- 'النهار'
تقرير أوروبي: سقوط الأسد لا مفرّ منه و'رياح جديدة' لـ'ثورة الأرز'
'حزب الله' يتكيّف والتغيير يتعزّز في حال بلغ الاضطراب إيران
هل تولّد التحولات 'رياحاً جديدة' لـ'ثورة الارز'؟
ريتا صفير:
على رغم الستاتيكو الذي يفرضه تواصل الوساطات العربية والدولية، تعكف مراكز الدراسات الغربية على درس التداعيات المرتقبة للتحولات الجارية في 'الربيع العربي' على دول المنطقة عموما وعلى علاقتها بدول المحيط خصوصا. وفي ظل الترابط القائم بين المنطقة وجوارها الاوروبي، ولا سيما على مستوى الاستقرار والامن، تتركز الجهود على رصد التأثيرات الناجمة عن الاحداث وفي مقدمها تلك التي يمكن ان يتركها اي تحول ممكن للنظام في سوريا على دول الجوار وضمنها لبنان. وفي تقرير نشرته 'لجنة الدراسات الاورو متوسطية' ('اورومسكو') مجموعة سيناريوات يتوقع ان تجد طريقها الى التنفيذ في الفترة المقبلة. ابرزها، مواصلة الاحداث في سوريا وانتقال تداعياتها السلبية الى لبنان، في ظل غياب تدخل دولي قوي وخلق 'مناطق آمنة'. اما على المدى الطويل، فيتحدث التقرير عن نتائج متوقعة اهمها 'ان سقوط الاسد يبدو الى حد ما لا مفر منه (...) ما من شأنه ان يوفر 'رياحا جديدة' لـ'ثورة الارز' ويحد من دور سوريا غير المتكافئ في السياسة اللبنانية الداخلية'. ويفرد التقرير جزءا من تقويمه لـ'حزب الله' الذي 'سيدفع ثمنا لناحية شعبيته وشرعيته' كما يقول، الا انه من غير المحتمل ان يؤدي زوال الدعم السياسي لهذه المجموعة، الى انهيارها، 'وبفضل قوة الحزب العسكرية وشراكته مع ايران وقدرته على اعادة تكوين ذاته، يبدو قادرا على تجاوز الازمة'. ومعلوم ان 'اورومسكو' تضم 61 معهدا من 33 دولة تشكل جزءا من &ldqascii117o;الاتحاد من اجل المتوسط&rdqascii117o;، ومركزه راهنا المعهد الاوروبي للمتوسط في برشلونة. ومن ابرز ما تضمنه التقرير: &ldqascii117o;استخدم مؤيدو &ldqascii117o;ثورة الارز&rdqascii117o; الحركة السياسية والمدنية الناشئة في لبنان كنموذج محتمل للديموقراطية وعملية &ldqascii117o;الدمقرطة&rdqascii117o; في المنطقة. الا ان هذا الافتراض بدا ضعيفا، ولا سيما ان العملية السياسية في مرحلة ما بعد 2005 لم تقلع في شكل كامل. ففي ظل الانقسام السياسي الحاد بين فريقي 8 و14 آذار، لم يتمكن لبنان من حل مشكلاته المؤسساتية والبنيوية، كما ان الانخراط المتواصل والقوي للاعبين الاقليميين في السياسة اللبنانية الداخلية ولا سيما سوريا وايران والمملكة العربية السعودية، ابرز الصعوبات في التوصل الى استقلال حقيقي (...) ان انبعاث &ldqascii117o;الربيع العربي&rdqascii117o; وبقاء لبنان في منأى عنه ادهش مراقبين كثرا. اذ بدت البلاد عالقة في ماضيها وفي ألعابها الطائفية القديمة. كما انها شهدت تهميشا للقوى السياسية التي قادت &ldqascii117o;ثورة الارز&rdqascii117o; مع عودة حكومة موالية لسوريا بقيادة الثلاثي &ldqascii117o;امل&rdqascii117o; و&rdqascii117o;حزب الله&rdqascii117o; و&rdqascii117o;التيار الوطني الحر&rdqascii117o; (...) من هنا امكن تسجيل الملاحظات الآتية: اولا، ومنذ بدء الثورة في تونس، انخرط لبنان في النقاش الاقليمي حيال القيم والتطلعات والنماذج المتوخاة للشرق الاوسط. وقد اظهر ذلك ان &ldqascii117o;للربيع العربي&rdqascii117o;اثرا ايديولوجيا مباشرا على البلاد ومستقبلها.
ثانيا، بدا التوازن الداخلي اللبناني مرتبطا في شكل وثيق مع سوريا. من هنا كان للنزاع الداخلي بين الاسد والقوى السياسية في البلاد اثر على لبنان واستقراره الداخلي. كما ان الصراع الداخلي في سوريا صب الزيت على النار، ما زاد المواجهات بين فريقي الصراع في لبنان في ظل الخلاف حول المحكمة الدولية.
يبدو ان التدهور القائم بين السنة والشيعة ليس كافيا للكلام عن تصاعد حقيقي في العنف الطائفي. كما ان الدور الذي يجب ان يؤديه لبنان حيال الاوضاع في سوريا ساهم في زعزعة الحكومة. فغياب الاتفاق الداخلي على الاوضاع في سوريا لن يشكل وحده عنصرا كافيا يؤدي الى اسقاط الحكومة. الا انه اذا ما اضيف الى مسائل خلافية اخرى كموقف لبنان من المحكمة الدولية، فثمة احتمال لتهديد وحدة الحكومة واستقرارها.
ثالثا، ان العنف الداخلي المتواصل وعدم الاستقرار في سوريا يؤثر في شكل مباشر على الامن في لبنان. برز ذلك من خلال احداث اطلاق النار على الحدود، فضلا عن اعمال خطف غامضة لمعارضين سوريين في لبنان.
رابعا، يعاني لبنان اقتصاديا من الازمة السورية والعقوبات المفروضة على نظام الاسد ولا سيما ان ثلث التجارة فيه يتم مع دمشق او يتم نقلها عبرها. خامسا، تأثر لبنان بالتحولات الاجتماعية والسياسية الحاصلة في المنطقة. ويبدو واضحا ان هذا الاثر يأتي في شكل وثيق نتيجة ارتباطه تاريخيا بعلاقات وثيقة اجتماعيا وسياسيا واستراتيجيا واقتصاديا مع سوريا. من هنا، من المتوقع ان يواصل لبنان في الاشهر المقبلة تأثره بتداعيات التشنج المتنامي والصراع الداخلي في سوريا، على المستوى الامني والاقتصادي، فضلا عن تماسكه داخليا، وذلك ناتج من ان قرار انتقال سلمي وهادئ للازمة السورية لا يبدو على الطاولة اليوم. من الواضح انه رغم عدم شعبية النظام في سوريا وشبه عزلته دوليا، الا ان بامكانه الاعتماد على جيش نظامي ملتزم ومتماسك، فيما تبدو قوى المعارضة السورية - رغم شعبيتها وتنامي قدراتها العسكرية والسياسية – تفتقر الى قيادة سياسية قوية وتماسك. اكثر من ذلك، فهي لا تزال تفتقر الى دعم خارجي قوي من شأنه ان يقلب موازين القوى لمصلحتها. على المدى القصير، يمكن القول انه في ظل غياب تدخل دولي قوي وخلق &ldqascii117o;مناطق آمنة&rdqascii117o;، فان السيناريو الاكثر ترجيحا يتمثل في مواصلة الاعتداءات مع تأثيرات قوية على المدنيين، وتداعيات سلبية على لبنان. الا انه على المدى الطويل فان سقوط الاسد يبدو الى حد ما لا مفر منه. ونتيجة ذلك، سيكون لتبدل النظام في سوريا اثر مباشر على لبنان، الامر الذي من شأنه ان يوفر &ldqascii117o;رياحا جديدة&rdqascii117o; لـ&rdqascii117o;ثورة الارز&rdqascii117o; ويحد من دور سوريا غير المتكافئ في السياسة اللبنانية الداخلية. كما انه يؤدي الى تمكين قوى 14 آذار من تحقيق تعديلات في الاوراق السياسية اللبنانية، وربما يعود بالفائدة ايضا على دول كالمملكة العربية السعودية كونها أحد داعمي هذه القوى. وعلى العكس، فان احزابا كـ&rdqascii117o;حزب الله&rdqascii117o;، ستدفع ثمنا لناحية شعبيتها وشرعيتها. الا ان زوال الدعم السياسي لهذه المجموعة من غير المحتمل ان يؤدي الى انهيارها. فبفضل قوة الحزب العسكرية وشراكته مع ايران وقدرته على اعادة تكوين ذاته والتكيف مع التحولات السياسية، يبدو الحزب قادرا على تجاوز الازمة. سقوط الاسد المحتمل مستقبلا قد يغير قواعد اللعبة داخليا، وبالطبع فان هذا الواقع سيتعزز بنوع خاص، في حال بلغ الاضطراب الاقليمي المتواصل ايران، الامر الذي لا يبدو مرجحا اليوم&rdqascii117o;.
- 'السفير'
تقرير لسيمور هيرش في 'نيويوركر'
احتضان أميركي ـ إسرائيلي لـ'مجاهدي خلق': تدريبات في نيفادا... وإرهاب مستمر داخل إيران
كشف الصحافي الشهير سيمور هيرش، نقلاً عن مصادر استخباراتية أميركية، عن قيام الجيش الأميركي وجهاز الاستخبارات الإسرائيلي بتدريب وتسليح عناصر من منظمة &laqascii117o;خلق" الإيرانية، التي تدرجها واشنطن على لائحة المنظمات الإرهابية، وذلك خلال إدارة الرئيس السابق جورج بوش. ويشير هيرش، في تقرير نشره في مجلة &laqascii117o;نيويوركر" الأميركية، إلى أن &laqascii117o;من يُعرفون بمجاهدي خلق قد حصلوا على تدريب مكثف من قبل قيادة العمليات الخاصة المشتركة التابعة لوزارة الدفاع الأميركية"، موضحاً أن &laqascii117o;التدريب حصل بشكل سري في موقع تابع لوزارة الطاقة الأميركية في نيفادا، وقد بدأ في العام 2005". ووفقاً للتقرير تأسست جماعة مجاهدي خلق &laqascii117o;بواسطة طلاب جامعيين يساريين كجماعة إسلامية ماركسية في العام 1965، وشكلت جزءاً من الحركة الواسعة التي قادت إلى إسقاط نظام الشاه، ولكنها دخلت في السنوات اللاحقة في حرب داخلية دموية مع السلطة الدينية الحاكمة، وفي العام 1997 أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية". ويضيف التقرير"في العام 2002، اكتسبت المنظمة نوعاً من المصداقية الدولية بعد كشفها عن قيام إيران بتخصيب اليورانيوم في موقع سري تحت الأرض، وهذا ما أكده لهيرش في وقت لاحق محمد البرادعي، الذي كان يرأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بقوله إن الموساد كان وراء تسريب هذه المعلومات". ويشير هيرش إلى أن &laqascii117o;العلاقات بين المنظمة وأميركا توطدت بعد سقوط النظام العراقي في العام 2003، وبدأت قيادة العمليات الخاصة المشتركة التابعة لوزارة الدفاع الأميركية تعمل لإثبات صحة مخاوف بوش من أن إيران تسعى لبناء القنبلة، حينها وصلت الأموال بشكل سري إلى مجموعة من المنظمات المنشقة من أجل خدمات الاستخبارات ودعم الأنشطة الإرهابية المناهضة للنظام". وهكذا &laqascii117o;وصل السلاح والموارد إلى مجاهدي خلق، يعلّق هيرش الذي يؤكد، نقلاً عن مسؤولي استخبارات حاليين وسابقين وعن مستشارين عسكريين، أن أميركا ما زالت تدعم بعض العمليات السرية داخل إيران حتى اليوم". ويعتبر هيرش أن &laqascii117o;العلاقات المتنامية بين الطرفين لم تنجح في سحب &laqascii117o;مجاهدي خلق" من دائرة المنظمات الإرهابية"، مشيراً أن &laqascii117o;لهذا السبب كان من الضروري الحفاظ على سرية التدريبات في نيفادا". وأشار التقرير إلى أن &laqascii117o;تدريبات مجاهدي خلق تمّ القيام بها كجزء من استراتيجية الحرب التي بدأتها إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش فيما يعرف بالحرب ضد الإرهاب، وانتهت قبل تولي الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما سدة الرئاسة". وينقل عن جنرال متقاعد بأربع نجوم، وهو كان مستشاراً لإدارتي بوش وأوباما في شؤون الأمن القومي، كشفه أنه &laqascii117o;تلقى معلومات في العام 2005 بشأن تدريب عناصر من مجاهدي خلق"، موضحاً أنهم يتلقون &laqascii117o;التدريبات الأساسية لفترة تمتد إلى ستة أشهر". وينقل هيرش عن العميل المتقاعد في &laqascii117o;السي آي إيه" روبرت باير، وهو ضليع باللغة العربية وعمل طويلا في الشرق الأوسط، قوله إن &laqascii117o;إدارة بوش طلبت منه مساعدة مجاهدي خلق على جمع معلومات استخباراتية عن برنامج إيران النووي". ويتابع باير" تبيّن حينها أن العملية طويلة المدى وليست مجرّد خطة مؤقتة". كما ينقل عن خبير المعلوماتية مسعود خودبندي، وهو كان مسؤولا في المنظمة حتى انشقاقه في العام 1996، روايته بأنه &laqascii117o;بقي حتى العام 1996، كخبير معلوماتية، منخرطاً في أنشطة المنظمة الاستخباراتية كما في تأمين الحماية للمنظمة". ويقول هيرش إن خودبندي &laqascii117o;أبلغه انه علم من خلال منشقين آخرين عن تلقي عناصر المنظمة التدريب في نيفادا، علماً أن الأخير تضمن أكثر من الحفاظ على الاتصال أثناء الهجمات بل اعتراض الاتصالات أيضاً". ونقل التقرير عن مصادر، طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، قولها إنه &laqascii117o;تم تدريب عناصر تنظيم خلق على كيفية التنصت على المحادثات الهاتفية والرسائل النصية التي يتم تداولها داخل إيران، حيث يقومون بعد ذلك بترجمتها ومشاركتها مع مسؤولي الاستخبارات الأميركية". وفيما يذكّر هيرش باغتيالات العلماء الإيرانيين التي تمت في السنوات الماضية، يؤكد أن مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة أوباما أكدا أن الهجمات نفذها عناصر من مجاهدي خلق ومولها &laqascii117o;الموساد" الإسرائيلي، فيما نفيا أي تورط لإدارة أوباما في الأمر، ولكن أحد مسؤولي الاستخبارات السابقين أكد أن العمليات استفادت من دعم الاستخبارات الأميركية، مضيفاً أن الهدف لم يكن &laqascii117o;الأينشتانيون" (نسبة إلى أينشتاين) بل &laqascii117o;ضرب الروح المعنوية الإيرانية، واستهداف منشآت تخصيب اليورانيوم ومحطات الطاقة في طهران". ويختم هيرش في النهاية بالقول إن &laqascii117o;مصادره لا تعرف ما إذا كان من تدربوا في نيفادا يشاركون في عمليات حالياً في إيران أو في أماكن أخرى"، لكنهم يشيرون إلى حجم المنفعة التي تلقتها المنظمة من أميركا بالقول &laqascii117o;كان مجاهدو خلق مجرّد مهزلة.. فيما باتوا اليوم يمتلكون شبكة حقيقية داخل إيران، وهم يمتلكون اليوم القدرة على تنفيذ عمليات ناجحة أكثر من قبل". ويعلّق الكاتب في مجلة &laqascii117o;ذا أتلانتيك" ماكس فيشر، من جهته، على تقرير هيرش قائلاً إن &laqascii117o;أميركا بمساعدتها للإرهابيين الإيرانيين ترتكب الخطأ الفادح نفسه". ويكتب قائلاً إن &laqascii117o;السياسة الأميركية يمكن أن تصبح أكثر تعقيداً. ففي العام 1980، دعمت أميركا الدكتاتور العراقي صدام حسين لأنه كان العدو الأعظم لعدوتنا إيران، ثم اجتاحت القوات الأميركية بلاده في العام 2003 وقتلته، لأسباب من بينها دعمه للإرهاب"، مضيفاً &laqascii117o;صدام كان يدعم مجاهدي خلق، والآن العديد من المسؤولين الأميركيين ينادون بدعمهم لأنهم أعداء إيران". ويضيف فيشر موضحاً &laqascii117o;حتى لو كان هيرش على خطأ بشأن الدعم الأميركي، إلا أن هناك لائحة طويلة من المسؤولين الأميركيين الذين يطالبون بجعله على حقّ.. ومنهم أعضاء ما يسمى &laqascii117o;لوبي مجاهدي خلق" الذي يضم عناصر من &laqascii117o;السي آي إيه" و&laqascii117o;الأف بي آي" وغيرهم الذين ينادون بشطب المنظمة عن لائحة الإرهاب". ويلفت فيشر إلى ان الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل في تمويل المتمردين والإرهابيين كي يحاربوا أعداءنا بدلاً عنا، ويستشهد بمثال تمويل أميركا للمحاربين ضد السوفيات في أفغانستان، والذين انقلبوا في وقت لاحق عليها. كما يمكن أن يسهم هذا الأمر، برأي فيشر، بتعقيد الوضع مع الشعب الإيراني الذي يطمح المسؤولون الأميركيون لجذبه إلى ناحيتهم، فـ&laqascii117o;كيف تدعم أميركا منظمة هم يرون أنها تهاجمهم وتعتدي على أمنهم؟ إنها أميركا تكرر تاريخ أخطائها نفسه".
- 'اللواء'
أهناك حاضنة عربية لتهويد القدس؟
نقولا ناصر(كاتب عربي من فلسطين):
الحديث الرسمي وغير الرسمي الذي تجدد مؤخرا عن &laqascii117o;مركزية" القدس في الاهتمام السياسي وغير السياسي العربي والإسلامي يدحضه واقع التهويد المتسارع في بيت المقدس، وهو تهويد يتناقض تماما مع مركزية &laqascii117o;الشأن الداخلي" الذي جعل كل بلد عربي يعتبر أن هذا الشأن يأتي &laqascii117o;أولا" على كل ما عداه، بفضل &laqascii117o;الربيع العربي" الذي تجد فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي فرصة تاريخية سانحة قد لا تتكرر للامعان في مخططات تهويد المدينة المقدسة وتسريعها دون أي خشية من أي رادع عربي أو إسلامي أو مسيحي، في سباق محموم مع الزمن للانتهاء من تهويدها قبل أن ينتهي فصل &laqascii117o;الربيع العربي".
ويتساءل العرب في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس عما إذا كان هذا الربيع قد تحول عمليا إلى حاضنة مثلى تطلق يد الاحتلال حرة في تهويد المدينة وهويتها العربية التاريخية ومقدساتها الاسلامية والمسيحية، بينما العرب منشغلون بشأنهم الداخلي &laqascii117o;أولا".
فلسطينيا، قال الرئيس محمود عباس في المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس بالدوحة مؤخرا إن &laqascii117o;القدس يجب أن تكون العنوان المركزي في علاقات الدول العربية والاسلامية مع دول العالم". وعربيا، لا يبدو أن العرب مختلفون معه على &laqascii117o;مركزية" القدس، فعلى سبيل المثال، اعتبر عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة القدس &laqascii117o;قضية مركزية" و"خطا أحمر"لدى استقباله رئيس الوزراء الفلسطيني في غزة اسماعيل هنية منذ أكثر من شهر.
لكن شتان بين القول وبين الفعل، فالواقع الراهن يدحض أي &laqascii117o;مركزية" للقدس في الشأن العربي.
في مؤتمر &laqascii117o;الدفاع" عن القدس بالدوحة، قال عباس إن دولة الاحتلال تخوض &laqascii117o;معركة" و&laqascii117o;حربا" في القدس وإنها اليوم تخوض &laqascii117o;المعركة الأخيرة في حربها الهادفة لمحو وإزالة الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للقدس الشرقية"، لكن الموقف العربي لا يزال مجمعا على &laqascii117o;السلام" كخيار استراتيجي وحيد، باعتباره &laqascii117o;معركة" واحدة وحيدة لا خيار له غيرها، وهو موقف لا يسمح للشعب الفلسطيني بخوض سواها، بالرغم من الهزيمة العربية الواضحة في &laqascii117o;معركة السلام" هذه.
ولا أدل على هذه الهزيمة من التصريحات التي أدلى بها، على سبيل المثال لا الحصر، رموز لـ &laqascii117o;عملية السلام" لا يشك أبدا في إخلاصهم لها مثل قول وزير الشؤون المدنية في سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني، حسين الشيخ، إنه &laqascii117o;منذ عام 2000 لم تعد هناك أي مسؤولية ولا ولاية للسلطة"، و&laqascii117o;أصبح الحاكم الفعلي هو الاحتلال"، ودولة الاحتلال &laqascii117o;ألغت جميع الاتفاقيات الموقعة" مع منظمة التحرير (صحيفة المصري)، أو تأكيد نمر حماد المستشار السياسي لعباس بأن حكومة دولة الاحتلال الحالية &laqascii117o;تعمل حاليا لإلغاء ما تبقى من ولاية قانونية وسيادية للسلطة"، و"بدأت عمليا بالغاء حل الدولتين واستبدال نظرية الأرض مقابل السلام إلى الأرض مقابل الأمن بمعنى &laqascii117o;الأمن الاسرائيلي... لإعادة الأمور إلى الوضع الذي كان سائدا ما قبل اتفاق أوسلو" و&laqascii117o;إنهاء كل الاتفاقيات التي ترتبت على أوسلو".
في الثامن من الشهر ما قبل الماضي كتب ليونارد فين في المجلة اليهودية بلوس أنجيليس الأميركية (ذى جويش كرونكل أوف غريتر لوس انجيليس) بأن عدد اليهود في المستعمرات الاستيطانية &laqascii117o;وراء الخط الأخضر"، أي في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة لنهر الأردن، بلغ (600) ألف مستوطن، نصفهم في القدس ومحيطها المباشر، (40%) منهم يعيشون في شرقي القدس المحتلة عام 1967، ليرتفع عدد اليهود في القدس &laqascii117o;الموحدة" من (100) الف عام 1980 إلى (489) ألفا عام 2007 (أرقام بلدية الاحتلال)، وينخفض عدد العرب الفلسطينيين في شطرها الشرقي إلى ما بين (70 – 100) الف، وليس (200) ألف، لأن (60) ألفا منهم يعيشون خارجها في الأردن والولايات المتحدة وغيرهما و(70) ألفا من حملة بطاقات هويتها الزرقاء يعيشون في الضفة الغربية، حسب تقديرات عزمي أبو السعود مدير عام دائرة الحقوق المدنية بمنظمة التحرير الفلسطينية الذي توقع نهاية الوجود العربي في المدينة بحلول عام 2020 إذا سمح للوضع الراهن بالاستمرار (اقتباس من مقال لأسامة الشريف في &laqascii117o;أراب نيوز" السعودية باللغة الانكليزية في 1/3/2012).
فهل كان هذا الواقع سيكون هو السائد في القدس لو كانت قضيتها &laqascii117o;مركزية" حقا لدى العرب!
فالانكفاء العربي إلى الشأن الداخلي الضيق لكل دولة على حدة من دول التجزئة العربية في موسم &laqascii117o;الربيع العربي" قد تحول إلى عنوان ل"تهميش" القضية الفلسطينية، والقدس عنوانها، حرم الشعب الفلسطيني من &laqascii117o;أضعف الايمان" العربي في التضامن مع عرب فلسطين تحت الاحتلال، وتحول عمليا، بغض النظر عن النوايا الحقيقية أو المعلنة، إلى ضوء عربي أخضر لتغول دولة الاحتلال على القضية وشعبها.
والانكفاء العربي إلى الشأن الداخلي يهدد اليوم بتفكيك وتفتيت دولة التجزئة العربية على أسس دينية أو طائفية او عرقية أو قبلية، وهذه نتيجة متوقعة لتراجع &laqascii117o;مركزية" القضية الفلسطينية والقدس كعامل توحيد عربي أساسي في مواجهة دولة الاحتلال الاسرائيلي التي زرعت في قلب الوطن العربي لفصل مشرقه عن مغربه، ومنع وحدته، ونتيجة متوقعة لاخراج مصر، عماد القوة العربية، ثم الأردن، خط المواجهة الأطول، من دائرة الصراع العربي – الاسرائيلي، ليتحول هذا الصراع من صراع على الوجود إلى صراع على الحدود، ومن صراع عربي إلى صراع فلسطيني مع دولة الاحتلال، بينما تدور اليوم معركة إخراج سورية من هذا الصراع، بعد تدمير عمقها الاستراتيجي بالاحتلال الأميركي للعراق.
ويتضح تراجع المركزية العربية للقضية الفلسطينية وقلبها المقدسي في الانخفاض المتواصل في عدد الدول العربية التي في حالة حرب مع دولة الاحتلال، فقد دفعت مركزية فلسطين في الشأن العربي سبع دول عربية إلى قتال دولة الاحتلال في سنة 1948، بالرغم من وجود معظمها تحت &laqascii117o;الانتداب" البريطاني أو الفرنسي، وفي سنة 1967 حاربتها ثلاث دول عربية، وفي سنة 1973 حاربتها دولتان فقط، واليوم لم تبق إلا سوريا في حالة حرب معها، وإذا نجحت المعركة الدائرة حاليا في إخراجها من دائرة الصراع، لا يبقى لعرب فلسطين وهم يواجهون وحدهم خطرا واقعيا محدقا بهدم ثالث الحرمين الشريفين في القدس إلا أن يقولوا مع جد النبي العربي محمد عليه الصلاة والسلام، عبد المطلب، عندما جاء أبرهة الأشرم الحبشي لهدم الكعبة: &laqascii117o;للبيت رب يحميه".
إن الضجة التي أثارها الرئيس عباس بدعوته العرب والمسلمين إلى زيارة القدس وهي تحت الاحتلال &laqascii117o;نصرة للسجين الفلسطيني" فيها، وهي الدعوة التي رفضها مضيفه القطري الأمير حمد بن خليفة بإحالتها إلى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي للافتاء فيها، فأفتى د. القرضاوي بتحريمها تحت الاحتلال، منضما إلى تحريم مماثل للمسيحيين من البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية.
لقد تحول الوضع العربي الراهن إلى حاضنة مثلى لتهويد القدس يكاد يغرقها و"مركزيتها" العربية الاسلامية في خضم &laqascii117o;ربيع" حروب داحس وغبراء عربية معاصرة في عصر جديد لملوك الطوائف يبكون فيه مثل النساء ملكا مضاعا، أو على وشك أن يضيع، لم يحافظوا عليه مثل الرجال.