قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الأربعاء 7/3/2012

- 'السفير'
أهل النفط والربيع العربي: حلف ثلاثي جديد للحرب على إيران!
طلال سلمان:

باختصار... ُقضِيَ الأمر وافرنقع العرب فإذا بلادهم أرخبيل من الجزر المتباعدة:
انفصل الأغنياء بذهبهم، الأسود منه والأبيض، في الجزيرة والخليج، وإن استخدموا بعضه لتدجين الانتفاضات او لتغذية حركات التمرد في الدول العاصية والمارقة - في تقديرهم - على الدين الحنيف.
وعادت دول شمال أفريقيا العربية تحاول إحياء الاتحاد المغاربي مع توسيعه ليشمل موريتانيا المنسية، بالانبعاث الإسلامي، وقد تم تزيينه بورد الربيع العربي الذي جاءته هويته من خارجه.
أما دول المشرق المحيطة بفلسطين، فقد حوصرت في انتظار أن يتوب أهلها ويرجعوا الى بيت الطاعة، معلنين براءتهم من شبهة العلاقة مع إيران التي حلت محل إسرائيل بوصفها العدو القومي منذ فجر التاريخ، بينما اليهود من أهل الكتاب.. ثم إن أرض الله واسعة تتسع لدولتهم الصغيرة التي يمكن التفاهم معها عبر القيادة العليا في واشنطن، فضلاً عن كونها الحليف الطبيعي في مواجهة المد الفارسي.
أسقطت الهوية الجامعة، وعادت دول هذه المنطقة التي استولدت على عجل، بعضها على قاعدة طائفية، وبعضها الآخر على قاعدة نفطية، وبعض ثالث من حول قاعدة عسكرية او حتى على قاعدة من غاز الى التباعد والمخاصمة... بالسلاح!
فجأة عادت ترتفع شعارات السيادة والاستقلال والقرار الوطني الحر في دول، كنا نحسب انها مستقلة وسيدة قرارها ولها مقعدها في الأمم المتحدة - بمنظماتها كافة - وفي الجامعة العربية وفي المؤتمر الإسلامي الخ...
وتهاوت جامعة الدول العربية مخلية مكانها أو مسخرة اسمها وتاريخها لنفوذ مؤسسات مستولدة حديثاً، أو كان لها وجود رمزي وغير فاعل، قبل ان &laqascii117o;تجير" صلاحياتها الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها، تحت ضغط &laqascii117o;عروض لا يمكن رفضها" جمعت من حولها أكثرية &laqascii117o;الأصوات" من دون ترهيب او إغراء!
صار مجلس التعاون الخليجي، بقدرة قادر ومن غير تمهيد مسبق، مجلس قيادة الربيع العربي. لقد وجد من ينبه أركانه المتكاسلين فوق ثرواتهم الخرافية، الى ان الذهب يعوض الضآلة ويذهب بالعجز ويؤهل أصحابه لأن يكونوا قيادة سياسية، بل وعسكرية، وحتى فكرية، لموجة التغيير التي تجتاح المنطقة جميعاً.
وهكذا اندفعوا الى صدارة المسرح صارخين &laqascii117o;الأمر لي"! مستفيدين من واقع ان الذهب أقوى تأثيراً من العقائد والأفكار، وانه يستطيع - إذا ما تجلبب بالإسلام - ان يفعل ما عجزت عنه القومية والاشتراكية والليبرالية.
بالمقابل ذهب أهل المغرب العربي يعيدون إحياء إطار سياسي ظل بلا روح لعقود، منفصلين عن سائر أشقائهم التائهين الآن في غياهب انتفاضاتهم، متخذين من الشعار الإسلامي الذي أعيد اليه الاعتبار بالديموقراطية منطلقاً جديداً &laqascii117o;لبعث" الاتحاد المغاربي.
لا يهم أن يكون السودان قد سقط سهواً في هوة التشطير، وأن تندثر &laqascii117o;دول" مستولدة قيصرياً كجيبوتي والصومال وجزر القمر، فلا تستذكر إلا بوصفها اصواتاً مرجحة لقرار أهل النفط في الحرب ضد أشقائهم الفقراء.
من له الحق في الاعتراض على أن تصبح إسرائيل، والحال هذه، مصدر القرار في مختلف شؤون هذه المنطقة وقضاياها، خصوصاً أن واشنطن سارعت الى احتواء الربيع العربي وتدجينه عبر التخلي عن رجلها في تونس، زين العابدين بن علي، وعبر إصدارها الأمر لصديقها في القاهرة حسني مبارك بالتنحي، وفتح الخطوط مع &laqascii117o;الإسلاميين" - كأحزاب وتنظيمات - بعد اطمئنانها إلى &laqascii117o;اعتدالهم" في ما يخص القضية الفلسطينية، وبالتالي الى تخفيف العداء تجاه إسرائيل في خطابهم السياسي، وتقديم إيران الى الصدارة بوصفها العدو القومي تاريخياً، وإبراز الاختلاف في المذهب وكأنه خروج على الإسلام؟
صارت إيران، والحالة هذه، العدو المشترك لكل من &laqascii117o;العرب" والإسرائيليين، ومعهم بطبيعة الحال الولايات المتحدة الاميركية التي كان من السهل على رئيسها أن ينسى تعهداته السابقة، وأن يبتلع وعوده &laqascii117o;التاريخية" حول حق الفلسطينيين بدولة على بعض البعض من أرضهم.
وهكذا تجيء زيارة رئيس وزراء دولة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موعدها تماماً، فاللحظة الانتخابية في الولايات المتحدة الاميركية هي موعد متجدد مع الحظ، ويستطيع الصديق الأعز والأوفى أن يحصد من الجوائز فوق ما يتوقع، وأن يطلب فيحصل على ما كان مستحيلاً، وأن يبدل في القرار الاميركي بالاستناد الى دعم مفتوح من الكونغرس، توفره المنظمات الصهيونية التي دأبت على استغلال معركة الانتخابات الرئاسية لتغليب المطالب الإسرائيلية على المصالح الوطنية الأميركية... فسيف الصوت اليهودي قاطع، ولا يملك المرشح للرئاسة إلا الاندفاع في المزايدة على منافسيه حتى تفقد القدرة على التمييز: أيهم الأكثر تطرفاً في الولاء لإسرائيل من الآخر او الآخرين من المرشحين؟
منطقي، والحال هذه، أن يتصرف رئيس حكومة العدو الإسرائيلي نتنياهو في واشنطن بوصفه &laqascii117o;السيد" أو &laqascii117o;القائد" لأنه الصوت المرجح في الانتخابات الرئاسية الاميركية باعتباره حامي المصالح الاميركية العظمى في المنطقة الأغنى بثرواتها في العالم.
ثم إنه في هذه اللحظة المرشح لقيادة معركة القرن الحادي والعشرين التي سيتقرر فيها مصير الكون: الهجوم على إيران لتدميرها قبل أن تنجز مشروعها لإنتاج السلاح النووي.
الجديد أيضاً أن نتنياهو سيتحدث الآن من موقع &laqascii117o;الحليف الموضوعي" لأهل النفط في الخليج في مواجهة الخطر الإيراني الداهم.. وربما ادّعى انه مفوض منهم ويتحدث باسمهم باعتباره حامي حماهم من النووي الإيراني، وهو بهذا إنما يؤدي واجب الحليف الجبار بسيفه الاميركي الطويل بطول الشرق الأوسط وعرضه.
ومما يسهل على نتنياهو مهمته &laqascii117o;التاريخية" أن &laqascii117o;الربيع العربي" قد أزهر فأثمر حاملاً الى السلطة رموز الإسلام السياسي، وهم - موضوعياً- حلفاء بالمصلحة إن لم يكن بالطبيعة، أو فلنقل إنهم أصدقاء مستجدون للإدارة الاميركية بعدما بذل الجميع جهوداً حثيثة لإنهاء &laqascii117o;سوء التفاهم" الذي عكر العلاقات لزمن طويل... وهكذا فقد تم التلاقي مجدداً، وهذه المرة على ضرورة مواجهة &laqascii117o;الخطر الإيراني" أو &laqascii117o;المد الشيعي"... خصوصاً بعدما انكشفت الأغراض وبانت المقاصد الخفية عبر السلوك الوحشي للنظام السوري ذي الهوية الطائفية المعروفة ضد الشعب السوري بأكثريته، التي تبرع أهل النفط في الخليج برعايتها والتقدم لحمايتها، ولو بالسلاح، معززين بتأييد الحكم في تركيا بهويته الإخوانية المعلنة.
هي الحرب، إذن... وإذا كان العنوان إسقاط النظام السوري والمقصد تدمير قدرات إيران النووية، فإن الهدف الفعلي هو تكريس التلاقي في المصالح بين الثلاثي الجديد: الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل والإسلام السياسي الذي أسقط شعارات التحرير وأغفل ذكر فلسطين من أدبياته وهو يتقدم في اتجاه السلطة.
وذريعة من يقصدون الحكم الآن، في أكثر من بلد عربي، تحت الشعار الإسلامي: أمهلونا ريثما ننتهي من تصفية تركة نظام الطغيان في الداخل، وبعد ذلك يمكننا العودة الى ميدان العمل من اجل فلسطين!
والحقيقة، التي قد تطمسها التطورات أحياناً، أن عرب النفط بالذات قد أرعبتهم الثورة الإسلامية في إيران منذ تفجرها في شباط / فبراير 1979... وإنهم - وتحت الرعاية الاميركية دائماً- قد لعبوا الدور الحاسم في تحريض الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين للهجوم على إيران، متعهدين بأن يدفعوا كلفة الحرب، ومن بعد الانتصار، كلفة إعادة بناء العراق الذي ستلحقه - بالتأكيد - أضرار فادحة نتيجة مواجهة اكبر دولة في الإقليم.
ولم يكن صدام حسين بأحلامه الإمبراطورية يحتاج الى كثير من التحريض، خصوصاً وقد ضمن مصادر مؤثرة للدعم، وبات بإمكانه أن يقاتل الثورة الإيرانية وهي بعدُ وليدة تحت عنوان &laqascii117o;القادسية"، مستعيداً تاريخ تدمير الإمبراطورية الفارسية بالفتح العربي تحت الشعار الإسلامي.
وحين أقر الخميني بالهزيمة وقبل قرار وقف إطلاق النار، متجرعاً الهزيمة العسكرية المرة، والتفت صدام حسين طالباً مكافأته، قال له أهل النفط: ولكننا دفعناها نقداً وسلاحاً... فكانت مغامرته الحمقاء بغزو الكويت مما استنفر العرب جميعاً فشاركوا- تحت القيادة الاميركية - في الحرب على العراق بذريعة تحرير الكويت، وهي وصمة العار التي ستظل محفورة في التاريخ العربي الحديث.
التاريخ يعيد نفسه.. لكن الإعادة، كما المرة الأولى، سيدفع ثمنها العرب من دمائهم ووجود كياناتهم السياسية ومن مستقبلهم في أرضهم، فحين يكون عدوك هو حليفك ومصدر خلاصك، لا يحق لك أن تعترض على النتيجة الطبيعية: أن ينتصر مشروعه السياسي على مشروعك، وأن تصير تابعاً له، بالغة ما بلغت ثروتك. فالثروة وحدها لا تصنع أوطاناً ولا تقيم دولاً، فضلاً عن أنها لا تحرر أرضاً أو إرادة محتلة.


- 'السفير'
أوباما ونتنياهو بين لغة الأجساد ولغة المخاتلة
فواز طرابلسي:

منذ سبع سنوات على الأقل والحديث يدور عن ضربة عسكرية على إيران. توقعوها أميركية تارة ثم إسرائيلية - أميركية مشتركة تارة اخرى وطورا إسرائيلية منفردة. بنى صحافيون عرب وأجانب أمجادهم على &laqascii117o;تسريب" أخبار تعيّن التوقيت الدقيق للضربة. ما لم يجر &laqascii117o;تسريبه" كثيرا هو الكيفية التي سوف تتم بها الضربة،
ومضاعفاتها على خطوط النفط والغاز الخليجية حتى لا نتحدث عن الاساطيل والقواعد الاميركية في الخليج. يزيد من حراجة التساؤل تزايد الحديث لفترة عن أن الاهداف النووية الايرانية المعروفة لدى الاجهزة الامنية الاميركية والاسرائيلية متواضعة العدد ما يؤثر على فاعلية الضربة. بل قيل ان الضربة، ولو نجحت، سوف تؤخر البرنامج لبضع سنوات لا أكثر. والاندر اننا لسنا نعرف الكثير عن حجم ومدى وإمكانات ردود الفعل الايرانية على &laqascii117o;الضربة" العتيدة ومدى تأثيرها على النظام في الجمهورية الاسلامية: هل سوف تسقطه، تضعفه او تزيده قوة وشعبية؟
لن تفيدنا هذه الاسئلة في فهم أسباب خفوت طبول الحرب حول لـ&laqascii117o;الملف الايراني" لشهور عديدة ودويّها المفاجئ مؤخرا بل استحواذها على مؤتمر &laqascii117o;آيباك" وعلى المحادثات الاميركية الاسرائيلية على مدى الايام الاخيرة.
يجوز التساؤل مثلا: هل وصل برنامج التسلّح النووي الايراني مرحلة من التقدّم تستدعي الحسم؟
يفيد الخبراء ان وكالات المخابرات والأمن الاميركية، البالغ عددها ١٦ وكالة، ومعها كل الوكالات الاسرائيلية، مجمعة على ان إيران &laqascii117o;لم تحصل على سلاح نووي" وان ليس لديها أصلا برنامج لانتاج السلاح النووي. ويشدد الخبراء على الفارق الشاسع بين &laqascii117o;التمكّن النووي" و&laqascii117o;التسلّح النووي". ويردفون قائلين: لا شك ان دولة مثل إيران تستطيع تخصيب اليورانيوم بدرجة ٥ للاغراض الطبية، تملك من الخبرات والامكانات لانتاج درجات اعلى من التخصيب تسمح بإنتاج سلاح نووي. لكن هذه النقلة لا تتطلب قرارا سياسيا وحسب وانما توافر أجهزة طرد اكثر تطورا بكثير من الاجهزة الحالية كثيرة العدد، اضافة الى تصنيع قطع السلاح النووي ذاته. وهذا يتطلب أشهرا بل بضع سنوات لانتاج السلاح النووي العتيد.
يتغيّر الوضع كليا عندما يتعلّق بالعلاقات بين رئيس اميركي ورئيس وزراء اسرائيل امام استحقاق التجاذب على الاصوات اليهودية بين ديمقراطيين وجمهوريين. يوازن الرئيس اوباما بين قسم الولاء شبه المطلق لاسرائيل الذي تلاه امام مؤتمر &laqascii117o;آيباك" وبين رسالة واضحة موجهة حول الضربة العسكرية. يؤكد تفهمه أن إيران مسلحة نوويا تهدد &laqascii117o;مصالح اسرائيل الامنية" ما يمنح هذه الاخيرة الحق في القيام بما تراه مناسبا لـ&laqascii117o;حماية أمنها". بل يتخذ رجل البيت الابيض لهجة التهديد ليعلن أنه لن يتردد عن &laqascii117o;استخدام القوة عند الضرورة للدفاع عن الولايات المتحدة ومصالحها". مهما يكن، ظل الرئيس الاميركي يحور ويدور في دائرة المصالح والامن. لكنه يختم بأنه لا يزال يعتقد &laqascii117o;ان الفرصة متاحة أمام الدبلوماسية المدعومة من الضغوط للنجاح". فردّت عليه الجمهورية الاسلامية بالتي هي احسن. عشية استئناف المحادثات النووية مع إيران، أبدت طهران استعدادها لفتح موقع بارشين أمام الوكالة الذرية.
بإيجاز: اوباما لا يريد الحرب أقله ليس قبل الانتخابات الرئاسية. ولكنه يريد سلب الجمهوريين ورقة المزايدة على الولاء لاسرائيل.
لن نعرف قبل وقت ما الذي جرى في اللقاء بين الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء الاسرائيلي. ولكن تحليلا أجرته خبيرتان إسرائيليتان لصحيفة &laqascii117o;هاآرتس" عن &laqascii117o;لغة الاجساد" خلال اللقاء ينبئ بما هو طريف على الاقل. يبدو ان اوباما كان متوثبا ولكنه يوحي في الوقت ذاته بـ&laqascii117o;الدفء المزّيف" فيما بدا نتنياهو أشبه بـ&laqascii117o;طفل تعرّض للتوبيخ".
حقيقة الامر ان لغة الاجساد تتكامل مع مخاتلة الكلام. نعرف ان اوباما، في معرض التوبيخ، حذّر من ان الحديث غير المسؤول عن الحرب يساعد ايران لأنه يرفع اسعار النفط. وهو للمناسبة يساعد روسيا للسبب ذاته.
قد يكون نتنياهو تعرّض للتوبيخ لكن مخاتلاته كثيرة. قال ان &laqascii117o;اسرائيل هي الولايات المتحدة والولايات المتحدة هي اسرائيل" في خطابه امام مؤتمر آيباك وسبق القول واعقبه بأن اسرائيل وحدها سيدة استقلالها فيما وزير خارجيته يؤكد ان بلاده تتخذ قراراتها فيما يتعلق بالملف النووي الايراني &laqascii117o;كدولة مستقلة". ولكن في حين تحدث الرئيس الاميركي عن المصالح والامن، بل خلط المصالح بالامن للحديث عن المصالح الامنية، غادر رئيس الوزراء الاسرائيلي خطاب الامن ليضرب على الوتر الذي لا يستطيع احد ان يعزف عليه غير اسرائيل: النووي الايراني يعادل &laqascii117o;شبح الإبادة" لاسرائيل.
ليضرب من يشاء اخماسا بأسداس لمعرفة وظيفة هذه المباراة بين لغة الاجساد ولغة المخاتلة من حيث دورها في الانتخابات الاميركية. المؤكد اننا امام رئيس وزراء كذاب ياخذ صك براءة على كذبه من رئيس اميركي على امتلاكه حوالي 2٠٠ رأس نووي لا تعرف البشرية عنها شيئا لأن اسرائيل لا تزال ترفض التوقيع على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية ولم تسمح مرة لاي فريق مراقبة دولي بأن يزور منشآتها النووية. ليس النووي الايراني يشكل خطرا على أمن اسرائيل ناهيك بوجودها. ان نتنياهو يدافع ببساطة عن احتكاره للسلاح النووي في منطقة الشرق الاوسط.
وهو الاحتكار الذي تحميه السياسات المتعاقبة للولايات المتحدة. بل ان ادارة اوباما قد نجحت في ان تقنع عرب النفط بنظرية نتنياهو عن &laqascii117o;استبدال الاعداء" بين اسرائيل وايران.
لم تفعل الادارة الاميركية ذلك كرمى لعيون الدولة الصهيونية وانما تنفيذا لحلم طويل هو القدرة على شبك اوثق العلاقات بين قاعدتي سيطرتها في المنطقة: الدولة الصهيونية وجماعة النفط والغاز. فهل من حاجة لتقارير سرية عن التنسيق الامني بينهما لنتبيّن الحقيقة التي تصفعنا في الوجه؟.


- 'السفير'
سجال داخلي
ساطع نور الدين:

خسر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو معركة مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، لكنه لم يخسر الحرب على الجمهور الأميركي. تعرض لما يشبه المهانة، تلقى درسا في السياسة وفي عدم جدوى الحرب او حتى الحديث عن الحرب على ايران.
لم يكن الخلاف جديا وعميقا بين الرجلين. كان يدور حول التوقيت، وحول اسلوب مواجهة ايران. ثمة ما يبرر الاعتقاد أنه كان ولا يزال خلافا مفتعلا، حول قضية مصطنعة، تصرف الأنظار عن القضية الفلسطينية والحاجة الى مقاربتها، كما تبعد النقاش حول الربيع العربي الذي كان ولا يزال يشكّل التحدي الأهم بالنسبة الى واشنطن والقدس المحتلة.
في خطابه امام منظمة &laqascii117o;إيباك" الاميركية الاسرائيلية، سلّم نتنياهو بأن خطاب الحرب على ايران لم يعد مرغوبا، بعدما أوحى قبل مغادرته تل ابيب بأنه مسافر الى واشنطن لطلب الضوء الاخضر من اوباما من اجل اصدار الأمر بمهاجمة ايران. تلقى التأنيب من الرئيس الأميركي الذي أبلغه أن قضية الحرب لا تناقش بمثل هذه الخفّة والعلنية، وتلقى التحذير من مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين من مخاطر ضرب ايران على المصالح الأميركية والإسرائيلية، في اعلان نشرته كبرى الصحف الاميركية.
لكن نتنياهو لن ييأس ولن يستسلم. فالخطر الإيراني المفتعل هو سبيله الى وضع الرئيس الأميركي وادارته في موقع دفاعي، يضطره الى تقديم المزيد من المبادرات والبراهين على حسن نواياه تجاه اسرائيل الخائفة من القنبلة النووية الإيرانية المزعومة... والمشككة في بعض مواقفه الفلسطينية السابقة التي سحبها أوباما واعتذر عنها، وفي بعض مرونته العربية التي تمثلت بالتخلي عن عدد من الأنظمة الاستبدادية العربية لمصلحة تيارات واحزاب اسلامية تشكل كابوسا مزعجا بالنسبة الى الإسرائيليين.
هو سجال داخلي بين حليفين وثيقين، يحتمل المراوغة والمناورة وحتى الكذب حول التهديد الإيراني، الذي يخدم الأميركيين في عقد صفقات التسليح الخليجية الضخمة، ويفيد الإسرائيليين في تطوير مستوى جيشهم واقتصادهم... وينفع الجانبين في تفادي مواجهة الأسئلة الاكثر اهمية وإلحاحا حول مستقبل الدول المحيطة بإسرائيل، والتي تشهد اضطرابات وتحولات لم يسبق لها مثيل منذ خمسينيات القرن الماضي.
ليس من المبالغة القول إن أوباما هو الطرف الأضعف في هذا السجال الداخلي الاميركي الاسرائيلي ، برغم أن استطلاعات الرأي تضمن له الفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية في الخريف المقبل، وتحد من قدرة الناخبين اليهود الأميركيين على حرمانه من هذه الفرصة. فهو الآن امام امتحان دائم، يجبره على إثبات إخلاصه وولائه لإسرائيل بشكل يومي، وعلى اعلان الاستنفار التام خشية ان يجن نتنياهو يوما ويجر اميركا الى حرب لا تريدها، ولا تستطيع النأي عنها.


- 'الأخبار'
'النأي بالنفس' هل يجنّب لبنان الخراب؟
سمير الحسن:

منذ تولّيه السلطة، حاملاً معه الوسطية شعاراً ومشروعاً، رفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي شعار &laqascii117o;النأي بالنفس" استراتيجية لحكومته في ما يتعلق بالتطورات العربية، وخصوصاً منها التطورات السورية. كثيرون تساءلوا كيف يمكن لصديق قديم للرئيس السوري بشار الأسد ولحليف لقوى متآلفة مع سوريا، أن يقف جانباً في الصراع الذي تشهده الساحة السورية، وخصوصاً أنّ حكومته تضم غالبية متعاطفة مع الدولة السورية.
لا شك أنّ ميقاتي اتخذ موقف &laqascii117o;النأي بالنفس" لا لتطبيق مشروع الوسطية الذي طالما نادى به، بقدر ما هو إدراك عميق لتطورات الأوضاع الحالية، واحتمالات انعكاسات التطورات على الساحة اللبنانية بما تعوّد اللبنانيون عليه تفجّراً لبلدهم ولصيغته السريعة العطب، في حروب أهلية، وانقسامات و&laqascii117o;خراب بيوت" في كل محطة مماثلة.
فميقاتي يدرك أنّه في كل مرة كان لبنان ينحاز فيها إلى طرف في الصراع الإقليمي ـــــ الدولي، كان يدفع الثمن غالياً في تركيبته وبنيته السريعة العطب، القائمة على تشكيلة طائفية شديدة الحساسية نظراً إلى حساسية توازناتها.
وعلى سبيل المثال، يدرك الرئيس ميقاتي أنّ انحياز لبنان إلى حلف بغداد سنة 1958، أدى إلى تفجّر حركة مسلحة استمرت زهاء ستة أشهر، انقسم البلد بسببها انقساماً عمودياً جدّد تهيّؤه لانقسامات أعمق وأشمل وأطول مدى. انقسامات قدمت إليه بتقديم الزمن وتفاقم التطورات، وباقتراب المنطقة من مراحل الستينيات بما تعني من حرب 1967 وهجرة الفلسطينيين الثانية وقدوم المقاومة الفلسطينية إلى لبنان، وصولاً إلى التفجّر الكبير في نقطة الصفر 13 نيسان 1975.
واليوم، تعيش المنطقة على فوهة بركان التحركات الشعبية في العالم العربي، وتشهد الجارة الأقرب سوريا، والأكثر تأثيراً على لبنان، أقسى المواجهات بسبب موقعها الاستراتيجي ودورها الإقليمي، ودخول العالم فيها في صراع حاد وشرس أعاد إحياء الحرب الباردة التي سادت قبل انهيار الاتحاد السوفياتي. وفي ظل الأحداث السورية، تجاوبت الأطراف اللبنانية مع أطراف الصراع المحلية والدولية في سوريا، ما هدّد بانقسام لبناني حاد ومتجدد يوحي بأنّ اللبنانيين اعتادوا على الانجرار إليه من دون أن يتعلّموا أنّهم سيدفعون ثمناً غالياً له، من وطنهم ومصالحهم ومستقبل أبنائهم.
إنّ المخاض العسير في المنطقة، والانقسام الحاد حول الثورات الملوّنة، دفع الشارع العربي إلى نوع من التنافر والتباعد، وعدم وضوح البديل، وعجز الثائرين عن تقديم رؤية واضحة وبرنامج مستقل عن التبعية، يجعل &laqascii117o;النأي بالنفس" و&laqascii117o;الحيادية" موقفاً مسؤولاً وجريئاً، في آن. فالاستعجال بالاصطفاف هو نوع من التهوّر، ودفع للبلاد إلى مزيد من التوترات والتعقيد. إذ إنّ التركيبة اللبنانية أسيرة توازنات المنطقة، ولا تحتمل أن تصبح جزءاً من المحاور المتقاتلة. والحراك الشعبي تحوّل في البلدان المنتفضة إلى اقتتال دموي يهدد بتفتيت الروابط الاجتماعية وانفراطها والدخول في حروب طويلة. في المقابل، تعتبر الصيغة اللبنانية أكثر ملاءمة مع حالات المساكنة والتسويات، فلا تمتلك مقوّمات الالتحاق بالمحاور والتحوّل إلى طرف في النزاعات. الدول الكبرى تعيش حالة كبيرة من الارتباك، فكيف ببلد كلبنان خارج من حرب ضروس استمرت خمس عشرة سنة، ويعيش حالة انعدام وزن وتردٍّ وفقدان ثقة متزايدة وخصوصاً منذ 2005؟
وميقاتي يدرك مخاطر التطورات وتداعيات الانخراط فيها، بما لم يعد يحتمله لبنان من صراعات داخلية وحروب أهلية، فارتأى النأي بالنفس في محاولة لتجنيب البلد خضّات جديدة هو بغنى عنها، وفي الوقت نفسه لا تخدم أشقاءه في الجوار. ففي الواقع اللبناني غير المعافى لغاية الآن، هو أحوج ما يكون إلى استكمال مصالحته وتقريب الأطراف بعضها من بعض، منعاً لانعكاسات التطورات عليه.
ومن المبكر أن يكتشف الناس أهمية وجود شخصية وسطية حيادية في واقع يعيش على فوهة بركان وفي عين العاصفة. فأي موقف متسرّع قد يدفع بالواقع الطائفي إلى مزيد من التأزّم والاستعصاء. فوجود ميقاتي في الحكم أعطى المتخاصمين نوعاً من الاطمئنان، كونه ليس طرفاً، وغير محسوب على مراكز قوى معينة بسبب مواقفه المعتدلة والمنفتحة على مختلف الأطراف دائماً، بما يؤهله على الأقل للإمساك بالعصا من الوسط، وأن يكون نقطة التقاء وتواصل. فالحيادي يتلقّى ضربات من كلا الطرفين، لكنّه يبقى الوحيد القادر على فتح نوافذ الحوار وتقريب وجهات
النظر.
إنّ الدول التي تعيش الحراك الشعبي لم تعرف تداول السلطة وحرية الإعلام وفسحة الحرية ولعبة البرلمان، لذلك قد يكون المخاض طويلاً. أما الواقع اللبناني فمغاير تماماً، وهو متقدم على الكثير من الدول بتركيبته وتنوّعه، بالرغم من الشوائب التي تعتري بنيته. لذا يصبح النأي بالنفس حالة متقدمة نحو إعادة الترميم، والمصالحة بدلاً من الانجرار نحو التقاتل والتفكّك، في ظل الخوف من انسداد الأفق واستعصاء الوضع وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أو بالأحرى تكون &laqascii117o;عودة على بدء" ما تجاوزه اللبنانيون من حروب، إذ لم يكن من السهولة تجاوز الحرب الأهلية، ووصل ما انقطع طوال أعوام الحرب.
في الحال التي نعيش، يبدو أنّ ما يجري في العالم العربي، وخصوصاً في سوريا، هو أكبر بكثير من إمكانات لبنان وقدرته على التأثير بما يساعد الأشقاء على تجاوز محنتهم، فلقد تحوّل الصراع إلى أزمة دولية وصراع دولي ـــــ دولي، والمراهنون من كلا الطرفين، السلطة والمعارضة، يجب ألا ينتظروا نصراً قريباً، فحقيقة الأمور أنّ الأزمة ستطول كثيراً.
وعلى صعيد مغاير تماماً، فإنّ سياسة &laqascii117o;النأي بالنفس" ما هي إلا تعبير لما ارتكزت عليه شرعة الأمم المتحدة بعدم تدخل الدول، إحداها بشؤون الأخرى، منعاً لتفاقم الصدامات بينها، وذلك في ضوء الكوارث الكبيرة التي نجمت عن الحربين العالميتين. والرئيس ميقاتي بتربيته السياسية، وخبرته بها في مرحلة كانت الأمم المتحدة لا تزال راعية للقانون الدولي، يدرك أهمية هذا القانون ويترجمه في إدارته للحكم في لبنان رئيساً لحكومته، رغم تخلّي دول كبرى عن القانون في سبيل مصلحتها المباشرة. كل ذلك يوم لم يعد من قوى دولية كبيرة تمنع الانحياز وتضع حداً له بإقامة التوازنات الاستراتيجية الدولية وتضع حداً لاستباحة العالم أمام قوى الطغيان العظمى، أي الولايات المتحدة الأميركية والدول الدائرة في فلكها.
لا شك أنّ من الجيد وجود شخصية مستقلة، معتدلة، وسطيّة، تتجرّأ على الحياد كرئيس الوزراء الحالي في لحظات الشدّة والاستعصاء، تقي البلاد من مخاطر العواصف وانعكاساتها عليه.


- 'الأخبار'
الدستور ونهاية الإصلاح في سوريا
سلامة كيلة:

تشير نتائج الاستفتاء على الدستور إلى مشاركة كبيرة نظراً إلى الوضع الذي تمرّ به سوريا، لكنها في الوقت نفسه أقل مما كان متوقعاً، رغم التصويت القسري الذي تمثّل في أشكال عديدة. وهو بلا شك تصويت هزيل، ينمّ عن الحالة التي وصلت إليها السلطة، التي أصبحت بقايا شاحبة لـ&laqascii117o;مؤيدين". فقد جرى التصويت على دستور &laqascii117o;إمبراطوري"، يمكن تلخيص طبيعة السلطة التي يقررها بـ: السيادة للشعب الذي يتنازل عنها &laqascii117o;طوعاً" للرئيس الذي هو فوق السلطات جميعاً، والضامن لها، من دون أن يحاسب من قبل أي من السلطات التي من المفترض أن تحاسب رئيس السلطة التنفيذية (الذي هو الرئيس)، مثل مجلس الشعب. هنا يلخّص الشعب بالرئيس، وهذا ما يتوضّح في الصورة التي تعمم منذ عقود. فهو فوق، ومستمر في ذلك.
هذه هي الخطوة الأخيرة في الإصلاح كما رسمت في مصفوفة متوالية، لكنّها الخطوة الأخيرة في وضع سلطة لم يعد بإمكانها الاستمرار. فقد أصرّت على أن تبقى كما هي بالضبط. وكل التغيير الذي يهلَّل له لا يعدو أن يكون شكلياً، لأنّ حزب البعث وضع في المتحف منذ زمن، وبالتالي لا قيمة لشعب المادة الثامنة التي تنص على أنّ الحزب هو القائد للدولة والمجتمع، اللذين كان لهما قائد أوحد هو الرئيس. و&laqascii117o;التعددية السياسية" التي تقررت كإنجاز كبير، لا تعدو أن تكون إضافة لغوية. فمن يقرر حق الأحزاب الجديدة في ممارسة نشاطها هو السلطة التنفيذية التي هي طرف وليس جهة محايدة كما يجب أن يكون. بمعنى أنّ الذي يقرر هو حزب/ سلطة هو في تساوٍ مع أي حزب جديد أمام القانون كما يُفترض. ولذلك كان يجب أن تقرر هيئة دستورية مستقلة حق أي حزب في ممارسة نشاطه. وبالتالي ظل رضى السلطة هو الأساس في قبول الأحزاب أو رفضها. والإصرار على البقاء في الهيكلية ذاتها يعني أنّه لا يمكن امتصاص أي من عناصر الأزمة التي فجّرت كل هذا الصراع.
لكن، لا معنى لكل هذا التصويت والإصلاح أصلاً، إذ إنّ وضع السلطة بات صعباً للغاية، رغم كل العنف الذي تمارسه، وإعلانها بأنّها قد بدأت عملية الحسم، واحتلت بابا عمرو. وسيكون كل ما جرى نافلاً مثل رزمة الإصلاحات التي أعلن عنها. وربما أوضح شحوب التصويت هذه النهاية.
طبعاً، رغم تصعيد الميل إلى تحقيق الحسم، فإنّ متحوّلات أساسية فرضت نفسها على وضع السلطة، تشير إلى أنّها لم تعد قادرة على الاستمرار. فالسلطة قررت أن تستمر كما هي، في ظل دعاية تدّعي أنّها تتغيّر. ولكن الأهم هو التحوّلات، في الواقع. فما ظهر من خلال الاستفتاء هو أنّ تحولاً كبيراً طاول الفئات التي كانت تدافع بشراسة عن السلطة بداية الانتفاضة. فالفئات التجارية (في دمشق وحلب خصوصاً) باتت ترى أنّ الركود الاقتصادي والتضخم يوديان بوضعها، ويقودان إلى انهيارها. كذلك الفئات الوسطى التي كانت مستفيدة من النمط الاقتصادي الذي شكلته الرأسمالية الحاكمة (النمط الريعي)، تجد أنّ استمرار الوضع على ما هو عليه يدمّر وضعها. لذلك بات لسان حالها يقول &laqascii117o;بدنا نخلص"، أي &laqascii117o;لا بد من الرحيل"، ما دامت السلطة لم تستطع إنهاء الانتفاضة. وهذه هي القاعدة الاقتصادية التي اتكأت عليها السلطة، ودعمت الشبيحة لأشهر. كذلك نلاحظ تحرّك الساحل الذي جرى الدفع العنيف من قبل السلطة لإبقائه متماسكاً حولها، إذ إنّ كل تمرّد هنا يعني فقدان كلية تماسك السلطة.
يعني ذلك أنّ خيار الرحيل بات عاماً. وستبدو السلطة كذلك في وضع مأزوم إلى حدّ كبير، إذ فقدت قدرتها المالية، وباتت عاجزة عن توفير السيولة الضرورية لاستمرار مقدرتها على الصراع. لذلك أغرقت السوق بعملة من دون رصيد، ما أفضى إلى بدء انهيار الليرة، إذ فقدت إلى الآن ما يقارب 50% من قيمتها، وهو الأمر الذي يعني ارتفاعاً في الأسعار يزيد من توتر كل الطبقات، الشعبية وغير الشعبية منها. لكن ذلك يعني ميل الدولة إلى الإفلاس المالي، إذ لا تزال مضطرة إلى طباعة المزيد من العملة، وبالتالي تحقيق المزيد من الانهيار وارتفاع الأسعار نتيجة التضخم. لقد باتت ميزانية الدولة بدون مداخيل كافية، وهو الأمر الذي سيدفع إلى انهيار اقتصادي شامل.
إذاً، لا شعبية للسلطة الآن، وهي باتت أيضاً على شفا الإفلاس، لكنّها تخوض حرباً شاملة من أجل حسم الصراع، ربما بسرعة قبل الوصول إلى لحظة الانهيار. لكن لا يبدو أنّ الحسم العسكري في بعض المناطق، مثل بابا عمرو أو إدلب، يمكن أن يوقف الانتفاضة، التي باتت تتوسع (فلم يعد ممكناً المباهاة بأنّ حلب ودمشق هي مع السلطة). لكن نلاحظ أيضاً أنّه حتى الوضع العسكري للسلطة لم يعد مريحاً، لا نتيجة تصاعد استخدام السلاح ضدها، بل لأنّ الاحتقان بات أعلى في كل الجيش. وربما نشهد تحوّلاً في وضع المؤسسة العسكرية، لكن سيكون واضحاً أنّها لم تعد قادرة على إنهاء الانتفاضة.
لقد أتت محاولة الحسم العسكري لكي توقف كل هذا الانهيار في وضع السلطة، لكن الأمور لا تسير في هذا الاتجاه. الأهم هنا هو أنّ السلطة باتت تعتمد اعتماداً كلياً على &laqascii117o;الخارج"، سواء عبر الحامل الروسي الذي بات يعمل مباشرة على الأرض، أو من خلال التحالفات الإقليمية التي استنفرت كلّ مجهودها لكي تحمي حليفها. وفي هذا السياق، يأتي حشد &laqascii117o;الإعلاميين" و&laqascii117o;السياسيين" اللبنانيين والأردنيين، الذين باتوا كأنّهم في &laqascii117o;حرب تحرير" شاملة ضد الانتفاضة والشعب السوري. كل ذلك تجاوزه الزمن، وربما نكون قد أصبحنا في لحظة تحوّل كبيرة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد