلك الموجودة في تركيا والمغرب والجزائر وافغانستان ذات الجذور الاسلامية. اسلاميو الخارج اقاموا في اوروبا لاسباب اقتصادية &laqascii117o;كما ان معظمهم منقطعون عن عالم السياسة في بلدانهم الاصلية.. إما بسبب النظام القمعي وإما ببساطة لعدم اكتراثهم"، كما قال احد الفرنسيين ـ التونسيين.


- 'السفير'
ماذا يقول الغرب عن بوتين؟
سمير التنير:
 
&laqascii117o;روسيا للروس" هو الشعار الذي انتشر من موسكو إلى الشرق الأقصى. وحاز الشعار على تأييد 60% من المواطنين الروس. وكان ذلك الشعار من ابتكار الكرملين كي يؤمن الفوز للحزب الحاكم &laqascii117o;روسيا الموحدة" في الانتخابات التي جرت منذ وقت قصير.
انتخب الروس وللمرة السادسة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، برلمانهم الجديد. تلك الانتخابات التي جرت مظاهرات كبيرة احتجاجاً على نتائجها، والتي قالت المعارضة الروسية إنها زورت.
يقول الاعلام الغربي إن الحزب الحاكم مارس ضغوطاً كبيرة على حكام المحافظات وعلى لجان الانتخاب وعلى الإعلام. وقد أيدت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية اعادة حزب بوتين بأغلبية مريحة إلى مجلس النواب الـ&laqascii117o;دوما". وقد حذر بوتين في خطابه الأخير المعارضة من القيام بأي شغب، لأن استقرار البلاد يقع في الاهتمام الأول للحكومة.
يتهم الاعلام الغربي وبعض أحزاب المعارضة بوتين وحزبه بتفضيل &laqascii117o;غير الروس" (من الجمهوريات السوفياتية الآسيوية السابقة) عليهم. وتخصيص مساعدات مالية ضخمة لتطوير شمالي القوقاز. وهذه المبالغ تسحب من الموازنات المخصصة لتطوير التعليم والعناية الصحية. كما يترك كثرة من القوقازيين والأوزبك والطاجيك مدنهم ويأتون إلى مدن روسيا الكبرى للعمل، ويحرمون الشبان الروس من فرص العمل، ويتسببون في زيادة البطالة.
يقول بوريس غسوف نائب رئيس الوزراء السابق للاعلام الغربي، ان الجمهور في روسيا يتجه إلى ان يكون قومياً متعصباً. فلا مكان في روسيا لثورات ملونة على غرار ما حدث في أوكرانيا وجورجيا. ان الثورة في روسيا ستكون رمادية (على غرار نازية هتلر).
يريد بوتين اعادة شعبية حزبه &laqascii117o;روسيا الموحدة" للصعود ومنع انحداره. ولذلك يتبنى شعارات قومية متشددة. كما قام الكسندر تورشكني من قيادة حزب بوتين بتحذير المهاجرين من عدم التقيد بالقوانين الروسية &laqascii117o;لأن الشرطة ستكون لهم بالمرصاد". أما فلاديمير جيرينوفسكي رئيس الحزب الليبرالي الديموقراطي (يمين متطرف) فقد ابتكر شعار &laqascii117o;من أجل الروس" في الانتخابات الأخيرة، شاجباً تخصيص مبالغ مالية كبرى لمناطق القوقاز.
أسس فلاديمير جيرينوفسكي الحزب الليبرالي الديموقراطي في تسعينيات القرن الماضي بمساعدة المخابرات الروسية (KGB). وقاد خلال عقدين المعارضة اليمينية ضد الكرملين. اما اليوم فقد انقلبت مواقفه إلى التأييد التام لنظام بوتين.
تقف روسيا اليوم وسط لعبة خطرة، فالاتجاه القومي المتشدد يهددها، لأنها تضم أكثر من 15 مليون مسلم و100 جماعة من قوميات أخرى. ويعتمد الاقتصاد على العمالة الرخيصة القادمة من المناطق الآسيوية، التابعة لها، لأن عدد السكان الروس في انخفاض مستمر.
يتبنى زعيم الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوفانوف الاتجاه القومي المعتدل، ويفيد من وجود جبهة قومية للتحرر الوطني. ولكنه يعيد المقولة الأممية حول المساواة بين الشعوب والأمم.
يفاجئ الاتجاه نحو اليمين في السياسات الروسية الداخلية والخارجية ديمتري روغوزين مندوب روسيا في حلف الأطلسي، الذي خسر الانتخابات عام 2007 ويقول: &laqascii117o;لقد اعتبرت فيما مضى كقومي متشدداً يثير الكراهية ضد الأجانب. اما اليوم فأعتبر نفسي ليبرالياً جداً". وينظر روغوزين بألم إلى اللافتات المعلقة في مداخل المباني والتي يكتب فيها &laqascii117o;لا تؤجِّر سوى الروس". كما يخرج بعض الروس أولادهم من المدارس إذا كان في صفهم بعض التلاميذ من الأقاليم الآسيوية. وقد رمى بعض مشجعي كرة القدم اللاعب البرازيلي روبرتو كارلوس بقشر الموز لأنه أسود البشرة.
تعاني روسيا من الآلام وهي تتحول إلى دولة قومية وهو الشيء الذي أنجزته الدول الغربية الأوروبية منذ زمن بعيد. وهي تتأرجح بين الشعور القومي الصاعد والمشاعر الأممية التي سادت في عهد الاتحاد السوفياتي السابق. ويقف الجيل الروسي الجديد في وسط الافكار الراديكالية والافكار الليبرالية. ويحوز المحامي اليكسي تافالني الذي يبلغ من العمر 35 عاماً تأييداً يتصاعد يوماً بعد يوم لاتج

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد