قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الجمعة 15/6/2012

- 'الجمهورية'
'الجمهورية' في إيران: سباق التسلّح ودعم المقاومات (6)
طارق ترشيشي:

في جلسة جمعت مدعوين لبنانيين وعرباً مع بعض السياسيين الايرانيين على هامش الاحتفالات بالذكرى الـ23 لرحيل مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام آية الله الخميني، طُرح سؤال حول مصير إيران في ضوء سباق التسلح الذي تخوضه والمقرون بدعمها لحركات المقاومة، خصوصاً في لبنان وفلسطين، الى ما تقدمه من مساعدات لدول وشعوب فقيرة(...للقراءة).


- 'الاخبار'
لماذا يدفع الغرب نحو 'الحرب الأهليّة'؟
ناصر شرارة:

تصريح مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، ايرفي لادسو، عن أن سوريا تشهد حرباً أهلية ليس منقطعاً عن سياق محموم، تجري بلورته داخل كواليس دول &laqascii117o;مجموعة أصدقاء الشعب السوري"، لإعطاء مفهوم سياسي وقانوني لما يجري في سوريا، يخدم هدف إسقاط شرعية النظام والدولة، وغايات أخرى أكثر خطورة وأبعد أثراً.
بدا واضحاً في الأيام الماضية أن إدخال مصطلح الحرب الأهلية على ما يجري في سوريا، يرمي إلى ثلاث نتائج، الأولى تتمثل في القول إن النظام في سوريا لم يعد دولة، بل أصبح طرفاً من أطراف الحرب الأهلية. أما الثانية فتتمثل في التلميح النافر إلى أن ما يجري في سوريا يحدث على أساس خلفية مذهبية، قوامه حرب أهلية بين الغالبية السنية والأقلية العلوية، وهو ما يصور الحدث السوري بنظر الشارع العربي، المطلوب استثارته مذهبياً، على أنه صراع على الهوية المذهبية لهذا البلد، وذلك على حساب هويته العربية. أما النتيجة الثالثة، فإن الهدف المرتجى تحصيله انطلاقاً من النقطتين الآنفتين، يتمثل بالنفخ في مشروع فتنة تقسيم سوريا على أساس مذهبي، ما يبرر، بنهاية المطاف مشروع الدولة اليهودية. ويجعله يبدو، وكأنه جزء من مشهد عام يسود المنطقة. داخل القيادة السورية، يوجد وعي متيقظ تجاه هذه الأهداف، ولم يعد خافياً على مراقبي الوضع السوري من الداخل. الرئيس السوري، بشار الأسد، درج، منذ تفاقم الأحداث في بلاده، على تقسيم جهده على مستوى المعالجة السياسية واللوجستية إلى نصفين. الأول: محاولات الحوار المباشر مع مناطق الاعتراض، وتقديم بوادر حسن النية نحوها واحتواء مطالبها عبر تفهمها وإعطاء الوعود العملية بحلها. والجهد الثاني، ضبط شارع القاعدة الشعبية للنظام، ومنع وقوعه في ردات الفعل على ما يوجه ضده، ولا سيما اذا كان العلويون هم المستهدفين. وينطبق هذا الأمر على البعثيين أيضاً. وواقع تشدد الرئيس السوري في هذه النقطة، يأتي تجنباً للوقوع في هدف مذهبة الأحداث السورية وتحويلها إلى حرب استتباع أهلية مذهبية للأزمة العراقية. وهو ما تحول إلى مدعاة لشكوى من مناصريه.
ماذا في الحفة ودمشق؟
أحدث مثال على حرص الأسد والجيش السوري على قطع دابر أخذ الأحداث إلى حرب أهلية مذهبية، تمثل في أحداث الحفة، وهي بلدة قريبة من اللاذقية، يقطنها سوريون من الطائفة السنية، وتحيط بها عدة قرى مقطونة من سوريين علويين. بداية الإشكال هناك حصلت قبل نحو أسبوعين، بين الحفة والقرى المحيطة بها بعد خلاف تقليدي في تلك المنطقة على ملكية مرامل وحقول تنتج حصى للبناء. ولأن النظام في ظروف الأحداث الراهنة، يريد قطع الطريق على مصطادي فرص الفتنة المذهبية بين مكونات الشعب السوري، تم توجيه الجيش لضرب نوع من الحصار على القرى العلوية المحيطة بالحفة، عن طريق نصب حواجز لمنع أهاليها من القيام بأي تجاوز ضد أهالي الحفة. وظل هذا الواقع العسكري مفروضاً لأيام، ليتبين بعدها أن عناصر سلفية في الحفة استغلت ستار الحماية، الذي أقامه الجيش لحمايتها، وامكانية التستر به لتنفيذ عملية بناء تحصينات داخل البلدة وعلى تخومها بمواجهة القرى المحيطة بها. وعندما جاء وفد حكومي كبير ضم وزير الداخلية، محمد إبراهيم الشعار، وهو من أبناء الحفة، ليستعلم عن سبب هذه التحصينات، لم يجد في لقائه أبناء الحفة المطالبين بحصتهم من الرمول والبحص، بل أشخاصاً ملتحين قالوا له إن المشكلة ليست مسألة المرامل، بل نريد تنحي الأسد، ما اضطر الجيش للتعامل مع هذه التحصينات وتفكيكها. واقعة أخرى أبلغ دلالة. مع بدايات ليل الجمعة ــ السبت الماضي، كانت دمشق تعيش هدوءاً لازمها بنسبة عالية منذ بدء الأحداث، قبل أن تشهد فجأة ومن دون مقدمات، قيام مئات المسلحين (بعض التقديرات تقول ألفين) بغزوها عسكرياً، انطلاقاً من مناطق ريفها المتعددة. وشنّ هؤلاء، في وقت واحد، هجمات على معظم حواجز الجيش السوري المنصوبة عند العديد من مداخلها. وكانت خطة المسلحين تراهن على أنه مهما نجح الجيش في صد أعداد منهم، فإن ذلك لن يحول دون نجاح بعض مجموعاتهم من النفاذ إلى داخل العاصمة والتسلل إلى داخل أحيائها واشاعة الفوضى فيها لأطول مدة ممكنة. وهذا ما حصل بالفعل، ولو إلى حد معين، حيث كانت أحياء في العاصمة خلال تلك الليلة مسرحاً لإطلاق نار، وحرب كرّ وفرّ، استتبعتها عمليات تطهير لها، من قبل قوات حفظ النظام استمرت تداعياتها لغاية يومين تقريباً. من منظور ديموغرافي، فإن محيط دمشق مأهول بنسيج اجتماعي مختلط. وكان الهدف المضمر لخطة ليلة الجمعة، هو أن يؤدي &laqascii117o;غزو" دمشق، من قبل مناطق في ريفها ذات لون مذهبي معين، إلى استفزاز قاطني هذه الأرياف من اللون المذهبي الآخر، وبذلك يصل مشروع الفتنة المذهبية إلى داخل العاصمة، ليصبح هو الخلفية الوحيدة للحدث السوري في الاعلام العالمي. لكن ما حصل، أن منفذي هذه الخطة من المسلحين، لم يجدوا في مواجهتهم إلّا قوات حفظ النظام التابعة للدولة وللجيش السوري، التي تعاملت معهم ضمن نطاق يؤكد صورة أن &laqascii117o;الدولة وحدها هي التي تواجه حركات إرهابية مسلحة خارجة على القانون". ويجري منذ أيام في العاصمة، تسريب شائعات من نوع أن ما حصل يوم الجمعة كان الفصل الأول من &laqascii117o;خطة ساعة الصفر"، وأن الجزء الثاني من هذه الخطة سيحدث ليل الجمعة المقبل. والهدف هو ذاته، استفزاز اللون الطائفي الثاني في العاصمة وريفها، وبث الخوف بين صفوفه كي يتسرع في امتشاق السلاح. واللافت أن مجريات الوقائع المتصلة بمصطلح &laqascii117o;خطة ساعة الصفر" في دمشق، كانت قد شاعت في طرابلس قبل أيام ووصلت إلى كواليس أجهزة أمن لبنانية، حيث أفيد عن أن سلفيي المدينة يشيعون بين أوساطهم أنهم أعدوا خطة للسيطرة على كامل المدينة و&laqascii117o;تطهير جبل محسن". وأطلقوا على هذه العملية المزعومة مصطلح &laqascii117o;خطة ممحاة"، وبموجبها سيهاجم مئات المسلحين دفعة واحدة وبضربة صاعقة جبل محسن والمدينة من كل المحاور والاتجاهات. ولا يوجد تحليل آخر لأسباب تسريب هذه المعلومة، سوى تسخين الجو المذهبي في المدينة واستفزاز الخصم ليبادر الى الضغط على الزناد.
السلفيون يكررون السيناريو نفسه
والواقع أن استثارة الفتنة المذهبية أمر عمليات يومي، ينفذه طيف واسع من المجموعات المسلحة داخل سوريا، المنقادة من شيوخ مرئيين وغير مرئيين يعيشون في الخارج، وتوجد في تصرفهم فضائيات موجهة لتخصيب منسوب الاحتقان المذهبي في سوريا، وأموال طائلة لعسكرة الحراك المذهبي. والواقع أنه في كل الأمكنة التي صارت الآن تصنف على أنها ساخنة في سوريا، كرر السلفيون وشيوخهم، الذين تقيم غالبيتهم خارج البلد، نفس خطة العمل التي اتبعوها في دوما الواقعة في ريف دمشق. فهذه الأخيرة، رغم التواجد السلفي، إلا أنها تاريخياً، محسوبة بطابعها العام، على تيارات ناصرية، أبرزها تيار حسن عبد العظيم. وفي بداية الحراك، كان أنصار عبد العظيم من أبنائها يخرجون في تظاهرات سلمية مطالبة بالحرية. وكانت هذه التظاهرات تتعايش مع حماية قوات حفظ الأمن لمسار خط سيرها. لكن خلال إحدى التظاهرات، صدر اطلاق نار مجهول المصدر أدى إلى مقتل أحد المتظاهرين. إثر ذلك، برز بين الجمع شباب ملتحون، قاموا بتحريض الأهالي المحتشدين حول جثة القتيل، لتغيير سير التظاهرة المعتاد والهجوم على مركز للأمن عند طرف البلدة. ومنذ تلك الواقعة، اختفى الناصريون والحراك السلمي من دوما. وانتشر السلفيون المسلحون في مجموعات داخل احيائها، ويظهر الكثير من عناصرها ملثمين. ثم أنشأوا محكمة شرعية في دوما. أحد أبناء البلدة، الخبير في الشؤون السلفية، يقول: &laqascii117o;السلفيون لديهم خطة واحدة طبقوها حيثما استطاعوا في سوريا، وهي تتدرج وفق المراحل التالية: في البداية، لا يظهر السلفيون في مشهد الحراك، ثم يقومون بافتعال حادثة قتل في أحد التظاهرات، بقصد توريط أهالي المحلة أو البلدة في صراع دم مع النظام. على الأثر، يطرحون أنفسهم بأنهم الوحيدون القادرون على حماية أهالي البلدة أو المحلة، وفي مقابل الحماية يطلبون من الأهالي الولاء الكامل لهم ولعقيدتهم و&laqascii117o;اعلان البراء" من النظام (تطبيقات نظرية الولاء والبراء الوهابية السلفية الجهادية)". لماذا الآن؟ بدا لافتاً توقيت تصريح لادسو، عن أن سوريا تشهد حرباً أهلية. وسبب توقيت إعلانه ليس خافياً، فهو يتقصد، من موقعه في الأمم المتحدة وصلته ببعثة مراقبيها في سوريا، أن يقدم للمؤتمر الدولي المطروح عقده حول الأزمة السورية، توصيفه الاطار القانوني والسياسي، الذي يجب أن يتم وضع الموضوع السوري فيه خلال بحث المؤتمر له. أي توصيف الحرب ألاهلية على أساس مذهبي وديني وليس على أساس أنه ارهاب أو حتى حراك مسلح ضد الدولة والنظام. وهذا التوصيف غايته الأساس إسقاط الدولة السورية القائمة من الناحية القانونية والشرعية الدولية. والغاية الأبعد لهذا التصريح، هي التأسيس لوضع خيار مشروع النظر في تقسيم سوريا، على طاولة النقاش الدولي في المؤتمر. وما هو غير شائع في أسرار الحدث السوري، أن عسكرة حراكه، كانت منذ البداية هدفاً دولياً وإقليمياً وهدفاً صميمياً داخل التوجه الاستراتيجي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين. لقد صاغ الغرب منذ الأسابيع الأولى للأحداث السورية مقولة داخل كواليس مشاوراته الدبلوماسية، تفيد بأن حمل المعارضة السورية للسلاح ليس انحرافاً من قبلهم عن السلمية، بل نوع من ممارسة حق الدفاع عن النفس المشروع، وفق القانون الدولي. وطرح هذه المقولة في ذاك الوقت المبكر، وفي مرحلة لم تكن قد ظهرت خلالها حالة العنف، لم يكن له تفسير سوى تحريض الحراك السوري على سلوك الطريق السريعة نحو الحرب الأهلية. أما التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، فإنه منذ الأيام الأولى للحراك، سادت داخل محافله الضيقة الدعوة إلى عسكرة الحراك في سوريا، انطلاقاً من فكرة أساسية تقول إن العسكرة ستؤدي إلى استنفار عصب الغالبية الديموغرافية السنية بمواجهة الأقلية العلوية. وهذا تفوّق استراتيجي لا بد من استخدامه في معركة إسقاط النظام، ولا بد من طرحه، كاستثمار مربح، على دول الخليج العربي، بوصفه مكسباً يعوضهم خسارة السنة في العراق. ولا بد أيضاً من تقديمه للغرب بوصفه انتفاضة سنية في المشرق العربي لطرد إيران منه، عبر طرد حليفها الأسد من الحكم. وضمن هذا السياق، كان ولا يزال مقصوداً، إظهار صورة حزب الله في خلفية الحدث السوري، للإشارة الى ارتباط هذه المعركة بقضية الغرب في صراعه مع إيران.
الجميع شركاء
واذا كانت المساعدات العسكرية الفرنسية والبريطانية للمعارضة السورية، وتأييدهما المعلن لعسكرة حراكها، هو أمر لم يعد بحاجة لإثبات، فان الوقائع تؤكد أن واشنطن، هي أيضاً، وعلى عكس تصريحات مسؤولي الإدارة والخارجية، تسهم بأشكال مختلفة في تشجيع عسكرة الأزمة السورية. والواقع أن قرار عسكرة الحراك السوري، كان منذ البداية هدف الأهداف لمجموعة أصدقاء الشعب السوري، وبمثابة خطة دولية لإسباغ صفة الحرب الأهلية على الوضع في هذا البلد، كوصفة لإسقاط الدولة السورية، ووضع المشرق في أتون حرب مذهبية، تستدرج فكرة تقسيم كياناته الوطنية على أساس مذهبي.
شهادات التورط الأميركي
توجد شهادات من غير جهة حقوقية عالمية مستقلة، وبعضها تابع للأمم المتحدة، تؤكد انخراط خبراء أميركيين تابعين للاستخبارات الأميركية في عمليات تنسيق وإدارة عمليات مجموعات عسكرية سورية معارضة داخل سوريا. من هذه الشهادات ما قاله، قبل اكثر من شهرين، في محادثة مع دبلوماسي عربي، رئيس لجنة التحقيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان في سوريا، باولو بنييرو، عن أنه توجد معلومات، وصفها بالمقلقة، لدى لجنته تفيد بـ&laqascii117o;أن للولايات المتحدة الاميركية ولفرنسا وبريطانيا، أناساً يعملون داخل سوريا لدعم المعارضة". ويتحدث بنييرو، عن جولة قام بها في واشنطن، للقاء عدد من مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية، حيث اكتشف أن رموزاً من المعارضة السورية المنادين بالعسكرة يداومون في معهد &laqascii117o;بروكينغز" بتوصية من الخارجية، وأن هؤلاء صبوا جام غضبهم عليه حينما التقاهم لأن تقرير لجنته، حينها، دعا إلى الحد من عسكرة الحراك السوري.


- 'السفير'
حرب أميركا الإلكترونية على سوريا: صناعة 'مقاتلين سايبيريين'
هيفاء زعيتر:

في خضم حرب التسلّح والتسليح الدائرة على الساحة السورية، تحتدم &laqascii117o;حرب" أخرى من نوع آخر، ربما تكون أشد خطورة لأنها أكثر ذكاء. هي حرب إلكترونية تتولى الإدارة الأميركية قيادتها تحت شعار &laqascii117o;المساعدات اللوجستية"، فيما تعمل على تحويل المقاتلين على الأرض إلى &laqascii117o;محاربين سايبيريين" يتقنون حمل الرشاش في يد والكاميرا أو الكومبيوتر في اليد الأخرى. أما اللافت في الأمر فهو لجوء واشنطن إلى حيل إلكترونية تشبه تلك التي يستخدمها تجار المخدرات أو قراصنة الانترنت، وحيلهم نفسها كانت عرضة لـ&laqascii117o;هجمات" أميركية استغرقت سنوات عدة. &laqascii117o;أبو غسان" هو أحد هؤلاء المقاتلين، وهو يروي بـ&laqascii117o;فخر" لمجلة &laqascii117o;التايم" الأميركية &laqascii117o;كيف تعلّم القتال باستخدام رشاش من طراز &laqascii117o;أك – 47"، لكن الأهم كيف تعلّم التصوير واستخدام الانترنت" .. وكيف حوّله الأميركيون إلى &laqascii117o;مقاتل سايبيري". ويشرح &laqascii117o;أبو غسان" كيف أصبح بإمكانه تحميل التسجيلات القتالية المصوّرة عبر الانترنت، وذلك في بداية التدريب الأميركي للمعارضة على تكتيكات &laqascii117o;القتال السايبيري". وبعد فترة وجيزة، اختار قادة المعارضة المحلية المهندس السابق وانتدبوه للذهاب إلى أميركا من أجل الخضوع لدورات تدريبية أكثر تطوراً تتعلّق بمعرفة آليات تشفير الحواسيب، الالتفاف على أجهزة الرقابة الحكومية والاستخدام الآمن للهواتف النقالة بمساعدة وزارة الخارجية الأميركية. تلفت المجلة إلى محاولة واشنطن الانخراط في الصراع عبر خط لا مرئي، هو التدريب الإلكتروني. فبينما صرّحت إدارة أوباما علناً أنها لن تسلح المعارضة للإطاحة بالأسد، كشف مسؤولون أميركيون أن إدارتهم بدأت، منذ اندلاع الصراع، بتأمين الدعم والتدريب التكنولوجي للمعارضين السوريين عن طريق مجموعات صغيرة غير ربحية مثل &laqascii117o;معهد الحرب والسلام" و&laqascii117o;بيت الحرية" (أو &laqascii117o;فريدوم هاوس"). وتعود &laqascii117o;التايم" إلى بداية مشروع &laqascii117o;الدعم التكنولوجي" الأميركي، وذلك قبل أربع سنوات فيما كان الهدف منه مختلف تماماً: الصين. حينها زار المحامي مايكل هوروويتز صديقه السيناتور الأميركي عن الحزب الجمهوري لولاية فرجينيا فرانك وولف واقترح عليه تخصيص أموال لمساعدة جماعة &laqascii117o;فالون غونغ" المحظورة، والتي تصنفها بكين بـ&laqascii117o;الخطيرة". كانت الأموال مخصصة لتوزيع برامج تساعد المنشقين الصينيين لأن يتحايلوا على حائط الرقابة الحكومي وتنظيم صفوفهم إلكترونياً كما التواصل بحرية مع العالم الخارجي. في ذلك الوقت، نجح وولف بتخصيص 15 مليون دولار لهذه الغاية، إلا أن المبلغ كان ضئيلاً نتيجة خوف أميركي من عرقلة العلاقات مع الصين، أما بعد العام 2010، أي بعد اندلاع التظاهرات الإيرانية وبعد العام الأخير، مع الربيع العربي، أصبح الكلام عن حرية الانترنت أكثر من مألوف في واشنطن. ما سبق يفسّر لماذا يناقش الكونغرس رفع المبلغ اليوم إلى 57 مليون دولار ليتم صرفها خلال السنوات الثلاث المقبلة.. على أن يتم تقسيم المبلغ على ثلاثة حقول: التعليم والتدريب وحيل إخفاء الهوية وذلك عبر إتقان آليات التشفير وتكنولوجيا الخدع التي تتيح قهر الرقابة الحكومية. ولكن أين يجري التحضير لحملة &laqascii117o;التدخل الإلكترونية"؟ تسأل المجلة لتكشف أن الإمدادات تنطلق من حجرة صغيرة في الركن الجنوبي الشرقي في الطابق السابع من مبنى هاري ترومان في وزارة الخارجية في واشنطن. هناك يجتمع فريق من ستة أشخاص، سيدتان وأربعة رجال، وظيفتهم البحث عن منح لحرية الانترنت وتسليمها إلى المنظمات غير الربحية ومطوّري البرامج الذين يساعدون المعارضين السوريين. ويمضي الفريق معظم وقته في غربلة المئات من مقترحات المنح وآراء الخبراء في هذا المجال. ويقول بن سكوت، وهو أحد العاملين في الفريق، &laqascii117o;لن تجد مزودين تجاريين لتقديم هذه الخدمات لأنه مجال لا مكان للمال فيه. يتم تقديم ذلك مجاناً"، موضحاً أن &laqascii117o;ليس هناك أشخاص كثيرون في العالم قلقون كفاية أو يمتلكون القدرة لتطوير هذه التكنولوجيات". وفي المجمل، هناك 10 آلاف مدوّن وصحافي وناشط مدربون بـ 10 لغات للعمل على 50 برنامجاً.
حيل تجار المخدرات!
المثير في الأمر، هو أن أغلب الحيل التي صدرتها أميركا للمقاتلين السوريين كان تمّ تطويرها للتهرب من السلطات الأميركية نفسها، حيث تقوم مجموعة تعمل في الشرق الأوسط، مدعومة أميركياً، بتدريب الناشطين على كيفية مواجهة النظام السوري عبر حيل يستخدمها تجار المخدرات وعرضت في وقت سابق في برنامج &laqascii117o;السلك" (&laqascii117o;ذا واير") الشهير. أما في حال أراد المقاتلون تأمين سلامة الاتصالات الهاتفية، فيقوم المدربون بنصحهم باستخدام شريحة هاتف مسجلة على اسم رجل متوفى ووضعها في هاتف رخيص يمكن التخلص منها بسهولة. وهناك حيلة تكنولوجية أخرى تسمى &laqascii117o;تور"، تسمح للمعارضين بالالتفاف على رقابة الانترنت في سوريا، وتستخدم هذه الحيلة كذلك من قبل مهربي المخدرات كما من قبل قراصنة الانترنت. ويتم ذلك عبر إتاحة منصات خاصة محمية للبريد الإلكتروني والرسائل شبيهة بالتي يقدمها موقع &laqascii117o;رايز أب. نت" (أو"انهض")، وهو موقع يعرّف عن نفسه بأنه &laqascii117o;سبيل لتوفير أدوات الاتصال عبر الانترنت التي تعمل على إحداث تغيير جماعي، وهو مشروع هدفه تأمين بدائل الكترونية ديموقراطية تساعد في ممارسة حق تقرير المصير، مع ضمان السرية والحماية عبر وسائلنا المعتمدة". مع العلم أن &laqascii117o;الأف بي آي" حاول استهداف هذا الموقع مرات عدة. أما الحيلة الثالثة فهي ما أعلنت عنه أميركا سابقاً عن تطوير &laqascii117o;الانترنت في حقيبة"، التي تسمح بتأمين الدخول إلى الويب حتى عندما تحجب السلطات الانترنت. كما توفر الحقيبة الالكترونية &laqascii117o;زراً سحرياً" يسمح بحذف جميع البيانات والاتصالات بكبسة واحدة عن الهواتف الذكية، ويوجد فيها تطبيق يقوم على إظهار شاشة كاذبة عندما يتم إدخال رمز الحماية بطريقة خاطئة، وتطبيق ثالث يمكن من خلاله طمس هوية المعارضين في الشارع أي بإخفاء ملامحهم مع الإبقاء على الصورة التي تظهر الاحتجاجات أو التجمّعات. وتعود المجلة إلى &laqascii117o;أبو غسان" الذي تحدث عن تدريبات مكثفة حصل عليها خلال خمسة أيام في برنامج &laqascii117o;الأمن الإلكتروني" الذي بدأ تعليم المقاتلين بأكثر الموضوعات بديهية: الهاتف الخلوي. وتعلم &laqascii117o;أبو غسان"، كما ناشطون كثر، كيف ينزعون بطاريات الهاتف عندما لا يكونون بحاجة لاستخدامه، وكيف يحملون أكثر من هاتف خلوي وكيف ينقلون الهاتف الواحد بين بعضهم البعض بسرعة قياسية. كما تعلموا تشفير دردشات الانترنت الخاصة بهم وكيفية إخفاء الملفات المخزنة على جهاز الكومبيوتر. وفي هذا السياق، حذّر المدربون الناشطين من ان ينخرط النظام كذلك في &laqascii117o;الحرب السايبيرية"، فهو سبق واستخدم"رسائل صديقة" لإرسال البرامج الضارة، وبمجرد إصابة جهاز واحد يمكن ان يتم اختراق الأجهزة الأخرى المرتبطة به بالتسلسل.  أما التحدي الأبرز الذي يتحدث عنه المدربون، هو تدفق البرامج المساعدة إلى الطرفين، فالنظام سبق واستورد وسائل تكنولوجية من أميركا لتتبع الناس على الانترنت، وهو ما تحذر الباحثة ساشا مينرات التي تقود مشروع &laqascii117o;الانترنت في حقيبة" أن يتحوّل إلى &laqascii117o;صفقة خاسرة"... والـ&laqascii117o;سي آي إيه" يؤمن طرقات للمقاتلين!  في سياق الانخراط الأميركي في الصراع السوري، كشف كبار المسؤولين الأميركيين لصحيفة &laqascii117o;وول ستريت جورنال" عن قيام عناصر من الاستخبارات الأميركية، إلى جانب ديبلوماسيين، بتكثيف اتصالاتهم مع المقاتلين السوريين للعمل على تنظيم عملياتهم العسكرية المتنامية ضدّ النظام السوري.  وكجزء من الجهود المبذولة، إلى جانب السعودية وقطر وتركيا والحلفاء الباقين، يعمل عناصر من جهاز الاستخبارات الأميركية على تطوير الطرقات اللوجستية لنقل الإمدادات إلى سوريا كما لتوفير التدريب على التواصل.  كما يناقش المسؤولون الأميركيون طرح تبادل المعلومات الاستخبارية مع &laqascii117o;الجيش السوري الحرّ" لتنسيق هروب المتمردين من وجه قوات النظام عندما تهاجمهم بفضل معلومات استخبارية تؤمنها لها كل من روسيا وإيران.  ويعزو المسؤولون الأميركيون تعزيز التنسيق الاستخباراتي مع &laqascii117o;الجيش السوري الحرّ" إلى رغبة أميركية بفهم أفضل لقدرات المقاتلين وهوياتهم وولاءاتهم الموزعة على جماعات متعددة على امتداد البلاد، في ظلّ تخوف من انخراط مقاتلي &laqascii117o;القاعدة" في الصراع.  هذا الأسبوع، وفقاً للصحيفة، أعلن المقاتلون بشكل صريح أنهم قادرون على اعتراض الاتصالات العسكرية الحكومية، كما أكدوا أن الاتصالات الحديثة والآمنة بين بعضهم البعض سمحت لهم بتنظيم انشقاقات على نطاق أوسع. وخلال الأسابيع الماضية، تجاوب المقاتلون مع النداءات الدولية للتركيز بشكل أفضل على مركزية القيادة، وأنشأوا 9 مجالس عسكرية على مستوى المحافظات. من ناحية ثانية، أشارت &laqascii117o;الاندبندنت" إلى حصول مقاتلي &laqascii117o;الجيش السوري الحرّ" على شحنات ضخمة من الأسلحة من السعودية وقطر عبر تركيا تضمنت بنادق &laqascii117o;كلاشينكوف" ورشاشات &laqascii117o;بي كا سي" وقذائف صاروخية وأسلحة مضادة للدبابات.


- 'السفير'
طهران وموسكو.. من التفاهم إلى التحالف؟
حبيب فياض:

فيما تقترب أزمة إيران النووية من مراحلها الحاسمة والمشرعة على أكثر من احتمال، تدخل الأزمة السورية مرحلة جديدة من الاحتدام الدولي والإقليمي. وبين الأزمتين تشهد العلاقات بين طهران وموسكو مستوى جديداً من التعاون والتنسيق. الأمر بالنسبة للجانبين يتخطى التقارب في وجهات النظر حيال موضوعات مشتركة، ويتصل بحاجات متبادلة يتحدد على ضوئها حجم كل منهما على خريطة إقليمية قيد التشكل. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران. الزيارة، في الحسابات الإيرانية، تأسيسية وترتقي بالعلاقات بين الجانبين من مستوى التفاهم الرتيب إلى حيز التحالف الفعال. وتفيد أوساط إيرانية متابعة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرى أن دور إيران الإقليمي بات، في هذه المرحلة، عنصراً أساسياً في تحقيق موسكو لأهدافها الإقليمية، وأن الزيارة هذه إنما تعكس رغبة جدية من قبل موسكو بإنشاء شراكة فعلية مع طهران لمواجهة الغرب الأطلسي في المنطقة. هذا النحو من تعزيز العلاقات بين الجانبين، سينعكس بشكل واضح على مفاوضات موسكو المرتقبة حول ملف إيران النووي. انتقال موسكو في جولة التفاوض المقبلة، على ما تشير التقديرات، من حيز الوسط باتجاه الانحياز إلى جانب طهران، سيشجع هذه الأخيرة على التشدد وامتناعها عن تقديم تنازلات. الانحياز هذا يفرضه اعتباران أساسيان في الحسابات الروسية. أولاً، لا مصلحة للروس بطي هذا الملف وإنهائه سلمياً ما دام يتيح لهم العودة إلى الساحة الدولية كقطب دولي فاعل. ثانياً، ليس من مصلحة موسكو إعطاء الغرب امتياز تجاوز المعضلة الإيرانية في وقت تتسع فيه هوّة الاختلاف الروسي - الغربي على غير صعيد وملف.إلى ما تقدم، سيشكل إعلان طهران عن نيتها صناعة غواصة تعمل بالطاقة النووية عاملاً إضافياً في ترجيح فشل مفاوضات موسكو. الغرب سيعتبر الأمر استخداماً نووياً في مجالات عسكرية. فيما ستعتبر إيران أنه مجرد استخدام للطاقة النووية السلمية في مجالات عسكرية تقليدية. غيران الملف السوري ما زال يشغل موقع الأولوية، في الحسابات الاستراتيجية الروسية والإيرانية. الجانبان أكدا من طهران رفض التعامل مع الأزمة السورية على الطريقة اليمنية أو الليبية. مصادر مطلعة أفادت أن لدى كل منهما مخاوف جدية من عمل عسكري مفاجئ يستهدف سوريا ويضعهما أمام أمر واقع مختلف وموازين قوى جديدة. المصادر نفسها أفادت أيضاً عن توافقهما على خطة مشتركة في حال تعرض دمشق لأي تدخل عسكري من قبل الأطلسي أو غيره. التصعيد الغربي في التعامل مع هذه الأزمة يدفع الطرفين نحو التنسيق الفعلي والتشدد في الوقوف إلى جانب النظام السوري. ويبدو أن إصرار موسكو على إشراك طهران في المؤتمر الدولي المقترح من قبلها لحل الأزمة السورية إنما هو خطوة نحو تشكيل جبهة دولية داعمة لسوريا مقابل الجبهة الغربية المعادية لها. الخطوة تهدف أيضاً إلى خلق مخارج سلمية لهذه الأزمة بديلا من الخيارات التصعيدية المعتمدة من قبل خصوم دمشق. من المتوقع أيضا أن ينعكس التقارب بين موسكو وطهران مزيداً من الفتور على العلاقات بين الأخيرة وأنقرة. التقارب هذا بات ضرورة لطرفيه رداً على ما يستهدفهما من تحالف بين تركيا والغرب. منظومة الرادار الأطلسية على الأراضي التركية أثارت حفيظة كل من الجانبين الإيراني والروسي. وأيضاً كل منهما يعتبر أن الدور التركي في آسيا الوسطى بمثابة تسلل إلى حديقتهما الخلفية، هذا فضلا عن رفضهما الكامل للدور الذي تلعبه أنقرة في الأزمة السورية.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد