- 'السفير'
صالح 'يحارب' هادي.. وواشنطن تمنع انفصال الجنوب
'القاعدة' في أبين: ورقة يمنية ـ أميركية دائمة ضد 'عدوّ مرحلي'؟
دنيز يمين:
في اليمن أكثر من &laqascii117o;ثورة". &laqascii117o;ثورة" شبابية على نظام علي عبدالله صالح الذي لم يسقط بعد. &laqascii117o;ثورة" جنوبية على صنعاء سعيا وراء &laqascii117o;الانفصال" لا بل &laqascii117o;الاستقلال". &laqascii117o;ثورة" حوثية شمالية على واقع يمني قديم كرّس عزل الحوثيين عن النسيج الاجتماعي العام. &laqascii117o;ثورة" قبلية على دولة ضعيفة، دفع اهتراؤها كل يمني إلى القول علناً &laqascii117o;المجتمع اليمني مجتمع مسلح".. اما الأخطر وسط هذا الغليان، فهو &laqascii117o;ثورة" يقال إنها &laqascii117o;جهادية" ـ في الشكل على الأقل ـ اتخذت من محافظة أبين الجنوبية مركزا رئيسياً لاستهداف مفهوم &laqascii117o;الدولة" وقتل الجنود اليمنيين منذ أعوام، تتبع التفجيرات الانتحارية والهجمات العشوائية أسلوبا تقنيا، وها هي تخرج اليوم عن نطاقها المحدود دون ان تطفئها الطائرات الأميركية بدون طيار. الاشتباكات المتواصلة بين &laqascii117o;أنصار الشريعة" والقوى العسكرية والقبلية في محيط أبين، عنوان امني بات يقلق اليمنيين أكثر من السابق خصوصا ان ما يبحثون عنه هو الإجابة على أسئلة عدة أبرزها: من المستفيد من إشعال المحافظات الجنوبية الأقرب إلى عدن بعد تولي عبد ربه منصور هادي الرئاسة؟ لا تتردد أصوات يمنية كثيرة في إلقاء اللوم على أقرباء صالح في زعزعة الجبهة الجنوبية، خصوصا أنهم &laqascii117o;يعبثون في محيط أبين لإثبات فشل هادي في حفظ الأمن تأكيدا لمعادلة إما صالح وإما الفوضى". كلام كثير قيل في هذا المجال ربما لأنه أسهل الفرضيات وربما لان مؤشرات عدة تؤكد صحّته يوما بعد يوم. فآخر صيحات &laqascii117o;تمرّد" مجموعة صالح على نص المبادرة الخليجية التي مضى على توقيعها 5 اشهر، رفض قائد القوات الجوية اللواء محمد صالح الأحمر، الاخ غير الشقيق لصالح، الانصياع لقرار إقالته، وقبله قائد المنطقة الجنوبية السابق مهدي مقولة، احد المخلصين للرئيس المعزول، والذي استدعى تنحيه الكثير من الأخذ والرد.
استفادة صالح.. &laqascii117o;الدائمة"
يتكئ وزير المياه والبيئة اليمني عبد السلام رزاز على الفرضية المذكورة ليقول لـ&laqascii117o;السفير" ان ما يجري في الجنوب &laqascii117o;مشاكل قديمة.. معارك تظهر في أوقات معينة لأسباب مختلفة. اما الان فالسبب هو تضرر بعض القوى من عملية التغيير الحاصلة وتسهيل هذه القوى للاشتباكات الدائرة بين الجيش واللجان الشعبية القبلية الموالية له من جهة والمسلحين الإسلاميين من جهة أخرى، بقصد إرباك عملية التحوّل". رزاز الذي يصف المعارك بـ&laqascii117o;المحدودة" اذ تقتصر برأيه على جزء من محافظة أبين (العاصمة زنجبار)، (وذلك عكس ما تورده التقارير اليومية عن معارك توسعت إلى جعار ولودر ومودية وشبوة)، يرى ان &laqascii117o;أنصار الشريعة ليسوا جزءا من قاعدة بن لادن بل تنظيم مصطنع، علما بأن هناك تواجدا لبعض أنصار بن لادن فيه. فالسؤال هو من سلّح هؤلاء ومن سلّمهم المعسكرات.. بالتأكيد ليس الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض". ويضيف &laqascii117o;هو نظام صالح الذي يخسر كل يوم الكثير من مصالحه. لحظات السقوط التي يعيشها جعلت قائد القوات الجوية المقال يسرق الأسلحة من القوة الجوية ويوزعها هنا وهناك". من الصعب قراءة نشاط &laqascii117o;أنصار الشريعة" جنوباً بمعزل عن تاريخ &laqascii117o;القاعدة" في اليمن. اذ تروي مراجع عدة ان نظام صالح احتضن الكثير من اليمنيين الذين عادوا الى البلاد بعد مشاركتهم في الحرب الافغانية-السوفياتية، فدُمج بعضهم في المؤسسات الامنية والعسكرية، إما بهدف &laqascii117o;تنظيمهم" وإما لتكليفهم بمهمات خاصة اكثر سرية. ملاحظة ينطلق منها الكاتب والناشط السياسي اليمني أمين اليافعي للتأكيد بأن &laqascii117o;صالح لم يتوان تاريخيا عن استخدام اخطر الاوراق لمواجهة مناوئيه"، موضحا انه &laqascii117o;استخدم العائدين من أفغانستان للتخلص من شريكه في الوحدة، الحزب الاشتراكي اليمني، بين عامي 1990 و1994، حيث تم تنفيذ الكثير من الاغتيالات في صفوف قيادييه، ثم استخدمهم في حرب الانفصال العام 1994 ضد الجنوبيين. وفي 2009، عندما نشبت الحرب بين النظام والحوثيين، سرت شائعات كثيرة تتحدث عن أن تنظيم القاعدة يقاتل في صفوف جماعة الحوثي" وذلك لتبرير افعال النظام. وتابع اليافعي &laqascii117o;تكرر الأمر مع الحراك الجنوبي، يوم اعلن امير تنظيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي تأييده لمطالب الانفصال!.. واخيرا مع الثورة الشبابية التي اتُهمت بإيواء عناصر من المتشددين"...
&laqascii117o;مخطط" أميركي؟
لا يستبعد اليافعي في معرض اجابته على &laqascii117o;من المسؤول عمّا يجري في الجنوب"، الربط بين فرضيتي تورّط صالح واستغلال اميركا للفوضى جنوباً لاهداف إستراتيجية، مرتكزا بذلك على معطيات ثلاثة:
1- قبل أشهر عدة، حين أحكم &laqascii117o;أنصار الشريعة" سيطرته على أبين، شاعت أنباء عن نية التنظيم التوجه نحو مدينة عدن الإستراتيجية، فيما أكدت بعض المصادر دخول مئات من أعضاء التنظيم إلى المدينة. معلومات كانت كفيلة بإثارة توتر كبير في صفوف سكان عدن الذين شكلوا مجالس شعبية لحماية أنفسهم، وذلك قبل ان يخرج السفير الأميركي في صنعاء جيرالد فايرستاين ويقول &laqascii117o;عدن خط أحمر"، لتزول التهديدات فجأة.
2- سُربت مؤخرا أخبار عدة تتحدث عن استهداف طائرة أميركية بدون طيار كلا من القياديين في &laqascii117o;القاعدة" ناصر الوحيشي وقاسم الريمي، قبل ان تخرج أنباء أخرى لتنفي الأمر وتؤكد نجاتهما بأعجوبة. &laqascii117o;فهل يُعقل أن أميركا التي قتلت بن لادن عاجزة عن التخلص من الوحيشي والريمي؟".
3- تتحدث التقارير الاستخبارية الأميركية منذ سنوات عن تعاون بين أجهزة الأمن اليمنية المسؤولة عن &laqascii117o;مكافحة الإرهاب". ومع ذلك، &laqascii117o;لم تكف واشنطن عن دعم هذه الأجهزة مادياً ومعنوياً والإصرار بشدة على إبقائهم في مراكزهم بالرغم من المطالبات الكثيرة بإزاحتهم منذ بداية الثورة".
مؤشرات ينطلق منها اليافعي للقول ان &laqascii117o;لأميركا مصلحة في سيطرة القاعدة على بعض المناطق، اي بتوسع مشروط، اولا لخلق مبرر لوجود اميركي ربما قد يكون طويل الأمد في باب المندب، وثانيا، للحيلولة دون حصول الجنوبيين على الانفصال، ليس حباً بالوحدة، وإنما تلافياً للتعامل مع نظام جديد في الجنوب غير مضمون التعاون معه". ويضيف &laqascii117o;وجود مراكز قوى حليفة لها في صنعاء، يساعد واشنطن على تمرير مشاريعها المقبلة دون ممانعة، وهو ما عناه فايرستاين بقوله أن التعاون مع اليمن حاليا هو كما كان في الماضي إن لم يكن أفضل".
استهداف الحراك الجنوبي
اذاً، يحضر سيناريو ضرب مشروع انفصال الجنوب في خلفيات المشهد الأمني في زنجبار ولودر، خصوصا ان الجنوبيين أنعشوا صفوفهم مؤخرا بمقاطعتهم لانتخاب هادي رئيسا قبل شهرين، كما خرجوا في تظاهرات عدة لإحياء شعارات التحرك الذي انطلق العام 2007، الامر الذي لم ينل حتى الان اي تعاطف اميركي معلن.
من هنا، يرى الناشط السياسي اليمني احمد امين المساوي ان &laqascii117o;الاميركيين يوهمون القوى العسكرية التابعة لطرفي الصراع في البلاد (نظام صالح وفريق هادي الجديد) بأن تسهيل تواجد جماعة انصار الشريعة، سيزيح من امامهم القوى المناهضة للمبادرة الخليجية اي الحراك الجنوبي تحديدا، وذلك عبر ارهابهم ومنعهم من التطلع السياسي خارج الاطر المنصوص عليها في التسوية".
ويضيف المساوي ان واشنطن تقنع قوى السلطة بالامر عبر اغرائهم بالدعم المالي لمكافحة الارهاب &laqascii117o;وهذا ما ظهر قبل اسابيع مع تسليم القوى العسكرية مواقعها وآلياتها للمتشددين الذين استولوا عليها في أبين بطريقة هوليودية"، في وقت لا تكف الطائرات الاميركية عن استهداف مدنيين جنوبيين.. &laqascii117o;عن طريق الخطأ".
وتشير مصادر يمنية الى ان الطرف الثالث في المعادلة الجنوبية، يتمثل &laqascii117o;باللواء علي محسن والأطراف المتحالفة معه كالشيخ عبدالمجيد الزنداني وأولاد آل الأحمر ممن لهم مصالح استراتيجية كبيرة في الجنوب (قطاعات نفطية، وشركات صيد السمك، وأراض، ومزارع...)"، وان خشيتهم من فقدانها في حال الانفصال جعلتهم يدخلون اللعبة الامنية في أبين.
- 'السفير'
معهـد أميـركي: لو أراد 'الناتـو' التدخـل.. فغـالباً لن يستطيـع
على الرغم من التصويت بالإجماع في مجلس الأمن على إرسال فريق المراقبين الدوليين إلى سوريا للإشراف على وقف إطلاق النار، لا تزال أسئلة كثيرة تتزاحم حول ما يمكن القيام به لوقف الصراع. وخلال الأسبوع الماضي، أثار القتال الدائر على الحدود مع تركيا احتمالاً آخر للتدخل: حلف شمال الأطلسي. فقد أثار رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، رداً على إطلاق النار من الجانب السوري، إمكانية اللجوء إلى المادة الخامسة من ميثاق &laqascii117o;الناتو" والتي تنصّ على أن الاعتداء المسلّح ضدّ أي دولة عضو في الحلف يمثل اعتداء على جميع الدول الأعضاء، وبالتالي يستجيب هؤلاء وفقاً لذلك عبر سبل عدة بما فيها اللجوء إلى القوة المسلّحة. أثيرت المادة الخامسة بعد اعتداء 11 أيلول، حيث أن الصراعات السابقة بين اليونان وتركيا في قبرص على سبيل المثال لم تصل لحدّ إقرار هذه المادة. وإن لجأ أردوغان فعلاً إلى إثارة هذه المادة، وحصل على موافقة أعضاء &laqascii117o;الناتو" الآخرين، فتلك ستكون سابقة لاستخدام ميثاق الحلف من أجل الانخراط في حرب أهليّة. لا بدّ من الإشارة، بداية، إلى ضرورة أن يتوخى &laqascii117o;الناتو" الحذر. الوثائق التي سُرّبت من ليبيا كشفت المشاكل التي رافقت تنفيذ عملياته الجوية. فعلى الرغم من المساعدة الأميركية، فإن التحالف ناضل لإيجاد طائرات كافية لاعتراض الاتصالات اللاسلكية بين أعضاء نظام القذافي، كما افتقر لأنظمة الاستخبارات المشتركة المناسبة وللمخططين والمحللين الذين يضمنون فعالية أكبر للعمليات التي ينفذها. ولنكن واضحين هنا ونكرّر ما هو بديهي: الصراع في ليبيا أسهل بأشواط من التدخل في سوريا. ومع ذلك، لم يؤثر هذا الواقع على رغبة أردوغان في إيجاد دعم دولي، إلا أن أسباباً كبيرة تدعو للتشكيك في نجاح أي محاولة لتدخل &laqascii117o;الناتو" في سوريا. في الواقع، يتحول الحلف في مستوياته الأساسية وعلى نحو متزايد إلى مجرّد نمر من ورق. خلال الحرب الباردة، خضعت أميركا للمساءلة بشأن إنفاق حوالي 50 في المئة من ميزانية الدفاع، الآن يصل الإنفاق إلى أكثر من 75 في المئة. وفي هذا الإطار، من الجدير ذكره أن كل بلد في أوروبا قد اقتطع من ميزانية الدفاع لديه، وحتى ميزانية الدفاع الأميركية المتنامية لم تعد معطى ثابتاً. وعليه، سيكون من الجنون، في ظلّ الميزانيات المتناقصة والقدرات المتقلصة والموارد المتضائلة، الدخول في حروب على حوض المتوسط.. وهو بالضبط ما كان يريده أردوغان. الحقيقة المؤسفة هي أن قدرة الحلف على التأثير في معادلة الحرب والسلم خارج أوروبا باتت محدودة. فاثنان من مشاريعه الكبرى خلال العقدين الماضيين، أفغانستان وليبيا، لم يحققا النجاح الذي استبسل مناصرو التدخل لتحقيقه، أما مشروعه الرئيسي، كوسوفو، فما زال غير آمن وغير مستقر بعد 13 عاماً من الاحتلال المستمر. ما يعني ذلك بالنسبة لتركيا؟ لا شك أن أردوغان سيحظى بدعم بعض الدول الأوروبية لرفع مستوى الأمن على طول الحدود التركية ـ السورية. ولكن بغض النظر عن خطر استفحال الأزمة في سوريا وتهديد انتـقالها إلى تركيا، فإن قـدرة &laqascii117o;النـاتـو" على التأثير في مـسار الأزمة بشـكل فاعـل، في أحسـن الأحـوال، محدودة للغاية. والموجة السائدة في أوساط الحلف حالياً من خفض عدد القوات وتقليص الميزانيات وغيرها، تعني أنه لو أراد &laqascii117o;الناتو" التدخل حقاً، ففي أغلب الظن أنه لن يستطيع. ما وصل إليه &laqascii117o;الناتو" يترك تداعيات كبيرة على أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط. فالحلف كان دعامة للاستقرار العالمي منذ تأسيسه في العام 1949 بعد انتهاء الحرب الباردة. الآن، ها هو يتأرجح بين الطموحات الكبرى للاستراتيجية الجديدة التي أقرتها معاهدة لشبونة في العام 2010 وبين الواقع الفوضوي لميزانيات دفاعه المتقلصة وشهيته المحدودة على المغامرة. والنتيجة النهائية: عندما تواجه دولة عضو كتركيا تهديداً معيناً، فلو أراد الحلف مساعدتها لن يقدر على حشد القوى للدفاع عنها. ولكن قد لا يعني ذلك نهاية الحلف الأطلسي بقدر الحاجة إلى التفكير الجدي والتخطيط الاستراتيجي لمواءمة طموحاته مع قدراته. وكما هي الحال عليه الآن، فإن أي الطرفين غير متوازن ما يعني أن الحلف بوضعه الراهن لا يعود بفائدة على أحد.
- 'الاخبار'
سخط شعبي وحزبي على زيارة علي جمعة للقدس المحتلة
'وعّاظ السلطان' والتطبيع: على خطى الحاكم إلا قليلاً
رنا ممدوح:
ضرب مفتي الديار المصرية، علي جمعة، عرض الحائط بالموقف الشعبي المصري الرافض للتطبيع مع إسرائيل، بعد زيارته المسجد الأقصى، مثيراً عاصفة من المواقف المنددة، ومعيداً إلى الأذهان الدور الذى يقوم به &laqascii117o;مشايخ السلطان" في تحجيم دور الأزهر.
&laqascii117o;لا تصالح ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ... والرجال التي ملأتها الشروخ... هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد وامتطاء العبيد... هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم... وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ... لا تصالح". لم يجد المصريون أبلغ من قصيدة أمل دنقل للرد على زيارة مفتى الديار المصرية علي جمعة للقدس، تحت رعاية الاحتلال الإسرائيلي، واصفين زيارته بأنها استكمال للدور الذي يقوم به &laqascii117o;المشايخ المقربون من الحكام" في مصر في تحجيم دور الأزهر وعلمائه في المجتمع المصري.وربط المصريون زيارة المفتي بمصافحة شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، في مؤتمر حوار الأديان عام 2008. وهو الأمر الذي جاء مع فرض إسرائيل حصاراً غير إنساني على شعب غزة، ما سبّب جدلاً عنيفاً فى الأوساط السياسية والبرلمانية المصرية، وقتها طالبت بإقالة شيخ الأزهر، وخصوصاً أن خطوة طنطاوي كان قد استبقها الأخير باستقبال الحاخام الإسرائيلي الأكبر &laqascii117o;لاو" في مشيخة الأزهر، رغم رفض غالبية علماء الأزهر للخطوة. وبرر موقفه في حينه قائلاً &laqascii117o;إذا جاءني عدوي، سواء كان إسرائيلياً أو غير إسرائيلي، فسأقابله".مدير وحدة النظام السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمر هاشم ربيع، فسر زيارة المفتي ومن قبلها مصافحة شيخ الأزهر رئيس إسرائيل بأنها لا تعبر عن مؤسسة الأزهر أو دار الإفتاء، بل عن سياسة الحكومة المصرية وتعاملها مع هذا الملف فتختلف بتغير السياسات من وقت إلى آخر، على عكس موقف الكنيسة الأرثوذكسية في مصر بقيادة الراحل البابا شنوة الثالث، والتي تتبنى، حسب ربيع، سياسة ثابتة تجاه هذه القضية لا تتغير بتغير السياسة الحكومية برفض سفر الأقباط للقدس ورفض التطبيع بكل صوره رفضاً مطلقاً طوال ما يزيد على 40 عاماً. وأوضح ربيع لـ&laqascii117o;الأخبار" أن مؤسسة الأزهر في الثمانينيات في عهد تولي الراحل جاد الحق علي جاد الحق مشيخة الأزهر كان لها موقف معاد لسياسة التطبيع مع إسرائيل، ورافض لزيارة المسلمين للقدس بعدما أفتى بعض العلماء بجواز ذلك بعد عقد اتفاقية أوسلو بين السلطة الفلسطينية والحكومة الصهيونية، بل رفض أن يستقبل الرئيس الإسرائيلي عازار وايزمان إبان زيارته للقاهرة.مفتي مصر الأسبق نصر فريد واصل، رفض زيارة جمعة للقدس. وحذر من أن &laqascii117o;زيارة القدس وهي تحت الاحتلال الصهيوني نوع من التطبيع، يؤدي إلى الإيحاء بأن مشكلة احتلال القدس قد حلت بدليل أن زيارتها أصبحت مفتوحة للجميع، ولا داعي للاستقلال والمطالبة برفع يد الصهاينة عن القدس". ولفت واصل إلى أن نصرة القدس عملياً تأتي عبر تدعيم &laqascii117o;المقدسيين" سياسياً واقتصادياً لتثبيت وجودهم داخل القدس ليكونوا شوكة في حلق مخطط التهويد، مع الاستمرار في حظر التطبيع السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي مع إسرائيل.
التاريخ يذكر أن موقف الأزهر من التطبيع واتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ظل متأرجحاً ومرتبطاً بالسياسة العامة للبلاد ورؤية رئيس الجمهورية، وذلك بفضل استحداث قانون منذ عام 1952 يعطي رئيس الجمهورية الحق في تعيين شيخ الأزهر بدلاً من انتخابه من قبل هيئة كبار العلماء داخل الأزهر، وهو ما ألقى بظلاله على المواقف السياسية لشيوخ الأزهر الممثلين للمؤسسة الإسلامية الأعرق في العالم الإسلامي. ففي الوقت الذي قوبلت فيه زيارة السادات لإسرائيل بغضب عربي وإسلامي شديد، اهتم شيخ الأزهر وقتها، محمد عبد الرحمن البيصار، بإعطاء التبريرات الشرعية لإبعاد صفة الحرمة عن الزيارة. وواكب الأمر خروج فتوى من مفتي البلاد في هذا الوقت عبد الحليم محمود بجواز الصلح مع إسرائيل، رغم وجود اتجاه ثابت أقرّته لجنة الفتوى بالأزهر عام 1956بتحريم التصالح مع إسرائيل لأنها اغتصبت فلسطين من أهلها، وأخرجتهم من ديارهم. وهو القرار الذي بررته اللجنة آن ذاك بأن &laqascii117o;الصلح مع إسرائيل لا يجوز شرعاً لما فيه من إقرار الغاصب على الاستمرار في غصبه، وتمكين المعتدي من البقاء على دعواه".كذلك لوحظ عدم وضوح موقف الأزهر الحالي في عهد رئاسة الشيخ أحمد الطيب، من التطبيع وهو الذي اكتفى بالتعليق على زيارة المفتي للقدس بأنه لم يكن يعرف مسبقاً بالزيارة وأنه يرفض زيارة القدس تحت الاحتلال، من دون أن يترتب على ذلك أي رد فعل أو تصرف تجاه الدكتور علي جمعة، الذي قام بالزيارة قبل أن يستأذن الجهة التي يمثلها، على عكس موقف الأزهر في عهد مبارك بقيادة الشيخ محمد سيد طنطاوي الذي أيد صراحة التطبيع.ولم يكتف طنطاوي بمصافحة رئيس دولة إسرائيل أمام جميع كاميرات وسائل الإعلام، بل عمد الى إصدار فتاوى وصفها مراقبون بالشاذة بجواز إقامة الجدار العازل بين مصر وقطاع غزة، مبرراً بأن الجدار يحمي مصر من أعدائها. أستاذة العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر، الدكتورة آمنة نصير، أكدت أنه بغض النظر عن الموقف الرسمي لشيخ الأزهر، إلا أن الثابت أن جميع علماء الأزهر متفقون منذ سنوات على عدم زيارة القدس وهي تحت الاحتلال، و&laqascii117o;تشاركهم في هذا الموقف الكنيسة المصرية التي ترفض زيارة المسيحيين لها إلاّ بعد تحرير المدينة المقدسة من دنس اليهود، بالرغم مما قام به بعض الأقباط من زيارة القدس أخيراً". نصير أبدت &laqascii117o;تخوفاً من أن تقتل دعوة المفتي لزيارة المسجد الأقصى العداء في نفوس العرب والمسلمين تجاه إسرائيل"، مشيرةً إلى أن ذلك يعدّ دعوة للتطبيع مع العدو الصهيوني تحت ذريعة زيارة المسجد الأقصى.
- 'الحياة'
إيران تستقوي على دول الخليج وتلين في المفاوضات النووية
راغدة درغام:
تعمدت القيادة الإيرانية إرفاق ملامح الصفقة في الشأن النووي مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد المانيا بصفعة الى دول مجلس التعاون الخليجي الست تأنيباً لمواقفها من المسألة السورية واستقواءً عليها بتزامن مع التنازلات المحتملة في الملف النووي. طهران تدرك انها لن تحصل على مباركة الدول الغربية للدور الذي تبتغيه لنفسها اقليمياً. قد يقر الغرب بأهمية إيران في المنطقة، وقد تُقدّم بعض الدول الغربية ضمانات بعدم التدخل في الشأن الإيراني الداخلي. إنما ما لن تحصل عليه إيران هو استئصال أي اعتراف بأن للجمهورية الإسلامية الإيرانية موقعاً مميزاً في الشأن الإقليمي. موقع طهران على الخريطة الإقليمية في حال فرز سيمليه النظام الإقليمي الجديد. موازين القوى التقليدية اهتزت تدريجاً خلال العقود القليلة الماضية وهي الآن تمر بهزة أرضية. القيادة الإيرانية أدركت ان عليها ان تتموضع من جديد إقراراً منها ان موقع إيران التقليدي في موازين القوى الإقليمية قد تآكل. مصر والعراق وتركيا القوى الثلاث الأخرى في موازين القوى التقليدية أيضاً انحسرت، كل منها لأسباب مختلفة. فالعراق تم نسفه من الموازين الإستراتيجية عبر حرب 2003 التي خدمت إيران وإسرائيل. مصر ما بعد 2011 تمر في مرحلة انتقالية خطرة تستلزم منها الانزواء عن ميزان القوى الإقليمي. تركيا تعيد اختراع نفسها وتبدو رابحة سطحياً، لكنها في الواقع مُثقلة ولا تريد الخوض في خصومات. المملكة العربية السعودية تبرز في هذه المرحلة كقوة أساسية في موازين القوى لأنها اختارت الظهور علناً في هذا الإطار ولأنها تتمتع بثقل خمس دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي (دولة الإمارات، قطر، عمان، الكويت والبحرين) على رغم خلافات تقليدية بين هذه الدول. الصراع السعودي – الإيراني ليس جديداً ولا التنافس الإقليمي بينهما. ما يحدث على الساحة السورية هو الجديد بمعنى إفرازاته على تموضع البلدين اقليمياً، ومن ناحية هوية ونوعية النظام الإقليمي الجديد. وطهران توظّف كل الإمكانات بما فيها الليونة النووية والاستفزاز في جيرتها المباشرة كي تكسب جولة في هذا الصراع وكي تبقى إيديولوجيتها جاهزة للتصدير.
في اجتماع إسطنبول الأسبوع الماضي بين ممثلين عن إيران وكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا والصين، أبدت إيران ليونة نسبية بموافقتها على التركيز على الملف النووي. في السابق كانت طهران تشترط الحصول على ضمانات مسبقة تتعلق بدورها الإقليمي، ومكانتها الدولية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية (أي عدم مد العون للمعارضة)، قبل الانخراط في التحدث عن برنامجها النووي. هذه المرة، بدت إيران وكأنها تبحث عن إنقاذ ماء الوجه عبر صيغة تمكنها من التراجع نسبياً. والخروج من المأزق الذي وضعت نفسها فيه. معالم هذه الصيغة معروفة للأطراف المعنية وقد كانت طهران وافقت عليها عام 2009 ثم أعلن آية الله علي خامنئي نسفها. فإذا صدقت في موافقتها على التسوية في اجتماع بغداد الشهر المقبل مع 1+5، تكون تراجعت عن تصعيدها وقبلت بما لم توافق عليه في الماضي، أي التوقف عن تخصيب اليورانيوم الى نسبة 20 في المئة، وإيقاف العمل السري في المفاعل الخفية تحت الأرض، وتصدير ما خصبته بنسبة 20 في المئة الى الخارج لتحضيره وتطويره لغايات طبية وليس عسكرية، قبل إعادته الى إيران.
المحاور الأوروبي الرئيسي، الليدي كاثرين اشتون سمت العملية &laqascii117o;تمرين في بناء الثقة بهدف تسهيل حوار بناء على أساس أسلوب التبادلية وخطوة بخطوة". هذا مع استعداد الغرب للاعتراف بحق إيران بالطاقة النووية.
هذه التطمينات وهذا الأسلوب بالتأكيد كان له وقعه على طهران بما أدى الى عدولها عن المضي برفض &laqascii117o;الجزرة" وعدم التجاوب مع أسلوب الرئيس الأميركي باراك أوباما القائم على الترغيب والاحتضان والتشجيع. لكن العقوبات التي تم إقرارها وتعزيزها كان لها بدورها وقعها الفعال على القرار الإيراني.
الدافع الأهم وراء ليونة القيادة الإيرانية هو قيام باراك أوباما بشطب سياسة &laqascii117o;الاحتواء" التي تبناها منذ تسلمه البيت الأبيض كركيزة التعامل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. شطب أوباما &laqascii117o;الاحتواء" إرضاء لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وترغيباً له بالانتظار الى ما بعد الانتخابات الأميركية قبل الحسم ان كان لا مجال سوى الخيار العسكري في التعامل مع الموقف الإيراني النووي. طهران قرأت جيداً معنى شطب خيار &laqascii117o;الاحتواء" واستنتجت ان لا مناص من عمل عسكري، إسرائيلي أو أميركي، لو ثابرت في برامجها النووية وعاندت في مواقفها. فاختارت الهبوط تدريجياً من أعلى سلم المكابرة.
نظرت طهران أيضاً الى الوضع في سورية وقررت انها لن تكون في حال إنكار، كما دمشق، حول مسيرة التغيير داخل سورية وإقليمياً. نظرت حولها واستنتجت ان هذا ليس وقت المكابرة – أقله مرحلياً – عندما يتعلق الأمر بالدول الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن. فالتداخل بين البرنامج النووي والمسألة السورية في ذهن القيادة الإيرانية تداخل ينعكس على وضع إيران إقليمياً ودولياً. لذلك ارتأت طهران ان محاكاة المبعوث الأممي والعربي الى سورية، كوفي أنان، لها في صدد الملف السوري يشكل فرصة للقيادة الإيرانية يجب عدم تفويتها، سيما عشية اجتماع 5+1 النووي في إسطنبول عندما قام أنان بزيارة طهران طالباً عونها في سورية.
لكن طهران أرادت توجيه رسالة الى جيرتها الخليجية بتزامن مع نبرة الليونة والتنازلات تحسباً لأية تفسيرات بأن هذه النبرة دليل على ضعف بنيوي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقياداتها. أرادت أيضاً التموضع استراتيجياً بصورة أفضل وأوسع لتتمكن من تهديد الإمدادات النفطية وتعطيل الملاحة، إذا ما وقعت تطورات عسكرية، أو إذا استمر الخناق والعزلة والحصار الاقتصادي على إيران.
وعليه، توجه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى جزيرة أبو موسى التابعة لدولة الإمارات والتي احتلتها إيران عام 1971 سوية مع جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى في عهد الشاه. دول مجلس التعاون الخليجي اعتبرت الزيارة الأولى لرئيس إيراني منذ عشرين سنة استفزازاً صارخاً وخرقاً فاضحاً للسيادة الإماراتية، فاستنكرتها ونددت بها واستهجنت التوقيت والأسباب.
كلاهما – التوقيت والأسباب – لهما علاقة بتآكل نفوذ إيران إقليمياً واضطرارها للتراجع عن المكابرة النووية. ثم ان طهران ارادت تأنيب وتخويف دول مجلس التعاون الخليجي من إفرازات مواقفها من سورية وبالذات المملكة العربية السعودية التي تقود حملة التغيير والمؤهلة كقوة عربية فاعلة في موازين القوى الإقليمية.
المملكة العربية السعودية تمكنت من دحض إرهاب &laqascii117o;القاعدة" على أراضيها. تمكنت أيضاً من صد الخطر عليها الآتي من اليمن. والآن، ترى المملكة ان سورية باتت الجزء الحيوي من مساعي إحباط الهيمنة الإيرانية إقليمياً ومسمار العجلة في عربة إنهاء استفراد إيران بدول عربية.
القيادة السعودية عازمة على عدم التراجع في ما تعتبره مسيرة تهميش المتطرفين. ودول مجلس التعاون تبدو مجتمعة على مبدأ التخلص من الإيديولوجيات وتصدير الثورات. انها مجمعة على استخدام الموارد المتاحة لديها من أجل التأثير في التغيير في المنطقة العربية. لكن سمعة الوعود بلا تنفيذ تلاحقها، وعليها الاستدراك.
فالأدوار الجديدة لمجلس التعاون الخليجي كتجمع فاعل في موازين القوى الإقليمية تتطلب إعادة النظر في تقاليد وممارسات وأساليب التعاطي مع بقية الدول العربية – وليس فقط مع إيران أو الدول الغربية. إذا كان البناء والاعتدال حجر أساس لهذا التوجه الجديد، فإن التشييد يجب أن يبدأ داخل الدار الخليجي في إصلاح يتعدى ناطحات السحاب والبنية التحتية المتطورة.
هذه الفترة تتطلب صياغة جديدة من العلاقات سيما ان الدول العربية التقليدية في مراكز ميزان القوى تمر بصعوبة. مصر مثلاً ستحتاج الى دول مجلس التعاون لأنها مهددة بالإفلاس ولأنها تغرق في مصادرة الإسلاميين والإيديولوجية الدينية – السياسية لمصر. الانتظار حتى الانهيار ليس سياسة. لا بد من خريطة طريق وورشة فكرية وعملية تساعد في تجنب الانهيار.
العراق، كمثال آخر، خرج من مرتبة القوة الكبرى في موازين القوى الإقليمية وبات يُعتبّر ملحقاً لإيران، أحياناً. هذا لن يدوم. وكي لا يدوم، لا بد من استثمارات خليجية في العراق ليس بالأموال وإنما بالأفعال. وهنا أيضاً لا بد من التدقيق في شتى السيناريوات الممتدة من تقلّص نفوذ إيران في العراق الى مضاعفة هذا النفوذ في حال خسرت طهران نفوذها في سورية مع سقوط النظام هناك.
أما اليمن، الحديقة الخلفية للسعودية والخليج، فإنه الدولة المهددة بالفشل التام والتي تتطلب الإنقاذ ان لم يكن حباً باليمن، فأقله حرصاً على عدم تحوله بؤرة لتصدير التطرف والبؤس والانفجار.
أخيراً، موازين القوى لم تعد عائدة فقط الى صناع القرار وطاولات رسم التوجهات. اللاعب الجديد بلا وجه واضح، خفي التواجد، شديد التقلب، ما زال في حال الفرز يبحث عن هوية.
- 'الحياة'
مفاجآت في النزاع الإسرائيلي - الإيراني
باتريك سيل (كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الاوسط):
على رغم أنه من المبكّر إطلاق الأحكام المسبقة، يبدو أنّ سياسة إسرائيل حيال إيران قد أخفقت وقد تؤدي إلى نتيجة مختلفة عن تلك التي طالما سعى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى بلوغها.
اعتبرت إسرائيل خلال السنوات الثلاث الماضية أنّ فرض عقوبات قاسية وشنّ حرب عبر شبكة الإنترنت واغتيال العلماء الإيرانيين من شأنه إجبار الجمهورية الإسلامية التي باتت مشلولة على الموافقة على &laqascii117o;وقف تخصيب اليورانيوم بالكامل" أي على تفكيك برنامجها النووي برمّته. كما أمل البعض في أن يمهّد ذلك الطريق أمام &laqascii117o;تغيير النظام" في طهران.
وكانت إستراتيجية إسرائيل تقوم على التهديد بشنّ هجوم بهدف ممارسة ضغوط كبيرةعلى إيران، فرأت أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها لن يتجرأوا على إرغامها على تبرير صحة موقفها، وهذا ما حصل بالفعل. وسعوا بدلاً من ذلك إلى تقويض اقتصاد إيران لمنع إسرائيل من شنّ هجوم عليها، لأنهم كانوا يخشون من أن يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب إقليمية قد تترتب عنها عواقب غير متوقعة ووخيمة.
كانت إستراتيجية إسرائيل تسير على ما يرام، وبدا أنّ كافة الأمور تجري كما كان مخطّطاً له، فكانت العقوبات القاسية على إيران قد بدأت تؤتي ثمارها، حتى أنّ الدعائيين الموالين لإسرائيل في الولايات المتحدة، المتعطشين لتغيير النظام، كانوا بدأوا يدعون إلى التحرّك سرّاً لتقديم الدعم إلى المعارضة الإيرانية.
غير أنّ مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، تدخّلت حينها وأربكت الصقور من خلال العرض الذي قدّمته إلى إيران والقاضي بإعادة إطلاق المحادثات مستخدمة نبرة تصالحية مختلفة عن الوعيد الذي اعتدنا سماعه من واشنطن وباريس ولندن، وعن التهديدات المستمرة التي تطلقها إسرائيل. وردّت إيران بإيجابية على دعوة آشتون، وعقدت اجتماعها الأوّل مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا في إسطنبول في 14 نيسان (أبريل) وأحرزت نجاحاً كبيراً.
وتحدّث سعيد جليلي، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين الذي دعا آشتون إلى مأدبة عشاء غير رسمية في القنصلية الإيرانية، عن &laqascii117o;مقاربة إيجابية". كما وصفت آشتون بدورها هذه النقاشات بـ &laqascii117o;البنّاءة والمفيدة". وبهدف إرساء إطار عمل للمحادثات، طرحت مجموعة من المبادئ التي لا بدّ أنها بعثت الطمأنينة في نفوس الإيرانيين وأثارت غضب الصقور الإسرائيليين، فقد أعلنت أنّ معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية يجب أن تكون &laqascii117o;أساساً" للمحادثات. إلا أنّ المعاهدة تسمح للدول التي وقّعت عليها بتخصيب اليورانيوم في أراضيها عند مستوى 3.5 في المئة لتوليد الطاقة ولأهداف سلمية أخرى. ويبدو أنّ آشتون تلمّح إلى إمكان الاعتراف بحق إيران بالقيام بذلك. ويبدو كأنّ الدول الخمس زائد ألمانيا قد غضّت الطرف عن طلب إسرائيل &laqascii117o;وقف التخصيب"، فاقترحت أن يتمّ التركيز على حضّ إيران على وقف تخصيب اليورانيوم عند مستوى 20 في المئة حين تضمن الحصول على الإمدادات اللازمة لمفاعل الأبحاث في طهران الذي يحتاج إلى يورانيوم مخصّب عند هذا المستوى لإنتاج النظائر بهدف معالجة المرضى المصابين بالسرطان في إيران. وبما أنّ الرئيس أحمدي نجاد أعلن مراراً أنّ إيران ستوقف تخصيب اليورانيوم عند مستوى 20 في المئة في حال ضمنت حصولها على الإمدادات من الخارج، يبدو أنّ بارقة الأمل بإمكان التوصّل إلى حلّ باتت تلوح في الأفق.
فضلاً عن ذلك، أعلنت كاثرين آشتون أنّ &laqascii117o;المفاوضات ستجري على أساس مبدأ خطوة خطوة والمبادلة". ويدل اعتماد هذه المقاربة التدريجية والتنازلات المتبادلة على أنه سيتمّ رفع العقوبات على مراحل حين تقدّم إيران أدلة دامغة بأنها لم تكن تسعى إلى صناعة الأسلحة النووية وبأنها ستسمح لمراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة منشآتها. كما أنها قرّرت دعم الفتوى التي أصدرها المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي عام 2005 والقاضية بمنع إنتاج الأسلحة النووية وتخزينها واستخدامها.
وعقب انتهاء اجتماع اسطنبول الذي دام عشر ساعات، اتفقت إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا على عقد اجتماعها المقبل في بغداد في 23 أيار (مايو)، ما يعد بسلسلة طويلة من المحادثات.
وكانت ردّة فعل نتانياهو الغاضبة متوقّعة. فأعلن بحدّة أنّه &laqascii117o;تمّ تقديم هدية إلى إيران كي تستمر في التخصيب من دون حدود. يجب أن تُقدم إيران على خطوات جدّية من أجل وقف التخصيب وإزالة معدات التخصيب وتفكيك المنشأة النووية في مدينة قم. أعتقد أنّه يجب عدم إعطاء أكبر ممارِس للإرهاب في العالم فرصةً لصناعة قنابل ذرية".
ويبدو أنّ هذا الاتهام السافر ينطبق عليه أيضاً، فإضافة الى قمع إسرائيل المستمر للفلسطينيين وسلبهم أراضيهم، فإن لها سجلاً طويلاً من تصفية معارضيها السياسيين، فيما يعتقد البعض أنها مسؤولة عن اغتيال خمسة علماء إيرانيين في السنتين الماضيتين وعن نشر فيروس &laqascii117o;ستاكسنت" في أنظمة الكومبيوتر الإيرانية، وهي اعمال تصنف ضمن إرهاب الدولة.
وصنعت إسرائيل بمساعدة الفرنسيين أولى قنابلها الذرية في الستينات من القرن الماضي أي منذ حوالى نصف قرن. وكانت مستعدّة لاستخدامها في حال انقلبت حرب عام 1967 التي شنتها إسرائيل على العرب ضدها. ويرى معظم الخبراء اليوم أنّ مخزون إسرائيل من الأسلحة النووية يتراوح بين 75 و150 رأس حربي. كما أنّ إسرائيل قادرة على &laqascii117o;شنّ ضربة ثانية" بفضل الغواصات الألمانية الصنع المزوّدة صواريخ نووية.
يعتبر نتانياهو أنّ الجمهورية الإسلامية تشكل &laqascii117o;خطراً وجودياً" على إسرائيل. ولا يوجد دليل قاطع يثبت صحة هذا القول. صحيح أنّ الرئيس الإيراني سبق وأعلن أنّ إسرائيل &laqascii117o;ستختفي من صفحات التاريخ" في يوم من الأيام، غير أنّ إسرائيل أساءت ترجمة هذه الجملة لأسباب دعائية بالطبع، واعتبرت أنّ خطة إيران تقضي بـ &laqascii117o;محو إسرائيل عن خارطة العالم". غير أنّ إيران هي التي تواجه خطر تدميرها اذا حاولت شنّ هجوم على إسرائيل، فعدا عن ترسانتها النووية الكبيرة وأنظمة الإطلاق المتطوّرة، تملك إسرائيل قدرة عسكرية تقليدية تفوق قدرة إيران وتحصل على الإمدادات من الولايات المتحدّة. وتعهدت الولايات المتحدّة بالحفاظ على تفوّق إسرائيل العسكري على الدول الإقليمية أو ما يسمى بالتفوّق العسكري النوعي، علماً أنّ هذا التعهّد منصوص عليه في القانون الأميركي.
ما السبب الذي يدعو إسرائيل إلى القلق إذاً؟ تخشى إسرائيل أن تحدّ إيران من حريتها في التحرّك في حال صنعت الأسلحة النووية، أو أقله اذا حازت القدرة على ذلك. فلن يكون بوسعها شنّ هجوم على الدول المجاورة لها متى شاءت، لأنها تخشى الردّ عليها. والحقيقة هي أنّ إسرائيل ترغب في حرمان الدول المجاورة لها من القدرة على الدفاع عن نفسها، فلن يتمّ السماح لأيّ منها بالحصول على قدرة الردع. وتكره إسرائيل &laqascii117o;حزب الله" في لبنان وحركة &laqascii117o;حماس" في قطاع غزة لأنّهما يملكان قدرة معقولة للثأر من الهجمات الإسرائيلية، لهذا السبب تعتبرهما إسرائيل &laqascii117o;منظمتين إرهابيتين" وتحمّل إيران مسؤولية تسليحهما.
لطالما عارض نتانياهو المحادثات بين إيران والمجتمع الدولي، ولا شك في أنه يأمل في انهيارها. وسيتمّ حشد اللوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدّة لهذه الغاية. لكن في حال نجاح كاثرين آشتون ونجاح المفاوضات مع إيران وفي حال تمّ إبعاد شبح الحرب، قد يترتب على إسرائيل أن تتعايش مع تقويض بسيط لهيمنتها الإقليمية.
- 'الاخبار'
رسالة أوباما لطهران: 3 ملفات تنتظر الحسم
ناصر شرارة:
يتّصف اليابانيون بأنهم الشهود على الكثير من وقائع المحادثات السياسية الساخنة في الكواليس الدولية، فخلال انعقاد مؤتمر الأمن النووي في سيول الشهر الماضي، تابع اليابانيون عن كثب، ما دار في الكواليس من اتصالات ومشاورات بين قادة الدول الـ(51)، حول قضايا الساعة الساخنة، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني والوضع السوري
ربما كان أهم اللقاءات التي عقدت على هامش قمة الأمن النووي في عاصمة كوريا الجنوبية سيول في 26 آذار الماضي، اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي باراك اوباما، ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، حسبما يرى مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية اليابانية. هذا اللقاء الذي كشف ديفيد اغناطيوس، المعروف باطلاعه على مواقف البيت الأبيض، أنه أسفر عن تحميل الأول للثاني رسالة الى القيادة الايرانية تتضمن قبول واشنطن بمواصلة طهران برنامجها النووي، مقابل ضمانة بأنها لن تستخدمه لأسباب عسكرية.
لكن المصدر الياباني كشف عن عناصر أخرى تضمنتها رسالة أوباما، وأبرزها يتمحور حول ثلاث قضايا أساسية: الأولى على صلة باجتماع اسطنبول الذي عقد في وقت لاحق هذا الشهر بين إيران ومجموعة الدول الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا). والثاني يتصل بالموضوع السوري والثالث يخص الموضوع العراقي.
وفي تفاصيل هذه العناوين الثلاثة الآنفة، نقل الدبلوماسي الياباني عن أردوغان قوله إن الأميركيين لديهم رؤية لحل هذا الأمر، والسماح لإيران بمواصلة التخصيب لقاء ضمانات بسلميته، وتعهد بذلك من المرشد الأعلى للثورة الاسلامية السيد علي خامنئي. وطلبت رسالة أوباما في سياق عرضها للضمانات المطلوبة، أن توافق طهران في اجتماع &laqascii117o;5+1"، على السماح لمراقبي تفتيش الهيئة الدولية النووية بالدخول الى مفاعلات نووية كان سبق لواشنطن أن حددتها مسبقاً.
وبخصوص الموضوع السوري، أوضح الدبلوماسي الياباني، أن واشنطن مستعدة لعدم تسليح المعارضة السورية، في حال أوقف النظام حملاته العسكرية ضد المناطق الساخنة، ونفذ إصلاحات سياسية ملموسة. المطالب الأميركية، اشتملت أيضاً، كما عرضها أردوغان، على مطلب يعني تركيا، وهو أن توقف دمشق سياق الدعم الناشط، الذي عادت أخيراً اليه، لحزب العمال الكردستاني.
وبخصوص الموضوع العراقي، أبدى الأميركيون للإيرانيين من خلال أردوغان، اهتماماً بمسألة ان تضغط طهران على رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، لإجراء مصالحة مع القوى السنية، والتي تصفها واشنطن بأنها معتدلة، ويشكل وجودها في معادلة الحكم في العراق صمام أمان لتهميش القوى الأصولية التي تحاكي عقائدياً تنظيم القاعدة.
وتكهن المصدر أن واشنطن، &laqascii117o;في حال نجح أردوغان بإقناع طهران بالسير بالمطالب الآنفة، ستكون مستعدة لممارسة سياسة تهدئة شبه علنية تجاه سوريا، لكن بالنسبة لإيران فإنها قد تبقى، ظاهرياً، تعتمد سياسة النبرة العالية في خطابها الإعلامي والسياسي، وذلك بسبب حاجة أوباما إلى إتمام صفقة تسليح أميركية جديدة وكبيرة لدول الخليج العربي، تجري مفاوضات متقدمة بشأنها حالياً".
يسترسل الدبلوماسي الياباني أن صفقة التسليح المقصودة، هي عبارة عن &laqascii117o;بناء درع صاروخية في الخليج تشبه الدرع الصاروخية التي أنشأتها واشنطن في تركيا"، وتبلغ كلفتها، بحسب مصدر دبلوماسي روسي، &laqascii117o;600 مليار دولار، ستتكفل دول الخليج بدفعها، علماً ان كلاً من موسكو وطهران ترفضان اقامتها".
كذلك تخشى واشنطن من أن إعلانها عن تفاهم مع طهران حول برنامجها النووي، سيمس بسلاسة موقف دول الخليج من عملية بت الصفقة بسرعة، لأن إعلان التفاهم سيقلّل من أجواء التوتر السائدة الآن في الخليج، والذي تستغله واشنطن للتهويل على دوله، وحثها على شراء الحماية الأميركية لأمنها بأسرع وقت ممكن". والواقع أن واشنطن عبر هذا الاسلوب &laqascii117o;تكرر مع دول الخليج بخصوص ايران، نفس لعبة التهويل التي تمارسها على اليابان من خلال تضخيم حالة التوتر المرتقبة جراء سياسات كوريا الشمالية"، حسب قول الدبلوماسي. وأضاف أن &laqascii117o;أوباما يراهن على أن أموال هذه الصفقة، اذا ما ضخت في السوق الأميركي ولصالح مجمع الصناعات العسكرية الأميركية، خلال حملة الانتخابات الأميركية، فإنها، بلا شك، ستحسّن من وضعه الانتخابي".
ورغم ورود إشارات إيجابية عن لقاء اسطنبول، لم ترشح معلومات حاسمة عمّا إذا كانت رسالة أوباما تركت تأثيرات أكيدة على اجوائه. ثمة تكهن بأن ذلك قد يتوضّح خلال اجتماع بغداد الذي سيعقد في 23 أيار المقبل، وذلك لأن طهران ليست معنية بإعطاء تركيا أي رصيد دبلوماسي هام في هذه الفترة.
وجهة النظر هذه، أكدها دبلوماسي تابع عن كثب العلاقات التركية – الإيرانية خلال الفترة الأخيرة، فرأى أن زيارة أردوغان لإيران يوم 28 آذار الماضي، والتي حمل خلالها رسالة أوباما الى خامنئي، كانت سلبية عموماً، وتحديداً وحصراً، حول الموضوع السوري، حيث سمع اردوغان لهجة ايرانية قوية بدعمها للنظام السوري، وناقدة للمسار الذي تتخذه تركيا حيال هذه الأزمة.
وقال المصدر إن &laqascii117o;إيران قررت أن تكون جولة مفاوضاتها مع 5+1 شكلية ونوعاً من المسايرة للأتراك". لكن اقتراحها بأن تكون بغداد هي المكان الذي يستقبل الاجتماع الثاني الحاسم والأهم، لم يأت فقط بسبب الموضوع السوري، ورغبتها بإضعاف مكانة أنقرة السياسية، بل لوجود ملاحظات لطهران على &laqascii117o;طريقة ممارسة تركيا لدورها كبلد مضيف للمفاوضات".
ويشتكي الإيرانيون من &laqascii117o;أن أنقرة خلال المفاوضات النووية فوق أرضها، تتبرع لمحاولة اقناعهم بإلحاح بالدخول في قناة اتصال مباشرة مع الأميركيين، في حين ان طهران ترفض ذلك وتعتبر أن قضية الملف النووي تبحث حصراً ضمن اطار مفاوضاتها مع مجموعة الست. و&laqascii117o;قاد هذا السلوك التركي، كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي، في إحدى المرات، بالتهديد بالانسحاب، والعودة الى طهران، إذا استمر الأتراك بالضغط لتأمين لقاء ثنائي له مع المفاوض الأميركي وليم بيرنز، الذي كان واقفاً وراء الباب، وصبره يكاد ينفد".
ثمة وقائع دبلوماسية عديدة حدثت خلال الأسابيع الأخيرة، حسبما نقلها المصدر المطّلع، وكلها تشير إلى أن أنقرة تحاول تطبيع علاقتها مع كل من ايران وروسيا. ويعتبر ذلك دفعاً لما تشعر به في هذه الفترة، من أنها مقبلة على دفع ثمن سياسي نتيجة اتخاذها مواقف صدامية، وليست فقط معاكسة، لمواقف ايرانية وروسية تُعتبر من وجهة نظر كل من البلدين، انها من صميم مصالحهما الاستراتيجية. لعل ابرز هذه المصالح قيادة أنقرة الحملة ضد النظام السوري وقبولها بانشاء درع صاروخية أميركية فوق ارضها.
المصدر الدبلوماسي روى أنه إثر وصف علي لاريجاني مؤتمر أصدقاء سوريا في اسطنبول بأنه &laqascii117o;بمثابة رشوة لاسرائيل"، اتصل وزير الخارجية التركي احمد داوود أوغلو بنظيره الايراني (علي أكبر صالحي)، محاولاً تلطيف أجواء علاقاتهما، وقال له: &laqascii117o;إن تصريح لاريجاني سبّب لنا إحراجاً داخلياً في تركيا، وبخاصة بين الاوساط الشعبية المؤيدة لحزب العدالة والتنمية".
وعلّق الدبلوماسي، أن كلام داوود أوغلو، اضافة إلى كونه محاولة لامتصاص نقمة طهران، والايحاء لها بأنه لا يزال هناك أمر مشترك بينهما هو العداء لاسرائيل، الا انه في جانب منه، يعكس جواً حقيقياً موجوداً داخل تركيا، يتمثل &laqascii117o;بأن حكومة اردوغان ليست مطلقة ا