قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الثلاثاء 17/1/2012

ـ 'اللواء'
الصراع الأميركي - الإيراني في الخليج العربي

تصاعدت حدة التوترات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين حول أنشطة الأولى النووية ذات الطابع العسكري، منذ نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول أنشطة إيران النووية أوائل نوفمبر 2011، إذ سبق التقرير تصعيد سياسي إسرائيلي على أعلى المستويات تجاه إيران، والتهديد بشن غارة عسكرية على منشآتها النووية؛ حماية لأمن إسرائيل، ومنع إيران من تطوير قدراتها العسكرية النووية.
وفي هذا السياق، نُشر تقرير من جانب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية Center for Strategic and International Stascii117diesأعده الكسندر ويلنر وانتونى كوردسمان، والذي يتعرض بالدراسة والتحليل للتنافس الأميركي- الإيراني في منطقة الخليج، والمحيط الهندي، والمشرق العربي، والذي هو في حقيقته - طبقا للتقرير - منافسة على الهيبة العسكرية والمكانة الدولية، من خلال استخدام القوات العسكرية للتأثير في سلوك الدول الأخرى. وهو ما يستوجب طرح الأفكار المُتضمنة في هذا التقرير، لاسيما في ظل اتهام إيران لرئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية (يوكيا أمانو) بالتحيز، ومحاباة الدول الغربية، والذي يُعد مؤشراً على اتجاه العلاقة بين إيران والوكالة إلى التصعيد. عرض التقرير لخلفية التنافس الأميركي – الإيراني، التي يرجعها التقرير إلى سقوط نظام الشاه، وتأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979. ومن وقتها، وإيران تُعد أشد أعداء الولايات المتحدة في المنطقة، خاصة مع سعيها لتكون القوة المُهيمنة في المنطقة، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لتحجيم هذا النفوذ، بداية من دعمها للعراق أثناء الحرب العراقية – الإيرانية (1980 - 1988) ببيع الأسلحة والمساعدات التكنولوجية، ثم بفرض العقوبات الاقتصادية عليها، وفرض حصار حول إمكانية حصولها على الأسلحة من دول أخرى، وكذا تقديم الدعم العسكري المتطور لحلفائها من دول الخليج العربي كالمملكة العربية السعودية، وحصولها على أسلحة متطورة من أمثلة AH-64 المروحية من طراز أباتشي، ودبابات أبرامز M1، وS15، لتوفير رادع رئيسي للقوات الإيرانية آنذاك.

أنتوني كوردسمان وألكسندر ويلتر*

أبرز محطات التنافس
عرض التقرير – أيضا – لأهم محطات التنافس بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران منذ عام 2001 إلى 2011، فيبدأ بمارس 2001 بتوقيع اتفاقية تعاون بين طهران وموسكو، ثم في أبريل تم توقيع اتفاق أمني بين طهران والمملكة العربية السعودية بهدف مكافحة الإتجار بالمخدرات والإرهاب. وفي الربع الأخير من العام نفسه، تم توقيع اتفاق عسكري بين طهران وموسكو، متضمناً بيع صواريخ وطائرات مُقاتلة، ثم إدانة المرشد الأعلى &laqascii117o;علي خامنئي" للضربات الجوية الأميركية بأفغانستان.
وكذا إصدار وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لتقرير تتهم فيه طهران بامتلاك واحد من برامج الأسلحة النووية الأكثر نشاطاً في العالم، بالإضافة إلى أن إيران تسعى للحصول على تكنولوجيا الصواريخ الباليستية من روسيا والصين وكوريا الشمالية.
وفي يناير 2002، وصف الرئيس بوش في خطاب له بأن إيران والعراق وكوريا الشمالية هى &laqascii117o;دول محور الشر". وفى سبتمبر من العام ذاته، قامت إيران ببناء أول مُفاعل نووي لها في بوشهر بمساعدة روسية، وهو ما تمت مواجهته باعتراض كبير جدا من جانب الولايات المتحدة، أعقبه اتهام لها في ديسمبر بامتلاك إيران لبرنامج سري لتصنيع الأسلحة النووية في ناتانز.
وعقب غزو الولايات المتحدة للعراق، قامت إيران وسوريا بتكثيف التعاون فيما بينهما لضمان أنهما لن تصبحا أهدافا لواشنطن، من خلال دعم الجماعات المُسلحة في العراق، وتوسيع التعاون الثنائي في مجال الدفاع. هذا وقد اقترح دبلوماسي سويسري إجراء محادثات ثنائية مع الحكومة الأميركية، وهو ما لم يتم النظر إليه بجدية من قبل إدارة بوش الابن.
وفي نوفمبر 2004، وافقت إيران على تعليق تخصيب اليورانيوم، مقابل الحصول على تنازلات تجارية من أوروبا. وكذا في يونيو 2005، قامت إيران وسوريا بتوقيع اتفاق تعاون عسكري للدفاع بهدف توحيد الجهود الدفاع، وتعزيز الدعم المُتبادل بينهما.
وفي يونيو من العام ذاته، تم منح إيران لقب مراقب في منظمة شنغهاي للتعاون، ولكن تم تعليق العضوية الكاملة لها في مارس 2008 بسبب العقوبات المفروضة عليها من قبل الأمم المتحدة. وفي أكتوبر، قام الرئيس الإيراني &laqascii117o;محمود أحمدي نجاد" بالدعوة لأن تختفي إسرائيل من صفحات الزمن، وهو ما اعتبر بمثابة تهديد موجه لإسرائيل. ويشير التقرير إلى نفي الولايات المتحدة في أبريل 2006 ما تردد عن توجيه ضربة نووية تكتيكية ضد منشآت إيران النووية تحت الأرض، وما استتبعه تهديد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، عقب تقديم مشروع قرار بفرض عقوبات ضدها بمجلس الأمن؛ لتتقدم الولايات المتحدة بطلب للاتحاد الأوروبي للدخول في مفاوضات مباشرة مع طهران، إذا وافقت على تعليق تخصيب اليورانيوم. وفى ديسمبر من العام نفسه، صدر قرار من مجلس الأمن بفرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي.

يبدأ عام 2007 بالقبض على أعضاء من الحرس الثوري الإيراني في العراق بغرض الترويج للعنف، كما أعلنت حينذاك القوات الأميركية، لينتهي العام نفسه بزيادة التوتر بينهما، عقب تقرير للاستخبارات الأميركية يفيد بأن إيران علقت برنامجها للأسلحة النووية، ولكنها مستمرة في تخصيب اليورانيوم.
وفي عام 2008، اتهمت الولايات المتحدة إيران بأنها الراعي الرائد للإرهاب في العالم، ودعمها للمتمردين الأفغان. وفي يوليو من العام ذاته، قامت طهران بإجراء تجارب ومناورات بصواريخ شهاب 3 الباليستية متوسطة المدى، خلال المناورات العسكرية التي عرفت باسم &laqascii117o;النبي العظيم 3".
ويضيف التقرير أن الولايات المتحدة استمرت في اعتبار إيران دولة راعية للإرهاب، في حين ترد إيران بأن الولايات المتحدة ليست في موقف اتهام دول أخرى، في ضوء تصرفاتها بمعتقل جوانتانامو، لتقوم إيران في منتصف مايو 2009 باختبار الصاروخ الباليستى ساجيل 2، الذي يبلغ مداه 1500 ميل. وفى سبتمبر من العام ذاته، تعترف طهران ببناء منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم، وتعلن أنها مخصصة للأغراض السلمية. وفى نهاية الشهر ذاته، تجرى طهران تجارب على عدد من الصواريخ الباليستية شهاب 1، شهاب 2، توندار 69، وفاتح 110. ويصل التقرير إلى عام 2010 بمقتل مسعود على محمدي، أستاذ الفيزياء الإيراني في انفجار بطهران، في حين أنه لم تعلن أي جماعة مسئوليتها عن الحادث، إلا أـن الحكومة الإيرانية تدفع بأن الولايات المتحدة وإسرائيل هما وراء هذا الحادث. وتقوم طهران بتوقيع اتفاقية أمنية مع قطر لمكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الأمني، ثم تقوم طهران بإجراء مناورة &laqascii117o;النبي الأعظم 5" لتستخدم فيها صواريخ مضادة للسفن، بالإضافة إلى اختبارها نسخة جديدة من فتح 110، وهى صواريخ باليستية قصيرة المدى تصل إلى 155 ميلا.
وفي بداية عام 2011، تعلن طهران امتلاكها التكنولوجيا اللازمة لصنع لوحات قضبان الوقود لمفاعلاتها النووية. وفى فبراير، تكشف النقاب عن &laqascii117o;فارس الخليج"، وهى صواريخ باليستية مضادة للسفن، قادرة على تدمير حاملات الطائرات. وفى يوليو، تقوم بتجارب صواريخ في مناورة &laqascii117o;النبي الأعظم 6" لتختبر صواريخ بعيدة المدى، بالإضافة إلى كشفها عن صوامع صواريخ تحت الأرض.

أنماط التنافس العسكري
يشير التقرير إلى أربعة أنماط للتنافس العسكري الأميركي - الإيراني في منطقة الشرق الأوسط عامة، وفي منطقة الخليج العربي على وجه الخصوص، والتي تتمثل في:
النمط الأول - القوات التقليدية الإيرانية:فإيران تسعى إلى تحسين هذه القوات بهدف توسع نفوذها، والحد من خيارات الولايات المتحدة العسكرية. وفي المقابل، تسعى الولايات المتحدة إلى حرمان طهران من الأسلحة التقليدية والحديثة.
لكن إيران تفاوضت مع روسيا بشأن مبيعات لأنواع متقدمة من الطائرات المُقاتلة الحديثة، وصواريخ أرض جو، ودفاعات صاروخية باليستية. ومن ثم، فالنتيجة النهائية هي التحدي المستمر والمتزايد للولايات المتحدة في منطقة الخليج.
النمط الثاني - الحرب غير المتكافئة وغير المنتظمة:فقد بذلت إيران جهوداً كبيرة لتحسين قدراتها في مجال الحرب غير المتكافئة، وبخاصة فيلق الحرس الثوري. وقد أثبتت إيران بالفعل قدرتها على استخدام قواتها في الحرب غير المتكافئة وغير المنتظمة بطرق عديدة، منها، على سبيل المثال لا الحصر( حرب الناقلات الإيرانية مع العراق، وتسرب النفط والمناجم العائمة في الخليج، واختبارات الفضاء والصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وتوسيع نطاق برامج الصواريخ، وسلسلة التدريبات العسكرية للحرس الثوري الإيراني في الخليج للتدليل على قدرتها على مهاجمة الأهداف الساحلية والمنشآت البحرية).

النمط الثالث - توسيع مجالات العمل والتأثير:فالتنافس بين الولايات المتحدة وإيران امتد لأنحاء كثيرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وآسيا الوسطى والجنوبية. وعلى الرغم من تقدم إيران باطراد في الحرب غير المتكافئة، فإنها لا تزال عرضة للقوات الأميركية التقليدية والهجمات الدقيقة المدمرة لقواتها العسكرية والأصول الاقتصادية.
النمط الرابع - الصواريخ وأسلحة الدمار الشامل: أعلنت إيران عن امتلاكها للأسلحة الكيميائية والصواريخ بعيدة المدى، وتسعى لامتلاك الأسلحة النووية. هذا، وتحاول الولايات المتحدة السعي لمنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية مع تطوير الخيارات لردع إيران. هذا، وتشير التقارير إلى إحراز إيران تقدماً في تصاميم أجهزة الطرد المركزي، والصواريخ بعيدة المدى، بما في ذلك من تطوير نظم الوقود الصلب، وترجح كذلك قدرتها على تصنيع غاز الأعصاب، وربما القدرة على تصنيع وامتلاك الأسلحة العنقودية.
وعلى الرغم من أن إيران هي إحدى الدول المُوقعة على اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية، فإنه ليس هناك من دليل على عدم امتلاكها لهذه الأسلحة أو تطويرها، إما كمكمل أو كبديل للأسلحة النووية. هذا، وتفيد التقارير بأنه يمكن لطهران امتلاك القدرة على تطوير أسلحة أكثر تطوراً من الأسلحة البيولوجية المُعدلة وراثياً في غضون السنوات الخمس القادمة.

اختلاف وجهات النظر
وفي الختام، يشير التقرير إلى اختلاف القوى الدولية، التي تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة، وكذلك الدول العربية وإسرائيل، حيال التعامل الأميركي مع الأزمة النووية الإيرانية. وفي المقابل، تتبنى إيران وجهة نظر مغايرة للتعامل الأميركي والإسرائيلي مع أزمتها النووية.
ففيما يخص وجهة النظر الأميركية، أشار واضعا التقرير إلى أن صناع القرار الأميركي والمخططين الأميركيين يرون أن قيام إيران بتطوير قدراتها النووية والصاروخية هو خطر يهدد منطقة الخليج بأسرها، بما في ذلك العديد من دول الشرق الأوسط، بالإضافة إلى اعتبارها تهديداً محتملاً لأوروبا، وللصادرات النفطية الخليجية وأسواق النفط العالمية، وكذا تراها واشنطن تهديداً لعملية السلام العربية - الإسرائيلية.
وفى إطار محاولة استبعاد أي عمل عسكري ضدها في الوقت الحالي، وفى ظل تورط الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، يكون اللجوء لفرض العقوبات والمفاوضات، وبالتالي الخيارات الدبلوماسية، هو الحل الأمثل، ومع ذلك تظل الخيارات العسكرية خيارا مطروحا.
ومن جانبها، ترى إيران أن الولايات المتحدة الأميركية هي التهديد الرئيسي لها، ثم يأتي التهديد الإسرائيلي في المرتبة الثانية. وتدافع إيران بأن &laqascii117o;استراتيجيتها العسكرية هي دفاعية في طبيعتها، ولكن في الوقت نفسه تمتلك التكتيكات الهجومية".
هذا، ويجب على الولايات المتحدة إدراك أن الأمة الإيرانية لا يمكن إضعافها حتى بفرض العقوبات، فإيران تصور نفسها القوة الفاعلة في منطقة الخليج، والزعيم الإقليمي القادم. ويدلل التقرير على ذلك بجزء من خطاب للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في 5 مايو 2011 فيقول: &laqascii117o;عندما ندرس التاريخ، نصل إلى استنتاج بأن الأمة الوحيدة القادرة على المرور من منحنى لآخر هى الأمة الإيرانية".
ويرى كاتبا  التقرير أن التنافس العسكري بين الولايات المتحدة وإيران ينطوي على مجموعة كبيرة من اللاعبين الآخرين. وفى الوقت الذي أنشأت فيه طهران تحالفا غير رسمي مع سوريا وحزب الله في لبنان، فإنها تأمل في التنافس على النفوذ العسكري في العراق ودول جنوب الخليج ومعظم العالم العربي.
ويشيران إلى أن إسرائيل تختلف في تصورها للمنافسة العسكرية مع إيران. فإسرائيل ترى أن إيران تُشكل تهديداً وجودياً لها بسبب الصواريخ بعيدة المدى، ودعمها لحزب الله في لبنان، وتسليح حماس في غزة.
ويختتم التقرير بالقول إنه نظراً لأهمية منطقة الخليج في مجال أمن الطاقة العالمي، فإن التنافس سيستمر قائماً بين الولايات المتحدة وإيران، خاصة في ظل هدف إيران بأن تصبح قوة إقليمية فاعلة في منطقة الشرق الأوسط. هذا، وتُقدم استراتيجية إيران غير المتماثلة تحدىا فريدا من نوعه بالنسبة لصانعي السياسة الأميركية، بمحاولاتها تنويع قدراتها غير التقليدية والنووية والصاروخية، في محاولة منها لتقويض الوجود الأميركي في المنطقة. وهو ما يتطلب من الولايات المتحدة وضع تصور دقيق للتنافس العسكري بينها وبين إيران، خاصة مع وضع مضيق هرمز الاستراتيجي الحرج في المنطقة.
 باحثان أميركيان في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية.


ـ 'اللواء'

حمى الله لبنان
فؤاد مطر:

نأى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بنفسه عن توسيع &laqascii117o;أجندة" زيارته للبنان حيث إنحصرت بنود هذه &laqascii117o;الأجندة" بلقاءات باردة مثل برودة طقس لبنان الذي كان عليه خلال زيارة الرئيس الفخري لحكام العالم بإعتبار أن الأمم المتحدة هي الحاضنة لكل الدول المنتمية إليها وشبه حاضنة لفلسطين إلى أن يتم إسباغ العضوية الكاملة عليها... بإذن الله. ونقول إن اللقاءات كانت باردة لأنها إقتصرت على طيف سياسي دون آخر، ربما لأنه هو شاء ذلك وربما لأن الطيف الآخر إستبق الزيارة ببضعة أيام فلم يترك صاحب شأن ديني أو سياسي يوماً يمر من دون اطلاق تصريحات تذُم بالأمين العام للأمم المتحدة ومن دون أن يستوقف المصرِّحون أنه ما هكذا يا ناس يوصي الدين الحنيف بإستقبال مَن يريد زيارتنا. لكن أياً كانت دوافع هذا التحفظ والنأي عن شمول الطيف الآخر بـ &laqascii117o;أجندة" الزيارات فإن الأمين العام للأمم المتحدة سمع من الرئيس نبيه بري ما يمكن أن يقوله نظيره من حيث المنصب الأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله الذي رتَقَ في إطلالة أربعين الإمام الشهيد الحسين أمام البعلبكيين وبلباقة القائد الذي يحيط بخطورة الموقف الاقليمي، ما سبق واحدثتْه تصريحات مسؤولين يحيطون بالسيد حسن.
لم يقتصر النأي عند هذا الحد وإنما شمل أيضاً البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي الذي بات يرى في ضوء تلوين موقف الصرح البطريركي بما يجعله حَكماً بين اللبنانيْن لبنان آذار الحاكم حالياً ولبنان آذار المعارض إلى حين، وأنه من أجل ذلك فإن مَن يزوره في الصرح أو هو يزور مرابضهم في دولهم قادر على مساعدتهم في استنباط تخريجات للمواقف الصعبة. ولقد كان لافتاً أن الضيف الإقليمي المحيط بالوضع في لبنان أدق إحاطة وهو وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو ورجل تركيا القوي مستقبلاً في حال تأكدت خطورة الحالة الصحية لزعيمها الحالي رجب طيب أردوغان، كان مثبِّتاً في &laqascii117o;أجندة" زيارته إلى لبنان المتزامنة مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، لقاء البطريرك الراعي وأن لا يكون الاجتماع به من باب اللياقات وإنما لمشاركته الغوص التنظيري في الوضع اللبناني على خلفية ما ستنتهي إليه الأحوال غير السوية في سوريا، وأنه لهذا أمضى حوالى ساعتين في رحاب بكركي فيما الزائر الأممي الكبير لم يُلبِّ دعوة وجَّهها إليه الراعي معتذراً عن التلبية بسبب ضيق الوقت مع أن حقيقة الإعتذار هي النأي عن لقاء البطريرك لأن قيامه بالزيارة يعني أن يزور المراجع الدينية الأخرى. في أي حال كانت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة عملياً زيارة لبعض لبنان السياسي وليس لكل هذا الـ لبنان. ولقد بدت مسارعة رموز أطياف لبنان آذار المعارض إلى طلب اللقاء به وليس العكس، وكما لو أن هؤلاء يريدون القول للطيف الآخر ما معناه إن بان كي مون هو &laqascii117o;اميننا العام" ولكم &laqascii117o;امينكم العام". وبذلك ضاعت فرصة أن تتولى الأمم المتحدة وفي شخص من يتبوأ قمة المنصب القيادي فيها تقريب المسافات المتباعدة بين الطيفيْن، وهي محاولة مطلوبة لإسقاط الانطباع عن المنظمة الدولية بأنها منظمة القطب الدولي الواحد الظالم. وأما تفقُّده للقوات الدولية &laqascii117o;اليونيفيل" فإنها لا تعدو واجباً تأخر حدوثه لأن رؤساء أو مسؤولين من الصف الثاني في دول متمثلة بتلك القوات سبقوا الأمين العام وزاروا هذه القوات رافعين من معنويات أفرادها.


ـ 'الحياة'
عيون وآذان (دول الخليج لن تسمح بقيام نظام أقلية)
جهاد الخازن:

الصدقية، وبعضٌ يقول مصداقية، في أساس العمل الصحافي الناجح، فهي مثل شرف البنت وعود الكبريت إذا فُقدت لا تعود. وبت أشعر اليوم بأن الصحافة الورقية على جانبي المحيط الأطلسي، أي صحافة اللغة الإنكليزية التي أقرأها كل يوم، تغامر بصدقيتها وهي تنقل أخبار البحرين.لا يجوز لصحافي عربي أن ينتقد &laqascii117o;نيويورك تايمز" و&laqascii117o;واشنطن بوست"، أو &laqascii117o;الغارديان" و&laqascii117o;التايمز" فهذه صحف عالمية راقية ذات سمعة مستَحقة ومهنية فائقة، وكل ما أقول أن معرفتي بالبحرين أكبر وأفضل وأعمق من أي صحافي غربي (أو شرقي) زائر، فأنا أعرف البحرين منذ كنت أودع المراهقة في أوائل الستينات، وأعرف الملك وولي العهد ورئيس الوزراء والوزراء، وأعرف الناس حتى سائقي التاكسي، ولي في البحرين ألف صديق من أهل البلد والمقيمين فيه، وأولاد عمي يحملون الجنسية البحرينية.في المقابل، الصحافي الأجنبي الذي يزور البحرين هو مجرد زائر أو سائح، مهما اجتهد، ولا يعرف نبض البلد، وهو لم يكن في البحرين مثلي عندما كان الموج يصل إلى بوابة البحرين، والجسر الحديدي فوق البحر بين المنامة والمحرق يُفتح ليلاً لتمر السفن الصغيرة، ولم يشهد مخاض الاستقلال ويبقى على تواصل مع البحرين من دون انقطاع حتى اليوم.
مشكلة الحكومة البحرينية مع الميديا الغربية أن هذه، بشكل عام، إما ليبرالية أو يمينية محافظة، والصحف الليبرالية تنتصر أوتوماتيكياً للطرف الضعيف، بما يشبه انتفاضة الساق عندما يضرب الطبيب بعصا صغيرة على الركبة، أما الصحف اليمينية فهي ضد العرب والمسلمين أصلاً، وتبحث عن سبب لإهانتهم أو الإيقاع بينهم.
وهكذا ففي كل خبر عن البحرين أقرأ أن النظام قمعي وكأن الحديث هو عن ليبيا والقذافي. العنف في البحرين منذ شباط/ آذار (فبراير/ مارس) الماضيين كان محدوداً، وأدين العنف من قوات الأمن الحكومية قبل المعارضة، ثم أقول أن المثل المستعمل باستمرار وهو الأطباء والممرضات في المستشفى ليس دقيقاً، بل يكاد يكون مشوّهاً، فقد احتل بعضهم المستشفى وعالج مصابين ورفض آخرين، وكان لهم أنصار أحاطوا بالمستشفى وقاوموا الشرطة.
أسوأ مما سبق أن يُزعَم أن المتظاهرين والمشاغبين في البحرين كانوا طلاب ديموقراطية أو حرية. هم حاولوا القيام بانقلاب عسكري، وهتفوا بسقوط النظام بتحريض مستمر من إيران، لإقامة نظام ديني، مع مرشد وآيات الله لحكم البلد. وأطلب من الصحافة الغربية أن ترصد التحريض اليومي من الميديا الرسمية الإيرانية. بل كان هناك من حاول تخريب اقتصاد بلد هو الأقل دخلاً نفطياً في الخليج.

الشيعة غالبية في البحرين إلا أنهم عشرة في المئة فقط، أو أقلية محدودة جداً، بين المسلمين العرب، ودول الخليج العربية لن تسمح بقيام نظام أقلية إيراني في وسطها، حتى لو قبِلَ ملك البحرين، والهتاف الذي سمعته بأذني في ميدان اللؤلؤة كان لسقوط النظام وليس للديموقراطية. إذا تظاهر جماعة الوفاق طلباً لدولة ديموقراطية مدنية فسأتظاهر معهم، إلا أنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا فهم اختاروا أن يكونوا مخلب قط لإيران، مع أنهم كانوا يستطيعون أن يمثلوا قوة سياسية فاعلة ومؤثرة. والملك حمد بن عيسى أعلن في مطلع الأسبوع إصلاحات دستورية تشمل توسيع السلطات التشريعية وتعزيز رقابتها على الحكومة، وكان نواب الوفاق يستطيعون أن يلعبوا دوراً أساسياً في صوغ الإصلاحات إلا أنهم اختاروا المقاطعة.الوقت لم يفُتْ بعد والحكومة البحرينية تستعين بخبرات دولية لإصلاح الأمن والقضاء، ما يدخل في صلب طلبات جماعة الوفاق، فلعلهم يعودون عن المقاطعة التي لم تجنِ عليهم سوى الخسائر، ويلعبون دوراً في الإصلاح، ويركزون على الممكن وما يهمهم لتحقيق نتائج أفضل.

الباب مفتوح، والخبراء العالميون يعملون على تنفيذ 22 توصية ضمها تقرير لجنة القاضي بسيوني، وهناك لجنة برئاسة رئيس مجلس الشورى علي الصالح لدرس الخطوات المنفَّذة. وأسجل، كما فعلت في كل مقال لي عن البحرين طوال 2011، أن لجماعة الوفاق طلبات محقة فاعتراضي هو فقط على أساليب تحقيق الطلبات، وسأسعى كمواطن عربي مع النواب السابقين لتحقيق الممكن منها، مع إدراكي أنهم لن يحققوا كل شيء، فرفع سقف المطالب يعني ضياع الممكن منها مع المستحيل. وقد جربت المعارضة المقاطعة وحاولت تنفيذ انقلاب وفشلت، فلا يجوز أن تأخذها العزة بالإثم، وإنما أرجو أن تحاول الأسلوب الآخر.أما الصحافة الغربية التي بدأت بها فأقول أنني أعرف البحرين جيداً والأخطاء التي واكبت تغطية أخبارها تجعلني أفكر هل أخبار هذه الصحافة عن بلد لا أعرف تاريخه وحاضره، وأهله وحكامه، كالبحرين خاطئة مضللة أيضاً؟لست من الغرور أن أدين صحافة نتعلم منها ونرجو أن نصل إلى مستواها يوماً، فلا أقول سوى أن الصحف الأميركية والبريطانية تخطئ في نقل أخبار البحرين


ـ 'الديار'

زيارة بان كي مون لبيروت وتعديل مهمّة 'اليونيفيل' في الجنوب
نزار عبد القادر:

ثلاثة أيام قضاها الامين العام للامم المتحدة في لبنان ليناقش اجندة حافلة بالقضايا المعقدة على المستويين اللبناني والاقليمي. شملت لقاءاته في اليوم الاول للزيارة الرؤساء الثلاثة ميشال سليمان ونبيه بري ونجيب ميقاتي، وقد تركزت خلالها، وفق ما نقلته وسائل الاعلام على مجموعةمسائل تتعلق بتنفيذ القرارين الدوليين 1559 و1701، كما ناقش اهمية التمديد للمحكمة الدولية والتزام لبنان بتحقيق العدالة، حيث يفترض ان تنطلق المواقف اللبنانية، من اعطاء الاولوية للمصلحة الوطنية العليا، بدل الانقسام حول قضايا اقليمية، تتعارض في اغلب الاحيان مع ما يريده أكثرية اللبنانيين، كما تتناقض مع مضمون القرارات الدولية الخاصة بلبنان.
كان للأمين العام موقف لافت من موضوع السلاح، حيث عبّر بصراحة بمدى القلق الذي يشعر به من وجود سلاح حزب الله، وقد أثار هذا الموقف حفيظة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حيث قال في خطاب القاه في بعلبك بمناسبة أربعين ذكرى استشهاد الامام الحسين بانه يشعر بالسعادة لوجود مثل هذا القلق عند بان كي مون.
وشكل القرار 1701 نقطة مركزية في مناقشات بان كي مون مع المسؤولين اللبنانيين حيث ترى الامم المتحدة اولوية في أن تسعى الحكومة لنزع كل السلاح غير الشرعي، وهذا ما دفعه الى حث الحكومة اللبنانية على عودة طاولة الحوار من جديد علها تنجح هذه المرة في ايجاد المخارج اللازمة لضبط موضوع هذا السلاح وخصوصاً ما يعود منه لحزب الله.
(...) تفيد بعض المصادر الديبلوماسية الغربية بأن الأمين العام قد طلب من الرؤساء ضرورة تأمين الحماية اللازمة للقوات الدولية، وضرورة الكشف عن المعتدين عليها وسوقهم الى العدالة، مشدداً على أهمية الكشف عن هوية المعتدين من اجل وضع حد لمزيد من الخروقات الخطيرة التي شهدتها منطقة عمل القوات الدولية في السنة الماضية، والتي يمكن أن تتكرر في ظل التطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة.
تحدثت المصادر الديبلوماسية عن وجود خطة سابقة لزيارة الامين العام لبيروت، تشارك فيها الدول الاوروبية، من اجل ادخال تعديلات مهمة على تنظيم عمل قوات اليونيفيل، توزّع الادوار بينها وبين الجيش اللبناني، على ان يضطلع الجيش بالقسط الاكبر من تحقيق الامن والاستقرار على طول الخط الازرق، وتتطلب اعادة تخطيط وتنظيم مهمة القوات الدولية وفق الرؤية الجديدة البحث جدياً من صيغة تسمح بالانتقال من الحالة الراهنة والتي تعتمد على مفهوم وقف العمليات العسكرية الى حالة تطبيق وقف ثابت لاطلاق النار.(للقراءة)


ـ 'الديار'
عن الأربعين... والإمام الحسين
غسان بو دياب:

الأربعين بين الأرقام مميز، لعدة أسباب. فقد كان الإهتمام به في القرآن الكريم كبيراً، إذ ذكر في المسكور أن الله تعالى واعد موسى أربعين ليلة: (إِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمّ اتّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُون، البقرة 51، وقال أيضاً: &laqascii117o;قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ".
وقد حدد القرآن عمر النضوج العقلي بسن الأربعين، لقوله تعالى: &laqascii117o;وَوَصّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً حَتّىَ إِذَا بَلَغَ أَشُدّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِيَ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ الّتِيَ أَنْعَمْتَ عَلَيّ وَعَلَىَ وَالِدَيّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرّيّتِيَ إِنّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ".
وفي الأحاديث المنقولة عن الإمام جعفر الصادق في &laqascii117o;وسائل الشيعة" أنه قال: &laqascii117o;إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلاً من المؤمنين فقالوا اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا قال الله تبارك وتعالى قد أجزت شهادتكم وغفرت له ما علمت مما لا تعلمون"، وروي ايضاً إستحباب الدعاء لأربعين مؤمن في صلاة الليل، بقول الصادق ايضاً: &laqascii117o;من قدّم في دعائه أربعين من المؤمنين ثم دعا بنفسه أستجيب له".
وفي التقليد الشيعي، إن زيارة الحسين، وإحياء مراسم عاشوراء، تحتل حيزاً كبيراً من الحياة الروحية والطقسية.إلى درجة أن هنا مأثوراً عن الإمام الحسن العسكري وضعه خمس علامات للمؤمن، هي &laqascii117o;صلاة إحدى وخمسين وزيارة الأربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم".
ولا يختلف مسلمان على وجه الأرض، في فضل أهل البيت، ومكانتهم الدينية والفكرية والعقائدية، وإن زاد البعض في مراتبهم، وانفض الآخرون عنها. فهم من قال عنهم المسطور: &laqascii117o;إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا". وهم علي وفاطمة والحسن والحسين. وتروي كتب الحديث: (عن أم سلمة أن النبي كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلت بها عليه فقال لها: إدعي زوجك وابنيك، قالت: فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري ـ قالت ـ وأنا أصلي في الحجرة، فأنزل الله عَزَّ وجَلَّ هذه الآية: ... - إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا - قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها السماء ثم قال: اللهم إن هؤلاء أهلُ بيتي وخاصتي فأًذهِب عنهم الرجسَ، وطَهِّرهم تطهيراً، اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهِب عنهم الرجسَ وطَهِّرهُم تطهيراً. قالت: فأدخلتُ رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله ؟ قال: &laqascii117o; إنك إلى خير إنك إلى خير).
قصة العشرين من صفر تبدأ من قصة عاشوراء، التي سبقت معالجتها في &laqascii117o;كلام في الأديان" سابقاً بمناسبة الذكرى. أما وبعد مرور أربعين يوماً من أخذ ذرية الحسين سبايا، فتروي كتب السيرة أنه عند رجوع موكب السبايا (وهن نساؤه ورهطه وبقية أولاده)، من الشام إلى المدينة المنوّرة، وصلوا إلى مفترق طريق، أحدهما يؤدّي إلى العراق، والآخر إلى الحجاز، فقالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء.. فوصلوا يوم العشرين من صفر ـ أي يوم الأربعين ـ إلى كربلاء، فزاروا قبر الحسين وأهل بيته وأصحابه، وأقاموا مأتم العزاء، وبقوا على تلك الحال أيّاماً.
وفي نفس الوقت، كان الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري يزور قبر الحسين، ومعه جمع، فإذا بسوادٍ قد طلع عليهم من ناحية الشام، فقال جابر لعبده: انطلق إلى هذا السواد وآتِنا بخبره، فإن كانوا من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا، لعلّنا نلجأ إلى ملجأ، وإن كان زين العابدين فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى. مضى العبد، فما أسرع أن رجع وهو يقول: يا جابر، قم واستقبل حرم رسول الله، هذا زين العابدين قد جاء بعمّاته وأخواته.

فقام جابر يمشي حافي الأقدمين، مكشوف الرأس، إلى أن دنا من الإمام زين العابدين، فقال له الإمام: &laqascii117o;أنْتَ جابر"؟ قال: نعم يابن رسول الله، فقال الإمام: &laqascii117o;يا جابر هاهُنا والله قُتلت رجالُنا، وذُبحِت أطفالُنا، وسُبيَت نساؤنا، وحُرقت خيامُنا".منذ ذلك الحين، داوم المسلمون الشيعة على إحياء تلك الزيارة إلى مثوى الإمام الحسين ورهطه، في الأربعين من الذكرى، وتوافق العشرين من شهر صفر في التقويم الميلادي، تأسياً بسباياً الإمام الحسين، واستجابة لطلب الأئمّة، ورغبة في الأجر والثواب، فيأتون إليه من كلّ صوب ومكان مشياً على الأقدام لما فيه من الأجر والثواب وذلك طبعاً بحسب التقليد الإمامي الإثني عشري الذي يعتنقه قسم كبير من الشيعة في العالم.كما يقوم قسم كبير أيضاً بإحياء هذه الذكرى بإقامة مجالس العزاء والمأتم، واستذكار ما جرى على الحسين وأهل بيته في كربلاء، وما جرى لسباياه من كربلاء إلى الكوفة، ومنها إلى الشام. يبقى، أن على أهل الأديان، وخاصة المسلمين منهم، أن يتنبهوا، في أربعين الحسين، من أعداء الأمة، الذين يتربصون شراً بها، والذين يرغبون في إثارة فتنة، خاصة سنية شيعية، من شأنها إن حصلت، لا سمح الله، أن تدمي قلب الحسين، وأهل الحسين، وصحب الحسين، وتسيل دموعه، أكثر بكثير مما أسالتها حراب وأسنة سيوف قاتليه...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد