قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الإثنين 23/1/2012

ـ 'اللواء'
تصريحات سليماني...تساؤلات تنتظر إجابات!
صلاح سلام:

لم تنفع محاولات السفير الإيراني في لبنان في التخفيف  من وقع الصدمة التي أثارها كلام قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني عن تواجد قواته في الجنوب اللبناني، وعن خضوع لبنان والعراق &laqascii117o;لإرادة الجمهورية الإسلامية وأفكارها"!.الدبلوماسي الإيراني الشاطر لم يستطع نفي تصريحات سليماني التي أوردتها الوكالة الإيرانية شبه الرسمية &laqascii117o;إيستا" ذات الصلة الوثيقة بالحرس الثوري الإيراني... فكان أن أحال المسألة إلى &laqascii117o;تحريف في الترجمة"، وكأنه غاب عن باله بأن &laqascii117o;إيستا" وكالة إيرانية من صنع النظام الإيراني، وإدارتها موجودة في طهران، وتصريحات رجل الحرس الثوري القوي خرجت من طهران... وعبر الوسائل الإعلامية الشرعية!.
هذا في الشكل طبعاً!.أما في المضمون فالمسألة أكثر خطورة، وتكشف حقائق ووقائع لطالما حاول الإيرانيون التستر عليها، ولطالما عمل بعض اللبنانيين على تجاهلها، في حين تعمّد البعض الآخر التستر عليها، وإخفائها في زواريب السياسة المحلية.
المشكلة باختصار: الجنوب اللبناني خط دفاع ساخن عن إيران، وبالتالي فان قرار الحرب والسلم في لبنان يخضع للحسابات الإيرانية في الصراع المحتدم مع المجتمع الدولي والدولة العبرية حول الملف النووي، بل وحاول سليماني أن يذهب أبعد من ذلك، عندما قال أن الجنوب اللبناني يخضع لإرادة الجمهورية الإسلامية وفكرها..! وذلك في معرض حديثه عن احتمال إقفال مضيق هرمز، في حال اندلعت مواجهة عسكرية مع الدول الغربية.

قد يعتبر البعض أن مثل هذا الكلام لا يدعو للاستغراب أو للاستنكار لأنه يعبّر عن &laqascii117o;أمر واقع" سائد في الجنوب اللبناني، وفي مراكز القرار الحكومي في العراق، بحكم الهيمنة الإيرانية على مقدرات لبنان والعراق، عبر &laqascii117o;حزب الله" في الأوّل، ومن خلال حكومة المالكي وتفرّد الأخير بالسلطة في بلاد الرافدين.
ولكن خطورة تصريحات قائد العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني تكمن في الاعتراف الرسمي بالوجود الإيراني في هذين البلدين، وإمساكه بناصية القرار السياسي والأمني من جهة، وبإخضاع البلدين العربيين لمتطلبات الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة.
فضلاً عن أن الجهر بمثل هذه المواقف في هذه اللحظة التاريخية وأخطارها المحدقة بالمنطقة، يطرح الكثير من التساؤلات التي لا يجوز أن تبقى تائهة عن الإجابات الواضحة والحاسمة من طهران وحلفائها في لبنان، وخاصة &laqascii117o;حزب الله".
1 - هل يعني كلام سليماني بالتواجد في الجنوب اللبناني أن الحرس الثوري متواجد في هذه المنطقة اللبنانية، ولو بشكل مجموعات منتشرة في القرى مع السكان المدنيين؟.
2 - ألا يمكن أن يفهم البعض تصريحات قائد فيلق القدس بمثابة اعتراف بمشاركة عناصر من الحرس الثوري في المعارك ضد الدولة العبرية، وخاصة في حرب تموز... على حدّ ما تدّعي بعض الأبواق الإسرائيلية؟.
3 - هل ما جاء على لسان سليماني يعني، بشكل أو بآخر، أن ترسانة الصواريخ الموجودة عند &laqascii117o;حزب الله" هي بإمرة إيرانية، وتخضع لحسابات الحرب الإيرانية، كما هو حال مضيق هرمز مثلاً؟.
4 - واستطراداً ما هي مسؤولية عناصر الحرس الثوري في الهجمات التي تتعرض لها قوات اليونيفل، والتي يعتبرها البعض بمثابة رسائل لا تحتاج إلى شرح أو تأكيد!.
لم يكن مستغرباً أن تُثير اعترافات سليماني هذه الموجة الشاجبة والمستنكرة في صفوف المعارضة اللبنانية، والتي تلاقت مع أصوات الاستنكار التي ارتفعت في بغداد دفاعاً عن سيادة البلد، والتي اعتبرتها كتلة مقتدى الصدر أنها &laqascii117o;غير مقبولة ولا نسمح بها"، لأن &laqascii117o;العراق دولة مستقلة ولا نقبل أي تدخل سواء أكان من إيران أم تركيا أم السعودية، أم غيرها من دول الجوار". ولكن المستغرب فعلاً استمرار هذا الصمت من جانب حلفاء طهران في لبنان، ولا سيما &laqascii117o;حزب الله"، الذي لا نزال نصرّ على التعامل معه كأحد أبرز مكونات المجتمع اللبناني، وكشريك أساسي في الحياة السياسية اللبنانية، سواء أكان في صفوف المعارضة، أم في مقدمة الموالاة، كما هو الحال هذه الأيام. إن إقدام &laqascii117o;حزب الله" على إعلان موقفه من هذه التصريحات والإشكالات التي أثارتها، من شأنه أن يحمي الحزب أولاً ولبنان ثانياً وثالثاً، من أية محاولة لزج الساحة اللبنانية في معارك ومواجهات لا ناقة للبنان فيها ولا جمل، ولا يمكن أن تخدم الاستقرار اللبناني الذي يبقى في دائرة العناية الفائقة، نظراً لهشاشة قواعده في ظل الانقسامات العمودية الحالية في البلد، وامتداداتها الخارجية المختلفة والمتصادمة. وثمة قناعة عند الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، بأن الأحداث التغييرية التي تعصف بأكثر من دولة في المنطقة، وخاصة سوريا، هي أكبر من قدرة الوطن الصغير على لعب دور مؤثر فيها، وكذلك الحال إذا وصل الصدام بين طهران والمجتمع الدولي إلى هاوية المواجهة العسكرية، حيث لن يفيد إشعال جبهة الجنوب اللبناني في تغيير موازين القوى العسكرية، وإن كان سيُسبّب إرباكاً واسعاً للعدو الإسرائيلي في حال وصلت صواريخ &laqascii117o;حزب الله" إلى أهدافها النهائية، وأفلتت من منظومة &laqascii117o;القبة الحديدية" التي تتحدث عنها تل أبيب للتصدي لصواريخ طهران و &laqascii117o;حزب الله". هناك من يعتقد أن تصريحات قائد &laqascii117o;فيلق القدس" لا تختلف في أبعادها ومراميها عن الكلام الذي أدلى به قائد البحرية الإيرانية، واعتبر فيه أن إقفال مضيق هرمز هو أسهل من &laqascii117o;شربة الماء" بالنسبة لطهران!.
في حين أن العسكري الإيراني المخضرم، وقبله القيادة الدينية والسياسية في طهران يُدركان جيداً أن الإقدام على إقفال مضيق هرمز، يعني استدراج الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ودول أخرى إلى حرب مدمرة مع إيران، يُشارك فيها تحالف دولي واسع، وتكون بمثابة الفرصة التي تنتظرها كل من واشنطن وتل أبيب للقضاء على النظام الإيراني الحالي، وترك إيران في حالة من الانهيار والفوضى العارمة، على نحو ما حصل في العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين عبر التحالف الدولي الذي قادته واشنطن من دون تغطية من مجلس الأمن الدولي، كما هو معروف!. هل تعمّد سليماني توجيه رسائله هذه المرة مباشرة عبر الجنوب اللبناني والعراق، إلى واشنطن وتل أبيب؟. ربما، ولكن الأمر ليس بمثل هذه السهولة بالنسبة للبنان خاصة، لا سيما وأن البلد يسير على حبل مشدود منذ فترة، وأهله يحبسون أنفاسهم، بانتظار جلاء الأوضاع التي ستخلّفها العاصفة السياسية في المنطقة، وفي سوريا بالذات. قد تكون طهران تخوض &laqascii117o;لعبة صولد" في التعاطي مع الانتفاضة الشعبية السورية، وتحاول أن توحي بالإمساك بالوضعين اللبناني والعراقي في حال خسارتها الحليف الدمشقي... ولكن مثل هذه اللعبة قد تعرّض كل أوراق إيران للخطر دفعة واحدة، عوض العمل على الحد من الخسائر في حال سقوط النظام في سوريا.
* * *
لا محاولات الدبلوماسي الإيراني التشاطر، ولا تفسيرات حلفاء طهران المخففة تنفع في تبرير كلام سليماني الذي أضرّ ولم ينفع بلاده... والذي يُعتبر خطأ لا ندري إذا كان يُفيد الآن الرجوع عنه!


ـ 'اللواء'
أسئلة ما بعد البحث عن المستقبل في بعبدا وعين التينة
العروبة المطلوبة بين عصرين مختلفين؟

بين الخميس 19/1/2012 والجمعة 20/1/2012، وفي بداية سنة، كالحة الغموض، على الرغم من تفاؤل بعض كبار المسؤولين اللبنانيين، حضرت بقوة على طاولة لقاء نقابة المحررين في بعبدا وعين التينة، فكرة العروبة بقوة. فالرئيس ميشال سليمان، بدأ كلامه بالحديث عن &laqascii117o;عروبة افتقدناها"، معتبراً انها بديل العولمة &laqascii117o;التي فرضت نفسها". فالغاية من العروبة، انها وحدها توحّد اللبنانيين والعرب، ولا حماية لمجتمعنا إلا بالعروبة، والرئيس نبيه بري زفر كلاما &laqascii117o;موجوعاً على العروبة&laqascii117o; وليس من العروبة، فالقومية العربية ما استطاعت أن تقدّم الدليل انها فوق المذهبيات والطائفيات. ولإيضاح فكرته، يذهب رئيس المجلس، وهو رئيس حركة أمل أيضاً، والآتي إلى القيادة السياسية، من العمل الطلابي (الجامعة اللبنانية) ومن العمل الحزبي (حزب البعث العربي الاشتراكي) بأن القومية الكردية، استطاعت أن توحد الأكراد، أينما كانوا، ففي كردستان (إقليم الحكم الذاتي الكردي) في العراق، لا أحد يتحدث عن سنّة أو شيعة أو حتى مسيحيين (على قلتهم) أمّا عند العرب، فالكلام عن شيعة وعن سنّة، صار هو القضية..وبين الكلام عن عروبة لبنان.. و&laqascii117o;نحن العرب الحقيقيين، واستعدنا الشرف العربي، يصير غيرنا من العرب &laqascii117o;عرب رحّل بأفكارهم". ويصير ما يجري في المنطقة من حولنا، باعتبارنا لسنا جزيرة معزولة، مؤامرة على العروبة، وعلى الاسلام والمسيحية، متسائلاً على خلفية ما يجري في سوريا: هل إعطاء بعض الحقوق والحريات يجب أن ينتقل بنا من سجن إلى سجن آخر.
هذا التقاطع، ليس مدعاة استغراب، بل هو مدعاة لبحث عن إحياء روابط تجمع بين أفراد المجتمع المهدّد &laqascii117o;بالزعزعة" و&laqascii117o;الإنقسام الذري" (المونادات)، لم يجدها الرئيسان &laqascii117o;الشديدي التفاهم في هذه المرحلة وما قبلها" سوى بالعروبة الجامعة، بعدما سادت مفاهيم استثنائية وظرفية ومزاجية من نوع &laqascii117o;العروبة  الحضارية" التي ابتكرها، في وقت ما من أوقات العداء للنهج السوري، التقلب الجنبلاطي، إبان العام 2004، وما بعده..
في غرة الأزمة السورية، التي تفقد الركن الشيعي الأبرز في المعادلة اللبنانية حليفاً وظهيراً قوياً، إذا ما نجمت التفاهمات الكبرى، في إزاحة نظام بشار الأسد، أو نظام البعث، الذي تشظى إلى انتماءات لم يعد يربط بينها شيء وفي غمرة الأزمة السورية - اللبنانية - العربية، يجد الركن الماروني، الأول في سدّة المسؤولية أن عبء الاستقرار من بوابة الطائف، يواجه أزمة بدوره، لذا لا بدّ من بناء روابط سياسية، وثقافية، تجعل من الانتماء إلى الفكرة، أقوى من الانتماء إلى المنطقة، أو الطائفة أو الحزب.
وسواء أكان الرئيسان الأول والثاني سبق لهما في جلساتهما، الأربعائية، أن تبادلاً الرأي حول ما يجب فعله لحماية لبنان من انتقال &laqascii117o;الفيروس الديمقراطي"  إلى ساحته، مع انه رائد، الديمقراطية  منذ ما قبل أيام شارل مالك، وفقاً لما أعلن بان كي مون في مؤتمر &laqascii117o;الديمقراطية والربيع العربي" في بيروت، بتنظيم من الاسكوا، الأمر الذي جعل الرئيس بري يفكّر بأن يكون لبنان مقراً للحوار المسيحي - الإسلامي، وللحوار العربي - التركي - الإيراني، أم أن ما صدر عنهما&laqascii117o;رمية من غير رامٍ"، فإن البحث عن &laqascii117o;رابط قوي يكون بمثابة النزعة، أو الميل لدى الأفراد للتعلق بها، كعصبية، بالمعنى الخلدوني، وليس تعصباً بالمعنى &laqascii117o;الانحياز المذهبي أو الطائفي أو العقائدي"، فوجدا ضالتهما في العروبة، وذلك لمواجهة الآتي من التطورات، التي يختلف الكبار والصغار حول طبيعتها، لكن الكل متفق أن المخاطر المحدقة بلبنان أتت وسوف تأتي من الجنوب والشرق والشمال والغرب، والبلد الذي أعاد للعرب شرف الانتصار في معارك الكرامة والتحرير، لن يكرّر تجربة مالك الحزين، الذي لم يدفن رأسه في الرمال، بل وضعه بين جناحيه ورجليه، فانقض عليه الثعلب والتهمه.
ومن هذه الزاوية بالذات، ينضم الرئيسان الأول والثاني، بانتظار رؤية مماثلة للرئيس الثالث، إلى البطريرك الراعي، من النأي بلبنان، ليس عن الأزمة السورية وحسب، بل أيضاً إبعاده عن &laqascii117o;الاسلاموفوبيا" الآتية إلى الحكم في البلدان التي أطاحت بحكامها، عبر الانتخابات، قبل أن تحدّد &laqascii117o;الأصوليات"  الجديدة دور المسيحيين في الشرق، أو توقف الحرب التدميرية بأشكال عدة في بلدانها، على حدّ رؤية المطران بولس مطر، في  كلمة له في مؤتمر الحوار الاسلامي - المسيحي، الذي نظمته المستشارية الإيرانية في بيروت..
وبصرف النظر عمّا اذا كان المسؤولان اللبنانيان، قد أطلعا على كتابات إبن  خلدون، ساطع الحصري، في القومية العربية أم لا، فإن معنى &laqascii117o;القومية" تبدّل مراراً وتكراراً في غضون تاريخ نشوء القوميات عند مختلف الشعوب &laqascii117o;لكننا اذا أخذنا بعين الاعتبار العناصر الأساسية التي تدخل في تكوين القومية العربية من هذه الناحية، هي من أقدم القوميات في العالم". (زين نور الدين زين، نشوء القومية العربية).
في غمرة التسابق التركي - الإيراني، على إدارة العالم العربي، الذي ينتقل من أزمة إلى أزمة، عبر إحياء التزاحم التاريخي، بين الصعودين السني والشيعي، على المستوى العالمي، تحركت &laqascii117o;النوستالجيا" اللبنانية إلى العروبة، لمواجهة الحرب الأهلية في العالمين العربي والاسلامي، والتي من الثابت وفقاً للتطورات انها ستتخد منحى حرب مذهبية وطائفية.
تاريخياً، نشأ تيار القومية العربية مع بداية النهضة الفكرية العامة، وسبق المسيحيون العرب المسلمين في التحسس بالشعور القومي، والمجاهدة بالحركة القومية. ففي بداية القرن التاسع عشر دخل المذهب البروتستنتي إلى البلاد العربية. وترجم الانجيل إلى اللغة العربية وأخذت طوائف الروم الأرثوذكس في بلاد  الشام تطالب بتعريب كنيستها. وكانت الكنائس الكاثوليكية، بما فيها الموارنة، قد استقلت عن روما وصار لها بطاركة ومطارنة من العرب، وغدت لها مدارسها العربية. وتخرج من المعاهد التي أنشأتها الإرساليات التبشيرية والطوائف المختلفة، رواد الحركة القومية العربية. كانت حركة القومية العربية، بما هي دعوة للوحدة الاسلامية - المسيحية حركة احتجاج على التتريك والقومية الطورانية، فضلاً عن الفجور والظلم والاستبداد والتسلط  الحميدي (نسبة إلى السلطان عبد الحميد). ومثلت &laqascii117o;عصبة الوطن العربي" leaqascii117e de la patrie arabe) التي أنشأها نجيب عازوري أكبر المحاولات لتحرير الولايات العربية من الحكم التركي. والآن، ثمة تفتيش عن جامع أو رابط بين اللبنانيين، واللبنانيين والعرب، في فترة عصيبة  من التدخلات، يحلُّ فيها مكان المشترك المختلف من المذاهب والإنتماءات الدينية، في إطار صراعات تبدأ ولا تنتهي، تهز الاستقرار اللبناني والعربي، لمصلحة &laqascii117o;الإستقرار العبري" اليهودي في طول فلسطين وعرضها، وعموم الشرق الأوسط..لكن الفكرة شيء، والواقع شيء اخر، ولا تنفع النوايا الحسنة في ردم الهوة التاريخية بين نشأة القومية الجامعة ومآلها، في عصر العولمة و&laqascii117o;النيو إمبريالية"؟!


ـ 'اللواء'
الأمن الديبلوماسي للولايات المتحدة في العراق
نقولا ناصر (كاتب عربي من فلسطين):

&laqascii117o;الأمن الدبلوماسي للولايات المتحدة في العراق بعد الانسحاب" هو عنوان تحليل كتبه سكوت ستيوارت ونشره موقع &laqascii117o;ستراتفور" في الثاني والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2011، استهله الكاتب بالقول إن &laqascii117o;الحد من النفوذ الإيراني" سوف يكون هدف الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة، قبل ان يستعرض حجم السفارة الأميركية &laqascii117o;الأكبر في العالم" التي تحمل العبء الأكبر في هذه المهمة، وعدد العاملين فيها، الذي أوضح ستيوارت بأنه يمثل في حد ذاته عبئا أمنيا وماليا يواجه تأمينه &laqascii117o;مخاطر وتحديات" اقتضت اجراءات و"حلقات" أمنية استثنائية قد تجعل فرص نجاح أي هجوم مباشر أو غير مباشر عليها &laqascii117o;قليلة جدا" لكنها ليست حصانة كافية تقيها &laqascii117o;العنف الجماهيري" الذي قال كاتب التحليل إنه يمثل &laqascii117o;التهديد المادي الأخطر" عليها. ولأن التحليل غني عن البيان في أهمية اطلاع العراقيين والمعنيين بالشأن العراقي عليه، فانني أكتفي بترجمته في ما يلي دون تعليق، ناقصا جزءا يسيرا منه في نهايته حذف بسبب ضيق المساحة المتاحة للنشر دون ان يفقده قيمته:
يفتح إكمال الانسحاب العسكري الأميركي من العراق في السادس عشر من كانون الأول/ ديسمبر فصلا جديدا في العلاقة بين الولايات المتحدة وبين العراق. وسوف تكون جهود الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين للحد من النفوذ الايراني داخل العراق في مرحلة ما بعد صدام، وما بعد حقبة الاحتلال الأميركي، احد المظاهر الرئيسية لهذا الفصل.منذ عقد السبعينيات من القرن العشرين الماضي حتى الغزو الأميركي للعراق في سنة 2003، كانت القوات المسلحة القوية للعراق توازن القوة الإيرانية في الخليج الفارسي [العربي]. ومع إضعاف القدرة العسكرية العراقية في سنة 1991 وتحطيمها في سنة 2003، ألقيت مسؤولية مجابهة القوة الإيرانية على كاهل القوات المسلحة الأميركية. ومع مغادرة هذه القوات المسلحة للعراق الآن، تقع مهمة مجابهة القوة الإيرانية على عاتق الوظائف الدبلوماسية، والمعونات الخارجية، والاستخبارات التي تديرها مجموعة من الوكالات الأميركية تتخذ من سفارة الولايات المتحدة في بغداد وقنصلياتها في البصرة وكركوك وأربيل مقرات لها.
في أعقاب غزو العراق، أصبحت السفارة الأميركية في بغداد هي السفارة الأكبر في العالم. إن ضمان سلامة عدد يبلغ حوالي (11) ألف شخص يعملون انطلاقا من السفارة والقنصليات في بيئة مشحونة بالعداء سوف يمثل تحديا ضخما ل"خدمة الأمن الدبلوماسي" (DSS) التابعة لوزارة خارجية الولايات المتحدة، وهي الوكالة التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن الحفاظ على بقاء المنشآت والعاملين الدبلوماسيين آمنين. كما سيلعب مكتب أمن (OS) وكالة المخابرات المركزية &laqascii117o;سي آي ايه" دورا جوهريا، وإن كان أقل ظهورا، في الحفاظ على سلامة ضباط القضايا في الـ &laqascii117o;سي آي ايه" وهم يقومون بواجباتهم.
والعمل في بيئات معادية عمل مألوف ل"خدمة الأمن الدبلوماسي" (DSS) ولمكتب أمن (OS) السي آي ايه كليهما. وقد فعلوا ذلك طوال عقود من الزمن في أماكن مثل بيروت، ولما يقارب عقدا من الزمن الآن، في أفغانستان، وباكستان، والعراق. لكنهم لم يضطروا أبدا من قبل لحماية مثل هذا العدد الكبير من الناس في بيئة معادية دون مساعدة مباشرة من القوات المسلحة الأميركية. إن حجم البرامج الأمنية في حد ذاته بالعراق سوف يخلق ليس فقط تحديات عملياتية بل أيضا معارك بشأن الميزانية قد تثبت بأنها مميتة للعاملين الأميركيين في العراق مثل التهديد الذي يمثله التطرف. تقع السفارة الأميركية ببغداد في مجمع في المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية مساحته (104) أكرات. وحجم المجمع يوفر مسافة هامة فاصلة بين محيطه وبين المباني في داخله. ومبنى السفارة ذاتها، مثل مباني القنصليات، شيد طبقا للمواصفات الأمنية التي وضعها برنامج &laqascii117o;التصميم القياسي للسفارات" التابع لوزارة خارجية الولايات المتحدة، وهي مقاييس وضعتها لأول مرة &laqascii117o;لجنة اينمان" في سنة 1985 غداة تفجيرات السفارة الأميركية في بيروت. ويعني ذلك أن المبنى شيد باستخدام تصميم يستهدف مقاومة أي هجوم إرهابي ويوفر حلقات أمنية تدور حول المركز. وعلاوة على بناء متقدم من الاسمنت المسلح ونوافذ مقاومة للانفجارات، تتميز هذه المنشآت أيضا بجدار هام في المحيط الهدف منه حماية المجمع وتوفير مسافة فاصلة لا تقل عن (100) قدم من أي متفجرة محتملة.

والمسافة الفاصلة عامل حاسم في الدفاع ضد المتفجرات البدائية الكبيرة المحمولة في سيارات (VBIEDs) لأن مثل هذه المتفجرات يمكن أن تسبب أضرارا كارثية حتى للمباني المصممة جيدا إذا سمح لها بالاقتراب منها قبل التفجير. وهذه العوامل مجتمعة التي تضم جدارا في المحيط ومسافة فاصلة كافية وتصميما هيكليا متقدما قد أثبتت نجاحها في مقاومة حتى هجمات كبيرة بالمتفجرات البدائية الكبيرة المحمولة في سيارات (VBIEDs).
ويعمل داخل السفارة والقنصليات المحصنة بكثافة حوالي (16) ألف موظف، خمسة آلاف منهم متعاقدون أمنيون. ويضم الـ(11) ألفا الباقين دبلوماسيين وضباط مخابرات ومحللين، وملحقين عسكريين، وضباط اتصال عسكري، وعاملين في المعونات والتنمية. كما يوجد كثير من المتعاقدين الذين يقومون بوظائف إسناد ودعم مثل صيانة المباني والسيارات وتقديم الخدمات اللازمة مثل الطبخ والتنظيف.
وعند النظر في الخمسة آلاف متعاقد أمني، من الهام تذكر انه توجد فئتان مختلفتان من المتعاقدين الذين يعملون بموجب عقود منفصلة (هناك عقود لحراس المحيط وتفاصيل الأمن الشخصي في بغداد وكذلك للعاملين الأمنيين في قنصليات البصرة كركوك وأربيل). والغالبية الساحقة من المتعاقدين الأمنيين هم مواطنو بلدان ثالثة مسؤولون عن توفير الأمن لمحيط السفارة والقنصليات. والفئة الثانية، وهم مجموعة أصغر من الحراس الأمنيين بعقود (يتراوح عددهم بين 500 وبين 700، كثير منهم أميركيون) مسؤولين عن توفير الأمن الشخصي للدبلوماسيين وعمال المعونات وغيرهم من العاملين في السفارة والقنصليات عندما يغادرون المجمع. ويوجد فريق موازي من ضباط الأمن المتعاقدين مع مكتب أمن (OS) السي آي ايه، يمولون من ميزانية وكالة المخابرات المركزية، ويوفرون الأمن لضباط السي آي ايه عندما يغادرون المجمع. وفي العراق، يشرف فريق مكون من حوالي (200) عميل خاص ل"خدمة الأمن الدبلوماسي" (DSS) على العمليات الأمنية للولايات المتحدة (بالمقارنة مع عميلين أو ثلاث عملاء ل"خدمة الأمن الدبلوماسي" (DSS) يكلفون عادة لأي سفارة أميركية أخرى). وهؤلاء العملاء مكلفون بتنفيذ كل البرامج الأمنية في السفارة والقنصليات، من الأمن الشخصي الى مكافحة التجسس الى الأمن الألكتروني، واحتيال التأشيرات (الفيزا) والتحقيق في الجرائم التي تقع في المباني الرسمية. (بوجود 16 ألف موظف مكلفين بهذه الوظائف في العراق، سوف تقع حتما عمليات اقتتال وسرقات واعتداءات جنسية.) ويشرف العملاء الخاصون ل"خدمة الأمن الدبلوماسي" (DSS) عن كثب أيضا على برامج الحراس المتعاقدين ويشرفون مباشرة على تفاصيل الحماية أثناء الانتقال داخل المجمع. والسفارات الأميركية مصممة بحيث تشمل حلقات أمنية تدور حول المركز. والحلقة الخارجية الأخيرة توفرها قوى أمن البلد المضيف المنوط بها، بموجب اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية، المحافظة على سلامة الدبلوماسيين الأجانب. وداخل تلك الحلقة، توجد قوة الحراسة المحلية، والحراس الأمنيون المتعاقدون الذين يحمون المحيط الخارجي للمجمع. كما أنهم يدققون في السيارات والمشاة الذين يدخلون المجمع. ومبنى السفارة ذاتها مصمم كذلك لتحيط حلقات أمنية بمركزه. ويوجد داخل الجدران الخارجية للمبنى حلقة إضافية من الاجراءات الأمنية المادية تسمى &laqascii117o;الخط الصلب"، تحمي المناطق الأكثر حساسية للسفارة. وسلامة &laqascii117o;الخط الصلب" محمية بفصيل أمني من المارينز الأميركان، قوامه في بغداد بحجم عناصر سرية. ويوجد داخل &laqascii117o;الخط الصلب" كذلك حلقة إضافية من الاجراءات الأمنية المادية هدفها تأمين منطقة ملاذ آمن، هي خط الدفاع الأخير للعاملين في السفارة. مخاطر وتحديات : بسبب حجم وبناء مبنى السفارة ومباني القنصليات، توجد فرصة قليلة جدا لنجاح أي هجوم مسلح أو هجوم بمتفجرة بدائية (IED) ضد هذه المنشآت. وبينما يمكن لهجوم ناري غير مباشر بقذائف المورتر أو المدفعية أن يكون محظوظا فيقتل دبلوماسيا أميركيا خارج المبنى، فربما يكمن الخطر الأكبر على العاملين الأميركيين عندما يسافرون بعيدا عن المجمع. إن العدد الكبير من الناس المخصص لهذه الوظائف معناه وجود تحركات كثيرة للعاملين من المنشآت واليها (ونحن نسمع عن 20 الى 30 تحركا تقريبا كل يوم من السفارة وحدها). والمنطقة الخضراء في بغداد لها ثلاثة مخارج فقط، وهناك مخانق متعددة مثل الجسور ونقاط التفتيش في كل أنحاء المدينة. وهذه القيود الجغرافية يمكن استغلالها أكثر في تخطيط هجوم إذا استطاع متطرف أيضا تضييق عامل الوقت بتطوير مصدر له داخل السفارة يستطيع إنذاره بتحرك وشيك. ويمكن تضييق عامل الوقت كذلك إذا سمحت القوى الأمنية للبلد المضيف للمتطرفين أيضا بحرية العمل بسبب عدم الكفاءة أو بسبب التواطؤ. طبعا، التهديد المادي الأخطر على منشأة دبلوماسية محصنة هو العنف الجماهيري. وإذا اجتاح حشد كبير من الجماهير سفارة ما وكانت القوى الأمنية للبلد المضيف إما عاجزة عن وقفه أو ترفض العمل على وقفه، فإنه لا توجد أي منشأة في العالم يمكنها الصمود أمام هجوم لمدة طويلة من حشد مصمم مجهز حتى بأدوات يدوية بدائية. إن الأبواب المحمية أمنيا خارج أي سفارة أميركية و&laqascii117o;الخط الصلب" الداخلي يمكنهما من مقاومة هجوم بالمطارق لمدة 30 أو 40 دقيقة، لكن الأبواب سوف تهزم في النهاية. أما الحشود المسلحة بأدوات حارقة أو بمتفجرات فتمثل تهديدا أخطر. فاثناء الهجوم في تشرين الثاني / نوفمبر 1979 على السفارة الأميركية في اسلام آباد اجتاحت الجماهير مجمع السفارة وأشعلت النار في مبناها حتى كادت تحرق موظفي السفارة وهم أحياء تقريبا عندما اختبأوا في الملاذ الآمن للسفارة. لذا فإن المفتاح الحقيقي لأمن المنشآت الدبلوماسية الأميركية في العراق، كما في أي بلد آخر، هو في أيدي الحكومة العراقية. في الوقت الراهن، يوجد فريق لواء مقاتل من فرقة المشاة الأولى في الجيش الأميركي متمركز في الكويت، ووحدة تحرك سريع من المارينز سوف تكون على الأرجح متمركزة في المنطقة في المستقبل المنظور. غير أنه إذا تدهورت البيئة الأمنية في العراق تدهورا هاما، فقد يثبت انه من الصعب تماما وصول تلك القوات الى منشأة دبلوماسية محاصرة في الوقت المناسب، حتى لو تمكنت الولايات المتحدة من الاحتفاظ بمنطقة مؤمنة في مطار بغداد الدولي يمكنها استعمالها لنقل قوات جوا الى داخل بغداد وإخراج من يتم اخلاؤهم. (إن إخراج 16 ألف موظف من بغداد ليس مهمة صغيرة، ومن المرجح أن يتضخم عدد من يحتاجون الى الرحيل بالأميركيين غير الرسميين الموجودين في البلاد). وبينما يقال الكثير في الأخبار عن استخدام الحراس الأمنيين المتعاقدين في العراق، يجب تذكر ان &laqascii117o;خدمة الأمن الدبلوماسي" (DSS) قد استخدمت الحراس الأمنيين المتعاقدين لتقديم خدمات حراسة محلية في محيط كل سفارة وقنصلية أميركية في العالم تقريبا طوال عقود من الزمن. وحتى السفارات الصغيرة فيها عشرات من الحراس المتعاقدين الذين يوفرون الأمن في محيطها لمدة 24 ساعة في اليوم لمدة 7 أيام في الأسبوع. وفي حالات كثيرة، يؤمن الحراس المتعاقدون الأمن لأماكن إقامة الدبلوماسيين وعائلاتهم. كما أن &laqascii117o;خدمة الأمن الدبلوماسي" (DSS) لها خبرة عمل طوال عقود من الزمن في بلدان الحكومات والسكان فيها معادون لبرامجها الأمنية. إن المشاعر المعادية للمتعاقدين في العراق غداة حادث اطلاق النار الذي قامت به بلاكووتر عام 2009 ليست فريدة من نوعها، فالسفارات الأميركية تعمل في أماكن كثيرة حيث المشاعر المعادية لأميركا مرتفعة تماما.
وفكرة وجود منشأة دبلوماسية لا يستطيع الدبلوماسيون فيها مغادرة أرض السفارة دون مرافقة أمنية ليست جديدة أيضا. فالسفارة الأميركية في بيروت عملت بتلك الطريقة منذ ثمانينيات القرن العشرين الماضي. وفي بيروت، يشرف عملاء خدمة الأمن الدبلوماسي على هذه التفاصيل الأمنية، لكن العناصر الأمنية التي تنفذ التفاصيل هم متعاقدون. لكن بينما كان يجري العمل بهذه الاجراءات في لبنان منذ مدة طويلة، فإن حجم السفارة الأميركية هناك صغير تماما. وفي العراق، يجري تطبيق هذه الاجراءات على عدد أكبر كثيرا من الناس. إن حجم هذا الجهد الأمني في حد ذاته يعني أن ميزانية تمويله يجب أن تكون ضخمة. وقدرت وزارة الخارجية أن تنفيذ النظام في السنة الأولى سوف يكلف حوالي (3.8) بليون دولار أميركي، ثم تقدر التكاليف بعد ذلك بحوالي (3.5) بليون دولار أميركي سنويا. وذلك الرقم يمثل فقط قيمة تكاليف التشغيل، ولا يشمل تدريب العاملين المكلفين بهذه المهمة وبغيرها من الاجراءات الهامة قبل نشرهم. طوال سنوات كثيرة كانت خلالها خدمة الأمن الدبلوماسي تشرف على عقود الحراس، تعلمت هذه الخدمة دروسا كثيرة (بعضها بالطريقة الصعبة). وإحدى الحوادث ذات العبر كان قيام المتعاقددين من بلاكووتر باطلاق النار على مدنيين في ساحة النسور ببغداد في أيلول / سبتمبر 2007. وفي الحقيقة أن ذلك الحادث دفع خدمة الأمن الدبلوماسي الى التفويض بوجود أحد عملائها للاشراف على كل تحرك في موكب. وهذا أحد الأسباب الكبيرة لوجود 200 عميل لخدمة الأمن الدبلوماسي في العراق الآن. وبما أن خدمة الأمن الدبلوماسي لديها ألفي عميل فقط لتغطية مسؤولياتها العالمية، فإن بعثتها في العرا ق تضغط كثيرا عليها.


- 'السفير'
الغرب وعقدة 'الخط الأحمر' الروسي حول سوريا    

&laqascii117o;نحن أمام مأزق فعلي".. يعترف أحد الدبلوماسيين الغربيين بالأمر احتجاجاً على ما شخّصه بـ&laqascii117o;العناد الروسي" الرافض لأي تحرّك عسكري أو أي فرض لعقوبات على سوريا. &laqascii117o;نعمة" التعاون الناجحة بين روسيا والغرب في ليبيا انقلبت نقمة خلال الأزمة السورية. صحيح أن المشروع الذي قدمته موسكو في الخامس عشر من الشهر الماضي ترك بصيص أمل بأن الأخيرة مستعدة للحوار، ولكن مسودة مشروع القرار خضعت للتعديل بعد شهر. وجاءت المسودة في نسختها الثالثة، التي قُدّمت لمجلس الأمن هذا الأسبوع، مجرّد مجموعة من التعديلات التي أجرتها الدول الأعضاء، أما الموقف الروسي فيها فلم يتغيّر: نحن مصمّمون على إدانة العنف بالتساوي بين قوات الأمن والمعارضة. الموقف الروسي يخيف المسؤولين الغربيين، ببساطة لأنهم لا يستطيعون مجاراته.. إنه &laqascii117o;خط أحمر لا يمكننا عبوره، فمصداقية المجلس على المحك"، يقول أحد المسؤولين في مجلس الأمن. أما أحد العوامل التي يرى الغرب أن الموقف الروسي يتأثر بها فهو ما يسميه المسؤولون بـ &laqascii117o;العامل البوتيني". فبعد يومين من المفاوضات المحتدمة حول الوثيقة المقدّمة من عشر صفحات، لم يستطع الخبراء من الدول الـ15 الأعضاء أن يتوصلوا إلى اتفاق. حينها بدا واضحاً أن الخطوة التالية ستأتي من المسؤولين الروس. ولم يمـــض ســوى بعض الوقت، حتى خرج وزير الخــارجية الروسي سيرغي لافروف ليــؤكد رفض بلاده الحاسم لأي تدخل أو عقوبات في سوريا، مهدّدا باستخدام حق النقض الفيتو في حال الإقدام على اتخاذ تدبير مماثل. من هنا، يرى الخبراء أن موقف روسيا له علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة وبإمكانية عودة فلاديمير بوتين إلى موقع الرئاسة. ويقول مدير الشؤون الروسية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أندرو كوتشينز &laqascii117o;إن الخطاب الروسي الحادّ يذكرنا بالنهج الذي كان يعتمده بوتين خلال فترة رئاسته السابقة"، موضحاً &laqascii117o;يشعر الروس بأنهم تعرّضوا للخداع في ليبيا. فبالنسبة لهم، &laqascii117o;الناتو" ذهب في ليبيا إلى أبعد مما جرى الاتفاق عليه، الأمر الذي أثار مخاوفهم عن ترسيخ نموذج العالم الأحادي القطب تحت أمرة الولايات المتحدة". خير مثال على ذلك: لم يكن هناك أي ذكر للعقوبات في النسخة الروسية لمشروع القرار ولا حتى &laqascii117o;تهديد" بالعقوبات أو ذكر للمحكمة الجنائية الدوليّة، أي إن الكرملين لم يلتزم بأي من التعديلات الأوروبية. حتى إن روسيا ذهبت إلى أبعد من ذلك، وذلك في التوضيح الذي حملته المسودة: &laqascii117o;لا ينبغي تفسير أي شيء في هذا القرار على أنه تشريع للتدخل العسكري من أي جهة كانت". ويبقى أن"الاستراتيجية الروسية اليوم تقوم على تقديم سترة النجاة لسوريا، فالمهم ألا يغرق المركب السوري بالكامل"، هكذا تفسّر خبــيرة الشــؤون الروسية في معهد &laqascii117o;بروكنــغز" فيونا هيل الموقف الروسي. وانطلاقا من أن لروسيا مصلحة استراتيجية في الحــفاظ على الاستقرار في سوريا، كونها الحليــف الأول في الشرق الأوسـط لجهة الاستثــمارات وصفقات الأسلحة والمنشآت البحرية، تبدو موسكو متــوترة بشــكل فعلي بشأن إمكانية سقوط النــظام السوري، حسب هيل التي تضيف &laqascii117o;إن موسكو تعوّل كثيراً في المرحلة الراهنة على هذا النظام". من جهة ثانية، وعلى ضوء قرار اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية بالتمديد شهرا لبعثة المراقبين العرب في سوريا، وفي ظلّ ما يشهده المجتمع الدولي من تجاذبات بشأن التدخل في سوريا، فإن الجامعة العربية تصبح مسؤولة عن تولي زمام المبادرة خلال الفترة المقبلة. وفيما لا تملك الجامعة العربية الوسائل الكافية للمماطلة، يقترح الناشط الحقوقي المعروف آريا نايير على الجامعة إمكانية اللجوء إلى إنشاء: المحكمة الجنائية العربية. ويوضح نايير اقتراحه قائلاً &laqascii117o;يمكن للجامعة إنشاء محكمة على غرار المحكمة الجنائية الدوليّة، تتألف من قضاة عرب ومدعين عامين ومحققين ومحامي دفاع، وتُجري أعمالها باللــغة العربيّة. وسيكون من ضمن اختصـــاصها النظر في الجرائم التي نصّ عليها القانون الدولي، وتعمل وفق إجراءات مشابهة لتلك التي تعمل عليها المحكمة الجنائية الدوليّة.


- 'الحياة'
أزمة اليونان تكشف أزمات أميركا
جميل مطر:

تستحق الأزمة اليونانية قراءة متأنية ومتعمقة واهتماماً أكثر مما تحظى به الآن. إذ كلما ركزنا على جانب من جوانبها مكتشفين خطورة أمره تسابقت جوانب أخرى تؤكد استحقاقها الاهتمام أكثر من غيرها. فوجئنا، على سبيل المثال، بتقارير تفيد بأن تدهور الأحوال الاقتصادية في اليونان وتفاقم الأزمة المالية دفع بكبار الرأسماليين الروس، ومعهم قيادات معروفة في جماعات المافيا الروسية، الى الهبوط على اليونان لشراء عقارات وأراضٍ وجزر ومنتجعات وشركات مأزومة، وتفيد أيضاً بأن الصين حصلت على امتيازات لإدارة أكثر من ميناء بحري في اليونان، بما يعني أنها حطت قدميها لتحتل مواقع استراتيجية على البحر المتوسط.(للقراءة).....


ملحق

- 'السفير' 'أسـرى في لبنـان: الحقيقـةعن حرب لبنان الثانية'14
'مختصــر مفيــد' فــي البقــاع لاختــطاف طبيــب إيرانــي
وبيرتــس يبشــر ضباطــه: 'عمليــة ســتغير وجــه التــاريخ'!    
علي دربج:

اسم العملية &laqascii117o;مختصر مفيد". الهدف &laqascii117o;طبيب إيراني احتاج اليه &laqascii117o;حزب الله" في حالات سابقة تطلبت علاجا طبيا في أوضاع سرية شديدة. الغاية تنفيذ عملية شبيهة بعملية &laqascii117o;عنتيبي" يتم فيها إنقاذ الأسرى الإسرائيليين بالقوة، عن طريق وحدة عسكرية تقوم بعملية انقضاض بعيدا عن البيت وفي قلب العدو". في الحلقة الرابعة عشرة من كتاب &laqascii117o;أسرى في لبنان: الحقيقة عن حرب لبنان الثانية" للمعلّقين السياسيين الإسرائيليين عوفر شيلح ويوءاف ليمور، تنشر &laqascii117o;السفير" الوقائع التفصيلية للإنزال الإسرائيلي الذي قامت به قوة كوماندوس، في مدينة بعلبك والذي كان من شأنه أن يعيد مرة واحدة الفخر والشعور بالقدرة والتفوق وهي أمور فُقدت في الأعوام الأخيرة. في اليوم السابع للحرب أي 18 تموز، تحدث رئيس هيئة الأركان دان حالوتس مع الكولونيل رونين، احد الضباط الأكثر خبرة في شعبة الاستخبارات العسكرية، عن الجانب الاستخباراتي للعمليات الخاصة. وكان لدى هذا الأخير اقتراح بعيد المدى فحواه إنزال قوة كبيرة تضم المئات من المقاتلين في منطقة قريبة من بيروت كي تتمركز هناك بضعة أيام، حيث سيكون في إمكانها شن غارات ضد أهداف &laqascii117o;حزب الله" في قلب العاصمة اللبنانية. رفض حالوتس هذا الاقتراح، معتبرا أن حماية وتعزيز قوة إسرائيلية متمركزة في بيروت حيث الآلاف من ناشطي &laqascii117o;حزب الله" ومؤيديه، هو أمر أخطر مما يجب، إلا ان الرمزية المتمثلة في إدخال قوة كوماندوس كبيرة تعمل بقدرة عالية في قلب جبهة &laqascii117o;حزب الله" استهوته، إذ كان في إمكان هذه أن تشكل صورة الانتصار المطلوبة. لذا قال لرونين &laqascii117o; قدموا لي رمزاً آخر". وهكذا ولدت عملية &laqascii117o;مختصر مفيد" التي تُعتبر العملية الأكثر شهرة والتي نفذتها القوات الخاصة التابعة للجيش الإسرائيلي في هذه الحرب. كانت القوات الخاصة قامت بنشاط داخل لبنان منذ الأيام الأولى للحرب. فقد ساعدت في عمليات القصف الجوي التي نفذها سلاح الجو، وقدمت معلومات استخباراتية، كما أن عدة عمليات خاصة وناجعة حدثت فعلا في تلك الأيام الأولى. وكان بعضها بقيادة قائد فرقة النيران البريغادير إيال أيزنبرغ الذي كان وصل الى قيادة المنطقة الشمالية في اليوم الأول من الحرب. خلال الحرب كلها تم تنفيذ 24 عملية وصفت بأنها &laqascii117o;خاصة" لكنها لم تكن كافية لحالوتس (الذي آمن بالقوات الخاصة، بل تحدث عن تشكيل قيادة خاصة لها) ولا للقيادة السياسية، إذ إنها لم توفر الإنجاز الذي كان يمكن تسويقه للجمهور رمزاً للانتصار الإسرائيلي. أعرب رئيس الحكومة إيهود اولمرت مرات عدة وعلى مسامع رئيس هيئة الاركان، عن خيبة أمله وذلك بقوله &laqascii117o;لقد نشأت على &laqascii117o;أسطورة عنتيبي" في (إشارة الى عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين من قبل وحدة كوماندوس إسرائيلية في أوغندا في العام 1976) وأنتم تطلبون طوال الوقت الموافقة على عمليات خاصة بشكل روتيني، إلا أنكم لا تقومون الآن بعمل أي شيء. لذا كونوا خلاّقين، وقدموا لي شيئا ما". وكان واضحا لحالوتس ان الحكايات عن ضرب شاحنة وهي في طريقها من دمشق الى بيروت (محملة بالسلاح) لن تسد جوع رئيس الحكومة. أما الكولونيل رونين، فاعتقد من ناحيته أنه إذا كان من الصعب تنفيذ عملية خاصة في بيروت، فإن هناك حيزاً واحدا لـ&laqascii117o;حزب الله" سيكون للتعرض له مدلول حقيقي وإدراكي وهو الجبهة الداخلية اللوجستية وحيز التدريب في بعلبك. لكن الأفكار التي اقترحها لهذه العملية بقيت متشابهة &laqascii117o;قوة كبيرة تضم نحو 600 عنصر (أكبر بكثير من كل ما استخدمه الجيش سابقا في الحرب لعملية من هذا النوع) يتم إنزالها بواسطة المروحيات وتتمركز هناك بضعة ايام. وقال رونين إن مجرد وجود هذه القوة سيكون بمنزلة ضرب الأمن الذي يشعر به &laqascii117o;حزب الله" في جبهته الداخلية. كما أنه سيشكل تهديداً لزعماء الحزب الذين يعيش بعضهم في هذه المنطقة، وسيوضح ان إسرائيل لا تخشى أي شيء في الحرب. وكان هناك هدف آخر لهذه العملية في المرحلة الأولية، وهو إحضار شيء ما له علاقة بقضية الجنديين المختطفين. إذ إن إعادتهما في رأي اولمرت وحالوتس ستكون بمثابة الإنجاز الرئيسي الذي توقعه مواطنو إسرائيل، أي إن تنفيذ عملية شبيهة بعملية &laqascii117o;عنتيبي" يتم فيها إنقاذ الأسرى بالقوة، عن طريق وحدة عسكرية تقوم بعملية انقضاض بعيدا عن البيت وفي قلب العدو، كان من شأنه أن يعيد مرة واحدة الفخر والشعور بالقدرة والتفوق وهي أمور فُقدت في الأعوام الأخيرة. كمنت المشكلة هنا في العثور على طرف الخيط الاستخباراتي، لأن هذا الأمر لا يتحقق إلا عن طريق الاستنتاج أكثر من الاعتماد على معلومات صلبة. تعلّق الأمر هنا بطبيب إيراني من أفراد &laqascii117o;الحرس الثوري"، كان &laqascii117o;حزب الله" احتاج اليه في حالات سابقة تطلبت علاجا طبيا في أوضاع سرية شديدة. كان الجيش الإسرائيلي خلال الحرب وحتى قبل العملية العسكرية في بعلبك، أخفق مرتين في الوصول اليه، وقد استطاع الفرار الى شمال لبنان، أو الى سوريا. وعندما خرجت القوات لتنفيذ &laqascii117o;عملية مختصر مفيد"، علم المسؤولون الإسرائيليون أن هذا الطبيب لن يكون موجودا في ذلك المكان، وأنه لن يكون في الإمكان إلقاء القبض عليه، لكن الشخص الذي لم يكن يعرف ذلك كان أولمرت، الذي أعطى الموافقة النهائية على تنفيذ العملية قبل ذلك ببضع ساعات. نهار السبت الثاني للحرب، أي 22 تموز، تم تشكيل فريق ارتجالي في هيئة الأركان، كان على رأسه البريغادير طال روسو الذي عُيّن مساعدا لرئيس شعبة العمليات لشؤون العمليات الخاصة، والذي كان تولى مناصب كبيرة في كل من وحدة &laqascii117o;سيّيرت متكال" التابعة لهيئة الأركان، ووحدتَي &laqascii117o;شلداغ" و&laqascii117o;ماجلان" وكان عشية الحرب متفرغا تماما (عُيّن بعدها رئيساً لشعبة العمليات). وضم الفريق المذكور الكولونيل رونين، وكذلك تمير فيردو الذي كان قبل ذلك بوقت قصير انهى عمله مساعدا لرئيس جهاز &laqascii117o;الموساد". وخلافا لحالات سابقة، ابدى كل من جهازي &laqascii117o;الموساد" و&laqascii117o;الشاباك" الاستعداد لتقديم المساعدة هذه المرة، إذ قال المسؤولون هناك لروسو &laqascii117o;اسمحوا لنا فقط ان نعمل". شهدت الغرفة التي خصصت للطاقم المذكور، أشخاصا كثيرين يعرف بعضهم بعضا جاؤوا إمّا لإعطاء النصيحة، وإمّا للتطوع في المهمة، وإمّا فقط لمعرفة ما يجري منهم إيرز تسوكرمان قائد فرقة عمود النار (لم تكن فرقته تجنّدت بعد) والذي شغل سابقا منصب قائد وحدات الكوماندوس البحرية، قائد فريق التفاوض التابع لهيئة الاركان وأحد افراد وحدة سييّرت متكال ليئور لوتن، مساعد تسوكرمان في الفرقة حغاي بيلغ الذي عمل أيضاً في وحدة &laqascii117o;متكال" وكان قائدا لـ&laqascii117o;وحدة إيغوز" والوحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب التابعة لشرطة إسرائيل. إضافة الى هؤلاء كان هناك جنرالات لم يجر إشراك معظمهم في إدارة الحرب وقال احدهم عندما سُئل بعد الحرب عن مهمته &laqascii117o;لقد قمت بإعداد القهوة لطال روسو". قبل تنفيذ العملية بدأت تبرز مخاوف من مدتها الزمنية وحجم القوة المطلوبة والتي لم تنجم عن صعوبة العملية فحسب بل أيضا وبشكل رئيسي عن قرب موقع العملية من سوريا. فالحدود بين لبنان وسوريا تبعد أقل من عشرة كيلومترات عن منطقة العملية التي جرى التخطيط لها. فضلا عن ذلك كانت العمليات الهادفة الى منع تهريب المعدات القتالية وعمليات القصف الجوي التي نفذها سلاح الجو، أوجدت وضعا دقيقا أصبحت فيه إسرائيل كمن يمشي على حبل رفيع مقابل السوريين، إذ إن أحدا لم يكن يرغب في أن يتسبب سوء فهم بدخول السوريين الحرب. لهذا تم في المرحلة الأولى خفض المدة الزمنية للعملية من ثلاثة أيام أو أربعة إلى نهار وليلة، مع إجلاء القوة في الفجر التالي. بعد ذلك، ألغيت فكرة إنزال قوة كبيرة وكان هذا رأي نائب رئيس الأركان موشيه كابلينسكي الذي قال ان هذه فكرة أخطر مما يجب. وهكذا بقي هناك مخطط مختصر نسبيا، نحو 200 مقاتل مع تخصيص ليلة واحدة للعملية. ومع أن هذا المعدل قلل المخاطر، إلا انه أثار علامات استفهام بشأن جدوى العملية: ليلة واحدة وعدد اصغر من المحاربين، وهدف معنوي مهم (الطبيب) ما عاد له فائدة. وإذا كان الأمر كذلك فما الذي يدعو الى القيام بالمخاطرة على العموم. هذا السؤال طرح بعدها بإلحاح وعلى نطاق واسع أما في تلك الأثناء فإن قلة هي تلك التي فكرت فيه. إذ إن الجميع جرفته الحماسة بسبب هذه العملية الخاصة التي كانت تختلف تماما عن التخبط في جبهة الحرب نفسها. وقد أجمل روسو الوضع خلال المناقشات التي جرت في هذا الشأن بقوله &laqascii117o;سيبدو الأمر كأن جنودنا يقاتلون في الشمال ويسمعون نبأ تنفيذ غارة على تل أبيب". لم يكن هناك شخص اشد حماسة لهذه العملية من وزير الدفاع عمير بيرتس، فعندما عُرضت عليه الخطة للمرة الاولى، كان ضباط الجيش يتحدثون بشكل رئيسي عن اعتقال أسرى لاستخدامهم أوراق مساومة من اجل استعادة الأسيرين ريغف وغولدفاسر. وعندما أنهى الضباط كلامهم رد بيرتس عليهم بمفاهيم اخرى إذ قال &laqascii117o;هذه العملية ستغير وجه التاريخ"! لقد تسببت الحماسة التي أظهرها بيرتس في إقرار العمليات الخاصة، وكذلك التفصيلات، بإيجاد وضع أصبح فيه العسكريون يعتبرون موافقته على ما يقومون به أمرا مسلما به. فخلال الحرب، وقع حادثان لم يكلف القادة العسكريون انفسهم عناء التنسيق معه بشأن إقرار ت

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد