قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 19/1/2012

- 'السفير'
أيها الإسلاميون... ماذا أنتم فاعلون بنا؟
نصري الصايغ:

واجب الترحيب بكم، يسبق ضرورة الخوف منكم. وهو خوف بأسباب راجحة.. واجب الاعتراف بقوتكم، يترافق مع احترام الديموقراطية التي أنصفنكم، وهو احترام ملزم لكم ولا مفر منه.. واجب التنويه بإرثكم النضالي، يتزامن مع التنبيه إلى ارثكم العنفي أحياناً، والمتملق والانتهازي أحياناً.. واجب احترام بلوغكم مرتبة السلطة، يتزامن مع التحذير من تحولكم إلى تسلط باسم الله والدين وأنبيائه.
واجب القبول بكم في السلطة، أساساً أم شريكاً، يفرض علينا كمدنيين، انقياء من أي تبعية دينية أو طائفية أو مذهبية أو فقهية، ان نعارضكم بالوسائل الديموقراطية، وبلغة سياسية، لا تستند إلى موروث ديني، بل تتأسس على قضايا إنسانية، ومصالح وطنية، وحقوق اجتماعية وفردية، أقرتها شرائع وضعية. فنحن، لا نشبهكم، ولا نتشبه بكم، في استدراج عروض قوى السماء، في معارك الحسم ونضالات الميادين.. نحن العراة، سلاحنا مستل من تجارب هذه الأمة، والتجارب الإنسانية التي كرست الحرية والعدالة والخبز وحقوق الإنسان، وخصوصاً حقوق المرأة في مساواتها المطلقة مع الرجل... أنتم، حاضركم، من ماضيكم، بنسبة مغالية. نحن، حاضرنا من مستقبلنا، لأنه ماضينا القادم.
واجب القبول بكم في السلطة يفرض علينا إذاً ان نسألكم: ماذا أنتم فاعلون بنا؟
للتذكير: جئتم الثورة، بعدما اكتمل نصاب حضورها المليوني الحاسم في الميادين. فاتحة الميادين، قادها قادمون من وجع الاستبداد والحرمان والظلم والمهانة والنفي والإلغاء.. جئتم، بعدما اعتلى الجيل المدني الديموقراطي منصة المواجهة، وبعدما أقدم على فضيلة الاستشهاد.. جئتم بعدما حطم جيل يبشر بالتغيير، حاجز الخوف المزمن، حارس الاستبداد العربي.
كنتم مرابطين في مواقع الخوف من.. وهذا حقكم. وربما كانت حكمة منكم، بسبب ما ذقتموه من ظلم وما تعرضتم له في زمن الاستبداد. لكن جيل الشباب الديموقراطي المؤمن بجدارته كإنسان ومواطن حر، اقتحم التاريخ المقفل على الجبن والتخاذل والتسوية، فخلع الأبواب، ودعا الجميع لدخوله. تمنعتم في البداية، ومن خرج من شبابكم للدفاع عن المتظاهرين في الميادين، لم يخرج بقرار أو إذن أو فتوى منكم. اندفع شبابكم، كما شهد عديد من المراقبين، بنخوة وشهامة وأخوة، فاضت من إنسانيتهم ووطنيتهم والتزامهم.
جئتم في الوقت الذي يناسبكم، وهذا حقكم، ولا يناقشكم فيه إلا مغرض وكاره.. أكرر: لا منّة ولا تبخيساً. جئتم، بعدما سمح الأوان لكم، بأن تعلنوا حضوركم من دون هويتكم الدينية، إذ، في ذلك الزمن الصاعد، التزم الجميع بأن يكون الشعار &laqascii117o;الشعب يريد إسقاط النظام"، أو &laqascii117o;ارحل". يومها لم تحضر شعارات حزبية أو دينية أو طائفية..
لقد صنع جيل الميادين، معجزة التوحد والتعدد، التماثل والاختلاف. ولكم كان ذا دلالة وطنية، لها واقعها ورمزيتها. حدث ذلك، بعد جريمة تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية. الميدان، ساحة يطمئن إليها &laqascii117o;معذبو الأرض"، وان الثورة هي ثورة الجميع.. حدث كل ذلك، إلى ان تم استحضار الشيخ يوسف القرضاوي لاعتلاء منصة الانتهاز..
ولقد خاف كثيرون، لأن سلاح الدين عندما يجيء، يبتر ويفرق. ولقد فعل فعله..
انكم مخيفون، تحضرون، فيحضر معكم تاريخ، ولد في &laqascii117o;السقيفة"، و&laqascii117o;الفتنة الكبرى"، ومعركة &laqascii117o;الجمل"، ومعركة &laqascii117o;صفين"، ومعارك التسنن والتشيّع التي عادت لتذر قرونها المتعددة، من مضيق هرمز إلى مضيق جبل طارق..
تاريخ يختنق مذهبياً بين مضيقين.
خرجتم كجماعة عن الجماعة في الميادين. والخروج هذا ليس من الإيمان السياسي.. لقد انتهزتم فرصة التفرد، ونسجتم علاقات غير واضحة، ذات الغاز مبهمة مع السلطة والعسكر وصوبتكم أشرعتكم في ممرات الرياح الدولية المؤاتية.. أرسلتم إشارات سابقة لأوانها، كي ينظر الخارج إليكم، بعين القبول، تمهيداً لتبرئتكم مما يراه الغرب مسيئاً فيكم، ماضياً وحاضراً.
والثورة يا&laqascii117o;أخوان"، لم تندلع لسلوك هذا المسار: الاستئثار بالدين والدنيا في الداخل، والاتجار بالاثنين في الخارج.
فضلتم منطق الغلبة على منطق الحوار، قلتم هذه فرصتنا قد جاءت، ولقد جاءت، فماذا أنتم فاعلون بنا؟ ماذا أنتم فاعلون، مع الدَّين الكبير الذي في رقابكم، لجيل الشباب، جيل الثورة، مفجر عصر الاستبداد، وصاحب &laqascii117o;الفاتح" من الحرية؟
أي تلفيق هذا الذي تدسونه في خطابكم الملتبس: &laqascii117o;دولة مدنية بمرجعية إسلامية؟". أي تناقض في مواقفكم ومسالك قياداتكم؟ أنتم مع الديموقراطية ولكن.. مع الحرية ولكن.. مع السياحة ولكن.. مع احترام الأقليات ولكن.. إن لكن، هي لازمة خطابكم السياسي الملتبس.
أنتم مع الديموقراطية وتزوّرونها، تقولون: نحن الأكثرية. صناديق الاقتراع أصدق
إنباء من الجميع. نحن فزنا.. هذا صحيح. لكن فوزكم ليس ديموقراطيا، لأنكم إسلاميون. ولو كنتم مسيحيين كأكثرية فازت لقلنا: فزتم لأنكم مسيحيون. أنتم تغرفون من رأسمال لم تساهموا في تكديسه بالجهد والتعب والإقناع. جمهوركم جاهز، لأنه مؤمن. والإيمان فضيلة من فضائل الروح. أنتم تستدرجون المؤمن، بمخزونه الروحي، إلى ميدان يعرف فيه إيمانه سياسياً، بعصبية مستعمية، لا تقيم أوزانا متساوية في تعاملها مع من هم من دين آخر أو مذهب آخر.
أنتم يا &laqascii117o;أخوان"، أكثرية دائمة، بلا تعب ولا نضال. وعليه، أنتم مزورون للانتخابات الديموقراطية.
ان الاكثريات الدينية ستبقى اكثريات إلى أبد غير قريب. الاكثرية والأقلية مفهومان سياسيان. دخلا الحياة، بعد الثورة الفرنسية، وبعد ممارسة الديموقراطية، وبعدما باتت الحياة السياسية حاضنة لتيارات وأحزاب (لا دين لها) تتنافس بالسياسة.
اننا نخاف منكم، لأن استقواءكم بموروثكم الديني وميراثكم الشعبي لأهل العقيدة، يجعلكم أقرب إلى الاستبداد. والاستبداد الديني أشد وطأة من استبداد الطغاة. ان العصبية الدينية والطائفية تغتال الديموقراطية في مهدها. ولا حرية ولا ديموقراطية مع أحزاب ناشئة على الرابطة الدينية الموروثة، جيلاً بعد جيل.
نخاف منكم، لأنكم لن تساووا بين المواطنين. كل كلام تطميني يحتاج إلى برهان. وبراهين التاريخ دافقة، وهي ضد ادعائكم أنكم تؤمنون بالمساواة. يكفي ان تعرفوا شعور وموقف المسيحي من دستور بلده إذا نص على ان دين الدولة الإسلام. يكفي ان تعرفوا موقفه من اعتماد التشريع الإسلامي مصدراً للتشريع المدني. يكفي ان تعرفوا شعور وموقف من هو من دينكم وليس على مذهبكم.. عندها ستجدون أنكم استحضرتكم لغة الكراهية.. نحن في لبنان، ذقنا طعم التمييز الطائفي، علماً بأن دستورنا لا دين له، وعلماً بأن المحاكم الشرعية تلجأ إلى النصوص الدينية.. هذه روشتة لا تشفي. لأن مجرد الحضور الديني في المجال السياسي، استحضار لجهنم. ومثال على ذلك، في أيام عاشوراء. انه لمعيب التذكير بأن السُّنة ليسو يزيداً.
لن تساووا بين المواطنين أبداً. فمن هو منكم، فله الأفضلية (لبنان نموذجاً، كل طائفي معلق بكرعوبه السياسي). من هو منكم دينيا ومذهبيا، يحمِه تشريع مناسب. وإذا عز التشريع، فإن القرابة الدينية هي بطاقة عبوره إلى مناصب الدولة وإدراتها وقواتها المسلحة ومواقع القرار فيها ومطارح المصالح كذلك.. المواطن الحافّ سيجد نفسه بلا حماية ولا ضمانة ولا حوافز، وإذا حصل عليها، جاءته منة من الأكثرية، التي توزع الحصص، كصكوك غفران، تصرف في جنة السياسة ونعيم المحاصصة.
ان الحزب الديني في السلطة، ولو تزيا باسم مدني (مللا كذبة!) هو دكتاتورية مقنّعة، أو ديموقراطية لها أنياب اشد فتكاً من الحكم الفردي.. لا يستطيع الحزب الديني أن يساوي بين أفراده وأتباعه وبين الآخرين الذين ليسوا على مذهبه. (الأحداث الطائفية في مصر، خير نموذج على الحماية التي يتلقاها المجرمون.. أحداث لبنان القديمة والراهنة خير دليل على كيفية حماية الطوائف للمرتكبين والزعران واللصوص).
ربما لم تتنبهوا إلى ان الثورة الديموقراطية العربية التي اندلعت على أيدي جيل من الشباب، لم تكن ثورة من أجل استلام السلطة. انها ثورة تختلف عن الثورة الفرنسية وعن ثورة لينين وعن ثورة الخميني، وتختلف عن الانقلابات العسكرية العربية ذات السمعة السيئة، التي تحولت إلى دكتاتوريات بنسب عالية. وربما لم تتنبهوا إلى ان العملية الديموقراطية ليست بريئة من إنجاب دكتاتوريات مجرمة. هتلر لم يغتصب السلطة بالقوة. اغتصب ألمانيا بالقوة والتفرد، بعد انتخابات ديموقراطية.. حتى أوروبا الراهنة، التي ترفل بأثواب ديموقراطية زاهية، لم تعد تحتمل السلطات المالية وجماعات الضغط الدولية فيها، اللجوء إلى استفتاء شعبي أو انتخابات حرة، لتقرير سياسات مالية محددة.
يا&laqascii117o;أخوان". انكم ستظلمون ولو عدلتم. وتجدون التبرير والتفسير لإظهار ظلمكم على انه عدل إلهي. إذا أُحرجتم في أمر، تلجأون إلى المنزّل والنص والسيرة والاجتهاد للتبرير. فيما يكون الصح ساطع كنور قذفه الواقع في الصدر، لا شك فيه، ولا يأتيه نقص في أي وجه من وجوهه.
الثورة التي أوصلتكم إلى ما أنتم فيه، شبابها لا يزالون في الساحات والميادين. ليسوا أصحاب سلطة، بل أصحاب قضايا. وهذه القضايا معلنة: بناء نظام سياسي ديموقراطي عن جد، لا أسبقية فيه لأحد، بسبب انتمائه. نظام سياسي يصون الحقوق، والحقوق مدنية، يقرها قانون مدني. نظام سياسي يساوي بين الناس أمام القانون وفي فرص العمل وفي العطاءات وفي الواجبات. نظام سياسي عصري جداً، يتساوى فيه الرجل مع المرأة، مساواة تامة. ولا يحق لأي رجل، أكانت مرتبته دينية أم سياسية أم فقهية، ان يقرر حقوق المرأة وحده. المرأة صاحبة حقوق ولها وحدها حق إقرارها وتحقيقها. يلزم ان تنتهي خرافة القوامة الذكورية، على 150 مليون امرأة في العالم العربي.
ربما لم تنتبهوا الى ان جيل الثورة هذا، مرابط عند قضاياه، وليس طامحاً الى تسلم السلطة. السلطة للشعب. فإذا انحاز فريق عنها، واحتسب لنفسه صفة التمثيل، لما يترسمل به من محمولات دينية مبرمة، تؤيدها عامة مؤمنة وطيبة وذات ميول عصبية وانفصالية.. إذا انحاز فريق عنها، فإنه سيواجَه بثورة ثانية لتصحيح الثورة.. ثورة في الثورة، لمَ لا. وها هي الميادين حبلى بمواعيد العودة إلى النضال.
الذين خرجوا على الظلم مرة، وكسروا حاجز الخوف إلى الأبد، سيخرجون كل مرة، يواجه فيها الشعب ظلماً.
هل سألتم أنفسكم عن مطالب هؤلاء الشباب؟
هل تسألون غداً، أي نوع من الحرية المقيّدة سيرفضون؟
هل تسألون عن موقفهم من رجال الدين عندما يصبحون في السلطة أو أعوانا للسلطة.
أنتم سيوف الحلال والحرام. وستجهدون الجهاد السيئ في إلزام الناس بمنطقكم، ومن يخالفه، سيحذف أو يهان أو ينبذ، تماماً كما كانت تفعل أنظمة الاستبداد الشيوعية، وكما كانت تمارس أنظمة الاستبداد العربية. الحلال، هو ان تقول نعم لإملاءات رجال الدين أو لرجال المخابرات أو للصوص السلطة. الحرام، ان تقول لا. (يمكن قراءة خطاب فاكلاف هافل إلى غوستاف هوساك، الذي شرح فيه عملية تفريغ الإنسان من إنسانيته من خلال تخييره بين قيم السلطة وقيم الأخلاق). ان حرصكم على الصغائر (الأمور الصغيرة) لا يوازيه حرص مناسب على القضايا الكبرى. هذه القضايا ليست مدار اهتمام. إلى أي نظام اقتصادي ستنتمون؟ ما موقفكم من اقتصاد السوق؟ من الاستثمارات الأجنبية؟ من المضاربات المالية والمصرفية والعقارية؟ أي عدالة اجتماعية ستوفرون؟ أي استقلال ستمارسون؟
قولوا لنا من هم أعداؤكم، هل أميركا صديق أم شر لا بد منه، أم رجس من قبل إسرائيل فاجتنبوه، أم ماذا؟
اننا قلقون من ميوعة وإبهام إزاء فلسطين.
قيل لنا، انه من الحكمة السياسية ان لا نستعدي على الثورة، دولاً غربية. فلماذا استعداء قوى عربية ثورية؟ لماذا هذا الجفاء مع المقاومة الإسلامية في لبنان؟ لماذا هذه النزعة المناوئة لإيران الإسلامية؟ ولماذا هذا السعي إلى خطب ود تركيا، وإلى قبول الهبات السعودية والقطرية؟ ان صناديقكم امتلأت مراراً من أموال خليجية. فاحتسبوا.
اننا نخاف منكم أيها الإسلاميون، لأنكم مذهبيون جداً. لأنكم سنة وشيعة، وكخطين متوازيين، لم تلتقيا ولن.. العراق نموذج ولبنان نموذج وكلام الغنوشي عن الشيعة نموذج، واحتضانه حماس من دون حزب الله نموذج، وإغفال الأزهر للمرجعية الشيعية نموذج.. فما بالكم بالأقباط في مصر، والمسيحيين في العراق ولبنان ومن تبقى من جماعات دينية إسلامية ومسيحية؟
اننا نخاف منكم، لأنكم عابرون للحدود الوطنية، ليس ببطاقة مرور سياسية عروبية جامعة، بل ببطاقات ائتمان مذهبية. لهذا، تتدفق أموال الغاز السياسي بغزارة، وهي أموال محروسة ببوارج وقواعد أميركية، مدعومة بالرضى الإسرائيلي، الذي يمثله &laqascii117o;شايلوك" الدولي.
لا شيء يطمئن حتى الآن.. تتساهلون في العظائم، وتستبسلون في الصغائر.
وتحكموننا، باسم دين، لا علاقة لكم به ولا علاقة له بكم، إلا بالقشور. فأي رسالة، تُجتث منها قيمها، تصبح نصاً صنميا، وسوطاً مضطهِداً وعصا بيد السلطة، وتبقى رسالة رسولية؟ ان كنت مخطئاً في خوفي، فالعلاج معروف: بددوا خوفنا منكم.
أيها الإسلاميون.. لن تأخذونا إلى السماء، نأمل ألا تسوقونا إلى جحيم الاستبداد الديني.


- 'السفير'
حوار مع نبيل العربي: ننفذ في سوريا مهمة غير مسبوقة في تاريخ الجامعة
جميل مطر:
 
1 ـ الجامعة العربية تواكب التطورات الثورية في العالم العربي

تنفذ في سوريا مهمة غير مسبوقة في تاريخها
سألته، وكان فنجان القهوة قد استقر في يدي، والدخان يتصاعد من كوب الشاي الذي طلبه لنفسه ولم يلمسه، إن كان حقا يرى في المرحلة الجديدة التي يمر فيها العالم العربي ما يجعله متحمسا للعمل كأمين عام للجامعة. كنا قد تناقشنا في لقاء سابق حول أفكار لإثراء العمل العربي المشترك وإصلاح أساليب عمل الجامعة، أفكار حملها معه من عالم التنظيم الدولي الذي عاش فيه معظم سنين عمله ومن دنيا القانون الدولي وكواليس محكمة العدل الدولية وخبرته الدبلوماسية.
قال: أظن أنك تتفق معي في أنه حصل تغيير جذري في طريقة تفكير الشعوب العربية في حالها ومستقبلها، ويحصل حاليا بكثافة شديدة تغيير آخر في التركيبة السياسية في كل دولة على حدة، بل في الوضع السياسي كله في العالم العربي. وكلاهما يقضي بأن يكون للجامعة دور غير عادي، ليس فقط لأن الظرف غير عادي ولكن أيضا لأن مرحلة في تطور العالم العربي انتهت أو أوشكت على الانتهاء، ولن تعود. وجاءت مرحلة جديدة تتطلب فكرا مختلفا وأساليب مختلفة وقيادات مختلفة.
أعرف عن نبيل العربي ما يعرفه كثيرون، ولكني أعرف أيضا ما لا يعرفه إلا من رافق دربه رفقة متصلة عبر عشرات السنين، وهؤلاء قليلون.
أعرف شيئا عن صلابته ومرونته، وشيئا عن طموحه وتواضعه، وشيئا عن زهده وحبه للحياة. كان لقاؤنا الأول في مكتب مدير المستخدمين في وزارة الخارجية، عندما كانت الوزارة بأكملها تشغل القصر القريب من ميدان التحرير. ذهبنا في صحبة والدينا لنسمع من المدير اعتذاره عن عدم قبول طلب الالتحاق بالوزارة بسبب صغر السن. وبعد التعيين شاءت الظروف أن نعمل معا في سفارة مصر لدى الكورينال، رئاسة الحكومة الإيطالية، في روما.
تبادلنا حديثا طويلا عن تطوير عمل مؤسسات الجامعة العربية، والأشكال والخطط العديدة التي اتخذها هذا التطوير على مدى عقود. قاطعني أكثر من مرة ليشيد بمرحلة عمرو موسى في إدارة الجامعة العربية. قال في إحدى مقاطعاته: لقد قامت الجامعة أثناء ولاية عمرو موسى بدور متميز في العالم الخارجي، بل أستطيع القول إنه وضعها على خريطة العالم السياسية.
كذلك أنشئت في عهده مؤسسات كثيرة كالبرلمان العربي. المطلوب الآن أن تقوم الجامعة بدور ومهام تواكب التطورات الثورية أو الاستثنائية التي يموج بها العالم العربي. تذكرت، وهو يأتي على ذكر الثورة، أياما يصعب أن تنسى. كان الطابق السادس في مبنى &laqascii117o;الشروق" يعج بالحركة. جماعة تناقش وتطالب، وجماعة تنتحي جانبا تكتب بيانات وتصوغ مطالب، وجماعة تمسك بهواتف تصرخ من خلالها أو تستمع إليها. مرتين أو ثلاث حسب ما أذكر كلف الحاضرون كلا من الدكتور كمال أبو المجد والدكتور نبيل العربي بالتوجه إلى المجلس العسكري لطلب التدخل لحماية ثوار التحرير.
هناك، من دون شك، علاقة بين تجربة الثورات العربية والطموح لتطوير الجامعة العربية، أليس كذلك؟ أجاب الدكتور العربي قائلا &laqascii117o;إن النفوذ الكبير الذي أصبح لقوى المجتمع المدني العربي يفرض على أي مسؤول عربي أخذه في اعتباره عند اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية. لم يعد ممكنا أن تؤخذ قرارات أيا كانت طبيعتها في غرف مغلقة أو بين مجموعة من المسؤولين دون مراعاة ضغوط القوى العديدة التي تشارك في الساحة السياسية أو دون مراعاة ردود فعلها لأي قرار يصدر في غيابها".
[[[
الزائر الذي اعتاد على أسلوب الحركة في مكتب الأمين العام لن تفوته ملاحظة أن أعضاء المكتب يقومون هذه الأيام بمهمة لم يقم بها من سبقوهم في العمل بهذا المكتب، بل ان الجامعة العربية، كأمانة عامة وإحدى وعشرين دولة، لم تنفذ يوما في تاريخ النظام العربي مهمة مماثلة. لم يحدث أن قامت الجامعة بتحمل مسؤولية التدخل في شؤون دولة عضو من أعضائها باستخدام حجة الأغراض الإنسانية. كما أنه لم يحدث في أي مرحلة من مراحل تطور الجامعة، والعمل العربي المشترك بصفة عامة، أن تدخلت دولة أو مؤسسة عربية في دولة عربية برضاها وموافقتها لحماية شعبها من تجاوزات سلطة متهمة بأنها &laqascii117o;مستبدة". أقرب تحرك قامت به الجامعة إلى التحرك الذي تقوم به حاليا كان حين قررت القمة العربية في العام 1976 إرسال قوات ردع عربية للعمل على وقف الحرب الأهلية في لبنان. أما كيف ومتى تدخلت الجامعة العربية في الشأن السوري، فيقول الأمين العام:
تسلمت عملي في الجامعة يوم 3/7، وبعدها بستة أيام اتصلت بإخواننا السوريين مستنكرا ما يحدث هناك، ومستنكرا حقيقة أن لا أحد في العالم العربي أو في سوريا نفسها يتحرك لوقف ما يحدث. طلبت وزير خارجية سوريا، الذي نصحني بمقابلة الرئيس بشار. وبالفعل اتصلت بعد قليل لطلب مقابلة مع الرئيس السوري، وكان هذا يوم 13/7، وبمبادرة مني ودون استشارة مجلس الجامعة أو أي دولة عربية، وعلى كل حال لم يكن هناك في ذلك الوقت من يريد أن يتكلم في الموضوع".
هناك في دمشق طالب الأمين العام بوقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين وتكلم معهم في دفع تعويضات للمتضررين وإطلاق الحريات والسماح للإعلام الأجنبي بتغطية الأحداث. بل طالب بالبدء فورا في إجراء إصلاح سياسي حقيقي. &laqascii117o;استمع الرئيس السوري ووعد بأن ينظر في جميع هذه الأمور مما دفعني للإدلاء بتصريح أعرب فيه عن سعادتي". ما لم يصرح به الأمين العام من قبل هو أنه اكتشف بعد عودته، أن الدول العربية مترددة حول شكل التعامل مع الأزمة. ثم تأكد من هذا التردد حين اجتمعت هذه الدول في شهر أغسطس ووضعت مبادرتها وشكلت وفدا من ستة وزراء والأمين العام ليذهبوا إلى سوريا. وقبل موعد الرحيل بقليل فوجئ الأمين العام بالوزراء يعتذرون عن عدم الذهاب وتنفيذ المهمة التي كلفوا أنفسهم بها، واضطر الأمين العام للسفر منفردا حاملا معه المبادرة. وما زاد من ضيق الأمين العام، أن جهة ما سربت المبادرة إلى صحيفة عربية تصدر في لندن لتنشرها قبل أن يسلمها الأمين العام إلى الرئيس السوري.
لم تفاجئني الرواية كما فاجأت الأمين العام، فقد وعيت درسا هاما خلال انشغالي بأحوال العرب، وهو أن السرية ليست من الصفات التي يعتز بها أو يحترمها أكثر العاملين والقادة في حقل العمل العربي المشترك. ما أكثر محاضر جلسات القمة العربية التي نشرتها الصحف واحتوت إساءات بالغة لقادة الأمة وأفسدت مصالحات.

2 ـ المشكلة السورية: لا ثروة سورية لدفع فواتير الحرب المحتملة

أشفق على باحثين وأكاديميين يحاولون الاقتراب من &laqascii117o;المشكلة السورية"، وأقصد بالمشكلة السورية كل ما يتعلق بموقع سوريا في شبكة العلاقات الإقليمية والدولية. أشفق عليهم لمعرفتي بالصعوبات المحيطة بأي محاولة لفهم مكونات الدور السوري وطبيعته وعلاقته بالتكوينات السورية الداخلية. أشفق أيضا على السياسيين العرب والأجانب الذين تدفعهم مسؤولياتهم للتعامل مع السياسة الخارجية السورية، وما يتعلق بها من سياسات إقليمية. لذلك تمنيت لو أن الظروف سمحت للصديق نبيل العربي أن يبدأ مسيرته في الجامعة العربية بقضية أخرى غير قضية تتعلق بسوريا.
أظن أن الأمين العام فوجئ بعد زيارته الأولى لدمشق حين طالب تيار سوري معارض بتدخل دولي على غرار التدخل الذي حدث في ليبيا. علق على هذا الظن من جانبي بقوله: &laqascii117o;كان هناك بعض الرافضين للتدخل الدولي في تيارات معارضة أخرى على أساس أن التدخل سيدمر البلد. حاولت أن أشرح لطالبي ومؤيدي التدخل الدولي أن الجامعة ليست في حاجة لتحويل الملف إلى مجلس الأمن. شرحت للكثيرين أن الطلب إلى الجامعة أن تدعو الأمم المتحدة للتدخل كلام وهمي ويدل على عدم دراية جيدة لأسلوب العمل في المنظمة الدولية. فالموضوع، باعتباره أزمة حادة، معروض بالفعل أمام مجلس الأمن، ثم ان مجلس الأمن ليس في حاجة إلى إحالة أي موضوع عليه. مجلس الأمن لديه صلاحيات كاملة طبقا للميثاق أن يتدخل في أي مكان في العالم حتى دون إذن من الدولة المعنية. ولا أذكر أن مجلس الأمن استأذن أحدا لإحالة ملف أزمة من الأزمات عليه".
انتقل الحديث إلى أوجه الاختلاف بين الحالة السورية والحالة الليبية. ليس خافيا في كل الأحوال أن الدول الكبرى إذا أرادت التدخل فستتدخل كما فعلت في أزمة البوسنة عندما رفض الاتحاد السوفياتي أي دور لمجلس الأمن. &laqascii117o;هذه الدول لا تريد التدخل في سوريا لأسباب ثلاثة على الأقل، أولها أن العالم الغربي منهك، وثانيها أن أميركا وفرنسا مقبلتان على انتخابات رئاسية، وثالثها أن سوريا على عكس ليبيا لديها جيش قوي وجغرافيتها وتركيبتها مؤثرة في كل ما حولها، وخامسها أنه لا نفط في سوريا، بمعنى أنه ليس لدى سوريا الثروة الكافية التي تسمح لها بدفع فواتير الحرب للدول التي تشارك فيها". ما لم يقله صراحة هو أنه لا مصلحة مادية مغرية للدول الكبرى لتتدخل عسكرياً في سوريا.
سمعته يشرح لطالبي التدخل الدولي، وأغلبهم كان رافضا الدور العربي. قال لهم إن الأزمة في سوريا تشبه حالة رجل مريض يحتاج لعلاج. يمكن علاجه بعملية جراحية وهذا في يد مجلس الأمن، ومعه المشرط، ولكن لا أحد من أعضاء المجلس مستعد للإمساك بالمشرط وإجراء العملية. أما نحن في الجامعة العربية وعن طريق مبادرتنا فنعالج بالأدوية ومقتنعون بأنها أفضل وأكفأ وأقل تكلفة من حيث الخسائر في البشر والتداعيات المتوقعة.
[[[
كان رأيي منذ البداية أن دمشق اختارت تعقيد مهمة نبيل العربي لأسباب يقدرها ويعرفها القريبون من النظام هناك والمتابعون بانتظام السلوك السياسي لقادة حزب البعث. وهو الرأي الذي لم يتحمس له الصديق نبيل وأصدقاء آخرون لعبوا أدوارا نبيلة خلال الأسابيع الأخيرة رغم أكثر من دليل قدم لهم.
كان رأيي أيضا أن بعض فصائل المعارضة لم تتمتع بفضيلة الصبر والنفس الطويل حين بدأت تضغط منذ الأيام الأولى للأزمة لاستدعاء التدخل الدولي. بعض هؤلاء تخيلوا سيناريوهات للتدخل الدولي لا تمت للواقع والظروف الدولية والإقليمية بصلة. لم يحللوا بالعمق الكافي تداعيات الكارثة الليبية وعواقب الوصاية الدولية المفروضة حاليا على ليبيا، وصراعات الميليشيات وبعضها بالفعل ممول من قوى عربية وأجنبية.
من ناحية أخرى رفض الكثيرون الدخول في تجربة لم تقدم عليها الجامعة من قبل، وهي إرسال فريق من المراقبين إلى سوريا، وهي الفكرة التي تبناها الأمين العام واعتبرها المدخل العربي المناسب لطمأنة الشعب السوري ولجم قوى القمع والعنف.

3 ـ مهمة في دمشق: استخدمت علاقاتي بروسيا لتتحدث مع حكومة الأسد

كانت مهمة المراقبين، وجلهم حسب رأي الأمين العام أكفاء ويجب الإشادة بهم وبشجاعتهم، تقضي بأن يتأكدوا من وقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين واختفاء المظاهر العسكرية أو ابتعادها عن المدن، وأن يتيقنوا من أن وسائل الإعلام العالمية والعربية تجوب بحرية. يعترف الأمين العام بأنهم لم يجدوا شيئا من هذا تحقق. المعتقلون يفرج عنهم &laqascii117o;بالقطارة"، ويقال إنهم بعشرات الآلاف، رغم أن اللجنة الوطنية برئاسة نائب وزير الخارجية السورية أبلغت الفريق الدابي أنه &laqascii117o;خلال يوم أو يومين سيصدر الرئيس الأسد عفوا عاما عن المعتقلين لمشاركتهم في أحداث سياسية"، وهو ما لم يحدث. وتقضي الصراحة، كما يقول الأمين العام، بالاعتراف بأن القصف بالأسلحة الثقيلة صار أقل، وازداد عدد المشاركين في التظاهرات.
سألت الأمين العام عن طبيعة المشكلات التي قابلت فريق المراقبين ولم يكونوا مستعدين لها. قال: &laqascii117o;ما لا يعرفه الكثيرون في عمل المراقبين هو أنهم واجهوا تعقيدات لم يتوقعوها، مثل إطلاق النار من الجانبين وليس من جانب واحد حسب ما جاء في تفاصيل مهمتهم.. فقد ذهبوا إلى هناك على أساس أن البروتوكول موقع مع الحكومة وأن المعارضة غير ملزمة بشيء". وأضاف أنه من أهم المشكلات التي تواجههم أنه لا قيادات واضحة للمعارضة يستطيع المراقبون أن يتحدثوا معها.
[[[
أعرف من ممارسات سابقة وعن خبرة في عمل الأمانة العامة للجامعة العربية أنها لا تملك وسائل للضغط على حكومات الدول الأعضاء لتنفيذ وعودها والتزاماتها. ومع ذلك سألت الدكتور نبيل إن كان حاول الضغط على دمشق لتسهيل عمل المراقبين وتذليل المشكلات وتنفيذ ما تعهدت به في البروتوكول، قال &laqascii117o;استخدمت علاقاتي بروسيا لتتحدث موسكو مع دمشق". ولم يزد. سألته عن علاقته بأطراف المعارضة وكنت قد توقعت منذ بداية الثورة أنها لن تكون سلسة. قال إنه برغم كل محاولاته تذليل الصعوبات والتوفيق بين تيارات المعارضة المنقسمة على نفسها لم تتحسن العلاقات بينها ولكن لم يصبه اليأس. يشكو قائلا &laqascii117o;كنا نتقابل مع المعارضة وهي نفسها التي تشتمنا في الخارج ثم تأتي وتجلس معنا هنا. أحد قادة المعارضة شتم الجامعة العربية واتهمها بالفشل ولكنه استمر يعرب عن سعادته الفائقة في نهاية كل اجتماع يحضره معي وزملائي".
لا أظن أن نبيل العربي يبالغ حين يعتبر ما يحدث الآن بين الجامعة وسوريا، تجربة رائدة، لأنها، أي الجامعة، تحركت حسب رأيه &laqascii117o;من قوقعة البيانات الخاوية التي لا تؤثر.. نحن الآن نتحرك، وربما لأول مرة، بناء على ما نعتبره مخالفات جسيمة لحقوق الانسان". ويكرر مشددا على أن &laqascii117o;ما حدث في ليبيا كان حربا، أما ما يحدث في سوريا فهو مخالفات جسيمة لحقوق الإنسان. ولذلك جاء تحركنا أول تحرك جماعي عربي على الأرض لمواجهة مخالفات جسيمة ولوقف حلول قمعية في مواجهة الجماهير".

4ـ الدور القطري: غير صحيح أن الدوحة أحبطت جهود الجامعة

كان لا بد أن أفتح موضوع قطر وبخاصة بعد أن أصبحت الجوهر عند مناقشة أي قضية عربية. راعيت تماما حساسية علاقته بالدول الأعضاء ولم ألح وتركت له حرية مناقشة الموضوع. ومع ذلك يبدو أنه كان في انتظار فتح الموضوع إذ سارع بالرد على ما يتردد من أن قطر تقود الجامعة العربية في غياب اهتمام أكثر الدول العربية نظرا لحساسية الأزمة السورية وخطورتها وارتباطها الوثيق بمصالح دول الجوار، أي تركيا وإيران وإسرائيل.
قال &laqascii117o;قطر مثل أي دولة عضو في الجامعة تقترح، وإذا وافق بقية الوزراء على ما يقترحه رئيس الوفد القطري يكون القرار عربيا صادرا بموافقة 21 دولة وليس قرارا قطريا. غير صحيح أن قطر أحرجت الجامعة أو أحبطت جهودها كما تردد بعض الصحف العربية والأجنبية".

ينشر في جريدة 'الشروق' المصرية


- 'السفير'
توازن تركيا الصعب

لا شك في أن تغيير المسار التركي في التعامل مع سوريا، قد كلّف أنقرة الكثير، في ما يتعلق بعلاقتها مع إيران، الداعم الرئيسي لنظام الرئيس بشار الأسد، وهي العلاقة التي كانت تركيا حريصة على رعايتها أيضاً، كجزء من سياسة &laqascii117o;عدم الدخول في أي مشاكل مع الجيران"، التي انتهجها وزير خارجيتها، أحمد داوود أوغلو.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن العديد من المسؤولين الأميركيين كانوا عبّروا عن غضبهم، قبل أشهر قليلة، بسبب ما اعتبروه &laqascii117o;خيانة" من جانب تركيا، إذ اعتبروا أن توجيه السياسة الخارجية التركية نحو الشرق الأوسط المسلم، وبعيداً عن الغرب، قد انعكس تدهوراً في العلاقات التركية ـ الاسرائيلية، وتحسناً في العلاقات مع إيران وسوريا. كما أن الكثيرين من صنّاع القرار السياسي الأميركيين الذين لا يستطيعون التمييز بين العلاقات التركية ـ الإسرائيلية، والعلاقات التركية ـ الأميركية، ذهبوا إلى تفسير إدانة أردوغان للحصار الإسرائيلي على غزّة باعتباره محاولة للتقرب من جيرانه العرب على حساب علاقات تركيا، ليس بإسرائيل فحسب بل بالغرب أيضا. ولم تحصل محاولة تركيا للوساطة بين القوى الغربية الكبرى وإيران بشأن مخزون اليورانيوم الإيراني، على تقدير الغرب. وجاء تصويت تركيا في مجلس الأمن الدولي ضد فرض عقوبات إضافية على إيران لاحقاً ليبدو كأنه الدليل على تبني تركيا سياسة خارجية &laqascii117o;إسلامية".
غير أن تحوّل تركيا المفاجئ عن موقفها من سوريا، وانحيازها إلى القوى الغربية الكبرى، حصلا لسببين هما: الأول أن حزب العدالة والتنمية الحاكم، لم يكن ليتحمل ان يُنظر إليه باعتباره معارضاً للديموقراطية في سوريا، والثاني ان حكومة رجب طيّب أردوغان سعت إلى تأمين مصالحها المستقبلية مع سوريا، ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لتركيا، حتى لو كان هذا يعني المجازفة بالعلاقات مع إيران.
إلى ذلك، تفاقم استياء إيران بعد القرار الذي اتخذته حكومة تركيا، مؤخراً، بإقامة نظام للإنذار المبكر المضاد للصواريخ في شرق تركيا، الأمر الذي اعتبرته إيران موجهاً ضدها في مواجهة إسرائيل. وهذه التوترات الإيرانية ـ التركية تعكس، في الواقع، حقائق عدة، أهمها ان الربيع العربي، كشف عن التناقض المستتر بين الدولتين لفرض النفوذ على الشرق الأوسط والعالم العربي، وأن تحوّل تركيا باتجاه الشرق لم يكن مستلهماً من الأيديولوجية أو الدين، بل إنه استند إلى حسابات استراتيجية واقتصادية، وأن تركيا قد استثمرت الكثير في علاقاتها الاستراتيجية في حلف شمال الأطلسي، وبالولايات المتحدة، بشكل خاص، ومن غير المنطقي ان تبدد هذه الاستثمارات في مقابل مكاسب غير مؤكدة من علاقاتها مع إيران.
كل هذا لا يعني أن تركيا سوف تعود إلى اعتمادها الاستراتيجي التقليدي على الولايات المتحدة وحلفائها، الذي انتهجته طوال فترة الحرب الباردة والعقد الذي أعقب نهايتها، بل يعني أن حكومة أردوغان ملتزمة باستقلال تركيا، استراتيجياً، وبالتحرك بنشاط في الشرق الأوسط. لكنها يجب أن تُدرك، في الوقت عينه، أن مثل هذه السياسات يجب ألا تكون على حساب علاقاتها مع حلف الناتو والولايات المتحدة الأميركية. ومن الواضح أن القيادة التركية، اليوم، تواجه صعوبات جمّة على صعيد صيانة العلاقات الجيدة مع الغرب من جهة، ومع جيرانها المسلمين من جهة ثانية.


- 'الأخبار'
أزمة دمشق: هل فات الأوان؟
سعد الله مزرعاني:

الحفاظ على الوحدة الوطنية هو مسؤولية شبه حصرية بالسلطات الرسمية القائمة في هذا البلد أو ذاك. تستطيع عناصر عدّة أو عوامل أخرى أن تكون مؤثرة في هذا الشأن. لكنّ تأثيرها، إلا في الحالات الاستثنائية، ليس هو الحاسم. ينطبق هذا الكلام الآن، على الوضع السوري، كما على الأوضاع في كلّ البلدان التي تعاني من الأزمات المتفاقمة والانقسامات والتصدّعات المتعاظمة.
أما مناسبة هذا الكلام فانسداد أفق التسويات والحلول، وفق ما يظهره المشهد الداخلي السوري، كذلك وفق ما تظهره نتائج الصراعات والاتصالات والمبادرات الإقليمية والدولية. فاليوم يكون قد مضى شهر كامل على بدء مهمة المراقبين العرب في نطاق المبادرة العربية التي وُقّعت في أواسط الشهر الماضي، بين الحكومة السورية والجامعة العربية. ويمكن القول، بعيداً من الرغبات والمجاملات، إنّ هذه المهمة قد فشلت. أما ما يمكن أن يتبقى منها بعد تقرير رئيس فريق المراقبين ونقاشات اجتماع المجلس الوزاري العربي يوم الأحد القادم، فلن يعدو كونه، أيضاً، لعباً في &laqascii117o;الوقت الضائع".
ولا بدّ هنا، أيضاً، من تكرار الكلام، بأنّ مؤسسة جامعة الدول العربية لا تملك، بعد الثورات العربية كما قبلها، المقوّمات الضرورية للتعامل مع أزمة بحجم الأزمة السورية. ينطبق ذلك على الشق السياسي كما على الشق العسكري. ويبلغ هذا الأمر درجة الاستحالة المطلقة حين تصل الصراعات والتناقضات إلى هذا المستوى العالي الذي نراه اليوم في تفاقم وتفاعل وتداخل العوامل والقوى والصراعات الإقليمية والدولية في الحدث السوري والعربي عموماً.
ولعلّ في تجارب السلطة السورية نفسها وقبل سواها، ما يؤكد هذه الحقيقة، رغم بعض المظاهر الخادعة. فالنزر اليسير من الاتفاقيات، التي جرت بإشراف الجامعة العربية والقمم العربية، قد كانت، في الواقع، اتفاقيات دولية وإقليمية بإخراج عربي، أي أنّ الدور الرسمي العربي قد كان شكلياً وليس أكثر. ولو عدنا إلى &laqascii117o;اتفاق الطائف" لعام 1989، فإنّ هذا الاتفاق قد جاء ثمرة لتفاهم دولي وإقليمي، وقد تعزّز طابعه ذاك، بعد حرب &laqascii117o;عاصفة الصحراء" التي قادتها واشنطن لإخراج القوات العراقية الغازية من الكويت، والتي شاركت فيها الحكومة السورية، رمزياً، من قبيل تكريس التفاهم القائم وتعزيز عناصر بقائه وديمومته.
المشهد الدولي اليوم ليس مشهداً توافقياً على الإطلاق، وحتى إشعار يقصر أو يطول. ويكفي أن نقرأ خبر جريدة &laqascii117o;غارديان" البريطانية، قبل عدّة أيام، حول مشاركة طيارين إسرائيليين في العمليات الجوية لحلف &laqascii117o;الناتو" في ليبيا، حتى ندرك حجم الإغراء الذي يوفّره استمرار الأزمة السورية، لواشنطن وحلفائها، بمن فيهم إسرائيل التي ربما استطاعت أن تكون المستفيدة الأولى من هذه
الأزمة.
ولا ينبغي طبعاً أن يفوتنا، بسبب أخطاء القيادة السورية على الصعد كافة، أنّ الجهة التي تدفع بتصعيد الأزمة الآن، إنّما هي الولايات المتحدة وحلفاؤها. صحيح أنّ الموقف الروسي والإيراني هو موقف صلب في دعم النظام السوري، إلا أنّ طابع هذا الموقف دفاعي محض بالمقارنة مع الموقف الهجومي الأميركي. ويصبح هنا من قبيل تعزية الذات أحياناً، ومن قبيل تصوير الأمور على غير حقيقتها أحياناً أخرى، القول، بأنّ موازين القوى باتت تسمح للقيادة السورية بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وأنّ الوضع في سوريا بات تحت السيطرة، أو هو يوشك أن يصبح كذلك في يوم أو في شهر أو حتى في
سنة...
إنّ كلمة الحق التي تقولها الشعوب هنا وهناك، بحثاً عن حرية مفقودة، وكرامة مهدورة، وثروة منهوبة ورفضاً للظلم والفساد والاحتكار والاستئثار ــ إنّ هذه الكلمة والردّ الخاطئ عليها ــ توفّر لواشنطن وأتباعها فرصة ثمينة من أجل تحقيق أهداف سعت إلى معظمها عبر مشاريع الغزو والقوة والتهديد والعدوان...
إنّ واشنطن التي تمسك الآن بمعظم القرار الدولي والعربي، رغم أهمية الاعتراض الروسي والصيني والإيراني، سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً ومالياً، لا تبحث الآن عن حلول للأزمة السورية. والمقصود بذلك هو ذلك النوع من الحلول الذي يوفّر للنظام السوري الحدّ الأدنى من الاستمرارية ولعلاقاته ولتحالفاته ومواقفه الثبات، على غرار ما أعلن الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير.
ولذلك فإنّ ما هو قائم من السياسات والعلاقات والتحرّكات بكل أشكالها وميادينها، إنما يدفع باتجاه استمرار الأزمة، لا باتجاه التسويات والمخارج والحلول. فما الذي يجب فعله، إذاً، حيال هذا الاستعصاء، وما الذي يجب اتخاذه من تدابير وإجراءات، وما الذي يجب الإقدام عليه من خطوات ومواقف وتوجهات؟
تتجه الأنظار، هنا، بديهياً ومجدّداً، إلى الوضع الداخلي السوري. فذلك الوضع قد كان نقطة البداية في الأزمة، وقد يكون، إذا لم يفت الأوان بعد، نقطة البداية في الحل. سيثير هذا الكلام امتعاض بعض الذين أدمنوا على المبالغة في إبراز الدور الخارجي في الأزمة السورية، حتى أسقطوا كليّاً الأسباب الداخلية للأزمة. الدور الخارجي، هو في الواقع، في حالة نمو وازدياد يوماً بعد يوم. لكنّ ذلك، لم يصبح ممكناً فقط بسبب النوايا المبيّتة والرغبات والمصالح. إنّه بات كذلك، أيضاً، بسبب موقف السلطات السورية من الحوار الداخلي، أي من ضرورة إحداث ما هو ضروري وعاجل وسريع من الإصلاحات والتغييرات، باتجاه المشاركة وإطلاق حرية العمل السياسي والجنوح نحو الديموقراطية والتعددية، بشكل تدريجي لكن، بشكل حقيقي وذي مغزى
وصدقية.
لقد درج النظام السوري، حتى الآن، على تغطية الأسباب الداخلية للأزمة وهي حقيقية ومؤثرة، بالأسباب والتداخلات الخارجية، وهي كبيرة ومتصاعدة. وهو في ذلك السياق، قد تعامل مع الحوار الداخلي بوصفه امتداداً لإملاءات الخارج ومؤامراته. كذلك هو اختار في موضوع الإصلاح ما لا ترجمة له ولا نتائج من شأنهما إحداث انعطافة في مسار الأحداث خصوصاً، وفي إيجاد تسوية للأزمة المتفاقمة عموماً.
ولا يخرج عن هذا السياق، على الأرجح ــ ونرجو أن يكون تقديرنا غير صائب ــ ما أعلنه الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير من قرارات هي قيد التحضير والتنفيذ في مهل قريبة. والمقصود بذلك الحكومة الجديدة والانتخابات القريبة. فحكومة جديدة ذات وظيفة في التأثير على مسار الأزمة لجهة الانفراج، لن تأتي إلا من خلال حوار يكون بحجم ما بلغته الأزمة السورية نفسها من التفاقم. أما الوضع الحالي، من دون حوار جدي وذي مغزى، فلن يأتي على الأرجح، هذا إذا تمكن، إلا بتحسينات شكلية لا تقدّم ولا تؤخر في مسار الأزمة. وما ينطبق على الحكومة ينطبق على الانتخابات المزمع إجراؤها في الربيع المقبل! فكلّ من الحكومة والانتخابات، بعد تعديل دستوري متفاهم عليه، ينبغي أن يكونا ثمرة الحوار، لا نتيجة للإشاحة عنه وتعطيله!
بسبب ذلك، تزداد أسباب القلق على سوريا وعلى الوحدة الوطنية فيها. والخشية هي، وسط هذه الصراعات والاستعصاءات، من أزمة تدوم وتدوم. والضحية الأساس هي الشعب السوري ووحدته الوطنية، فضلاً عن قضايا الوحدة والعروبة والديموقراطية والحقوق القومية، في فلسطين وفي سواها!.


- 'الأخبار'
المشروع النووي السعودي: عملية تجميل سياسية
حسام مطر:

أعلنت المملكة السعودية أخيراً نيتها إطلاق برنامجها النووي، عبر تصريح وزير التجارة والصناعة عبدالله زينل، الذي قال بأنّ المملكة ستنفق 375 مليار ريال (100 مليار دولار) لإقامة 16 محطة طاقة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية في مختلف أنحاء المملكة. أمر أعاد تأكيده سعود الفيصل بالإشارة الى أنّ &laqascii117o;دول مجلس التعاون تدرس اقتصاديات الطاقة النووية". إلا أنّ توقيت الإعلان يرتبط وثيقاً بجملة حسابات ذات طابع سياسي وأمني واستراتيجي، وهو ما سيترك، فيما لو تحقق، جملة تداعيات على المنطقة، لا سيما على صعيد مسألة الانتشار النووي. ويمكن البحث في هذا العنوان عبر ارتباطه بالتحوّل الاستراتيجي في ميزان القوى في الشرق الأوسط، وتطوّرات الملف النووي الإيراني، والأمن الإسرائيلي، والحسابات السياسية للنظام السعودي.
لا شك في أنّ القدرات المالية للسعودية تتيح لها القيام بمشروع كهذا يُرجح أن يكون ذا بُعد خليجي أيضاً، لا سيما بعد دعوة الملك السعودي دول مجلس التعاون الى الانتقال إلى حالة من الوحدة السياسية. ليس من المستغرب أن تصدر تلك الدعوة من السعودية باعتبارها نواة الخليج ومركز الثقل فيه، بالإضافة الى طبيعة اللحظة السياسية في المنطقة، إذ يشعر الخليجيون باليتم والانكشاف. في ذلك السياق، يمكن اعتبار الطموح النووي جزءاً من الطرح السعودي لفكرة الوحدة الخليجية باعتبار أنّ طرح الوحدة لا يمكن تقديمه إلا على أرضية من التكامل الاقتصادي، والرؤية الأمنية والسياسية، والتوافق على فكرة الهوية والدور. في المقابل، تعاني المملكة نقصاً مهولاً في القدرات البشرية المختصة والكفاءات العلمية، ولذا سيكون كل البرنامج النووي خاضعاً بالكامل لجهات أجنبية، بعكس ما هي الحال عليه في إيران.
في المقابل، لطالما استند الجناح الأميركي الداعي الى مهاجمة إيران والرافض لفكرة القبول بها دولة نووية، الى حجة مفادها أنّ ذلك الاعتراف سيشجع دولاً عدة في الشرق الأوسط على السعي، وبدوافع أمنية، الى إطلاق برامجها النووية الخاصة. وهو ما يناقض تماماً سياسة واشنطن في الحد من الانتشار النووي، لا سيما في منطقة تكثر فيها الأصوليات والدول الضعيفة والتوترات الأمنية. لذا يبدو من هذه الناحية أنّ القرار السعودي إما مرتبط بالتيقن من أنّ إيران قطعت نقطة اللاعودة تجاه برنامجها النووي في ظل رضوخ القوى الدولية والإقليمية لهذه الحقيقة، وعجزها عن القيام بأي مبادرة عسكرية، وإما أن الرياض تسعى الى استفزاز الولايات المتحدة وإسرائيل ودفعهما الى اتباع سياسة أكثر تشدداً تجاه طهران. لكن المرجح أنّ الرياض بدأت تدرك أنّ الالتحاق بالمشروع الأميركي لم يعد يشكل ضمانة كافية لها، إذ تعلن واشنطن أنّها بصدد التحرر من أعباء الشرق الأوسط، وأنّ على حلفائها تحمّل مسؤوليات متزايدة لتأمين مصالحهم وأمنهم.
وعليه، سينطلق معارضو المشروع في واشنطن من منطلقات ثلاثة: الأول هو الخوف من وقوع مواد نووية في أيدي متطرفين سعوديين او تسلّمهم للسلطة في ظل نظام سياسي هش ومضطرب، وهي ذاتها المخاوف التي تسيطر على العلاقة الباكستانية ــ الأميركية. وثانياً سيحاجج هؤلاء بالخطر الجدي من عسكرة هذا البرنامج، بما يشكل تهديداً مباشراً لميزة التفوّق الاستراتيجي الإسرائيلي في المنطقة. وثالثاً يمكن أن تؤدي الخطوة السعودية الى تكريس سباق تسلح نووي جنوني في الشرق الأوسط بأسره.
أما سعودياً، فتكمن إحدى خلفيات المشروع في حاجة المملكة الى كسر الصورة النمطية التي ترسخت حولها باعتبارها دولة ذات نظام رجعي، ريعي، فاسد، تابع وملحق، ومعاد للحداثة والتطور والعلم. وهو واقع أنتج ضعفاً شديداً في القوة الناعمة السعودية التي تنحصر بالتبشير المذهبي والضخ المالي، وهو ما ادى الى افتقاد المملكة لقدرة التأثير والجذب واستمالة القلوب والعقول، وبالتالي القدرة على النفوذ والتوسع والتأثير على لحظات التحوّل الإقليمية. لقد شكل الربيع العربي الاختبار الأهم لمحدودية القوة الناعمة السعودية، إذ إنّ المملكة، ورغم قدراتها المالية المذهلة، تحتلّ خلفية المشهد، فيما قطر وتركيا تتحركان بحرية أكبر وقدرة افضل على التأثير على مجريات التحوّل الحالي في المنطقة. بناءً عليه، ادرك السعوديون مدى حاجاتهم الى كسر الصورة النمطية التي صبغت المملكة ذاتها بها، وهو هدف يحتاج الى مبادرات استثنائية. وما دام النظام ليس في وارد المس بتركيبة السياسات الداخلية فلم يبق سوى محاولة خلق مبادرات في مجالات أخرى لا تهدد سيطرة النظام على المجتمع السعودي. في هذا السياق يريد النظام السعودي دفع فكرة المشروع النووي الى الواجهة باعتباره الأداة الأساسية في إعادة تكوين القوة الناعمة السعودية، خاصة في هذه اللحظة العربية التي يشعر السعوديون معها كأنّهم &laqascii117o;منارة من دون ضوء".
إذاً، لا تستهدف المبادرة السعودية إيران بقدر ما تسعى الى تعزيز شرعية النظام الداخلية وشدّ عصب الالتحام الشعبي حول القيادة السعودية التي تعيش تحت وطأة عدم اليقين والتنافس الخفي والترهل السياسي، كما تهدف لتقوية حضورها الإقليمي لا سيما مع بروز قوى إقليمية لا يمكن للمملكة مواجهتها من خلال الخطاب المذهبي، وبالتحديد تركيا ومصر. بالمحصلة، يجب أن يدرك النظام السعودي أنّ مشكلته أعمق بكثير من حاجته إلى برنامج نووي، وأنّه حتى مع افتراض حصوله على القدرات النووية فإنّ

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد