- 'الاخبار'
السيستاني يقاطع السياسيين: لا العملية السياسية
المرجعية تنفض يدها من المسؤولين: الناس تعرف تكليفها
إيلي شلهوب:
يبدو أن مرجعية النجف فقدت الأمل بالطبقة السياسية الحالية في العراق، الممعنة في انتهاج سياسة التبذير والفساد على حساب الشعب المحروم. ولذلك، لا تزال عند قرارها مقاطعة جميع السياسيين العراقيين تعبيراً عن عدم رضاها عنهم.
كشفت أوساط قريبة من مرجعية النجف عن أن المرجع آية الله السيد علي السيستاني اتخذ قراراً قبل أشهر بالامتناع عن استقبال السياسيين العراقيين، في خطوة تعكس امتعاضه من أدائهم واستيائه من سوء الخدمات ومستويات الفساد الإداري والمالي في البلاد. وقالت هذه الأوساط إن &laqascii117o;الحكاية بدأت قبل نحو عام ببيان للسيد أشار فيه إلى سوء النهج في إدارة الدولة وضرورة إعادة النظر في رواتب الوزراء والنواب والرئاسات الثلاث". ويقول هذا البيان، الصادر في 26 شباط 2011، إن المرجعية &laqascii117o;تدعو مجلس النواب والحكومة العراقية إلى اتخاذ خطوات جادة وملموسة في سبيل تحسين الخدمات العامة، ولا سيما الطاقة الكهربائية ومفردات البطاقة التموينية وتوفير فرص العمل للعاطلين (من العمل) ومكافحة الفساد المستشري في مختلف دوائر الدولة، وقبل هذا وذاك، اتخاذ قرارات خاصة بإلغاء الامتيازات غير المقبولة التي منحت للأعضاء الحاليين والسابقين في مجلس النواب ومجالس المحافظات ولكبار المسؤولين في الحكومة من الوزراء وذوي الدرجات الخاصة وغيرهم، والامتناع عن استحداث مناصب حكومية غير ضرورية تكلّف سنوياً مبالغ طائلة من أموال هذا الشعب المحروم وإلغاء ما يوجد منها حالياً"، مع &laqascii117o;تحذير من مغبّة الاستمرار على النهج الحالي في إدارة الدولة". وشددت تلك الأوساط على أنه &laqascii117o;ما لم تجد هذه المشاكل حلولاً فإن السيد السيستاني يأخذ مسافة من الطبقة السياسية في عمومها. هو عملياً يقاطع السياسيين العراقيين. لا يعني هذا أبداً مقاطعة للعملية السياسية"، مشيرة إلى أنه استقبل خلال الأشهر الماضية مسؤولين عرباً وأمميين وإيرانيين، لكنه لم يستقبل أي مسؤول عراقي. وفي سؤال بشأن رفض السيستاني الاستجابة لطلب رئيس الوزراء نوري المالكي اللقاء به، قالت الأوساط نفسها &laqascii117o;لقد حاول (المالكي) أكثر من مرة الالتقاء بالسيد، وهو ما لم يحصل. للأمانة، الموضوع ليس شخصياً، بل هو نتيجة قرار المرجعية مقاطعة جميع السياسيين، فالسيد ليس له إلا الناس والناس ليس لهم إلا السيد".
وشددت المصادر على أن &laqascii117o;موقف المرجعية هذا هو رسالة إلى السياسيين بأن نهجكم غير سليم ومسيء للناس، وللناس بأن هؤلاء السياسيين لا يمثلون المرجعية، أو على الأقل لا يحظون برضاها، وفي النهاية الناس تعرف تكليفها وتعرف
خياراتها".
وفي السياق، تؤكد أوساط المالكي أن &laqascii117o;استياء السيستاني يعود في أصله إلى يوم طلب من النواب والوزراء والرؤساء خفض رواتبهم ليرفعوا بعض العبء عن كاهل المواطنين، لكنّ هؤلاء، وبينهم من يدين منذ البداية بالولاء للسيستاني كما يدين له بمنصبه نفسه، عندما شعروا أن الأمر وصل إلى جيوبهم، تمنّعوا عن تنفيذ تعليماته". وتقول إن &laqascii117o;السيد رأى، على ما يبدو، أن النواب الذين أتت بهم عباءته إلى البرلمان، كانوا يطيعونه لما كانت الطاعة لمصلحتهم، لكنهم عندما شعروا أن التضحيات باتت مطلوبة منهم تخلوا عنه". هناك أمر آخر، تضيف المصادر نفسها، ويعود إلى أيام المفاوضات لتأليف الحكومة الحالية. وقتها كانت نتيجة الانتخابات قد أعطت 12 مقعداً لحزب الدعوة ـــ تنظيم العراق الذي يتزعمه خضير الخزاعي. بحسب هذه النتيجة، يفترض أن يحصل الحزب على الأقل على وزارة سيادية، لكن قوة المنافسة حالت دون ذلك، فوُعد بالحصول على منصب نائب لرئيس الوزراء. ولما استحال تنفيذ هذا الوعد، قيل له إنه ستجري إضافة نائب ثالث لرئيس الجمهورية يكون من حصة هذه القائمة. وتقول هذه المصادر &laqascii117o;وقتها كان موقف السيد السيستاني وجوب إلغاء كل هذه المناصب التي لا طعم لها، مثل نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء، وخاصة أنها تكلف المواطنين الكثير على شكل رواتب وحمايات، فضلاً عن أنه مسرب لنفقات أخرى. ولما لم يجد صدى لصوته، امتعض وعاتب السياسيين على أنهم لا يطيعونه، واتخذ قراره بمقاطعتهم كلهم، وما عاد يستقبل رؤساء ولا نواب رؤساء ولا وزراء ولا نواباً عراقيين. بل حتى امتنع عن استقبال مسؤولي المحافظات وأعضاء الوقف الشيعي". وترى هذه المصادر أن &laqascii117o;بعض الأوساط تحاول أن توجه هذا الموقف ضد المالكي، بل هناك أوساط محسوبة على السيستاني لكن لها صلات بجهات سياسية ثانية، تحاول استهداف القمة العربية، واستهداف المالكي انتخابياً"، مشددة على أن &laqascii117o;السيستاني لا يستهدف المالكي، لا بشخصه ولا بموقعه ولا بحزبه، بل يستهدف كل الطبقة السياسية. موقفه هذا تجاه الطيف السياسي كله". وفي تأكيد لما ذهبت إليه، تشير أوساط المالكي إلى أنه &laqascii117o;أخيراً، تم إرجاء فعاليات &laqascii117o;النجف عاصمة الثقافة الإسلامية" التي كان مقرراً إقامتها في النجف في 15 من شهر آذار الجاري، بسبب رفض السيستاني استقبال أي مسؤول عراقي. ذلك أنه في فعاليات كهذه سيأتي ضيوف عرب ودوليون مثل شيخ الأزهر الذي قد يرغب في زيارة المرجعية، ولا بد أن تكون برفقته شخصية عراقية. هذا الأمر أشعر الحكومة بالحرج". وتضيف أن &laqascii117o;المسؤولين شعروا أن المرجعية غير راضية عن هذه الفعاليات وترى أنه لم تجر استشارتها فيها، فضلاً عن أنها تتحدث عن اتهامات بالفساد في خلال أعمال الإعداد لهذه الفعاليات"، لافتة إلى أنه &laqascii117o;لهذا السبب ذهب حسين الشهرستاني (الذي كان عام 2005 من النواب المحسوبين على المرجعية)، بصفته المشرف العام على هذه الفعاليات، إلى المرجع إسحق الفياض، ليشرح له أن هذه الفعاليات مهمة للبلد وللنجف وللوضع الشيعي ومناسبة للتعايش والانفتاح على الآخرين ولتعزيز ثقافة الحوار والإطلالة على تفاصيل المذهب". وتتابع أن &laqascii117o;الفياض ذهب إلى السيستاني ليحاول تعديل موقفه. لكنه لما عاد، أبلغ الشهرستاني أن السيد لا يزال مستاءً، عندها قام الشهرستاني ونصح المالكي بتأجيل الفعاليات". وتعترف أوساط المالكي بأن &laqascii117o;التجهيزات لإطلاق الفعاليات لم تكتمل كلها في الوقت المحدد، وبأنه كان هناك بطء شديد في تنفيذ المشاريع والإعداد، خاصة تأليف اللجان واتخاذ القرارات المناسبة، لكننا في النهاية حصلنا على أضخم قصر ثقافة (نحو 20 ألف متر مربع) في العراق كله، إن لم يكن في المنطقة العربية كلها. مدينة ثقافية (70 ألف متر مربع من البناء) بكل ما للكلمة من معنى، فيها أضخم مسرح وأضخم مقر إذاعي، فضلاً عن 20 فندقاً من أربع إلى 5 نجوم لاستقبال الضيوف. كل ذلك يفترض أن يتم تسليمه في الأول من شهر نيسان المقبل، أي بعد نحو 14 شهراً فقط على بدء العمل به في 26 شباط 2011". وتقول هذه الأوساط إن &laqascii117o;المقربين من المرجعية يحاججون بأمرين؛ الأول أنها لم تُستشر، علماً بأننا أكدنا مراراً أنه في حال أرادت المرجعية القيام بأي نشاط خلال هذه الفعاليات فإن المنظمين مستعدون لتنفيذ ذلك على أكمل وجه والتعهد برعايته أمنياً ومالياً. والثاني وجود شبهات فساد، علماً بأننا طرحنا منذ البداية فكرة تأليف لجنة تضم ممثلين عن كل الأجهزة الرقابية وأجهزة المحاسبة في الدولة مع ممثل عن المرجعية، وتكون هذه اللجنة مخولة بتّ كل شبهة فساد تحصل". من جهتها، تؤكد الأوساط القريبة من المرجعية أن هذه الأخيرة &laqascii117o;لم تطالب بتأجيل ولا بإلغاء الفعاليات، بل كان موقفها واضحاً وبسيطاً، وهو أن لا علاقة لنا بها وأننا لن نستقبل أحداً من المسؤولين العراقيين المشاركين فيها، التزاماً بقرار مقاطعة جميع السياسيين". وتضيف أن &laqascii117o;هذا المشروع عمره أربع سنوات، من عام 2008 حتى اليوم لم يحصل فيه أي شيء جدي. هناك نقاش في نهج هذا المشروع". وتضيف أن &laqascii117o;منظمي المشروع عرضوا على المرجعية انتداب ممثل في لجنة لمواجهة الفساد يعتزمون تأليفها، لكنها اعتذرت تحت عنوان أن هذا الأمر لا يعنينا".
- 'الاخبار'
بين الأسد والجيش لغز محيّر؟
نقولا ناصيف:
انقضت سنة أولى من الاضطرابات في سوريا من دون تغييرين جوهريين أمِلَ فيهما الغرب والعرب، للانتقال بهذا البلد إلى حقبة ما بعد نصف قرن من حكم حزب البعث: سقوط الرئيس بشّار الأسد، وانهيار الجيش. كلاهما بقي، وانتقلا إلى مرحلة جديدة من المواجهة في الداخل والخارج. مثّل دور الجيش في الأزمة التي تعصف بالنظام السوري، منذ سنة، أكثر من لغز محيّر بمقدار ما بدا وصفه سهلاً ومبسّطاً، وهو أنه جيش هذا النظام الذي يمنع تهاويه وسقوط الرئيس أو إرغامه على التنحّي. لم ينخرط في الأزمة إلا متأخراً. في الأشهر الأولى، استعان الرئيس بشّار الأسد لمواجهة حركة الاحتجاجات المتصاعدة بالشرطة وأبعَدَ الجيش، فأطلقت النار على المتظاهرين وفاقمت المشكلة مع تنامي وتيرة النقمة عليها، واجتذابها ردود فعل عربية ودولية سلبية حيال سقوط أبرياء قتلى. سحب الأسد الشرطة من الشارع، وأحلّ محلها قوات حفظ النظام بعد إخضاع فرق منها لتدريب سريع مع تعليمات تقضي بعدم إطلاق النار إلا دفاعاً عن النفس. بمرور أشهر، دخل جزء من المعارضة، وأخصّها الإخوان المسلمون والتيّارات السلفية، في نزاع مسلح مع النظام، ونجح في السيطرة الكاملة على قرى ومدن، بعضها أساسي، حمل الأسد على الاستعانة بالجيش، وصولاً إلى قراره الشهر الماضي تكليفه حسماً عسكرياً لتقويض بنى متينة كان المسلحون قد نجحوا في إقامتها في حمص، وخصوصاً بابا عمرو، وفي إدلب وحماه والزبداني. وقبل أيام أنهى الجيش جولة رئيسية من الحسم هي استعادته الكاملة، في غضون شهر، الزبداني وحمص وإدلب. في بابا عمرو، قدّر النظام المسلحين بثلاثة آلاف، وفي إدلب بأكثر من خمسة آلاف. بذلك وضع الرئيس السوري مجدّداً المبادرة في يده، بإحراز نجاح في معارك عسكرية ضارية بأثمان فادحة طاولت المعارضة المسلحة، ولم ينجُ منها السكان رغم سعي الجيش ـــــ على أبواب اقتحام حمص وإدلب ـــــ إلى إخلائهما من الأهالي لشنّ حملة أقرب إلى إعدام جماعي لمسلحي الإخوان المسلمين والتيّارات السلفية والجيش السوري الحرّ والميليشيات الأخرى. على امتداد الأشهر المنصرمة، راهن العرب والغرب، المناوئان للأسد، على دور كبير للجيش من بين احتمالات شتى تساقطت تباعاً، كالمنطقة العسكرية العازلة المفتوحة في درعا وجسر الشغور وتلكلخ ودير الزور، والمنطقة العسكرية العازلة المغلقة كحماه وحمص، والتدخّل العسكري الغربي الخارجي، وإرسال قوات عربية تارة وعربية ـــــ دولية طوراً. وكذلك الرهان على الجيش السوري الحرّ، فظهر قائده العقيد رياض الأسعد طربوشاً وهمياً لاسم بلا مسمّى، عاجزاً عن إحداث انشقاق جوهري في الجيش. بل لم يعدُ عديد الجيش السوري الحرّ سوى النسبة الأقل بين سائر الميليشيات الأوفر عدداً والأكثر تنظيماً والأفضل تسلّحاً وتمويلاً. وبقي ثمّة احتمال وحيد بحظوظ ضئيلة، هو انقلاب الجيش على الرئيس. فلم يقع. في حصيلة ذلك كلّه، استعان الأسد بالجيش وكسب جولة مهمة في الحسم العسكري الأخير، من غير أن ينجح بعد ـــــ وقد لا ينجح قبل مرور وقت طويل ومنهك ـــــ في حسم المواجهة الأمنية مع معارضيه المسلحين. توقع العرب والغرب أحد دورين للجيش السوري: انشقاق كبير في صفوفه يقلب موازين القوى لمصلحة المعارضة بشقيها المسالم والمسلح، أو إقدامه على انقلاب عسكري يطيح الرئيس لإخراج البلاد من مأزق العزلتين العربية والدولية وتمادي الانهيار وإنقاذ ما تبقى من الدولة. نظر العرب والغرب إلى النموذج المصري الذي حمل الجيش على التخلي عن الرئيس حسني مبارك وإرغامه على التنحّي، نظراً إلى أهمية المؤسسة العسكرية وموقعها في معادلة السلطة في مصر: يأتي الرئيس من صفوفها، ولا يُنصّب رئيساً إلا مَن يدعمه الجيش الذي يضطلع بدور مواز للسلطات السياسية، وقادر على حسم النزاع على السلطة، وفي وسعه كذلك فرض شروطه على الرئيس. لم تعرف مصر رئيساً من خارج الجيش. ولم يستطع الرئيس أنور السادات حسم صراع القوى مع الاستخبارات عام 1971 إلا بفضل الجيش. ولم يخلفه مبارك إلا بإرادة الجيش الذي خلعه قبل أكثر من سنة. خدَعَ النموذج الليبي العرب والغرب عندما انقسم الجيش بسرعة قياسية، وأوهمهما النموذج المصري بسهولة إطاحة رئيس الجمهورية. كلاهما لا يصلح في سبيل نموذج سوري. ليست الحال هذه مع الجيش السوري لأسباب شتى، أبرزها:
1 ـــــ كونه جيشاً عقائدياً وجيش حزب البعث الذي تلقى، منذ وصول الرئيس حافظ الأسد إلى السلطة عام 1971، تربية عقائدية صارمة جعلته جيش النظام أولاً وآخراً. كان كذلك منذ أن وصل البعث إلى الحكم عام 1963. إلا أنه لم يمسِ جيشاً نظيفاً من صراع القوى بين الأحزاب وكذلك بين الضبّاط الذي راح يُولّد انقلابات تلو أخرى حتى عام 1969، إلا مع تسلّم الأسد الأب السلطة وسيطرته الكاملة على الحزب والجيش وإخلائهما تماماً من معارضيه.
2 ـــــ أمسك الأسد الأب بالجيش بقبضة من حديد. لا يصل إلى مراتب عليا في هرميته إلا الضبّاط العلويون. ولا يرقى سواهم إلا الضباط البعثيون مسيحيون وسنّة. من خارج هاتين الفئتين لا حظوظ للضبّاط بترقية متقدّمة. بالتأكيد لا يدخل الكلية العسكرية ضبّاط من أحزاب مناوئة للبعث، كالإخوان المسلمين أو سواهم. تلعب الواسطة دوراً محدوداً في تزكية ضبّاط رماديين قريبين إلى البعث. لكن ليس أقل من ذلك. أحكم الرئيس السيطرة على إدارات المؤسسة العسكرية، في الأجهزة المتعدّدة للاستخبارات وفي الجيش النظامي. الأمر نفسه انتقل إلى نجله الرئيس الحالي. لا تتحرّك كتيبة دبابات أو تمر في دمشق، أو من حولها، من دون إذن مسبق من الاستخبارات العسكرية، كي يحمي النظام نفسه من انقلابات تطيحه. فلا تتكرّر سوابق عقود الأربعينات والخمسينات حتى الستينات. تخرج الدبابات والمصفحات فجأة، فيصبح الرئيس في السجن أو القبر.
3 ـــــ رغم أن إقرار دستور جديد أتى، عام 1973، في مرحلة لاحقة من تسلّم الأسد الأب الحكم، إلا أن الجيش أضحى القوة المركزية المعنية بتنفيذ المادة الثامنة من الدستور التي تجعل من حزب البعث قائداً للدولة والأمة. والحريّ أن الجيش ـــــ لا المؤسسات الدستورية والوطنية ـــــ هو الأقدر على وضع هذه المادة موضع التطبيق الفعلي.
4 ـــــ رغم أن الاضطرابات الأخيرة أظهرت حزب البعث ضعيفاً، متراجعاً تحت وطأة الاحتجاجات التي دعت إلى إخراجه من الحياة السياسية بعدما أطبق عليها قرابة نصف قرن، إلا أن تغلغله في الجيش والأجهزة الأمنية والمنظمات الشبابية والجامعات والنقابات عكس انطباعاً مغايراً. لم يكن كرتونياً سوى في تظاهرات الشارع بعدما كثرت أقاويل عن انكفاء الحزب عن تنظيم تظاهرات مشابهة لتلك التي قادتها المعارضة السلمية. عُزي الأمر إلى نصائح لقادته المحليين في المدن بالإحجام عن ذلك تفادياً لظهور الشعب الموالي للرئيس منقسماً بين بعثيين وغير بعثيين. في خلاصة التظاهرات الموالية الحاشدة، بدت هذه كأنها حزب الرئيس الذي يتسع أكثر من حزب النظام. بالتأكيد لم يكن الجيش ولا الأجهزة الأمنية ولا الحزب بعيدين عن تنظيم تلك التظاهرات، والإيعاز إلى المؤيدين للنظام من موظفي القطاعين العام والخاص والجامعات والمدارس والعسكريين بالنزول إلى الشارع. كانت الذروة في 7 شباط المنصرم، عندما دعا النظام إلى تظاهرة جمعت مئات الألوف ترحيباً بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في دمشق. كانت إحدى أبرز دعايات دعم النظام والوقوف إلى جانب الجيش رفع شعارات التخويف من عسكرة المعارضة والتفجيرات الانتحارية.
5 ـــــ لم تخفَ على الأسد ثغر أساسية، منذ الأيام الأولى لحركة الاحتجاجات، تمثلت في عدم التنسيق الجدّي بين الأجهزة الأمنية في ما بينها، وبينها وبين الجيش، وعدم اختبار النظام ـــــ لأول مرة في تاريخ سوريا ـــــ حرباً توشك أن تكون أهلية. تارة يواجه الجيش حرب عصابات من شارع إلى آخر، وطوراً يشتبك مع مسلحين مدرّبين ومزوّدين وسائل اتصال متطورة وأسلحة فاعلة في حروب صغيرة، عدا عن تبادل الاتهامات في التقصير وتحميل وزر الأخطاء والمسؤوليات. بعد أشهر، على أبواب انخراط الجيش في المواجهة المسلحة والحسم العسكري، استعاد النظام تماسك العلاقة بين الأجهزة والجيش، وتنظيم التنسيق وتعزيزه في ظلّ بقاء القرار بيد الرئيس وحده: عودة تبادل المعلومات وتقاسم الأدوار تبعاً للمهمات ووطأتها. تستعير الأجهزة جنوداً من الألوية لتنفيذ هجوم، أو تنيط بالقوات النظامية تنفيذه. في حالات أخرى أكثر تعميماً، يهاجم الجيش المسلحين بآلياته ودباباته ويقوّض بناهم وينهي وجودهم المنظم، تدخل بعده الأجهزة الأمنية لـ&laqascii117o;تنظيف" ما تبقى من هؤلاء وشنّ حملات دهم واعتقالات.
- 'السفير'
غموض 'الجيل الثاني' في الخلافة السعودية
هيفاء زعيتر:
&laqascii117o;أنهى ولي العهد السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز رحلة علاجية إلى كليفلاند في أميركا... وكانت النتائج مطمئنة"، بحسب البيان الصادر عن الديوان الملكي قبل أيام، وكان سبقه آخر أعلن عن إجراء الأمير، الذي يشغل في الوقت نفسه منصبي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، لبعض الفحوصات الطبيّة من دون أن ترد تفاصيل أخرى، فيما انتشرت شائعات عن إصابته بجلطة دماغية. خبر كهذا لا يمرّ عادياً لدى من يتابع عن كثب مسألة الخلافة في المملكة، فـ&laqascii117o;صحّة" آل سعود تندرج في مقدمة المؤشرات &laqascii117o;السياسية والاستراتيجية" لمستقبل الحكم السعودي، والتطورات المستجدة في المملكة أو &laqascii117o;المملكات"، إذا جاز التعـبير، بحكم التفرعات السياسية الداخلية في الرياض والتي توحي بوجود أكثرمن &laqascii117o;قرار" وأكثر من &laqascii117o;تيار". يبلغ عدد أبناء المؤسس عبد العزيز عبد الرحمن آل سعود 18، لكن هناك من بينهم ثلاثة من المرجّح أن يخلفوا الملك الحالي نظراً لمواقعهم الحالية وما يمارسونه من نفوذ. وفي حين استطاع الجيل الأول من أبناء المؤسس أن ينظّم الخلافة داخل صفوفه بشكل غير رسمي، أي بمعنى آخر خارج إطار المؤسسات، ستشكل مسألة الخلافة، تحت وطأة التحديات الداخلية والأزمات الخارجية المتزايدة، معضلة تهدّد استقرار الحكم وديمومته مع انتقاله إلى صفوف الجيل الجديد. فـ&laqascii117o;على الرغم من مأسسة آلية الخلافة، عبر"هيئة البيعة" التي تأسست في العام 2006، من المستبعد أن تستمر الحال على ما هي عليه على قاعدة &laqascii117o;لا مشاكل في المملكة"، نظراً لما يطفو على السطح من خلافات بين الجيل الثاني، المعروف باتساع دائرته واختلاف توجهاته واتجاهاته"، بحسب تقرير &laqascii117o;ستراتفور" الذي يناقش تعقيدات الخلافة مستقبلاً في السعودية.
&laqascii117o;السديريون" الأكثر نفوذا
في الواقع، يُعزى استقرار العلاقة بشأن القيادة في صفوف الأبناء، في جزء معيّن، إلى وجود ثلاثة فروع رئيسية داخل العائلة المالكة تمارس الرقابة على بعضها البعض. أولها فرع الملك فيصل الذي خلف الملك سعود، وثانيها فرع الملك عبد الله، أما ثالثها ففرع السديريين (نسبة إلى زوجة المؤسس الثامنة حصة بنت أحمد السديري). وفيما يبدو هذا التقسيم شديد التعقيد، إلا أنه شارك في تعزيز التوازن داخل السلطة، ومنع المئات من أحفاد الملك من اغتصابها. يضم فرع الملك فيصل وزير الخارجية الأمير سعود وأخويه حاكم مكة الأمير خالد والأمير تركي الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات بين عامي 1977 و2001. سلالة فيصل طالها ضعف واضح في السنوات الأخيرة، حيث لم يعد تركي، الذي كان سفير السعودية في أميركا وبريطانيا بين عامي 2003 و2006، يشغل حالياً أي سلطة وإن كان ما زال مؤثراً في بعض الدوائر، فيما يتولى سعود وزارة الخارجية منذ العام 1975 وهو عرضة للتنحي في أي لحظة نظراً لسنه. أما فرع الملك عبد الله فهو صغير نسبياً. وعلى الرغم من سيطرة الملك الحالي على رئاسة الحرس الوطني بين عامي 1962 و2010، بقي من دون إخوة أشقاء لديه في مناصب رئيسية، وبالتالي فإن فرعه يعتمد بشكل أساسي على الأبناء. فنجل الملك الأبرز، الأمير متعب، تولى مؤخراً رئاسة الحرس الوطني، ونجله الكبير خالد عضو في هيئة البيعة التي تدير عملية الخلافة، أما مشعل فهو حاكم منطقة نجران، فيما يشغل عبد العزيز منصب مستشار الملك في الديوان الملكي منذ العام 1989. من جهتهم، فإن السديريين يبدون الأكثر نفوذا، نظراً لأن الملك فهد، وهو من السديريين، حكم من العام 1982 حتى العام 2005. كما يضم الفرع العديد من الأمراء النافذين: ولي العهد الراحل الأمير سلطان، ولي العهد الحالي الأمير نايف، وزير الدفاع والطيران الأمير سلمان، نائب وزير الداخلية الأمير أحمد، ونائب وزير الدفاع والطيران السابق الأمير عبد الرحمن. وعلى الرغم من أن عشيرة ولي العهد أكبر عددا ونفوذا من عشيرة الملك، إلا أن الطرفين حافظا على التوازن نتيجة سيطرتهما على القوتين العسكريتين الرئيسيتين في المملكة. وكانت هذه الحال منذ تولى الملك فيصل الحكم بعد أخيه غير الشقيق الملك سعود، حيث عيّن الأمير سلطان وزيرا للدفاع والطيران والملك عبد الله رئيسا للحرس الوطني، وقد تولى الطرفان السيطرة على القوتين المنفصلتين لعقود.
&laqascii117o;هيئة البيعة"... سيف ذو حدين
بعد أن استشعر صعوبة تقاسم السلطة في المرحلة المقبلة، اقترح الملك عبد الله تشكيل هيئة البيعة في العام 2006، حيث تعنى بتسمية كل من ولي العهد والملك في محاولة لإشراك كل &laqascii117o;تيارات" المملكة بقرار الخلافة. وتتألف الهيئة من 35 عضواً، 15 منهم من أبناء المؤسس والـ19 الباقون من الأحفاد. ويحظى جميع أبناء المؤسس بالتمثيل، إما مباشرة أو عن طريق أحفاد. ويرأس الهيئة الابن الأكبر للمؤسس، وتصل الرئاسة إلى الحفيد الأكبر مع استلام الجيل الثاني للحكم، وعندما يشغر منصب أحد في الهيئة يقوم الملك بتعيين بديل، مع العلم انه لم يتبيّن ما إذا كان الملك عيّن بديلاً عن الأمير فواز بن عبد العزيز الذي توفي في العام 2008.
وعند وفاة الملك، يتولى الامير نايف الحكم، ولكن نظراً لصحته المتدهورة تصبح هوية ولي العهد الجديد محط تساؤل لا سيما على ضوء قانون هيئة البيعة الجديد الذي يقضي انه بعد الاستشارة مع الهيئة، يقدم الملك أسماء لثلاثة مرشحين كي تتم الموافقة على أحدها، ويمكن للهيئة ان ترفض جميع الأسماء وتقترح اسما رابعا غيرها، وإن رفض الملك الأخير تلجأ الهيئة إلى التصويت بين مرشحها والمرشح المفضل لدى الملك. أو يطلب الملك من الهيئة تسمية مرشح، على أن يتم التعيين خلال شهر من الوفاة. كما يلحظ قانون هيئة البيعة سيناريو محتملا مفاده عجز الملك وولي العهد عن القيام بواجباتهما في مرحلة واحدة، فتلجأ الهيئة إلى تسمية خمسة أعضاء لإدارة مجلس الحكم الانتقالي حتى يستعيد أحد الشخصين عافيته. وفي حال حكم مجلس طبي متخصص بعجز الاثنين فعلى الهيئة تعيين ملك جديد خلال سبعة أيام. أما في حال موت الاثنين معاً فتقوم الهيئة بتعيين الملك الجديد، ويمارس المجلس الانتقالي مهامه حتى استلام الملك في غضون أيام. علما أن صلاحيات ونفوذ المجلس لم يتم تحديدها بشكل دقيق حتى الساعة. لا بدّ من التذكير بأن الهيئة عاشت أولى اختباراتها مع وفاة الأمير سلطان، حيث كان من المفترض ان تعنى باختيار ولي العهد وفق الشروط التي نص عليها قانون تأسيسها. ولكن ملك الدولة النفطية يأتي على أساس شروط لم يعدّل منها شيء منذ وفاة الملك المؤسس قبل حوالي 60 عاماً، لتلتزم بها هيئة البيعة بدورها. وعزا بعض المتابعين من الداخل قرار الملك إنشاء الهيئة آنذاك إلى رغبته بإبعاد &laqascii117o;السديريين" عن ولاية العهد، إلا أن التسويق لاسم الأمير نايف خلفاً لسلطان في العام 2009، حين اشتد مرض الأخير، أحبط محاولات الملك. وقد أكد هذا الأمر أن عبد الله لم يستطع التنصل من &laqascii117o;السديريين" (من سلطان إلى نايف). من هنا، يطرح واقع أن الهيئة تشكل ساحة التجاذبات السعودية الداخلية مخاوف كبيرة عند وصول الخلافة إلى صفوف الجيل الثاني.
تنافس الأمراء يهدد الحكم!
وفي النهاية، ما يزيد طين الخلافة بلة، هو تسارع انتقال الأخيرة بين أمراء طاعنين في السن في ظلّ تأرجح المملكة بين أزمات واضطرابات إقليمية تحيطها من كل حدب وصوب. والحديث عن الاضطرابات الإقليمية ومقدار ما تشكله من مخاطر على النظام الملكي السعودي بين &laqascii117o;التهديد" النووي - الشيعي الإيراني وصعود الإخوان المسلمين وانتفاضة شيعة البحرين و&laqascii117o;قاعدة" اليمن و&laqascii117o;الأزمة" السورية وتمددها نحو الأردن ولبنان والعراق ومستقبل أفغانستان، والعلاقة مع باكستان وأمن الطاقة و&laqascii117o;القيادة" التركية... يجعل المملكة تعيش المأزق الأكثر حساسية منذ تأسيسها في العام 1744. وبينما يمتلك السعوديون الوقت للتعامل مع عدد من التحديات الخارجية، فهم لا يتمتعون بهذا الترف نفسه في مواجهة تحدياتهم الداخلية. وفيما نجح السعوديون في احتواء خطر تنظيم &laqascii117o;القاعدة" لكن ذلك كلّفهم القيام بإصلاحات جذرية، بقيادة الملك عبد الله، للنجاح في هذه المهمة. وقد أدت هذه السياسة إلى توسيع الانقسام بين المحافظين والمعتدلين، كما إلى ارتفاع الأصوات المطالبة بالتغيير والتي بلغت اوجها في سياق الربيع العربي الذي يحد من قدرة السعودية على كبح الحراك الشبابي التي بدأت بوادره تظهر في المملكة. كل ما سبق يعقد من آلية تغيير القيادة في السعودية، حيث ينظر العديد من الأمراء اليوم إلى أنفسهم كلاعبين رئيسيين في النظام السعودي المقبل. ومن هؤلاء مدير الاستخبارات الأمير مقرن، النجل الأصغر للمؤسس وعضو هيئة البيعة، وحاكم محافظة مكة الأمير خالد بن فيصل، ورئيس الحرس الوطني الامير متعب بن عبد الله، ومساعد وزير الداخلية ورئيس مكافحة الإرهاب في المملكة الأمير محمد بن نايف. وفيما يعرف سلمان كآخر أولياء العهد المرشحين من الجيل الأول، فإن مرحلة ما بعد سلمان تحمل الكثير من المفاجآت نظراً لحجم التنافس القائم بين &laqascii117o;مرشحي" الجيل الثاني والحساسيات المستفحلة في أروقة القصور الملكية.
- 'السفير'
زيادة كبيرة في الواردات السورية
المعهـد الدولـي لأبحـاث السـلام: آسيا أكبر مستورد للأسلحة في العالم
ذكر &laqascii117o;المعهد الدولي لأبحاث السلام" في استوكهولم، أمس، أن سوق التسلح في آسيا شهد نشاطاً كبيراً بين العامين 2007 و2011 مع تصنيف الهند أول مستورد في العالم وتحول الصين إلى دولة مصدرة. وأظهر أن 72 في المئة من واردات الأسلحة السورية مصدرها روسيا، وأن سوريا زادت بنسبة 580 في المئة وارداتها من الأسلحة من حيث الحجم بين العامين 2007 و2011، عن الحقبة التي سبقتها. وأفاد المعهد، في تقرير نشر أمس، انه بين العامين 2007 و2011 كانت آسيا وأوقيانيا تضمان 44 في المئة من الواردات العالمية من الأسلحة التقليدية من حيث الحجم متقدمة بفارق كبير على أوروبا (19 في المئة) والشرق الأوسط (17 في المئة) والأميركتين (11 في المئة) وأفريقيا (9 في المئة). وعلى الصعيد العالمي فإن نقل الأسلحة ارتفع بنسبة 24 في المئة خلال الخمس سنوات الماضية مقارنة مع الفترة بين العامين 2002 و2006. وشكلت الهند، اكبر مستورد في العالم، 10 في المئة من الواردات العالمية متقدمة على كوريا الجنوبية (6 في المئة) وباكستان والصين (5 في المئة) وسنغافورة (4 في المئة). وقال احد معدي التقرير بيتر ويزمن إن &laqascii117o;ابرز الدول المستوردة في آسيا تسعى إلى تطوير صناعتها الخاصة من الأسلحة بهدف خفض اعتمادها على مصادر إمداد خارجية". وأوضح المعهد أن الصين، التي كانت أول مستورد بين العامين 2006 و2007، تراجعت إلى المرتبة الرابعة و&laqascii117o;تزامن هذا التراجع مع تقدم صناعة الأسلحة الصينية وصادراتها من الأسلحة". لكن إلى جانب باكستان، التي تعتبر ابرز مستورد منها، فإن &laqascii117o;الصين لم تحقق بعد تقدما كبيرا في سوق أخرى مهمة"، كما قال مدير برنامج الأبحاث في المعهد حول حركة الأسلحة بول هولتوم. وصادرات الأسلحة الصينية سجلت ارتفاعا بنسبة 95 في المئة بين فترتي الخمسة أعوام التي تمت مقارنتها، ما جعل الصين المصدر السادس للأسلحة خلف بريطانيا مباشرة. وأضاف المعهد إن ابرز الدول المصدرة للأسلحة بين العامين 2007 و2011 بقيت الولايات المتحدة (30 في المئة) وروسيا (24 في المئة) وألمانيا (9 في المئة) وفرنسا (8 في المئة). ومع بريطانيا (4 في المئة) تكون هذه الدول شكلت 75 في المئة من صــادرات الأسلحة من حيث الحجم مقابل 78 في المئة في السنوات الخمس السابقة. وأكد المعد الآخر للتقرير مارك بروملي أن &laqascii117o;الربيع العربي لم يترك سوى اثر طفيف على سوق التسلح، على الرغم من أن نقل الأسلحة إلى الدول المعنية أثار جدلاً علنياً وبرلمانياً في عدد من الدول المزودة بالأسلحة". وأظهر التقرير أن الولايات المتحدة أعادت النظر في سياسة تسليم أسلحة إلى المنطقة، لكنها تبقى رغم ذلك احد ابرز مزودي الاسلحة لتونس ومصر، موضحاً ان &laqascii117o;الولايات المتحدة سلمت 45 دبابة من نوع ابرامز إلى مصر في العام 2011 ووقعت اتفاقا لتسليمها 125 دبابة أخرى". وأظهر التقرير أن 72 في المئة من واردات الأسلحة السورية مصدرها روسيا في الفترة بين العامين 2007 و2011، وخصوصاً العام 2011 مع تقديم بطاريات صواريخ ارض - جو من نوع &laqascii117o;بوك - ام 2 أي" وبطاريات الدفاع &laqascii117o;باستيون". ووقع البلدان السنة الماضية اتفاقاً لتسليم سوريا 36 طائرة مقاتلة وتدريب من نوع &laqascii117o;ياك -130". وكشف المعهد أن سوريا زادت بنسبة 580 في المئة وارداتها من الأسلحة من حيث الحجم بين العامين 2007 و2011، عن الحقــبة التي سبقتها وهي بين العامين 2002 و2006. وطلبت السعودية السنة الماضية من الولايات المتحدة 154 مقاتلة من نوع &laqascii117o;اف 15" ما يشكل &laqascii117o;ليس فقط اكبر طلبية أسلحة من قبل دولة في العام 2011 لكن ايضا اكبر عقد مبيعات اسلحة يبرم بين دولتين خلال السنوات العشرين الماضية". وتقدمت فنزويلا من المرتبة 46 إلى المرتبة 15 لأكبر الدول المستوردة للسلاح، مع ارتفاع بلغت نسبته 555 في المئة في وارداتها في الفترة بين العامين 2007 و2011، عن الفترة التي سبقتها. ودراسة المعهد، التي تقارن نقل الأسلحة من حيث الحجم وليس القيمة، تأخذ في الاعتبار فترة خمس سنوات بهدف إعطاء رقم أكثر استقراراً لسوق متقلبة من سنة إلى أخرى.
-'السفير'
الذكرى التاسعة لبدء الغزو الأميركي للعراق (3)
مسيحيو أرض الرافدين.. من أنزل بهم الخراب؟
امين ناصر:
كنيسة في الموصل بعد إقفالها. يُذكر أن كنائس الموصل تعرضت لسلسلة من الاعتداءات في العام 2009، إلى جانب كنائس أخرى في بغداد وكركوك.
ماذا حلّ بمسيحيي العراق بعد عقد من الزمن على الاحتلال وبعد أن صار العراق من دون وجود أميركي؟ وإلام آل مصيرهم، ولماذا طاردتهم وطردتهم الأجندات والميليشيات في أرض الرافدين؟ من ساعد في تنفيذ ما حُكي عنه من إفراغ الشرق من مسيحييه؟ تهجير أصل الحضارة العراقية من الكلدان الآشوريين من أرضهم وإرثهم وتاريخهم، يصبّ لمصلحة مَن؟ وبتفويض ممّن؟ أو بسؤال أبسط: مَن المستفيد من ضرب أناس لا يملكون قطعة سلاح أو يشكلون طرفاً في نزاع؟ من ضرب ديانة أساسية في نشأة الوجود العراقي وحضاراته المتعاقبة؟ من تبقى في الداخل من مسيحيي العراق ومن غادر، يومئ بإصبعه اليوم إلى دول جوار العراق كما إلى الاحتلال الأميركي، بحسب رئيس الكتلة الآشورية في البرلمان العراقي نيونادم كنا، الذي لم يغفل في حديثه لـ&laqascii117o;السفير" من الإشارة إلى دول التطرف الديني في المنطقة، وتحديداً السعودية، ودورها في التحريض على قتل &laqascii117o;الصليبيين"، فيما يهدّد بإشعال حرب طائفية في المنطقة برمّتها. خير دليل على التغيرات الديموغرافية التي رافقت الولادة القيصرية لعراق ما بعد السقوط، كان مغادرة أبناء سومر واكاد وأور وآشور حاضنتهم الأم، مكرهين بفعل عنف الإرهاب والاحتلال، بعد أن مزقا الوصال الذي نسجته عوامل تاريخية وإنسانية ولحمة اخلاقية. من تبقى من مسيحيي العراق، بعد حادثة كنيسة &laqascii117o;سيدة النجاة" وقبلها، يعيشون قلقاً مستمراً أفرزته التجربة المستوردة. تجربة بلغ فيها التطرّف حدّ قتل الناس في بيوت الله، متجاهلاً ما نصّ عليه القرآن من عدم المساس بأهل الكتاب، الذين خطت أناملهم أول دساتير العراق قبل دولة الخلفاء والأولياء ورجال الدين والمعممين. وبعيداً عن جدليّة المعسكرين، المعتدل والمتطرف، ثمة أسئلة جمّة تكمن بين التفاصيل، كتلك التي عاشها العراق إبان أيام &laqascii117o;الفرهود"، حيث منهجة عمليات التهجير لليهود من مستقراتهم وتفجير أديرتهم. الهجمة الممنهجة على مسيحيي العراق، هي كتلك التي نظمت في أربعينيات القرن الماضي، حين عملت الصهيونية كحركة عنصرية، بعد اجتماعات هيأ لها الغرب لإفراغ الشرق في مرحلة أولى من اليهود، ومن ثم نقلهم إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. استفاق مسيحيو العراق بعد العام 2003 على آية &laqascii117o;اقتلوهم حيث ثقفتموهم" مرسومة على كنائسهم وأديرتهم ومنازلهم، وتعرضوا كبقية أبناء البلاد لأسوأ أنواع العنف والقتل والتشريد. وبعد ان كانت لهم أعيادهم وطقوسم ورهبانهم وكنائسهم، التي يفوق عددها الـ 500 كنيسة، لم يبق لهم من الرهبان والكنائس إلا ما قد يعد على أصابع اليد الواحدة. الاعتداءات بالنسبة لمسيحيي العراق تقف وراءها إصبع خارجية. لكن حين يسمي نيونادم كنا هذه الإصبع الخفية &laqascii117o;متحفظاً" يصبح الأمر أكثر إثارة للريبة. ويصبح السؤال الأهم: من المسؤول عن طيّ هذا الملف والحرص على عدم فتحه؟ كانت بداية الهجرة من بغداد ثم امتدت إلى جنوب العراق وشماله، علماً أن المسيحيين فوجئوا في الشمال بأن العمليات ضدّهم أكثر تنظيماً وبوليسية وتهويلاً، حيث حرقت الكنائس وقتل الرهبان في الإقليم الذي تفرض قوات البيشمركة الكردية سلطتها عليه. ثم حوصروا مجدّداً في سهل نينوى، وضربت مناطقهم بقنابل وسيارات محملة بآلاف الأطنان من المتفجرات، بدءاً من تل سقف مروراً بتل كيف والموصل. &laqascii117o;السفير" جالت في أحياء بغداد المسيحية، في بغداد الجديدة وكرادة مريم والبتاوين والدورة وحي الآشوريين، فضلاً عن كنيسة &laqascii117o;سيدة النجاة" في كهرمانة، ورصدت ما حلّ بهذه الأحياء من خراب. كما تحدثت إلى رئيس الحركة الآشورية في البرلمان العراقي وفتحت معه ملف استهداف المسيحيين، كما سألت عن أعداد المتبقين منهم، وسبل حمايتهم، فضلاً عن الدور الغربي، والأميركي تحديداً، في هذا الخصوص. تحدث رئيس الحركة عن مشروع مرتبط باستهداف العملية السياسية في العراق، مشيراً إلى أن البعض، ممن ينفذ أجندات خارجية في العراق بعد العام 2003، اعتبر بأن مسيحيي العراق يرتبطون ارتباطاً وثيقاً بمسار التغيير، الأمر الذي أدى إلى ضربهم، لزعزعة امن العراق وصولاً إلى الفتنة المرجوة. أما ما حدث بعد العام 2005، فهو بدء عصابات التطرف بالاعتداء على المكون المسيحي، وتحديداً في يوم 15 آب، ذكرى انتقال السيدة العذراء، حيث كان من المفترض ان يعلن عن دستور العراق الجديد، تم استهداف سبع كنائس: خمس في بغداد واثنتان في الموصل. وكان واضحاً بشكل جليّ أن الأهداف سياسية لجذب انتباه الرأي العام العالمي وضرب العملية السياسية. لم يكن حينها القتل هو الهدف بقدر ما كان الترويع، ولكن مع وصول موجة &laqascii117o;الإرهاب الإقليمي"، بدأت تلاحق المسيحيين في بغداد وجنوبها وشمالها حتى نينوى، وبدأ الاستهداف على الهوية حيث وصل معدل القتل اليومي في بغداد إلى 180 جثة مجهولة هوية القاتل والمقتول. &laqascii117o;شملتنا حملات الإبادة هذه على خلفيات دينية، بالتأكيد من قبل جماعات خارجية إرهابية ومبرمجة، ضمن أجندات سياسية أو دينية طائفية ومذهبية" يؤكد كنا، مضيفاً &laqascii117o;أما آخر هذه الحملات فكان أبشعها استهداف كنيسة سيدة النجاة، الذي وقف وراءه بعض تيارات دول الجوار التي كانت لهم اليد الطولى في هذه الجرائم لضرب وحدة المجتمع العراقي". كنا أشار إلى &laqascii117o;الدور السافر" الذي لعبته الميليشيات الأميركية ومرتزقة قوات الاحتلال، على حدّ قوله، واصفاً إياه بـ&laqascii117o;الدور الأغرب، لا بل الأخطر، في المساعدة على ضرب المسيحيين وسرقة تراثهم من المتحف العراقي وعدم حمايتهم". ثم تساءل &laqascii117o;ما هي المصلحة الأميركية في قصف المتحف الوطني العراقي وفي إحراق دار الحكمة ودار الوثائق العراقية كما ودوائر السجلات ومراكز الهوية العراقية؟"، ليؤكد أن &laqascii117o;من بين من جيء بهم ضمن جيش الاحتلال وقواته، كانت هنالك ميليشيات تطوعت في داخل الجيش الأميركي، لديها أجندات تنفذها لمصلحة دول ما وراء الجوار، وليس لأميركا فحسب". ويضيف السياسي الآشوري قائلاً &laqascii117o;كان لدى البعض ممن كان في صفوف الجيش الأميركي حقد على العراق، وهذا موثق لدينا بالدليل وليس كلاماً تحليلياً فحسب. لأن المتحف العراقي تاريخ العراق بابل وآشور أسقطته ودمّرته الدبابة الأميركية". إضافة إلى ذلك، ان الصراعات الموجودة بين دول الجوار بين بعضها البعض ومع العراق، دفعت بعض هذه الدول إلى استغلال لحظة السقوط أو التغيير لتعيث في الأرض فساداً. في هذا الإطار يشدد كنا قائلاً &laqascii117o;نحن لسنا كاليهود العراقيين أو غيرهم كي نهاجر بسهولة. فاليهود قسم منهم لم يكونوا من سكان العراق الأصليين والآخر كان موجوداً منذ أيام السبي البابلي. لكننا اليوم ضحايا، والجماعات التي تهجرنا معادية وليست منا، واي دعوات لإخراجنا من العراق مرفوضة". وتحدث كنا عن الدور السلبي الذي لعبته دول الجوار في عمليات العنف ضد مسيحيي العراق، مشيراً الى السعودية والجماعات التي تربت فيهــا، برعايــة علنية من قبل بعض مؤسسات التطرف الســني الذي تحملت رعايته المملكة، وفق برامج نقل الصــراع الى الخــارج، وكان العراق ضحية تلك الأزمــات. وفــي هذا الإطار، أكد أن من قاد عملية الإبـادة في كنيــسة &laqascii117o;سيدة النجاة" كان سعودياً. وعن أسباب تعرض المسيحيين في الاقليم الكردي الى هجمات عنف وتهجير، لا سيما أن قوات البيشمركة هي المسؤولة عن أمن الإقليم، قال &laqascii117o;في الشمال العراقي، وما يتداخل بهذا الاقليم من مدن وقرى أخرى غير منضوية تحت حكم الاقليم العسكري او الأمني أو الميلشياوي، ضاع الامر واختفت المسؤولية. فقوات التحالف موجودة، والقوات العراقية كما قوات البيشــمركة الكــردية، وقوات أخرى خفية سواء ارهابية ام من بقايا البعــث السابق في المنطقة.. كلها اسهم في الاعتداء على الوجود المسيحي في الشمال". وعن دعوة رئيس جمهورية العراق جلال طالباني مسيحيي العراق للانتقال الى العيش في الاقليم، والتي عدّها البعض خرقاً واضحاً واستخفافاً بهذا المكون العراقي الاصيل، حيث وجب على الرئيس العراقي دعوتهم الى البقاء في منازلهم وكنائسم وأحيائهم ومدنهم وقراهم، علق كنا مستغرباً &laqascii117o;لعل الرئيس يتصور ان هنالك ثمة استقراراً امنياً في الاقليم للمسيحيين. لكن الهجرة مستمرة، فمن لجأ الى الاقليم لم يبق سنة او سنتين ليهاجر بعدها، بسبب انعدام فرص العمل والعيش الكريم، وذلك بسبب التمييز الواضح من الأحزاب الحاكمة هناك". ويتابع &laqascii117o;اليوم ثبت لنا بالدليل أن في الشمال العراقي ثمة احزاباً معينة، هي من كانت تقف وراء الاعتداءات في الموصل. وهذه الأدلة والملفات ستخرج قريباً جداً". في الواقع، إن التشدد الخارجي والتوجه الاصولي الجديد لإفراغ المنطقة من مسيحييها، ارتكز مخططه وثقله على الساحة العراقية، لاضطراب الوضع وغياب الوعي الحكومي او هشاشة الدولة العراقية في الدفاع عن السكان الاصليين في بلاد ما بين النهرين. يضاف الى ذلك تورط مسؤولين عراقيين كبار في عملية التهجير، من أجل الاستيلاء على بيوت المهجرين المسيحيين بأسعار بخسة. وعلى هذا يعلق كنا بالقول &laqascii117o;نحن كعراقيين أصليين لا نريد ان يحمينا احد، عدا القانون وحده"، مردفاً &laqascii117o;فرضوا علينا في العراق تغيير ديننا او الرحيل. وتصور ان يكون عراق بلا مسيحيين. اعتقد أنه سيكون قندهار ثانية. مع العلم أنه عندما حدثت جريمة سيدة النجاة، اتصلت بأكبر الزعماء السياسيين والذي كان تحكم ميليشياته المنطقة، وقال إنه سحب ميليشياته من محيط الكنيسة وتم تسليم أمن المنطقة الى الداخلية العراقية. اي عندما حكمت الحكومة حصلت الاختراقات. نعم كانت ميليشيات بدر هي من تحكم، وكان التعايش أسلم وأفضل بين المسلمين والمسيحيين. لكن هذا لا يعني في أي حال أن الميليشيات افضل". وعن نسبة الهجرة بين مسيحيي العراق، قال رئيس القائمة الآشورية في البرلمان العراقي &laqascii117o;كان تعداد المسيحيين في إحصاء العام 1997 قرابة المليون والثلاثمئة الف تقريباً، اي بنسبة 2 في المئة من نسبة السكان العراقيين الإجمالية. لم يبق منهم الآن الا 650 الى 700 الف، اي ان نسبة الذين غادروا تفوق النصــف. علماً ان الذيــن هاجــروا ووصلوا الى اوروبا يعيشون وضعاً اقتصــادياً واجتــماعياً صعباً". أما نسب القتل العشوائي فكانت تفوق الالف مسيحي او اكثر في عموم العراق، من بينهم عشرة رجال دين مهمين يترأسهم الشهيد المطران فرج رحو في الموصل وآباء أجلاء آخرون في &laqascii117o;سيدة النجاة"، كما اساتذة جامعيين واطباء، حسب كنا الذي يعلّق قائلاً إن &laqascii117o;المشكلة تكمن في البيروقراطية التي تتبعها الحكومة، والفساد المالي والاداري الذي اغفل حتى اللحظة التعويض على ذوي الضحايا، والتحقيق في مصير المخطوفين او اعادة بناء ما دمّر من بيوت الدين والكنائس... وهي مشكلة أورثها الاحتلال الذي الغى وزارة الشؤون الدينية، وحوّلتها الادارات العراقية المتعاقبة الى وقفين شيعي وآخر سني، وهمّش المسيحي في حقوقه كما الايزيدي والصابئي المندائي". وختم كنا بالدعوة إلى &laqascii117o;اعادة ترميم البيت المسيحي العراقي، ابتداء من كنيسة &laqascii117o;سيدة النجاة"، التي شكلت لترميمها هيئة رسمية عليا، رصدت مبلغاً لإعمارها يفوق المليونين ونصف المليون دولار، كما من المقرّر أن تدخل كرمز في العملة العراقية المقبلة".