قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الثلاثاء 6/3/2012

- 'الاخبار'
السعودية ونسائم الربيع
تثور للديموقراطيّة في الخارج ... وتقمع في الداخل
جنان جمعاوي:

فغرت أفواه الكثيرين، عندما كادت أوداج وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، تتفجّر وهو يستشيط غضباً أمام مؤتمر &laqascii117o;أصدقاء سوريا"، الذي عُقد أخيراً في تونس. ثار لدماء السوريين، كما لم يفعل عندما سالت الدماء ذاتها في البحرين، ثم القطيف. سببان على الأقل يجعلان من &laqascii117o;الالتزامات الأخلاقية" للسعودية حيال الأزمة السورية عصيّة على الاستيعاب. أوّلهما، ما يسمّيه أستاذ التاريخ، حبيب مالك، &laqascii117o;سُمّية" السياسات السعودية، وخصوصاً عندما تحرّكها &laqascii117o;الدوافع الوهابية". ثانيهما هو &laqascii117o;تحريمها" الشهير للثورات، حتى بات تعبير &laqascii117o;الربيع العربي"، لا يأتي في مقالات كتّاب سعوديين، إلا مقروناً بتعبير &laqascii117o;ما يسمّى"، تقليلاً من شأن هذا الربيع. منذ أن هبّت أولى نسائم الربيع العربي، ارتبكت الرياض. لم تكن مصالح المملكة على المحكّ في تونس، لكن سقط بعدها الحليف المصري في محور &laqascii117o;الاعتدال". بات عندها للمملكة صوت شاجب. كرمى لعيون الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، استخدم الملك عبد الله، في بيانه في 29 كانون الثاني، كلمة تحبّها دمشق: &laqascii117o;مندسّ" هو من &laqascii117o;يحاول زعزعة أمن مصر واستقرارها". هو &laqascii117o;المندسّ" ذاته الذي حرص نظام الرئيس بشار الأسد، منذ آذار الماضي، على توجيه مختلف التهم إليه. صمتت المملكة 5 أشهر قبل أن تشجب إراقة الدماء. رويداً رويداً، عاد &laqascii117o;المندسّ" ثائراً في أبجدية المملكة، منذ أن طرقت الثورة أبواب دمشق، ولاح للرياض أن خاصرة إيران باتت رخوة، وأصبح بالإمكان &laqascii117o;قطع رأس الحية". يكاد يجمع المحللون الغربيون على أنّ حميّة المملكة حيال الدماء السورية نابعة من رغبتها في كسر &laqascii117o;الهلال الشيعي"، على اعتبار أن &laqascii117o;السعوديين ومعهم القطريين، الذين هم الأكثر نشاطاً حالياً، يمثلون بالضبط، الطغاة الذين يثور الشارع ضدهم"، على حد تعبير الكاتب في &laqascii117o;ذا غارديان"، أدريان هاملتون، في مقال نُشر في 2 آذار. &laqascii117o;نسائم الربيع السعودي تلوح من جديد"، هكذا تنبأت &laqascii117o;ذا غارديان" قبل أيام، ولحقتها مجلة &laqascii117o;إيكونوميست" في تقرير نُشر الجمعة. فهل سيثور الشارع ضدّ السعوديين؟ ليس الأمر مستبعداً، يُجيب اللواء الباكستاني المتقاعد، شوكت قدير، الذي ترأس &laqascii117o;معهد إسلام آباد للبحوث السياسية". ويوضح لـ&laqascii117o;الأخبار" أن &laqascii117o;السعوديين لا يفهمون أنّهم بقمعهم لجيرانهم، قد يشترون بعض الوقت، لكن الأوضاع ستنفجر لاحقاً في معظم الدول الإسلامية"، وقد تلفحهم شظاياها. وبالعودة إلى التشكيك في الدافع الإنساني للسعودية، فإنّه عائد، بحسب الكاتب في &laqascii117o;ذا غارديان"، براين ويتاكر (في 26 شباط) إلى أن &laqascii117o;السعوديين الذين حظروا أي شكل من أشكال التظاهرات في أرضهم، لم يتورّعوا قط عن إطلاق النار على المتظاهرين"؛ ففي أحدث مواجهة، على سبيل المثال، في 21 تشرين الثاني من العام الماضي، أطلقت قوات الأمن السعودية النار على متظاهرين في المنطقة الشرقية، مردية 4 منهم على الأقل، وفقاً لمركز &laqascii117o;غلوبال ريسرتش" الكندي. قبل أن يضيف الكاتب إنهم (السعوديون) &laqascii117o;عبثوا، عمداً، في اليمن لضمان ألا يحدث شيء هناك، بعد أن يتخلّوا عن علي عبد الله صالح". من جهته، يقول الباحث في مجلة &laqascii117o;فورين بوليسي" مارك لينش، إنه &laqascii117o;منذ آذار الماضي، تصدّرت السعودية جبهة مكافحة الثورات بهدف رسم النظام الإقليمي الجديد وفق رؤيتها"، وذلك بعد عقد ساد فيه نظام مكوّن من تحالف &laqascii117o;المعتدلين غير الديموقراطيين الموالين للولايات المتحدة وإسرائيل"، وتحالف &laqascii117o;محور الممانعة". وبحسب لينش، كان هناك ما يكفي من الأسباب للقول إن السعودية وجدت نفسها في قلب العاصفة الإقليمية. فشبابها كُثر، ومعدلات البطالة فيها عالية، والمؤسسة الدينية تفرض قيوداً قاسية على المجتمع. أما قيادتها، فهرمة ومنقسمة. كما أنها &laqascii117o;تعاني انقساماً خطراً بين السنّة والشيعة". ويضيف إن المملكة لطالما عرفت مطالبات بالإصلاح السياسي من معارضين إسلاميين أو ليبراليين. وعندما لاحت بوادر الاحتجاجات في المملكة في 11 آذار الماضي، لم يثر أحد. لقد أرفق الملك &laqascii117o;قمعه الحازم بحزمة مساعدات وحوافز مالية". وفي وقت ظلّت فيه جبهتها المحلية آمنة، شكّلت البحرين أول ميدان خطر لمكافحة الثورة، تواجهه السعودية. في 14 آذار 2011، غزت قواتها المنامة &laqascii117o;ملصقة سمة التبعية لإيران على الحركة الديموقراطية البحرينية". بضربة استباقية، &laqascii117o;أُخمدت أي تظاهرات محتملة في الخليج". وكانت تلك أول نقطة تسجّلها السعودية في &laqascii117o;حربها الباردة" مع إيران. الآن، &laqascii117o;تشمّر الرياض مجدداً عن سواعدها"، علّها تضرب طهران في خاصرتها الدمشقية؛ فقادة &laqascii117o;السعودية السنّة الوهابيون"، وفق وصف ويتاكر في &laqascii117o;ذا غارديان"، يعانون من &laqascii117o;فوبيا الشيعة"؛ فهم لا &laqascii117o;يخشون فقط من إيران، بل أيضاً من شيعتهم المهمّشين، ومن الغالبية الشيعية في البحرين، ومن النفوذ الشيعي المتنامي شمالاً في العراق". هذا ما يسمّيه الأستاذ المساعد في الجامعة اللبنانية الأميركية، حبيب مالك &laqascii117o;سُمية السياسات السعودية عندما تكون الدوافع الوهابية حاضرة"، في تقرير لجامعة &laqascii117o;ستانفورد" الأميركية، وهذا ما يجعل من كل &laqascii117o;نهج تروّج له المملكة مُثيراً للشكوك". رغبة السعودية في تسليح المتظاهرين السوريين، وهو الأمر الذي بات قاب &laqascii117o;أيام أو أسابيع"، بحسب ما أكّد دبلوماسي عربي رفيع لصحيفة &laqascii117o;واشنطن بوست" الجمعة، عازياً التأخير إلى أسباب &laqascii117o;لوجستية لا سياسية"، هي نابعة من رغبة في &laqascii117o;التخلّص من (بشار) الأسد كي تميل دفة الميزان مجدداً لمصلحة السنّة"، وهذا ما ينذر، برأي ويتاكر، بجعل &laqascii117o;الصراع في سوريا أكثر مذهبية". لكن هاملتون ذهب الى أبعد من هذا، محذراً من أن &laqascii117o;الخطر المحدق بالمنطقة والعالم، يكمن في الدوافع السعودية"، موضحاً أنه &laqascii117o;كلما شعرت المملكة بأنها مهددة بفعل الربيع العربي، أحكمت خناقها في الداخل، وشمّرت عن سواعدها في الخارج. وهي تقوم بذلك &laqascii117o;بنزعة مذهبية واضحة، مروّجة للقضية السنية ضدّ النظام العلوي في سوريا، والشيعة من غير العرب في إيران". إذاً، هل ينجح السعوديون في مسعاهم للترويج للقضية السنية؟ يعود أستاذ العلوم السياسية في جامعة &laqascii117o;فيرمونت"، غريغوري غوز، إلى سنوات قليلة خلت، قائلاً إن المملكة &laqascii117o;فشلت في معظم مبادراتها. الملك اتخذ ثلاث مبادرات تهدف جميعها إلى قلب النفوذ الإيراني في العالم العربي، وقد فشلت جميعها: الأولى في العراق، حيث دعم إياد علاوي، والثانية في لبنان حيث دعم قوى 14 آذار، والثالثة في فلسطين حيث حاول جلب &laqascii117o;حماس" إلى طاولة الحوار، لكسر علاقتها مع إيران". &laqascii117o;حتماً، لا يعتقد السعوديون أن الديموقراطية فاعلة، طالما أن رجلهم يفوز، لكنه لا يحصل على الحكم"، هي طرفة ابتكرها غوز، ويطيب له أن يسردها لـ&laqascii117o;الأخبار".

تمييز وفقر وبطالة
يشكّل الشيعة في السعودية نحو 15 في المئة، وفق تقرير &laqascii117o;مجلس العلاقات الخارجية" الأميركي، من مجمل عدد السكان، البالغ 25 مليون نسمة. هؤلاء يعانون من التمييز في مجال العمل؛ فهم ممنوعون من الالتحاق بالكليات العسكرية (هيومن رايتس ووتش)، ومن العمل كقضاة أو من تبوّء المناصب العليا في الإدارات الرسمية، المدنية منها والعسكرية (مجلة &laqascii117o;بيزنس ويك"). وأكثر من ذلك، هم &laqascii117o;غير مؤهلين لتقديم شهادتهم في المحاكم". السعودية حققت، بحسب تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي، فائضاً في موازنة العام 2011 بنحو 185.3 مليار ريال، أي بنسبة 9.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، لا تزال نسبة البطالة في المملكة تبلغ 35 في المئة، وهو رقم تقلّصه التقارير الرسمية إلى 10.6 في المئة (&laqascii117o;إيكونوميست"). السعودية تنفق ما يزيد على 60 مليار دولار في صفقات سلاحٍ جديدة مع أميركا. معظم المال السّعودي سيذهب لشراء طائرات أميركيّة من الجيل الرّابع، فيما تنفق كلّ من إسرائيل، والهند، وروسيا، والصّين، ونصف دول أوروبا أقلّ من عُشر هذا المبلغ لتصميم وحيازة طائراتٍ من الجيل الخامس. في المقابل، فإن 22 في المئة من السعوديين يعانون من الفقر، بحسب جامعة &laqascii117o;جورج تاون"، كما أن سعودياً واحداً من كل 7 بالغين، لا يقرأ (مجلة &laqascii117o;ذا تايم").


- 'السفير'
الانتعاش العراقي ـ السعودي والقمة العربية: أين تقف بغداد بين الرياض ودمشق وطهران؟
هيفاء زعيتر:

&laqascii117o;التحضيرات الخاصة بعقد مؤتمر القمة العربية اكتملت وأصبحت بغداد مستعدة لاستقبال القادة العرب"، هذا ما أكده الرئيس العراقي جلال طالباني من مطار السليمانية في إقليم كردستان أمس، وهذا ما يقدّم إلى حدّ بعيد تفسيراً لما ظهر مؤخراً من حراك إيجابي على خط الرياض بغداد الذي كان يشهد شبه قطيعة دبلوماسية منذ عام 1990.
حراك إيجابي؟ هو أكثر من ذلك حسب ما يتنبأ كثير من المراقبين للوضع، إنه انفتاح ينحو باتجاه التطبيع، تؤكده عودة الحياة الدبلوماسية إلى مجاريها، بدءاً من ترشيح السعودية لسفيرها لدى الأردن ليكون سفيراً غير مقيم في العراق، والزيارة التي قام بها وفد أمني عراقي رفيع المستوى إلى الرياض، قبل أن تعلن بغداد عن بدء تعاون أمني بين الجانبين وعن زيارة قريبة لوزير العدل إلى السعودية. في المقابل، يصرّ رأي آخر على الجزم بأن هذا التقارب في العلاقات &laqascii117o;لا يعدو كونه تقارباً تكتيكياً ولا يشكّل مصلحة بعيدة المدى"، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمّري الذي أوضح لـ&laqascii117o;السفير" أن &laqascii117o;إيران تبقى متحكمة بقواعد اللعبة العراقية والتقارب على المستوى الرسمي فقط مرتبط بمصالح ظرفية، فيما لا يمكن للسياسة أن تمحو إرث العداء الثقيل بين البلدين والشعبين، وإن كانت اجتمعت المصالح في خندق واحد". ولكن ما قد يكون الدافع الحقيقي وراء هذا التغيير اللافت في السياسة الخارجية العراقية؟ وما مدى جديته؟ وما حقيقة ما أُثير عن محاولة أميركية خليجية (سعودية) لاحتواء العراق، لا سيما فيما يخصّ موقفه من الأزمة السورية؟ وما قد تكون تداعيات تغيّر الموقف العراقي مع انعقاد القمة، كما يتوقع كثيرون، على الملف السوري؟ وماذا عن الموقف الإيراني من هذا التقارب، وتحديداً في ظلّ ما هو معروف عن تنافس النفوذ الإيراني - السعودي في العراق؟ أسئلة كثيرة تحملها الأيام المقبلة التي تفصل العراق عن موعده &laqascii117o;الحاسم" مع القمة العربية في 29 الشهر الحالي والتي تعوّل بغداد على نجاحها للعودة إلى الساحة السياسية الإقليمية والدولية.. وفي انتظار نتائجها المستقبلية، قد تكون &laqascii117o;القمة" حالياَ هي الجواب الأمثل لسؤال ما الذي يدفع العراق للانضمام إلى الخط العربي الأوسع (بعيداً عن &laqascii117o;الانعزال" الإيراني السوري)، فيما تكون &laqascii117o;سوريا" خير تفسير للدافع الذي يقف وراء الضغوط الأميركية السعودية الحثيثة على العراق من خلال استغلال &laqascii117o;نقطة ضعفه" الحالية: &laqascii117o;نجاح القمة". يفسّر إحسان الشمّري الأمر بأن &laqascii117o;السعودية تدرك جيّداً أنها بحاجة إلى العراق خصوصاً بعد تصاعد الأحداث في سوريا، فهي بحاجة إلى إجماع عربي بخصوص الأزمة، وإحجام العراق في المرحلة الأولى عن القبول بمواقف الجامعة العربية جعل الرياض تقتنع بضرورة ضمّ العراق إلى جانبها. ومن يكون أفضل من أميركا للضغط بهذا الاتجاه؟ فواشنطن عملت دائماً على تحقيق تقارب بين المنظومة الخليجية والعراق، والسعودية هي خير من يمثل التمدد العربي مقابل التمددّ الإيراني الخطر". ولكن ما هي الدوافع وراء هذه الليونة في الموقف العراقي الرسمي تجاه السعودية؟ يجيب الشمري بأن هناك عوامل سياسية تتعلّق بضرورة أن يكون العراق ضمن الخط العربي، يعززها العامل الاقتصادي حيث تندفع بغداد باتجاه تعزيز الأمن لضمان التنمية الاقتصادية بعد انسحاب الاحتلال.. فضلاً عما يمكن أن يلعبه المال السعودي مع تحسن العلاقات في هذا الإطار". ولكن الموقف العراقي الرسمي، يردف أستاذ العلوم السياسية، الذي عكسه المالكي بالدرجة الأولى في مقابلته مع صحيفة &laqascii117o;عكاظ" بقوله &laqascii117o;إنه مع التغيير في سوريا"، لا يعكس موقف الشارع الذي يرزح تحت وطأة العداء للسعودية، ولا تخوفه من أن يكون خلف هذا التقارب أجندات تضرّ بالثوابت السعودية.. مخاوف تلازم الشعب الذي يطالب بأن تقدم السعودية اعتذارها عن فتح حدودها أمام الأميركيين وقت الغزو ودعمها لصدام حسين خلال قمعه الشعب العراقي".

العراق بين &laqascii117o;القمة" و&laqascii117o;الأزمة"
بداية لا بدّ من توضيح بسيط للدورالذي يلعبه العراق في سوريا لتصور ما بلغه شدّ الحبال الحاصل بين إيران والسعودية (المجتمع الدولي) حول العراق. قد لا يكون الدور مهماً على الصعيد السياسي، فالعراق لم يصبح بعد منذ انتهاء الاحتلال دولة ذات سيادة مستقلة، إلا أن أهميته تنبع من موقعه الجغرافي حيث يتشارك مع سوريا الحدود الأطول ومن موضوع تهريب السلاح والجماعات المسلّحة على الحدود بين البلدين.. فضلاً عما يشكله من باب مهم للنفوذ الإيراني في المنطقة. من هنا، يقول النائب الكردي المستقل محمود عثمان لـ&laqascii117o;السفير" إن"السعوديين يريدون أن يصبح العراق اقرب إلى دول الخليج"، ويضيف &laqascii117o;هم يعملون على أن يكونوا على علاقة طيبة مع العراق بهدف جذبه نحو موقعهم، ضدّ إيران وسوريا". يشرح عثمان أن &laqascii117o;من مصلحة العراق أن تسجّل القمة نجاحاً ليحظى باعتراف عودته إلى الساحة الدولية، وهذا الموقف سيجعل بغداد تربح هدفها وتحقق مكاسب لجهة حجم الحضور"، ولكن ذلك &laqascii117o;سيجعل العراق في وضع صعب..إذ يتعذّر على بغداد المحافظة على التوازن بين التزاماتها العربية المستجدة وعلاقاتها مع طهران"، لافتاً من ناحية أخرى إلى العامل الديموغرافي، حيث يسيطر الشيعة الذين يشكلون غالبية السكان على الحكم، في ظل وجود شريحة سنية كبيرة حكمت البلاد لعقود. ويرى النائب الكردي أن &laqascii117o;العراق لن يفشل كما انه لن ينجح في ذلك. النفوذ الإيراني في العراق متجذر، كما أن إيران احتضنت المعارضة العراقية منذ حكم صدام. صحيح أن العراق سينحاز خلال القمة إلى عدم دعم النظام السوري، إلا أن الاتفاق لن يكون حقيقياً بين بغداد والرياض، فالأخيرة لا تستطيع مقارعة النفوذ الإيراني في العراق". كلام عثمان يؤكده كذلك ما نقلته &laqascii117o;واشنطن بوست" عن محرر موقع &laqascii117o;هيستوريا"، الذي يعنى بالشؤون العراقية، ريدر فيسر أن &laqascii117o;على السعوديين الجري لمسافة طويلة حتى يلحقوا بإيران في العراق"، مضيفاً إن &laqascii117o;العراق سيحاول الاستفادة من الانفتاح بين البلدين بما يخدم مصالحه، وقد يستند الى هذا الانفتاح للابتعاد قليلا عن إيران، إلا أن السعوديين ورغم ذلك لن يؤدوا في العراق أبداً دور الوسيط الذي تتمتع به طهران". بدوره، يؤكد مدير الدراسات السياسية في &laqascii117o;جامعة بغداد" حميد فاضل لـ&laqascii117o;السفير" أن &laqascii117o;التحسن الذي طرأ أخيراً على العلاقات بين بغداد والرياض يشكل تقدماً، ولكنه لن يصل إلى نقطة أبعد من ذلك..الخلافات عميقة جداً، وهذا التغيّر مرتبط بالقمة وواقع انعقادها في بغداد لا أكثر". وفي هذا السياق، &laqascii117o;أعتقد أن الضغوط التي مورست على العراق هائلة، وهدفها احتواء السياسة العراقية فيما يخص سوريا. بعد أن ضاقت السبل بالدول الخليجية، تحركت باتجاه العراق"، يعلّق فاضل. ... العراق عالق إذاً في لعبة شدّ حبال أطرافها متعددون.. بين &laqascii117o;مصلحة" تتمثل بإنجاح القمة والحفاظ على الأمن ومحاولة تحقيق مكاسب مرتبطة بأزماته العالقة مع الكويت والسعودية وبين &laqascii117o;أمر واقع" مفاده أن لا بديل عربياً مطروحاً عن &laqascii117o;الراعي" الإيراني بكل ما يقدمه من ضمانات استراتيجية وسياسية واقتصادية ودينية، يؤكد فاضل أن لا استعداد أو مقومات لدى السعودية لتعويضها.


- 'السفير'
مصالحة بين مشايخهم تحيي الآمال بتوازن سياسي واجتماعي
مصر: الصوفيون يستشعرون الخطر... ويوحّدون صفوفهم
وسام متى:

أحدثت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في مصر صدمة للعديد من القوى في المجتمع المصري، بعدما استحوذ &laqascii117o;حزب الحرية والعدالة" التابع لجماعة &laqascii117o;الإخوان المسلمين" و&laqascii117o;حزب النور" السلفي على أكثر من 70 في المئة من مقاعد مجلسي الشعب والشورى. ولعل التركيبة الحالية للبرلمان الحالي، ومهمته الأخطر المتمثلة بتشكيل لجنة صياغة الدستور الجديد للبلاد، تشكلان مصدر قلق للصوفيين أكثر من غيرهم، بعدما بدأوا يستشعرون خطر طغيان الخطاب الديني المتشدد على حساب خطابهم المعتدل، والذي يعد أحد السمات التاريخية للمجتمع المصري. كثرٌ راهنوا قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة على دور ما يقوم به الصوفيون - الذين يقدر عدد مريديهم بما بين 10 و15 مليون مصري - لإحداث توازن سياسي أمام التسونامي &laqascii117o;الإخواني" والسلفي، لكن النتيجة لم تكن على مستوى التوقعات، حتى باتت التساؤلات تدور همساً حول حقيقة التمثيل الصوفي داخل المجتمع المصري. وبرغم هذه الانتكاسة، فإن القوى المدنية في مصر ما زالت تعقد الآمال على أن الصوفيين قادرون على استعادة دورهم المفقود فيما لو نجحوا في تخطي أزمتهم المتمثلة بثلاث موضوعات كبرى: وحدة البيت الصوفي، وترجمة خطابه المعتدل على المستوى السياسي، والقدرة على إعادة الزخم لهذا الخطاب على المستوى المجتمعي. ولعل الصوفيين أنفسهم يدركون المخاطر التي باتت تهدد وجودهم، وهو ما انعكس مؤخراً في المصالحة التي تمت بين مشايخ الطرق الصوفية بعد صراع حاد دام أكثر من أربعة أعوام. وفي خطوة أعادت إحياء الآمال لدى العديد من القوى في المجتمع المصري، أعلن مشايخ الطرق الصوفية، عقب اجتماع عقدوه في ميدان الحسين في القاهرة، إنهاء الخلافات القائمة في ما بينهم، والتنازل عن الدعاوى القضائية المتبادلة، بالإضافة إلى حل &laqascii117o;جبهة الإصلاح الصوفي"، وإنهاء الاعتصام المستمر في مقر المشيخة منذ أكثر من ثمانية أشهر. يذكر أن الخلافات بين الصوفيين بدأت إثر وفاة شيخهم أحمد كامل ياسين، وبعد مبايعة شفهية من مشايخ الطرق لعلاء أبو العزائم شيخا لهم باعتباره الأكبر سنا، وانتخاب رسمي للدكتور عبد الهادي القصبي شيخا للمشايخ، برغم كونه الأصغر سنا، وهو ما اعتبره أنصار أبو العزائم خروجا على العرف الصوفي، ونقضا للعهد والبيعة. وطعنت &laqascii117o;جبهة الإصلاح الصوفي" في انتخاب القصبي أمام المحاكم، مشككة في نزاهة الانتخابات، ثم دخلت عقب ثورة 25 يناير في اعتصام مفتوح في مقر مشيخة الطرق الصوفية، ومنعت أعضاء المجلس الأعلى للطرق الصوفية من مزاولة عملهم في مقر المشيخة. ويقول الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب التحرير المصري" (المنبثق من المجتمع الصوفي) عصام محيي الدين لـ&laqascii117o;السفير" إن &laqascii117o;المصالحة التي تحققت تشمل بعدين، الأول يتعلق بمشايخ الطرق الصوفية، أما الثاني، فهو على مستوى الأحزاب المنبثقة من المجتمع الصوفي". ويوضح محيي الدين أن &laqascii117o;مشايخ الطرق الصوفية استشعروا أن الوضع السياسي والاجتماعي يسير في اتجاه خطير، وأدركوا بطريقة عملية وملموسة أن تشرذمهم لن يؤدي إلا إلى القضاء على التصوّف في مصر، فكان قرارهم بالدخول في حوار جدي نتج عنه اتفاق الشيخ عبد الهادي القصبي والشيخ علاء أبو العزائم على التنازل عن القضايا السابقة، وإعادة ترتيب البيت الصوفي، على أن يصبح الشيخ أبو العزائم رئيساً للجنة التنفيذية للمشيخة العامة للطرق الصوفية والقصبي شيخاً لمشايخ الطرق الصوفية". وكان واضحاً في التصريحات التي رافقت انعقاد لقاء المصالحة أن الصوفيين بدأوا يستشعرون خطراً وجودياً غير مسبوق، وخصوصاً في ظل تنامي حضور التيار السلفي الوهابي، النقيض في أفكاره وممارساته لخطاب الاعتدال الذي يميّز الطرق الصوفية، وهو ما عكسه قول الشيخ أبو العزائم إن &laqascii117o;الخطر على مستقبل الطرق الصوفية في مصر بعد صعود القوى الإسلامية المعادية لها على الساحة السياسية يجبرنا على إنهاء الخلافات من أجل تدعيم القوى الصوفية". أما في ما يتعلق بالبعد السياسي لهذه المصالحة، فيشير محيي الدين إلى أنه &laqascii117o;في إطار تعزيز هذه المصالحة، كان هناك اقتراح بعقد اجتماع بين الأحزاب المنبثقة من الطرق الصوفية ومجتمع الأشراف – &laqascii117o;حزب التحرير المصري" (صوفي) و&laqascii117o;حزب النصر" (صوفي)، و&laqascii117o;حزب نهضة مصر" (الأشراف) - وقد كرّس رؤساء هذه الأحزاب الاتفاق المبدئي في ما بينهم من خلال وثيقة نوايا، وتم التوافق من خلالها على إيجاد إطار قوي مبني على الاحترام المتبادل ووجهات النظر وتشابه البرامج، والبحث عن سبل التعاون، سواء عن طريق التحرك السياسي، أو من خلال تشكيل ائتلاف سياسي". وبالإضافة إلى ذلك، يشير محيي الدين إلى أن مفاوضات تجري مع الشيخ القصبي بهدف تقنين عمل الائتلافات الشبابية المنبثقة من الطرق الصوفية لكي يكون لها دور فاعل ضمن إطار البيت الصوفي. يذكر أن ائتلافات وجبهات صوفية شكلت مؤخراً تحالفاً لإصلاح البيت الصوفي، وتفعيل دور الشباب داخل المجلس الأعلى للطرق الصوفية، والمساهمة في نشر الفكر الصوفي داخل المجتمع المصري. وتضم هذه الجبهة الاتحاد العام لشباب الصوفية، والاتحاد العام للطرق الصوفية، وائتلاف الطرق الصوفية، والجبهة الالكترونية للدفاع عن الصوفية. ويشدد محيي الدين على أهمية المصالحة التي تمت، باعتبارها السبيل الوحيد لكي يستعيد المجتمع الصوفي دوره كبوتقة حقيقية للإسلام المعتدل، باعتباره &laqascii117o;الإطار الأخير الذي يحمل سمات الشعب المصري وسمات الدولة المدنية المصرية"، مؤكداً على ضرورة أن يضطلع المجتمع الصوفي بدوره في توحيد القوى المدنية &laqascii117o;حتى يتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تصل الفأس إلى الرأس". وفي إطار ترجمة هذه المصالحة على المستوى السياسي يسعى الصوفيون لأن يكونوا عنصراً مؤثراً في الاستحقاقين الأبرزين في مصر خلال الفترة المقبلة، أي انتخابات الرئاسة والدستور الجديد. وفي ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، يشير محيي الدين إلى أنه &laqascii117o;تم الاتفاق على وضع معايير محددة لاختيار المرشح الرئاسي، وهي ألا يكون من الحزب الوطني أو الفلول أو العسكر، وأن يكون مؤيداً للدولة المدنية"، موضحاً أن الصوفيين وبمجرد إقفال باب الطعون على الترشيحات لانتخابات الرئاسية، سيعقدون لقاء مغلقاً يجري فيه اختيار المرشح الذي سيدعمونه. وفيما تعرب أوساط الصوفيين عن ثقتها بأن &laqascii117o;المرشح الرئاسي الذي سيدعمونه هو الذي سيفوز بالمنصب"، وأن &laqascii117o;الصوفية هي التي ستحدد رئيس الجمهورية المقبل"، يبقى التساؤل مشروعاً حول قدرة الطرق الصوفية على أن تكون رمّانة الميزان في هذا الاستحقاق الانتخابي، خلافاً لما حدث خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وفي هذا الإطار، يرى محيي الدين أن انتخابات الرئاسة تختلف كثيراً عن انتخابات البرلمان باعتبارها &laqascii117o;قضية كل مصري". ويشير إلى أن &laqascii117o;ثمة خطراً جدياً في ألا تكون مصر دولة مدنية"، ولهذا فإن &laqascii117o;القوى السياسية اليوم تبدو شبه متفقة على أن الشخصية التي يفترض دعمها في معركة الرئاسة يجب أن تكون مدنية، وهذا ما يوحد الصفوف إلى حد كبير في هذه اللحظة". وحول أداء الصوفيين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يشير محيي الدين إلى أن &laqascii117o;الأحزاب الصوفية لم تحصل على الإشهار لمزاولة نشاطها سوى قبل أيام أو أسابيع قليلة قبل الانتخابات، ولذلك فإنها لم تأخذ فرصتها الحقيقية، وعلاوة على ذلك فإن دعاة الجهالة – الذين يتهمون الصوفية بالشركية والبداعية والتفكرية وما شابه –استخدموا هذه الصورة المشوهة التي عمموها خلال السنوات الأربعين الماضية ليحدوا من نشاط الأحزاب الصوفية". وفي ما يتعلق بالاستحقاق الدستوري، يعرب محيي الدين عن خشيته من أن &laqascii117o;يشعل الصراع على الدستور حرباً أهلية" في مصر، وخصوصاً بعدما تردد أن السلفيين يصرّون على أن &laqascii117o;الدولة لن تكون مدنية". وفي مقابل هذا الطرح يشدد محيي الدين على أن &laqascii117o;مبدأ مدنية الدولة على جثتنا... ولن نسمح بأي مقايضة عليه"، مضيفاً &laqascii117o;لن نقبل بأن تتحول مصر إلى دولة فاشستية ونرفض تكرار النموذج الإيراني". ويرى محيي الدين أنه &laqascii117o;من غير المنطقي أن تتحكم الغالبية البرلمانية بعملية وضع الدستور"، مشدداً على أن &laqascii117o;الدستور يجب أن يمثل كل أطياف المجتمع، وخصوصاً الأقليات لأن الدستور وضع لحمايتها"، معتبراً أن &laqascii117o;النجاح في مجلس الشعب ليس ميزة للاشتراك في اللجنة الدستورية"، ولذلك فإن الصوفيين يطالبون بألا يزيد تمثيل أعضاء مجلسي الشعب والشورى في هذه اللجنة عن 20 إلى ثلاثين عضواً كحد أقصى. ويعتبر محيي الدين أن &laqascii117o;التضارب في اتخاذ القرار على المستوى السياسي - والله أعلم إن كان مقصوداً أو عن حسن نية - والذي أدى إلى تشكيل حياة سياسية غير واضحة، قد أتى لصالح فصائل بعينها". ويضيف &laqascii117o;نحن نشك – وهو مجرّد شك – في وجود صفقة ما لكي يصل الوضع إلى ما هو عليه اليوم... لكننا سنفترض حسن النية، وسنقول إن عدم الخبرة السياسية للمجلس العسكري قد أدى إلى ما نحن فيه اليوم، وأن هناك بالتالي فرصة للإصلاح في ما يتعلق بالدستور وانتخابات الرئاسة والمجالس المحلية". يبقى أن استعادة الطرق الصوفية لدورها السياسي والاجتماعي تبدو اليوم حاجة ملحة في مواجهة الخطاب الديني المتشدد الذي يتخذ منحى أكثر تشدداً في الحياة السياسية على امتداد العالم العربي، وضرورة لاستعادة مصر طابعها الحضاري المنفتح على كافة التيارات الفكرية والسياسية والثقافية، بعدما شهدت المرحلة الماضية خروجاً خطيراً للقوى الظلامية من جحورها لتحجب الشمس التي سطعت في ربيعنا العربي.


- 'السفير'
الصين والأزمة السورية: عين على دمشق وعين على الطاقة
دنيز يمين:

للصين في المنطقة العربية حضورٌ اقتصادي. هي الصورة التي اعتدنا التقاطها عن بكين في الشرق الأوسط، استنادا إلى حجم التعاون التجاري او الصناعي او التكنولوجي او النفطي الذي قد يجمع بينها وبين إيران، وسوريا، وشمال إفريقيا (فضلاً عن وسط وجنوب القارة السمراء)، ودول الخليج... إلا أن العام 2011، ألبس المارد الاقتصادي ثوباً سياسياً اكثر وضوحاً، وتحديدا يوم دخل التدويل كلاعب أساسي في ما سُمي بـ&laqascii117o;ثورتي" ليبيا وسوريا، فكان لمجلس الأمن الدولي ان يقررّ، وللصين، إلى جانب روسيا، ان تعرقل (بالفيتو) او تسهّل (بالامتناع عن التصويت). واليوم، وفي وقت لا تزال الأزمة السورية تجرجرأذيالها بعد أكثر من عام على اندلاعها، حافظ الموقف الصيني، الرافض للتدخل العسكري ضد النظام في دمشق ولكل قرار دولي قد يوحي بذلك، على صلابته ووضوحه، حاصداً في الوقت عينه انتقادات واسعة النطاق من قبل معارضي الرئيس السوري بشار الأسد، في سوريا وخارجها... كيف يمكن قراءة الموقف الصيني &laqascii117o;الثابت" من الملف السوري؟ ما الذي يمنع بكين من التضحية بالأسد وبالورقة السورية مقابل ما يمكن أن تحصل عليه دولياً؟ لأي اعتبارات إقليمية ودولية تواصل الصين معركتها، بالتنسيق مع روسيا، في وجه غرب متعطّش لإزاحة نظام دمشق؟ بعيدا عن التحليلات المبسّطة التي وضعت موقف بكين في خانة &laqascii117o;الحفاظ على حلفها القديم مع دمشق"، و&laqascii117o;صون نفوذها في المنطقة"، لا يمكن قراءة الأداء الصيني من خارج إطار العلاقة الأميركية - الصينية، لا بل من الأجدر اعتبار سوريا مرآة تعكس طبيعة هذه العلاقة.. وتقلّباتها.

العلاقة مع أميركا
فبين استخدام الصين لحق النقض في مجلس الأمن مرتين، (المرّة الأولى ضد &laqascii117o;العقوبات الاقتصادية والإجراءات الأخرى"، والثانية ضد نص المبادرة العربية التي طالبت بتسليم الأسد السلطة لنائبه)، وبين زيارة نائب الرئيس الصيني تشي جينبينغ &laqascii117o;الودّية" إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي، أكثر من سؤال. صحيح ان زيارة تشي إلى البيت الأبيض في 13 شباط الماضي &laqascii117o;تأتي قبيل تنصيبه رئيسا للصين في الخريف المقبل.. تماما كما فعل الرئيس الحالي هو جينتاو قبل تسلمه السلطة في العام 2002"، على حدّ تعبير الكاتب أرنو دو لا غرانج في &laqascii117o;لو فيغارو" الفرنسية، غير أن السياسة الخارجية تبقى العنصر الطاغي عندما يلتقي ممثلو أكبر المتنافسين الاقتصاديين والسياسيين في العالم: الموقف من سوريا، العلاقة مع إيران، العلاقة مع كوريا الشمالية، التنافس الاقتصادي مع أميركا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والصراع على الطاقة في العالم (وفي دول &laqascii117o;ستان" الغنية بالموارد)... تحضر هذه الملفات مجتمعة على طاولة أي لقاء صيني - أميركي عالي المستوى، على ان تبقى كلها ثانوية أمام &laqascii117o;الانجازات التاريخية التي عرفتها العلاقات بين البلدين منذ 1972، والتي حملت للشعبين مكاسب كبيرة"، على حد وصف تشي جينبينغ لصحيفة &laqascii117o;واشنطن بوست" الشهر الماضي. وقد يكون ابلغ تعبير عن أهمية هذه العلاقات وتقدّمها رغم الاختلاف والتنافس هي الأرقام التي أظهرها تشي للصحيفة في معرض حديثه عن &laqascii117o;العلاقات الأهم والأكثر دينامية في عالم اليوم.. عندما زرتُ أميركا لأول مرة في العام 1985 كانت قيمة التبادل التجاري بيننا 7,7 مليارات دولار ومعدل الزيارات المتبادلة 10 آلاف، أما اليوم فيبلغ التبادل 440 مليار دولار أما الزيارات فتصل إلى 3 ملايين!"... أرقام كافية لتصوّر مكانة كل من البلدين لدى الآخر، ولاستنتاج قدرة الجانبين على الفصل بشكل كبير، بين العلاقات الاقتصادية والتنافس على ملفات السياسة والطاقة. هذه القدرة على الفصل تبدو لدى الصينيين بالذات، وذلك في نسجهم علاقات اقتصادية مميزة مع أميركا من جهة ومع إيران من جهة أخرى، اذ &laqascii117o;تلتزم شركات صينية رسمية على سبيل المثال بمشاريع نفطية في الجمهورية الإسلامية بقيمة 120 مليار دولار، على الرغم من العقوبات الأميركية - الأوروبية الطويلة الأمد على إيران" بحسب تقرير للكاتب دونغ يوم نشره معهد &laqascii117o;فورين بوليسي ان فوكس" بعنوان &laqascii117o;هل تدخل الصين اللعبة الكبرى مجدداً؟"...
الصين والمنطقة.. وسوريا
ما سبق، نموذج عن استراتيجية الصين &laqascii117o;المتوازنة" في العالم، التي تسعى لحماية مصالحها في الاقتصاد والطاقة أياً يكن الطرف الذي تجدر بكين التعاون معه لحماية هذه المصالح. بتعبير آخر، عملت الصين طيلة العقد الماضي على تطبيق سياسة &laqascii117o;صفر مشاكل" التركية – والتي فشلت أنقرة مؤخراً في انتهاجها على مستوى الشرق الأوسط – غير أن بكين وجدت نفسها هي الأخرى ذاهبة إلى أداء ادوار تخرجها عن &laqascii117o;حيادها" النسبي السائد تقليدياً، وذلك بعد التطورات في بلدان &laqascii117o;الربيع العربي". هذا ما شدد عليه يزيد صايغ في معهد &laqascii117o;كارنيغي للسلام الدولي" الذي اعتبر ان &laqascii117o;الصين في موقف حرج ومثير للاهتمام في آن. فدبلوماسية الصين ومقاربتها للشؤون الدولية والشرق الأوسط، مدفوعةٌ في المقام الأول برغبتها في حماية إمداداتها من الطاقة، وزيادة علاقاتها الاقتصادية بصفة عامة". ويضيف صايغ &laqascii117o;جوهر السياسة الصينية هو السعي إلى التعاون في إدارة الشؤون العالمية. ما يسعون إليه في الشرق الأوسط، سواء من حيث العلاقات الاقتصادية أو الطاقة، في إطار بحث نزاعات مثل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني أو الأوضاع في ليبيا وسوريا.. هو التعاون والتفاوض، وتسوية النزاعات". .. حافظت الصين في المنطقة على معارضتها التقليدية لفكرة &laqascii117o;التدخل العسكري" وما تعتبره سياسة غربية في المنطقة. ويعود ذلك جزئياً لتاريخها الخاص التي &laqascii117o;عانت خلاله من التدخل الغربي في القرنين العشرين والتاسع عشر، فضلاً عن فرض عقوبات عليها لسنوات عدة خلال الحرب الباردة، بأمر من الولايات المتحدة"، كما قال صايغ. إذاً، للصينيين أسبابهم الخاصة ليكونوا حساسين تجاه التدخل الغربي في سوريا اليوم أو فرض عقوبات على نظام الأسد. ففيما كان للصين موقف &laqascii117o;محايد" يوم صوّت مجلس الأمن على قرار عربي بفرض الحظر الجوي فوق ليبيا، وقفت بكين سداً منيعاً بوجه قرار غربي الصنع، يوصي بالعقوبات على سوريا أواخر العام الماضي. موقف أشعل سجالاً دولياً كبيراً وسط دعوات غربية متنوعة إلى ضرورة ازاحة الأسد بتدخل عسكري شبيه بتجربة &laqascii117o;الناتو" في ليبيا، الا ان إصرار الصينيين، كما الروس، على العكس، قائلين إن &laqascii117o;الهدف هو تفادي تكرار التدخل الغربي الذي سبب بؤساً في أفغانستان والعراق"، نجح حتى الآن في إلغاء هذا الاحتمال. اكثر من ذلك، يقرأ معهد &laqascii117o;كارنيغي" الموقف الصيني في سوريا من منظار أوسع: &laqascii117o;هو القلق الصيني المتزايد مما تعتبره سياسة أميركية رامية إلى حرمانها من الوصول إلى مصادر الطاقة في الشرق الأوسط. فمفهوم السياسة الأميركية المناهضة للصين ظهر في إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما في كانون الثاني الماضي عن مراجعة واشنطن استراتيجيتها الدفاعية وتحويلها نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ. والنتيجة هي معارضة الصين المفتوحة لفرض حظر على استيراد النفط الإيراني، كما أوصت الولايات المتحدة". ويضيف التقرير &laqascii117o;أمام الصين معضلة واحدة هي كيفية أن تكون قوة ذات نفوذ في الشرق الاوسط"، خصوصاً انها ليست على مقربة جغرافية من المنطقة، &laqascii117o;كما انها ليست في صدد تطوير حضورها في بحر العرب والمحيط الهندي فضلاً عن انها لم تبدأ حتى اللحظة في إبراز قوتها العسكرية في المنطقة" (على عكس روسيا)، لذا ليس امام بكين سوى تطبيق الدبلوماسية الناعمة او القوة الناعمة". هو الخيار الذي يمكّن بكين من الإبقاء على حضورها في المنطقة – دائماً في موقع المنافس للولايات المتحدة – مع الحفاظ على علاقاتها الجيدة مع &laqascii117o;دول الطاقة" وعلى رأسها دول مجلس مجلس التعاون الخليجي &laqascii117o;الذين يؤمنون بصادراتهم أكثر من نصف احتياجات شرق آسيا من الطاقة... علاقة الصين بالشرق الأوسط متعددة الأوجه، لا بل استراتيجية في ما يتعلق بالطاقة"... وهذا ما يجعل سياسة بكين في سوريا أكثر حذراً من سياسة حليفتها موسكو.


- 'النهار'
'الربيع العربي' والحضور المسيحي في الشرق
فريد الخازن:

في زمن التحولات الكبرى تبرز تساؤلات حول مسائل مرتبطة بالدولة والمجتمع. انه الربيع العربي الآتي بلا مقدمات، وهو يطرح تساؤلات حول مسائل عديدة، ومنها مسألة الحضور المسيحي في عالم عربي قلق ومضطرب، قبل هبوب رياح التغيير وبعدها. النظام الاقليمي العربي، الذي تكوّن في اطار الدولة الحديثة وشهد مراحل صعود وهبوط، لم يكن للشعوب العربية دور حاسم في تقرير مصيره في العقود الثلاثة او الاربعة الاخيرة. فبعد الاستقلال، جاءت الانظمة المعسكرة الى السلطة فسخرتها لمآربها وسعت الى تأبيدها عبر عملية توريث منظمة. فاذا كانت حال الاكثرية الصامتة من شعوب المنطقة على هذا المنوال، فكم بالحري حال المسيحيين، وهم في الاساس في موقع هامشي في الشأن السياسي. في مرحلة نشوء الدولة الحديثة، بعد انهيار السلطنة العثمانية وقبل ان يُمسك الحاكم السلطة في مفاصلها كافة، كان الشعب ممثَلا بنخب سياسية اتت الى الحكم عبر الانتخاب في زمن الليبرالية العربية، اي قبل بروز الايديولوجيا والراديكالية القومية. وكان للمسيحيين موقعهم المؤثر في حركة هذه النخب في السياسة والثقافة والصحافة لاسيما في مصر وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين. وفي مرحلة ما بعد الاستقلال انحصر القرار بالانظمة الحاكمة، فوضعت الانظمة في عدد من الدول العربية الدين جانبا وقمعت مريديه، وفي بعض الحالات شاركت الاحزاب الاسلامية في الحكم لكن بضوابط وحدود رسمتها الدولة. بايجاز، حققت الدولة السلطوية، قبل الربيع العربي، الاستقرار لكن على حساب الحريات. ففي حين ان اوضاع المسيحيين اختلفت بين دولة واخرى، الا انهم لم يكونوا في موقع اتخاذ القرار في الشأن السياسي ولا في موقع تعطيله. وعلى رغم تنامي الاسلمة في المجتمع، الا ان الدولة لم تكن اسلامية، والقضايا الخلافية تمحورت حول اصلاح النظام السياسي وتحسين الاوضاع الاقتصادية. الحالة العربية لم تكن دائما استثنائية بالمقارنة مع دول العالم الثالث حيث أتى العسكر الى السلطة واخذت الايديولوجيات الشمولية مداها، الا ان التحول الذي حصل بعد انتهاء الحرب الباردة وضع النظام الاقليمي العربي في حالة مغايرة. هكذا غاب العرب عن مسار التحولات الديموقراطية التي شهدتها دول عديدة في العقدين الاخيرين. ولقد حصلت محاولات تغيير ديموقراطي، خصوصا في بعض الانظمة الملكية في الاردن والمغرب والكويت، الا ان الجمهوريات العربية استطاعت ان تحصن مواقعها بأساليب الترهيب والترغيب المعهودة. وعلى رغم حالة الجمود التي سادت المنطقة، هبت رياح التغيير دفعة واحدة وليس عن سابق تصور او تصميم. واللافت ان التغيير انطلق من تونس، وهي من الدول الأكثر تمرساً في الضبط البوليسي في المنطقة والأكثر ابتعاداً عن 'قضاياها المصيرية'. والمفارقة انه ربيع عربي لم تساهم في صنعه نكبة أو نكسة، ولم يأتِ بسبب ازمات دولية، فلا حروب باردة او ساخنة اليوم. انه، بكلام آخر، نتاج عربي صرف نابع من واقع مأزوم. لقد تبدلت اولويات الشعوب العربية وهمومها من جيل الى جيل، وها نحن اليوم نكتشف خيارات عبّر عنها الشعب في الساحات اولا، ومن ثم في صناديق الاقتراع. وما نتائج الانتخابات التي جرت اخيرا في مصر وتونس سوى التعبير الصادق عن هذه الخيارات وتداعياتها على المستويات كافة. الا ان الديموقراطية ليست حصرا عملية انتخابية واقتراع حر، بل نظام قيَم متكامل يستند الى مبادﺉ يجسدها الاعلان العالمي لحقوق الانسان القائم بدوره على المساواة وعلى احترام حقوق الفرد والجماعات، فأين العالم العربي من هذه القيَم في ظل التحولات الكبرى التي نشهدها اليوم؟  لم تعد التحديات التي تواجه العالم العربي اليوم تتمحور حول مسائل ولّى زمنها، ومنها كيان الدولة وديمومته، والثورة وانجازاتها، و'المصير المشترك' بعد ان تراجع الاهتمام بالنزاع العربي- الاسرائيلي، بل ثمة قضية مركزية اليوم عنوانها موقع الدين من الدولة والمجتمع، وهذا بالذات مصدر قلق لمن لا يرى ان للدولة هوية دينية، لاسيما أن وسائل الحكم باتت مفاهيم عالمية تعتمدها الشعوب من خلفيات تاريخية ودينية وثقافية مختلفة. وهذا القلق بالذات يتشارك به المسيحيون والمسلمون، وان كان الهم المسيحي يغلب عليه المنحى الوجودي وليس فقط المطلبي. ليست المرة الاولى التي تطرح فيها تساؤلات حول موقع الاسلام في الدولة والمجتمع. تساؤلات مشابهة شغلت بال مفكرين كبار بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، دولة الخلافة الاسلامية، وفي ما بعد في مرحلة الاستقلال. الا ان طبيعة الدول تغيرت اليوم وكذلك مجتمعاتها، فحلّت الدولة مكان الامبراطورية، وبرزت حركات اسلامية منظمة في اطار الدولة الحديثة، وحلت العولمة وتكنولوجيا المعلومات مكان عصر النهضة. والغرب اليوم لم يعد النموذج المتقدم، كما رآه الطهطاوي ومعاصروه من الكتاب والمفكرين، ولم يعد يشكل حافزا للتغيير في السياق الاسلامي، كما نادى الكواكبي ومحمد عبده والرافعي وسواهم، بل بات، بالنسبة الى البعض، مصدر الخطر المباشر على الامة. العالم العربي والاسلامي في ظل الدولة المعاصرة في حراك لا حدود له ولا قواعد جامعة تضبطه، وكأن في كل دولة امة، وسيمرّ وقت طويل قبل ان يجد له نقطة ارتكاز ثابتة. انه ايضا يواجه اختبارات جديدة في زمن مختلف عن زمن الحداثة في مطلع القرن العشرين لاسيما ان للاسلام اليوم حضورا فاعلا في العالم كله لا عبر الفتوحات بل في ظل العولمة وفي اطار الدولة الحديثة. وهو ايضا يواجه تحديات غير مسبوقة لجهة الشرخ المذهبي العميق، وتحديدا على مستوى السلطة السياسية داخل الدول وفي ما بينها. اما ساحة المواجهة الابرز لهذا الشرخ فهي العالم العربي بالذات. مسألة اخرى لا تقل اهمية تخص التجارب الجديدة التي تشهدها بعض دول المنطقة في زمن الربيع العربي، وهي تجارب في ممارسة الحكم لم تختبرها المجتمعات العربية، فلا نموذج ديموقراطياً يحتذى به ولا قواعد واضحة ترعى المرحلة الانتقالية، خصوصا مع بروز قوى سياسية جديدة، وتحديدا الاسلام السلفي المنظم، ما يجعل التنافس يميل الى التطرف اكثر منه الى الاعتدال ضمن الصف الاسلامي الواحد. حالة اخرى لافتة عبّر عنها الازهر في وثائق ثلاث، ومنها وثيقة تناولت موضوع الحريات العامة دعا فيها الى احترام 'حرية العقيدة' و'حرية الرأي والتعبير'. وهذه الوثيقة تشكل خطوة متقدمة وجريئة نحو تجديد الفكر الاسلامي والاجتهاد في مفهوم الحرية من دون اغفال ما بات مسلما به في الفكر الانساني العالمي. انها بارقة أمل علّها تثمر على ارض الواقع. ولكي تثمر لابد ان تكون في موقع التأثير في القرار السياسي. لعل ابرز ما يواجهه العالم العربي اليوم ان 'ربيعهم' لا يشبه في مضامينه وهمومه واهدافه اي 'ربيع' آخر، اذ ليس ثمة قاطرة تشدّ الانظمة في العالم العربي في اتجاه الديموقراطية، مثلما كانت عليه الحال في اوروبا الغربية التي شكلت القاطرة الديموقراطية بالنسبة الى دول اوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. كما ان التحولات في اتجاه الديموقراطية في دول العالم، بدءا بأميركا اللاتينية في ثمانينات القرن المنصرم، مرورا بدول آسيوية وافريقية، وصولا الى اوروبا الشرقية، لم يكن الدين محركها الا بمقدار مساهمته في انهاء الاستبداد القائم وليس لأنه يطرح نفسه مكوناً اساسياً في السلطة البديلة. فاذا كان الربيع العربي مرادفا لتحرر الشعوب من استبداد الحاكم وظلمه، فلا يمكن ان يصبح مصدر ظلم واستبداد لأي من مكونات المجتمع، مسيحيين أو مسلمين، اقلية أو اكثرية. الديمقراطية، بمفهوم القرن الحادي والعشرين، هي حكم الاكثرية للاقلية، لكن عندما يكون الدين على الحياد وفي ظل دولة تحكمها قوانين مدنية لادينية. لم يشارك المسيحيون في صنع الانظمة السلطوية بل شاركوا مواطنيهم في الحداثة، منذ عصر النهضة الى اليوم، وفي الدفاع عن القضايا الوطنية والقومية الكبرى، وهم ليسوا بحاجة الى شهادة حسن سلوك من احد. ففي حين ان همومهم واولوياتهم في بلدانهم ليست متشابهة، الا ان هاجسا

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد