ـ 'الشرق الأوسط'
نصر الله لم يكن يعترف بإيرانيته!
طارق الحميد:
ضجت الأوساط السياسية، والإعلامية، اللبنانية بتصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخيرة التي قال فيها بأن الله أغناه بالمال الإيراني، حيث رفع الكثير هناك من عقيرة الصوت قائلين بأن حسن نصر الله يعترف لأول مرة بأنه تابع لإيران، ويدار، ويمول من قبلها، والحقيقة أن لا جديد في ذلك.
وعندما نقول: إنه لا جديد في ذلك، فلسبب بسيط؛ فما قاله نصر الله عن علاقة حزبه بإيران أمر تثبته أفعال الحزب، طوال السنوات الماضية، ولم يكن لينطلي على لبيب، أو قارئ للتاريخ، أو للأحداث، ومنذ عام 2000. ومن دون مسحة آيديولوجية، ومن لم يكن قادرا على قراءة كل ذلك، وكل المؤشرات أيضا في سلوك حزب الله، أو نصر الله نفسه، فكان بإمكانه التأكد من تبعية حزب الله، وقائده، لإيران فقط من خلال مشاهدة شريط الفيديو الذي تسرب على الـ&laqascii117o;يوتيوب"، وبثته بعض الفضائيات العربية، لحسن نصر الله وهو يعلن أنه ينفذ الأجندة الإيرانية بلبنان، أجندة الخميني.
وعليه، فإن حديث نصر الله الأخير الذي قال فيه: &laqascii117o;إننا في حزب الله نتلقى الدعم المعنوي والسياسي والمادي بكل أشكاله الممكنة والمتاحة من الجمهورية الإسلامية في إيران منذ عام 1982" لم يكن القصد منه نفي التهمة القائلة بأن حزب الله يقوم بالمتاجرة بالمخدرات وغسل الأموال لتمويل أنشطته، فتلك ليست بالتهمة الجديدة حتى يتصدى لها حسن نصر الله، ويقول: إن &laqascii117o;الله أغنانا بدولته الإسلامية في إيران عن أي فلس في العالم حلال أو حرام". بل إن ما أراد قوله حسن نصر الله، وتحديدا لجمهوره اللبناني، أمر مختلف تماما، وهنا القصة.
ففي خطابه الأخير أراد حسن نصر الله طمأنة أتباعه، ومريديه، بالقول: إن مصير حزب الله مرتبط بإيران، وليس النظام الأسدي، وإن دعم حزب الله وسر بقائه هو إيران، وليس الأسد، فإيران هي التي تقدم &laqascii117o;الدعم المعنوي والسياسي والمادي بكل أشكاله الممكنة والمتاحة" لحزب الله، وليس النظام الأسدي، ومعنى ذلك أن حسن نصر الله يريد القول لأتباعه بأن لا تقلقوا في حال سقط بشار الأسد، فقوتنا لا تستمد من نظامه، بل من نظام الولي الفقيه بإيران. هذه هي رسالة حسن نصر الله لمريديه، وهذا ما أراد قوله بكل تحديد، ولذا فإن المعلومات تشير إلى أن هناك &laqascii117o;نقمة" حادة داخل الأوساط الأسدية بعد خطاب نصر الله الأخير، وبالطبع فإن بوسع البعض في لبنان التأكد من ذلك، خصوصا عملاء النظام الأسدي، فحينها سيعرفون أن النظام الأسدي قرأ خطاب نصر الله بذلك الشكل، وليس بأي شكل آخر. وبالطبع فإن هذه هي القراءة الصحيحة لخطاب زعيم حزب الله، فنصر الله لم يكن يعترف بتبعيته لإيران، فهي أمر ثابت منذ زمن، وإنما كان يخاطب مريديه في لبنان ويقول لهم بأن لا خوف على حزبه في حال سقط الأسد، لأن من يدعمهم بكل الأشكال &laqascii117o;الممكنة
ـ 'الديار'
شفافية خطاب نصرالله المذهلة لا تقلّ أهميّة عن الاقتحام الميداني
محمد باقر شري:
رغم عدم التمكن من الكتابة في الايام الفائتة لاسباب خاصة، يتعذر فيها الكتابة السلسة، لم نجد بداً من التحامل على انفسنا لقول ما تيسر من انطباعات وملاحظات مستوحاه من الخطاب الشفاف اكثر من العادة &laqascii117o;للسيد حسن" امين عام المقاومة المستنفرة لمواجهة كل الاحتمالات على ضوء الاحداث المحمومة، ولا نقول الخطيرة لان هذه المقاومة لها سوابق في تحدي الاخطار، وتجد متعة في مواجهتها ولاننا اذا لم نتحسس ابعاد ما ادلى به امس، ونرى - كما نتوقع - من سوف يدلي بدلوه في تفسيرها على هواه، بحيث يصبح لسان حالنا تجاهها مستوحى مما قاله ابو الطيب المتنبي الذي اعيد امس التذكير من جانب البعض بانه يحمل لقبا لم يحمله سواه في عصره وربما في عصور الشعراء الآخرين. وهو لقب &laqascii117o;مالئ الدنيا وشاغل الناس" بحيث نرى من يخوض في الخطاب ومفسراً اقوال امين عام المقاومة ضد العدو على مستوى المنطقة كلها، وقد اراد يثني على سيف الدولة، ولكنه يحاول ان يكتم اعجابه به لكي لا يصبح واحداً من المداحين الكسابين فيستعيض عن مدحه بما يستحقه فيخاطبه بالقول:
مالي اكتم حباً قد برى جسدي وتدّعي حب سيف الدولة الاممُ
ومدح &laqascii117o;الامم" للسيد حسن والمقاومة التي يقودها وارد، لانه باستثناء بعض جاحدي حق المقاومة ولا نقول &laqascii117o;فضلها" لانها لا ترى في ذلك فضلا لنفسها بل واجبا عليها تقوم به، وخاصة ان &laqascii117o;امين عام المقاومة" وامين عام حزبها، هو الذي ردد هذه السنة اكثر مما ردده في السنوات الماضية القول المقتبس من سيرة الامام الحسين سبط الرسول وسيد شباب اهل الجنة من الشهداء باجماع عند جمع المسلمين مقولة الذين قاتلوا معه في كربلاء : &laqascii117o;نود لو نقتل ثم نحيا ثم نقتل، وان يتكرر ذلك ألف مرة ثم تذرى ذرات اجسادنا في الفضاء لما تركنا الحسين وحيداً، مهما قلّ عديدنا بالمقارنة مع عديد العدو وعُدَدِه واول من سوف ينبري لانكار كل ما هو ايجابي وشفاف في هذا الخطاب هم اولئك الذين يجحدون اية &laqascii117o;صفة حسنة" تتصف بها المقاومة ويضيقون ذرعاً ليس ببقائها فقط، بل بأصل وجودها، فضلاً عن تزايد قدرتها على المواجهة - حتى لو كانت تعرف ان هذه المواجهة تستهدف عدواً يعيث فساداً وتخريباً وتأمرا على امتداد المنطقة بل في مجتمعات بعيدة عن المنطقة أيضاً ولها فضل عليه ولا تزال دولها تحتضنه وتحميه وتؤلب الدنيا على كل من يحاول ان يضع حدّاً لطغيانه وفظائعه التي اقام كيانه على اساسها.
والكل يعلم انه ما صرّح به &laqascii117o;سيد المقاومة" حول معونة ايران للمقاومة لتحرير الارض اللبنانية والتي احتلتها اسرائيل في لبنان طوال عقدين من السنين. ولو ان اميركا او بريطانيا وفرنسا وسائر المنخرطين في &laqascii117o;لعبة الامم" قد اسهمت في دعم مقاومة تريد ان تحرر الشريط الحدودي، لكان المعترضون على المقاومة والجاحدون &laqascii117o;لمنجزاتها"البطولية في اجبار أعتى واشرس كيان غاصب على الخروج من الارض اللبنانية التي احتلها مرغما ودون قيد او شرط، لكان الذين لا يشكرون ايران على مساعدتها ودعمها للمقاومة اضافة الى عدائهم لدور سوريا في منع تقسيم لبنان الى جانب دورها في دعم المقاومة وتحمل مسؤولية هذا الدعم وعواقبه التي تعاني منها اليوم، لو ان اي بلد اوروبي الولايات المتحدة نفسها قدمت ولو دعماً رمزياً للمقاومة او على الاقل اوقفت عداءها للمقاومة دون تشجيع اسرائيل على محاولة القضاء على هذه المقاومة، التي هي حق شرعي لكل شعب احتلت ارضه بموجب ميثاق الامم المتحدة لكان الشعب العربي من المحيط الى الخليج هتف لاميركا واوروبا اذا تخلتا عن دعمهما وانحيازهما للكيان العنصري الصهيوني. ولكان بعض الذين يضيقون ذرعاً بالمقاومة في لبنان وسوريا، اذا وجدوا موقفاً ايجابياًَ ولو كلامياً ضد احتلال اسرائيل للارض اللبنانية والتي تصدّت المقاومة لتحريرها لكان اللبنانيون والعرب بمن فيهم المقاومون انفسهم هتفوا لاميركا مثل هتافهم لوزير خارجية روسيا رئيس مخابراتها عند وصولهما الى دمشق. ولقد كان مما يثير غبطة والاعجاب ان يشاهد العالم كله ان الشعب الروسي نفسه شعر بالاعتزاز لموقف روسيا الذي اكد &laqascii117o;استقلالية" السياسة الروسية عن موكب الضلال والظلم الذي انخرطت فيه اميركا واوروبا وبعض &laqascii117o;ذيولها" من الدول الاقليمية!
ولقد قطع امين عام حزب الله الطريق على محاولة استغلال صراحته في قول الحقيقة حول الدعم الايراني والسوري للمقاومة، وهو الدعم الذي وطنت دمشق وطهران نفسيهما على تحمل مسؤوليته وعواقبه. والمهم الا &laqascii117o;يطلع" من بين &laqascii117o;نهازي الفرص" لتبييض الوجه مع اعداء المقاومة ليقولوا مثلا : ان ما كنا نعتقد من وجود دعم ايراني للمقاومة يحتاج الى &laqascii117o;توثيق" فقد جلس &laqascii117o;السيد" على &laqascii117o;كرسي الاعتراف" ليوثقه لنا، وكان ذلك &laqascii117o;علاجاً نفسياً" لمرضى العداء الاعمى للمقاومة حتى لو كان وجودها، قد نقل لبنان من موقع &laqascii117o;قوة لبنان في ضعفه" الى قدرة لبنان على ردع من يحتل ارضه او يهدده او يعتدي عليه. ولو سئل شخص كان يبدو منصفا احيانا للمقاومة مثل وليد جنبلاط عن رأيه بالدعم الذي تناله المقاومة في لبنان من بلد اسمه ايران، لكان جوابه - كما حدث في مرات سابقة - ان طالب بما لا تطالب به حتى اسرائيل - باغلاق السفارة الايرانية .. وهنا لا بد من تذكيره بتحيته للمقاومة أمام الاحتفال بالتحرير في بنت جبيل، وتذكيره بالاقوال المأثورة عنده بأن ينجح الا اذا تلقى دعماً من جهات تتعاطف مع قضيته سواء كان دعماً بالمال والسلاح او الرجال اذا اقتضى الامر، وان كان مستعداً ان يطبق هذا الامر على ثورات مضادة لنظام وطني يقف سداً في وجه العدو القومي ويعتبر &laqascii117o;النضال" جهات متعاونة مع العدو الاسرائيلي خلال احتلاله لجبل لبنان، بل كان يصفها بأنها خائنة ويعلق افرادها على الاعمدة ايام الادارة الذاتية في غياب السلطة، علماً انه كان من بين اسباب عدائه للرئيس لحود انه امر الجيش باقتحام الادارة الذاتية بما فيه قصر بيت الدين الذي كان في عهدته.
وسوف يحتاج الى مياه انهار &laqascii117o;جيحون وبيحون"" ليغسل عنه ادران مناشدته للمواطنين من عائلته الروحية، وجنود هذه العائلة الروحية الكريمة المنخـرطين في الجيش الوطني العربي السوري، ان يسهموا بهدم صلابة هذا الجيـش وعصيـان أوامـره ولكـن هذه المناشدة اسهمت في تصليب ثبات هؤلاء الجنود في جيشهم الوطني الذي سبق ان امتدح هو نفسـه جنوده وضباطه حتى في ساحة الشهداء، عندما حاول البعض الهتاف ضد الجيش السوري متناسين نضاله ودوره في تحصين منطقة الجبل ضد الاحتلال الاسرائيلي مذكراً بالشهداء الذين سقطوا من هذا الجيش في وجه العدو الاسرائيلي وسقوا بدمائهم تراب لبنان، حتى لقد اصبح البعض على شبه اليقين انك تنسج على منوال حمد بن جاسم الذي يؤكد البعض ان استماتته ضد الاستقـرار فـي سوريا، لا يمكن ان تكون عن قناعة طبيعية بل انه يفعل ذلك مكرها، لانه لو تخلى عن حماسه واستماتتـه في العداء ضد النظام السوري سوف تطاله عقوبة فورية من الدين انخرط معهم في العداء ضد ذلك النظام.
ـ 'المستقبل'
11 شباط يوم تغيّرت فيه المنطقة
أسعد حيدر:
11 شباط، يوم استثنائي في تاريخ منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي. قبل سنة، تنحَّى الرئيس حسني مبارك وانتصرت ثورة 25 يناير في مرحلتها الأولى. وقبل 33 عاماً انتصرت الثورة في إيران وقامت بعد ذلك الجمهورية الإسلامية. وفي هذا اليوم، يكون قد مرَّ على الثورة في سوريا 11 شهراً تقريباً، والسوريون يخرجون إلى الشوارع بتصميم غير مسبوق رغم استخدام النظام الأسدي المدفعية الثقيلة ضدّهم.
الأسئلة كثيرة، لكن السؤال الكبير يبقى: ما هو مستقبل ثورة 25 يناير وما هي طبيعة دولة الثورة قيد التشكُّل؟ وماذا بقي من الثورة الإسلامية، وأي مستقبل للجمهورية الإسلامية في إيران؟ وماذا عن الثورة في سوريا، هل هي على طريق الانتصار أم الوأد تحت ركام المباني المهدَّمة والدماء المهدورة والموقف الروسي الداعم للنظام الأسدي؟
سنة واحدة على ثورة 25 يناير في مصر، غير كافية لرسم خريطتها ومستقبلها. لكن من الضروري القول إنّ الثورة لم تكن نتاجاً لثورة إيران كما حاول المرشد آية الله خامنئي تصويرها، وإنّما وقعت لأسباب داخلية صرفة لا علاقة لها بالاشتباكات الخارجية سواء اتفاقية كامب دايفيد أو تقسيم السودان ووضع الجنوبيين ومعهم الإسرائيليون يدهم على 'وريد الحياة' في أعالي النيل. لقد وقعت الثورة بسبب 'التصحير السياسي' الذي ألغى عملياً كل القوى الفاعلة والمؤثّرة بالوجود والعمل والتأثير والمشاركة في صياغة مستقبل مصر من جهة، ونتيجة 'للتجويف السلطوي' الذي جعل حسني مبارك فرعوناً يحكم مصر ثلاثين عاماً، ويفكّر ويعمل لتوريث ابنه جمال.
مصر في السنة الثانية من الثورة، تعيش على وقع تشكُّل جمهورية الثورة. هذه العملية هي 'محور الصراع المستقبلي' بين القوى الموجودة والقوى الصاعدة. الإسلاميون نجحوا في وضع يدهم على السلطة، لكنّ أمامهم رقيبين وتحدّيات داخلية وذاتية ضخمة.
الرقيبان هما 'العسكر' الذين- وهم يريدون 'المحافظة على مواريث' العقود الستة الماضية- يجدون أنفسهم تحت ضغط المجتمع المدني الذي يريد أن يضعهم تحت رقابة الدستور والنظام؛ ولأنّ المجتمع المدني وتحديداً الشباب منه، يعرفون جيداً رفض 'العسكر' لهذه الرقابة، فإنّ الاحتكاكات ستكون عديدة ومتزايدة. الرقيب الثاني هو 'الإسلاميون' وتحديداً 'الاخوان المسلمين'، لأنّ 'السلفيين' كانوا وسيبقون تحت 'قبعة العسكر' انطلاقاً من تسليمهم الفكري بضرورة 'عدم مخالفة الحاكم' مما وفَّر لهم التمدّد تحت رقابة الأجهزة الأمنية إضافة إلى استخدامهم الدائم لخطاب شعبوي يلاقي صدى داخل شرائح واسعة من الفقراء المحبطين. أما 'الاخوان المسلمين' الذين تحوَّلوا في أقل من شهر واحد بعد خمسة عقود من 'تنظيم سرّي ولكن شبه علني (كان لهم نوّاب في مجلس الشعب حتى 2010) إلى جماعة مدنية تتعامل مع الدولة وتدير الآن دولة وأجهزة أكبر منها لأنّ البيروقراطية في مصر أضخم منها ومن كل الأنظمة التي سبقتها'. هذا الدور الجديد والكبير عليها حالياً إلى جانب الانفتاح على الفضاء الخارجي بعد الانغلاق والسرّية لا بد أن يؤدي إلى تبلور الخلافات المتعدّدة إلى شروخ، فانشقاقات، فتطوُّر، على غرار التجربة التركية من 'الأربكانية' إلى 'الاردوغانية'، أو الدخول في صدام مع العسكر وتكرار سيناريو 1954 وما تبعه مع جمال عبدالناصر.
أما إيران، فإنها بعد 33 سنة على الثورة، تبدو 'وكأنّها تغزو الفضاء وتتخلّى عن الأرض'. إيران اليوم 'تتعسكر' تحت وطأة الحصار والمقاطعة، ولكن أيضاً لأنها تريد أن يكون لها دور أكبر من الممكن في صياغة سياسات المنطقة وحتى العالم، في وقت توجد إلى جانبها قوى اقليمية مهمّة هي تركيا وإسرائيل ولاحقاً مصر عندما تستقر دولة الثورة، لها مواقعها وأدوارها القائمة.
لا شك أنّ الثورة التي قادها الإمام الخميني تتعرّض 'للتجويف' المتزايد. هذه الثورة التي أرادت أن تتفاعل مع شعوب المنطقة، وهي عربية بمعظمها، لتقوم الثورة الإسلامية الشاملة، تراجعت وهي حالياً سببت لدولة الثورة القلق والحذر منها وصولاً إلى برودة شاملة أصبح معها السؤال: إلى أي مدى يمكن أن تتحوّل هذه البرودة إلى عداء صدامي؟
الأخطر حالياً أنّ الثورة في إيران تواجه تحدّياً ضخماً نتيجة للصراع الدائر بين المبادئ والمصالح. إيران الثورة يجب أن تقف مع كل الشعوب المقهورة والمواجهة للظلم، وهي إذ أيَّدت ثورات 'الربيع العربي'، فإنّ مصالحها الاستراتيجية ضربت مبادئها في سوريا. ذلك أنّ خوف إيران من خسارة حليفها الاستراتيجي الرئيس بشار الأسد، وهو مصلحة استراتيجية لها، تضحّي بمبادئها وتعارض إرادة الشعب السوري بالتغيير والحرية. هذه المعارضة تضرب في الوقت نفسه موقف الإمام الخميني التاريخي المتعلق بوحدة المذاهب الإسلامية. لأنّه للأسف شاء النظام الإيراني أم لم يشأ، فقد دخل في خصام واضح ومؤلم مع السنّة في سوريا، ومستقبلاً إذا انتصرت الثورة أو خسرت فإنّهم لن يغفروا لإيران موقفها مما سينتج عنه علاقات سيئة وأحقاد عميقة.
يبقى أنّ الثورة في سوريا قد وصلت بعد 11 شهراً إلى معادلة صعبة جداً وهي 'انّ الشعب السوري لم يعد يريد الأسد، والنظام الأسدي لم يعد قادراً على حكم الشعب السوري'. مما يؤكد على أنّ الطريق مسدود، ولا يمكن التوصّل إلى حل وسط حتى ولو تدخَّل العالم كله. ليست المسألة فقدان الثقة، وإنما خوف كل طرف من الطرف الآخر. لعل ما فعله الأسد بعد دخول روسيا على خط الأزمة ودعمها للنظام على حساب الشعب السوري ما يؤكد ذلك. الأسد عمد إلى 'الدوس على دواسة بنزين آلة القتل' بدلاً من الاعتدال وفتح الباب أمام التهدئة فالحوار. لذلك، فإنّ المواجهة مفتوحة على مزيد من الدمار والدماء. وفي قلب هذه المأساة تدور لعبة دولية قاعدتها المواجهة بين 'المصالح والإرادات'.11 شباط يوم جديد في مسار طويل، جرى فيه منذ البداية كسر كل الإشارات الحمراء
ـ 'صدى البلد'
'تغيير' لبنان: ميقاتي في الغرب.. والحزب يتبعه؟
يواكب زيارة الرئيس نجيب ميقاتي الى باريس، بدعوة رسمية من الحكومة الفرنسية، ارتياح دولي عبر عنه اكثر من دبلوماسي غربي في بيروت لـ'صدى البلد'،على أداء حكومته حيال جملة من الالتزامات الدولية المطلوبة من لبنان، فضلا عن الإستجابة إلى النصائح التي قدمت الى الحكومة اللبنانية في اكثر من قضية.
مصدر الارتياح هذا، بحسب مصدر دبلوماسي أميركي في بيروت ، يرتكز الى اربعة ملفات رئيسة تعني المجتمع الدولي وتم قياس الارتياح على اساسها. ولكن قبل تناول هذه الملفات، يذكر المصدر أن حكومته كانت اعلنت موقفها من حكومة الرئيس ميقاتي اثر تشكيلها قبل اقل من عام، وقالت إنّه يستند الى تركيبتها اولا وبيانها الوزاري ثانيا، وادائها ثالثا. وفي البندين الاولين اللذين لقيا استياء غربيا، قابلهما ارتياح في البند الثالث المتمثل بأداء الحكومة منذ تشكيلها حتى اليوم.
وبالعودة الى الملفات الاربعة فهي بحسب المصدر الغربي:
اولا، اقرار تمويل المحكمة المحكمة الخاصة بلبنان من خلال قيام هذه الحكومة بدفع حصة لبنان من التمويل، وهو موضوع لقي ترحيبا دوليا في ظل بروز مخاوف جدية من عدم قيام هذه الحكومة بما على لبنان من التزام دولي على هذا الصعيد.
ثانيا، المزيد من التزام لبنان بموجبات القرار الدولي رقم 1701 والقيام بما عليه، رغم الخلل القائم على صعيد تعزيز دور المؤسسة العسكرية في بسط كامل سلطتها على منطقة هذا القرار. وثمة ادراك الى ان استكمال هذه الخطوة يتطلب دعم الجيش اللبناني من خلال تسليحه للقيام بمهمته بشكل طبيعي وفاعل.
ثالثا، قيام هذه الحكومة بخطوات مهمة للحد من ظاهرة الاتجار بالبشر، وهي قضية ان بدت غير اساسية لبعض اللبنانيين، إلا إنّ ذلك لا يقلل من اهمية ما انجزه لبنان على صعيد مكافحة هذه الجريمة سواء عبر القوانين التي اقرت، أو تنفيذ هذه القوانين والاجراءات التي قامت بها الاجهزة اللبنانية المعنية، والمهمة، في كبح جريمة الاتجار بالبشر.
رابعا، الاجراءات المصرفية التي اتخذها مصرف لبنان، سواء في كبح جريمة تبييض الاموال، والزام البنوك باتباع الاجراءات المطلوبة، او لجهة التزام لبنان بموجبات العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على سورية. وفي هذا السياق كانت اجراءات مصرف لبنان الاخيرة وتنفيذها محل ارتياح. ما يعكس، الى جانب جدية الحكومة اللبنانية في الانسجام مع السياسات المصرفية الدولية على هذا الصعيد، أنّ حاكم مصرف لبنان احسن تظهير هذا القرار الحكومي بشكل جيد ومحترف.
ولا يخفى بطبيعة الحال على المصدر الدبلوماسي ان الحكومة التي يثني عليها يتهمها معارضوها بانها حكومة حزب الله وسورية، غير أنّ بنيتها وطبيعة القوى المشكلة لها لا تبدو اساسية في النظر الى الحكومة، فالمهم الاداء الذي يترجم اعمال الحكومة، وهو آداء جيد، وهذا الاداء لا يريح حزب الله بالضرورة، بل يسأل المصدر الغربي: هل تعتقد ان حزب الله راض على اداء هذه الحكومة؟ ويجيب هو نفسه: نعتقد انه غير راض عن ادائها.
والى هذه الملفات الاربعة ثمة 'فهم لموقف لبنان الحيادي المعلن اتجاه ما يجري في سورية، ولا يعني ان هناك تفهما لهذا الموقف وتجلياته عربيا ودوليا وميدانيا'، كما يلفت المصدر نفسه، خصوصا عندما يتصل الامر بما تتداوله وسائل الاعلام والصحافة عن خدمات امنية وعسكرية تقدمها جهات لبنانية رسمية للنظام السوري، تتصل باللاجئين والمعارضين السوريين في لبنان.لكنّ هل إشادة الغرب بالمصارف اللبنانية وباجراءات مصرف لبنان على صعيد مكافحة جرائم تبييض الاموال، هل تعني ان الموقف الغربي والاميركي تحديدا قد استنتج ان حزب الله لم يعد في دائرة الاتهام التي طالما طالته من خلال تقارير صحفية اميركية؟يشدد المصدر قبل الاجابة، 'لم يطرأ أي تغيير في موقف حكومتي من حزب الله'، ولفت 'ان الاتهامات ضد حزب الله والبنك اللبناني الكندي ليست سياسية ولكنها نتيجة لتحقيق جنائي مبني على براهين وعلينا ان ننتظر المسار القضائي. '.ميقاتي دفع فواتير مقدّمة إذا، وسيقبض في باريس وغيرها، فيما 'حزب الله' بدأ يتلقّى بعض الجزر الأميركي، بعد عقود من العصي.ثمة الكثير من الأمور قد تفاجئنا تغييراتها قريبا.