- 'الأخبار'
المشكلة الشيعية في السعودية
توبي ماتيسن:
خلال الأشهر الأخيرة، سببت قوى الأمن في شرق المملكة العربية السعودية مقتل سبعة من الشيعة بالرصاص وجرح عدّة عشرات. فيما تبقى تفاصيل إطلاق النار غامضة، وتدعي وزارة الداخلية أنّ الأشخاص الذين تعرضوا لإطلاق النار كانوا يهاجمون قوى الأمن، تلت احتجاجات حاشدة مراسم جنازة المتوفين. ليست هذه الأحداث إلا التطوّرات الأخيرة في نضال السعوديين الشيعة الذي استمر لعقود واتخذ طابعاً ملحاً جديداً في ظل انتفاضات 2011 الإقليمية، لكنّ وسائل الإعلام الرئيسية تجاهلتها إلى حدٍّ كبير. أذكت أحداث الربيع العربي التوترات القديمة العهد في المحافظة الشرقية في المملكة العربية السعودية.بعد ثلاثة أيام من بداية الاحتجاجات الواسعة النطاق في البحرين في 14 شباط/ فبراير 2011، بدأت الاحتجاجات في المحافظة الشرقية التي تبعد مسافة نصف ساعة بالسيارة، عبر جسر ممتد من البحرين. وليس من المستغرب، ربما، أنّ وزارة الداخلية السعودية وعدت بسحق الاحتجاجات &laqascii117o;بقبضة من حديد"، وأطلقت حملة تشويهٍ إعلامي على الاحتجاجات، والشيعة عموماً. فيما هدأت الاحتجاجات خلال فصل الصيف، بدأت مجدداً في تشرين الأول/ أكتوبر، وأصبحت أكبر حجماً منذ ذلك الحين، ما أدى إلى ردٍّ أكثر صرامة من أي وقت مضى من قبل قوى الأمن.
يمثّل هذا الرد القمعي، والخطاب المتميز الذي يذكّر بخطاب نظام بشار الأسد في سوريا، تحديّاً خطراً للسياسة الخارجية السعودية الحديثة. فاحتجاجات الناس في المحافظة الشرقية شرعية بقدر الاحتجاجات في سوريا. وإن لم تستجب المملكة العربية السعودية لتلك الدعوات إلى الإصلاح على الصعيد المحلي، فكيف تستطيع أن تدّعي بنحو جدي أنّها ستهبّ للدفاع عن الديموقراطية في سوريا؟ لقد أسهمت التدابير الأمنية الصارمة في المملكة العربية السعودية والبحرين في إعطاء النظامين الإيراني والسوري، فضلاً عن الحركات السياسية الشيعية في لبنان والعراق، استراتيجية خطابية مفيدة لصدّ خصومهم الإقليميين. تضم المحافظة الشرقية معظم نفط السعودية تقريباً، وتؤوي أقلية شيعية كبيرة، تُقدَّر بما بين مليون ونصف ومليونين نسمة تقريباً، أو نحو 10 في المئة من مجموع مواطني المملكة العربية سعودية. لقد نمّى المذهب الوهابي المتفرع عن الإسلام السنّي الذي ترعاه الدولة عداءً خاصاً تجاه الشيعة. بالمقابل، لطالما اشتكى المواطنون السعوديون الشيعة من التمييز لناحية الممارسة الدينية، الوظائف الحكومية، ومن التهميش عموماً.
طوال عقود، رفعت المجموعات المعارضة التي تتألف من أفراد سعوديين شيعة، يساريين وإسلاميين، إلى جانب مئات العرائض التي قدمها وجهاء الشيعة، المطالب نفسها: وضع حدّ للتمييز الطائفي في التوظيف والتمثيل الحكومي في القطاعات الأساسية في الدولة، بما في ذلك على المستوى الوزاري؛ إنماء أكبر للمناطق الشيعية؛ تعزيز السلطة القضائية الشيعية؛ ووضع حد للاعتقالات العشوائية بحق الشيعة لأسباب دينية أو سياسية. لن تؤدي أي من هذه المطالب إلى تقويض مكانة الأسرة المالكة إلى حد كبير، أو إلى تهديد سلامة المملكة العربية السعودية. بل على العكس، ستعزز النظام السياسي الحالي وتشتري ولاء مليوني شخص ممن يتحكمون بقطاع النفط في المملكة. منذ العام الماضي، تضمنت المطالب أيضاً إطلاق سراح أو إعادة محاكمة تسعة سجناء سياسيين شيعة وانسحاب القوات السعودية من البحرين، أو على الأقل إيجاد حل تفاوضي للنزاع هناك، إلى جانب إصلاحات سياسية أكثر شمولية في المملكة العربية السعودية. وعدت الحكومة نشطاء شباناً بأنّ شكاويهم ستُعالج في نيسان/ أبريل 2011، فأوقف هؤلاء احتجاجاتهم استجابة لدعوة من كبار رجال الدين السعوديين الشيعة. لكنّ الحكومة لم تنفّذ وعودها، بل ردّت بالقمع في فصل الصيف، رغم أنّها أطلقت سراح بعض السجناء الذين أوقفوا خلال الاحتجاجات الممتدة من شباط/ فبراير إلى نيسان/ أبريل 2011. بالتالي، بقي الوضع متوتراً، وعندما قُتِل أربعة شيعة بالرصاص في تشرين الثاني/ نوفمبر، تحوّلت مراسم جنازتهم إلى تجمعات حاشدة مناهضة للحكومة ضمّت مئة ألف مشاركٍ تقريباً. دفع إدراك هذا التمييز المنهجي بعض السعوديين الشيعة إلى تبني إيديولوجيات ثورية على مرّ العقود. فيما لا تزال المجموعات الموالية لإيران حاضرة في صفوف الخليجيين الشيعة. هي ليست الأكثر نفوذاً في ما بين السعوديين الشيعة، وقد تخلّت إلى حد كبير عن العنف باعتباره أداة سياسية، وذلك منذ منتصف التسعينيات على الأقل. لكنّ رد المملكة العربية السعودية القمعي على تلك الاحتجاجات، وسياسة عدم تقديم أي تنازلات، توفّران أرضاً خصبة للمجموعات المعارضة في المستقبل. بالتالي من المحتمل كما يبدو أن يتكرر السيناريو السياسي الذي اتبعه الشيعة منذ ما بعد 1979، عندما غادر مئات الشبان الشيعة البحرين والناحية الشرقية من المملكة العربية السعودية، ليصبحوا ناشطين في حركات ثورية إقليمية.
فيما لم تحظَ الاحتجاجات في البحرين، وبخاصةٍ في القطيف، إلا باهتمامٍ محدود من القنوات الخليجية مثل &laqascii117o;الجزيرة" و&laqascii117o;العربية"، يُضطر الشيعة في هذه المناطق إلى مشاهدة قناة &laqascii117o;العالم" المدعومة من إيران، والناطقة باللغة العربية، أو قناة &laqascii117o;المنار" اللبنانية التابعة لحزب الله، أو قناة &laqascii117o;أهل البيت" التلفزيونية العراقية، أو غيرها من القنوات الموالية للأسد، وذلك لمعرفة آخر تطورات الوضع في منطقتهم. لقد تحوّلت الحرب الباردة الجديدة في الشرق الأوسط إلى حربٍ إعلامية مكتملة، تُصنَّف وسائل الإعلام في إطارها بأنّها إما مؤيدة للاحتجاجات في البحرين والقطيف ولنظام الأسد، وإما مؤيّدة للاحتجاجات في سوريا وضد الاحتجاجات الطائفية المزعومة في البحرين والقطيف.
ليس الوضع بالنسبة إلى السعوديين الشيعة في المحافظة الشرقية بالأمر السري. في هذا السياق، يورد التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، والمقدّم إلى الكونغرس بشأن الحرية الدينية الدولية خلال النصف الثاني من 2010، أي الفترة التي سبقت مباشرة الربيع العربي، اعتقالات تعسفية، إغلاق مساجد، واعتقال مصلّين شيعة. وقد كشفت البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي نشرتها &laqascii117o;ويكيليكس"، أنّ دبلوماسيين أميركيين، وبوجه الخصوص الموظفين العاملين في القنصلية الأميركية في الظهران، يملكون كمّاً هائلاً من المعلومات عن الجماعات الشيعية المحلية، ويبدون شبه مهووسين بالشكاوى التي يعدّونها شرعية. لكن المشاكل المحددة للسعوديين الشيعة لا تُطرَح غالباً في الاجتماعات الرفيعة المستوى مع مسؤولين سعوديين.
لا يُعزى ذلك إلى التحالف الوثيق بين السعودية والولايات المتحدة فحسب؛ فالأميركيون يتشاركون أحياناً الشكوك التي تتغلغل في بعض الأنظمة المتحالفة معهم، بشأن شيعة الخليج. ترتبط هذه الشكوك جزئياً بإيران، لكنّ جذورها تمتد أيضاً إلى تفجير أبراج الخبر في 1996 الذي أودى بحياة 19 جندياً أميركياً. ومنذ 1996، اعتُقِلَ تسعة سجناء شيعة لانتمائهم المزعوم إلى حزب الله ـــــ الحجاز، وتورطهم في التفجيرات. لقد أُدينوا في الولايات المتحدة في 2001، لكن بما أنّ أولويات السياسة الخارجية الأميركية تغيّرت بعد 11 أيلول/ سبتمبر أصبح هؤلاء &laqascii117o;منسيّين"، وهو الاسم الذي يُعرفون به في صفوف السعوديين الشيعة. تلمّح لائحة الاتهام إلى تورط حزب الله اللبناني وإيران، لكن لم يُكشَف علانية عن أي دليل. في تلك الفترة، دعا بعض الأميركيين إلى الانتقام من إيران رداً على التفجيرات. لكن بعد 11 أيلول/ سبتمبر، بدأت أصابع الاتهام توجَّه إلى تنظيم القاعدة بصفته متورطاً في هذه الاعتداءات، ما طرح تساؤلاتٍ عن إدانة هؤلاء السجناء.
أسهمت السريّة التي لفّت هذه القضية في إرساء جوّ من عدم الثقة تجاه الدولة، والشك من جهة أفراد أسر المعتقلين والجماعات السعودية الشيعية على نطاق أوسع. تبنى المحتجون السياسيون الشيعة هذا العام قضية السجناء التسعة. فقد رُفِعَت صور هؤلاء في تجمعات تطالب بالإفراج عنهم؛ إذ أدى أفراد عائلاتهم دوراً بارزاً. لقد كانوا موجودين في حملة احتجاج جرت تزامناً أمام وزارة الداخلية في الرياض من قِبَل أفراد عائلات السجناء السياسيين الذين اعتُقِلوا بسبب الاشتباه في انتمائهم إلى تنظيم القاعدة. لكن بخلاف هؤلاء السجناء، لا يستطيع السجناء الشيعة يوماً أن يأملوا الخضوع لـ&laqascii117o;إعادة تأهيل"، في إطار أحد البرامج الحكومية الهادفة إلى اجتثاث التطرف التي يُعلَن عنها كثيراً. بالتالي تبدو المطالبة على الأقل بمحاكمة علنية أمراً مبرراً، وهي خطوة أيّدتها مراراً وتكراراً &laqascii117o;هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية. لكن يبدو أنّ محاكمة مماثلة لم تُدرج على أجندة السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
من خلال تصرّف القيادة السعودية، يمكن الاستخلاص أنّ قمع الشيعة جزء أساسي من الشرعية السياسية السعودية. لا تريد الدولة تغيير وضع الشيعة، وتستغل الاحتجاجات الشيعية لإخافة السُّنّة من استيلاء الإيرانيين على حقول النفط، بمساعدة الشيعة في هذه المنطقة. طوال أشهر، رُوِّج لسيناريوات مماثلة في وسائل الإعلام التابعة لمجلس التعاون الخليجي، وذلك على حساب جعل الانقسام الطائفي في دول الخليج أعمق. يُذكر في هذا السياق أنّ تدخّل مجلس التعاون الخليجي في البحرين أدى إلى تدهورٍ شديدٍ في العلاقات الطائفية في الخليج وخارجه لتصل إلى مستوياتٍ لم نشهدها منذ الثورة الإيرانية.
بيد أنّ هذه الطائفية السعودية المفتوحة أدّت سابقاً إلى انعكاسات سلبية في العراق كما في سوريا ولبنان والكويت. ويبدو أنّه بانتظار البحرين سنوات من النزاع الطائفي، فقد تفككت العلاقات بين الجماعات كلياً، والدولة تنظم حملة &laqascii117o;تطهير عرقي"، على حدّ تعبير الناشطين الشيعة. عوضاً عن كسب عداء الشيعة الكامل، على المملكة العربية السعودية والبحرين التفاوض بشأن عقدٍ اجتماعي معهم. سيؤدي فشل هاتين الدولتين في ذلك إلى سنواتٍ من عدم الاستقرار ستكون نتائجها غير مؤكدة. كذلك، من المستبعد ألا تشجّع الاحتجاجات الشيعية سعوديين آخرين، كما أظهر تصريحٌ حديثٌ صادرٌ عن السعوديين الليبراليين من كافة أنحاء المملكة، يدين التدابير الأمنية الصارمة في القطيف.
في نهاية المطاف، على الغرب أن يضغط على حلفائه، وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية والبحرين، ليكفوا عن إطلاق النار على مواطنيهم الشيعة واعتقالهم وتصويرهم كعملاء إيرانيين وخونة. فتنفير الشبان الشيعة، يوفّر أرضاً خصبة مثالية لنشوء حركة معارضة شيعية جديدة في الخليج، ويصب في مصلحة النظام الإيراني مباشرة. حتى من دون مساعدة خارجية للمحتجين المحليين الشيعة، تبدو المنطقة مهيأة للعودة إلى السياسات الطائفية المتوترة التي اعتُمِدَت في الثمانينيات. بالتالي، على الولايات المتحدة، لمصلحتها الخاصة ولمصلحة دول الخليج، أن تسعى إلى مصالحة حقيقية بين شيعة البحرين والسعودية وحكوماتهم، وإلا فستهيمن الطائفية على الخليج، ما يضرّ بالجميع.
* أستاذ باحث في مجال الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في جامعة كامبريدج، عن مجلة &laqascii117o;فورين بوليسي" (ترجمة باسكال شلهوب)
- 'السفير'
هذا العداء بين الإسلام السياسي والعروبة
لم يكن الوطنيون والقوميون العرب هم الطغاة
طلال سلمان:
يأتي الإسلاميون الى السلطة في العديد من الأقطار العربية مشبعين بروح الثأر من الماضي، فيثيرون القلق على الحاضر والخوف على المستقبل.
وفي العديد من الإجراءات المرتجلة، فضلاً عن التصريحات والمواقف الارتجالية، يتصرفون وكأنهم قد اختطفوا السلطة خلسة، في عملية انقلابية تمت في ليل، وليس نتيجة لانتخابات ديموقراطية.
هل هذا نقص في الثقة بالنفس، أم هو صادر عن الافتراض أن &laqascii117o; اللحظة" التي مكنتهم من القفز إلى السلطة عارضة، وسرعان ما سوف ينتبه الناس إلى أنهم قد اندفعوا &laqascii117o;للتعويض" على الإسلاميين حقب اضطهادهم، بعواطفهم أكثر مما بعقولهم او حتى بمصالحهم؟ بمعنى آخر: هل تصرف الناس ـ عفوياً ـ بالرغبة في الانتقام من العهد الدكتاتوري المسقط في الميدان، عائدين الى موقفهم المبدئي برفض كل السياسات التي كانت معتمدة، والتي يشكل &laqascii117o;اضطهاد الجماعات الإسلامية" وكل من التجأ إلى الدين هرباً من الظلم والعجز عن التغيير عنواناً لها؟. هل هي إعادة اعتبار إلى حاملي راية الدين الحنيف أم هو تفويض لهؤلاء بصياغة المستقبل، سياسياً واجتماعياً وثقافياً؟.
لقد استغنى &laqascii117o;الإسلاميون" فجأة عن التقية، وبادروا إلى الهجوم ومصادرة &laqascii117o;الميدان"، حيث لم يكونوا طليعة من اندفعوا إليه، ولا كانت شعاراتهم وراياتهم ومبادئهم هي الطاغية أو الغالبة فيه... وهكذا حصدوا نتائج المبادرات التي اندفع إليها من يخالفهم الرأي، ومن لا يقر بصوابية دعوتهم، بل ويجاهر بالاعتراض على سلفيتها او أصوليتها، فوضعوا الجميع ـ عبر الانتخابات التي جرى تنظيمها، بمواعيدها وضوابطها - بالتواطؤ مع العسكر الذين تولوا إدارة المرحلة الانتقالية، أمام &laqascii117o;امر واقع" غير سوي.
ومع أن للإسلاميين، عموماً، وللإخوان منهم بشكل خاص، تاريخاً حافلاً بالاضطهاد والمساومة والتحالف والتصادم مع النظام الذي كان قائماً (وهو نظام عربي واحد وإن تمايز بعضه عن البعض الآخر في التفاصيل)، إلا أن ذلك وحده لا يكفي لتأكيد جدارتهم بحصر إرث النظام الساقط فيهم - لا سيما في مصر- ولا هو يشكل التزكية المطلقة لهم، إذ لم يكونوا وحدهم &laqascii117o;المضطهدين"، ولم يتحملوا وحدهم أثقال السجون والنفي ومعاناة النبذ والاستبعاد ووضعهم تحت الرقابة الدائمة.
... بل إن معظم المنتسبين إلى أحزاب أو تيارات سياسية يسارية أو ناصرية أو عروبية، أو حتى كيانية، قد تعرضوا للسجن والاضطهاد والتشريد، في الأقطار العربية كلها (بما فيها مصر) التي حكمها طغاة استولوا على الحكم بانقلاب عسكري، غالباً، أو ورثوا الحكم الانقلابي عن أبطاله ثم سجنوا من كانوا في موقع المورث أو الشريك لينفردوا بالسلطة.
يمكن هنا استذكار تجارب عديدة في أكثر من قطر عربي, الأقرب هي ليبيا، حيث لم تكن هناك أحزاب بالمعنى المعروف، ولكن كانت هناك تجمعات أو هيئات اقرب إلى العمل الاجتماعي منها إلى السياسة. وقد حلت هذه جميعاً، أو ُأجبرت على الدخول في بدعة &laqascii117o;المؤتمرات الشعبية"، أو اعتقل العديد من الناشطين سياسياً، وبعضهم لسنوات عدة، ومنهم من سجن لعشرين أو حتى لثلاثين سنة... أما رفاق السلاح ممن شاركوا العقيد معمر القذافي في حركة &laqascii117o;الفاتح من سبتمبر"، والتي كانت كلمة السر فيها &laqascii117o;القدس" فقد انتهى بعضهم الى المنفى، في حين اعدم البعض الآخر عبر عمليات اغتيال منظمة طاردتهم حتى في منافيهم... ولذلك يبدو المجتمع الليبي، بعد إسقاط &laqascii117o;الأخ العقيد" وكأنه بلا رأس، وتبدو &laqascii117o;القيادة" المستولدة على عجل، والتي تشهد تبديلاً أو تعديلاً أو تغييراً، بين الحين والآخر، تائهة، تلجأ الى الشعار الديني بوصفه &laqascii117o;الموحد" فتطل &laqascii117o;القاعدة" وبعض التنظيمات الإسلامية المستولدة حديثاً، لتعتبر نفسها القيادة النموذجية للحكم الإسلامي.
أما في العراق، وتحت حكم صدام حسين، وكذلك في سوريا وتحت حكم حافظ الأسد، فقد استخدم حزب البعث العربي الاشتراكي كستارة لانفراد &laqascii117o;القائد" بالحكم، بعد إتمام السيطرة المطلقة على مختلف مؤسسات الدولة وهيئات المجتمع المدني، بالجيش والمخابرات. وقد تعرضت الأحزاب ذات التاريخ، والتي كانت قائمة، لعملية &laqascii117o;تذويب" منهجية بالاعتقال لمدة طويلة، إما بالاغتيال المنظم، وإما بقتل القياديين البارزين في السجن وبتهم مشينة ( كما جرى لفؤاد الركابي في سجن النهاية ببغداد).
.. ولأن العروبيين بخاصة، والتقدميين عموماً، كانوا ـ في البدايات ـ شركاء في العملية الانقلابية، وحلفاء مفترضين سياسياً، فقد تركزت عملية &laqascii117o;الاستئصال" عليهم، قتلاًَ أو سحلاً أو سجناً مؤبداً، وسعيد الحظ هو من نفى نفسه أو استطاع إلى ذلك سبيلاً فنجا، وإن دفعت عائلته وسائر أقربائه وأصدقائه المقربين الثمن مضاعفاً بعد اكتشاف هربه.
وشهيرة هي مآثر صدام حسين، في هذا المجال، إذ انه تفرد بالإقدام على قتل الأعز من &laqascii117o;رفاقه" والأقرب من &laqascii117o;أصدقائه" والأغلى من أفراد عائلته بيده وبمسدسه الشخصي.. فضلاً عن تمييزه الأقرب فالأقرب، بالفكر والعقيدة من حزب البعث (قوميين عرب، وشيوعيين، ووطنيين بشكل عام شربوا إيمانهم بالعروبة من صدور أمهاتهم) لكي ينالوا شرف الاستشهاد على يديه.
لعله ـ وأمثاله ـ قد تصرف بدافع الخوف منهم بوصفهم مصدر شرعية نظامه الذي هجر على يدي الطاغية منابعه الفكرية وهيكليته التنظيمية، فلم يجدوا لأنفسهم أو لم يرد الحاكم الفرد أن يعطيهم مكاناً في &laqascii117o;نظامه" الذي غدا الآن نظامه الشخصي، هو أوله وهو آخره، هو قائده، وهو آمره، هو عنوان عقيدته وهو مضمونه.. وأما الهيئات والتشكيلات القيادية، في الحزب كما في الجيش أو في الدولة، فهي مجرد ظلال لحكمه الفردي أو هي ـ بالشعارات المفخمة ـ ستارة لتمويه الدكتاتورية.
نستذكر هذه الأمثلة من تحول الحكم الحزبي بشعاراته الواعدة بالجنة في الدنيا إلى حكم دكتاتوري فرد مموه له السلطة مطلقاً، وله قرار الحياة والموت بالنسبة لرعاياه... فكيف إذا حكم من يرون أنفسهم ممثلين لدين الله الحق ولأحكامه القطعية باعتباره تجسيداً للشريعة التي لا يأتيها الباطل من خلفها أو من قدامها.
هل سيكون الاعتراض بالتصويت، أم باللجوء إلى الشارع، تجديفاً؟ وهل سيكون نقد التخلف في المظهر، أو التشدد في احتكار السلطة، اعتراضاً على الإرادة الإلهية، وتمهيداً لدكتاتورية الحزب (أو الاتجاه) الواحد الذي تعودنا أن ينتهي إلى دكتاتورية القائد الفرد الذي مثل الحزب او الجماعة وما ترمز اليه، مكتسباً في هذه الحالة شيئاً من القداسة؟.
ثم إن هناك مسألة في غاية الخطورة تطرح نفسها في ظل تقدم الحركات والأحزاب الإسلامية نحو الإمساك بالسلطة في بلدان عربية عدة، أبرزها هذه العدائية الظاهرة تجاه كل ما له صلة بالعروبة والفكر القومي!
مفهوم أن تدان الأنظمة الدكتاتورية التي طغت وتجبرت وأذلت الشعوب التي حكمها بالشعار القومي، وأن يعلن ـ جهاراً نهاراً ـ عن مناصرة قوى الاعتراض التي خرجت إلى الشارع مطالبة بإسقاط هذه الأنظمة.
ومفهوم هو الخلاف العقائدي التاريخي بين الحركة الإسلامية والحركة القومية العربية، (فضلاً عن الحركة الشيوعية)، الذي تسبب في إحداث شرخ عميق في الشارع العربي، إذ قسّمه إلى شارعين متواجهين بشعارات متعارضة وإن ظل الهدف الذي تتطلع إليه واحداً، من حيث المبدأ.
لكن غير المفهوم، أن تندفع الحركة الإسلامية، وقد وصلت إلى السلطة في العديد من البلاد العربية، وأمسكت بالقرار السياسي، أن تستمر في عدائيتها للحركة القومية التي لا يمكن اتهامها بأنها كانت هي الحاكمة ومصدر القرار في أي من الأقطار التي رفرف فوق قصور طغاتها الشعار القومي.
إن ابرز المناضلين العروبيين (بعثيين وقوميين عرب وتقدميين) قد استفاقوا متأخرين على هوية الأمة فالتزموا بمنطوقها إنما انتهوا على أيدي أنظمة الطغيان التي حكمت بشعاراتهم إما إلى القبر أو إلى السجن المؤبد وإما إلى المنفى، لمن أسعفه زمانه فهرب ورصاص الاغتيال يطارده.
ثم إن العروبة تعني، في جملة ما تعنيه، الرابط القومي بين شعوب هذه الأرض العربية، بمشرقها ومغربها... وهو رابط يتصل بالمصالح الحيوية (اقتصاد، زراعة، تجارة، تعليم، صحة) فضلاً عن الثقافة الجامعة المتصلة حكماً بلغة قريش ومبادئ الدين الحنيف، مع الأخذ بالاعتبار حقوق الأقليات وهي بعض الأمة، ومن صلبها، ليست وافدة عليها وليست طارئة.
وضمن هذا الرابط القومي، بل لعل قاعدته، فلسطين والنضال من اجل تحريرها، وحماية شعبها الطريد أو الأسير تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي استولى على أرضه جميعاً بالقوة وأخذ يستبدل من تبقى من شعبها بالمستوطنين الذين يستقدمهم من خارج الدنيا العربية، ويجعلهم مواطنين في &laqascii117o;دولة يهود العالم".
واللافت في مجمل البيانات والتصريحات والأدبيات الصادرة عن الإسلاميين الذين يقفون الآن في قصور الحكم أو عند أبوابها، ليس فقط غياب فلسطين التي كان الافتراض أنها تتجسد في شعار &laqascii117o;وأعدّوا لهم"، أو تعهد بمواصلة النضال من اجل تحريرها، بل أساساً أي موقف جدي وصريح حول إسرائيل ومستقبل العلاقة معها كعدو للأمة جميعاً، وكاحتلال أجنبي لأرض عربية (إسلامية، من حيث المبدأ).
لا أحد يطالب الحركات الإسلامية التي غدت الآن سلطات حاكمة بالتوجه فوراً إلى ميدان الجهاد لتحرير فلسطين..
والمدخل إلى المواجهة لا يمكن أن يكون واشنطن!.
- 'السفير'
مستقبل '14 آذار' بعد 'الوثيقة' (1)
من الصمود السيادي الى بناء الاستقرار والدولة .. فالسيادة
روجيه ديب:
تفاءلتُ بلبنان مجدداً من وراء 14 آذار لأنني دوماً ما اعتقدتُ بأن المشروع اللبناني لن ينجح إذا ظل فقط مشروعاً يريده جزء أو مجموعة معينة من اللبنانيين. أرى 14 آذار كحجر زاوية في التقدم بالمشروع اللبناني لم أشاهد مثلاً له منذ تأسيس لبنان، مع العلم أن الكثير من النخب السياسية الإسلامية كانوا قد خطوا خطوات مهمة، ومنهم من استشهدوا في سبيل هذا اللبنان، إلا أن وسع وعمق التيار الشعبي الذي أعلن الولاء للبنان أولاً لم يكن أبداً بهذا الحجم... (للقراءة).
- 'الاخبار'
دراسة أميركية: 33 مجموعة مسلحة غير مرتبطة هيكليّاً بـ'الـــجيش الحر'
جنان جمعاوي:
أظهرت دراسة أميركية أن غالبية المنضوين في المجموعات المسلحة في سوريا ليسوا مرتبطين ولو حتى فكرياً بتنظيم القاعدة، بل متدينون ومحافظون زادهم محافظة موت اليسار العربي.
لا هم علمانيون، ولا هم تابعون لتنظيم القاعدة. طبيعة المشاركين في الحراك السوري، خاصةً في شقّه المسلّح، أكثر &laqascii117o;تعقيداً" مما يبدو، ولو قال من قال إنهم إرهابيون. انقسامهم يجعل مهمة تصنيفهم في خانة واحدة أمراً صعباً، لكنه يجعلهم أكثر عرضة للتطرف. هذا ما تشي به التسميات &laqascii117o;السلفية" التي يطلقونها على تظاهراتهم أيام الجمعة، وهذا ما توحي به أسماء فصائلهم المسلّحة. بعد أربعة أشهر قضاها في سوريا، خلص الصحافي نير روزين، في تقرير نشرته مجلة &laqascii117o;فورين بوليسي" الجمعة، إلى أن &laqascii117o;ادعاءات" النظام السوري ومناصريه غير صحيحة. فـ&laqascii117o;غالبية المشاركين في الثورة ليسوا مرتبطين حتى فكرياً بالقاعدة". ولكنهم، في المقابل &laqascii117o;ليسوا علمانيين" كما تقول المعارضة، بل &laqascii117o;على العكس هم متدينون ويتحدرون من مناطق محافظة"، وما زادهم &laqascii117o;محافظةً" هو &laqascii117o;موت" اليسار العربي، بيد أنهم لا يتبعون إيديولوجية ما، &laqascii117o;مثلهم مثل غالبية السوريين". لكن كلما استمر النزاع اتسعت مساحة الإسلام فيه. المساجد باتت تلعب دوراً مركزياً في الحراك أو في قمعه. فالعديد من رجال الدين &laqascii117o;تابعون للأجهزة الأمنية أو لحزب البعث"، حسبما قال ناشط معارض لـ: &laqascii117o;فورين بوليسي"، التي نقلت عن ناشط آخر في برزة قوله إن &laqascii117o;الناس يزدادون تديناً، كلما بات الموت أقرب". الفضائيات، بدورها، لعبت دوراً كبيراً في ترسيخ &laqascii117o;هيمنة" الإسلاميين، عبر استضافتهم ليل نهار على شاشاتها، فازداد تأثيرهم في المشاركين في التظاهرات. وتوقّف روزين، صاحب كتاب &laqascii117o;تعقب المذابح الناجمة عن حروب أميركا في العالم الإسلامي" عند التسميات التي تطلق على تظاهرات الجمعة. لجميعها &laqascii117o;دلالة دينية". أسماء المجموعات المتمردة &laqascii117o;إسلامية وحتى سلفية"، مثل كتيبة &laqascii117o; أبو دجانة" أو &laqascii117o;أبو عبيدة" أو &laqascii117o;المهاجرين والأنصار"، حتى أن إحدى هذه المجموعات تحمل اسم &laqascii117o;يزيد" المثير للجدل إسلامياً. ثلاث وثلاثون مجموعة مسلحة تشارك في الحراك، شكّلت محور التقرير الأمني الثالث الصادر عن معهد &laqascii117o;دراسات الحرب" الأميركي، الذي يقع في 60 صفحة. وفنّد المحلل العسكري جوزيف هوليداي، الذي عمل في وحدة الاستخبارات في الجيش الأميركي بين حزيران 2006 وأيلول 2011، هذه المجموعات التي لديها هيكلية واضحة وتفتقر للتنظيم، من دون أن يتخذ موقفاً مع تسليح المعارضة السورية أو ضده. وناقض هوليداي تصريحات وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، في 7 آذار 2012، بأن &laqascii117o;تكوينات المعارضة المسلّحة غير واضحة. ولا بديل عسكرياً يمكن تحديده والتواصل معه". وقال هوليداي إن هذه المعارضة &laqascii117o;منظمة وقادرة، حتى ولو كانت غير موحّدة"، معتبراً أن الجيش السوري الحر &laqascii117o;يعمل كمظلة أكثر منه هيكلية قيادية عسكرية تقليدية". ثلاث من هذه المجموعات المسلحة تابعة مباشرة للجيش السوري الحر، هي: لواء خالد بن الوليد، الذي ينشط قرب حمص، وكتيبة هرموش التي تنشط شمالي جبل الزاوية، وكتيبة العمري التي تنشط جنوبي سهل حوران. أما المجموعات &laqascii117o;الكبرى والقادرة" الأخرى فلا علاقة &laqascii117o;وثيقة" لها بقيادة الجيش الحر في تركيا، لكنها &laqascii117o;تصنف نفسها على أنها تابعة للجيش المنشقّ"، الذي انتقده ضباط منشقون كثر &laqascii117o;لعدم قيامه بأي شيء لمساعدة المقاتلين"، حتى بلغ بأحدهم أن اعتبره &laqascii117o;لعبة أو واجهة لنقول للعالم إن لدينا قيادة". وهي انتقادات وصفها هوليداي بأنها &laqascii117o;مشروعة"، مشدداً على أنه &laqascii117o;خلافاً لما يسري في الأعلام بأن هذه المجموعات المسلحة ترتبط بضباط منشقّين"، فإن غالبية المتمردين &laqascii117o;مدنيون قرروا حمل السلاح"، عازياً &laqascii117o;محدودية" عدد المنشقين إلى &laqascii117o;خوف هؤلاء على عائلاتهم، من انتقام النظام". وقدّم تقرير معهد &laqascii117o;دراسات الحرب" نبذة عن المجموعات المسلحة وعددها 33. وفي الآتي أبرز هذه المجموعات:
&bascii117ll; محافظة حلب: كتيبة &laqascii117o;ابابيل" بقيادة الكابتن عمار الواوي، وكتيبة &laqascii117o;حرية" بقيادة النقيب ابراهيم منير مجمور.
&bascii117ll; محافظة إدلب: كتيبة &laqascii117o;هرموش" التي تنشط في جبل الزاوية وكتيبة &laqascii117o;حمزة" التي تنشط في مدينة ادلب وضواحيها، وكتيبة &laqascii117o;ابو بكر الصديق" التي لا يعرف من يقودها، ومجموعة &laqascii117o;درر بن الأزور" التي تنشط في سرمين، وكتيبة &laqascii117o;معاوية" التي تنشط في سراقب.
&bascii117ll; خراج حماه وجنوبي إدلب: كتيبة &laqascii117o;أبو الفداء"، غير معروفة القيادة.
&bascii117ll; محافظة حمص: لواء &laqascii117o;خالد بن الوليد" بقيادة المقدم عبد الرحمن الشيخ، وهي المجموعة المسلحة الأكبر في المعارضة وأكثرها فاعلية، وكتيبة &laqascii117o;الفاروق" بقيادة الملازم عبد الرزاق طلاس، وكتائب &laqascii117o;فادي القاسم" و&laqascii117o;محمد طلاس" و&laqascii117o;حمزة" و&laqascii117o;علي بن ابي طالب" وكتيبة العمليات الخاص.
&bascii117ll; درعا: كتيبة &laqascii117o;العمري" بقيادة النقيب قيس الكتانة، وكتائب &laqascii117o;الناصر صلاح الدين" و&laqascii117o;أحمد خلف" و&laqascii117o;شهداء الحرية" ومجموعة &laqascii117o;رائد المصري".
وأصرّ هوليداي على أن حركة &laqascii117o;التمرّد لا تزال قادرة، رغم الهجوم الذي شنّه النظام على حمص في شباط"، وما التصعيد في استخدام القوة من قبل النظام سوى دليل على &laqascii117o;فاعلية" المتمردين و&laqascii117o;تنامي" عددهم، واصفاً &laqascii117o;انسحاب المتمردين من بابا عمر من المدينة في بداية آذار بأنه كان تكتيكياً، بغية الحفاظ على القوة القتالية".
أما &laqascii117o;المواجهة" التي جرت بين المتمردين والنظام في الزبداني فكانت &laqascii117o;ربما ذات مدلول خاص"، فــ&laqascii117o;للزبداني أهمية حيوية بالنسبة إلى النظام السوري وإيران، لأنها تعد المحور اللوجيستي بالنسبة إلى قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، من أجل تزويد حزب الله بالأسلحة". وبعد عرض محطات المواجهة بين النظام والمتمردين، في جسر الشغور والرستن وجبل الزاوية والزبداني وبابا عمرو، توقّع الباحث في المعهد الأميركي أن يواصل النظام السوري تنفيذ استراتيجيته &laqascii117o;لاستخدام القوة غير المتكافئة" في محاولة &laqascii117o;لإخماد الثورة بأقصى سرعة ممكنة"، في حين أن &laqascii117o;مرونة المتمردين ستجعل بقاء النظام أكثر صعوبة"، وإن كان &laqascii117o;من المبكر الحديث عن سقوطه الوشيك، نظراً للدعم الخارجي الذي يتلقاه". وتابع هوليداي أن النظام السوري لم &laqascii117o;يثبت بعد قدرته على تنفيذ عمليات واسعة بنحو متزامن في عدة مناطق"، لكن المساعدة التقنية والعسكرية التي يتلقاها من الروس والإيرانيين قد &laqascii117o;تمكّنه من بسط سيطرته على مناطق عديدة من دون أن يضطر الى التصعيد". والحال كذلك، يتعين على المتمردين أن &laqascii117o;يعتمدوا على خطوط تزويد خارجية لسد النقص في العتاد والذخيرة، إذا ما أرادوا مواصلة تفتيتهم لسيطرة النظام". لكن &laqascii117o;انبثاق الخلايا المرتبطة بالقاعدة تشكل تحدياً أمام احتمالات حصول المجموعات المسلحة على الدعم العسكري". يلتقي هوليداي بالرأي مع روزين، ومع الباحث في شركة &laqascii117o;ستراتفور" الأميركية للخدمات الاستخبارية كمران بخاري، الذي قال إن &laqascii117o;القاعدة تستفيد من استمرار العنف في سوريا، مستغلّةً انقسام المعارضة، بحيث ستستقطب عناصر من السوريين السنة المحبطين من حدود قتالهم مع النظام العلوي". كذلك يوافق هوليداي، روزين في خلاصات مشاهداته بأن &laqascii117o;غالبية الثوار متدينون سنة، ولكنهم حتماً ليسوا سلفيين ولا جهاديين ولا إرهابيين ولا مرتبطين بالقاعدة". لكن الباحث في معهد &laqascii117o;دراسات الحرب" حذّر في الوقت عينه، من أنه كلما تواصلت الحملة السورية الشرسة على المتظاهرين، زادت احتمالات &laqascii117o;تطرف" بعضهم، فضلاً عن أن المتمردين قد &laqascii117o;يلجأون إلى القاعدة للحصول على الأسلحة المتطورة ولتعلّم تكتيكات جديدة في القتال"، مشيراً إلى أن الحل &laqascii117o;لردعهم عن ذلك، يكمن في الاعتراف ببعض المجموعات المتمردة وإقامة علاقات معهم". أحجم هوليداي عن الدعوة صراحةً إلى تسليح المعارضة، لكنه شدد على أن من &laqascii117o;واجب واشنطن التمييز بين المعارضة السياسية السورية في المنفى، وبين المعارضة المسلّحة". وإذا كانت الولايات المتحدة &laqascii117o;تريد تعجيل سقوط النظام السوري"، و&laqascii117o;الحد من احتمالات الانزلاق إلى الفوضى الإقليمية" و&laqascii117o;كسب النفوذ في سوريا وعلى الجماعات المسلّحة التي ستنبثق في أعقاب سقوط الأسد"، فإن عليها، برأي هوليداي، &laqascii117o;توثيق علاقاتها بالعناصر الأهم في الجماعات المسلّحة بغية تحقيق الأهداف المشتركة وإدارة العواقب التي قد تنجم عن سقوط الأسد أو استمرار النزاع".