قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الثلاثاء 17/4/2012

- 'الاخبار'
'خريطة طريق' إيرانيّة لمهمّة أنان
إيلي شلهوب:

تتصرف طهران كأنها &laqascii117o;أمّ الصبيّ" التي تسعى جاهدة إلى نموه ونجاحه. والصبي هنا ليس سوى مبادرة المبعوث الدولي كوفي أنان، الذي زار الجمهورية الإسلامية أخيراً. هي تتبنى أنان و&laqascii117o;النقاط الست" الخاصة به، لكن وفق &laqascii117o;خريطة طريق" إيرانية ببنود ستة أيضاً، ترى طهران أن لا أفق من خارجها. &laqascii117o;هي المحطة الأخيرة لمن يريد أن يتطهر من مسؤوليته عن سفك الدم السوري". بهذه العبارة تصف طهران ما بات يُعرف بـ&laqascii117o;مبادرة أنان" التي تتبناها قلباً وقالباً وفق خريطة طريق إيرانية لا ترى حلاً من دون &laqascii117o;الرئيس الشرعي" للبلاد بشار الأسد، الذي يجب أن يُعطى &laqascii117o;الفرصة الكافية لينجز الإصلاحات التي وعد بها". مصادر إيرانية معنية تؤكد &laqascii117o;أننا شركاء حقيقيون في صنع معادلة ما يعرف بمهمة أنان"، موضحة أنه &laqascii117o;حتى قبل أن يقبل السوريون بهذه المبادرة، شاركنا في محادثات ثنائية ومتعددة مع السوريين ومع أنان نفسه لإنضاجها". وتضيف &laqascii117o;بما أننا شركاء بشكل مباشر وقوي في مبادرة أنان، وجزء من الدبلوماسية العلنية والسرية التي أدت إلى بلورتها، فإننا حريصون كل الحرص على إنجاحها، وذلك برغم معرفتنا الدقيقة والشفافة بوجود أطراف إقليمية ودولية، لا نريد تسميتها وإن كانت معروفة للجميع، تريد إجهاضها". وعليه، ترى هذه المصادر أن طهران &laqascii117o;نجحت، بفضل الصمود السوري، في نقل الأزمة السورية من الميدان إلى طاولة المفاوضات، من الحسم العسكري إلى الحل السياسي"، مضيفة &laqascii117o;وهكذا، تكون مبادرة أنان قد قُبلت في طهران بحكم الرغبة، فيما قبلها الآخرون بالإكراه، وافقوا عليها رغماً عنهم بعدما أفلسوا في الميدان وما عاد لديهم من أوراق ليلعبوها". غير أن هذا الدفع الإيراني باتجاه مبادرة أنان ليس مطلقاً، أو بالأحرى مجرداً من أي سياق. على العكس، فقد وضعت طهران للمبعوث الأممي &laqascii117o;خريطة طريق" أكد الإيرانيون له أن &laqascii117o;الالتزام بها هو الطريق الوحيد لنجاحه". وأضافوا، لأنان، &laqascii117o;نحن حريصون جداً على نجاحك، ومستعدون للقيام بأي شيء تطلبه منا طالما أنه يتوافق مع هذه الخريطة"، مشددين على أن &laqascii117o;الأطراف الأخرى التي تريد فشلك تسعى جاهدة لأن تحولك إلى دابي رقم اثنين"، في إشارة إلى رئيس فريق المراقبين العرب الفريق السوداني مصطفى الدابي.
وتتلخص خريطة الطريق المذكورة في نقاط ست، أبلغ بها أنان في خلال زيارته الأخيرة لطهران، وهي على الشكل الآتي: 1 - إن بشار الأسد هو خطنا الأحمر، والجمهورية الإسلامية في إيران لن تسمح لأحد، مهما كان، بإسقاط الرئيس الشرعي للجمهورية العربية السورية. 2 - إن أي تغيير في سوريا ينبغي أن يتم طرحه وأن يجري ويُعالج في إطار برنامج الإصلاحات التي بدأها الرئيس الشرعي للبلاد، وهي ممكنة فقط تحت رعاية هذا الرئيس واسمه بشار الأسد.
3 - إن أي شكل من أشكال التعاطي غير العقلاني وغير المنطقي وغير المبدئي مع الموضوع السوري، وأي طرح لا يأخذ بالاعتبار ما سبق، ستكون له تداعيات وتبعات مدمرة على أجواء المنطقة برمتها، بل وعلى المستوى الدولي.
4 - لا يحق لأحد، أي كان، أن يتنكر للحقوق المشروعة للشعب السوري. لكن هذه الحقوق لن تتحقق إلا بمنح الرئيس الأسد الفرصة الكافية لينجز الإصلاحات التي وعد بها.
5- إن التدخل الأجنبي، أو الخارجي، في الشؤون الداخلية السورية والتحريض على العنف وتأجيج النزاعات المسلحة وتمويلها من جانب بعض الدول الإقليمية التي أعلنت صراحة عن قيامها بمثل هذا التحريض وممارسته مترافقاً مع شعار إسقاط الرئيس الأسد أو تنحيه، يجب أن يتوقف فوراً.
6 - إن الحل الوحيد للمسألة السورية هو في التزام جميع الأطراف بقواعد العمل الديموقراطي.
وكان أنان قد زار الأسبوع الماضي طهران، حيث استقبله على التوالي كل من نائب وزير الخارجية أمير عبد اللهيان ووزير الخارجية على أكبر صالحي، فأمين المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي ومن ثمّ الرئيس محمود أحمدي نجاد. وتقول المصادر إن &laqascii117o;مضيفي أنان حرصوا جميعاً على التأكد من أنه فهم النقاط الست جيداً"، مشيرة إلى أن المبعوث الدولي طلب لقاء المرشد علي خامنئي، فكان الجواب ما معناه أن &laqascii117o;اللقاءات التي عقدتها تكفي إن كنت جاداً وحريصاً على السير وفق خريطة الطريق التي توصلك إلى النجاح".
وكان لافتاً أن نجاد استقبل أنان في مطار جزيرة قشم الملاصقة لبندر عباس، في خطوة يرى متابعون أنها لم تأت مصادفة وإنما كانت متعمدة، محاججين بأنه كان بإمكان الرئيس أن يأتي إلى طهران، أو حتى تمديد زيارة أنان ليوم آخر. يقولون إن نجاد أراد من خلال خطوته تلك أن يقول لأنان إن &laqascii117o;سقف تحركاته محكوم بمعادلة ما بعد هرمز، المرادف الإيراني لمعادلة ما بعد بابا عمرو السورية، وبالتالي لا يستطيع (أنان) أن يحصل في السياسة على ما عجز الآخرون عن انتزاعه في الميدان". المعلومات الواردة من طهران تفيد بأن أنان كان مرتاحاً في خلال الجلسات التي عقدها مع المسؤولين الإيرانيين، وأنه كان حريصاً على إبداء رضاه عما يدور في المحادثات، بل إنه أعلن مشاطرته للقيادة الإيرانية رأيها بأن الجغرافيا السياسية السورية مهمة. وقد ذهب إلى حد الإعلان صراحة في خلال مؤتمر صحافي أن من &laqascii117o;يطالبون بإسقاط الأسد أو تنحّيه يخالفون معايير الأمم المتحدة ولا يمكن أن يكون لهم أي مكان في مهمتي". وتحرص الأوساط القيادية الإيرانية المعنية بالملف السوري على التأكيد أن &laqascii117o;طهران تعتبر أن هذه هي المحطة الأخيرة لمن يريد أن يتطهر من مسؤوليته عن سفك الدم السوري وتسعير الفتنة الأهلية والاقتتال الداخلي". وهي ترى أن &laqascii117o;سوريا نجحت في تجاوز المحنة بعدما قدمت الكثير من التضحيات، وعليه فإن هذه المحطة مناسبة لأن تظهر سوريا بحلة جديدة تلبي طموحات الشعب السوري وتحافظ في الوقت نفسه على الدولة ومنعتها وصمودها". أما بشأن خريطة الطريق الإيرانية المشار إليها، فترى هذه الأوساط أن &laqascii117o;كل ما يخالف هذه الخريطة ليس سوى الفراغ الذي يمكن أن يُدخل المنطقة والعالم في المجهول. هي الطريق الوحيد الذي يحول دون هذا السيناريو". وتضيف إن &laqascii117o;الآخرين كلهم، من قطر إلى السعودية وفرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل و...، يريدون أن يُدخلوا المنطقة في المجهول لكي يبنوا على هذا المجهول مشاريعهم التي لا تلبي طموحات الشعب السوري، بل تدمره وتسرق منه المبادرة وتضعه خارج اللعبة وتتاجر به لأهداف أخرى". وتشدد الأوساط نفسها على أن &laqascii117o;الآخرين كلهم باتوا رهائن لمبادرة أنان، التي أصبحت الإطار الوحيد المطروح على الطاولة". وتضيف إنه &laqascii117o;في حال نجاح أنان في مهمته يكونون قد فشلوا. وإن فشل هو يكونوا قد فشلوا أيضاً لأنهم يكونون قد انكشفوا، ذلك أن فشل أنان لا يمكن أن ينتج إلا من عجز أو من وجود أطراف تضمر له السوء". وتوضح أن &laqascii117o;المبادرة العربية كانت قطرية سعودية، وفشلها كان فشلاً لقطر والسعودية. أما مبادرة أنان فهي مبادرة عالمية، مبادرة المجتمع الدولي، فهل يتحمل العالم أن يفشل في إيجاد تسوية للأزمة السورية؟". وتختم هذه الأوساط بأن &laqascii117o;إيران وسوريا والمقاومة ألبسوا العالم عملياً بزّة اسمها مبادرة كوفي أنان، فإما أن يدفع هذا العالم باتجاه نجاحها، أو يودي بها إلى الهاوية، وساعتها عليه أن يتحمل النتائج". يبقى موضوع تركيا وما يُحكى عن فشل طهران في إعادة أنقرة إلى معسكر الممانعة التي أمل كثر في انضمامها إليه، بدليل الحديث المتجدد عن المنطقة العازلة. تقول مصادر إيرانية مسؤولة &laqascii117o;لم نكن يوماً ساذجين لنأمل بأن تركيا ستعود إلى شهر العسل مع السوريين. لم نتوقع يوماً أن تعود تركيا إلى رشدها الكامل. ندرك جيداً أنها جزء لا يتجزأ من حلف شمالي الأطلسي، وأنها أخذت قراراتها الاستراتيجية ومضت فيها في سياق نحن مختلفون عليه معها. ما أردناه وفعلناه هو منعها من أن تذهب إلى مغامرة تدخل الجميع في المجهول. استخدمنا النصح والإرشاد والإغراء والتهديد والوعيد وكل وسيلة ممكنة لتحقيق هذه الغاية، وقد حصل ذلك، حتى الآن على الأقل. أعدناها إلى حجمها الطبيعي، وأوقفنا تدخلها المباشر في اللعبة. نأمل أن تستمر الحال على هذا النحو".


- 'الشرق الاوسط'
طرقات على الباب الفارسي

يبدو المشهد في سوريا الآن مشوشا وغامضا، هل انتهت مهمة أنان، المبعوث الدولي؟ وانتهت على ماذا؟ ما معنى إيفاد المراقبين الدوليين إلى سوريا؟ وبماذا يختلف أو سيختلف هذا الأمر عن بعثة الجنرال السوداني &laqascii117o;الفضيحة" محمد الدابي؟
هل يعتبر هذا نصرا أو هزيمة للنظام، باعتبار أنه حتى روسيا تدعم مهمة أنان والمراقبين الدوليين، وتساوي، على الأقل ظاهريا، بين النظام والمعارضة؟ وهو أمر لا يسر النظام الذي دأب على تسمية مخالفيه بالعصابات.
ما دور تركيا؟ ودور إيران، وهل تغير الموقف الدولي أو سيتغير بعد تعثر مهمة المراقبين الدوليين؟ وما الذي يفعله العرب، خصوصا الخليجيين، غير التعاطف والدعاء في المساجد؟ هل هناك شيء تحت الأرض لا ندري عنه؟
ثم كيف نربط مؤتمر إسطنبول الأخير بين اللجنة السداسية الدولية مع إيران حول الطاقة النووية؟ وكيف نفهم بعض الإشادات الدولية بالمواقف &laqascii117o;البناءة" لإيران في المفاوضات، واعتبار بعض الساسة والمثقفين في إيران أن مؤتمر إسطنبول يعتبر نصرا مؤزرا للسياسة الإيرانية، وفي نفس الوقت تقوم إيران باستفزاز دول الخليج، من خلال زيارة أحمدي نجاد الاستعراضية إلى الجزيرة الإماراتية المحتلة، الأمر الذي استدعى ردة فعل حادة من قبل المنظومة الخليجية. وعليه، يُعقد اليوم (الثلاثاء) اجتماع خليجي طارئ بطلب من الإمارات لمناقشة زيارة الرئيس الإيراني الأخيرة للجزيرة.
وفي سياق متصل، تقدمت الإمارات برسالة احتجاج إلى الأمم المتحدة تدين فيها زيارة نجاد لجزيرة أبو موسى، واستدعت يوم الخميس سفيرها في طهران للتشاور، وألغت مباراة ودية في كرة القدم مع إيران كان من المقرر أن تقام بالإمارات احتجاجا على الزيارة.
أريد القول: إن من أحسن المداخل لفهم طبيعة الأزمة السورية مراقبة التحركات الإيرانية وطبيعة الخطاب مع المجتمع الدولي والإقليم. إيران في حالة عرض للقوة في المنطقة، وهي تحاور المجتمع الدولي في إسطنبول، وتناكف دول الخليج في نفس الوقت، وتمد نظام الأسد بأسباب القوة.
إنها دولة تجيد لعبة البيضة والحجر، وترمي أوراقها (الحمراء منها والخضراء والصفراء) بحسب الحاجة.
إيران هي مدخل التوتر في المنطقة كلها، وما الأزمة السورية، والعراقية، إلا مظهر من مظاهر الداء الإيراني.
هل الغرب لا يدرك ذلك؟
أبدا، فإدارة أوباما نفسها تتعرض للنقد بسبب تراخيها في تقدير الخطر الإيراني، وتعليقا على مؤتمر إسطنبول الأخير، نفى الرئيس أوباما تقديم أي تنازل خلال المحادثات بشأن ملف إيران النووي في تركيا، وتوعد بمزيد من العقوبات في حالة عدم إحراز أي تقدم، بينما انتقدت إسرائيل نتائج اجتماعات إسطنبول بشأن الأزمة.
ماذا تريد إيران حتى تهدأ عن خلق المشكلات؟ وهل هي فقط ثورة طائفية راديكالية أم نعرة قومية فارسية، أم مجرد استغلال لتهشم الإقليم وضعف القوى المحيطة، بعد انكسار شوكة العرب عقب صدام حسين وقبله جمال عبد الناصر، وبعد حالة الحصار المعنوي التي عاشها السنّة في الإقليم جراء أحداث 11 سبتمبر (أيلول)؟
هل الغرب منزعج فعلا من إيران في العمق ويعاديها ولا يحب دورها في الإقليم؟ أم يريد دورها ولكن بشكل معين؟
أسئلة برسم البحث وليس برسم الإجابات الحاسمة، فالوضع معقد ومتداخل ما بين التاريخي والأسطوري، والقومي والأصولي، والنفط والعمائم. الغرب ليس صوتا واحدا، وهناك كثير من الأفكار المطروحة للتعامل مع مشكلات الشرق الأوسط.
أعرف هذا، ولكن يجب التنبه إلى أن ثمة في أميركا وأوروبا بل وروسيا، من يدعم فكرة تقوية الدور الإيراني والشيعي في المنطقة على حساب الدور العربي والسني بشكل عام، باعتبار أن إيران شيطان تعرفه، وهي خير من شيطان لا تعرفه، كما استعرض هذا التوجه في مراكز التفكير الأميركي، الكاتب السعودي عبد الملك بن أحمد آل الشيخ في مقاله الأخير بهذه الجريدة، وهو مقال تجدر مطالعته.
يتحدث الكاتب عن كتاب لمؤلف أميركي اسمه روبرت بير، بعنوان &laqascii117o;الشيطان الذي نعرفه.. التعامل مع إيران كقوة عظمى".والمؤلف محلل سابق في الاستخبارات الأميركية، وله عدة مؤلفات، وخلاصة رأيه أن إيران هي القوة التي يجب على أميركا التعامل معها في المنطقة، باعتبار إيران دولة عقلانية ذات حضارة إمبراطورية عريقة، والعرب قوما متخلفين، ثم إن الشيعة أكثر عقلانية من السنة، وأنه يجب أن لا تعول أميركا كثيرا على تصريحات قادة إيران العدوانية، المهم أفعالها على الأرض.
وهكذا يمضي المؤلف في تقديم الاقتراحات لكيفية استيعاب مخاوف إيران، وتطمينها، ومنحها دورا قياديا في المنطقة، وتحويلها إلى حليف بدلا من عدو!
كلام بير ليس جديدا في التفكير الأميركي، وهو طرح سبق أن تبناه بقوة كتاب وصناع أفكار، مثلما فعل الأميركي من أصل إيراني (ولي نصر) أستاذ دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا في الأكاديمية البحرية الأميركية، في كتابه المثير &laqascii117o;صحوة الشيعة"، وخلاصة أطروحته الخطيرة؛ أن الإمكان الديمقراطي لدى الشيعة أعلى منه لدى السنة، وأن الأميركان دخلوا على المنطقة أثناء غزو العراق دخولا خاطئا، حيث لم يدركوا تماما جذور وآثار الصراع الطائفي الإسلامي، قديما وحديثا، وهو يعتقد أن الصراع السني الشيعي هو الذي رسم تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وهو الذي يعيد رسمها الآن مجددا.
ولي نصر في كتابه الذي تلقفته النخبة الأميركية وقرظه بالمديح نقاد كبار في أميركا، يبدو متحمسا لأهمية الالتفات إلى أن هناك تاريخا جديدا قيد الكتابة في منطقة الشرق الأوسط، يتكشف برصد ملامح ومحطات الصراع بين &laqascii117o;الصحوة الشيعية" ومقاومة السنّة لهذه الصحوة، وعلى الرغم من أنه يقدم نفسه ليبراليا مؤيدا للقيم الليبرالية ومتحمسا للمشروع الديمقراطي، فإنه يركز كثيرا على قاطرة هذه الصحوة المتمثلة بثورة ودولة &laqascii117o;الولي الفقيه" في إيران، باعتبارها ركيزة هذه الصحوة وسندها.

وفي سياق استذكاري طويل، يعود بنا نصر إلى لحظات الصراع الأموي الهاشمي، ويمضي نصر طيلة صفحات الكتاب على هذه الوتيرة، مرورا بلحظات &laqascii117o;البيات الشيعي" الطويل، بعد اكتساح السنة للمشهد، وصولا إلى الانبعاث الصفوي، والصراع العثماني معه.. وهكذا، حتى نصل إلى لحظة الخميني الفاصلة، وهي المحطة التي لاحظ نصر أن الخميني اعتبر نفسه بها المؤسس الحقيقي للتشيع الجديد، بروح ثورية غير انكفائية ولا انتظارية، على ما كان عليه علماء الحوزة.
من أهم ما قدمه ولي نصر في كتابه واصفا طبيعة &laqascii117o;الصولة" الإيرانية المتعكزة على التشيع السياسي الثوري، حينما قال: &laqascii117o;السنوات التي تلت عام 2001 مثلت، من عدة نواح، (اللحظة البروسية) بالنسبة لإيران، تلك التي يمكن مقارنتها بحقبة النفوذ المتعاظم لبرلين الذي عرف (بسمارك) كيف يهندسه على اتساع العالم الناطق بالألمانية في منتصف القرن التاسع عشر". ثم يضيف: &laqascii117o;وفي رأيي أن الصحوة الشيعية ستعمل على توسيع نطاق النفوذ الإقليمي لإيران وتعزز مطالبتها بأن تعامل كقوة عظمى" (ص 220).
في العراق، رأينا تجسيدا لهذه الصحوة أو &laqascii117o;الثورة" السياسية الشيعية، ونرى تصريحات واضحة تشعر بأهمية هذه اللحظة الفارقة في تاريخ الشيعة السياسي للدرجة التي عنون فيها المؤلف الفصل السابع من كتابه بـ&laqascii117o;العراق: الدولة العربية الشيعية الأولى".
ونقل عن عادل عبد المهدي، أحد معتدلي مجلس الحكيم، قوله في عدد ديسمبر (كانون الأول) 2003 من مجلة &laqascii117o;Smithsonian" الأميركية قوله: &laqascii117o;بوسع الشيعة الآن أن يرفعوا رؤوسهم، لقد صار بإمكانهم أن يمثلوا العراق"
الكاتب الأميركي روبرت بير ذكر أنه حضر مقابلة في طهران مع هاشمي رفسنجاني قال فيها بالنص إن &laqascii117o;الملالي في طهران يعرفون أن عليهم واجب إعادة المجد الفارسي التليد".
ما نريد قوله في نهاية الأمر هو التفكير في الارتقاء في مقاربة الأزمة السورية ومعها العراقية واللبنانية، بل وحتى اليمنية وجزر الإمارات والبحرين من منظور أشمل من حصرها بمجرد بيدق إيراني في دمشق اسمه بشار الأسد. على الأقل التفكير في هذه الخلفيات والظلال التاريخية بالإضافة للتفكير في المجريات اليومية. التفاصيل الصغيرة قد تضيع الصورة الكبيرة أحيانا.


- 'الحياة'
سيناء هدف للجيش الإسرائيلي وعملية اغتيال بن لادن نموذج لتدريباته

منذ اطلاق ثلاثة صواريخ &laqascii117o;غراد" على مدينة ايلات، جنوب اسرائيل، تحولت منطقة سيناء الى هدف للجيش الاسرائيلي متصدرة المناطق التي يدرجها في قائمة المخاطر الامنية. فعملية كهذه بالنسبة الى الاسرائيليين خط احمر تسرع عقارب الساعة نحو صدام عسكري في هذه المنطقة. وعلى رغم حساسية العلاقة مع مصر، خرجت اسرائيل بحملة تهديد ووعيد، حول ما سمّته &laqascii117o;الدفاع عن حدودها" وصلت الى حد التلميح الصريح بتجاوز الحدود في سيناء والقيام بنشاطات ليلية تلاحق خلالها مجموعات متسللين ومهرّبي اسلحة وعناصر تنظيمات، تدعي اسرائيل انها ارهابية ومنتشرة في شبه الجزيرة المصرية. وعلى طول مئتين وخمسين كيلومتراً كثفت اسرائيل دورياتها على مدار الساعة فيما نفذت وحدة خاصة من المظليين طوال ساعات الليل تدريبات على عمليات انزال بالتعاون مع سلاح الجو تحاكي &laqascii117o;إحباط عمليات تهريب اسلحة، وهي في طريقها نحو اسرائيل".
الجيش في ترويجه لنشاط وحدة المظليين لم يذكر تفاصيل العملية وإذا ما كانت تتضمن تدريباً على اختراق الحدود والدخول الى سيناء، لكنه اظهر صوراً لجنوده في واحدة من العمليات التي نفذت في ساعات الليل وهم يهبطون في المكان الذي تتصور مخابرات اسرائيل ان عناصر من هذه التنظيمات تتواجد فيه. والواضح من الصور ان سيناء هي المكان الذي رسموه ليناسب التوقعات بأن تنفذ فيه العمليات. وكما قال احد الضباط، فإن الجيش يعمل تجاه هذه الخلايا ومهربي الاسلحة كـ &laqascii117o;لعبة الشطرنج" معلناً ان نشاط وحدة المظليين سجل نجاحاً غير مسبوق اذ قام بإحباط حوالى خمسة وتسعين في المئة من العمليات.
وجاءت تدريبات المظليين بالاعتماد على عملية &laqascii117o;اسود البحر"، وهو اسم عملية اغتيال اسامة بن لادن في السنة الماضية في باكستان. وقد وضع سلاح المظليين في الجيش الاسرائيلي التقارير التي تلخص العملية من أجل الاستفادة منها في تدريباته وتحسين الأداء خلال عمليات الهبوط لملاحقة المجموعات المنتشرة في سيناء.
ووفق ضابط سلاح المظليين، يوفال غربي، فقد تم التدريب على عملية &laqascii117o;اسود البحر" في شكل مكثف كما تم استخلاص العبر منها وخلال ذلك تدرب الجنود على عمليات الانزال الحر والانزال السري ايضاً. ووفق الجيش فهناك وحدتان للإنزال ويعمل الجيش حالياً على زيادة هذه الوحدات للتدريب على عمليات إنزال دقيقة في قلب ارض العدو في شكل سري"، كما يقول الجيش.
والاستعداد لعمليات الانزال بدأت في اسرائيل منذ انطلاق &laqascii117o;الربيع العربي" فقام الجيش بشراء منظومات متطورة وخاصة لوحدة المظليين بينها منظومات لاستخدام طائرات نقل عسكري من نوع &laqascii117o;هركوليس" قادرة على انزال وسائل قتالية على بعد عشرين كيلومتراً من موقع الانزال، كما شملت الاستعدادات استخدام نظام GpS. وضمن التدريبات التي أُجري ايضاً انزال جيب من نوع &laqascii117o;هامر". وفي هذا الجانب تحدث الجيش الاسرائيلي، وفي شكل واضح، عن ان اهداف التدريبات تشمل ايضاً استهداف شخصيات بارزة في قطاع غزة او في لبنان الى جانب اشراك سلاح المظليين، وللمرة الاولى، في عمليات انزال على جبهتي غزة ولبنان في حال اندلاع حرب شاملة مع ايران.
والانزال السري هو الاهم بالنسبة الى الاسرائيليين، لأن المنطقة التي تضعها اسرائيل هدفاً لها، تقع داخل نفوذ مصر وقد سبق ان بعثت اسرائيل برسالة الى المجلس العسكري الحاكم في مصر تبلغه فيها انها ستكون &laqascii117o;مضطرة" الى تنفيذ عملية عسكرية داخل سيناء اذا لم يقم الجيش المصري بواجبه ويقضي على التنظيمات &laqascii117o;الارهابية" المنتشرة فيها. والتهديد الاسرائيلي جاء في اعقاب اطلاق صواريخ غراد، مع التلميح بإحباط عمليات قبل خروجها من الحدود المصرية. وقد بدأت القيادة العسكرية تتحدث عن الاستعداد لعملية عسكرية لكنها تنتظر قراراً سياسياً.

الخيارات الاسرائيلية
في رسالة التحذير والتهديد الى المصريين اعتبرت اسرائيل انها استنفدت كل ما يمكن ان تقوم به لضمان الامن في منطقة سيناء، مشيرة الى انها في السنة الاخيرة صادقت مرات عدة على زيادة حجم القوات العسكرية المصرية في شمال شرقي سيناء لتحسين مستوى الامن على مقربة من الحدود. ووفق الاسرائيليين، فإن القوات المصرية لم تنجح في تحقيق أي تحسن. فهي لا تنتشر في جنوبي قاطع الحدود، في المنطقة التي اطلق منها صاروخ غراد الى ايلات وبدل ان تأخذ مصر دورها وتقوم بمهمة ضمان الامن في المنطقة تختار ببساطة النفي في أن يكون الصاروخ اطلق من أراضيها.
هذه الوضعية الجديدة جعلت ملف سيناء يتصدر اجندة الاسرائيليين. واختار الجيش الترويج لموقفه في وسائل الاعلام باسم مصدر رفيع المستوى، اطلق تصريحات في اكثر من موقع الكتروني وصحيفة اسرائيلية كان المشترك بينها القول: &laqascii117o;اسرائيل لن تستطيع الرد على أي هجوم من سيناء". وقال هذا المسؤول في واحد من تصريحاته: &laqascii117o;اذا استمر إطلاق الصواريخ من سيناء فهذا يتطلب منا تغيير توجهنا لهذه المنطقة على ان تكون المرحلة الاولى في التوجه الى مصر والضغط عليها عبر الولايات المتحدة". وتابع: &laqascii117o;إذا نظرنا إلى النظام المصري في وضعه الحالي، فإن التنسيق بين الحكومة المصرية والجيش الإسرائيلي يعتبر لغاية الآن جيداً جداً، لكننا لا نستطيع الطلب الى المصريين العمل وفي شكل مكثف ونحن غير راضين على الشكل الأمني المتبع ضد الخلايا الإرهابية في سيناء".

والخيارات المطروحة امام اسرائيل للتعامل مع سيناء تثير نقاشاً داخلياً، بخاصة الحديث عن احتمال تنفيذ عملية عسكرية. الخبير العسكري ارييه اجوزي، يرى ان مصر لا يمكنها السيطرة على سيناء &laqascii117o;التي تحولت الى منطقة مشاع تعج بالمخربين" على حد تعبيره، مشككاً بأن مصر قد تكون تغض الطرف عما يحدث في سيناء.
ورأى اجوزي ان افضل الخيارات امام اسرائيل تكون في ما فعلته بعدم قبولها الوضع الحالي في سيناء وإبلاغها ان الجيش الاسرائيلي سيتحرك اذا وصلته معلومات استخبارية حول التخطيط لعمليات ضد اسرائيل. وطرح اجوزي الخيارات المتاحة امام اسرائيل للتعامل مع الوضعية الجديدة في سيناء بينها انهاء الجدار العازل عند الحدود ونشر وسائل دفاعية على طول الجدار مثل القبة الحديدية، غير انه اعتبر ان القرار ليس سهلاً وهو قرار سياسي، التعقيد فيه ان &laqascii117o;المخربين"، على حد تعبيره، يستغلون نقطة ضعف اسرائيل في الوضع الشائك للعلاقة مع مصر. وانهى الخبير العسكري الاسرائيلي حديثه بضرورة حسم الموضوع بشأن التعامل مع سيناء قائلاً: &laqascii117o;كان على حق من قال ان صاروخاً واحداً يسقط على &laqascii117o;غوش دان" (أي منطقة تل أبيب التي تعيش فيها النخبة السياسية والاقتصادية الاسرائيلية)، سيغير التعامل الاسرائيلي في شكل جذري".
وفي اسرائيل اي تهديد لسيناء يكون لغزة قسط فيه، بل يكون التهديد اكثر وضوحاً. فقد أعلن رئيس اركان الجيش، بيني غانتس بصراحة ان الوضع في غزة لم يعد محتملاً وانه ابلغ جميع الوحدات في جيشه ضرورة الاستعداد لتنفيذ عملية هناك في اية لحظة. ويأتي حديث غانتس مع الاعلان عن تقرير لأجهزة الاستخبارات العسكرية يشير الى ان هناك ارتفاعاً في عمليات اطلاق الصواريخ الفلسطينية على اسرائيل خلال شهر آذار (مارس) الاخير. وجاء في معطيات التقرير أن الارتفاع كان كبيراً في ذلك الشهر، حيث نفذت 229 عملية ضد اسرائيل من غزة والضفة، معظمها اطلاق صواريخ، فيما لم تتجاوز المئة في شهر شباط (فبراير). وجاء في التقرير : &laqascii117o;اطلق خلال شهر آذار حوالى 173 صاروخاً و19 قذيفة هاون باتجاه &laqascii117o;إسرائيل" وذلك خلال 156 هجوماً مقارنة بـ 36 صاروخاً وقذيفة واحدة في شهر شباط خلال 28 هجوماً".
وبخصوص الضفة الغربية رصد التقرير وقوع 43 هجوماً معظمها كان عبارة عن رمي زجاجات حارقة خلال شهر آذار مقارنة بـ42 هجوماً خلال الشهر الماضي، وقد تعرض اثنان من ضباط الأمن الإسرائيليين للطعن من مهاجمين فلسطينيين في الضفة الغربية. وهذا التقرير، بحد ذاته، وفق الاسرائيليين، يتطلب خطوات جدية وحاسمة لضمان امن اسرائيل وحتى تغيير قواعد اللعبة تجاه غزة وسيناء.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد