قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الأربعاء 11/1/2012

- 'السفير'
هل تحاول بكركي سحب البساط من تحت أقدام السياسيين المسيحيين؟    
دنيز عطالله حداد:

منذ اتفاق الطائف والمسيحيون خائفون. خوف مبرر حينا وغير مبرر في احيان كثيرة. دخلوا وأدخلوا معهم البلد في دوامة من الشكوك المتبادلة والعيش على حافة التوتر وابتداع مصادر الخوف. لا يعفي ذلك الآخرين من المسؤولية. فـ&laqascii117o;السنية السياسية" التي خرجت من قمقمها لا ترسل اشارات مريحة. وسلاح &laqascii117o;الشيعية السياسية" لا يُطمئن. و&laqascii117o;التقية" الدرزية تعيق نسج شبكات امان. لكن المسيحيين الذين لا يتوقفون عن المفاخرة بأنهم &laqascii117o;أم الصبي" وأبوه، يضعون انفسهم في موقع الخائف والمتلقي من دون ان يقدموا اية مبادرة جريئة او رؤية جديدة او مقاربة مختلفة لمداواة شجون هذا البلد الكثيرة. في اوساطهم من يردد ان الخوف لدى المسيحيين تحول الى حالة مرضية مزمنة. ترجموها احباطا غداة اتفاق الطائف. فانسحبوا من الحياة السياسية في مراهقة سياسية سجلوا فيها اعتراضهم على ما اعتبروه انتزاع صلاحيات رئيس الجمهورية التي ما استخدمها يوما. راح الخوف المسيحي يتجذر ويأخذ تعبيرات لا تليق بمن ناضلوا تحت عناوين الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان. فعند الكلام عن تخفيض سن الاقتراع الى 18 سنة يرتفع الصوت المسيحي معترضا: سنخسر عدديا. وعند المطالبة بإقرار الحقوق المدنية للفلسطينيين يحضر بعبع التوطين في الخطاب المسيحي. وعند مناقشة قانون الانتخاب يجتمع المسيحيون على المطالبة بان تنتخب كل طائفة نوابها. وحتى الوظائف في الدولة، من الحاجب الى المدير العام، تتطوع عشرات الجهات والمؤسسات لتجعل منها قضية مصيرية. كذلك الامر في موضوع التملك العقاري والتخويف من الامتداد السني تارة والشيعي تارة اخرى. لا يتغير الموقف كثيرا من &laqascii117o;الربيع العربي". كان المسيحيون اللبنانيون سباقين الى التشكيك فيه واطلاق توصيفات، او اقله تساؤلات، عما اذا كان فعلا ربيعا للعرب ام انه &laqascii117o;خريف الاصولية" و&laqascii117o;شتاء الاسلاميين". تتساوى في ذلك معظم الاحزاب والقيادات المسيحية. شخصيات قليلة تقارب الامور من منظار ارحب لكن تأثيرها يبقى محدودا. تتسلل المزايدات والخوف على &laqascii117o;الجمهور" لتشد من عصب الخطاب المحلي والطائفي الضيق. يكاد الصراع يتحول بين القادر والاقدر على تحصيل حقوق الطائفة المهدورة. دور الكنيسة هنا مفصلي. فهي تستطيع ترجيح كفة فريق على آخر. فماذا تفعل الكنيسة؟ يقول اسقف &laqascii117o;ان الكنيسة تحاول اولا ان تجمع ابناءها على نظرة مشتركة للقضايا الجوهرية المطروحة. نحن لسنا خائفين بالمطلق. ننظر الى تطور الامور الداخلية والاقليمية ونطرح التساؤلات على ضوء ايماننا بهذا الوطن ودورنا فيه وشهادتنا في محيطنا الاوسع". وعن الخوف الذي تحول سلوكا وخطابا مكررا عند المسيحيين يجيب &laqascii117o;نحن اصحاب ايمان وبهذا المعنى لا نخاف خصوصا ان المسيح نفسه خاطبنا قائلا &laqascii117o;لا تخافوا. انا معكم الى نهاية الدهر". ما تفعله الكنيسة هو التوقف عند معطيات محددة في زمانها ومكانها والتعليق عليها. سواء قانون الانتخاب او الربيع العربي او موضوع التوطين او تخفيض سن الاقتراع او غيره. مواقفنا لا تعكس خوفا بقدر ما تؤشر الى مكامن الخطأ ووجوب معالجتها. فنحن متأكدون مثلا ان احدا من اللبنانيين لا يريد التوطين. وان مقدمة الدستور واضحة لجهة رفض كل اشكال التقسيم او التوطين لكن هل نصمت ونحن نسمع كلاما يمرر من هنا او مخططا يحاك من هناك لجعل اللبنانيين يتقبلون الموضوع كقدر محتوم؟ بالطبع لا. موقفنا مبدئي وتكرارنا تذكيري". وعما يُحكى عن محاولة بكركي حصر الاوراق المسيحية في يدها بعد جمعها الزعماء المسيحيين تحت سقفها وحصولها، بطريقة غير مباشرة، على تفويض للتفاوض، ينتفض الاسقف قائلا &laqascii117o;من يروج لهذه الفكرة؟ ليست المرة الاولى التي يتم فيها طرح مثل هذا السؤال الذي يعني ان البطريرك يرغب في الاستئثار بأدوار السياسيين وحصرها به. اننا نعتبر هذا الكلام يندرج في الحملة على الكنيسة وراعيها. فالبطريرك والكنيسة لا يتدخلان في الشؤون السياسية المباشرة. وفي الوقت نفسه هما ليسا متفرجين. اي انهما يذكّران باصول العمل السياسي ويكرران المبادئ التي توافق عليها اللبنانييون سواء في ميثاق 1943 او في اتفاق الطائف. وهذه كلها خطوط عريضة مبدئية". وعن دخول البطريرك في محاولات تقريب وجهات النظر بين السياسيين المسيحيين وتحديدا بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والعماد ميشال عون، يقول الاسقف &laqascii117o;البطريرك يرى من واجبه السعي للتوفيق بين المسؤولين السياسيين المسيحيين ليقوموا بواجباتهم لما فيه ليس فقط خير المسيحيين انما خير الوطن عموما. وهذا الكلام يناقض السؤال عن محاولة البطريرك الاستئثار بالقرار المسيحي. نعم الكنيسة تطمح الى ان يتوافق السياسيون عموما لان من شأن ذلك ان ينعكس ايجابا على تسيير شؤون البلد وعلى حياة الناس. فاذا كان تعبيد الطرقات امام تلاقي المسؤولين وتوافقهم تهمة فالكنيسة لا تنكرها". وحول دعم الفاتيكان للراعي لاعادة صياغة خطاب سياسي مسيحي جامع يتولى زمام قيادته في هذه المرحلة يصحح الأسقف ممتعضا: &laqascii117o;الفاتيكان يدعم البطريرك ليعيد صياغة خطاب مسيحي جامع. خطاب غير سياسي انما يتضمن افضل ما في السياسة اي تحقيق المصالحة والخير العام عبر الشركة الحقيقية والمحبة المتجددة. وهذا ما دأب البطريرك على فعله منذ توليه المسؤولية".


- 'النهار'
إلى مرحلة ما بعد المراقبين
دنيز عطالله حداد:
 
هل أفقد النظام السوري نفسه ورقة استخدام الساحة اللبنانية في أزمته، تحديداً بسبب هذه الحكومة التي أرادها ونصّبها في لبنان، وبالتالي لم يعد في مصلحته، ولا في مصلحة حليفه الوصيف 'حزب الله'، أن يخرب أمن البلد من أجل توجيه 'رسائل' الى من يهمه الأمر في واشنطن وغيرها من العواصم الكبرى؟ لا شيء مؤكداً. سؤال يمكن ان يطرح في عمق الجدل حول إقحام لبنان في موضوع تنظيم 'القاعدة' او على هامشه، خصوصاً بعد تفجيرات دمشق التي ترك النظام السوري الاشتباه بها مركزاً على 'القاعدة'، في حين ان 'حزب الله' انفرد في المرتين باتهام 'أم الارهاب' الولايات المتحدة. ورغم حرص مختلف العواصم على ادانة التفجيرات بسبب طابعها الارهابي، وكأنها خارج سياق العنف الدائر في سوريا، إلا أن المراجع الأمنية والسياسية احتفظت بتحليلاتها ربما للإفصاح عنها لاحقاً، ومنها ما يفيد بأن لبننة الحديث عن 'القاعدة' ساعدت على الايحاء أن ثمة 'طرفاً ثالثاً' وراء هذه الجرائم المرجح تكرارها. هذا لا يعني، بعد، ان الساحة اللبنانية تجاوزت الخطر من تداعيات الأزمة السورية، بل انه لا يزال أمامها، وبالأخص مع اتجاه الصراع بين النظام والانتفاضة نحو مزيد من المواجهات القتالية، الى جانب التظاهرات السلمية فعلاً. والانطباع السائد حالياً ان نهاية هذا الشهر ستكون موعداً مفصلياً يقرر مصير المبادرة العربية، فقد لا تتأمن لها الظروف الملائمة لتمديد مهمّة المراقبين، اذا وجدت ضرورة لذلك. فلا النظام يستطيع أن 'يلتزم' أكثر وأن 'يتعاون' بأفضل مما فعل حتى الآن، وحتى لو جدد تعهده، لأنه يجازف بفقد السيطرة. ولا الانتفاضة ستواصل التعامل بالاندفاع نفسه مع المراقبين، بعدما خيّب التقرير الأول أملها بمهمتهم وأعادها الى الاصرار على المطالبة بالحماية الدولية. ورغم أن التدويل ليس متاحاً الآن، وقد لا يكون متاحاً بعد اسابيع، إلا أن احتمال فشل الدور العربي سينذر بتصعيد العنف. ولعل اللهجة التي استخدمها الرئيس السوري، في خطابه أمس، حيال العرب، مؤشر الى انه لا يعوّل على الجامعة ومبادرتها التي تطمح الى تنظيم حوار بين النظام والمعارضة. وبالتالي فإن دمشق ستتمسك بـ'خطة الاصلاح' التي تحظى بمباركة روسية وايرانية وتقوم على 'حوار' النظام مع نفسه ومع 'المعارضات' التي انشأها لخدمته. لم يختلف اثنان على ان الرئيس السوري فشل في طمأنة مؤيدي النظام، لكنه اعطى دفعاً جديداً للانتفاضة. ومن كان يتوقع أن يسمع منه مبادرة مسؤولة تمهد للحوار وجده يعود الى ذهنية خطابه الأول البائس. وهو بذلك يتحدّى التدويل ويستدعيه في آن. لا شك في أنه أعلن بداية مرحلة تصعيد جديد، هي مرحلة ما بعد المراقبين العرب. أما ترجمة ذلك لبنانياً فيمكن ان تتجاوز 'التواطؤ' مع النظام الى التورط معه في مغامراته الأخيرة لإخماد الانتفاضة.


- 'النهار'
أميركا وإيران تؤيدان... نوري المالكي!
سركيس نعوم:

لا أحد من المتابعين لأوضاع العراق يشك في وجود نفوذ كبير للجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق. تأسس هذا النفوذ بعد إسقاط الجيوش الاميركية نظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003 الذي سمح بعودة المجموعات العراقية التي عاشت في المنفى الايراني بسبب ظلمه وقمعه، وغالبيتها شيعية، والتي تحفظ لايران الاسلامية وستبقى تحفظ لها جميل حمايتها وتوفير كل ما تحتاج اليه من أجل العودة المظفرة الى بلادها. وبدأ النفوذ اياه بالترسخ جراء الانقسام المذهبي الحاد الذي شهده العراق بعد 'التحرر' من صدام والوقوع تحت الاحتلال الاميركي في الوقت نفسه، والذي دفع شيعته أو غالبيتهم الى اعتبار ايران عمقهم الاستراتيجي بعد لمسهم الدعم المباشر الذي وفره لسنته الجوار السني العربي لهم، ورفض الاعتراف بهم غالبية شعبية لها الحق ومن منطلق ديموقراطي في الحكم مع الآخرين طبعاً. ولم ينجح الاحتلال الاميركي للعراق في إعادة أوضاع العراق الى ما كانت عليه قبل صدام والذي سبقوه، والخبثاء يقولون انه لم يشأ ذلك. والنتيجة في الحالين كانت واحدة، اضطرار واشنطن الى التعامل مع شيعة العراق بعد وصولهم الى الحكم بوصفهم غالبية رغم العداء بينها وبين ايران صاحبة النفوذ المهم في أوساطهم. وبعد انجاز الاميركيين سحب قواتهم من العراق حصل ما يؤكد ان نفوذها فيه ولا سيما في اوساط شيعته لا يستهان به على الاطلاق. اذ قام رئيس الوزراء نوري المالكي وبعد مدة قصيرة جداً من الانسحاب باتخاذ اجراءات ضد نائب رئيس الجمهورية (الهاشمي) وحليفيه رافع العيساوي وصالح المطلك، تضعهم تحت تصرّف القضاء للتحقيق في عمليات اجرامية او ارهابية اتهم الاول بأعدادها مع مرافقين رسميين له.وصودف ان الثلاثة ينتمون الى الطائفة السنية المعتمدة على دعم الجوار السني المعادي لايران والمتمتع من زمان بدعم اميركا. طبعاً لا تزال هذه القضية تتفاعل ولا تزال من غير حل. لكن أهميتها انها حصلت بعد الانسحاب الاميركي، وانها قد تكون حصلت على ضوء أخضر من ايران التي ارادت ان تقول لاميركا وفي سرعة انها اصبحت صاحبة الامر الاول او النفوذ الأهم في العراق بعد خروجها العسكري منه. طبعاً هناك جهات اخرى عراقية وعربية تعزو تصرّف المالكي حيال 'اخصامه' اعضاء 'العراقية' التي يتزعمها منافسه اللدود اياد علاوي الى طبعه القاسي والشرس، والى نزعة تصفية الحسابات المتأصلة في شخصيته. لكن المتابعين المشار اليهم اعلاه، ومع معرفتهم الدقيقة لشخصية المالكي، يعتبرون ان دور ايران في الذي حصل اساسي. اما شخصية المالكي فربما كانت عاملاً مساعداً، إذ إن اعتبارها العامل الوحيد يسيء للرجل ولمكانته. ما هي اسباب تصرّف رئيس الوزراء نوري المالكي على النحو الذي رآه العراقيون ومعهم العرب والعالم كله؟ الى الدعم الايراني وشخصية المالكي، يرجح المتابعون انفسهم سبباً ثالثاً مهماً هو التأييد الاميركي له. فهذا الرجل استطاع ولأسباب عدة متنوعة ومتناقضة جمع واشنطن وطهران حوله. اما السبب الابرز للجمع المذكور فهو اقتناع العاصمتين ان لا بديل منه في الموقع الذي يشغله في المرحلة الراهنة. فالدكتور عادل عبد المهدي الذي شغل منصب نائب الرئيس سابقاً والعضو في المجلس الاسلامي الذي يتزعمه السيد عمار الحكيم يحظى بدعم كتلة نيابية صغيرة (16 نائباً) ومنقسمة على نفسها رغم صغرها. والرئيس السابق للوزراء الدكتور ابرهيم الجعفري متكلم جيد قادر على سحر من يتوجه اليهم بالحديث لكنه لا يُحسِن في رأي البعض (بعضهم اخصام له) ادارة السلطة التنفيذية. والدكتور اياد علاوي الرئيس السابق للوزراء ايضاً لا حظ له في العودة الى هذا الموقع رغم شخصيته القوية ورغم كتلته النيابية المهمة لأنه لا يُعتبر ممثلاً للشيعة اذ فاز بأصوات السنّة وغالبية اعضاء كتلته منهم، ولأن له في هذه المرحلة على الاقل خلافات مهمة مع اميركا. والدكتور احمد الجلبي مرفوض كلياً من اميركا بعد الدور 'المشبوه' الذي قام به يوم كانت تعتبره رجلها قبل احتلالها العراق وبعد تحوّله الى ايران لاحقاً. طبعاً ليس الهدف من ذلك كله الاشادة بالمالكي. فهو قد يكون صدام حسين الشيعي. وقد ينجح في حكم العراق بطريقته. لكن الظروف الراهنة لا تزال تدفع الريح في اشرعته، علماً انه كان يستطيع ان يعالج القضية الطارئة (الهاشمي) بطريقة مختلفة فيها احترام لمكونات العراق وللقضاء ولحقوق الفرد.


- 'السفير'
في 'دمـج الأذرع' بُنيـت 'بنـت جبيـل' ثانيـة في النـاصـرة... وقـائـد سـلاح الجـو قـال: 'منـاورتكـم لا تسـاوي شـيئاً'
سركيس نعوم:

 في حزيران 2006 أي قبل شهر واحد من اندلاع &laqascii117o;حرب لبنان الثانية"، نفّذ الجيش الإسرائيلي مناورة عسكرية كبيرة حاكت اندلاع مواجهة كبيرة مع &laqascii117o;حزب الله"، حيث تم خلالها بناء نماذج لمراكز سكنية مشابهة لمدينة بنت جبيل وبلدة تبنين للسيطرة على مناطق في الجنوب اللبناني. وقبل انتهائها طلب قائد سلاح الجو الجنرال اليعازر شكدي عدم المضي بها، مقراً بالعجز عن القضاء على منصات صواريخ &laqascii117o;الكاتيوشا" في حال نشوب الحرب. يوضح المعلّقان الاسرائيليان عوفر شيلح ويوءاف ليمور في كتابهما &laqascii117o;أسرى في لبنان: الحقيقة عن حرب لبنان الثانية" الصادر عن &laqascii117o;مدار سنتر" باللغة العربية، والذي تنشر &laqascii117o;السفير" الحلقة السابعة من ملخص أبرز ما جاء في فصوله، أن قائد المنطقة الشمالية أودي آدام روى لأحد اصدقائه بعد الحرب، انه عندما كان يذهب الى مناقشات رئاسة هيئة الاركان منذ تعيينه قائدا للمنطقة الشمالية، كان المجتمعون يتناقشون في ما بينهم لساعات طوال حول مسائل تتعلق بالمناطق (&laqascii117o;المحتلة"). بينما كانت امور مثل مقياس المغناطيسية في معبر كارني، او طول كم قميص الإنسان العربي الذي يجتاز فحصا امنيا تشكل موضوعات لبحث معمق. في المقابل لم يتحدثوا عن القيادة الشمالية سوى 30 ثانية في احسن الحالات. يوضح الكاتبان أن ادام لم يكن مبالغا في كلامه، فخلال السنوات الست التي سبقت تموز 2006 كان لبنان في مداولات رئاسة هيئة الاركان والاجهزة العسكرية يمثل كلمة فظة، إذ ان الشخص الذي يحترم نفسه ومكانته لم يكن ليتفوه بهذه الكلمة بصوت مرتفع. ومع ذلك فإنه بين الحين والأخر كان يظهر ضباط كبار، خصوصا من قادة المنطقة الشمالية، ويلفت في احاديث توجيهية انه لن يكون هناك خيار آخر، إذ سوف يأتي اليوم ونضطر فيه للدخول في مواجهة &laqascii117o;حزب الله". كانت المخاوف من اشتعال الوضع في لبنان واجهت الكثير من قرار زعماء إسرائيل في العقد الاخير. كما ان الفرص لتفنيد عمليات أو القيام بردات فعل على عمليات إطلاق النيران من جانب &laqascii117o;حزب الله"، كانت تدرس بحذر كبير. وبعد نشوب الانتفاضة الثانية اصبح لبنان وبشكل شبه رسمي بمثابة جبهة ثانية &laqascii117o;ينبغي الحرص على ان لا تستيقظ". ويضيف الكاتبان، كان الجيش الإسرائيلي قد قام في مطلع العام 2001 بأول مناورة له لمواجهة صواريخ &laqascii117o;حزب الله" والنتيجة التي أسفرت عنها، هي انه سوف يكون من الصعب العمل على تحييد الصواريخ القصيرة المدى. حاول القادة العسكريون خلال سنوات ما قبل الحرب وضع خطط استعداداً لمواجهة &laqascii117o;حزب الله" وابرزها الخطة التي بلورها حينها كل من رئيس أركان القوات البرية الجنرال ايال بن رؤوفين وقائد المنطقة الشمالية بني غانتس، والتي اطلق عليها اسم درع البلاد وهي قد قسمت الى ثلاث مراحل: الاولى تسمى السيطرة: بعد معركة جوية قصيرة تستغرق بضعة ايام من المفترض تنفيذ عملية مشتركة، تشمل عمليات نقل جوي وحركة برية، تتمركز في نهايتها القوات النارية على خط الليطاني وتعمل على إغلاقه لمنع هروب مقاتلي &laqascii117o;حزب الله" وقطع امدادت السلاح الى مقاتليه في الجنوب. ومن المفترض أيضا ان تتمركز فرقتان عسكريتان على خط الحدود ويتركز نشاطهما على تنظيف المنطقة من مواقع &laqascii117o;حزب الله" المحاذية للسياج، وهو إجراء عسكري أطلق عليه &laqascii117o;جلسات صحيحة" لأبعاد الأنظار فقط عن العملية الرئيسة للفرقة المختارة. ويضيف شيلح وليمور إن &laqascii117o;وصف مهمة فرقة النيران بأنها السيطرة، قصد به بالدرجة الأولى الإيضاح بأن الأمر لا يتعلق بمهمته احتلال الأرض فخلافا لعملية الليطاني او لحرب لبنان الاولى لن يكون هناك معنى للدخول الى بلدة بنت جبيل او اية بلدة اخرى. فالأمر الذي يجب القيام به هو السيطرة على المنطقة بواسطة قوات متفرقة تقوم بالتمركز في نقاط مشرفة بحيث تتمكن من توجيه نيرانها الى مراكز إطلاق الصواريخ. وبعد عملية السيطرة تأتي المرحلة الثانية أي عملية &laqascii117o;المكوث" والتي حددت بستة اسابيع. وكان مدلول ذلك انه سيكون بمقدور الجيش تحديد المناطق التي سيقوم باقتحامها، من خلال استخدام قوات محددة لكل مهمة. فإذا ما تقرر الدخول الى بنت جبيل، فسيجري حشد قوة ملائمة في تلك المنطقة لدخولها بحيث تقتل وتضرب الأهداف التي تراها مناسبة ثم تخرج. ورأى المخططون انه من المهم تحديد المدة الزمنية للمكوث وتاريخ انتهائها مسبقا. وفي النهاية تنفذ المرحلة الثالثة والتي اطلق عليها اسم &laqascii117o;الانفصال" وبموجبها يقوم الجيش بالانتشار على الحدود الدولية مع تعديلات تكتيكية طفيفة، ومن ثم يقوم بالإغارة حسب رغبته على أهداف المقاومة المتبقية في تلك المنطقة. كانت خطة &laqascii117o;درع البلاد" ساحرة بمعان كثيرة، فقد عبّرت عن التركيز الجديد للجيش على الدقة في تصويب النيران، والسيطرة الجوية الاستخبارية، واستخدام قوات صغيرة الحجم وماهرة في &laqascii117o;عمليات منخفضة" والامتناع عن عمليات ثقيلة ومعقدة. فالحل الذي قدمته كان يعني تجنب الصدامات الجماهيرية وتجنب الشعور بأن لبنان لا يجلب معه إلا الحظ السيء. ويشير الكاتبان الى انه في حزيران 2006 قامت قيادة المنطقة الشمالية بإجراء مناورة للمرة الأخيرة حاكت نشوب حرب مع &laqascii117o;حزب الله"، وقد اطلق عليها اسم &laqascii117o;دمج الاذرع". وفي تلك الفترة كان اولمرت اصبح رئيسا للحكومة وبيرتس وزيرا للدفاع. وكان السيناريو الافتتاحي مماثلا بصورة تثير القشعريرة لما وقع بالفعل في 12 تموز: اختطاف جندي اسرائيلي في الجنوب، وبعد ثلاثة ايام من ذلك اختطاف جندي في الشمال أيضا. الجيش يزج في معركة امام &laqascii117o;حزب الله" تستمر خمسة أسابيع، يقوم خلالها بإطلاق أكثر من 100 صاروخ يوميا تجاه الجبهة الداخلية. شاركت في المناورة الفرق التالية: &laqascii117o;91" بقيادة غال هيرش، &laqascii117o;قيادة النيران" بإمرة آيال ايزنبرغ، والفرقة &laqascii117o;62" بقيادة غاي تسور والتي استخدمت كاحتياط، بالاضافة الى قوات خاصة وسلاح الجو. وقد جرى خلال المناورة بناء مراكز سكنية في منطقة الجليل كنموذج مشابهة لقرى وبلدات ومدن جنوبية للسيطرة على مناطق في الجنوب اللبناني، إذ شكلت الناصرة نموذجا لبنت جبيل كما شكلت بلدة شفا عمرو نموذجا لبلدة تبنين. في منتصف عملية &laqascii117o;دمج الاذرع" طلب قائد سلاح الجو الجنرال اليعازر شكدي التوقف مخاطبا كل من ادام وهيرش بالقول: &laqascii117o;مناورتكم المعقدة لا تساوي شيئا إذ انها لا تقدم الحل لمشكلة صواريخ &laqascii117o;الكاتيوشا" القصيرة المدى. ويجب عليكم آلا تتوقعوا منا أن نقدم لكم حلا كهذا في حال اشتعال الوضع" موضحا انه &laqascii117o;عليكم ان تتوقعوا نجاحا بنسبة تترواح بين 1 الى 3 بالمئة أي انه من بين 100 محاولة للمس بمنصات صواريخ من هذا النوع، فأن 3 محاولات على الأكثر سوف تنجح". وباستثناء هذه النتيجة الحاسمة، ظهرت في مناورة &laqascii117o;دمج الاذرع" أمور إضافية كان من شأنها ان تلعب دورا مركزيا في الحرب بعد شهر واحد. اولها توزيع المسؤولية الجغرافية. ثانيها تحديد الأهداف التي ستجري مهاجمتها. ووفقا للمناورة كانت القيادة الشمالية مسؤولة عن المنطقة الممتدة من الليطاني جنوباً، بحيث تقوم هناك بتحديد أهداف لكي يقوم سلاح الجو بمهاجمتها. وفي المناورة نفسها تمت تجربة نموذج يقوم فيه ادام بتحديد أهداف في ارجاء لبنان كافة لكي تجري مهاجمتها من قبل سلاح الجو من دون نجاح. و في نهاية الأمر تصرّف حلوتس بصورة مغايرة في الحرب. إذ قلص كثيرا من الحيّز الموجود تحت مسؤولية القيادة الشمالية وقرر ان يكون سلاح الجو هو المسؤول عن حيّز جغرافي كبير وهذا أمر لم يسبق له مثيل. وهذا القرار الذي لم يكن له ما يستند اليه في تجربة الجيش ساهم كثيرا في إحباط ادام، كما ادى الى تحميل سلاح الجو عبئا لم كن مستعداً له. وبعد ثلاثة ايام من القتال طلب قائد سلاح شكدي رفع عبء هذه المسؤولية عنه بقوله: &laqascii117o;انني مجرد متعهد للتفجيرات. وقد ادى هذه التعقيد القيادي الى اهمال موضوع &laqascii117o;صورايخ الكاتيوشا". فلم يكن واضحا مَن الجهة التي تخصص الاهداف، وما هو جدول الأولويات التي يتم بموجبها التخصيص، وفي نهاية الامر فإن احدا لم يقم بمعالجة الكاتيوشا بجدية طوال أسابيع. ويضيف الكاتبان &laqascii117o;نهار الاحد 16 تموز وهو اليوم الذي كان يفترض ان يليه وفقا للأمر الذي يحمل اسم &laqascii117o;تغيير الاتجاه رقم 1" وفق القتال. دخلت حرب لبنان الثانية زمنها الاغبر". الضباط الذين سئلوا بعد الحرب عما فعلوه بالضبط في تلك الايام وجدوا صعوبة في التذكر. كما ان القادة الذين كان يفترض فيهم اتخاذ القرارات لم يتذكروا ما تحدثوا عنه خلال الحرب. كانت الأجواء في قيادة المنطقة الشمالية كئيبة، فمجال العمل الضعيف الذي حدده حلوتس لها، الى جانب رفضه اقرار ان يكون ادام قائدا لساحة الحرب كلها زاد في الكآبة الشديدة التي نجمت عن عملية الخطف وتفجير الدبابة. وفي هيئة الأركان نفسها أيضا كان هناك صورة مماثلة للإحباط والمرارة. كبار جنرالات الجيش كانوا يتنقلون من مكان الى آخر من دون مهمة يقومون بأدائها. إضافة الى ذلك فان انعدام المناقشات المرتبة وعدم تدفق المعلومات من الجبهة واليها والتي هي خلاصة ماهية &laqascii117o;موقع القيادة" العليا الذي اتخذ حلوتس قرارا قضى بعدم استخدامها طيلة أيام القتال كافة، كانا يمثلان الجانب الظاهر من المشكلة فقط. فهناك جزء اخر لايقل خطور ونجم عن الحقيقة القائلة ان خبرة وكفاءة وافكار واعتراضات اعضاء هيئة الاركان لم تسمع خلال الحرب قط. فالهيئة بأكملها وهي التي درجت العادة خلال حروب إسرائيل على الاجتماع بصورة متلاحقة (خلال حرب الغفران اجتمعت كل يوم تقريبا) كأمر روتيني، لم تجتمع طول ايام القتال في لبنان والتي استمرت 34 يوما ولا حتى مرة واحدة. فُتحت ذريعة ان &laqascii117o;البئر" أي مقر وزارة الدفاع في تل ابيب تمر بعملية تحسينات ولم تجتمع هيئة الأركان الإسرائيلية. وادار حلوتس القتال من داخل مكتبه مستعينا بهيئات لتخطيط شكل المعركة وبمجموعة صغيرة من الجنرالات (حلوتس كابلنسكي ايزنكوت وغانتس) وقد أطلق عليها لقب الرباعية. وكذلك كان يادلين مقربا من اذن حلوتس. اما في الميدان فقد واصل الجيش إطلاق وابل من النيران من دون وجود أهداف حقيقية. وعملت بطاريات المدفعية على قصف أهداف ميدانية بفوارق زمنية ثابتة. في محاولة يائسة لبث الرعب والخوف في نفوس مطلقي الكاتيوشا. بالمقابل &laqascii117o;حزب الله" الذي استعد مسبقاً، فأعد سلفا مواقع محفورة جيدا في الأرض، حيث كان العنصر الذي يشغل منصة الصواريخ يفعل ذلك من داخل حفرة يبلغ عمقها عدة امتار في باطن الارض. ثم يسحب الحبل ويشغّل منصة الإطلاق، التي تصعد الى سطح الارض بالاستعانة بجهاز هيدروليكي، وبالتالي يطلق الصاروخ، ويختبئ تحت غطاء حراري لإخفاء المنصة عن وسائل الاستشعار المتقدمة التي يستخدمها سلاح الجو. وحتى لو سقطت نيران المدفعية او قنابل الطائرات على المنطقة فإن العنصر يكون بأمان. كان سلاح الجو يقوم بأعمال الدورية في الجو، ويبحث عبثا عن أهداف لتدميرها، كما حاول تطوير منظومات من الأسلحة يمكنها تقديم معلومات في الزمن الفعلي عن عمليات تطوير إطلاق الصواريخ. كما جرى إطلاق ذخيرة باهظة الثمن بما في ذلك صواريخ ذكية ومعدات مدفعية متقدمة من دون حساب التكلفة مقابل الفائدة والمخزون في مقابل الحاجة. ويؤكد شيلح وليمور انه &laqascii117o;كشفت عمليات إطلاق النيران التي تفتقر الى الرقابة، النقاب عن معدات قتالية كانت إسرائيل احتفظت بها ليوم تدعو الحاجة. كما أدت الى حدوث مواجهة مع الولايات المتحدة. فعندما زُوّدت إسرائيل بمنصات صواريخ متعددة الفوهات من طراز MLRS تقرر ان يكون في وسع الجيش استخدامها في الحرب فقط، شرط ان تبلغ إسرائيل الولايات المحتدة اربع مرات في السنة عن استخدامها. وخلال الحرب سمح حلوتس باستخدام منصات هذه الصواريخ ضد المحميات الطبيعية فقط كون هذه المحميات وصفت بانها منطقة عسكرية اغلقها حزب بنفسه. إلا ان عمليات إطلاق النار الإسرائيلية كانت موجهة الى المناطق المبنية. وعندما جرى إعلان هذا الموضوع وثارت عاصفة ادعى الجيش في البداية ان اطلاق القذائف العنقودية تم بوسائل مسموحة بموجب القانون الدولي، لكنه اعترف في وقت لاحق أن الاطلاق كان أيضا تجاه المناطق السكنية. قيادة المنطقة الشمالية أطلقت خلال الحرب اكثر من 170000 قذيفة مدفعية متنوعة. في حين أطلقت في &laqascii117o;حرب يوم الغفران" (1973) 75000 قذيفة في مقابل جيشين نظاميين كبيرين وعلى جبهتين. اما في عملية الليطاني عام 1978 التي جرت على مساحة المنطقة نفسها لحرب لبنان الثانية، فقد أطلق 17000 قذيفة مدفعية أي اقل من 10 بالمئة من الكمية التي أطلقها الجيش ضد عدة آلاف من مقاتلي &laqascii117o;حزب الله". وفي الوقت الذي كانت الجبهة الداخلية مقـتنعة بأن المسـؤولين في إسـرائيل لا يمكّنون الجيــش من تنظيف الأرض من الأعداء كان هذا الأخير قد اطلق كل ما عنده بالإضافة الى الغارات، من دون رقابة وفائدة. غداً: مأزق إيغوز في مارون الراس اثناء نجدة المظليين .

 
- 'الاخبار'
الإمبراطوريّة الأميركيّة: 'الحلم' على وشك السقوط
صباح أيوب:

&laqascii117o;لا حدود للحلم الأميركي"، هذا ما تقوله اللوحة المنقوشة على تمثال &laqascii117o;الحرية" في نيويورك. &laqascii117o;وداعاً للحلم الأميركي"، هذا ما ينطق به لسان حال المواطنين في الولايات المتحدة بعد ٣ سنوات من التخبّط في أزمة مالية ماضية في الاستفحال. أرقام ومؤشرات اقتصادية وسياسية تتجه كلها إلى نتيجة واحدة: انهيار الإمبراطورية الأميركية بات أوشك مما كان مستشارو واشنطن يتنبأون به .
مهما أعلن باراك أوباما أن &laqascii117o;القرن الحادي والعشرين ليس سوى قرن أميركي جديد"، ومهما أقسم إن &laqascii117o;الولايات المتحدة لن تكون أبداً في المرتبة الثانية"، ومهما حاول المرشحون الجمهوريون ترداد مقولة &laqascii117o;أميركا تقود العالم الحرّ وستقوده لعقود"، وحتى لو أعلن تجّار السيارات الأميركية أن السوق إلى تحسّن (طفيف)، وحتى لو بقيت مضيفات شركة طيران &laqascii117o;بان أميركان" يبتسمن في الطائرات وفي أفلام هوليوود... فإن الولايات المتحدة ليست بخير و&laqascii117o;إمبراطوريتها" على وشك الانهيار، والحلم الأميركي يتبخّر.
١/٦ من الأميركيين يعيشون على بطاقات الإعاشة، والبطالة تبلغ 8.5٪. الشعب، في معظمه، محبط وغاضب وعاطل من العمل وسوداوي... والسياسيون يكثرون من الكلام على &laqascii117o;الزمن المشرق" و&laqascii117o;الدور الريادي للولايات المتحدة في العالم"، حتى بات سامعوهم متأكدين أن العكس هو صحيح. والبعض شبّه الزعماء الأميركيين الحاليين بأسطورة &laqascii117o;رامبو"، &laqascii117o;أبطال مزيّفون يحاولون إقناعنا بأن أميركا قوية ولا تقهر". وإذا كان مستشارو الإدارة الأميركية قد رأوا في السابق أن نهاية &laqascii117o;العهد الأميركي" ستكون بحلول عام ٢٠٥٠، فإن التقارير الاستخبارية والدراسات الاقتصادية وبعض المؤرخين لا يمهلون الإمبراطورية الاميركية أكثر من ١٥ سنة لتنهار كلياً. البعض يرى في وضع الولايات المتحدة اليوم وضعاً مشابهاً للإمبراطورية الرومانية قبيل زوالها، والبعض بدأ يتخيل سيناريو السقوط والمشهد الدولي الجديد الذي سيليه، فيما آخرون يفتشون عن الأسباب التي أدت إلى الانهيار، وقليلون يحاولون بثّ بعض الأمل والإقناع بالعكس... كل ذلك على وقع صراخ المحتجين على السياسات المالية والاقتصادية وأنين من شهد &laqascii117o;الحلم الأميركي" وعاش لأجله... ثم فقده. فمن واكب فورة الستينيات هو اليوم في خيبة، ومن بنى حياته في فقاعة النظام الاقتصادي الحرّ يعيش صدمة، والشباب الذين آمنوا ببلد تحقيق المستحيل مشوشون ومحبطون: ٦٩٪ من الأميركيين يرون أن &laqascii117o;البلد في حالة انحدار" و٥٧٪ لا يؤمنون بأن أولادهم سيعيشون أفضل منهم و٨٣٪ &laqascii117o;قلقون" جدّياً على مستقبل البلد (حسب استطلاع صحيفة &laqascii117o;ذي هيل" التابعة للكونغرس الأميركي)، وفي استطلاع أجراه معهد &laqascii117o;بيو" للأبحاث، تبيّن أن ٥١٪ من الأميركيين لا يرون أنهم &laqascii117o;شعب مميز وأن ثقافتهم أرقى من ثقافة غيرهم" (مقابل ٦٠٪ كانوا يعتقدون ذلك عام ٢٠٠٢). أما الأرقام الباقية، فتظهر أن الانهيار الأميركي ليس اقتصادياً فحسب؛ إذ تحتل الولايات المتحدة اليوم المرتبة الـ١٢ في التخرّج الجامعي (بعدما كانت في المرتبة الأولى لسنوات)، وتتأخر إلى المرتبة الـ٧٩ في التسجيل المدرسي الابتدائي، وطلابها يحلّون في المرتبة الـ١٧ في مجال العلوم و٢٥ في الرياضيات، وبناها التحتية تأتي في المرتبة الـ٢٤... أميركا حالياً ليست الأولى إلا من حيث نسبة البدانة وعدد المساجين! &laqascii117o;زمن التمايز والاستثناء الأميركي انتهى"، هذا ما يجمع عليه عدد كبير من المحللين الأميركيين. والجوّ الذي ينقله هؤلاء عن الشارع يتحدث عن تشاؤم كبير يسود في النفوس. فالفكرة الطاغية عند الرأي العام الأميركي لم تعد &laqascii117o;أن البلد يمرّ بمحنة صعبة" بل &laqascii117o;إن هذه هي بداية مرحلة طويلة من الانحدار ستؤدي إلى فقدان أميركا دورها القيادي في العالم". حتى إن البعض حذّر من بداية حالة من التشاؤم الجماعي يصيب الأمة جمعاء. وحين قرر المحللون عرض الأسباب التي أدت إلى التدهور الاقتصادي ـــــ الاجتماعي الحاصل في الولايات المتحدة، جاءت اللائحة طويلة: منهم من يردّ السبب إلى التوسّع العسكري المبالغ فيه، ومنهم من يشير إلى زيادة حجم الهوّة بين الأغنياء والفقراء وزوال الطبقة الوسطى. البعض يقولون إن المواطنين الأميركيين استدانوا ليعيشوا حياة تفوق قدراتهم، والبعض نبّه إلى غياب اليسار الفاعل، بعضهم يسمّي حرب الخليج الأولى بداية التراجع، والبعض الآخر يلوم جورج والكر بوش على حرب العراق عام ٢٠٠٣ &laqascii117o;المكلفة وغير المجدية"، ومنهم من يرجع الأسباب إلى برامج تعليمية &laqascii117o;بالية لا تتماشى مع حاجات السوق الحالية"، ومنهم من يلقي المسؤولية على الدول الماضية في زيادة قوتها وتقدمها كالصين والهند. وفي ما يشبه جلد النفس، يرى بعض الأميركيين أن &laqascii117o;الولايات المتحدة كانت تعيش في سكرة ازدهارها بعد الحرب العالمية الثانية والانفجار الاقتصادي في الستينيات... حتى إنها لم تفكّر بأي شيء آخر". لكن هل ستؤدي كل تلك المؤشرات إلى انهيار الإمبراطورية الأميركية فعلاً وانتهاء ما سمّي زمن الإشعاع الأميركي؟ ومتى؟ &laqascii117o;شيء ما غريب يحصل في العالم اليوم"، يقول فرانسيس فوكوياما، في مقال في &laqascii117o;فورين أفيرز" مع بداية هذا العام. كيف لا، وهو صاحب النظرية التي قدّست كل ما أوقع الغرب اليوم في الهاوية؟ فهو من أرسى الرأسمالية والليبرالية الغربية والاقتصاد الحرّ نماذج، على دول ما بعد الحرب الباردة اعتمادها وتقديسها. كاتب فكرة &laqascii117o;نهاية التاريخ" عام ١٩٨٩، يكتب اليوم عن &laqascii117o;مستقبل التاريخ". فوكوياما يلاحظ عدداً من الأمور المواكبة للأزمة الحالية ويطرح تساؤلات عن بعض أسس &laqascii117o;نظريته" السابقة. الأمر الأول الذي يتوقّف عنده هو غياب اليسار الفاعل في ظل الأزمة الحالية. بنظر الكاتب، &laqascii117o;حزب الشاي" اليميني الأميركي هو أكثر شعبوية بكثير من حركة &laqascii117o;احتلوا وول ستريت". والحالة نفسها تتكرر في أوروبا؛ إذ إن اليسار يبدو ضعيفاً ومشلولاً، بينما الأحزاب اليمينية تزداد حضوراً وفاعلية، بحسب الكاتب. النقطة الثانية في ملاحظات فوكوياما تتحدّث عن زوال الطبقة الوسطى، وهو سبب أساسي في التدهور الحاصل للديموقراطيات الغربية الليبرالية. الكاتب، الذي سوّق في أوائل التسعينيات للعولمة وهلّل للتقدم التكنولوجي على أنه الطريقة الفضلى لنشر مبادئ الديموقراطية حول العالم، يرى فيها اليوم وسيلة تهدد بتدمير الطبقة الوسطى. فوكوياما يسأل في نظريته الجديدة: ماذا لو كان الاقتصاد المعولم هو عدو الديموقراطية الليبرالية وليس خادمها؟ ومن المنظّر السياسي تنتقل الصورة السوداوية إلى تقرير استخباري يرسم ملامح المستقبل القريب للعالم والولايات المتحدة، ويُنتظر أن ينشر بعد انتهاء الانتخابات الأميركية. الدراسة الصادرة عن &laqascii117o;مجلس الاستخبارات القومية"، المرتبط بمدير الاستخبارات القومية وبالرئيس الأميركي مباشرة، هي بعنوان &laqascii117o;المسارات العالمية ٢٠٣٠". وهي حسب الكاتب ديفيد إغناتيوس، الذي شارك في ندوة مناقشة حول مضمونها، متشائمة إلى أقصى الحدود. فهي خامس دراسة من نوعها منذ عام ١٩٩٦، لكنها الأولى التي تشكك جذرياً بقوة الولايات المتحدة ومكانتها في العالم. &laqascii117o;هناك تغيّر في دور الولايات المتحدة وفي أدوار القوى الصاعدة تجاه الأحداث المقبلة"، يقول ماثيو بوروز الكاتب الأساسي للدراسة الاستخبارية. وفي الشق الاقتصادي، تقدم الدراسة، سيناريو قاتماً للنمو الاقتصادي الأميركي بنسبة ٢,٧٪ سنوياً بين عامي ٢٠١٠ و ٢٠٣٠، هذا في أحسن الأحوال. لكن النظرية نفسها لا تخفي مشكلة أكبر، هي أن تصاب منطقة اليورو بانتكاسة تولّد أزمة مالية كبيرة تصل ارتداداتها إلى الولايات المتحدة التي سيتدنى مستوى نموها الاقتصادي إلى ١,٥٪ في عام ٢٠٣٠. سياسياً، طرح مناقشو الدراسة مشكلتين: الأولى تراجع دور الولايات المتحدة في السياسة العالمية، ما يمثّل &laqascii117o;أكبر تهديد لأمنها القومي"، والثانية النظام السياسي والمجموعة الحاكمة في الولايات المتحدة، التي &laqascii117o;فشلت حتى الآن بإيجاد الحلول التي يمتلكها أغلب منافسيها". كيف ستسقط إذاً أكبر الديموقراطيات وأضخم اقتصاد حرّ في العالم؟
وضع أستاذ التاريخ، الكاتب الأميركي، ألفرد ماكوي، على موقع &laqascii117o;صالون"، ٤ سيناريوات لكيفية انتهاء الإمبراطورية الأميركية بين عامي ٢٠٢٠ و ٢٠٢٥، هي:
١ـــــ انحدار اقتصادي: وهو بدأ حالياً مع التراجع الأميركي الكبير في الصادرات وفي مجالات الإنتاج والتطور التكنولوجي. الكاتب يكشف عن تفوّق الصين مثلاً في الاختراعات التكنولوجية في كافة المجالات، وأخيراً في التكنولوجيا العسكرية. أضف إلى ذلك تراجع مستوى النظام التعليمي الأميركي الذي لم يعد يخرّج مبدعين في المجالات العلمية. والعامل الثالث سيكون اهتزاز قيمة الدولار بين العملات الباقية وانعدام الثقة العالمية بالاحتياط المالي للدولار الأميركي. وابتداءً من سنة ٢٠٢٠ لن تعود الولايات المتحدة قادرة على دفع فواتيرها وديونها، فيما عملتها تتدهور، ما سيدفعها إلى تقليص حجم ميزانيتها العسكرية الضخمة وسحب قواتها من مختلف بقاع الارض، الأمر الذي سيؤدي إلى جدل وانقسام سياسي كبير داخل الولايات المتحدة. ومع ازدياد حدّة البطالة والأزمة الاقتصادية، ستنشب خلافات عنيفة بين مختلف المجتمعات على الأراضي الأميركية. وفي هذه الاثناء، سيكون العالم مشغولاً بصعود الصين والهند وروسيا وإيران كقوى عالمية جديدة، ولن ينتبه لسقوط الإمبراطورية الأميركية التي تتخبط بمشاكلها الداخلية.
٢ ـــــ أزمة نفطية: ينطلق هذا السيناريو من واقع اعتماد الولايات المتحدة كثيراً على النفط لغاية اليوم، ويشير كذلك إلى أن روسيا وإيران ستكونان قريباً أكبر منتجين للغاز في العالم. الكاتب ينطلق أيضاً من فرضية تراجع الدولار الأميركي في ظل الأزمة المالية المستفحلة وتحوّل المملكة العربية السعودية ودول الخليج المصدرة للنفط إلى توقيع عقود طويلة الأمد مع الصين، لا مع الولايات المتحدة. كذلك ستعاني الخزينة الأميركية ازدياد سعر استيراد النفط بالدولار. يضاف إلى ذلك زوال نظرية ضرورة الحماية الأميركية لحقول النفط الخليجية، ما سيضطر أميركا إلى سحب أساطيلها من الخليج. بدورها، ستطلب بريطانيا من الولايات المتحدة سحب أسطولها أيضاً من المحيط الهندي. ومع حرمانها النفط والغاز واهتزاز عملتها وسحب أساطيلها من البحار وتعثر تجارتها البحرية، ستكون الولايات المتحدة قادرة على الاستمرار بطاقاتها البديلة فحسب، التي ستوفر لها ١٢٪ فقط من الطاقة التي تحتاج إليها.
٣ ـــــ مغامرة عسكرية غير محسوبة: هذا السيناريو يطرح حروباً عسكرية تفتعلها الولايات المتحدة في ردّ فعل على أزمتها الداخلية وتتكبّد فيها خسائر كبرى، إن في أفغانستان أو في الشرق الأوسط.
٤ ـــــ حرب عالمية ثالثة: الكاتب يعرض في هذا السيناريو تصاعد حدة التوتر العسكري بين الولايات المتحدة والصين. والحرب العالمية الثالثة التي ستنشب في عام ٢٠٢٥، ستكون حرباً تكنولوجية. وفي أحد الأيام ستتعطل فجأة كل الشاشات في مركز القوات الجوية الأميركية، كما في قاعدة التحكم الإلكتروني... والسبب؟ فيروسات إلكترونية صينية ستهاجم الأقمار الصناعية والأنظمة الأميركية فتشلّ مفاصل القوة الدفاعية والهجومية الأميركية. وعندما يحاول الجيش الأميركي استخدام قواته الحربية التقليدية ستستبق الصين ذلك بتعطيل عملياته عبر محطاتها الفضائية وراداراتها وأجهزة الروبوتات التي طورتها لصدّ هجوم مماثل. وهكذا ستفوز الصين في الحرب من دون سقوط أي ضحية بشرية. ماذا عن القوى البديلة والنظام العالمي الجديد؟
لم يطرح أحد بعد تصوراً واضحاً ونهائياً لشكل العالم بعد سقوط الإمبراطورية الأميركية، لكن دولاً كالصين والهند وروسيا وإيران تطرح كأجزاء أساسية في التركيبة الدولية الجديدة. مستشار الأمن القومي السابق، المحلل السياسي، زبيغنيو بريجينسكي، يجزم بأنه لن تكون هناك قوة عظمى بديلة تحلّ محلّ الولايات المتحدة في قيادة العالم، بعد سقوط الأخيرة. وبنظره، كل أسماء الدول المطروحة لن تكون جاهزة لأداء دور ريادي في السياسة والاقتصاد الدوليين، مثلما فعلت الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. بريجينسكي يرى للعالم مستقبلاً مظلماً؛ إذ &laqascii117o;يتبخّر الحلم بعالم ديموقراطي لحساب مزيج من السلطوية والقومية والدين". السياسي الأميركي ـــــ البولندي يعدد ثماني دول متضررة من انحسار النفوذ الأميركي في العالم، ومنها يذكر إسرائيل والشرق الأوسط الكبير. وهنا يحذّر من أن انحدار دور الولايات المتحدة في هذه المنطقة سيؤدي إلى تصاعد الضغوط الشعبوية الداخلية في الدول، وحدوث اضطرابات اجتماعية وبروز التطرف الإسلامي. الكاتب يرى مواجهة عسكرية كبيرة بين إيران وإسرائيل، ويحذّر من دور حزب الله وحركة &laqascii117o;حماس" فيها. وبالتالي يتوقّع أيضاً حصول أزمة نفطية، فيما تضعف الدول الحليفة للولايات المتحدة في الخليج.

&laqascii117o;نحن الـ ٩٩٪"
&laqascii117o;نحن الـ ٩٩٪ من الشعب الأميركي. نحن من نُطرد من منازلنا. نحن من نجبر على الاختيار بين شراء الخضار أو دفع الإيجار. نحن من لا يستطيع الحصول على خدمات طبية جيدة. نحن من نعاني من بيئة ملوّثة. نحن من يعمل لساعات طويلة لقاء أجر زهيد ومن دون أي حقوق، هذا إذا وجدنا عملاً. نحن من لا يحصل على شيء، فيما الـ١٪ الآخرون يحصلون على كل شيء". هذه هي صرخة آلاف المواطنين الأميركيين التي دوّت في أرجاء الولايات المتحدة خلال العام الماضي في تحركات شعبية كانت عناوينها &laqascii117o;احتلّوا وول ستريت" و&laqascii117o;نحن الـ ٩٩٪". وفي هذا الإطار، تشرح مجلة &laqascii117o;كومن ويلث" الاقتصادية ـــــ السياسية الوقائع الاقتصادية التي دفعت بهؤلاء للنزول إلى الشوارع والاحتجاج، وتقول إن ٢٠٪ من المداخيل الأميركية تذهب لـ١٪ فقط من المجتمع، أي إن مجموعة صغيرة فقط من المواطنين تستفيد من أموال الدولة وثرواتها. المجلة تستند إلى عدد من الدراسات وتشرح كيف سيؤدي التوزيع غير العادل للثروات في المجتمع الأميركي إلى تأخر النموّ الاقتصادي. شراء منزل، وإجراء الفحوص الطبية، واستكمال التحصيل العلمي، وإيجاد فرصة عمل... كل ذلك يبدو من الصعب تحقيقه اليوم، ويبدو في بعض الأحيان أمراً مستحيلاً.


ـ 'المستقبل'

عاشوراء وطقوس الحزن
سعود المولى:
 
لئن كانت نقطة انطلاق الطائفة (أية طائفة ولكننا هنا سنتكلم عن الطائفة الشيعية) في الأصل تجمعات عبادة دينية أو مذهبية خاصة فإن عامل العبادة لم يعد هو الذي يحافظ على تماسك الطائفة ولا هو الذي يحيي نشاطها أو يحدد أهدافها. ولم يعد التعلق بمضمون العقيدة الدينية الأصلية الذي كان في أساس نشأتها هو ما يؤمن تماسك الطائفة، بل إنه ذلك الالتحام العصبي... وتسعى الطائفة الى اثبات نفسها والى تأبيد دورها من خلال تواريخ أسطورية وقصص وأساطير تعطي لاستمراريتها معنى وتكسبها شرعية.. لم تعد الطائفة تستمد ديناميكيتها إذن من تقوى أفرادها أو علم وفقه وورع مراجعها، أو انضباطها بموازين الشرع.. لا بل أن التركيز على التزام ممارسة بعض الشعائر والطقوس غالباً ما يكون القصد منه التأكيد على الهوية الطائفية الجماعية (شكل من أشكال النرجسية الجماعية نجدها بالملموس في احتفاليات عاشوراء وطقوس الزيارات الشيعية وغيرها الى مقامات الائمة والأولياء)، في حين أن الديناميكية الحقيقية للطائفة ترتكز على العصبية بمعناها الخلدوني أي باعتبارها مزيجاً نفسياً-سوسيولوجياً هو في الآن نفسه قوة تماسك الجماعة، وشعورها بخصوصيتها، ووعيها لطموحاتها الجماعية، كما هي تعبير عن ذلك التوتر الذي يحركها ويدفعها تدريجاً ومن دون أن يكون لها حرية الاختيار نحو السيطرة على السلطة... فما يحرك الطائفة ليس الدعوة الدينية (نشر إيمانها أو عقيدتها أو هداية الناس) وليس التدين والتقوى الفردية، وإنما هي العصبية التي غايتها السلطة... وبتعبير ابن خلدون نقول : إعلم إن الملك (أي السلطة) غاية طبيعية للعصبية ليس وقوعه عنها باختيار إنما هو بضرورة الوجود وترتيبه..
والهوية الطائفية تنبني انطلاقاً من اّلية مزدوجة من التمايز والتماهي مع المحيط. والمحيط

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد