- 'السفير'
بين النظام والمعارضة والمجتمع الدولي: لا أحد يملك الحلّ في سوريا
بيتر هارلينغ:
منذ اندلاع الأزمة في سوريا، ولأشهر طويلة، لم ينجح أي طرف من الأطراف المعنيّة، سواء كان النظام السوري أو المجتمع الدولي أو حتى المعارضة في الخارج، في أن يقدّم أي أمل يوحي بأفق حلّ لهذا التدهور الخطير الذي تنجرف إليه البلاد.
بل على العكس، يبدو الجميع 'متواطئاً'، على نحو متزايد، في جرّ سوريا إلى حرب أهليّة لن تصبّ في مصلحة أي جهة بالتأكيد، بل ستزعزع الاستقرار في المنطقة لسنوات طويلة. علاوة على ذلك، تهدّد المطالب 'المتطرفة'، التي يطلقها كل طرف من جهته مؤخراً، بنسف أي فرصة للتفاوض في هذه المرحلة الانتقالية.
من الناحية الأولى، تقوم رؤية النظام على عمليّة سحق 'مثيري الشغب' المدعومين من الخارج من ناحية، والانفتاح على مطالب الشعب عبر الوعود الإصلاحية من ناحية أخرى، على غرار ما حصل في الأردن والبحرين... في هذه الأثناء، يحرص النظام، كما حلفاؤه، على أن يصدّق خصومه أنه ما زال قوياً، وعلى أن حركة الاحتجاج ليست كما تبدو، بل يجري تضخيمها عبر وسائل الإعلام المعادية، وعلى أن 'المؤامرة الخارجية' عاجزة، وأن المجتمع السوري مصاب بمرض تفشي السفاحين والأصوليين والعملاء، ويتطلّب ذلك علاجاً قاسياً.. عبر الأجهزة الأمنيّة.
في الواقع، تُعدّ هذه الرواية منقوصة من نواحٍ عدة. فعلى امتداد عشرة أشهر، ظهر جلياً أن النظام السوري يعاني من تآكل في هياكله السياسية الداخلية، التي أصبحت غير قابلة للإصلاح. أما السلطة التنفيذية فقد فقدت أي قدرة على تنفيذ سياساتها، كما أن الحزب الحاكم أصبح بمثابة قنبلة فارغة. صحيح أن القوى الأمنية تظهر تماسكاً ملحوظاً واستعداداً فائقاً للقتال، ولكنها تتحول على نحو متزايد إلى قوة معزولة عن المجتمع. أما السبب، فيمكن تفسيره بأن بسط الجيش نفوذه يعتمد على طبيعة حركة الاحتجاج التي كانت لا تزال سلميّة بسوادها الأعظم، أما الآن وقد توسعت أعمال الشغب، فيبدو أن الجيش قد بدأ يفقد قبضته، لا سيّما أنه فضّل في المرحلة الأخيرة اعتماد خيار عدم استخدام العنف كثيرا، خوفاً من أن يُستغلّ ضدّ سوريا في المجتمع الدولي.
في الوقت نفسه، يبدو أن الاقتصاد ينهار بشكل متسارع.. أما المتضرّر الأكبر فهو 'الأغلبية الصامتة' من السوريين، التي يدّعي النظام أنها إلى جانبه، في حين أنها غاضبة وخائفة من الطرفين: قادة البلاد المرتابون من حركة الاحتجاج، والمعارضة في المنفى والعالم الخارجي العاجزان عن تقديم أي أفق واضح للخروج من الفوضى التي تُغرق البلاد.
أما على المستوى الشعبي، فتبدو الصورة مختلفة أيضاً عمّا يودّ النظام وحلفاؤه والمتعاطفون معه أن يعتقدوا. فالحركة الاحتجاجية الغائبة عن الرواية الرسمية منذ الأيام الأولى، صحيح أنها ضمّت بشكل واسع مجموعة من قطاع الطرق والخارجين عن القانون والمتطرفين الموجودين بوضوح داخل المجتمع، إلا أن هناك جانبا إيجابيا في هذه الاحتجاجات وهو يعدّ السلاح الأفضل لمواجهة 'الشياطين' الذين يتحدّث عنهم النظام.
نظرية المؤامرة في هذا الإطار لها حدودها. صحيح أن الحركة الشعبية لم يكن لها لتعيش وحدها من دون التعاطف، غير المهني في كثير من الأحيان، من قبل وسائل الإعلام العالمية، فضلاً عن نيل الدعم اللوجستي من الشتات السوري المنتشر في الخارج. ومهما تكن هذه العوامل صحيحة ومقلقة وتحمل في طياتها بوادر مؤامرة، إلا أنها لا تلتقي بأي شكل مع الرواية السورية الرسمية التي تستند إلى نظرية أن هناك مجموعة من الإرهابيين الدمويين المموّلين من الخارج يحركون ما يجري على الأراضي السورية.
من جهته، يبدو المجتمع الدولي عاجزاً ومنقسماً على نفسه إلى حدّ بعيد. لقد فشل في التصرّف بحسم لغاية الآن. في البداية، أمل الغرب أن ينجح النظام في إدارة الأزمة، وبالتالي يوفّر عليه أي مغامرة محفوفة بالمخاطر في تلك البقعة الحساسة من المنطقة، غير أنه أصبح في قلب الأزمة. في المقابل، تشعر روسيا بالقلق إزاء عدم الاستقرار المتزايد في منطقة الشرق الأوسط، لا سيّما في ظلّ محاولات الغرب المتعجرف لدفع أعماله دائماً تحت ستار القيم الأخلاقية النبيلة.
أما الجامعة العربية بدورها فقد انخرطت بنيويا في الأزمة السورية، عبر إرسال مراقبين، ربما فشلوا بحل الأزمة، لكنهم كبحوا التصعيد في العنف من أي طرف أتى، وهو الأمر الذي لم يكن أحد ليتوقعه في غيابهم. للأسف، كان أكثر أعضاء الجامعة، الذين أبدوا حزماً في التعامل مع الأزمة، من الأطراف الأقل مصداقية لاتخاذ زمام المبادرة، وتحديدا الممالك الخليجية التي بعدما اتحدت لإخماد الاحتجاجات الشعبية في البحرين، مالت إلى تبني منظور طائفي للأحداث الإقليمية، فيما لم تقم سوى بالقليل على مستوى الإصلاح في الداخل... ناهيك عن تعثر دول عربية أخرى منشغلة في التوترات لديها، في وقت لا تثق بالغرب نظرا لسجله الحافل في جعل الأمور أسوأ في هذا الجزء من العالم... فكانت النتيجة على شكل جهد بطيء ولكن محدد، يهدف إلى اعتراض النظام عبر مجموعة من القيود تجبره على الاعتراف بحقيقة الأزمة الداخلية والتفاوض على الخروج، والوقوف في المقابل ضد أي مساع تمهد للتدخل الغربي. إلى ذلك، أُعلنت الخطة الانتقالية هذا الأسبوع متحدثة عن دور مؤقت لنائب الرئيس السوري، وإقامة حكومة وحدة وطنية، وانتخاب لجنة دستورية، وإصلاح الأجهزة الأمنية، الأمر الذي من شأنه توفير آلية يمكن البناء عليها وتعزيزها. إذا حظي التفاوض حول انتقال السلطة بدعم كل الأطراف، سوف تُمارس عندها ضغوط هائلة على النظام الذي يعتمد اليوم على الدعم الروسي...
يكمن الجزء الآخر من المشكلة في الأداء الضعيف للمعارضة في المنفى. فأعضاؤها، الذين يتحدثون مرارا وتكرارا على شاشات الفضائيات عن معاناة ذويهم في بلدهم الأم، أهدروا في الواقع الجزء الأكبر من طاقتهم في الخصومات الشخصية، والضغط من أجل الاعتراف الدولي بهم، ومناقشة تدخل أجنبي - إن كان مرغوبا به أم لا - لن يحدث ببساطة في المستقبل المنظور. وبدلا من قيادة الطريق إلى الأمام، ركزت هذه القيادات على تعقب مزاج الشارع، مغلقة الباب في وجه أي انتقال للسلطة عن طريق التفاوض، ومنتقدة مبادرة جامعة الدول العربية بدلا من اقتراح سبل لتحسينها، كما فشلت في التعبير عن استراتيجية ذات مصداقية وقابلة للتطبيق...
وفي الخلاصة، عجزت كل الأطراف المعنية في الاتفاق على ما يمكن أن يكون شكل ومضمون أي قرار صائب قد يصدر عن مجلس الأمن: عدم تأييد التدخل العسكري الأجنبي واضح، سواء لطمأنة روسيا، أو لأن هذا الأمر في ظل الصراع الحالي ليس من ضمن الخيارات المطروحة حاليا، دعوة جميع الأطراف لوقف إطلاق النار، إلقاء اللوم على النظام لجلبه البلاد الى شفا الحرب، تحميله المسؤولية الكاملة عن مساعي إيجاد الحل؛ مطالبته بتنفيذ خطة الجامعة العربية للمرحلة الانتقالية، الإصرار على احترامه الاحتجاجات السلمية مع تعزيز دور بعثة المراقبين العربية، بالإضافة إلى نشر مراقبين عرب داخل جهاز الأمن المطلوب لمواجهة الجماعات المسلحة.
في النهاية لن يكون مفاجئاً، في ظلّ غياب أي بصيص أمل أن يستفحل اليأس في المجتمع السوري. وقد بدأت بوادر الأخير تظهر في أشكال متعدّدة، جميعها ذات طابع عنفي. فعندما يشعر السوريون بأن جهودهم الجماعية ذهبت سدى، وبأن العالم قد تخلى عنهم، فإنهم سيلجأون بشكل واسع إلى محاربة النظام بأساليبه، الأمر الذي يهدّد بالتحول إلى مشهد أكثر تفتيتا ووحشية. ومن السهل أن يشعر أولئك 'اليائسون' بأن الله وحده قادر على مساعدتهم، الأمر الذي يدفعهم للارتماء في أحضان الإسلاميين، في حين أن الاحتياجات اللوجستية لهذه الجماعات يمكن أن تساعد في تعزيز هذه الظاهرة إلى حد كبير، الأمر الذي يعمّق من الانشقاقات الطائفية.
ولغاية الآن يبدو أن النظام وكذلك خصومه يعوّلان على عامل الوقت، والقدرة على الصمود حتى يستسلم الطرف الآخر. قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن الأمور تزداد سوءاً بحيث يمكن أن يتحوّل الصراع إلى حرب أهليّة ضارية. وعلى الرغم من أن النظام يتحمّل المسؤولية في وصول الحال إلى ما هي عليه اليوم، إلا أن لا عذر أيضاً للمجتمع الدولي وللمعارضة في المنفى للاستمرار في دفع الأمور بهذا الاتجاه المرعب.
بيترهارلينغ، مدير قسم سوريا ولبنان والعراق في مجموعة الأزمات الدولية
(عن فورين بوليسي، بتصرّف)
- 'السفير'
أيها الغرب.. كفاك كذباً!
Independent ـ روبرت فيسك:
الإحاطة بأي قضية من مختلف جوانبها هي واحدة من أصعب المهمات التي يواجهها الصحافي، فكيف إذا كانت القضية هي إيران، إيران.. الخطر الإسلامي المتجسّد، راعية الإرهاب في المنطقة والمسؤولة عنه حول العالم. عرابة &laqascii117o;حزب الله" و&laqascii117o;حماس" الإرهابيتين. إيران التي يديرها رئيس مجنون، يتحكّم ببرنامج نووي سيستخدمه لتدمير إسرائيل، ومستعدّ لإغلاق مضيق هُرمز في أي لحظة يهدّده الغرب.
هذه هي الرواية الغربيّة.. لكن مهلاً، لنعالج الموضوع من الزاوية الإسرائيلية. واضح أن إسرائيل لا تريد أن يغيب عن بال الغرب أبداً المساعي الإيرانية لامتلاك السلاح النووي، فالمسؤولون الإسرائيليون، منذ عشرين عاماً، وهم يحذّرون من أن إيران ستصبح دولة نووية خلال سنوات قليلة.
لا يملّ الرئيس الإسرائيلي اليوم من التحذير أن إيران على وشك إنتاج &laqascii117o;النووي".. احفظنا يا ربّ السماوات.. لم ننسَ، نحن الصحافيين، أن شمعون بيريز قال الأمر نفسه أثناء توليه رئاسة الحكومة عام 1996، كما أن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو حذّر عام 1992 من أن إيران ستمتلك سلاحاً نووياً عام 1999، أي قبل 13 عاماً. القصة القديمة نفسها تتكرّر.
وفي الواقع لا نعرف إن كانت إيران تطوّر السلاح النووي فعلاً. فبعد ما حدث في العراق، من المدهش أن يستخدم الغرب التفاصيل القديمة حول أسلحة الدمار الشامل بالهراء نفسه الذي تحدّث به عن ترسانة صدام حسين المرعبة. السؤال الحقيقي متى بدأت هذه المسألة برمتها؟ خلال حكم الشاه. ذلك الرجل أراد امتلاك الطاقة النووية، بل إنه قال إنه يريدها لأن كلاً من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة تملكان قنابل نووية. المضحك أن أحداً لم يعترض حينها. على العكس، سارع الأوروبيون لتحقيق رغبة الديكتاتور، في وقت بنت شركة &laqascii117o;سيمنز"، وليس روسيا، مفاعل &laqascii117o;بوشهر" النووي.
وعندما تولى آية الله الخميني زمام الأمور بعد الثورة الإسلامية عام 1979، أمر بإغلاق المشروع لأنه &laqascii117o;رجس من عمل الشيطان"، ولكن عندما شنّ صدام حسين حربه على إيران، بتشجيع من الغرب، وبدأ باستخدام الغازات السامة، حينها فقط اقتنع الخميني بضرورة إعادة افتتاح المشروع النووي.
اللافت في الأمر، أن كل هذا تمّ محوه من ذاكرة التاريخ، وتمّ التركيز على أن &laqascii117o;الملالي" هم من بدأوا المشروع النووي، بمساعدة &laqascii117o;المتخلّف" نجاد، والأهم أن إسرائيل ستقوم بتدمير هذا السلاح الإرهابي لتحافظ على وجودها وعلى وجود الغرب والديموقراطية، إلخ.
...المشكلة هي أن إيران فازت تقريباً بجميع الحروب التي خاضتها في المرحلة الأخيرة، من دون طلقة واحدة، بينما قام كل من جورج بوش وطوني بلير بتدمير العراق، وقاموا بقتل الآلاف من الجيش السني الذي لطالما اعتبرته إيران نفسها &laqascii117o;طالبان الأسود".
أما بخصوص أصدقائنا &laqascii117o;المعتدلين" في دول الخليج، فبينما هم يرتجفون في مساجدهم المذهّبة، يتركون للغرب مهمّة تحديد مصيرهم في حال اندلاع الثورة الشيعية المرتقبة. وعليه، لا عجب أن ما يعقده كاميرون من صفقات أسلحة متطورة مع هؤلاء السخفاء، وجيوشهم التي تتقن في أحسن الأحوال إعداد وجبة حساء، غايته تحقيق مكاسب بمليارات الدولارات تحت شعار &laqascii117o;الخوف من طهران".
فلتفرضوا العقوبات...ولتتركوا لأصدقائكم &laqascii117o;المهرّجين" قيادة المعركة.
روبرت فيسك
ترجمة: هيفاء زعيتر
- 'النهار'
انقلاب عربي في سوريا
عبدالكريم أبو النصر:
اتخذت كل الدول العربية باستثناء لبنان قراراً رسمياً غير مسبوق يتعلق بمصير سوريا ويتضمن أربعة عناصر أساسية: أولاً - من أجل انقاذ سوريا من محنتها الخطيرة وحماية شعبها لم يعد كافياً أن يتخلى نظام الرئيس بشار الأسد عن الحل العسكري ويوقف أعمال العنف والقتل للمحتجين ويتعاون تعاوناً كاملاً مع المراقبين العرب وينفذ تعهداته بل من الضروري تغيير هذا النظام. ثانياً - لم يعد مقبولاً عربياً أن يحكم الأسد سوريا بل يجب أن يتخلى عن صلاحياته الكاملة لنائبه الأول فاروق الشرع تمهيداً لاقامة سلطة جديدة بالتفاهم مع المعارضة الحقيقية مختلفة كلياً عن الحالية. ثالثاً - سيكون الشعب السوري صاحب القرار ويختار سلطته وحكامه من طريق انتخابات حرة وشفافة تجري في ظل رقابة عربية ودولية مما يغير الأوضاع جذرياً في سوريا. رابعاً - عملية التغيير الكبيرة هذه ستجري بالتعاون مع المجتمع الدولي وفي اشراف عربي ويتولى المهمة مبعوث خاص يعينه الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي '.
هكذا حدد مسؤول عربي بارز أبعاد وأهداف المبادرة العربية المهمة التي تبناها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأحد الماضي في القاهرة والتي تضمنت 'خريطة طريق' لانتقال السلطة من نظام الأسد الى نظام جديد آخر. وأوضح المسؤول العربي 'ان المجموعة العربية تريد في الواقع أن تنفذ انقلاباً سياسياً شرعياً سلمياً في سوريا وأن تدفع عناصر من النظام غير متورطة في عمليات القتل والقمع الى التعاون مع المعارضة وممثلي المحتجين من أجل الخروج من المأزق، كما ترغب بصورة غير معلنة في زعزعة هذا النظام واحداث انشقاقات فيه وابعاد قيادات عسكرية ومدنية عن الأسد والمرتبطين به تمهيداً لاحداث التغيير الجذري في البلد'.
وشدّد المسؤول العربي على ان الخطوة الأساسية التي اتخذتها المجموعة العربية لم تكن التمديد شهراً اضافياً لبعثة المراقبين العرب وتعزيز قدراتها بل وضع جدول زمني لتطبيق مبادرتها بحيث تنشأ سلطة جديدة في سوريا خلال ستة أشهر. وتبدأ عملية التغيير بعد تسلم الشرع صلاحيات كاملة من الأسد لادارة مرحلة انتقالية تشمل تأليف حكومة وحدة وطنية بالاتفاق مع المعارضة الحقيقية واقامة نظام سياسي ديموقراطي تعددي يتساوى فيه المواطنون وانشاء هيئة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات وانصاف الضحايا وانتخاب أعضاء جمعية تأسيسية في ظل رقابة عربية ودولية من أجل اعداد مشروع دستور جديد يقره السوريون في استفتاء شعبي عام. وتجري بعد ذلك صياغة قانون جديد للانتخاب وانتخابات نيابية ورئاسية تعددية في اشراف عربي ودولي.
واستناداً الى المسؤول العربي المعني مباشرة بهذه القضية فان الدول العربية عموماً تشعر بالاحباط الشديد من تصرفات الأسد ومواقفه وقد دفعتها ثلاثة عوامل الى اتخاذ قرار التغيير الكبير في سوريا هي الآتية: أولاً - الاقتناع بأن سوريا مهددة جدياً بالانزلاق الى حرب أهلية تكون لها تداعيات بالغة الخطورة على المنطقة اذا لم تتوقف أعمال العنف والقتل. ثانياً - الاقتناع بأن نظام الأسد هو المسؤول الأول عن التدهور الكبير في الأوضاع، ذلك انه يتمسك بالحل العسكري ويرفض الاصلاح الحقيقي والتحاور والتفاهم مع المحتجين والمعارضة. وقد حمّل تقرير بعثة المراقبين ضمناً النظام السوري مسؤولية انفجار وتواصل العنف الرسمي وعنف المحتجين اذ انه أكد وجود معارضين مسلحين لكنه لاحظ ان 'هذا التطور ظهر على الأرض نتيجة الاستخدام المفرط للقوة من القوات الحكومية'. كما ان نبيل العربي أكد في بيانه الرسمي أمام الوزراء العرب 'ان أخطر ما في تقرير المراقبين ان الاستخدام المفرط للعنف من الأجهزة الأمنية أدى الى رد فعل من المواطنين المحتجين ومن الجيش السوري الحر مما يهدد بحرب أهلية'. ثالثاً - الاقتناع العربي بأن القيادة السورية تقاتل شعبها المحتج من أجل الاستمرار في السلطة والحفاظ على النظام الحالي وليس من أجل حماية سوريا وضمان الحقوق المشروعة والمصالح الحيوية للسوريين.
وأشار المسؤول العربي الى أن رفض الأسد هذه المبادرة العربية التي تشبه الحل اليمني ليس نهاية المطاف، اذ ان المسؤولين العرب قرروا التوجه الى مجلس الأمن من أجل استصدار قرار دولي يتبنى المبادرة والاجراءات العربية المتخذة في حق سوريا مراهنين على تأييد موسكو وبيجينغ هذه الخطوة اذ ان القيادة الروسية أعلنت مراراً دعمها تطبيق الحل اليمني في سوريا. وحينذاك سيكون الأسد في حال مواجهة ثانية ومرهقة جداً مع المجموعة العربية والمجتمع الدولي ولن يستطيع الافلات من المحاسبة ومنع التغيير ومواصلة حماية نظامه بالقوة المسلحة والتصرف بشعبه كما يريد.
- 'السفير'
الهروب من الحرب إلى المفاوضات!
حبيب فياض:
دول مجلس التعاون الخليجي تنسحب من المبادرة العربية بشأن الأزمة السورية. الدور العربي يستوفي المطلوب منه بنقل هذه الأزمة إلى حيّز التدويل. في المقابل، الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات نفطية ومالية مشددة على إيران. دول عرب الخليج تبدي استعدادها لتأمين البديل عن النفط الإيراني المحظور. في كلتا الحالتين، الدول هذه تؤدي دوراً واحداً: تهيئة الأرضية لترحيل الأزمتين السورية والإيرانية، إلى الدوائر الدولية، مقدمة لإدخالهما في بازار التفاوض الدولي.
ثمة محاولات غربية للربط بين الأزمتين الإيرانية والسورية ووضعهما في سلة واحدة. إدراج طهران ودمشق في سياق مزدوج من العقوبات الأوروبية ليس من قبيل المصادفة. فالمعسكر الغربي يحاول التعامل مع الجانبين بوصفهما مشكلة مشتركة، ووفق آلية واحدة: عقوبات اقتصادية مشددة تهدف إلى الإضعاف، وأداة خليجية محددة المهام تدفع إلى التنازل. الجمع بين الأزمتين نابع من انعدام إمكانية الحسم، في ظلّ تعذّر إيجاد تسوية لإحداهما من دون الأخرى. لا إمكان لتفاهم إيراني مع الغرب ليست سوريا بنداً أساسياً فيه، كما لا حسم للأزمة السورية ما دامت طهران متحالفة معها.
الرئيس الأميركي يتحدث عن إمكانية التسوية السلمية للأزمة مع إيران، فيما تراجع الحديث الإيراني عن إقفال مضيق هرمز رغم العقوبات، ورغم مجيء حاملة طائرات أميركية إلى مياه الخليج، بمؤازرة فرنسية - بريطانية. يبدو أن ثمة توافقاً مبدئياً على عودة المفاوضات بين إيران والدول الست. المسألة النووية الإيرانية بصدد العودة إلى الكواليس الدولية، بعد انقطاع دام أكثر من عام. هي مفاوضات مجهولة الأفق رغم مقدماتها الواضحة.. الدور الأوروبي في هذا الخضم لا يتعدى كونه ممهداً لتفاوض إيراني - أميركي. هذا، من دون إغفال جهد عراقي لفتح ثغرة في جدار العلاقات بين الجانبين. أصلاً، لم يأت وقت وكانت فيه طهران وواشنطن على هذا القدر من الاستعداد للتفاوض. الملف النووي لم يعد جوهر المشكلة، بل تحول إلى مجرد مدخل تفاوضي على الملفات كلها. ليس لدى إيران استعداد لتقديم أي تنازلات نووية. كما ليس لدى الغرب أمل بأن تتراجع إيران قيد أنملة نووياً. المفاوضات المرتقبة، إما أن تفضي إلى تفاهمات متعددة وشاملة، وإما أن تدفع إلى قرع طبول الحرب والمواجهة.
بالمقابل، الانسحاب العربي الخليجي من الأزمة السورية يفسح في المجال أمام وضعها على أجندة التفاوض الإيراني - الدولي بمشاركة تركية. من المرجح أن تنعقد المفاوضات المرتقبة في اسطنبول حيث سيجلس على طاولة واحدة الأطراف التي تمتلك حل هذه الأزمة: إيران قد تعطي أميركا والغرب في العراق وأفغانستان، مقابل أن تأخذ منهما في سوريا. روسيا تبدو أكثر حزماً في رفض خياري العسكرة والعقوبات، وهي تعمل للتأثير على الموقف التركي، ودفعه إلى التخفيف من حدّة التصعيد ضدّ النظام السوري. فيما عين أنقرة على ملفات تعنيها في العراق، وهي تريدها من طهران تحت ستار من التوتير والتأزيم مع سلطة المالكي.
قدرة إيران النووية باتت امراً واقعاً، والأجدى غربياً التغاضي عن هذه القدرة ما دام الخيار العسكري مستبعداً، وما دامت العقوبات لن تغير من سلوك طهران حتى لو أنهكتها اقتصادياً. أما الأزمة السورية، فقد خرجت من طور الحسم ودخلت مخاض التسوية، بعدما استنفدت وسائل العمل على إسقاط النظام، رغم ما أصابه من إنهاك واستنزاف.
هل تنجح مساعي التهدئة في الوصول إلى تسوية؟ وهل يأتي يوم يتخلى الغرب عن ورقة العقوبات على دمشق وطهران، على &laqascii117o;أساس" أن لا تخصيب لليورانيوم في سوريا ولا تظاهرات في طهران تطالب بإسقاط النظام الإيراني؟.
- 'السفير'
مخاطر الحوار الوطني: إسقاط المؤسسات
فارس اشتي:
تتزايد الدعوات الى عقد طاولة الحوار الوطني، وتشارك فيها مرجعيات دستورية اساسية في البلد، ويتقاذف المعنيون بالدعوة وبالطاولة نفسها الشروط لعقدها، إن في المدعوين أو في موضوعات الحوار أو في فعالية النتائج التي ستسفر عنها، من دون أن يناقش اي من الداعين او المدعوين شرعية الدعوة.
ويستغل الداعون جاذبية الحوار والإغراءات التي يستبطنها لتكرار الدعوة، وبخاصة في ظل &laqascii117o;العقل السياسي"، وغير السياسي ايضاً، المنغلق على نفسه والحامل بذاته اسرار الحقيقة المطلقة والصواب الدائم والصراط المستقيم.
ومع أهمية الحوار وفائدته في مجاري الحياة كافة، فإن الدعوة للحوار الوطني في لبنان تحمل مخاطر عدة أبرزها ثلاثة:
1- إسقاط مؤسسات الدولة، فالدولة كانتظام سياسي ـ اجتماعي ـ اقتصادي للقاطنين على هذه الارض المسماة لبنان والمسمين لبنانيين تتكون من مؤسسات يفترض انها منتجة برضى اللبنانيين وباختيارهم، وهي المعنية برعاية شؤونهم وشجونهم وبتنظيم تباينتهم وإنماء توافقاتهم وهي المسؤولة عن ادارة اجتماعهم، وحدها من دون سواها.
وعليه، فإن مؤسسات الدولة هي الإطار الطبيعي للحوار بين اللبنانيين، وبخاصة القوى السياسية بينهم، من دون سواها من الإطارات والطاولات، ويصبح الحوار خارجها إضعافاً لهذه المؤسسات، إن لم نقل إسقاطاً لها بوعي أو بدونه.
ويغذي هذا التوجه ان المدعوين للحوار هم القوى الفاعلة في الحياة السياسية، وهي قوى موجودة كلها في المجلس النيابي وكانت كلها في مجلس الوزراء السابق. وغالبيتها في المجلس الحالي.
ولا يمنع الدستور ولا المنطق طرح اية قضية شائكة، ومنها سلاح حزب الله واستراتيجية الدفاع الوطني، في هاتين المؤسستين الدستوريتين والتوصل الي صيغة حل او تسوية ما حولها، لا بل مبرر وجود المؤسسات في الاجتماع السياسي هو وجود الاختلاف وإلا كنُا في جمهورية افلاطون او بلغنا الدولة اليوتوبية.
2- تعميم القيم الأهلية، ما قبل الدولة والقانون، وإقصاء القيم المدنية، ما بعد الدولة والقانون؛ فالدعوة الى الحوار المنطلقة من شعور بتفاقم الخلاف بين فريقي الصراع في لبنان تحمل حلاً عشائرياً له بإقصاء مؤسسات الدولة عنه، وبخاصة إن أياً من طرفي الصراع لا يثير مسألة غياب مؤسسات الدولة او تعطيلها، وكأن الامر مسلم به، وكذا وسائل الاعلام ومثقفوها.
وتردف الدعوة الى الحوار ومندرجاتها المقصية مؤسسات الدولة سلسلة سياسات تجمع القوى الفاعلة على ممارستها، والسكوت عنها، رغم ما بينها من خلافات.، فتعيين وزير من قوة سياسية يحوًل الوزارة الى مزرعة لقوته، وكذا المدير العام والمدير (...) والمشاكل التي تواجه المواطنين، عفواً الناس او الرعية، تحل بغالبيتها بهذه الطريقة، ناهيك عن اشتغال الواسطة وتنامي المحسوبيات في المشاكل كلها، والأمثلة كثيرة على ذلك، منها:
- يحتجز وزير عائدات الدولة في وزارته بانتظار مقايضتها مع وزير خصم او تحقيق مطلب لقوته.
- يُخطف مواطن، تعجز اجهزة الدولة عن إطلاقه، رغم معرفتها بمكان احتجازه، وتقف متفرجة حين يسلم الى زعيم سياسي يسلمه الى زعيم المخطوف، من دون تحقيق او محاسبة.
- تقرر إدارة ما تلزيم أعمال موسسة تابعة لها لشركة لا ترضي جهة فاعلة فتقفل هذه الجهة، مباشرة او مداورة، المؤسسة وتحل المشكلة بحل رضائي بين زعماء وفي غياب الإدارة المعنية.
- يحدث اشتباك مسلح بين فريقين لبنانيين او على الاراضي اللبنانية فتدعي الجهة الرسمية ممثلي الفريقين الى اجتماع وتعقد تسوية برضاهما وبرعايتها، دون اي اعتبار للاشرعية اشتباكهما ولصفتها الشرعية.
- تقوم مؤسسة رسمية بعمل حميد، وهذا واجبها، فينبري مجلس الوزراء الى توجيه الشكر لها وكأنها- من خلال لغة الشكر- خارج وصايته، ناسيا انه المؤسسة الدستورية الوحيدة المسؤولة عن كل المؤسسات مهما كبر حجمها.
3- استبطان رغبة او توجه او ارادة بتغيير الدستور، ومنها آخر تعديلاته في الطائف التي انجزت من جراء حرب ابتدأت، داخليا، بالرغبة بالتعديل وانتهت بتعديل غير ما اريد له في البداية وفي لحظة دولية مؤاتية، بعد ان تحول مشروع التعديل الى ورقة في اللعبة الدولية والاقليمية في لبنان وعليه.
وهذه الرغبة المستبطنة يلمح لها، مباشرة او مداورة، في غير الدعوة الى الحوار وهي رغبة مشروعة، الا انها في الوضع اللبناني الراهن مشوبة بعيوب عدة:
اولها: عدم الاعلان عنها مباشرة.
ثانيها: ان القوى القابلة بالحوار والمعترضة على شروطه هي كل القوى الفاعلة في الحياة السياسية، وهي بذلك قادرة على الدعوة للتغيير وفرضه عبر الموسسات الدستورية، ودستورنا يتيح ذلك.
ثالثها: ان الداعين للحوار في موقع دستوري يتيح لهم ان يطرحوا ذلك عبر المؤسسات الدستورية، اذا شعروا برغبة كل القوى بالتغيير، او ان يطروحوا قضايا الخلاف المستدعية طاولة حوار عبر هذه المؤسسات، اذا لم يشعروا برغبة التغيير.
ان النية الحسنة في استسهلال الخروج من الجمود في الوضع اللبناني عبر الحوار المباشر بين الفاعلين، لا تبرر ما تنطوي عليه من مخاطر دستورية ومدنية، لا بل كيانية، فضلا عن ان تجربة الحوار الاولى لم تفض الى اية نتيجة.
- 'النهار'
سياسة ميقاتي الخارجية حمت حكومته ودقّة المرحلة حمت سياستها المحلية الفاشلة
اميل خوري:
تؤكد معلومات لمصادر ديبلوماسية أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي باقية لأنها نجحت في سياستها الخارجية وهو المهم لا سيما في الظروف الدقيقة الراهنة وإن كانت قد أخفقت في سياستها الداخلية.ونجاحها في السياسة الخارجية حماها وأمّن لها البقاء إلى أجل غير معروف اذ التزمت تنفيذ القرارات الدولية وخصوصا ما يتعلق منها بتمويل المحكمة الخاصة بلبنان فجنبت بذلك لبنان مواجهة خطر عقوبات تصيب اوضاعه الاقتصادية والمالية والمصرفية، ولو أن حكومة أخرى مكانها لما كانت ربما نجحت في ذلك ولكان لـ'حزب الله' ومن معه مواقف غير المواقف المرنة التي اتخذها بفضل وجود الحكومة الحالية المدعومة من الحزب نفسه ومن سوريا...
- 'النهار'
التركيز على موسكو لمعالجة العقدة الصعبة
المبادرة العربية في سباق لتوظيف ديناميتها
روزانا بومنصف:
... وتقول مصادر متابعة ان الاتصالات الجارية مع روسيا تحاول ان تتلمس بعض النقاط التي شغلت الروس بالنسبة الى سوريا مع ابداء الاستعداد لاعطاء الضمانات اللازمة لها على صعيد مصالحها في سوريا بعد رحيل الرئيس السوري كما ضمان مصيرهذا الاخير وعائلته مع تأمين الحصانة لهم تماما كما جرى بالنسبة الى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح باعتبار ان هذا الموضوع يشكل اشكالية في حد ذاته بعد الكم الهائل من الضحايا في سوريا. يضاف الى ذلك مجموعة اغراءات لموسكو على صعد عدة في مقابل الامتناع عن التصويت على الاقل وليس ممارسة حق الفيتو. فيما تفيد هذه المعطيات عن انزعاج روسي من ان الدعوة الى اجتماع لمجلس الامن الثلثاء انما تمت عبر بريطانيا وليس عبر رئيسة المجلس لهذا الشهر اي جنوب افريقيا وان هذا الاجتماع سيعقد بعد الاستماع الى احاطة من الامين العام للجامعة نبيل العربي ووزير خارجية قطر حمد بن جاسم عن الوضع في سوريا.. وهناك محاولات تجرى وفق بعض المعطيات على اساس تبني مقدمة المشروع الروسي في القرار الذي يعمل على اصداره مجلس الامن على ان يتبنى في مضمونه الخطة العربية من اجل حل الازمة في سوريا والمتمثلة باعتماد النموذج اليمني اي تفويض الرئيس السوري صلاحياته الى نائبه. وبحسب المعطيات نفسها يراعى ايضا في القرار المرتقب تجنب فرض عقوبات دولية على النظام السوري وكذلك الامر بالنسبة الى فرض حظر الامداد بالسلاح، وهما الامران اللذان تحرص عليهما موسكو. ووفقا للمعطيات نفسها فان الولايات المتحدة كما الدول العربية التي وضعت خريطة الطريق السياسي بالنسبة الى الحل في سوريا مصرة على بند الانتقال السلمي الذي ورد في الخطة والمتمثلة في تفويض الرئيس السوري صلاحياته الى نائبه باعتباره يجنب سوريا الحرب الاهلية بمعناها الاكبر مما يجري حاليا ويضمن بقاء المؤسسات. من جهة اخرى يبدو ان هناك دفعا للدول العربية من اجل ان تقود هذا التحرك جنبا الى جنب الدول الغربية ولا تترك هذه وحدها نظرا الى الحساسيات التي يثيرها تدخلها المباشر او غير المباشر. فالى الزيارة المرتقبة للعربي ووزير الخارجية القطري لنيويورك مطلع الاسبوع المقبل هناك مسعى الى دفع المغرب الذي احتل المقعد العربي في مجلس الامن وهو المقعد الذي شغله لبنان عضوا غير دائم في المجلس لان يكون المحفز الاهم على هذا الصعيد شأنه شأن الدور الذي لعبه لبنان بالنسبة الى الوضع في ليبيا مع اختلاف ما هو مطلوب في الحالة السورية عما جرى بالنسبة الى ليبيا.
- 'السفير'
لبنان الرسمي يصل متأخراً خير من ألا يصل أبداً
باريس: جورج عبد الله يقدم طلباً ثامناً للإفراج عنه
محمد بلوط:
جورج إبراهيم عبد الله في زنزانته الفرنسية بانتظار رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في الاليزيه، كي يضيء قبس أمل يعيده إلى لبنان. المعتقل السياسي اللبناني يطوي خمسينيات العمر في سجن &laqascii117o;لانمزان" الفرنسي، ويمضي في إحدى زنازين أقصى الجنوب الغربي الفرنسي عامه السابع والعشرين، بعيدا عن القبيات مسقط رأسه. نصف حياته في ظلال حكم مؤبد، بعد اتهامه مطلع الثمانينيات بقتل الملحق العسكري الأميركي في باريس عميل الاستخبارات الأميركية الكولونيل شارل راي، بحسب رئيس الاستخبارات الفرنسية آنذاك ايف بونيه، وقتل السكرتير الثالث في السفارة الإسرائيلية عميل الموساد ياكوب بارسينتوف. وكان وفد من حملة التضامن اللبنانية مع جورج إبراهيم عبد الله قد التقى ميقاتي، وهو حدث غير مسبوق في أن تتحدث حكومة لبنانية علنا عن عبد الله، وأن تتقدم بطلب إطلاق سراح أحد مواطنيها، وقد أصبح أحد أقدم السجناء السياسيين في العالم. وأن يصل لبنان الرسمي متأخرا خير من ألا يصل أبدا لمطالبة القضاء الفرنسي بالكف عن سجن عبد الله بعد أن أمضى 13 عاما إضافية كان يمكن للقضاء الفرنسي أن يعفيه منها لو توفرت الإرادة السياسية.