قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة السبت 16/6/2012

- 'المستقبل'
ميقاتي و'حزب الله' ينتحلان 'قدسية'.. السلاح
ألان سركيس:

تُصيب نظريّة 'قدسية السلاح' من قِبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و'حزب الله' صلب الديانة المسيحيّة، كما الديانات الأخرى. فـ'حزب الله' أنزل القدسية من السماء الى الأرض وجعل محورها السلاح، فالسلاح 'مقدّس'، والمتهمون الأربعة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري 'قدّيسون' لدى 'حزب الله'، وببساطة الرشاش 'مقدّس'، والرصاص 'مقدّس'، والقمصان السود 'مقدّسة'، وصواريخ رعد وزلزال وفجر 'قمة القداسة'. لا ينسى اللبنانيون ردّ الفعل الذي قام به 'حزب الله' عندما قام المخرج شربل خليل بتقليد شخصيّة السيد حسن نصرالله في برنامج 'بس مات الوطن'، فقام مناصروه بالتعبير عن غضبهم أيضاً بقدسية منقطعة النظير وقاطعة للطرق ولا سيما طريق المطار، في وقت يؤيد شربل خليل خط 'التيار الوطني الحرّ' حليفهم المفضّل، ولم يسلم من كل أنواع التهديد والوعيد هو والمحطة التي يعمل فيها.. حتى اعتذر. هذه التصرفات تترك تساؤلات عدة في الشارع المسيحي، الذي يشعر بأنّ 'حزب الله' يصون معتقداته وشخصياته السياسية والدينية، ومستعدّ لافتعال حرب طائفية إذا تعرّض أحدهم من غير قصد ومن دون أي نيّة سيئة لهم، فيما يمضي هو ورئيس حكومته ميقاتي في استعمال مصطلحات دينية للسلاح، تُشكّل إساءة للأديان، ومسّاً بأقدس المقدسات. هذه التصرفات تستفزّ الشارع المسيحي والقيادات السياسية، ويرفض عضو كتلة 'الكتائب' النائب سامر سعادة في حديث إلى 'المستقبل' اعتبار 'سلاح حزب الله مقدّساً، فنحن أناس مؤمنون ونقدس الله، نعتبر أيضاً أن الإنسان والدولة والقانون مقدّسين، أما إذا رأى حزب الله أنّ السلاح مقدّس فهذه مشكلته مع ذاته ومع ربّه، وخصوصاً أنه يصدر عن حزب يمثّل جمهوراً مؤمناً، فكيف يرضى أن يُقدّس السلاح؟'. ويعتبر سعادة أن 'المشكلة أيديولوجية، وفي فكر حزب لا يؤمن بالمساواة التي هي أهم شرط في بناء الدولة، وسلاحه يمنع المُضي قدماً في عملية تقوية المؤسسات وقيام دولة فعلية'. الإنسان المؤمن يُقدّس ربّه، أما شعار 'حزب الله' فهو لتقديس السلاح، أي الحديد والنار، والأسلحة مصنوعة من الحديد، ومن البارود المشتعل، وتُستعمل للتخريب، ومجرد انتقاده يظهر كأنّه مسّ بالمقدسات، وهذا يطرح علامات استفهام عما إذا كان الحزب وصل الى درجة 'تحريف الدين' من خلال تقديس أشياء أبعد ما تكون عن الألوهية، ومن العصر الوثني. البيئة اللبنانية متنوعة وفيها من كل الطوائف، ويؤكد عضو كتلة 'القوات اللبنانية' النائب شانت جنجنيان، أن 'لكل بيئة ومذهب أفكارها وقناعاتها، وأنا كإبن زحلة أرفض التطاول على قناعات ومعتقدات غيري، فمقولة السلاح مقدّس مرفوضة، فالإنسان والوطن هما الأسمى والأقرب الى القداسة، فنحن لا نريد السلاح غير الشرعي، وطبعاً لن نرضى بقدسيّته، ومشكلة حزب الله بالتفكير الانفرادي والانطلاق من شعار القدسية لفعل ما يريد تحت ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، غير القابلة للاستمرار'. اختلطت على 'حزب الله' نظريات كثيرة أطلقها ولم يعد يعرف كيف سيطبقها أو كيف سيخرج منها، وتبدأ هذه النظريات بعد العام 2000 عندما رفض ذهاب الجيش اللبناني الى الحدود الجنوبية بعد انسحاب إسرائيل بحجة أن الجيش اللبناني إذا وجد هناك سيحمي إسرائيل، ومن ثم نظرية 'شكراً سوريا'، ونظرية 'محو إسرائيل من الوجود'، واعتبار 'يوم 7 أيار يوماً مجيداً'، ونظرية 'المحكمة الدولية إسرائيلية'، لكن الأخطر منها كلها هو إنزال القدسية على السلاح لأنه يمسّ جوهر الدين المسيحي. ويرى أمين العلاقات الخارجية في حزب 'الوطنيين الأحرار' كميل ألفرد شمعون أن 'مثل هذه النظريات البدائية تؤخر تطوير المجتمع والدولة، فمجتمعنا يُلبس القدسية لكل شيء، ويُؤلّه الزعيم، ومن هنا نشاهد الشعب الذي يستمع الى خطاب السيّد حسن نصرالله يقف صفاً واحداً ويستمع الى خطابه وكأنّه شيء مقدّس، كما أنّ بعض الظواهر التي يقوم بها حزب الله تعتبر من القدسية عندهم بينما لا قيمة لها عند غيرهم فاحتفاظه بالدبابات الإسرائيلية والذخائر ومنع المس بها، وكأنها قطع نادرة يدل على ضعف التفكير والتعلّق بأشياء وهمية'. هذا النوع من الخطاب يرى فيه شمعون 'خطورة، لأن أي مشروع أو مرسوم يريدون تمريره يقولون عنه مقدّس، ويقرّونه على الرغم من مخالفته لأحكام الدستور والقانون اللبناني'. ويمكن القول إن 'حزب الله' وميقاتي يستعملان المصطلحات الدينية لتمرير مشاريع ومخططات لا تمتّ الى الدين بصلة، بل تؤمّن مصالحهم... فقط لا غير.


- 'الشرق الاوسط'
لبنان على الحافة
ديفيد اغناتيوس:

عاش لبنان على مدى جيل كابوس الحرب الأهلية الطائفية، ويشهد حاليا دوامة مشابهة تتجمع في جارتها سوريا. ويخشى الكثيرون من انجراف لبنان إلى صراع يثير خوف الجميع. وقد بدأ بالفعل نزيف الدم الناتج عن الصراع السوري، الوصول إلى لبنان. وأصبحت منطقة عكار التي تقع في الشمال الغربي هي همزة الوصل لنقل المساعدات الطبية ومواد الإغاثة الأخرى، وتأمل المعارضة السورية استخدامها كساحة للعمليات عبر حدود حمص التي أضحت محور الصراع الرامي إلى خلع الرئيس السوري بشار الأسد. التقيت خلال رحلتي القصيرة إلى شمال لبنان نهاية الأسبوع الماضي رجلا لبنانيا تحدث عن شبكة المساعدات الناشئة التي تعمل عليها المعارضة السورية. وقال إن السنّة وبعض المسيحيين في الشمال يتعاطفون مع القوات المناهضة للأسد. ويحاول الجيش اللبناني، وقوامه الشيعة الذين يؤيدون الأسد، السيطرة على الحدود. مع ذلك، يعد هذا عملا توازنيا حساسا، فعندما قُتل رجل دين سني الشهر الماضي عند نقطة تفتيش للجيش، كادت المنطقة تنفجر. بعد استماعي إلى هذا الرجل من عكار وهو يروي رسائل من المعارضة السورية المسلحة، كونت صورة لبلد ينساق إلى الحرب بسبب الحتمية الطائفية. ومثل الكثيرين من اللبنانيين، يؤمن الرجل بضرورة عدم انتشار حمى الحرب، لكنه يرى أن لا مناص منها. ويحاول رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، جاهدا إبعاد لبنان عن هذا الصراع من خلال تبني سياسة أطلق عليها سياسة &laqascii117o;النأي بالنفس". رغم النظر إلى ميقاتي باعتباره من أشد مؤيدي الأسد عند توليه رئاسة الوزراء العام الماضي، فاجأ الأميركيين بل وحتى الإسرائيليين باستقلاله النسبي عن كل من سوريا ونصيرتها إيران. لإنجاح هذه السياسة، لم ينأَ ميقاتي بنفسه عن الأسد فحسب، بل أيضا عن حزب الله - أقوى حلفاء الأسد في لبنان. وتعد هذه حركة صعبة، حيث يهيمن حزب الله على الحكومة التي يرأسها ميقاتي. مع ذلك، يعرف ميقاتي بصفته رئيسا للوزراء، أن عليه أن يكون ممثلا للسُنة، الذين حصلوا على هذا المنصب بموجب اتفاق المحاصصة الدينية في لبنان. وتمثلت أول خطوة يتخذها ميقاتي بعيدا عن سوريا وحزب الله في قراره خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتمويل المحكمة الدولية الخاصة التابعة للأمم المتحدة التي تتولى التحقيق في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. ويقال إن الأدلة تشير إلى تورط أفراد من حزب الله، الذي لم يسأم محاولة تقويض عمل المحكمة الدولية الخاصة، لكن ميقاتي هدد بالاستقالة في حال عدم تمويلها. ويشك الكثيرون في إجراء المحكمة للمداولات، ناهيك بالوصول إلى حكم، لذا ربما يكون موقف ميقاتي رمزيا إلى حد كبير، لكنه نال الثناء في واشنطن. المفاجأة الثانية للمسؤولين الأميركيين كانت رغبة ميقاتي في القسوة على إيران الشهر الماضي. وسافر نائب الرئيس الإيراني، محمد رضا رحيمي، إلى بيروت بصحبة وفد مكون من 105 أفراد لإتمام الاتفاقات التي تقضي بتفعيل عدد كبير من البروتوكولات المتعلقة بالتجارة، فضلا عن قضايا أخرى. ولم يوقع ميقاتي على حزمة الاتفاقات وترك لوزير الاقتصاد القيام بعدة إجراءات أقل أهمية. ويقال إن نائب الرئيس الإيراني كان غاضبا، في حين كان مسؤولو وزارة الخارجية مغتبطين. وحتى حزب الله، الذي لا يُعرف عنه الحرص، يخطو بحرص هذه الأيام، فقد تقابلت الأسبوع الماضي مع عمار الموسوي، مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله، الذي أوضح أن حزب الله يدعم سياسة &laqascii117o;النأي بالنفس" التي يتبعها ميقاتي. لم يكن هذا الحديث للنشر، لذا لا يمكنني أن أورد في هذا السياق كلامه بالضبط ما بين علامتي تنصيص، لكنني استنتجت أن حزب الله يدرك جيدا قوة الربيع العربي في سوريا ويعلم أنه يجب أن يكون حريصا على عدم الانعزال عن الرأي العام الشعبي. من وجهة نظر حزب الله، تخاطر الدول الأجنبية التي تزود المعارضة السورية بالأسلحة بحدوث انفجار ستطال شظاياه لبنان ودول جوار أخرى. يريد تنظيم حزب الله التوصل إلى حل سياسي في سوريا، لكنه حل يحميه ويحمي المصالح الإيرانية. ما يثير قلقي هو طريقة وضع القوى السياسية اللبنانية نفسها في حرب أوسع نطاقا يقولون جميعا إنها كره لهم. وكان الحديث الأسبوع الماضي بشأن كيفية تقسيم سوريا على أرض الواقع في ظل سعي المدنيين المرعوبين، في حال استمرار القتال، للحصول على حماية الجيوش والجماعات المسلحة التي تعهدت بالدفاع عن السنة والعلويين والدروز والأكراد وغيرهم من الطوائف. تؤكد كل من الحكومة والمعارضة السورية رفضها للحرب الأهلية، لكن الصدع بين السنة والعلويين واضح. ويستشعر اللبنانيون القادم لأنهم مروا من هذا الطريق من قبل، فقد اندلعت الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 واستمرت 16 عاما بشكل متقطع. ويمكن بسهولة رصد الخطوط الحدودية الفاصلة على الخرائط التي بداخل عقول الجميع. وكما يعرف الجميع هنا، بمجرد أن تبدأ رحى الحرب والانتقام يصبح من شبه المستحيل إيقافها.


- 'الجمهورية'
هل تنجح موسكو في مؤتمرَيها الإيراني والسوري؟
طارق الترشيشي:

تسعى موسكو من خلال استضافة مؤتمرين كبيرين حول الملف النووي الإيراني والأزمة السورية إلى أن تتحوّل إلى القطب الرئيسي في قضايا الشرق الأوسط، ولعلها أيضاً من خلال الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس فلاديمير بوتين إلى إسرائيل تريد أيضاً أن تستعيد دوراً محوريّاً في أزمة الشرق الأوسط برمّتها، وأن تعيد الاعتبار لمؤتمر موسكو الذي كان مقرّراً أن يعقد بعد مؤتمر أنابوليس الشهير أواخر عام 2007 والذي عطّلته جملة ظروف آنذاك أبرزها العدوان الإسرائيلي على غزة أواخر 2008. وإذا كانت واشنطن ودول الغرب محشورة في الملف النووي الإيراني وبالتالي مضطرة إلى المشاركة في مؤتمر موسكو بعد أن اضطرت إلى المشاركة في مؤتمر بغداد في 23 أيار الماضي، فإنها ليست محشورة بالمقدار عينه في مسألة الأزمة السورية لكي تضطر إلى المشاركة في مؤتمر دولي ينعقد في موسكو حول سوريا بعد أسابيع. وتستخدم واشنطن وحلفاؤها مسألة مشاركة إيران في هذا المؤتمر لتبرير عزوفها عن المشاركة فيه، على رغم أنّها تتحدّث ليلاً ونهاراً عن دور كبير لطهران في دعم النظام السوري. فواشنطن وحلفاؤها، ومعهم بالطبع إسرائيل، يدركون أنّ استمرار النزف السوري هو مصلحة استراتيجية لهم، فهم إذا لم يستطيعوا إسقاط النظام في دمشق فإنّهم على الأقل يسعون إلى الاستمرار في استنزاف سوريا دولة ومجتمعاً وقوات مسلحة عبر دعم المسلّحين بالمال والسلاح والإعلام، ناهيك عن أجهزة الاتّصال التي باتت اسماً حركياً لتزويد المسلّحين في سوريا بالمال والسلاح والإعلام، حسبما أعلنت واشنطن قبل فترة، وحسبما أعلنت باريس في الأمس أيضاً. وتعتقد موسكو أنّ الطريق الوحيد لحلّ الأزمة السورية يكمن في تطبيق خطة الموفد الأممي كوفي أنان، وهذا التطبيق يحتاج إلى دخول جميع الأطراف المعنية بالأزمة السورية إلى مفاوضات تتحمّل خلالها كلّ هذه الأطراف مسؤوليتها في وقف العنف، إذ لا يجوز، في نظر موسكو، أن يستمرّ الضغط على النظام السوري لكي يلتزم هذه الخطة فيما لا يحصل أيّ التزام لدى الأطراف الأخرى بوقف دعم المسلّحين المنتشرين في غير منطقة سورية، بل وبتزويدهم كميات كبيرة من المال والسلاح. ولذلك، فإنّ الأنظار تتّجه خصوصاً نحو قدرة موسكو على إنجاح هذا المؤتمر الذي يتردّد أنّ القيادة الروسية تمتلك ما يشبه خريطة طريق متكاملة لمعالجة الأزمة السورية ليست بعيدة عن خطة أنان، لكنّها تزودها آليات عملية للتنفيذ. ومن هنا، يعتقد محلّلون استراتيجيون أنّ زيارة بوتين المرتقبة لإسرائيل هي إعلان روسي غير مباشر عن أن رأس الأزمة مع إيران ومع سوريا يكمن في القضية الفلسطينية، أو ما يسمّى أزمة الشرق الأوسط، وبالتالي فإنّ أيّ حلّ لهذه الأزمة سينعكس إيجاباً على المسألتين الأخريين، أيّ الأزمة السورية والملف النووي الإيراني، فالجميع يدرك حجم الضغوط الإسرائيلية على عواصم الغرب، وفي مقدّمها واشنطن التي تعيش معركة انتخابات رئاسية حامية، لتبنّي الخيار الإسرائيلي في الحرب على إيران. كذلك، فإنّ الجميع يدرك الدور الإسرائيلي الأقل انكشافاً في تصعيد الأزمة الدموية في سوريا، لأنّ تل أبيب تدرك أنّ العقدة السورية كانت منذ قيام دولة إسرائيل هي العقدة الأصعب في فرض الإرادة الإسرائيلية على المنطقة. وتستند موسكو في تحرّكها إلى ما تعتبره تغييراً متسارعاً في موازين القوى على صعيد العالم والمنطقة، وهي موازين تشهد تراجعاً في الهيمنة الأميركية والغربية، وتقدّماً في نفوذ موسكو وحلفائها في بكين ودول 'البريكس'. غير أن البعض يعتقد أنّ هذا التحول لم يستكمل بعد، وأنّ العالم ما زال في مرحلة انتقالية لا تسمح بانتقال خيوط أزمات منطقة الشرق الأوسط برمتها إلى يد موسكو وحلفائها، وبالتالي فإنّ المؤتمر حول سوريا قد يتأخّر بعض الوقت في انتظار ما ستسفر عنه التطورات الميدانية في أكثر من منطقة سورية، والأمر عينه يكاد ينطبق على أزمة الملف النووي الإيراني الذي لا تستطيع واشنطن المُعلَّقة على أبواب انتخابات رئاسية أن تحسم الأمور في شأنه حرباً أو حلاً. أمّا أزمة الشرق الأوسط فقد يستغرق حلّها وقتاً أكبر بكثير من الأزمتين السورية والنووية الإيرانية، لكنّ النتائج النهائية للمساعي الروسية ومعها مساعي الصين ودول 'البريكس' تنتظر أيضاً تطورات في المنطقة أبرزها بلا شك مصير مصر في ضوء ما تشهده حالياً من ارتباكات وإشكالات ليست الانتخابات الرئاسية المصرية سوى رأس جبل الجليد فيها.


- 'الاخبار'
سوريا خرجت من بين أيدي السوريين
نقولا ناصيف:

كل يوم يمرّ على سوريا، في ظلّ تفاقم العنف وارتباك المجتمع الدولي بين خياراته المتناقضة وانقسامه على مصالحه، تتراجع حظوظ التسوية السياسية من دون أن يتمكّن أي من الطرفين من حسم النزاع. يبقى النظام والمعارضة حيث هما، وأيضاً اللاعبون بالمال والسلاح والنفوذ.
عندما أعلن وقف النار في سوريا في 12 نيسان، قيل إن الجهود الديبلوماسية تسابق العنف كي تحلّ محله. بعد انقضاء أكثر من شهرين على ذلك الموعد، فُقد الأمل ــ أو يكاد ــ بجدوى السباق بين المسعى الديبلوماسي والاستخدام المزدوج للقوة. وبات العنف وحده، حتى الآن على الأقل، هو الرهان الذي يتبعه النظام والمعارضة المسلحة على السواء. ولكل منهما حساب مختلف حياله. بيد أن ذلك يشير أيضاً إلى أن كلاً منهما فقد تماماً القدرة على المبادرة والسيطرة على مسار الأحداث والفوضى التي تسبّبت بها، وعلى موقعه فيها. وشأن ما حدث في لبنان، وربما هذه المرة قد يصبح أكبر بكثير ممّا عرفه لبنان في سني حربه، لم تعد سوريا بين أيدي السوريين، ولا أضحى في وسع الطرفين المعنيين ــ وكلاهما عاجز عن الحسم الأمني ــ التراجع خطوة إلى الوراء، ولا التقدّم خصوصاً خطوة إلى الأمام، بلا كلفة باهظة عليه، وعلى البلاد. تعزّز هذا الانطباع بضع ملاحظات يلتقي عليها تقاطع المعلومات والتقييم الذي يجريه أكثر من حليف رئيسي لسوريا في لبنان، مع ما يستخلصه هؤلاء ممّا يرد إليهم من الداخل السوري. وكله موسوم بالتشاؤم: أولى الملاحظات، التقييم الذي يجريه حلفاء رئيسيون لسوريا في لبنان حيال تطور الوضع هناك بعد انقضاء 16 شهراً على اندلاع الأحداث، من غير أن يقودهم أي من التوقعات التي حسبوها على مرّ هذا الوقت. بات الحلفاء متيقّنين من أن سيطرة نظام الرئيس بشّار الأسد على الأرض لم تعد حقيقية، وأن حال النظام ليست على ما يرام. ولا يحملهم ذلك على ترجيح سقوطه قريباً أو استيلاء المجلس الوطني على السلطة، أو انهيار الجيش حتى. أصبح الحلفاء العائدون من دمشق يسمعون من المسؤولين السوريين الكبار، وأخصّهم الأمنيون المعنيون بحماية النظام وكذلك المعاونون البارزون، يتحدّثون عن أنهم يمرّنون أنفسهم على أزمة طويلة الأمد، إلا أنها تنتهي عندما يتوقف تمويل المعارضة وتسليحها. يقول هؤلاء إن العنف قد يستمر سنة أو أكثر من سنة للقضاء على المعارضة المسلحة، ويتجاهلون كلاماً سابقاً ساقوه قبل أشهر هو توقعهم انتهاء حقبة وظهور أخرى يخرج منها النظام قوياً. بينهم مَن يقول إن النظام سيرفع من وتيرة العنف في الأسابيع المقبلة بغية فرض خلل في توازن القوى القائم حالياً وتضييق رقعة سيطرة المعارضة المسلحة. بين هؤلاء مَن يضع مهلة تمتد إلى نهاية تموز، يأمل النظام والجيش إبّانها في إحداث تغيير كبير في خريطة النزاع والعنف والانتشار في البلاد. ثانيتها، رغم أن المسؤولين السوريين لا يكتمون لجوءهم إلى أعتى الأسلحة كالقذائف المدفعية والدبابات والصواريخ واستخدام رشاشات المروحيات في مواجهة المعارضة المسلحة، إلا أن اكتشاف ظاهرة خطيرة في الفترة الأخيرة بدأ يبعث على القلق لدى النظام والجيش والاستخبارات العسكرية خصوصاً، وهي فرار عسكريين من قطعهم مع دباباتهم إلى صفوف المعارضة، سواء لدى الأخوان المسلمين أو الجيش السوري الحرّ. ومع أن حال الفرار هذه، المقترنة بالاستيلاء على أسلحة وأعتدة ثقيلة وفاعلة في المواجهات، لا تزال صغيرة، إلا أنها أضحت واقعاً يُخشى تناميه. الأمر الذي حمل الاستخبارات العسكرية على اتخاذ مزيد من الإجراءات الاحترازية كي لا يؤول السلاح الثقيل إلى المعارضة، ويفتح ثغرة بالغة الدقة في تماسك الجيش ومنشآته وقواعده وثكنه. ثالثتها، اعتقاد الحلفاء اللبنانيين بأن خطر التدويل شقّ طريقه فعلاً إلى الأزمة السورية التي خرجت من مقدرة النظام ومعارضيهم على التحكّم بها. لا يقتصر هذا الظنّ على حزب الله وشركائه الآخرين في التحالف مع سوريا، بل راح يعكسه المناوئ الرقم واحد للنظام في لبنان، رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي بدا في الأيام الأخيرة أكثر حذراً في التعامل مع ما يجري في سوريا، ويعيد هو الآخر تقييم الموقف منها ومن نظامها بما لا يعيده بالتأكيد إليهما، إلا أنه يجعله أكثر تحسباً لتداعيات ما قد يصيب لبنان من تفاقم الحرب هناك. أبلغ جنبلاط موقفه هذا إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ووجّه به إشارة إلى حزب الله، ولمّح إليه في اجتماع طاولة الحوار الوطني الإثنين عندما تحدّث عن إدخال في سوريا &laqascii117o;لعبة الأمم". ليست المرة الأولى يستخدم جنبلاط هذا التعبير. قاله في خضم الأزمة بين قوى 8 و14 آذار بين عامي 2005 و2008، محذّراً من أخطارها على مصير لبنان. بعد تناقض عميق في الموقف من سوريا منذ 9 حزيران 2011، عندما زار جنبلاط سوريا للمرة الأخيرة وقرّر مذ ذاك تأييد المعارضة ضد نظام الأسد والتحريض على إسقاطه وتأليب الدروز السوريين على التخلي عنه، بدأت ملامح تلاق غير متعمّد بينه وبين حزب الله حيال تقييم ما يجري الآن في سوريا: تراجع جنبلاط قليلاً إلى الوراء وتوخّى الانتباه في إطلاق النعوت والمواقف والتهديدات والعبارات القاسية ضد الأسد ونظامه وتوقعه سقوطه في أيام مرة، ووصول المعارضة إلى السلطة قريباً مرات أخرى. وتقدّم حزب الله بدوره خطوة إلى الأمام عندما بدأ، بتعقّل، يراجع موقفه من المعارضة ويحضّها على الحوار من غير أن يقترب منها حكماً أو يتخلى عن حليفه وهو النظام. كمَنَ القاسم المشترك غير المباشر بين جنبلاط وحزب الله في أن الأزمة السورية تحلّها صفقة أميركية ــ روسية. لا العرب ولا الغرب، ولا النظام ولا معارضوه. صار الفريقان اللبنانيان يتحدّثان عن التعاطي مع ما يجري في سوريا بعيداً من ممالأة هذا الطرف السوري أو شتم الآخر. لا النظام ولا المعارضة، وترقب ما ينتظر سوريا. كلاهما تيقّن من أنها أُدخلت فعلاً في &laqascii117o;لعبة الأمم". باتا أكثر قلقاً على تداعيات ما يجري هناك على لبنان. وهو سرّ تمسكهما ـ وخصوصاً جنبلاط ـ بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي وبطاولة الحوار الوطني، واستيعاب أهمية الابتعاد بالوضع الداخلي اللبناني عن الحدث السوري. رابعتها، أن تسلّح المعارضة يتزايد بوتيرة أسرع ممّا كان يتوقعه النظام بسبب ما يعدّه &laqascii117o;مزراب" الخارج الذي يمدّها بالمال والسلاح على نحو غير مشروط. بيد أن الأمر لم يعد يقتصر على المعارضة المسلحة بقواها المختلفة، والمشتتة في كل حال، بل نشأت منذ أكثر من شهر، في ظلّ التسيّب وتدهور الأمن وانهيار هيبة السلطة والاستخبارات والجيش، عصابات تحوّل تفريخها إلى كوابيس حقيقية تطاول النظام والسكان، وقد تفشّى انتشارها من غير أن يكون ثمّة ترابط بين شللها. أخذت هذه العصابات، بالأسلحة والمتفجّرات التي تملكها، تزرع الرعب في بعض أجزاء العاصمة وريفها، وأيضاً في مدن سورية أخرى، عندما راحت تبتز المتموّلين والصناعيين والتجّار الكبار للحصول على أموال ضخمة تحت طائلة نسف متاجرهم ومؤسّساتهم ومبانيهم أو إحراقها أو نهبها. وبعدما كان المتموّلون هؤلاء يلوذون بالأجهزة الأمنية لتعزيز نفوذهم ومواقعهم والحفاظ على استثماراتهم، باتوا في مرمى العصابات المسلحة، العاملة على نحو مستقل عن المعارضة. أمست &laqascii117o;القوة الثالثة" التي تشيع الفوضى. وردت معطيات أخرى ذات منحى مختلف من مصادر متشعّبة من الداخل السوري وخارجه عن وضع الوزير السابق والتاريخي للدفاع في سوريا مصطفى طلاس، الذي يقيم في باريس لأسباب تتجاوز الدوافع الصحية، وأن نجلي طلاس، فراس وناهدة، يعملان أيضاً من باريس ضد النظام. ورد في المعلومات كذلك أن الرئيس السابق للأركان العامة العماد أول حكمت الشهابي غادر دمشق قبل أقل من شهرين إلى باريس واستقرّ فيها، من غير أن يتخذ موقفاً مناوئاً للأسد والنظام الذي ساهم في صنعه عقوداً طويلة، إلا أن أحد أبنائه يتخذ من العاصمة الفرنسية أيضاً مقرّاً لإقامته وتحرّكه ضد النظام السوري. ولعل أهمية هذه المعلومات أنها تتناول رموزاً تاريخية رافقت النظام وحمته، وباتت اليوم في وضع التنصل منه او الانقلاب عليه، مما أحال التركة أكثر ثقلاً على الرئيس السوري.


- 'الاخبار'
اتصالات كلينتون: سوريّة لا لبنانية
هيام القصيفي:

إعادة تنشيط حركة الاتصالات الأميركية مع لبنان، بعد انعقاد طاولة الحوار، تعدّت مفهوم الدعوة إلى استتباب التهدئة لتعيد تذكير حلفاء سوريا ومعارضيها في لبنان بالأولويات الأميركية. شهدت الأيام العشرة الأخيرة تدهوراً ملحوظاً في الوضع السوري الذي راح في اتجاه تصاعدي خطير، فيما اتضح أن المباحثات الأميركية ــــ الروسية تكثفت بشأن الملف السوري كله، وتتخذ أبعاداً أخرى حول الملف الإيراني النووي ولبنان والعراق. إلا أن التفاوض الذي يجري على نار حامية، بدا متعثراً في بعض مراحله، ولا سيما في ضوء الرسائل الإعلامية المتبادلة بين موسكو وواشنطن اللتين تتراشقان الاتهامات بتسليح النظام السوري بطائرات، والمعارضة بالسلاح، ومن ثم سحب هذه الاتهامات. فيما يبدو البريطانيون جادين، ومعهم الألمان، في توجيه رسائل رسمية عن تحاشي أي عمل عسكري في سوريا. وذهاب الوضع السوري نحو التأزم، وجنوحه نحو حرب أهلية شاملة وكبيرة، واحتمال اقتراب العنف أكثر من دمشق، والفرز المناطقي والمذهبي الحاصل تدريجاً، كما تدل خريطة المناطق التي تقع فيها الاشتباكات، تشير إلى أن لبنان سائر إلى مزيد من التأزم الذي يثقل كاهل الأمنيين والسياسيين المعنيين مباشرة. وبحسب أوساط سياسية مطلعة، إن تقاطع حدة العنف في سوريا مع المفاوضات الروسية ــــ الأميركية عالق بين الدعوة الروسية إلى عقد مؤتمر حول سوريا، في حضور عدد من دول الجوار، ترفض واشنطن حتى الآن ضم إيران إليه، والدعوة إلى مؤتمر أصدقاء سوريا. وهذا يعني أن انعكاسه على لبنان لم يعد أمراً قابلاً للنقاش، واستعيض عن سياسة النأي بالنفس واحتيل عليها بالعودة إلى الحوار. فالمؤتمر الذي شارك فيه جميع الأفرقاء، ولو بغياب القوات اللبنانية، جاء نتيجة شعورهم بأنه لم يعد ثمة مجال لإنقاذ لبنان من الترددات السورية، إلا من خلال طاولة الحوار، ولو اقتضى الأمر الاكتفاء بالصورة فحسب. والحوار الذي استؤنف بموافقة أميركية وأوروبية ودولية، هدف إلى تقليص رقعة الأزمات في المنطقة والتخفيف من جدول الأعمال الدولي الذي يولي الاهتمام اليوم للوضع السوري. لذا، لم يجئ اتصال وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بكل من الرئيس نجيب ميقاتي، بوصفه رئيساً للحكومة فحسب، بل أيضاً بصفته الجهة التي يمكن أن تكلَّف نقلَ الرسائل إلى حلفاء النظام السوري في لبنان، من &laqascii117o;الجبهة الروسية" الذين لا تحاورهم واشنطن. والرسالة ـــ بحسب العارفين ـــ متشعبة في ما يعني اتجاه الأمور المستقبلية في المنطقة، بما يتعدى العناوين الكلاسيكية من دعم الجيش ووضع المصارف التي أصبحت لازمة التحذيرات الأميركية، وسبق أن شدد عليها مساعد كلينتون سابقاً السفير جيفري فيلتمان في زيارته الوداعية الأخيرة لبيروت. كذلك تحدثت وزيرة الخارجية الأميركية مع الرئيس سعد الحريري، لا من باب تعويم زعيم المستقبل، بل بصفته طرف النزاع السوري الآخر في لبنان، في رغبة أميركية واضحة لتحييد لبنان عن أزمة سوريا في هذا الوقت، من خلال التشديد على ضرورة مشاركة الجميع في الحوار وأهميته. ويعكس توقيت الاتصالات التي أجرتها السباق بين المفاوضات الدولية ومع روسيا تحديداً حول سوريا، والوضع الأمني المتفجر فيها، وخطورة ارتداده على لبنان، وهو ما بات هماً أميركياً نتيجة سلسلة تقارير أمنية تتحدث بإسهاب عن جملة أحداث أمنية وعمليات تسلح وبيع أسلحة في الشمال والبقاع لا تزال تشكل ناراً تحت الرماد، ويتحدث عنها أمنيون وسياسيون بإسهاب في مجالسهم الخاصة.وبحسب هذه الأوساط، بدا الخوف جلياً في أكثر من وسط سياسي وأمني ودبلوماسي من أن يذهب أكثر الوضع السوري في وقت سريع نحو الانهيار وتصيبنا شظاياه أكثر فأكثر. لذا، جاء الحوار بعد استنفاد كلمة النأي بالنفس؛ لأنه لا يمكن أن تبقى الحكومة في نأيها إذا انفجر الوضع في الشمال والبقاع وتصاعدت حدة الخطف المذهبي واستمر تدفق اللاجئين من طوائف معينة إلى لبنان، كما يحصل يومياً نتيجة العنف المذهبي في سوريا.وتشير إلى أن الدعوة الروسية للبنان إلى حضور المؤتمر، من شأنها في مجال آخر أن تحرج لبنان وتدفعه إلى الخروج من حالة النأي بالنفس، ولا سيما أن بيروت سبق أن رفضت المشاركة في مؤتمر أصدقاء سوريا نتيجة دعمه للمعارضة السورية. فكيف يمكن مثلاً أن يلبي دعوة موسكو في حال حصولها، بما يعني أنه يتجاوب مع طرف مؤيد للنظام السوري، ولو في حضور دولي وعربي كبير، ويخرج تالياً من حالة الحياد التي شدد عليها عدد من المشاركين في طاولة الحوار؟ وهذا يفتح مجالاً جديداً للاجتهادات السياسية والسجالات حول موقع لبنان، لكنه سيبقى تحت سقف طاولة الحوار التي كتب لها أن تستمر بفعل إرادة غربية، لا إرادة محلية صرف.


- 'الاخبار'
اعترافات نائب لبناني أمام عدسة أوروبية...
جان عزيز:

فيما كانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان منعقدة في مكان أوروبي ما، للنظر في شرعيتها، كان مراسل تلفزيون أوروبي أيضاً، يتنقل بين قرى عكار وعند تخوم الحدود اللبنانية السورية، محققاً في شرعية كون تلك البقاع جزءاً من دولة لبنان أو دولة سوريا الكبرى أو أمة أكبر. ولأن لغته غريبة غربية، كانت تُفك عُقد الألسن أمام عدسته. يحكي المعنيون له بصراحة. يستسهلون البوح له والاعتراف أمامه بكل شي، وخصوصاً بما يحب البعض أن يفاخر ويتباهى به، وتحول الاعتبارات اللبنانية بينه وبين ذاك التباهي والتفاخر، فيضطر إلى كتمانه أمام العدسات البلدية.
التقط المراسل الأوروبي كمّاً هائلاً من صور مسلحي الثورة السورية في طرابلس. قابل بعض مسؤولي مجموعاتهم. أخبروه كيف باتوا هم من يسيطر على الأرض ويتحكم بموازين القوى ويملك &laqascii117o;قرار الحرب والسلم" الطرابلسيين. جالوا به في مختلف المناطق، وخرج بتأكيد أن المعقل الأساسي للثورة هناك هو في محلة أبي سمرا. بعد طرابلس، وعلى صوت المدعي العام الدولي نورمان فاريل واجتهاداته حول الدستور اللبناني واتهاماته لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، كان المراسل الأوروبي ينتقل إلى عكار. الثوار أنفسهم واكبوه هناك. أخبروه على الأرض وبالوقائع كيف أنه في نقاط كثيرة من الحدود بين لبنان وسوريا، لم يعد ثمة حدود. كادوا يطلقون النار ابتهاجاً باغتيالهم للشيطانين الأكبر والأصغر، سايكس وبيكو، بعد قرن ناقص بضعة أعوام على مؤامرتهما التقسيمية. أخبروه كيف أنهم يوم دفن أحد الأشخاص الذي سقط في معركة مع الجيش اللبناني قبل أقل من شهر، اجتاز منهم نحو 250 مسلحاً النهر الصغير، الذي لم يعد كبيراً إطلاقاً، للمشاركة في تشييع &laqascii117o;الشيخ المجاهد". جاؤوا بعتادهم الكامل وراياتهم وعصباتهم واللحى. كما لو أنهم في أيام الغزو. سيطروا على قسم كامل من الأرض اللبنانية طوال ساعات، قبل أن ينسحب منهم قسم، ويبقى قسم. استكمل المراسل الأوروبي جولته على &laqascii117o;الضيوف". أُتخمت أشرطته صوراً ومقابلات وشهادات، فقرر الانتقال إلى اللبنانيين، أهل الأرض الأصيلين، أو ما بقي منها ومنهم. أكثر من نصيحة وناصح جعلوه يحمل مذياعه ويفتح عدسته أمام أحد أبرز نواب المنطقة. ولم يخب ظنه. على مدى ثلاث عشرة دقيقة، لم يصدق الصحافي ما تسمعه أذناه من كلام نائب مفترض لبنانياً، ومن كتلة نيابية في فريق سياسي يصرّ على وصف نفسه وراعيه الإقليمي بأنهما نموذج الاعتدال. حرص النائب على تبرير كل ما أصاب جماعات لبنانية أخرى في المنطقة: من تفجير محالّ تجارية ومصالح عائدة لأبناء الطائفة العلوية من أهل طرابلس وأبنائها، وصولاً إلى ظاهرة الخطف المذهبي في عكار. لكن الأهم في كلام النائب المخضرم في نيابته من زمن الوصاية إلى زمن النكاية، مسألتان: أولاً، لا يمكن بعد الآن الكلام على عمليات تهريب سلاح أو عتاد أو مسلحين بين جانبي الحدود؛ فالطرفان باتا في غنىً عن أي تهريب. الطرفان باتا يملكان كل ما يلزم، ولا حاجة لأحدهما إلى الآخر إطلاقاً، إلا بما هو قضية أمة واحدة. كأن التكامل الاستراتيجي الذي حلمت به سلطة الوصاية منذ منتصف الثمانينيات، طبقته سلطة الثورة وسلطة &laqascii117o;لبنان أولاً" بعد ربع قرن وتلقائياً ومن دون دساتير وقوانين ومراسيم وإجراءات وأصول. المسألة الثانية التي ذهل لها المراسل، كانت حديث &laqascii117o;سعادته" عن قدرة فريقه على &laqascii117o;شلّ" الجيش اللبناني، و&laqascii117o;تحييده" عن أي معركة أو مواجهة، عبر مطالعة مفصلة قدمها في أرقام &laqascii117o;العديد" وأصولهم وانتماءاتهم من المنطقة والمذاهب والقبائل والعشائر ... فيما كان المراسل الأوروبي يغادر &laqascii117o;تورا بورا" الجديدة أو &laqascii117o;سيدا لاند"، التزاماً بنتائج انتخابات مجلس إسطنبول الأخيرة، كانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ترفع جلستها الثانية للحكم في شرعية كيانها وصلاحيتها النظر في جريمة 14 شباط 2005. كاد المراسل يتساءل عن جدوى كل تلك الطقوس القضائية الدولية المستمرة هناك. كأنها خارج الزمان والمكان. كان المطلوب أصلاً من مسرحية المحكمة أمرين اثنين: أولاً إقناع سنّة لبنان بأن الشيعة هم من اغتالوا زعيمهم اللبناني الأكبر، ما يكفي لإحياء حروب كامنة دفينة منذ أربعة عشر قرناً، وبما يستكمل حرب بغداد، لكن هذه المرة بأسلحة أكثر ذكاءً. بلا عسكر على الأرض ولا مال فوقها، بل بمجرد شهيد تحت الأرض، وأموال من المصارف اللبنانية نفسها. هذا ما كان مطلوباً من المحكمة. لكنه بات واقعاً من دونها. ثانياً، كان المطلوب مزيداً من الضغط على سوريا. اليوم كل سوريا باتت قدراً مضغوطاً قد قارب الانفجار. لماذا المحكمة بعد؟ لحقيقة وعدالة؟ الأولى أُطفئت عند إشارة تقاطع القنطاري منذ زمن. والثانية يطبقها العرعور قريباً بأسنانه، من مراكش إلى كراتشي. تقولون بعد &laqascii117o;محكمة"؟


- 'الاخبار'
مكتبة بنت جبيل تفوز بـ'المثالية' لعام 2012
داني الأمين:

فازت مكتبة بنت جبيل العامة بلقب &laqascii117o;المكتبة المثالية". لم يكن هذا الفوز وليد اللحظة، فقد كانت المكتبة &laqascii117o;دائمة الحضور" في المنطقة الجنوبية. لكن، من المفترض أن يدعّم الفوز مكانتها أكثر. هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى فيضعها أمام تحدي المحافظة على المثالية. يصل الكتاب من وزارة الثقافة إلى مكتب أمينة المكتبة العامة في بنت جبيل ريما شرارة. هو كتاب &laqascii117o;مباركة" لتهنئة العاملين بالفوز بجائزة &laqascii117o;المكتبة المثالية للعام 2012". تكاد السعادة لا توصف لحظة وصول الكتاب، فالفوز يستحق كل هذا الفرح، خصوصاً أنه جاء &laqascii117o;بعد منافسة كبيرة ولافتة بين المكتبات العامة في لبنان، لا سيما مكتبات المدن الكبيرة، في بيروت وصيدا وطرابلس وجبيل، وصدور النتيجة عن لجنة متخصصة ومكلفة بدراسة التقارير السنوية لكافة المكتبات العامّة، بحضور المدير العام لوزارة الثقافة ولجنة التحكيم المؤلفة من أساتذة جامعيين متخصّصين في إدارة المكتبات والتوثيق"، كما يرد في الكتاب(...للقراءة).


- 'السفير'
مســـيــحــيـــة لــلــشـعـــب!
ميشيل كيلو:

لم تكن المسيحية يوما للمسيحيين وحدهم. قبل يسوع الناصري لم يكن هناك مسيحيون، ولو كان المخلص للمسيحيين وحدهم، لما كانت لرسالته وحياته قيمتها الإنسانية الخالدة التي تتمتع بها، ولكان مصلحا عاديا جاء إلى قوم بعينه ثم مضى في سبيله. لم يأت المسيح برسالته إلى المسيحيين وحدهم، ولم يكن بين مقاصده إقصاء غير المسيحيين من قيمها، فالمسيح لم يكن لبشر او لمؤمنين بعينهم، بل كان، بلغة القرآن الكريم: &laqascii117o;رحمة للعالمين".
- لا شك في أن اضطهاد المسيحيين طيلة قرون قدموا خلالها تضحيات هائلة، وعاشوا في حالات كثيرة بسرية وملاحقة، هو الذي أجبرهم على اعتبار دينهم رابطة تجمعهم وتحفظهم، مع أنهم لم يتوقفوا عن نشره بين غير المؤمنين به، واعتبروا نجاحه في جذب هؤلاء إلى الإيمان دليلا على سمو ورفعة رسالته وعلى طبيعتها الإلهية ومقاصدها القدسية. وقد أدى الاضطهاد إلى تبلور جانبين جوهريين في عمل اتباع الدين الجديد: أولهما أن وحدة الجماعة المسيحية لا يجوز أن تبقيها منغلقة على ذاتها، أو عاجزة عن التوجه إلى غير المسيحيين ومخاطبتهم والدفاع عنهم باعتبارهم هم أيضا &laqascii117o;ابناء الله". وثانيهما: أن الآخر هو قصد المسيحي وهدفه، ليس لأنه مسيحي مثله، بل لانه عكس ذلك بالضبط: ليس مسيحيا، ويرجح أن يكون في حالات كثيرة كارها للمسيحية وعدوا لها.
- لعب الصراع الديني الممزوج بمصالح دنيوية غلفت عديدا من توجهات الدين الجديد، دورا في انغلاقه على ذاته، وفي اعتبار بعض اتباع الأديان الأخرى &laqascii117o;خصوما للمسيحية" لا فائدة في الحوار معهم والتوجه إليهم، وفي حالات عديدة لا أمل في شفائهم من آثامهم، فالجهد الذي يبذل لكسبهم إلى جانب المسيحية أكبر من أي عائد يمكن أن يترتب على انضمامهم إليها. تلك كانت حقبة غلبت فيها السياسة على جوهر المسيحية ووضعته في خدمتها، ما شوش سماته الأصلية وصفاته الرحمانية والإنسانية، وشوهه وقوض جوانب مما حمله على امتداد تاريخ طويل من &laqascii117o; رحمة للعالمين &laqascii117o;.
- أخيرا، لعبت الصراعت الدينية التي نشبت بين المذاهب المسيحية، وداخلها، دورا هائلا في انفراز اتباع الدين الجديد على أسس غير مسيحية، فقد كفّر هؤلاء بعضهم بعضا، ومارسوا عمليات إبادة جماعية ضد الذي يختلف من المسيحيين عن مذهبهم. ولعله ليس سرا أن الحروب الدينية التي عرفتها أوروبا بين البروتستانت والكاثوليك، قد أدت إلى هلاك ملايين المسيحيين، باسم رسالة يسوع الناصري، ولمجد الرب. مرت المسيحية إذاً باطوار أخذتها من الانفتاح على البشرية بأسرها، إلى الانغلاق على الذات في طور أول، ثم إلى انغلاق فرقها ومذاهبها على المختلف والآخر من المسيحيين انفسهم في مرحلة ثانية، خدمة لمقاصد مؤسسات سياسية تخلقت في بدايات تشكل الدول القومية واسرها الحاكمة، او تلبية لمصالح وأغراض قادة المؤسسات الكنسية، الذين صاروا بدورهم &laqascii117o;أمراء للكنيسة"، في محاكاة صادقة للسلط الدنيوية، التي تجعل من بعض القوم أمراء دنيويين لمؤسسات سياسية، وبعضهم الآخر أمراء كنسيين يديرون مؤسسات دينية، بعيدا عن أي اعتبارات مسيحية أو اخلاقية، غالبا.  واليوم، تدخل المسيحية المشرقية في طور غربة عن بيئتها التاريخية ووسطها المجتمعي، وتظهر العداء الصريح ضد المختلف: مسيحيا كان أم غير مسيحي، وتمارس ضربا من عنصرية مذهبية تجعل من &laqascii117o;المسيحي" كائنا أعلى، مترفعا عن الكائنات الأدنى التي تنتمي إلى غير مذهبه أو دينه، بينما يمارس أمراء كنائسها انحيازا سافرا إلى ظلم يشبه ذاك الذي أوقعته روما بالمسيحية الأولى، ويتحالفون مع أمراء السلطة الدنيويين، ويحرضون اتباعهم ضد خصومهم هؤلاء من المسيحيين أيضا، الذين يظهرونهم بمظهر الخارجين على المسيحية والدين، لمجرد أنهم ليسوا مع السلطة أو معارضين أو مقاومين لها، حتى أن مطرانا في واحدة من أكبر كنائس دمشق استدعى عناصر الأمن إلى كنيسته وسلمهم شبانا اتوا إلى مكتبه ليحتجوا على انحياز الكنيسة إلى النظام في الصراع الذي تعيشه سوريا، ويلفتوا نظره إلى مخاطر دوره الشخصي في تحريض بعض الشبان والشابات التابعين لكنيسته على الاحتفال بمقتل شبان مسلمين من بلدة مجاورة لدمشق تتظاهر ضد النظام. بل إن هناك من تلقى رسائل تهديد من زعران يصفون أنفسهم بـ&laqascii117o;شبيحة المسيح" ( تصوروا إلى اي درك من الانحطاط وصلت امور الكنيسة: صار للمسيح شبيحة &laqascii117o;!) تعلمهم أن مصيرهم قد تقرر، وأنهم سيقومون بقتلهم بمجرد أن تسنح لهم الفرصة لذلك. ومع أنني رددت شخصيا بلطف ومنطق حواري على رسالة تلقيتها تهددني بالقتل، فإن كاتبها اعلمني في رسالة ثانية أنه سيشكوني إلى الأمن لأنني ارسلت عناصر من الجيش الحر لاغتياله، أنا الذي لا اعرف اسم هذا الجبان الذي يطلق على نفسه لقبا تكريميا هو: شبيح المسيح"، ولا اعرف أحدا في الجيش السوري الحر ولست على صلة مع السلاح ومن يتسلحون.  هل يخسر المسيحيون كنيسة يسوع الناصري لمصلحة كنيسة شبيحة؟ ألا يحتم هذا الواقع المشين رد الكنيسة في بلادنا إلى موقعها من حياة المسيحيين والمجتمع السوري، وخاصة منه مجتمع المسلمين بغض النظر عن مللهم ونحلهم؟. أليس من واجبنا جميعا إنقاذ الكنيسة من الذين يرون فيها مؤسسة أميرية متحالفة مع مؤسسة ملكية هي السلطة الحاكمة أو تابعة لها؟. لن يكون رد الكنيسة إلى المسيحيين ممكنا من دون ردها إلى الشعب باسره، وقبل كل شيء إلى المسلمين، إلى من كان منهم مع السلطة: لإنقاذه من جنونه وفاشيته وعنفه الذي يدمره، أو ضدها: لمواساته في مصابه، والتضامن معه، واحتضانه وتخفيف آلامه، ومساعدته على تخطي ما يواجهه من قتل وملاحقة وتشريد وجوع، ولمنعه في الوقت نفسه من الانجرار وراء العنف والرد على السلطة بأساليبها الإبادية، التي لا يقرها قانون أو دين أو عرف، ولم يسبق لما يماثلها أن حدث في احلك فترات تاريخنا المظلمة!  لا يكون رد الكنيسة إلى الشعب، إلى المسيحيين عبر الشعب كله، إلا باستعادة هويتها التاريخية التي جعلت رجالا منها يخفون في أقبية كنائسهم طيلة أشهر من كانوا يقاتلون بالسلاح المستعمر الأجنبي، المسيحي مثلهم. وجعلت المسيحيين شركاء للمسلمين في الثقافة والتاريخ والمطامح والمصير وجزءا تكوينيا من مجتمع واحد كانوا السباقين إلى تأسيسه، وجعلت المسلمين يفتحون مساجدهم لصلوات المسيحيين وأعراسهم وجنازاتهم، فلا يفهم مخلوق اليوم، يعرف تاريخ سوريا، كيف يسمح رجل دين لنفسه بالتحول إلى مخبر لدى الأجهزة الأمنية، وكيف تسكت كنيسة الإنسان عن ذبح الأطفال، إلا إذا كانت لا ترى فيهم بشرا، واعتقدت، كالوحوش الذين يذبحونهم، أنهم لا يستحقون الحياة، وآمنت مثلهم بأنهم سيصيرون إرهابيين، إن هم تركوا ليكبروا ويصيروا رجالا!  لن تنجح كنيسة سوريا الحالية في إيجاد أعذار لمعظم كهنتها ولمواقفها، إن هي استمرت في اعتبار نفسها كنيسة خاصة بطائفتها وحدها وليست كنيسة للشعب: لهؤلاء المظلومين والمقهورين والمعرضين للقتل المباح والمجاني، لمجرد أنهم يطالبون بحقوقهم كبشر. كما ان الكنيسة لن تسترد صفتها ككنيسة للمسيح إذا لم ينزل كهنتها إلى الشارع مطالبين ليس فقط بحماية حياة المسلمين: إخوتهم في الإنسانية والإيمان بالله، بل كذلك بحقوقهم وحريتهم، وبرفع يد البطش والقتل عنهم، وبرد كرامتهم إليهم، وبمعاملتهم كمواطنين اصحاب وطن يجب أن يشاركوا في تقرير شؤونه، وليسوا ضيوفا عند أحد أو عبيدا لسلطة أو حاكم. ولن تسترد الكنيسة مكانها من المجتمع، إذا كانت لا ترى فيه مجتمعا لها أيضا عليه واجبات جدية تجاهه، وإذا كانت تعتقد أن المسيح لم يفتد غير ذلك العدد القليل من المسيحيين، الذين آمنوا به، ولم يشمل بفدائه الإنسان، مع أنه كان يصف نفسه بـ&laqascii117o;ابن الإنسان"، ابن كل إنسان، وأنه لو قرر اليوم العودة إلينا لكان أول ما سيفعله النزول إلى الشارع والمشاركة في المظاهرات المطالبة بحرية وكرامة الإنسان، والذهاب إلى الخالدية وادلب ومعرة النعمان والحفة وسلمى وبانياس ودوما وعربين وكفر بطنا والحراك والمسيفرة، لمشاركة أهلها في موتهم وآلامهم، وربما مخاطبة ربه من جديد معاتبا: إلوهي، إلوهي، لم شبقتني: إلهي، إلهي، لماذا تركتني (تركتهم)، وهو لن يقبل بالتأكيد أن يكون الوكيل البطريركي المطران لوقا الخوري، الذي سلم المسيحيين والمسيحيات الخمسة إلى المخابرات، كاهنا في كنيسة تحمل اسمه، ولطرده منها بالغضب الذي طرد به التجار من الهيكل!.  ليست الكنيسة بخير. إنها مريضة إلى الدرجة التي تجعلها لا تشعر بآلام وعذابات من افتادهم يسوع الناصري بحياته. ولا بد من أن ينتفض الكهنة ضد أمرائها"، ويخرج الشعب عن صمته ويهجرها لأنها لا تشعر بعذاب وموت المعذبين، بل تعيش راضية هانية وسط الموت وانهار الدماء البريئة المسفوحة. ولا بد من أن يقاطعها المسيحيون إلى أن تعود كنيسة للشعب: المسلم كالمسيحي، لكونها بهذا وحده تكون ما عليها أن تكونه: كنيسة الرب، لا كنيسة امراء المخابرات!


- 'السفير'
الأزمة السورية تثير صداما بين الملك السعودي ورجال الدين
هيفاء زعيتر:

العلاقة بين النظام السعودي ورجال الدين في حالة غليان. الصدام بينهما ليس جديداً. بدأ منذ فترة بالتفاعل، مع سلسلة الإقالات التي نفذها الملك عبد الله بحق أحد مستشاري الديوان الملكي ورئيس المطاوعين وغيرهم. لكنه اليوم يأخذ منحى أكثر خطورة وحساسية، فاقمه تحول الأزمة السورية إلى عنصر مركزي في الصراع بين الطرفين. اللافت

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد