- 'اللواء'
مراجعة نقدية لمواقف 'حزب الله' براغماتية السلاح 2/2
أحمد القصص (رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان):
نشرت &laqascii117o;آفاق وآراء" في جريدة &laqascii117o;اللواء" حلقة أولى عن مواقف &laqascii117o;حزب الله". وهنا التتمة في حلقة ثانية وأخيرة عن التغييرات والتكتيكات التي رافقت مواقفه السياسية والعسكرية.
كانت الضربة النوعية الأولى التي سددها الحزب إلى نفسه في 8 آذار 2005م، حين أنزل عشرات الآلاف - وربما أكثر - من مؤيديه إلى شوارع بيروت ليعلن &laqascii117o;وفاءه" للنظام السوري ورئيسه وسياسته متحدياً بذلك أكثر من نصف سكان لبنان، ومستفزاً مشاعر فريق كبير من المسلمين الذين عانوا الأمرّين من بطش هذا النظام ومن إذلاله لهم وتنكيله بهم. حصل هذا في وقت كان فيه النظام السوري هو الحليف الأضعف والأحوج لحلفه مع الحزب، ولم يكن الحزب مضطراً إلى تقديم هذا العربون الذي دفع ثمنه باهظاً من شعبيته التي نالها خلال تاريخه المقاوم. ففي هذا المنعطف الخطير وازن الحزب بين الحفاظ على امتداده الشعبي ولا سيما الإسلامي، وبين تعزيز صلته الإستراتيجية مع النظام السوري، فإذا به يختار - وهو مدرك لما يفعل - إهدار رصيده الشعبي الذي دفع ثمنه دماً وشهداء وتضحيات، مقابل خطب وُدِّ نظامٍ كان هو الأحوج لخطب وُدّه في تلك المرحلة. وكان القرار غير الحكيم &laqascii117o;وغير الذكي" بمظاهرة الثامن من آذار 2005م الرحم التي أنجبت مظاهرة الرابع عشر من الشهر نفسه، فقد أدت هذه مظاهرة 8 آذار - بما أثارته من مخاوف وما شكلته من استفزاز للعصبيات الطائفية ويا للأسف - إلى حشد مئات الآلاف من المسلمين وغير المسلمين وراء تيارات طائفية علمانية، لا تمت بصلة إلى التطلعات المبدئية والتاريخية للأمة بصلة. وارتسم مشهد محزن مؤلم مبكٍ لم نره من قبل، ألا وهو انقسام طائفي جديد في لبنان، طرفاه: السّنة والشيعة! فأي فخر وأي شرف في أن تكون مظاهرة 8 آذار مفتتحة لهذا العهد الأسود؟!
كانت هذه هي الخسارة الفادحة الأولى للحزب في تاريخ مغامراته السياسية، ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحد. إذ ما لبث أن أهدر فرصة تاريخية أخرى لم يعرف لها قيمتها الحقيقية، أعني فرصة الانتصار &laqascii117o;الميداني" الذي حققه المقاومون على الجيش الإسرائيلي في عدوان تموز 2006م. إذ على الرغم من أن هذا الانتصار لم يعوض الحزبَ خسارتَه الشعبية داخل لبنان إلا بقدر محدود، فإن المؤكد أن رصيده ارتفع أكثر وأكثر في المحيط العربي والإسلامي، حتى رُفعت صور &laqascii117o;قائد المقاومة" آنذاك في الجامع الأزهر وبعض العواصم الإسلامية. ولكن من جديد - ويا للأسف مرة أخرى - أهدر الحزب هذه الفرصة الجديدة منذ أن عسكر أتباعه في وسط بيروت شهوراً تحت عنوان إسقاط حكومة السنيورة، وعلق في اعتصامه هذا، وراح يبحث لنفسه عن مخرج منه فلا يجد، إلى أن وجد المخرج في خطيئة كانت أكبر من كل ما سبقها من الخطايا، أعني بذلك خطيئة 7 أيار 2008، فكان &laqascii117o;الاجتياح" العسكري لبيروت، ومن ثم تفويض كرامة أبنائها لشبّيحة الميليشيات المتحالفة مع الحزب، تحت &laqascii117o;ذريعة" قرار مجلس الوزراء تفكيك شبكة الاتصالات التابعة للمقاومة. فكان مشهداً باعثاً على الذهول: إذ ما علاقة شبكة الاتصالات بأزقة بيروت وشوارعها؟! وما شأن الناس الذين أهينت كراماتهم وأتلفت ممتلكاتهم في بيروت بقرار مجلس الوزراء؟! ولماذا دفع سكان بيروت ثمن القرار &laqascii117o;الطائش" لمجلس الوزراء ووقف الاجتياح عند أسوار القصور التي خرج منها ذلك القرار؟! بالطبع تكفلت الأيام القليلة التالية بالجواب: ليست القضية قضية تفكيك شبكة اتصالات، ولم يكن بإمكان أحد أصلاً تنفيذ ذلك القرار، والحقيقة هي أن كرامة سكان بيروت استُعملت وسيلة ضغط للوصول إلى الدوحة. كان ارتكاساً مريعاً ذلك الحدث الذي أتى بعد أيمان مغلظة بأن سلاح المقاومة لن يستدرج إلى الداخل! ويا ليت الأمر وقف عند ذلك الحد. فها نحن بعد ثلاث سنوات من ذلك الحدث نصل إلى منعطف تاريخي غير مسبوق في خطورته وأهميته منذ قرن من الزمان، لنصدم من جديد بقرار من الحزب بإيقاع طلاق بائن بينونة كبرى، لا بينه وبين أهل لبنان وحسب، وإنما بينه وبين أهل بلاد الشام قاطبة، بل بينه وبين أمة قررت أن تحيا من جديد وتثور على الطغاة الذين استعبدوها عشرات السنين وأذلوها وساموها سوء العذاب. فقد نصب قائد المقاومة نفسه قيماً على هذه الثورات ليصنفها بين ثورات شريفة وأخرى عميلة، وليصنف الطغاة بين خونة وآخرين شرفاء، وليتهم بالعمالة والطائفية ومعاداة المقاومة أبطال الشام الذين بدأوا يقدمون آلاف الشهداء للتحرر من أعتى الأنظمة القمعية العلمانية في المنطقة، وليعطي شهادة حسن سلوك للجزار الذي دشن مهرجاناً للدم والذبح والقتل والمجازر والتشريد! وليدعو أهل سوريا للالتفاف حول جزارهم! لماذا يا سيد المقاومة؟! جواب لسان الحال: لأن بندقيتي أغلى من دمكم وكرامتكم وتطلعكم نحو الحياة الكريمة والعزيزة! وجزاركم حمى ظهري ودعمني في مواجهة خصومي وشكل جسراً بيني وبين إيران! والمقاومة تستحق ثمناً لها كرامة شعب تداس في التراب!
هذه هي براغماتية السلاح، فالسلاح هو المبدأ وهو العقيدة وهو المقياس وهو السلطان وهو مصنع الثقافة والمواقف السياسية، وهو الذي يحدد الأولياء والأصدقاء والحلفاء، ولو كانوا ألد أعداء الأمة، وهو الذي يقرر من هم الخصوم والأعداء وأهل الريبة، حتى ولو كانوا عشرات الملايين من أبناء هذه الأمة. ولكن مع ذلك، تعالوا نصغي قليلاً إلى منطق السلاح فنسأله السؤال التالي: هل ترى أيها السلاح أن مصلحتك الآن تكمن لدى النظام المتهالك في سوريا أم لدى أهل سوريا الثائرين؟! لو تسنى للسلاح أن يجيب لقال: كنت أرى مصلحتي لدى النظام الحاكم حين بدا راسخ القدم، لأنه كان قادراً على التحكم بطريقي بين إيران ولبنان، ولأنه كان الظهير الذي يجب أن أركن إليه أو آمن جانبه على الأقل، أما الآن وبعد أن كرّ مسلسل انهيار الطغاة وآذن أهل سوريا بإسقاط طاغيتهم، فإن مصلحتي بكل تأكيد هي مع أهل سوريا والأمة التي &laqascii117o;يفترض" أن أنتمي إليها! فالأمة باقية والطغاة إلى زوال، وكيف لي أن أبيع أمة بنظام هالك لا محالة عاجلاً أم آجلاً؟! وإن كنتُ غير واثق من سقوطه عاجلاً فالأجدر بي أن أتريث في استفزاز أهل الشام ريثما تنجلي الصورة! إذن حتى منطق السلاح الذي نأباه ونرفضه بديلاً عن لغة المبدأ، لا يسعف الحزب في تبرير موقفه المستفز لأهل الشام وسائر الأمة. ما يعطيهم الحق بالسؤال التالي: لا المبدأ ولا أحكام الشرع ولا العقل ولا حتى منطق السلاح ينفع لتفسير هذا الموقف العجيب، فما الذي يقبع وراءه إذن؟! وأين هو من انتمائكم لهذه الأمة؟! لطالما رفضنا يا سيد المقاومة التسليم بتورطكم في نظرية تحالف الأقليات، على الأقل لأننا لا نحبها لكم ولسائر المسلمين، مع عدم تبرئتنا لحلفائكم ولأوليائكم منها. ولكنكم اليوم تضعون خاتمكم على هذه التهمة، إذ ليس بالإمكان العثور على تفسير لموقفكم الباعث على الذهول والدهشة غير هذه النظرية! لقد استوحى المؤسسون للحزب اسمه من قوله تعالى: (فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، وعليه ندعوكم إلى قراءة سياق هذه الجملة في كتاب الله تعالى والذي يوضح الصفات التي لأجلها سمِّي المؤمنون &laqascii117o;حزب الله"، صفات الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء ممن سواهم من الذين لا يتخذون من دين الله تعالى مبدأً ومنهجاً لحياتهم. قال تعالى: *(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ&bascii117ll; وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ&bascii117ll; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). فأين هذه المعاني القرآنية من ولاءاتكم وعداواتكم؟ هذه السطور ليست مزايدة ولا مكايدة، وليست اصطفافاً في صفوف خصومكم، فعقلاؤكم أعرف الناس بأن كاتبها وحزبه لم يصطفوا يوما وراء أحد، لا وراءكم ولا وراء غيركم، ولطالما نصحوكم بإخلاص وتجرد، ما يعني أنها نصيحة جديدة، نصيحة ما قبل فوات الأوان، على أمل أن لا يكون الأوان قد فات! فيا أيها &laqascii117o;المقاومون": (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ)*؟!
- 'صدى البلد'
من سورية الى لبنان: أفول 'الحل الامني'؟
علي الامين:
يتيح النظام السوري لأطراف دولية وعربية تحديدا فرص الاستعراض السياسي عبر اظهار التضامن مع الشعب السوري وانتفاضته الشعبية. هذا ما يمكن ان يظهره الموقف السعودي الاخير في الجامعة العربية، الذي، ورغم كونه موقفا استلحاقيا، إلا أنّه نجّح وزير الخارجية سعود الفيصل في خطف الاضواء من نظيره القطري حمد بن جاسم، واستدرك بخطوة سحب المراقبين السعوديين من بين المراقبين العرب في سورية، في موقف متقدم فاجأ الكثيرين من المراقبين.
يقدم النظام السوري ايضا لهذه الاطراف لعبة الوقت، التي طالما كانت حرفته ومثار حنق خصومه التي طالما استنزفت حساباتهم ، لتتحول هذه المرة الى لعبة استنزاف بطيء ومتماد للنظام نفسه، لعبة في يد تلك الدول التي تعمل على ترتيب ما تستطيع من المسرح السوري تحضيرا لما بعد النظام الحالي، على اسس أولها توثيق الربط السياسي والمعنوي مع الفئات الفعلية المطالبة بقوة بتغيير النظام او اصلاحه.
نجح النظام السوري الذي طالما تباهى بثقافة عروبية و بعلمانيته، وبثقافة الصمود والتصدي والمقاومة والممانعة، الى تحويل هذه المفاهيم في وعي فئات واسعة من السوريين الى مصطلحات فارغة من مضمونها، بعدما اظهرت سياساته وسلوكه ان ليس لديه معادلا عمليا لهذه المفاهيم، سوى نماذج حكم الاستبداد والحكم الامني، والغاء الحياة السياسية، والاطاحة بالحريات العامة. فباسم العروبة وباسم الممانعة وباسم الصمود انتهكت حرمات، وسيق احرار الى السجون، وقتل عروبيون باسم العروبة، وفلسطينيون باسم فلسطين وسوريون باسم سورية ورغم هذه الأثمان بقي الجولان في الأسر...
تفوق النظام في تشغيل المجموعات الامنية والارهابية لحسابه في اكثر من دولة، وكان العراق مسرحا يظهر كفاءة النظام على هذا الصعيد، واستخدم هذه المجموعات في شتى الاتجاهات لكنها دائما كانت رصيدا يجري صرفه في سبيل علاقة ودية مع الادارة الاميركية وعبر باب الاجهزة الاستخبارية. فهل يحق للنظام السوري اليوم (لو صحت مقولة ان ما يجري هو مشكلة امنية كما قال وزير الخارجية السوري امس) ان يتهم سواه باعتماد اسلوب روج له وبرع فيه لسنين طويلة ان لم يكن لعقود.
وحقق النظام السوري، بتكراره واستحضاره المستمر لمقولة الحل الامني، الرقم القياسي، فهو ليس خبرا جديدا في سورية. فالحل الامني نظام راسخ ومتأصل في تفكير النظام وفي بنيته ومساره، والثورة السورية المستمرة منذ اكثر من عشرة شهور ما هي الا ثورة طبيعية على هذا الحل الذي عطل السياسة لعقود، وما نظام الطوارىء الذي استمر لنحو خمسة عقود الا علامة مميزة في تاريخه، احدى دلالاتها الصارخة تكبيل الاجتماع السياسي السوري، وسجنه في اسر شعارات فقدت بريقها وتهاوت بفعل الادمان على هذا الحل وهو المعادل الطبيعي لخيار التسلط والاستبداد.
ازاء هذه 'النجاحات' و'التفوق' و'البراعة' و'الانجازات'، ثمة حاجة لترويجها، واذا كان الترويج الداخلي لم يؤد الى نتائج ايجابية يمكن ان يطمئن لها النظام، فإنّ حلفاءه واصدقاءه باتوا منخرطين في التفكير بخيارات بديلة، لأن احدا من هذه الدول والجهات المتناقصة يوما بعد يوم ليس راغبا في ان يدفع كلفة تشبث النظام وعجزه عن مغادرة فلسفة الحل الامني. اذ لم يجد مفتي سورية الشيخ احمد حسون قبل يومين سوى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كأخ له والرئيس بشار الاسد ليوجه له التحية، ربما هي رسالة ود تنطوي على استشعار بان حلفاء النظام السوري بدأوا يعيدون حساباتهم، واذا قرّنا هذا الاستنتاج بعودة السيد نصر الله عن موقفه تخوين المجلس الوطني السوري، يمكن القول ان تغييرا فعليا تشهده سورية دفع احد اهم حلفاء النظام السوري، اي حزب الله، الى سياسة الاستدراك التي قد يكون احد ابرز مؤشراتها في المرحلة القريبة انفتاح استثنائي غير بعيد لحزب الله على خصومه، وعلى رأسهم القوات اللبنانية...والاهم ... قراءة لنهاية صادمة وافول فلسفة اسمها 'الحل الامني' لادارة المجتمعات والدول...
ـ 'الاخبار'
نداءات جنبلاط العسكريّة الى دروز سوريا 'خارج السياق'
بسام القنطار:
تكررت دعوات النائب وليد جنبلاط الشباب الدروز في سوريا إلى رفض الأوامر العسكرية، حتى كادت تفوق تلك التي اطلقها الى الشباب الدروز لرفض الخدمة الالزامية في الجيش الاسرائيلي. وبعيداً عن الاسباب التي تدعو &laqascii117o;الزعيم الدرزي" الى توجيه &laqascii117o;النداءات العسكرية" ومدى تأثيرها، لا تزال الاقلية الدرزية في سوريا خارج سياق الاحتجاجات. في المرة الاخيرة التي اجتمع فيها دروز لبنان وسوريا وفلسطين، كانت دمشق هي الحاضن. حينها وقف النائب وليد جنبلاط في قاعة قصر المؤتمرات، وحرّض الوفد الآتي من اراضي العام ١٩٤٨ على رفض انخراط الشباب الدروز في قرى الكرمل والجليل في الخدمة الالزامية في الجيش الاسرائيلي. منذ ذلك اللقاء اليتيم في ايلول عام ٢٠١٠، استدارت بوصلة جنبلاط مرات عدة. وبعدما شكل هذا اللقاء ترجمة عملية لما سمي &laqascii117o;الانتقال التدريجي إلى المربع السوري بعد الطلاق مع قوى ١٤ آذار"، تصاعد الموقف الجنبلاطي من الاحتجاجات التي اندلعت في سوريا في ١٥ آذار ٢٠١١، الى ان اعلنها صراحة اول من امس، عبر دعوته الشباب الدروز في الجيش العربي السوري الى &laqascii117o;رفض الاوامر العسكرية بقتل اخوانهم". وفي الوقت عينه، توقفت دعوات جنبلاط الى رفض التجنيد الاجباري في الجيش الاسرائيلي، علماً ان النيابة العامة الاسرائيلية قدمت الشهر الماضي لوائح اتهام بحق ١٦ شيخاً درزياً أبرزهم الشيخ علي معدي على خلفية الزيارات التي قاموا بها للبنان وسوريا في السنوات الماضية، وتحريضهم الشباب على رفض الخدمة في الجيش الاسرائيلي. قد يكون من المبكر الحكم على مدى تلبية الشباب الدروز في قرى السويداء وريف دمشق لنداء جنبلاط. لكن المعادلة التي حكمت الدروز على امتداد تاريخهم السياسي تبدو شديدة الواقعية في الحالة السورية. &laqascii117o;الحفاظ على الارض والعرض" شعار يتمسك به الدروز في الدول التي يعيشون فيها. وإسقاط هذه المعادلة اليوم يعني، ببساطة، ان دروز سوريا لن يحملوا السلاح الا بوجه من يخرق هذه المعادلة. ورغم ان الكثيرين حاولوا التقليل من اهمية الخطاب العنصري ضد الدروز الذي القاه الشيخ عبد السلام الجليلي في قرية الحراك في درعا في بداية الاحتجاجات، إلا ان هذا الخطاب عكس واقع العلاقة المأزومة التي كتمها النظام بين الدروز والعديد من المكونات الاجتماعية لقرى حوران، لا سيما البدو. وقد خاض هؤلاء مواجهات مسلحة مع الدروز، على خلفية الصراع على الاراضي. ووصلت المواجهات إلى ذروتها في السادس من تشرين الثاني 2000، أي في الأسابيع الأولى من حكم الرئيس بشار الاسد. وحينذاك، اضطر الجيش السوري الى شن حملة امتدت أشهراً. حتى اليوم، لم تكشف أي معلومات عما إذا كان جنبلاط سيترجم نداءه بخطة عملية من قبيل ايفاد مشايخ مقربين منه الى سوريا، تحت ستار زيارات دينية، لمحاورة &laqascii117o;سُوّاس" المجالس في القرى الدرزية واقناعهم بالعدول عن موقفهم. وفي تقرير بعنوان &laqascii117o;تحذيرات من تهجير دروز سوريا جراء مزايدات جنبلاط وارسلان ووهاب"، نقلت جريدة &laqascii117o;السياسة" الكويتية عن &laqascii117o;شخصية درزية سورية في باريس مقربة من إدارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وتدعم الجيش السوري الحر مادياً"، وصفَها نداءات النائب جنبلاط الى الجنود الدروز بـ&laqascii117o;السخيفة". وفي بيروت، علّق النائب طلال إرسلان على دعوة جنبلاط الجنود السوريين الدروز الى عصيان الاوامر بالقول &laqascii117o;ان موقف دروز سوريا ليس طائفياً مذهبياً". بدوره قال الوزير السابق وئام وهاب في اتصال مع &laqascii117o;الأخبار" انه &laqascii117o;لا يجوز جلد دروز سوريا بهذه الطريقة وهذا يعرضهم لخطر كبير". واضاف: &laqascii117o; لم تسجل حالة فرار واحدة لدرزي من الجيش، وهذا دليل حس وطني ورجولة". وعلى الرغم من ترويج جريدة &laqascii117o;النهار" قبل أشهر ان عدد القتلى الدروز في الجيش السوري يزيد على المئة، تشير احصاءات &laqascii117o;مركز توثيق الانتهاكات في سوريا" الذي يشرف عليه ناشطون في &laqascii117o;لجان التنسيق المحلية" المعارضة، الى ان العدد الاجمالي للعسكريين القتلى من السويداء بلغ حتى يوم امس ٣١ قتيلاً. وتظهر احصائية أخرى لناشطين نشرت في موقع فايسبوك ان العدد بلغ 45 قتيلاً. وتؤكد معلومات ميدانية لـ&laqascii117o;الأخبار" ان القرى الدرزية في السويداء التي تقع على تماس مع القرى السنية في درعا ومع الحدود الاردنية شهدت في الآونة الاخيرة ظاهرة &laqascii117o;اللجان الشعبية"، إذ يؤدي الشبان حراسات ليلية تحت شعار &laqascii117o;الحماية من الغرباء"، والحال نفسها، ولكن بوتيرة أقل، في منطقة ريف دمشق. وتفيد المعلومات بأن المعطيات التي قدمها الشبان الدروز المدنيون حول عمليات تهريب السلاح ساهمت في كشف عملية تهريب كبيرة في منطقة وادي سرحان. قبيل اندلاع احتجاجات درعا بأيام، قام الرئيس الأسد في الثاني عشر من آذار، بزيارة مفاجئة وغير رسمية وبدون مواكبة الى السويداء. صورة الرئيس ضاحكاً، والمحمول من أحد المشايخ الدروز، والتي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة، رسخت الانطباع بأن الرئيس الأسد هو الحامي للأقليات. هذا لا يعني ان السويداء بقيت بعيدة عن الاحتجاجات، إذ شهدت المحافظة سلسلة من التحركات في عدة مناطق، إلى جانب المشاركة النشطة للشباب الدروز في المهجر في الحركات الاحتجاجية. وعلى عكس ما يروج له الناشطون المعارضون في السويداء منذ بداية الاحتجاجات من انهم اصطدموا &laqascii117o;بظاهرة الشبيحة"، فإن الوقائع الميدانية تؤكد أن مشايخ الدين الدروز كانوا رأس الحربة في رفض الاحتجاجات ومنعها بالقوة. وتعود أولى الاحتجاجات إلى السابع والعشرين من آذار، حين قام نحو ثمانين محامياً باعتصام نقابي، طالبوا فيه الرئيس بالإصلاح وإطلاق الحريات ومحاسبة المسؤولين. وفي التاريخ ذاته، انطلقت اعتصامات اضاءة الشموع في قرى درزية عدة. لكن القرار كان واضحاً من قبل رجال الدين في هذه القرى، ويقضي برفض هذه التحركات التي اقتصرت على عشرات الاشخاص. وفي الرابع عشر من نيسان شهدت ساحة السرايا أمام مبنى المحافظة في السويداء تحركاً احتجاجياً، وتلتها تظاهرة يوم الاستقلال في القريا، مسقط رأس قائد الثورة السورية سلطان الأطرش، أسفرت عن اصابات. وبعدها بيومين شهدت مدينة شهبا تحركاً شارك فيه المئات على خلفية تكسير صور لسلطان الأطرش، علماً ان خلفية هذه الاعتداءات لا تزال غامضة لكونها جاءت في مصلحة المحتجّين، إلا أن شرائط الفيديو تظهر أن حركة الاعتصامات المتنقلة نشطت في شهبا خلال الاسابيع الماضية وبينها اعتصام للمطالبة باطلاق سراح الناشط مهران الطويل الذي افرج عنه اول من امس. في المقابل، لا يكاد يمر أسبوع من دون أن تشهد القرى الدرزية تجمعات ولقاءات تعلن الوفاء للرئيس السوري وتؤكد على الوحدة الوطنية. آخر هذا اللقاءات كان اول من امس بالتزامن مع الدعوة التي اطلقها جنبلاط الى الشباب الدروز برفض الاوامر العسكرية. وعقد هذا اللقاء في قرية عرنة في جبل الشيخ، بمشاركة مفتي الجمهورية أحمد بدر الدين حسون والمطران موسى الخوري المعاون البطريركي للروم الأرثوذكس، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز حمود الحناوي والمئات من رجال الدين الدروز. وأطلق اللقاء رسالة واضحة &laqascii117o;إلى المتلونين في مواقفهم وفق الظروف، الحالمين بزعامات لدويلات عرقية طائفية، (تفيد) بأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم"، على حد قول عصام الشعلان، مختار الجولان السوري المحتل.
ـ 'الديار'
مصادر مقرّبة من جنبلاط: العلاقة مع 'حزب الله' ثابتة
مواقف أبو تيمور تأتي في سياق تنظيم الإختلاف حول الملف السوري
هشام يحيى:
مجددا ومع كل موقف تصعيدي ضد النظام السوري من قبل رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط تنطلق التحليلات القريبة والبعيدة حول مدى انعكاس هذه التصريحات على الستاتيكو السياسي الداخلي الذي من أبرز سماته الحكومة الحالية... ولعل أبرز ما يثير الإهتمام عند كافة المراقبين للوضع اللبناني في هذه التصريحات هو مدى تأثير تداعياتها على العلاقة القائمة في الحكومة وميدانياً على الأرض بين الحزب التقدمي الإشتراكي وحزب الله الحليف الإستراتيجي الأقرب للنظام السوري ليس في لبنان وحسب بل على مستوى الصراع الكبير الدائر في المنطقة بين محور الممانعة والمقاومة والمحاور الأخرى على إطلاقها.
أوساط مقربة من النائب جنبلاط تؤكد لـ الديار بأن علاقة الحزب التقدمي الإشتراكي بحزب الله ممتازة وثابتة وراسخة على قواعد مشتركة إزاء مستقبل لبنان ووحدته وحفظ سلمه الأهلي وحماية عيشه الوطني المشترك، وبناء على ذلك فإن هذه العلاقة لم ولن تتأثر بمواقف الطرفين إزاء الملف السوري... خصوصاً أن هذا الأمر جرى مناقشته باستفاضة وشفافية مطلقة في اجتماعات رفيعة بين الحزبين وقد جرى التوافق بينهما على جملة عناوين استراتيجية تحكم العلاقة بينهما وتعززها، و هي: حماية الإستقرار والأمن الداخلي من أي فتنة ـ بقاء الحكومة وتفعيل عملها وانتاجيتها لا سيما على صعيد القضايا الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية التي تهم المواطنين ـ تنظيم الإختلاف بينهما حول تطورات الأحداث السورية على قاعدة حق كل طرف بإدلاء المواقف التي تنسجم مع قناعاته السياسية مع التأكيد على سياسة النأي بلبنان عن الأحداث الجارية في سوريا وذلك من خلال تأييد الموقف الرسمي في هذا الخصوص والذي يعبر عنها فخامة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
واشارت الاوساط نفسها الى انه &laqascii117o;من القضايا الجانبية التي هي موضع اختلاف عرضي بين الحزبين هو سلوك العماد ميشال عون في الحكومة ومدى انعكاسها على تعطيل عجلة وعرقلة العمل الحكومي حيث أن الحزب التقدمي الإشتراكي لديه تحفظات على تغطية أو تغاضي حزب الله عن بعض سلوكيات وزراء تكتل الإصلاح والتغيير داخل الحكومة وأثناء اجتماعات مجلس الوزراء مع العلم والتأكيد بان هذه التجاوزات والإستفزازت كثيراً ما تكون خلف كواليس المواقف المعلنة موضع انتقاد مشترك بين وزراء الحزب التقدمي الإشتراكي وحزب الله على حدٍ سواء ألا أنها تبقى في أطارالهمس نظراً للعلاقة التحالفية التي تربط حزب الله بتيار العماد عون. وفي هذا السياق تؤكد هذه الأوساط بأن التعاون والثقة بين وزراء الحزب التقدمي الإشتراكي ووزراء حزب الله هي أكثر من ممتازة على كل الأصعدة ويمكن القول بأن هذه العلاقة المميزة التي يسودها الود والإحترام والعمل المشترك المنتج بين وزراء الحزبين تكاد تكون الأكثر متانة وصلابة داخل مكونات الحكومة الميقاتية على الرغم من الموقع المتمايز بين الحزبين حول بعض القضايا السياسية العامة".أما ميدانياً تشير هذه الأوساط &laqascii117o;بأن الحزبين طويا أحداث 11 آيار 2008 إلى الأبد بعد ان استخلصا الدروس والعبر من ما جرى على النحو الذي يعزز التواصل والتنسيق الميداني المباشر على الأرض بينهما بشكل دائم وثابت لمنع وقوع ولفلفة ذيول اي حادث من شأنه أن يعكر صفو العلاقات النضالية والعيش الوطني المشترك بين الجبل والضاحية. خصوصاً أن هذا التنسيق والتواصل في مختلف المناطق بين الحزبين قد وطد كثيراً وبشكل راسخ العلاقات المباشرة على مستوى القيادات الميدانية التي باتت أكثر قناعة وحرصاً على تعزيز وتوطيد العلاقة المشتركة المبنية على الثقة المتبادلة بين الحزبين لمواجهة كل الحديات والصعاب على الأرض".
وفي شأن الموقف التصعيدي الأخير للنائب جنبلاط ضد النظام السوري، أكدت الاوساط المقربة من جنبلاط بأنه وبغض النظر عن النبرة العالية - وهذا اسلوب وليد جنبلاط في التعبير عن مواقفه السياسية - فإنه هذا الموقف لم يأتي بجديد في السياسة لا سيما فيما يتعلق بثوابت النائب جنبلاط التي عبر عنها بكل وضوح منذ اللحظة الأولى لإندلاع الأحداث في سوريا، فجنبلاط كان ولا يزال رافضاً اسقاط نظرية المؤامرة على الحراك الشعبي في سوريا، بل أن هذا الحراك ضمن مفهوم وقراءة جنبلاط للأحداث الجارية يمثل حق الشعوب الطبيعي في التحرر من الحزب الواحد والحاكم الأوحد، والمطالبة بحقوقها البديهيّة المتمثلة بالعدالة والحرية والديمقراطية والكرامة. كما أن هذا الموقف يأتي في سياق اصرار النائب جنبلاط بأن الحل السياسي وحده يكفل خروج سوريا من هذا المأزق وليس الحل الأمني والقمعي الذي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع وجر سوريا نحو الحرب الأهلية والتدخل الأجنبي.... وضمن هذه المقاربة فإن هذا الموقف لجنبلاط هو منفصل تماماً عن مجريات اللعبة السياسة الداخلية، وبالتالي فإن هذا الموقف ومنعاً لأي تفسيرات من هنا وهناك لا يحمل أي بوادر لتغيير جنبلاط لموقعه الوسيط في السياسة الذي يقف على مسافة واحدة فيها من فريقي الإنقسام التقليدي في البلاد أي 14 و 8 آذار... فبحسب هذه الأوساط فإن جنبلاط حريص أكثر من أي وقت مضى وفي ظل المرحلة الدقيقة والبالغة الحساسية التي يمر بها لبنان بأن يكون خارج أي اصطفاف عامودي حاد في البلاد خصوصاً أنه من خلال هذا الموقع قادر على ابقاء الحد الأدنى من التواصل ومد الجسور بين مختلف القيادات السياسية التي هي على طرفي نقيض من كافة الأمور المطروحة وذلك لتجنيب البلاد مخاطر الإنزلاق نحو الأسوأ على الصعيد الداخلي... وأيضاً لإبقاء أبواب احتمالات العودة إلى هيئة الحوار الوطني مفتوحة على قاعدة إيمان النائب جنبلاط بان الخلافات الداخلية بين مكونات المجتمع اللبناني لا تحل بالتخوين أوالتهديد أوالإستقواء لهذا الفريق على الآخر بل أن الحلول والتسويات لا يمكن التوصل إليها إلا من خلال الحوار العقلاني خصوصاً أن هذا الحوار الوطني سبق وفي أوج الإنقسام الداخلي في العام 2006 أن حقق برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري انجازاً كبير من خلال الإتفاق بالإجماع على ثلاثة بنود رئيسية وهي: المحكمة الدوليّة، تحديد وترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وتحديداً في مزارع شبعا، والسلاح الفلسطيني خارج المخيمات. وبقي عالقاً آنذاك بند رابع هو بند سلاح المقاومة الذي كان تأكيد على معالجته بالحوار في مؤتمر الدوحة بعد الأحداث المؤلمة التي حصلت في أيار
ـ 'الديار'
مصدر حكومي: قضية الصدر وُضعت على السكة الصحيحة في ليبيا..
ومحاكمة معاوني القذّافي الستة مستمرة
دوللي بشعلاني:
لا يزال مصير رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين الذين اختفوا في ليبيا منذ أكثر من 33 عاماً أثناء زيارة لهم الى طرابلس الغرب، موضع شكوك عدّة لا سيما بعد مقتل الرئيس الليبي معمّر القذافي المتهم الأول مع ستة من معاونيه بإخفائهم، وعدم ظهور هؤلاء في أي مكان في ليبيا المحرّرة. فهل لا يزالون على قيد الحياة أم أنّ القذافي تخلّص منهم مباشرة وادّعى أنّهم غادروا ليبيا متوجّهين الى إيطاليا بهدف إزاحة التهمة عن كاهله. الوفد اللبناني الرسمي الذي زار ليبيا أخيراً برئاسة وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، لم يعد من ليبيا الانتقالية مع &laqascii117o;الخبر اليقين"، الذي كان ينتظره لبنان أولاً، ثمّ &laqascii117o;حركة أمل"، وذوي المغيّبين، إلاّ أنّه عاد متفائلاً بتعاون المسؤولين الليبيين من أجل الكشف عن قضية الإمام الصدر ورفيقيه من خلال ما بدأته لجنة التحقيقات الخاصة بها.وإذ أبدت السلطات الليبية استعدادها على تسريع العمل للكشف عن قضية اختفاء الإمام الصدر ورفيقيه، أعلن مصدر حكومي عن اطمئنانه لأنّ &laqascii117o;القضية وُضعت على السكة الصحيحة بعد زيارة الوفد اللبناني الى ليبيا الأخيرة، لا سيما وأنّ التمويه وتشويه الحقائق سادا طوال الأعوام الماضية التي كان لا يزال فيها القذّافي على قيد الحياة".وعمّا توصّلت اليه التحقيقات حتى الآن لجهة بقاء الإمام الصدر ورفيقيه على قيد الحياة أم لا، قال: &laqascii117o;لم تنتهِ التحقيقات بعد، وعلينا انتظار النتائج التي وُعدنا بأنّها ستظهر بأقصى سرعة ممكنة".في المقابل، رأى أحد المراقبين السياسيين أنّه رغم كلّ ما جرى التداول به في الآونة الأخيرة في بعض وسائل الإعلام عن اكتشاف جثث تعود للإمام الصدر ورفيقيه، ليتبيّن لاحقاً أنّها تعود لأفارقة، فإنّ مصير الإمام الصدر ورفيقيه لا يمكن أن يبقى مجهولاً لوقت طويل، على نحو ما حصل في عهد القذّافي، لا سيما وأنّ الحكومة الجديدة والمجلس الإنتقالي الوطني والوزراء المعنيين يهمّهم أولاً كشف ممارسات النظام السابق نظراً للجرائم الكثيرة التي ارتكبها بحق الأبرياء من دون وجه حقّ.
ومن هنا، يعتبر المراقب السياسي أنّه لو كان الإمام الصدر ورفيقيه لا زالوا على قيد الحياة، محتجزين في أحد السجون الليبية لكانوا ظهروا الى العلن، لا سيما وأنّه مضى نحو ثلاثة أشهر على مقتل القذّافي. ولهذا فإنّ كفّة تصفيتهم على يد القذّافي ومعاونيه قد تكون الأقرب الى المنطق، إلاّ أنّ أحداً لا يمكنه الجزم حول هذا الموضوع، لا سيما وأنّه خلال العقود الثلاثة الماضية، لم يصدر أي خبر عن مقتلهم بل عن اختفائهم أو تغييبهم. ثمّ أنّه في حال مقتلهم، لا بدّ للنظام الجديد من إيجاد جثثهم، وإلاّ فلا يمكنه تأكيد هذا الأمر، الذي لا يتمنّاه أحد في لبنان.
وتأخذ قضية اختفاء الإمام الصدر ليس فقط بُعداً وطنياً وإنسانياً، بل وقانونياً أيضاً لا سيما وأنّ القضاء اللبناني سبق وأن اتهم العقيد القذّافي بهذه الجريمة إلاّ أنّه رفض المثول أمام القضاء اللبناني، وبعد أن تأكّد مقتله سقطت ملاحقته، ويستتبع ذلك إسقاط الدعوى العامة عنه بسبب الوفاة، إلا أنّ ما تمّ تداوله عن مقتل المتهم القذّافي، يندرج في إطار المعلومات المستقاة من الشؤون العامة ولا يجوز أن يحكم بناء على معلوماته الشخصية في الدعوى. وتطبيقاً لمبدأ حُسن سير العدالة، تمّ تكليف وزارة الخارجية والمغتربين إفادة المجلس عن مدى ثبوت وفاة المتهم وإيداع المجلس مستنداً رسمياً لإثباتها وذلك بالسرعة الممكنة لأجل متابعة إجراءات المحاكمة تمهيداً للفصل فيها.
غير أنّ المجلس العدلي على ما أفاد، مصدر ديبلوماسي متابع، سيمضي في محاكمة المتهمين الستة من معاوني القذّافي في القضية بإصدار حكم غيابي بحقهم في الموعد المحدد وهم: المرغني مسعود التومي، أحمد محمد الحطاب، عبد الرحمن محمد غويلة، محمد خليفة سحيون، عيسى مسعود، وعبدالله المنصوري. وذكرت المعلومات أنّ اثنين منهما وقعا في يدّ الثوّار، ما يعني أنّ مسألة استجوابهما من القضاء الليبي الجديد قد تكشف قريباً عن ملابسات اختفاء الصدر ورفيقيه. وكان الإمام الصدر قد وصل إلى ليبيا بتاريخ 25 آب 1978 يرافقه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، في زيارة رسمية، وحلوا ضيوفاً على السلطة الليبية في &laqascii117o;فندق الشاطئ" بطرابلس الغرب. وكان الصدر قد أعلن قبل مغادرته لبنان، أنه مسافر إلى ليبيا من أجل عقد اجتماع مع القذافي. وأغفلت وسائل الاعلام الليبية أخبار وصول الامام الصدر إلى ليبيا ووقائع أيام زيارته لها، ولم تشر إلى أي لقاء بينه وبين العقيد القذافي أو أي من المسؤولين الليبيين الآخرين.
وانقطع اتصاله بالعالم خارج ليبيا، على غير عادته في أسفاره حيث كان يُكثر من اتصالاته الهاتفية يومياً بأركان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان وبعائلته. وشوهد الإمام الصدر في ليبيا مع رفيقيه، لآخر مرة، ظهر يوم 31 آب 1978. بعد أن انقطعت أخباره مع رفيقيه، وأثيرت ضجة عالمية حول اختفائهم معاً. وأعلنت السلطة الليبية بتاريخ 18 آب من العام نفسه أنهم سافروا من طرابلس الغرب مساء يوم 31 آب إلى إيطاليا على متن طائرة الخطوط الجوية الإيطالية. وجدت حقائبه مع حقائب الشيخ محمد يعقوب في فندق &laqascii117o;هوليداي إن" في روما. وأجرى القضاء الإيطالي تحقيقاً واسعاً في القضية انتهى بقرار اتخذه المدعي العام الاستئنافي في روما بتاريخ 12 آب 1979 بحفظ القضية بعد أن ثبت أن الامام الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الأراضي الإيطالية. وتضمنت مطالعة نائب المدعي العام الإيطالي الجزم بأنهم لم يغادروا ليبيا
ـ 'الديار'
الحرب الإقليميّة حتميّة وأطراف النزاع تستعدّ لسيناريو 'يوم القيامة' قبل الصيف المقبل
'حزب الله' يُشكّـل رأس حربة في الصراع وقوى 14 آذار تنتظر.. وتلعب دور 'الكومبارس'
ابراهيم ناصرالدين:
انتهى الكلام المعسول، لم يعد مصطلح &laqascii117o;الربيع العربي" يؤتي ثماره، وعنوان نشر الحرية والديموقراطية لم يعد بضاعة يسهل تسويقها بعد ان صمد النظام السوري قرابة سنة امام هذه &laqascii117o;المزحة السمجة" التي لم تنطل الا على السذج، فالرسالة باتت واضحة اليوم بعد قرارات الجامعة العربية الاخيرة، لن يقف احد امام حركة التاريخ فالتغيير في المنطقة لن يقف عند حدود، &laqascii117o;التسونامي" سيجتاح كل السدود تحت عنوان &laqascii117o;الاسلام السني المعتدل"، وبمباركة اميركية، من يقبل به صاغرا سينال العفو، كما حصل في تونس واليمن، اما من يعاند فرياح التغيير ستقتلعه كما حصل في ليبيا. دخول دول الخليج على الملف السوري بقوة، اوانتقال دورها وتدخلها من السرية الى العلنية، يعتبر ترجمة حرفية لهذه المعادلة، وما ارادت قوله صراحة ان الزمن الان هو زمن دول الخليج العربي، &laqascii117o;المستقرة سياسيا واقتصاديا وامنيا"، وما يحصل الان فرصة تاريخية لن تتكرر لرسم صورة المشهد العربي لسنوات مقبلة، فالمراكز العربية الثلاثة التي صاغت تاريخ المنطقة على مدى عشرات القرون تعيش حالة من فقدان التوازن، فسورية تواجه ازمة غير مسبوقة، والعراق يعيش صراع مفتوحا لا احد يتكهن بنتائجه، اما مصر فتعيش مرحلة انتقالية صعبة ومشغولة بهمومها الداخلية، ابعدتها عن كل دوائر التأثير في المنطقة.
هذا التطوراثلج صدور قادة قوى 14 اذار في لبنان، ولم يفاجئهم، فموقف وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في الجامعة العربية هو برأي اوساط سياسية مطلعة، ترجمة حرفية لما سمعوه في الايام والاسابيع الماضية في الرياض والدوحة من كلام واضح لا يقبل اي التباس حول نهائية الموقف من نظام الرئيس السوري بشار الاسد وعدم القبول بأي تسوية حول بقاء الرئيس السوري في منصبه، في المقابل لم يفاجىء قادة قوى الاكثرية وحلفاء سوريا بما حدث ولا يعيشون حالة صدمة مما الت اليه الامورفهم يدركون ان &laqascii117o;اللعبة" لم تنته فصولا بعد، والخطوة الخليجية كانت متوقعة وهي ليست معزولة عما يحصل في المنطقة وليس من قبيل الصدفة ان تتزامن ضغوط الجامعة العربية على النظام السوري مع اقرار وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي حظرا نفطيا شاملا على ايران، ودخول حاملة طائرات اميركية جديدة الى الخليج العربي عبر مضيق هرمز، في استفزاز واضح للأخيرة.
عدم دهشة قوى الاكثرية والاقلية في لبنان من سياق تطور الاحداث، ليس الامر الوحيد الذي يجمعهما في سياق قراءة المشهد المتوتر في المنطقة، فالنقطة الاخرى التي يتقفقان عليها ضمنيا ان الطريق المسدود سيؤدي حتما الى هروب احد اطراف النزاع الى الامام لقلب كل المعادلات في المنطقة، فالحرب الاقليمية حقيقة واقعة لا محالة، وهي اقرب من اي وقت مضى، هما يعرفان ذلك لكنهما يختلفان على النتائج كما يختلفان في كيفية مواكبة هذا الحدث الذي ينتظره الطرفان ويراهنان على تداعياته. فما الذي يجعل حتمية الحرب امراً مفروغ منه؟ وهل من تقدير واضح لتداعياتها على المنطقة ولبنان؟
هذه القناعة الراسخة لدى الاقلية تعكسها تصريحات قادة تيارالمستقبل المتفائلة بقرب سقوط النظام السوري، كما تعكسها نبرة التحدي المرتفعة في كلام النائب وليد جنبلاط العائد من قطر بمعلومات حاسمة عن استعداد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة للذهاب الى نهاية الطريق في الصراع مع معسكر المقاومة في المنطقة، فالتخلص من النظام السوري بات امرا محسوما واذا لم يحصل من الداخل فلا ضير من تدخل عسكري ينهي النظام حتى لو كانت التكلفة عالية وباهظة، لان هذا الثمن سيكون اقل تكلفة من بقاء هذا النظام الذي يشكل &laqascii117o;العامود الفقري" للهلال الشيعي في المنطقة والذي لن يقبل احد بأن يتحول الى &laqascii117o;بدر" في زمن صعود &laqascii117o;الاسلام السني". وهذا الكلام سمعه ايضا رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع وهو لذلك يعرض على حزب الله التفاوض الان لتسليم سلاحه قبل ان ينتزع منه بالقوة. وبرأي الاوساط نفسها فأن الدور المطلوب من قوى الاقلية في هذه المرحلة، هوانتظار ساعة الصفر، وقد يكون لها دور في المستقبل بأفتعال شرارة استدراج التدخل الدولي عبر المناطق الحدودية مع سوريا، لكن الاحتكاك الداخلي مع حزب الله ممنوع في هذه المرحلة لان النتائج ستكون &laqascii117o;كارثية" نتيجة توازن القوى المفقود، ولذلك عليها الاكتفاء بالحملة الاعلامية ضد سوريا، وتهشيم صورة ايران وشيطنتها، ومن هنا يمكن فهم التهليل بتصريحات قائد فيلق القدس قاسم سليماني &laqascii117o;الملفقة"، ويمكن ايضا فهم &laqascii117o;الغبطة" بتصريحات ميخائيل مارغيلوف واعتبارها بداية نهاية الدعم الروسي للنظام السوري، وضوء اخضر لاي حملة عسكرية قد تحصل في المستقبل.
اما على الضفة الاخرى فحتمية الحرب لم تعد مجرد تحليل وانما قناعة راسخة خصوصا لدى حزب الله، لكن هذه القناعة لم تفض الى دخول الحزب في حالة من الانتظار فهو على عكس قوى 14 اذار لاعب اساسي في المنطقة وهو سيكون رأس حربة في اي حرب جديدة، ولذلك فأن الاوساط نفسها ترجح وجود تحضيرات مكثفة لدى الحزب لما بات يعرف &laqascii117o;بيوم القيامة"، حيث لن يترك اي شيء للصدفة والدروس المستفادة من حرب تموز كثيرة، ولذلك فأن الحزب لا يكترث كثيرا لما يحكى عبر الاعلام عن صعوبات اميركية وغربية اقتصادية وعسكرية تمنعها من خوض حرب جديدة، ولا يكترث بالكلام عن خشية اسرائيلية من تداعيات الحرب، وعدم رغبة دول الخليج في هز امنها الحيوي، فكل هذه التحليلات لا مكان لها في العقلية الاستراتيجية التي تفكر بها قيادة الحزب ولذلك فان التحضيرات تقوم على اساس ان الحرب واقعة غدا مع قناعة راسخة بان النتائج ستغير هذه المرة وجه المنطقة.
وبحسب الاوساط نفسها فان ما يجعل وقوع هذه &laqascii117o;المعركة الفاصلة" امرا لا ريب فيه ان طرفي النزاع لديهما فائض قوى ولديهما يقين بان المعركة ستحسم لصالحه اذا ما وقعت، فتكرارالولايات المتحدة &laqascii117o;لخطيئة" الجيش الروسي في افغانستان، وحربها الفاشلة في العراق رغم تجربتها المريرة في فيتنام، وكذلك تكرار اسرائيل لسلسلة اخفاقاتها في لبنان عبر حروب مستنسخة ادت الى نتائج كارثية على مدى الاعوام الماضية، كانت تنيجة شعور هذا المعسكر بغطرسة القوة وقدرته على انزال هزيمة &laqascii117o;قاصمة" بأعدائه، وهذه العقلية لم تتغير حتى الان، وفي المقابل يملك معسكر المقاومة الكثير من المقومات والاوراق والتجارب التي تجعله متيقنا من ربح المعركة وعدم الخوف من خوضها، ولذلك فأن شرارة الحرب قد تندلع في اللحظة التي يشعر بها اي طرف بانه بات بحاجة ماسة اليها للخروج من عنق الزجاجة.اذا عنوان المعركة بات واضحا، يكون نظام الرئيس الاسد او لا يكون، جميع الاطراف مستعدة للذهاب الى النهاية ولم تحصل &laqascii117o;عجيبة" تخرج الجميع من المأزق، فالمسألة مسألة وقت ليس الا، لا احد يعرف على وجه التحديد متى يندلع الحريق، البعض يجزم بأن الموعد لن يتجاوز الربيع المقبل، لان الادارة الاميركية محشورة بموعد الانتخابات الرئاسية وهي في الصيف المقبل لن تكون قادرة على المجازفة بحرب لن تستطيع تدارك تداعياتها في صناديق الاقتراع، والمعسكر الاخر غير معني بالحرب طالما استمر صمود النظام في سوريا، ولكن قد تكون الحرب ضرورية لاخراج الصراع من قوقعته المذهبية والطائفية واعادته الى المربع الاول، وقد تكون ضرورية لاستغلال لحظات ضعف لدى المعسكرالاخر،وحتى يحين الوقت تبقى الاجوبة معلقة حول التداعيات المرتقبة على الساحة اللبنانية، لكن ما لا يختلف عليه اثنان هو ان الطرف الاقوى الذي يشارك في صناعة الحدث سيقطف ثمار النجاح ويستطيع التعامل مع نتائج الفشل بينما من يشارك في لعبة الانتظار ودوره ثانوي لن يكون في المشهد النهائي وهذا مصير من يقبل بلعب دور &laqascii117o;الكومبارس".
- 'الجمهورية'
وايات
شارل جبّور:
لا بدّ، بعد عشر سنوات على استشهاد الياس حبيقة، من التوجّه إلى نجله بمجموعة من الأسئلة والتساؤلات، هنا أبرزها: أولاً، هل يعتقد فعلاً أنّ إسرائيل هي التي اغتالت والده بهدف 'شطبه من المعادلة قبل الإدلاء بشهادته في قضية صبرا وشاتيلا في بروكسل نظرا لخشيتها من أن 'تزلزل' هذه الشهادة كيانها؟ وألا يعتقد أنّ المفاعيل السياسية لهذا الملف طويت في تل أبيب قبل تاريخ اغتيال والده بوقت كبير؟ وهل ما كان يملكه يشكّل فعلا عنصرا جديدا؟ وهل يعقل اختفاء الأدلة مع موته، هذه الأدلة التي يفترض أن تكون كناية عن وثائق وصور وتسجيلات وإفادات ومراجع...، أم أنّ المقصود مجرّد إخبار أو إفادة شفهية لا تقدّم ولا تؤخّر أمام المحافل الدولية؟ وهل فتح هذا الملف كان هدفاً بذاته أو لمجرّد الإثارة الإعلامية-السياسية تحويرا للأنظار عن تموضع سياسي جديد أو شيء آخر؟ وماذا عن تموضع والده السياسي بعد انتخابات العام 2000 وعودته إلى الخطاب المسيحي ومحاولته إعادة تجميع رفاقه السابقين؟
ثانياً، هل حاول البحث عن مسرح آخر للجريمة غير إسرائيل؟ ومن المستفيد من اغتياله؟ وهل ثمّة من اختار اللحظة السياسية المتصلة بصبرا وشاتيلا لربط هذا الاغتيال بإسرائيل بهدف تضليل التحقيق سواء من حيث الأدلة أو الظروف المواكبة لعملية الاغتيال؟ وهل ربط بين شطبه سياسيا عبر إسقاطه في انتخابات العام 2000 ومن ثم شطبه جسدياً؟ ولم يسأل نفسه لماذا رفض 'حزب الله' أن يكون معه الـ '.H.K' على لائحة واحدة رافضاً حتى أن يتصوّر معه (وهذا الكلام لا يعني اتهام الحزب، إنّما إعادة استرجاع بعض المحطات السياسية)؟ ولماذا تخلّت عنه دمشق وبطلب ممّن؟ وهل كانت ضمانة 'الحبيقة' مع الأسد الأب لا الأسد الابن الذي تخلّى عنه سياسياً، الأمر الذي أفسح في المجال أمام اغتياله؟ وما الرابط بين اغتياله وكتاب 'كوبرا' الذي حاول ضرب صورته وتشويهها، هذا الكتاب الذي يروي قصّة الدبلوماسيين الأربعة الذين تمّت تصفيتهم ودفنهم قرب 'البيت الأبيض' (جهاز الأمن) ومن ثم نقل رفاتهم إلى 'وادي الجماجم'؟
ثالثاً، ألم يسأل نفسه عن الأسباب الكامنة وراء إزالة أثار الجريمة مباشرة بعد الاغتيال؟ وألم يذكّره هذا المشهد بإزالة أثار الجريمة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ وألم يتنبّه إلى أنّ تقنية التفجير التي استهدفت والده هي نفسها التي استهدفت شهداء ثورة الأرز وتحديداً الشهيد جبران ت