- 'الأخبار'
'شيعة لبنان...' وعدوى الطائفية
ألبير داغر:
أخطأ الباحث ستيفان وينتر بتسمية كتابه الصادر في 2010، &laqascii117o;شيعة لبنان في ظل الحكم العثماني، 1516-1788"، لأنّ العنوان لا يعكس المضمون. قدّم الكاتب &laqascii117o;تاريخاً للأعيان"، معتبراً أنّه إنما يؤرخ للشيعة من خلال ما عرَضه عن تاريخ بعض المقاطعجية من أبناء هذه الطائفة. يرقى كتاب وينتر حول الحقبة من القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر، إلى مستوى ما حقّقه المؤرخون الكبار حول تاريخ لبنان. استخدم ثلاثة مراجع أساسية هي &laqascii117o;سجلّ المهمّات" الذي كانت تدوّن فيه أوامر السلطان وإدارته، و&laqascii117o;السجلّ الضريبي" و&laqascii117o;سجلات المحاكم الشرعية"، مضيفاً إلى ذلك مصدراً مهماً للمعلومات هو تقارير القناصل. وذكر في مراجعه كلّ ما كتبه اللبنانيون وغيرهم من دراسات حول هذا الموضوع، من أطروحات الدكتوراه غير المنشورة إلى مختلف الكتب الصادرة بالعربية. وهو يكتب بالإنكليزية والفرنسية، ويتقن الألمانية والتركية والعربية. وفّر لنا كل هذا كتاباً ممتعاً تسهل قراءته. وضع الكاتب جهده ضمن إطار نقد التأريخ الرسمي الذي اختصر تاريخ لبنان بالإمارتين المعنيّة والشهابية، وأغفل دور النخب الشيعية في صنع ماضي بلادنا (ص 2). وقدم مساهمات عدّة في هذا الشأن، منذ 2000، اختصرها كتابه هذا.
ماضي مقاطعجية وليس ماضي شعب
رسم الكاتب صورة للبنان على مدى قرنين ونصف قرن، من منتصف السادس عشر إلى أواخر الثامن عشر، من خلال ثلاث مناطق فيه، هي جبل لبنان والبقاع والجنوب، عارضاً علاقة مقاطعجية هذه المناطق مع السلطة العثمانية، ومع بعضهم البعض. المقاطعجية هؤلاء هم آل حماده خلال حقبة اعتمادهم من قبل السلطنة ملتزمي جباية للضرائب في مناطق لبنان الشمالي الحالي، وصولاً إلى كسروان، وآل حرفوش الذين كان مقرّهم بعلبك وحافظوا على موقعهم كملتزمي جباية حتى التاسع عشر، ونخب جبل عامل، كآل صعب والمنقار وعلي الصغير وغيرهم، ولو أنّ حضور هؤلاء الأخيرين في سجلات السلطنة كان أقل من الأولين.
وأوضح موقع الإمارة المعنية ثم الشهابية منهم، التي راوحت بين توفير الحماية لبعضهم كآل حماده وآل حرفوش، والصراع الدامي، الذي عبّر عنه تعاطي الإمارة الشهابية مع نخب جبل عامل. وقد تمدّدت الإمارة في نهاية المطاف نحو الشمال، على حساب آل حماده وبشكل نهائي بعد معركة القلمون في 1771. وكان قد حل محلّهم تدريجياً المقاطعجية الموارنة الممثلون بآل الخازن، في جبل لبنان الأوسط.
حكمت علاقة السلطنة بعائلات حماده وحرفوش وغيرهم من المذهب الشيعي، براغماتية وضعت جانباً الجسم العقائدي المناهض لـ&laqascii117o;الروافض" الذي جرت بلورته في تركيا في ظرف تاريخي محدّد، هو مواجهة التشيّع والصراع ضد الدولة الصفوية في جنوب شرق الأناضول، في مطلع القرن السادس عشر (ص 15). قبل ذلك التاريخ، لم يكن هناك تمييز واضح بين سنة وشيعة. لكن العلاقة تلك، كانت علاقة صراع مع هؤلاء المقاطعجية، خصوصاً حين كانوا لا يؤدون الضريبة المستحقة عليهم. كانت مناطق نفوذهم تتعرّض لحملات عسكرية تجريها السلطنة أو ممثلوها من ولاة الأقاليم والمقاطعجية الآخرين ضدهم، وأهمها حملة 1693 ــ 1694، ضد آل حماده، ومعركة القلمون التي أخرجت هؤلاء من جبل لبنان والتي تولتها الإمارة الشهابية. جاء ذلك ترجمة لسياسة اعتمدتها السلطنة خلال القرن الثامن عشر، قامت على تكليف مقاطعجية كبار تحصيل الضريبة، عوضاً عن التعامل مع عدد أكبر من المقاطعجية الأقل وزناً (ص 102).
حكمت المراجع المستخدمة عمل الكاتب. يتساءل القارئ كيف تحوّل تاريخ النخب التي تتولى الجباية، وكيف تحوّلت خلافاتهم على هذا الصعيد، إلى تاريخ لمذاهب وطوائف بكاملها؟ كيف يكون الكتاب حول &laqascii117o;شيعة لبنان ..." حين لا يعطينا الكاتب معلومة واحدة عن مصادر دخل من هم موضع الدراسة وعن أوضاعهم الديموغرافية وانتشارهم، والتحوّلات التي عرفوها على مدى الحقبة المذكورة؟ بالكاد أشار الكاتب إلى أوضاع طرابلس وريفها حين كانت شيعية المذهب، ولم يقل شيئاً عن كيفية تحوّلها إلى المذهب السنّي. نقع في الكتاب على إشارات عابرة إلى اقتصاد الحرير (ص 42)، وخصوصاً حين سرد الكاتب واقعة قطع مساعد والي طرابلس 70 ألف شجرة توت من أملاك آل حماده (ص 154). وقد استعاد الكاتب بصيغة غير نقدية ما قاله الأب لامنس اليسوعي من أنّ الشيعة في لبنان هم فرس، وأغفل دحض المؤرخ الصليبي مواقف هذا الأخير في هذا الشأن. وأشار إلى مرجع بالعربية للكاتب جعفر المهاجر حول الأصول العربية للشيعة اللبنانيين ( ص 60). وقد نسَب المؤرّخ الصليبي الشيعة في لبنان إلى قبيلتي بني متوال وبني عاملة العربيتين.
كرّس الكاتب صفحات عديدة لعلاقة آل حماده بالموارنة. ويجد بعض قرّاء هذا الكتاب فيه ما يجيب على بعض تساؤلاتهم في بحثهم عن جذورهم. كذلك قدم الكاتب جهداً يجعل منه أحد مؤرخي لبنان الرئيسيين. لكن كتابته تقليدية ومحافظة، بمعنى نسجها على منوال من سبق في اعتبار تاريخ المجتمعات هو تاريخ نخبها السياسية. هذا ما يجعل كتابه صيغة حديثة ومكرّرة لما كتبه طنوس الشدياق في &laqascii117o;أخبار الأعيان" أو غيره، منذ التاسع عشر.
الكتاب وحاضر لبنان
في الكتاب الرائع الذي خصّصته الباحثة الأميركية أيرين جندزير لقراءة التجربة اللبنانية خلال العهدين الأولين للاستقلال، وذلك استناداً إلى النصوص التي وفّرها آنذاك الديبلوماسيون الأميركيون المعتمدون في بيروت، أشارت إلى أنّ الموقف من النظام السياسي المعتمد على التوزيع الطائفي، كان مدعاة نقد وتشكيك لدى هؤلاء في بداية حقبة عملهم في لبنان في الأربعينيات. وقد التزموا هم أنفسهم بالتعليمات التي أتتهم من &laqascii117o;مجلس الأمن القومي" الأميركي ابتداء من 1952، وفرضت عليهم تثبيت الطائفية وامتداحها في مواقفهم وعملهم (جندزير، 1997: 15-20). وذلك لأنّ الإدارة الأميركية وجدت في الطائفية عاملاً مساعداً على إبقاء الستاتيكو القائم لمصلحة القوى الاقتصادية والسياسية المحلية التي تجمعها بها مصالح ونظرة مشتركة للأمور. وهي قوى كانت تخضع لإملاءات هذه الإدارة في ما يتصل بالشأن العربي، وترطن بخطاب &laqascii117o;العالم الحر" و&laqascii117o;الاقتصاد الحرّ".
وقد بات الانقسام المجتمعي في لبنان يجعل المسافة بين أبعد بلد في العالم، ومطلق بلدة لبنانية أقصر من المسافة بين هذه البلدة وجارتها. يسهم تركيز الاهتمام على الجانب الطائفي والمذهبي في شخصية اللبناني في تفاقم حالة الانقسام هذه. قدم الكاتب كماً كبيراً من الوقائع يستطيع المقاولون السياسيون استخدامه لتسعير الفتنة. لكن ليس في ما كتبه سوء نية، وهي موجودة عند كثيرين من أمثال برنار لويس وتوماس فريدمان والمستشرقين الإسرائيليين الجدد.
استخدم الكاتب على الدوام في معرض الحديث عن المقاطعجية صفة هؤلاء المذهبية عوض تسميتهم بالاسم (ص 74 و98). وتعرّف الموارنة في نص وينتر إلى حادثة ضرب عيسى حماده، زعيم الحمادية في مطلع القرن الثامن عشر، بطريركهم الدويهي بالحذاء على وجهه، وإلى وقائع أخرى تناولت ظلم الحماديه ،كما عكسها ما سمّاه الكاتب &laqascii117o;التقليد الشعبي الماروني" (ص 152). واكتشف أهل جبل عامل أنّ ماضيهم كان مسرحاً لمواقع ومنازلات دموية عديدة بين نخبهم وبين الإمارة الشهابية، خصوصاً خلال حقبة الأمير ملحم الشهابي، في ما سُمي &laqascii117o;حرباً كبرى بين المتاولة والدروز" (ص 132). وتعرّف أهل البقاع إلى النظرة الدونية التي كانت ترمقهم بها السلطنة العثمانية، معتبرة إياهم خارجين على القانون (ص 109). والكاتب غير غافل بالتأكيد عن الكتابات الأنتروبولوجية التي تؤكد أهمية &laqascii117o;ثقافة المكانة أو الكرامة" (honoascii117r) عند شعوب المتوسّط، خصوصاً العربية منها. بالكاد تظهر في الكتاب العناصر التي تدلّ على أنّ هؤلاء الناس شعب واحد، وتُظهِر الحياة معاً لمن جرى فرزهم طوائف متباينة. وفيه ملاحظات سريعة حول تشارك بين أبناء الطوائف المختلفة في استخدام بعض أماكن العبادة، أو دعم يوفره المقاطعجية لدور عبادة عائدة لطائفة غير طائفتهم، كما آل حرفوش في بعلبك (ص 44)، أو الحماديه في علاقتهم مع الرهبنة المارونية (ص 160)، أو تكريم أبناء جبل عامل قديسين نصارى كأولياء (ص 122-123). وفيه مادة لأكثر من سجال. وفيما تنسب المراجع التي استخدمها الكاتب شربل داغر إلى المقاطعجية الحماديه عملهم على منع بناء دير للرهبنة المارونية في حوب، وهي إحدى نواحي تنورين في البترون، يقول ستيفان وينتر إنّهم هم من شجّع أولئك الرهبان على استصلاح الأراضي الكائنة في &laqascii117o;الفردوس" الذي تجسده حوب، ضد رغبة آل الخازن (ص 160).
ماضي دولة عاجزة
يؤرّخ الكتاب لحقبة حكمها عجز السلطة المركزية عن اجتراح مشروع مجتمعي وتنموي ينقل المجتمع الذي تولّت شؤونه إلى الحداثة. والدولة حاضرة بقوة على امتداد الكتاب، في الرسائل التي كانت توجهها إلى المقاطعجية ليسددوا المتأخرات من الضرائب، وفي الشكاوى التي كان يرفعها إليها الأهالي ورجال الدين ضد تعسّف المقاطعجية، وفي الحملات العسكرية التي كانت تجردها لتأديب هؤلاء.وهو لم يوضح بما فيه الكفاية كيف أنّ التجربة المحلية التي درسها اندرجت ضمن سياسة عامة للسلطنة شكّلت نقيضاً للتجربة الأوروبية في بناء الدولة المركزية، وقامت على استخدام قطّاع الطرق (bandits) كجيوش مرتزقة واستيعابهم لفترات تطول أو تقصر داخل الإدارة العامة. ولم يستخدم بما فيه الكفاية الإسهام المذهل الذي حققته كارن باركيه، ووصفت فيه التحوّل الكبير الذي شهدته السلطنة أواخر القرن السادس عشر، وتمثّل بالتحاق أعداد متزايدة من الفلاحين وسكان الأرياف بجماعات المرتزقة التي كانت تتحلّق حول الزعماء المحليين. ولعل الناس انقسموا في ذلك التاريخ في كل قرية ودسكرة إلى أسوياء وأوغاد. وكانت أبرز أحداث تلك الحقبة، معركة 1606، ضد علي جنبولاد في جنوب الأناضول وحلب، والتي استكملت بإهلاك أعداد لا تُحصى من قطّاع الطرق أولئك (باركيه، 1994: 217). وقد مارست السلطنة سلطة عبر الأعيان المحليين، يمكن وضعها تحت عنوان &laqascii117o;خصخصة السلطة في المناطق أو الأقاليم" (privatization of provincial government office) (ص 146). وهو مفهوم لم يهتم الكاتب بتفسيره وشرحه وربطه بالوقائع على نحو كافٍ، في حين أنّه شديد الأهمية في فهم التجربة العثمانية بمجملها. وإذا كان ألبرت حوراني قد وصف ضعف الدولة تجاه الأعيان في المدن الكبرى للإمبراطورية، فإنّ كتاب وينتر يظهر &laqascii117o;خصخصتها" في الأرياف، لمصلحة عائلات مقاطعجية تتوارث السلطة. مثّلت تلك &laqascii117o;اللامركزية" (باركيه، 1994: 23) دليلاً على ضعف الدولة الذي ما فتئ يتفاقم حتى سقوط الإمبراطورية. وقد اكتسبت الدولة بعض الشرعية، ليس من دورها التنموي، وهي التي لم يكن يهمها من الأقاليم سوى أن تحصّل منها أكبر قدر من الضرائب، بل من أنّها كانت تحضر أحياناً حين يستنجد بها الأهالي لمواجهة تسلّط المقاطعجية. وهل ينبغي أن تلتصق كلّ طائفة بالمقاطعجية المنتمين إليها، وتعتبر نفسها معنية بماضيهم وبالدفاع عن ذلك الماضي؟ وهو التباس يوحي به عنوان الكتاب، الذي لم يستطع كاتبه تجنّب العدوى اللبنانية في استخدام كلمة طائفة في معرض الحديث عن نخب أو قوى سياسية بعينها؟ وقد انتهت الثورة التي بدأها الموارنة على المقاطعجية من طائفتهم بذبح 12 ألفاً منهم وإحراق 300 من قراهم في أحداث 1860، كما يجعل الانقسام الطائفي، إلى كونه مفتعلاً لأسباب أميركية كما سبقت الإشارة، إمكان نجاح دولة وطنية لبنانية، أمراً صعب المنال. بل هو يحمل الكثيرين على الهرب من هذا السجن.
- 'النهار'
سماحة مفتي السعودية... إقرأ القرآن من فضلك
جوزف الهاشم:
ما بال بعض رجال الدين... رجال الله على الارض، يعيشون في كوكب فضائي، فيما الارض تلتهب بالصراع الطائفي والتناقض المذهبي والحركات الاصولية والدعوات التكفيرية، وأبناء حواء يتقاتلون باسم الله على الله، ويقسمونه الى ربين كلاهما يحارب الآخر.
ما باله سماحة مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبدالله يصبها زيتا على النار المتأججة، بدعوته الى 'هدم كل ما في الجزيرة العربية من كنائس، لأن إقرارها إقرار لدين غير الاسلام...'.
الا يحوّر سماحته بذلك مسيرة المملكة التي تعتبر 'اطفائية' نيران العرب، ويسيء الى تاريخ ملوكها وعلى رأسهم الملك المؤسس عبد العزيز الذي لقب نابوليون العرب فلم ينذر نفسه لمملكته وكفى، بل أثقل أصغريه الاكبرين بقضايا الامة وهمومها الاسلامية والمسيحية على السواء.
الا يُدهش سماحته ما تتعرض له المصاحف من إحراق مقابل إحراق الكنائس، حتى يدعو الى هدم الكنائس في الجزيرة العربية، كأنما يستحثّ دعوة مقابلة الى احراق المساجد في الدول المسيحية، وفي ذلك اذكاء لحرب دينية مذهبية اصولية تكفيرية أممية شاملة تبدأ في مكان ولا تنتهي في مكان آخر.
قبل الاستنجاد بالآيات القرآنية التي تسفّه دعوة المفتي، نقول لسماحته ان دعوته 'الكريمة' هذه تنطوي على دلالات ثلاث:
اولا: انها بالمعنى الحقوقي القانوني تعتبر تحريضا على الفعل يعاقب عليه الشرع والقانون سواسية بين المحرض والمرتكب.
ثانيا: انها بالمعنى الاجتهادي التفسيري تعتبر فتوى فقهية تحض على تنفيذ ما هو امر شرعي.
ثالثا: انها بالمعنى الديني الروحي تشكل تناقضا فاضحا مع روح القرآن وروح الدعوة.
اذا كان سماحته ينسب الى النبي 'ان جزيرة العرب لا يجتمع فيها دينان...' فلماذا يتجاهل ما جاء في القرآن عن النبي: 'انّا ارسلناك رحمة للعالمين'. ولماذا يتجاهل عهد النبي لأهل نجران... والامر الذي اصدره بقتل رجل مسلم قتل رجلا مسيحيا قائلا: 'انا احقّ بذمته...' وكيف يتجاهل لجوء النبي الى ملك الحبشة النجاشي المسيحي، عندما تعرض لاضطهاد اهل الجزيرة العربية التي يدعو اليوم الى هدم كنائسها، وكيف يتنكر للحقوق التي منحتها الدولة الاسلامية للانسان المسيحي والتي غبطه عليها المسلمون، كما جاء في كتاب 'أنوار البروق للفقيه القرافي'.
وكيف يجهل ان اصحاب المناصب المسيحية في الدولة الاسلامية السمحاء كانوا يرسمون اشارة الصليب على المعاملات الرسمية الى جانب اختام رؤسائهم المسلمين، كما يقول حبيب الزيات في كتاب 'الصليب في الاسلام'.
ودرءا لخطورة مفاعيل هذه الدعوة او التذرع التكفيري بها، لا بد من ان نذكّر سماحته:
أولا: ان في اللقاءات التحضيرية للحوار الوطني الخامس في السعودية تقرر 'استبدال مصطلح الكافر بكلمة الآخر او غير المسلم، لأن ذلك يؤدي الى زرع الكراهية بين المسلمين وغيرهم...'.
ثانيا: ان وثيقة الازهر الشريف في 8 كانون الثاني 2012 تشدد على حرية الرأي وحرية العقيدة التي هي مكفولة بثوابت النصوص الدينية...
ثالثا: ان النصوص الدينية التي يشير اليها الازهر الشريف مقتبسة من الآيات الكريمة ومنها:
- 'يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم'. (آل عمران – 64)
- 'لا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي أحسن'. (العنكبوت – 46)
- ما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرّق بين احد منهم. (آل عمران 84)
- 'يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا... إن أكرمكم عند الله أتقاكم'. (الحجرات – 13)
-'ولتجدنّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى'. (المائدة – 82)
- 'لو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين'. (يونس – 99)
- وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. (الكهف – 29)
- 'أفنجعل المسلمين كالمجرمين'. (القلم – 36)
وختاما... رجوتك يا صاحب السماحة - ومع دعوتك الى هدم الكنائس – أن تتلو هذه الآيات على الناس وأنت تؤم الصلاة.
- 'الأخبار'
لماذا أصبحت البحرين على رأس الدول العدوّة للإنترنت؟
حسين يوسف:
كان عنوان تقرير &laqascii117o;مراسلون بلا حدود" مثيراً، لكنّه لم يكن مفاجئاً &laqascii117o;البحرين عدوّة للإنترنت"(1)! عنوان سبقه تقرير للمنظمة نفسها عن العام 2011، يصف المنامة كواحدة من أخطر المناطق على الصحافيين في العالم(2). يشهد تاريخ البحرين أنّها شرعت في حجب المواقع الإلكترونية المعارضة، واعتقال النشطاء الذين تواصلوا عبر منافذ الشبكة العالمية، منذ 1996. وجاء العام 2002 ليكون حجب المواقع الإلكترونية أول مؤشر لنوايا السلطة تجاه الحريات العامة، بعد عام واحد من ربيع &laqascii117o;ميثاق العمل الوطني". وفي 2002، حجبت المواقع التي نشرت وجهة نظر المعارضة الرافضة انفراد الملك بإصدار الدستور، وعدم تكليف مجلس تأسيسي منتخب بكتابته.
ثم زادت حدّة العداء للإنترنت، حين أعلنت المعارضة مقاطعتها لبرلمان لا يستطيع التعبير عن الإرادة الشعبية، وتمظهر في حجب المزيد من مواقع الإنترنت العامة والخاصة، وتهديدات بملاحقة القائمين عليها.
لم تسمح السلطة، في 2003، بتأسيس أول تجمع لنشطاء الإنترنت بعنوان &laqascii117o;جمعية الإنترنت البحرينية". عوضاً عن ذلك، أمر المستشار الإعلامي الحالي للملك، نبيل يعقوب الحمر، بإنشاء جمعية &laqascii117o;فرخ الخعنفق"(3)، وهي &laqascii117o;جمعية البحرين للإنترنت"، الموالية، والبعيدة عن إزعاج وسطوة النشطاء. وفي 2005، طارت نشوة الملك، وحضرت السجون الجميلة التي لم نعشها بعد، ووضعت في يدي ويد اثنين من أعز أصدقائي النشطاء أصفاد حرية التعبير، ضمن قضية &laqascii117o;بحرين أون لاين". عدوة الإنترنت تلك، كانت تحقق معنا وتسألنا عن حقيقة الشبكة. سلمني المحقق غير البحريني ورقة كتبتها الاستخبارات، تصفني بـ&laqascii117o;هاكر إنترنت" (قرصان)، ثم سألني: &laqascii117o;ما هي الإنترنت؟"، والناس أعداء ما جهلوا.
&laqascii117o;عدوة للإنترنت" صفة غير مبهجة، ويتحمل مسؤولية وصم البحرين بها حكم غير رشيد، وجوقة مطبلة له. عدوة الإنترنت هي سلطة البحرين، والشعب صديقها. شعب البحرين يتصل بالإنترنت بنسبة 210%، أي بأكثر من وسيلة للشخص الواحد. شعب البحرين علمه قمع السلطة دهاليز الإنترنت التي بات اللجوء إليها خياراً نهائياً أمام إغلاق باقي وسائل الإعلام في وجهه. شعب البحرين يتجاوز الحجب، يبث فعالياته مباشرة على الشبكة، يتفنن في أرشفة وعرض حراكه والانتهاكات التي ترتكب بحقه. شعب البحرين أخذ الإنترنت منبراً خاطب من خلاله العالم وأسمعه ما حاولت صدور سلطة البحرين الضيقة خنقه. بالإنترنت ألغى البحرينيون سباق &laqascii117o;الفورمولا وان"، وبالإنترنت تصدرت صورهم كبريات صحف ومجلات العالم. بالإنترنت يظهر منشدهم مهدي سهوان على القنوات المصرية، وبالإنترنت كانت &laqascii117o;قناة اللؤلؤة" تبث لما حاربها البترو ــ دولار في أقنية الفضاء. بالإنترنت كانت مرآة البحرين عصية على الحجب، وبفضل نشطاء الإنترنت لم يعد قطب الموالاة، الشيخ عبد اللطيف المحمود، يدّعي معارضة السلطة، لأول مرة له في حوار على قناة &laqascii117o;أون تي في" المصرية(4).
سلطة البحرين هي عدوة الإنترنت، وأمثال الشهيد المدوّن زكريا العشيري أصدقاؤها. جاءت أشهر آذار، ونيسان وأيار من عام 2011، لتكشف أسوأ وجه لعدوّة الإنترنت. فقد استخدمت السلطة مرتزقتها عبر الإنترنت لنشر حملات الكراهية، ووظفتها لملاحقة واعتقال النشطاء. بالإنترنت، جذرت السلطة ومرتزقتها شرخاً اجتماعياً/ طائفياً، لأنّها تدرك أنّ دعوات نشطاء الإنترنت إلى التحرك يوم 14 شباط/ فبراير تلغي مقومات الشرخ التي بذرتها منذ سنين،
لأنّ اسمه ارتبط بالنشاط والنشطاء، احتجزت السلطة صديقي المدون علي عبد الإمام في أيلول 2010. وبعد 5 أيام على اعتقاله، فصلته شركة &laqascii117o;طيران الخليج" لتغيبه القسري عن العمل لـ9 أيام، بناءً على لوائح ادارة الشركة الأكثر فساداً في البحرين! علي عبد الإمام الذي أفرجت عنه السلطة، إبان ذروة نشاط ميدان اللؤلؤة، اختفى قسرياً في 17 آذار 2011. حارب فساد سلطتهم بتدوينه ونشاطه، فصار هو والإنترنت عدوهم وعدوتهم. سلطة تعادي خيرة أبنائها ستكون بالتأكيد عدوة الإنترنت، ما دامت سيفاً على رقبة فاسديها.
عبر الإنترنت، تحاول السلطة تحقيق ما لم يمكّنها منه رصاصها، أي تمزيق المعارضة. وظفت السلطة أموالاً طائلة خارج بنود ميزانيات الدولة، ليس لتحجب المواقع فقط، ولكن لما هو أخطر. فما لا يعلمه كثيرون هو أنّ من أهم خدمات التجهيزات لدى الدولة توفير مخطط لسلوك المستخدمين كلّهم، أو من تنتقيهم السلطة لمراقبتهم. نعم، هكذا بالإنترنت تدرس السلطة مفردات المعارضة لتستخدمها من أجل تمزيقها، وبها تنشر السلطة وثيقة زائفة باسم &laqascii117o;مرئيات الوفاق للحوار"، تماماً كما فعلت حين زوّر مرتزقتها صور لافتات المحتجين، وزرعوا فيها عبارات تناسب مشروع فتنتهم. بالإنترنت، تحاول السلطة تزييف وعي الجمهور، وبالإنترنت سيهزمها وعي الجمهور. الإنترنت ساحة الشعب وملعبه ولعبته وجمهوره، وإذا كان شعب البحرين ينتصر في معارك الوعي، ففي معركة الإنترنت كان انتصاره باهراً على عدوتها.
- 'الأخبار'
خواطر سوريّة
سماح إدريس:
... بين سوريا ديموقراطيّة تعدّدية ولكنْ معادية لحماس وإيران وحزب الله، وسوريا استبداديّة أحاديّة ولكنْ حليفة لحماس وإيران وحزب الله، أختار: سوريا ديموقراطيّة تعدديّة وحليفة ـ في الوقت نفسه ـ لحماس وإيران وحزب الله... ولمقاومي الصهيونيّة والتطبيع من كلّ الأطياف والمشارب والجنسيّات. أن تكون ديموقراطيّاً وداعماً للمقاومة والمقاطعة، ليس من سابع المستحيلات. وهذا يقتضي أيضاً نقدَ المقاومة في كلّ مكان، كلّما انحَرفتْ أو تطيّفتْ أو تمذهبتْ أو استبدّت أو ناصرتِ المستبّدين.
- 'السفير'
النظـام العربـي: رقصـة الحـرب علـى فوهـة النفـط
غالب أبو مصلح:
يستغرب البعض العداء الذي أظهرته الجامعة العربية لسوريا، والدعوة إلى عزلها ومحاصرتها سياسياً واقتصادياً، في الوقت الذي تغضّ فيه النظر عن تقارب بعض دولها مع الكيان الصهيوني وإقامة العلاقات الدبلوماسية والتجارية معه. ويقود الجامعة العربية &laqascii117o;مجلس التعاون الخليجي" في هذا الزمن، ليس لقدراته العسكرية الخارقة وأنظمته التي توحي بالاحترام، بل بسبب فوائضه النفطية وتبني المصالح الامبريالية الأميركية وتمويل مخططاتها العدوانية.
ارتفعت منطقة الشرق الأوسط إلى إحدى الأولويات الثلاث في الاستراتيجية الأميركية عند أوائل السبعينيات من القرن الماضي، ولكن الاستهداف الأميركي لها يعود إلى ما قبل هذا التاريخ بزمن طويل (...)
كانت الولايات المتحدة شديدة الاهتمام بالثروات النفطية في أعقاب الحرب العالمية الأولى. ففي سنة 1919 طالب وزير الداخلية الأميركية فرانكلين لاين الحلفاء بـ&laqascii117o;حقوق متساوية في الوصول إلى حقول النفط الأجنبية"، واستشاط الأميركيون غضباً عندما وضع البريطانيون أيديهم على المناطق النفطية في الشرق الأوسط. فقد صرح اللورد وولز لونغ القائد الأعلى للأسطول البريطاني أمام اجتماع مؤسسات النفط البريطانية بأنه &laqascii117o;إذا أحكمنا سيطرتنا على مكامن النفط في العالم، نستطيع أن نفعل كل ما نريد".
وعملت أميركا على دخول سوق النفط في المشرق العربي بكل الوسائل المتوافرة لديها، وحصلت من بريطانيا على قبول في الشراكة للتنقيب عن النفط في العراق، حيث تم حفر أول بئر منتج في سنة 1927 قرب كركوك، وامتلكت الشركات الأميركية 23.75 في المئة من الأسهم في هذا المشروع النفطي. وفي سنة 1934 امتلكت الشركات الأميركية 50 في المئة من أول امتياز للتنقيب عن النفط في الكويت. وأعطى الملك عبد العزيز آل سعود امتيازاً لشركة chevron الأميركية للتنقيب عن النفط على مساحة تبلغ 360 ألف كلم ولمدة 60 سنة مقابل قرض بـ55 ألف جنيه ذهبي، وذلك سنة 1933. والتقى الرئيس تيودور روزفلت مع الملك عبد العزيز على متن سفينة حربية أميركية في قناة السويس سنة 1945، وقيل إن روزفلت قد اتّفق مع عبد العزيز على حماية حكمه من أي تهديد داخلي، مقابل حق أميركا الحصري في النفط السعودي، وتم تأسيس شركة آرامكو سنة 1947.
ويقول إيان روتلدج إن دول الخليج لم تكن لها سلطة فعلية على الأرض وما في باطنها من ثروات، إذ إنها كانت تحت حكم استعماري أو شبه استعماري مثل العراق والكويت والبحرين. ووَقعت السعودية خلال سنوات قليلة تحت حكم أميركي استعماري، &laqascii117o;وأعطيت الامتيازات لسنوات طويلة (75 سنة في العراق والكويت) وكانت عائدات النفط لأصحاب الأرض تبلغ أربع شلنات للطن الواحد، وهو ما يساوي 1/8 من ثمن برميل النفط، حسب العقود، على أن يبقى هذا السعر ثابتاً طيلة فترة التعاقد".
وتمدّدت الامبراطورية الأميركية على حساب الامبراطوريتين الفرنسية والبريطانية، وخاصة بعد العدوان الثلاثي على مصر والانقلاب العسكري ضد مصدّق في إيران بقيادة الاستخبارات الأميركية. وسيطرت أميركا على حقول النفط في دول الخليج، حيث تمثّل الاحتياطات المؤكدة 65 في المئة من الاحتياطات العالمية المقدّرة بـ1050 بليون برميل، حسب تقديرات سنة 2005.
ورفعت حركة الثورة العربية شعاري &laqascii117o;أرض العرب للعرب" و&laqascii117o;نفط العرب للعرب". وتم إخراج القوات البريطانية من قناة السويس ثم تأميمها، وإفشال ضم لبنان إلى سياسة الأحلاف التي قادها إيزنهاور، وانهار أحد أركان الهيمنة الامبريالية في العراق مع انهيار نظام حكم نوري السعيد. ونتيجة هذه التطورات أمر إيزنهاور البنتاغون بالاستعداد لاستعمال &laqascii117o;أية وسيلة ضرورية لمنع أية قوة غير صديقة من الدخول إلى الكويت" بعد طلب عبد الكريم قاسم استعادة الكويت إلى الدولة العراقية. وأرسل سلوين لويد وزير خارجية بريطانيا برقية إلى رئيس الوزراء يقترح فيها جعل الكويت &laqascii117o;سويسرا" الخليج، بحيث تمتنع بريطانيا عن ممارسة سلطاتها الاستعمارية المباشرة فيها، &laqascii117o;ولكن علينا أن نتدخل، إذا ساءت الأمور، ضد مَن يسبّب المشاكل"، وشدد لويد على &laqascii117o;تعاون أميركي مطلق معنا في الخليج... واتخاذ موقف صلب للحفاظ على موقعنا في الكويت". واتخذت الولايات المتحدة موقفاً مماثلاً بالنسبة لحقول النفط في السعودية والبحرين وقطر &laqascii117o;لإبقائها في أيدٍ صديقة". وحدد سلوين لويد المصالح البريطانية والغربية في الخليج على الشكل التالي:
(1) التأكد من الوصول الحر لبريطانيا والغرب إلى النفط المنتج في الدول المحيطة بالخليج.
(2) التأكد من الحصول الدائم على النفط بشروط مناسبة، ومن أجل سلامة &laqascii117o;الاسترليني" والحفاظ على ترتيبات من أجل توظيف الفوائض النفطية من الكويت.
(3) منع انتشار الشيوعية وأشباه الشيوعية في المنطقة وجوارها. وكشرط لذلك الدفاع عن المنطقة ضد نمط القومية العربية التي تفضّل الحكومة السوفياتية تقدمها" (أي قومية جمال عبد الناصر). ويقول نعوم تشومسكي إن الوثائق الأميركية تؤيد هذه الأولويات، وإن مجلس الأمن القومي الأميركي دعا إلى أن تشكل إسرائيل حاجزاً ضد توسّع القومية العربية، وأن تكون إحدى ركائز السيطرة على الشرق الأوسط.
لقد عززت حرب تشرين موارد النفط، وضاعفت أسعاره الحقيقية أضعافاً عدة، ولكن سرعان ما وضعت أنظمة الخليج نفسها تحت سيطرة أميركية ـ أوروبية مع انهيار النظام العربي، &laqascii117o;وأعطت تدفقات رؤوس الأموال من السعودية والكويت ومشيخات الخليج إلى أميركا وبريطانيا دعماً مهماً لاقتصاديهما وللشركات الكبرى والمؤسسات المالية، وهذه أحد الأسباب التي جعلت الدولتين لا تعارضان زيادة أسعار النفط.
أكثر من ذلك، تحوّل النفط العربي إلى أداة بيد الامبريالية الأميركية لتمويل الثورات المضادة في أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا والوطن العربي، وتحولت أرض العرب التي تحررت من الاستعمار المباشر إلى أراضٍ شبه مستعمرة، تزخر بالقواعد العسكرية العدوانية وتساهم في اجتياح وتدمير بعض البلدان العربية الأخرى، مثل الصومال والعراق وليبيا ولبنان.
ويقول جون بركنز إنه في أعقاب الحظر النفطي العربي في السبعينيات، بدأت واشنطن في إجراء مباحثات مع السعودية لتقديم دعم تقاني وأسلحة متقدمة مع التدريب على هذه الأسلحة، مقابل تعهّد سعودي بعدم العودة إلى سياسة الحظر النفطي، &laqascii117o;والأغرب من ذلك، إقامة تنظيم غير عادي، يتمثّل باللجنة الاقتصادية الأميركية ـ السعودية JECOR، والتي تمثّل رؤية مناقضة لبرنامج المساعدات الخارجية التقليدي. وبالرغم من إعطاء وزارة المالية الأميركية حق الإدارة والتقرير المالي للأموال السعودية، فإن هذه اللجنة كانت مستقلة إلى أقصى الدرجات، وستنفق مليارات الدولارات خلال فترة أكثر من 25 عاماً من دون رقابة الكونغرس الأميركي. وقد أخضعت هذه الاتفاقية المملكة للهيمنة الأميركية الكاملة والطويلة الأمد، ومقابل ذلك &laqascii117o;تعهّدت واشنطن أن تقدّم لآل سعود دعماً كاملاً بلا تردّد على الصعيد السياسي وعلى الصعيد العسكري عند الضرورة، ضامنين بالتالي استمرار حكمهم لذلك البلد". وضمنت الاتفاقية إعادة ثمن النفط، أو فوائضه إلى السوق الأميركية.
عودة القواعد العسكرية الغربية
أعادت اتفاقية كامب ديفيد القوات الأطلسية إلى قواعد في سيناء بقيادة أميركية. نصّت المعاهدة على إقامة مراكز عسكرية لقوات من حلف الأطلسي تحت اسم &laqascii117o;القوات المتعددة الجنسيات والمراقبين" (ف. م.م) (MFO)، وتطلق عليها تسمية &laqascii117o;القبعات البرتقالية". تتألف هذه القوات من 1678 عنصراً، تتمركز في قاعدتين، الأولى في &laqascii117o;الجورة" في شمال سيناء، والثانية في مدينة شرم الشيخ وخليج &laqascii117o;نعمة"، بالإضافة إلى ثلاثين مركز مراقبة ومركزا في جزيرة تيران السعودية، لضمان حرية الملاحة في المضيق.
وللولايات المتحدة قاعدة عسكرية في جيبوتي ـ على البحر الأحمر، وقاعدة في جزيرة سوقطرة اليمنية. فقد استأجرت جزيرة سوقطرة لقاء 80 مليون دولار في سنة 1995، وأقامت عليها قاعدة عسكرية، بعد أن وسّعت مطارها وعمّقت مرفأها. وتراقب القوات الأميركية من هذه القاعدة باب المندب والصومال واليمن. كما أن للولايات المتحدة قاعدة في البحرين يتمركز فيها الأسطول الخامس، وقاعدة &laqascii117o;عيديد" الضخمة في قطر، وقواعد كبيرة جداً في الكويت.
ولا تشكل هذه القواعد العسكرية الأميركية أعباء مالية على موازنة البنتاغون، إذ إن حسن الضيافة يوجب على المضيف تكفّل أعباء معظم هذه القواعد. فدولة الكويت تتحمل أعباء &laqascii117o;القوات المتحالفة" على أراضيها، كما تتحمل الجزء الأكبر من تكاليف &laqascii117o;نظام القيادة والتحكّم والاستخبارات" الأميركي. وكانت السعودية والكويت قد قدّمتا &laqascii117o;هبة" أو &laqascii117o;مكرمة" للخزينة الأميركية قبيل حرب الخليج الأولى تصل إلى أكثر من 85 مليار دولار، إلى جانب معظم تكاليف تلك الحرب.
فالقواعد العسكرية البريطانية والأميركية قد عادت إلى &laqascii117o;كيانات" الخليج، إلى جانب قاعدة فرنسية هي الأولى من نوعها في المنطقة. فقد دعت حكومة أبو ظبي الحكومة الفرنسية إلى إقامة قاعدة عسكرية فيها وبتمويل كامل من الإمارة، حسب معاهدة عقدها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إبّان زيارته لأبو ظبي في 15/1/2008. وتقول جريدة &laqascii117o;الحياة": &laqascii117o;... وقاعدة أبو ظبي المجهّزة تجهيزاً حديثاً جداً، لا ترتّب أعباءً مالية على فرنسا، ولن يكون على وزارة الدفاع الفرنسية غير تسديد مرتّبات العسكريين وكلفة الوظائف الداخلية، وما خلا ذلك تعهّدت به حكومة أبو ظبي كاملاً". وللمغرب أهمية كبرى في الاستراتيجية الأميركية، تعود إلى الحرب العالمية الثانية. ويرتبط المغرب مع أميركا بمعاهدة &laqascii117o;التعــاون العسكري" التي أبرمــت بين واشنطن والرباط في مطلع الثمانينيات، وسمحت لقوات أمــيركية باستخدام قواعد مغربية في حربي الخــليج، كما تجــري القوات المغــربية مناورات دورية مشــتركة مع قوات أميركية.
- 'السفير'
توريط أوباما بحرب لا يريدها
شيلدون ريتشمان:
لقد تكررت خيبات أمل الذين كانوا يأملون إمكانية حصول تغيير في سياسة أوباما الخارجية. فقد أخفق مؤخراً، مرة جديدة، في إعتاق نفسه من ضغوط منظمة ايباك واللوبي الصهيوني، وأعضاء الكونغرس المتحمسين للدولة العبرية، عندما أعلن أنه سوف يُبقي جميع الخيارات على الطاولة، بما في ذلك الخيار النووي، في مواجهة إيران.
ليس من المبالغة القول إن مؤتمر منظمة &laqascii117o;ايباك" الأخير في واشنطن تمحور حول كيفية توريط أوباما في المواجهة مع إيران أكثر مما كان متورطاً في السابق. غير أن الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية ترى أن إيران لم تقرر بعد إنتاج سلاح نووي. وقد أكدت الأجهزة الأميركية، مرتين، أن طهران أوقفت برنامجها النووي البسيط في العام 2003. كما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أفادت بأن الجمهورية الإسلامية لم تحوّل اليورانيوم الذي خصّبته لإنتاج الطاقة، ولأهداف طبية، باتجاه إنتاج الأسلحة النووية.
بالمقابل، تمتلك إسرائيل مئات عدة من الرؤوس النووية، بعضها مركز فوق غواصات. علماً بأن هذه الدولة لم توقّع على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وهي بالتالي لا تخضع لأية مراقبة أو تفتيش، وترفض الدعوات المطالبة بشرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية.
وانطلاقاً من هذا، فإن المزاعم بأن إيران ـ حتى ولو نجحت في إنتاج رؤوس نووية ـ تشكل تهديداً وجودياً على إسرائيل، أو على مصالح الولايات المتحدة، هي مزاعم مثيرة للضحك. ولذلك يقول &laqascii117o;دانيال بليتكا"، نائب رئيس معهد الدراسات الخارجية والدفاعية التابع للمحافظين الجدد في أميركا: &laqascii117o;إن المعضلة الكبرى بالنسبة للولايات المتحدة ليست في حصول إيران على سلاح نووي واختباره، بل في حصولها على هذا السلاح، وعدم استخدامه، وذلك لأن جميع الصقور سوف يدركون آنذاك ان إيران دولة مسؤولة".
إن الانتقادات اللاذعة الموجّهة إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد باطلة وغير مناسبة. فالمحلل السياسي لدى معهد &laqascii117o;هوفر" المعروف، &laqascii117o;بروس دي مسكيتا" يقول إن أحمدي نجاد يأتي في المرتبة الـ18 في الهرم السياسي الإيراني. وهو كرئيس، لا علاقة مباشرة له بالمؤسسة العسكرية، وقد مُنيَ أنصاره بهزيمة نكراء في الانتخابات التشريعية الأخيرة، على أيدي مناصري المرشد الأعلى، آية الله علي خامينئي، الذي بدوره يدين ويرفض الأسلحة النووية. أضف إلى ذلك أن نجاد لم يهدد أبداً &laqascii117o;بمحو إسرائيل عن خارطة الأرض".
من الجانب الآخر نرى بنيامين نتنياهو، يستغل &laqascii117o;المحرقة اليهودية"، بأبشع الأساليب، بغية شن حرب عدوانية على الشعب الإيراني، علماً بأن لا مجال أمامه لكي ينجح في مخططه هذا بدون توريط الولايات المتحدة. ومن هنا تتزايد الضغوط على الرئيس باراك أوباما.
كان على الرئيس الأميركي الوقوف في وجه نتنياهو، وإيباك، و&laqascii117o;جوقة" الحرب في الكونغرس، والمرشحين الجمهوريين. وهو يعلم ان أي هجوم ضد إيران ـ بصرف النظر إذا نفّذته إسرائيل وحدها، أو بالتنسيق مع الولايات المتحدة، سيكون عبارة عن كارثة، ليس على الشعب الإيراني فحسب، بل أيضا على الأميركيين في العراق وأفغانستان، وعلى الإسرائيليين أنفسهم.
لكن في ضوء انصياع أوباما لإملاءات أيباك، تبدد كل أمل في أن يفعل ما كان عليه أن يفعله، أي مقاومة إسرائيل واللوبي الصهيوني التابع لها، ولوقف التهديد بالحرب وإلغاء العقوبات غير الأخلاقية، ومنع العمل الإرهابي الذي تمارسه وكالة الاستخبارات المركزية.
'شيلدون ريتشمان'
محلل بارز لدى مؤسسة 'مستقبل الحرية' في فيرفاكس
نقلاً عن موقع 'أنتيوار' الإلكتروني
ترجمة: جوزيف حرب