- 'السفير'
دلالات الحشود العسكرية في الخليج والترقب عند الجبهة الشمالية لإسرائيل
تفجير بلغاريا: ما بين الثأر لمغنية واغتيال آصف شوكت
علي شهاب:
بعد دقائق قليلة جدا على الإعلان عن حادثة استهداف الحافلات الإسرائيلية في بلغاريا، &laqascii117o;غرّد" محلل القناة العاشرة للشؤون العسكرية ومراسل دورية &laqascii117o;أسبوع الطيران" الأميركية ألون بن دافيد على &laqascii117o;تويتر": &laqascii117o;المشتبه بهم في هجوم بلغاريا حزب الله. علامات على العبوة داخل الحافلة". بعدها بدقائق، تبعه زميله في &laqascii117o;جيروزاليم بوست" ودورية &laqascii117o;جاينس" العسكرية يعقوب كاتس ليشير إلى تحذيرات كانت أرسلتها إسرائيل إلى بلغاريا في الآونة الأخيرة حول إمكانية وقوع هجمات لـ&laqascii117o;حزب الله". وبعد نصف ساعة تقريبا، كانت أول إشارة في الإعلام التقليدي (التلفزيون الإسرائيلي) إلى مسؤولية &laqascii117o;حزب الله" عن الحادث باعتباره &laqascii117o;الرد المرتقب منذ 4 سنوات على اغتيال عماد مغنية". لا يمكن تحليل دلالات الحدث من دون وضعه في سياق عام، تعالت مؤشراته في الآونة الأخيرة على الجبهات الثلاث: إيران ولبنان وسوريا. وكون آليات التحليل وتقدير الموقف باتت تستوجب محاكاة مختلفة تماما عن الأساليب التقليدية المعتمدة، نظرا لتسارع الأحداث وارتباطها ودفق المعلومات في المصادر العلنية، سأكتفي بسرد معطيات لم تحظَ بتغطية مناسبة في الإعلام العربي عموما، لأنتقل منها الى الإجابة عن السؤال المركزي: ما هي دلالات اتهام &laqascii117o;حزب الله" بحادثة بلغاريا في هذا التوقيت وبعد ساعات قليلة من تفجير دمشق الذي راح ضحيته وزير الدفاع السوري داوود راجحة ونائبه آصف شوكت؟
مؤشرات عند الجبهة الإيرانية
شهدت الأيام القليلة الماضية تسارعا غير مألوف في المشهد العسكري في الخليج. المعطيات جميعها تتقاطع للوهلة الأولى عند اقتراب حصول مواجهة مع إيران:
1 ـ تنتشر 3 حاملات طائرات أميركية تعمل بالطاقة النووية حاليا في الشرق الأوسط. هناك حاملتا الطائرات &laqascii117o;يو أس أس ايزنهاور" و&laqascii117o;يو اس اس انتربرايز" في الخليج وبحر عُمان. الحاملة &laqascii117o;ايزنهاور" كانت حتى اليومين الأخيرين ترسو مع كامل مجموعتها الهجومية في البحر الأيوني (شمال البحر المتوسط) تحت القيادة المشتركة للأسطولين الخامس والسادس، قبل أن تعبر في الساعات القليلة الماضية مع 4 قطع بحرية من مجموعتها الهجومية البحر الأحمر باتجاه الخليج. حاملة الطائرات الأميركية الثالثة &laqascii117o;أبراهام لنكولن" تتوجه في هذه الأثناء إلى مرفأ انطاليا في تركيا، في زيارة مقررة منذ 6 أشهر. ومع وصول حاملة الطائرات الفرنسية &laqascii117o;شارل ديغول" في آب إلى الخليج (قبالة سواحل دولة الإمارات)، وتوجه الحاملة الأميركية &laqascii117o;يو اس اس نيميتز" أيضا إلى نطاق عمليات الأسطول الخامس (المسؤول عن العمليات في الخليج)، سنشهد خلال شهر من الآن انتشار 5 حاملات طائرات في المنطقة، 4 منها أميركية، في آنٍ، علما أن أمرا صدر من البنتاغون بتسريع انتشار الحاملة &laqascii117o;نيميتز" في الخليج (قبل 4 أشهر من الموعد المقرر سابقا، تمهيدا لسحب الحاملة انتربرايز، لكن سرعة عملية الانتشار والتبديل بحد ذاتها تدعو للاستغراب). وبالإضافة إلى حاملات الطائرات، هناك المجموعة الهجومية &laqascii117o;يو اس اس أيوا" مع وحدات المارينز الرابعة والعشرين في ضيافة البحرين في مرفأ &laqascii117o;خليفة بن سلمان".
2 ـ وقعّت شركة &laqascii117o;رايثون" الأميركية للصناعات العسكرية عقدا بقيمة 338 مليون دولار مع وزارة الدفاع الأميركية (صفقة استثنائية) لتسليم 361 صاروخ &laqascii117o;توماهوك" المعروف بمداه الطويل، دقته الكبيرة وبرأس متفجر كبير يمكنه أن يسبب ضررا بالغا لأهداف محصنة أيضا. وسيتم تجهيز 238 من هذه الصواريخ لتكون صالحة للإطلاق من على متن غواصات، في حين ستجهز البقية للإطلاق من على متن مدمرات صواريخ من طراز تلك الموجودة لدى الأسطول الخامس في البحرين. إشارة إلى أنه تم اعتماد هذه الصواريخ (124 صاروخا) في العملية العسكرية ضد ليبيا. كذلك طلبت البحرية الأميركية مؤخرا 17 ألف عامل على جهاز &laqascii117o;سونار" لكشف الغواصات المعادية، مباشرة بعد توقيع صفقة الـ&laqascii117o;توماهوك".
3 ـ يجري الأسطول الأميركي السادس هذه الأيام مناورة &laqascii117o;نسيم البحر" في البحر الأسود، على أن تختتم في 21 تموز الحالي. وتشارك 18 دولة من بينها تركيا وأذربيجان في المناورات، أما إسرائيل وقطر والإمارات فتشارك بصفة &laqascii117o;مراقب". من أهم التدريبات هذه السنة في هذه المناورات &laqascii117o;نزع الألغام" البحرية وعمليات الإنقاذ.
4 ـ وصلت القطعة البحرية الأميركية &laqascii117o;يو أس أس بونس" إلى مقر قيادة الأسطول الخامس في الجيش الأميركي في البحرين. و&laqascii117o;بونس" هذه هي أشبه بقاعدة عسكرية عائمة على سطح الماء، وتحمل على متنها 900 بحار. وكانت في البداية سفينة نقل برمائية مزودة بجسر لإقلاع الطوافات، لكن في نيسان الماضي، تقرر تحويلها إلى قاعدة عائمة للدعم اللوجيستي لكل أنواع العمليات، إذ تشمل مهماتها إزالة الألغام، دوريات خفر السواحل، نقل قوات خاصة، عمليات رصد واستطلاع، مهبط طوافات، وعمليات إغاثة.
5 ـ ويضم الأسطول الأميركي، المنتشر حاليا في الخليج، أيضا أربع طوافات مخصصة لمكافحة الألغام البحرية طراز &laqascii117o;سيكورسكي 53 سوبر ستاليون". (وهو رقم مرتفع قياسا إلى عدد هذه المروحيات النوعية في الأسطول الأميركي).
6 ـ يضم الأسطول الأميركي المنتشر في الخليج حاليا 8 كاسحات ألغام (إضافة إلى 4 أخرى أوروبية)، وهو أيضا عدد مرتفع نسبيا. (العدد الإجمالي لكاسحات الألغام في الأسطول الأميركي 19 كاسحة).
7 ـ دفعت البحرية الأميركية إلى مياه الخليج عشرات الغواصات الصغيرة غير المأهولة &laqascii117o;ثعالب البحر" التي يجري التحكم فيها عن بُعد والقادرة على التعامل مع الألغام البحرية. كل من هذه الغواصات مجهزة بكاميرات تلفزيون خاصة وبجهاز &laqascii117o;سونار" القادر على تحديد مواقع الألغام البحرية وتدميرها بواسطة شحنة تفجيرية صغيرة.
ولا يعني مشهد انتشار البحرية الأميركية الحاشد هذا بالضرورة وقوع الحرب. لاستكمال المشهد، يجب ملاحظة الحراك في الجهة المقابلة:
8 ـ مناورات الدفاع الجوي الأخيرة شمال غرب إيران الأخيرة (التي تلت مناورات &laqascii117o;الرسول الأعظم 7" الصاروخية) لها دلالات كبيرة في معرض &laqascii117o;اختبار الحرب الالكترونية". المميز في هذه المناورات هو استخدام تقنيات الحرب الالكترونية في تعزيز الدفاعات الجوية الإيرانية. وفي الآونة الأخيرة قال العديد من الخبراء الإسرائيليين والأميركيين إن الحل الوحيد للتعامل مع منظومات الدفاع الجوي الشرقية الصنع (التي تعتمد عليها إيران وسوريا) هو عبر التشويش الالكتروني على هذه الدفاعات. من هنا جاء التركيز الإيراني على طبيعة هذه المناورات الالكترونية.
9 ـ مناورة &laqascii117o;الرسول الأعظم 7" تميزت بطابعها الهجومي، لا الدفاعي كما جرت العادة في مناورات سابقة. قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زادة أعلن في ختام مناورات &laqascii117o;الرسول الأعظم 7" أن الحرس الثوري قد أعدّ خطط طوارئ شاملة لمهاجمة 35 قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة &laqascii117o;في غضون دقائق" من توجيه ضربة عسكرية أميركية على بلاده.
10 ـ المناورتان الإيرانيتان جرتا في وقت متزامن. لا تكون أهداف المناورات دائما التدريب أو توجيه رسائل ردعية. في بعض الأحيان يكون الهدف منها استنفار القوات. ولعلّها المرة الأولى التي تكون فيها القوات المسلحة الإيرانية بهذا الوضوح في معرض الكلام عن المناورة الصاروخية التي جرت على نماذج لقواعد عسكرية أميركية بنيت خصيصا في صحراء &laqascii117o;سمنان"، علما ان مدى الصواريخ التي جرى اختبارها خلال هذه المناورة تغطي مقر الأسطول الأميركي الخامس في المنامة الواقع على بعد 120 ميلا بحريا من الحدود مع إيران، وقاعدة &laqascii117o;الظفرة" الجوية في الإمارات على بُعد 200 ميل. وهذه القاعدة شهدت مؤخرا تعزيزا نوعيا بعدد غير محدد من طائرات &laqascii117o;أف 22" الأميركية، الوحيدة القادرة على التعامل مع منظومات الدفاع الجوي عند السواحل.
11 ـ تعمّد الإيرانيون تغييب أبرز صاروخ في ترسانتهم &laqascii117o;سجّيل" بنسختيه الأولى والثانية. وهذا الصاروخ المتوسط المدى (2300 كيلومتر) قادر على الوصول إلى إسرائيل، وهو يُطلق من آلية متحركة ويعتمد على الوقود الصلب برأس متفجر زنة ألف كيلوغرام، وهو صعب الرصد والاعتراض، ما جعل منه محل بحث ورصد دقيق من جانب المؤسستين العسكريتين الأميركية والإسرائيلية.
مؤشرات عند الجبهة الشمالية لإسرائيل
1 ـ صباح يوم اغتيال راجحة وشوكت، وقبل ساعات من الحادثة، كثّف الجيش الإسرائيلي من خروقاته البرية عند المرتفعات الغربية لجبل الشيخ، في محور العرقوب. فجر اليوم ذاته كان الجيش الإسرائيلي قد دفع برتل من آلياته المدرعة إلى الشطر المحتل من العباسية. المشترك في جميع التحركات الإسرائيلية عند الحدود مع لبنان رفع جيش الاحتلال سواتر برتقالية اللون فوق رتل من آلياته المدرعة، في خطوة يلجأ إليها عادة لتمييز آلياته المدرعة وحركة جنود المشاة من قبل طائراته الحربية.
2 ـ في العاشر من تموز الحالي، بثت وكالة &laqascii117o;رويترز" تصريحا لافتا لنائب وزير الشؤون الأوروبية في قبرص أندرياس مافرويانيس أعلن فيه أن السلطات القبرصية أعدّت خططا لوصول أكثر من 200 ألف لاجئ من سوريا، داعيا إلى مساعدة بلاده في استقبال هذا العدد الضخم من اللاجئين.
3 ـ ذكرت نشرة &laqascii117o;انتليجنس اونلاين" الفرنسية (المعروفة بارتباط رئيس تحريرها بأجهزة أمنية إسرائيلية) أن مناورات &laqascii117o;الأسد المتأهب" التي جرت في الأردن مؤخرا، بمشاركة قوات سعودية وإشراف للقيادة المركزية الوسطى في الجيش الأميركي، شملت تدريبات على عمليات إخلاء واسعة لمدنيين. وتابع التقرير أن الأردن يشهد حاليا تدريبات خاصة للتعامل مع سيناريوهات محددة في سوريا.
4 ـ تحدث تقرير نشرته مجلة &laqascii117o;أسبوع الطيران" الأميركية عن ربط موضوع الضربة الأميركية أو الإسرائيلية لإيران بتهيئة الأرضية الأمنية في لبنان وسوريا. وذكرت بالتحديد ما أسمته &laqascii117o;منشآت جمع المعلومات والرصد البعيد المدى" (أي أنظمة إنذار مبكر) الموجودة بالقرب من دمشق وفي جبل صنين، وهذه الأنظمة بحسب المجلة الأميركية المتخصصة تغطي شرقي المتوسط (بما فيها إسرائيل والأردن) وحتى شمال السعودية.
5 ـ في 22 أيار الماضي، عقدت رابطة &laqascii117o;ياد لاتوتشان"، التي تضم جنودا من وحدات المدفعية في الجيش الإسرائيلي، مؤتمرها السنوي الدولي الثاني المعروف باسم &laqascii117o;مؤتمر النار"، في بلدة &laqascii117o;ذخرون يعقوف" (ذكريات يعقوب) جنوب حيفا. وعلى هامش المؤتمر، الذي ركّز هذه السنة على العمليات المشتركة في حرب المدن، تم تنظيم معرض للصناعات العسكرية برعاية فيلق المدفعية، شعبة التخطيط في هيئة الأركان وشعبة الاستخبارات العسكرية. وعرضت هيئات التصنيع العسكرية أسلحة وتقنيات جديدة، الكثير منها أصبح معتمدا في الجيش الاسرائيلي، ومعظمها مخصص للتعامل مع &laqascii117o;حزب الله" تحديدا. (أكتفي بسرد بعض هذه الأسلحة والتقنيات وأترك معالجة ميزات كل منه في مقال لاحق: منظومة &laqascii117o;جامبر" الصاروخية، صاروخ &laqascii117o;تموز"، الأفعى الالكترونية (تسفاح)، مدافع منصوبة على عربات يمكن نقلها خلال 60 ثانية (منظومة سبير)، شاشات ثلاثية الأبعاد مدمجة في منظومتي &laqascii117o;القبة الحديدية" و&laqascii117o;مقلاع داود"..). وشارك في المؤتمر ضباط رفيعو المستوى من الولايات المتحدة وبولندا ورومانيا ومن مراكز دراسات مرموقة.
الكلمة الأبرز كانت لنائب رئيس الأركان الاسرائيلي اللواء يائير نافيه الذي استعرض التحول في الاتجاهات المركزية في العقيدة القتالية للجيش الإسرائيلي، وفقًا &laqascii117o;لبيئة القتال المعقدة في الشرق الأوسط". وأفرد نافيه حيزا واسعا من كلمته للمعركة المقبلة: &laqascii117o;علينا تقصير مدة الحرب قدر المستطاع، بسبب الهجمات على الجبهة الداخلية. ومن أجل القيام بذلك، فإن المطلوب منا هو ضربة نار استباقية، تصل الى كل المديات، وتستطيع أن تؤدي تقريبا الى الحسم. لن نقوم بإطلاق نار إحصائي، سنركز على نيران دقيقة، وعلى قذائف صاروخية من البر، عندما نستخدم عشرات آلاف الذخائر. الهدف هو ضرب منظومات النار لدى العدو، مركز القيادة والسيطرة التابعة له والبنى التحتية المساندة له بشكل مركَّز جدًا". ونافيه هو أبرز المدافعين عن نظرية &laqascii117o;المفاجأة غير التقليدية" في أي مواجهة مقبلة مع &laqascii117o;حزب الله"، بسبب تقدم وسائل جمع المعلومات لدى الحزب.
أما &laqascii117o;مؤتمر النار" بحد ذاته، بجدول أعماله المرتبط تماما بكيفية مواجهة &laqascii117o;حزب الله"، فيُعدّ مؤشرا على تقدم مستوى التخطيط للجولة المقبلة إلى مراحل أعلى.
6 ـ تصاعد في الآونة الأخيرة الحديث عن قلق إسرائيلي من انتقال أسلحة دمار شامل سورية إلى &laqascii117o;حزب الله". قائد المنطقة الشمالية يائير غولان تحدث بالتفصيل خلال ندوة في معهد &laqascii117o;بيغن ـ السادات" عن نظريته للحرب المقبلة مع الحزب. وتقاطع تقدير غولان مع ما يؤمن به رئيس هيئة الأركان الجنرال بني غانتس: &laqascii117o;قتال بري متداخل مع عمليات من الجو يؤدي إلى حسم واضح وسريع".
المتابع لتصريحات القادة الإسرائيليين يلحظ اندفاعا وشهية باتجاه جولة عسكرية جديدة مع &laqascii117o;حزب الله" (بعد أن انخفضت انخفاضا ملحوظا السجالات العلنية حول ضرب إيران).
المناورات السورية
لا تعني أي من هذه المعطيات احتمال حدوث الحرب في القريب، لكن استكمال المشهد أيضا في الجهة المقابلة قد يوضح الصورة أكثر:
7 ـ تميزت المناورة السورية الأخيرة بطابعها الهجومي أيضا، من خلال التركيز على الوحدات الصاروخية وقوات الدفاع الجوي. وشملت إطلاق صواريخ &laqascii117o;سكود" بمديات مختلفة، والتركيز على صاروخ &laqascii117o;ياخونت" أرض ـ بحر الاستراتيجي.
8 ـ استخدم الجيش السوري دفاعات جوية حديثة في المناورات، علما أن التحليلات الإسرائيلية الأخيرة تخشى تحديدا من وجود منظومة دفاع جوي اسمها &laqascii117o;اس إي 17 غريزلي" الروسية (المعروفة أيضا باسم &laqascii117o;بوق") بحوزة السوريين. هذه المنظومة مخصصة لاستهداف صواريخ كروز، القنابل الذكية، الطائرات ذات الجناح الثابت، الطوافات وطائرات الاستطلاع، وتتميز بأنها الوحيدة في العالم التي تتعامل مع الطائرات والسفن البحرية في آن معاً، بالنظر لقدرة صحنها الراداري على الاستطالة والتمدد على غرار ذراع الرافعات المستخدمة في البناء، بحيث يمكنه تشكيل زاوية حادة ومسح الأهداف البحرية. وهي قادرة على رصد ومعالجة 6 أهداف متزامنة بارتفاعات واتجاهات مختلفة، وتوجيه 3 صواريخ دفعة واحدة لاعتراض هدف واحد.
عوداً على بدء، تؤشر التعزيزات العسكرية الأميركية في الخليج حتى الساعة إلى تركيز باتجاه هدف واحد: فتح مضيق هرمز إذا قررت إيران إغلاقه. نوعية الأسلحة والمعدات والتقنيات التي يجري استقدامها إلى المنطقة تؤكد هذه الفرضية. ولا توحي طبيعة التعزيزات الأميركية بتحضيرات لضربة استباقية، بل هي تنحو كثيرا إلى الاستعداد لرد فعل إيراني تكون ساحته مضيق هرمز.
في الجبهة الشمالية لإسرائيل، لا مؤشرات حرب ابتداء كذلك حتى الساعة. الصراخ العالي وإعادة التصويب باتجاه &laqascii117o;حزب الله" (بعد إهمال الخطر الإيراني)، بما في ذلك حادثة بلغاريا &laqascii117o;السخيفة" السيناريو، تؤشر إلى هدف رئيسي: تحييد &laqascii117o;حزب الله" عن معركة سوريا.
اغتيال آصف شوكت مماثل لاغتيال عماد مغنية في منظور الموازين النسبية، وهو بالتأكيد يستوجب الرد. وبما ان المعركة الآن هي على سوريا، فيجب أولا سحب ورقة الرد على اغتيال مغنية من يد &laqascii117o;حزب الله". لذا كانت المسارعة المقصودة بتحميل الحزب المسؤولية عن تفجير بلغاريا. الرسالة الوحيدة التي يريدون إيصالها: &laqascii117o;حزب الله" ثأر لعماد مغنية في بلغاريا، وأي عملية مقبلة في الخارج سنعتبرها ردا على اغتيال آصف شوكت ومن مسؤولية النظام السوري. السيناريو الإسرائيلي يُكمل تماما انفجار دمشق. وقد سبقه أصلا حراك سياسي لافت. حتى رئيس الوزراء الأردني بات لا يجد حرجا في الهجوم على النظام السوري في الأيام الأخيرة، على الرغم من الحذر الأردني الشديد في مقاربة الملف السوري بطريقة حادة منذ بداية الأزمة. لكن شيئا ما تبدّل في الأفق. الصحيح أن سوريا تشهد وستشهد أشرس المعارك بين المحورين.
إشارة أخيرة، كانت إسرائيل تنتظر بالتأكيد تعليق الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب الله" السيد نصر الله على حادثة بلغاريا، لكنه خيب آمالها. بعد انتهاء كلمة السيد، غرّد الكاتب الإسرائيلي الشهير أمير بوحبوط على &laqascii117o;تويتر"، &laqascii117o;لقد تم إزالة جميع مقاطع الفيديو المتعلقة بانفجار الحافلة في بلغاريا عن يوتيوب، وأتساءل لماذا؟".
- 'الاخبار'
هل الحداثة الإسلامية هي الحل؟
غسان ملحم:
تشهد المنطقة العربية حالياً ظاهرة صعود الحركات الإسلامية في ميدان الصراع السياسي الدائر. بيد أنّ التشكل السياسي للتيارات الدينية العقائدية ليس بالأمر الجديد. وهي تختلف بطبيعة الحال في ما بينها لجهة النظرة إلى الشأن العام، بل وكيفية فهمها للحكم الإسلامي والشريعة الإسلامية. فهي تتباين من حيث تفسير أحكام الشريعة والبناء عليه في صوغ نموذج خاص بكل منها لمقاربة الحياة العامة وغيرها من أمور الدنيا. ولبنان ليس بعيداً في الواقع عن هذا النقاش وظاهرة الطفرة في انتشار الإسلام السياسي. فما هي الرؤية السياسية للإسلام في المعالجة والمشاركة وحتى إعادة البناء فيه؟ وكيف يمكن الخروج من مأزق الإخفاق في بناء الدولة الوطنية، بمقترب الحداثة في التنمية، عبر الركون إلى الفكر الإسلامي والعودة إلى الجذور في مقاربة واستشراف المستقبل السياسي للبنان، ومن خلاله للمنطقة؟ لقد فشلت الطبقة السياسية في تطبيق النموذج الغربي لنظرية الحداثة في لبنان منذ الاستقلال. فهي لم تتمكن من بناء مؤسسات الدولة الوطنية الحديثة على قاعدة المساواة السياسية في المواطنة من أجل الحرية التي تقترن بالعدالة الاجتماعية. والحق يقال بأنّ الطبقة التي تقبض على سلطة الحكم في لبنان، وهي نفسها لم تتغير ولم تتطوّر، ربما كانت قد أغفلت سبل تنفيذ مشروع بناء الدولة. لكنّها بالتأكيد لم تكن تريد البدء والمضي قدماً بسياسة النهوض بالبلاد على كافة الصعد بشكل جدي. وهي لم تبادر يوماً إلى إعداد ووضع البرامج التنموية موضع التنفيذ الفعلي، رغم أنّه لا يمكن إنكار حدوث تقدم ما بصورة متقطعة ومتفرقة من وقت لآخر هنا أو هناك، إلا أنّه لا يندرج أبداً في إطار رؤية متكاملة للمعالجة الجذرية. فالسلطة الحاكمة في لبنان تسودها عقلية رجعية بفعل تكوينها الطائفي أو المذهبي ودخول عامل المال السياسي على خط الصراع التقليدي على السلطة، فضلاً عن جمود البنى الإقطاعية وثباتها أمام كل محاولة للتغيير. في هذا السياق، لا بد من القول إنّ الأطر التنظيمية للحراك السياسي على الساحة اللبنانية، كالأحزاب والتيارات الفكرية، لا تشكل نموذجاً للحركات التقدمية والنهضوية كتلك التي رفعت لواء الثورة على الكنيسة والإقطاع وغيرهما من القوى الرجعية في أوروبا، وخاضت معركة التغيير فيها على خطى ميزان الحداثة، ولا تعبّر بصدق عن الأفكار التي تنادي بها والطروحات التي تدعي العمل على إنجازها.
مع ذلك، إنّ الحديث عن الفشل بتجسيد التجربة اللبنانية في الأخذ بمفهوم الحداثة وتعثّر مشروع بناء الدولة لا يعني على الإطلاق أنّ النسق العام المنبثق من الحداثة في الغرب إبان عصر الأنوار، غير صالح للتطبيق على أرض الواقع أو أنّه غير ملائم للصيغة اللبنانية. لكنّه يفتح الباب واسعاً للخوض بإسهاب في النماذج البديلة والنظريات الرديفة التي قد تبدو أقرب إلى الواقع اللبناني وأكثر مراعاة لخصوصية التركيبة الاجتماعية التي يتكون منها. هكذا تصبح هذه اللحظة السياسية والتاريخية مناسبة لدعوة حزب الله ذي الخلفية الأيديولوجية الإسلامية، وربما سواه من التيارات الإسلامية، إلى بلورة رؤيته الخاصة للتطوير السياسي والفكري على المستوى الحزبي أولاً، والمستوى الوطني ثانياً. عند هذا المقام، قد يكون حزب الله معنياً أكثر من سواه بهذه المهمة التاريخية النبيلة، بالنظر إلى حضوره الفاعل على خريطة الوطن الصغير، وقدرته الوازنة على التعبئة السياسية والشعبية، ودوره المركزي في المقاومة والتحرير، الذي يمكن الرهان عليه، فيما لو أراد أحد التثبت من نياته الحسنة ومن الخلفية الوطنية التي تحدث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. يأتي ذلك في سياق الصعود السياسي التدريجي للحركات الإسلامية في الشرق الأوسط طوال العقود الماضية على خلفية تراجع الطروحات القومية والاشتراكية والتقدمية واندثارها في مختلف الأقطار العربية والإسلامية. لذا، إن الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية في الدول العربية معنية قبل أي شيء آخر بصوغ وتظهير رؤيتها البراغماتية العامة، النابعة من طريقة فهمها الشريعة الإسلامية، لديناميكية التسيير والتدبير في بلدانها بعيداً عن المظاهر أو الأشكال الديماغوجية غير المسؤولة.
تكمن البداية في ضرورة أن تدرك الحركات الإسلامية أهمية البدء من حيث انتهى الآخرون. يعني ذلك أن تتعامل مع الواقع كما هو قائم على الأرض، وأن تعمل على إحداث التغيير الذي تتوخاه من داخل النظام، لا أن تفرض منطقها السياسي بالقوة. وهي لهذا الأمر محكومة على ما يبدو بالسقف الذي وضعه أسلافها في الحكم للتحرك السياسي. في ما يخص حزب الله في لبنان، تجدر الإشارة إلى أن النظام السياسي والدستوري في هذا البلد هو في الأساس نموذج مماثل للأنظمة الغربية من حيث إنه مستوحى بجذوره التاريخية من التجارب الأوروبية، ولا سيما تجربة الجمهورية الفرنسية الثالثة ومن ثم الرابعة. هذا المعطى يفرض على حزب الله، وهو يعي ذلك، التزام العمل السياسي وفقاً للآليات المؤسسية والدستورية التي أدخلتها سلطة الانتداب الفرنسية إلى الحياة السياسية اللبنانية في تلك الفترة الحاسمة من تاريخ الكيان والدولة، ومن بعدها السلطة اللبنانية منذ عهد الاستقلال. لقد استقرت صيغة الحكم والإدارة على تقليد النموذج الغربي في الحداثة، من حيث إن النظام اللبناني يقوم على الديموقراطية والتعددية الحزبية والتمثيل البرلماني والمواطنة غير المنجزة! أمام هذا المشهد، ربما كان يجدر بقيادة الحزب والمقاومة أن تسعى جاهدة إلى دخول العقل السياسي الغربي الذي بنى هذا النظام، وأن تعرف بالتالي كيف يمكن أن تبادر إلى تطويره، بمعنى إعادة بناء السلطة فيه بنحو هادئ لا يثير أي استفزاز، وفقاً لمنطق التفكير والإدراك الليبرالي الغربي نفسه.
من هذا المنظار، يمكن حزب الله أن يعمل على ابتداع رؤية متقدمة للتحديث السياسي في مفهوم العمل الوطني والضوابط التي من شأنها تقنين الممارسة السياسية أو تأطيرها بما ينسجم مع فكرة الحاكمية أو الحكومة في الفكر الإسلامي المعاصر، وبالشكل الذي يمكن أن يتقبله الناس على اختلاف المذاهب والطوائف. هنا يبرز دور النخبة المثقفة داخل الحزب في البحث عن الصيغة التطبيقية لنظرية الحداثة ذات الأصول الغربية، بما يتلاءم بالتحديد مع فلسفة العقيدة الإسلامية التي يعتنقها الحزب بقصد التجديد السياسي والسوسيولوجي. إلا أن حصيلة هذا الجهد الفكري تظل بطبيعة الحال قابلة للمراجعة والتدقيق، أو أقله النقاش الهادئ والمسؤول، على طاولة الحوار مع سائر الأطراف اللبنانيين.
قبل الخوض في مضمون الطرح السياسي والحضاري الذي يمكن حزب الله أن يرفع رايته، ليس فقط في نطاق لبنان ولكن أيضاً على صعيد العالمين العربي والإسلامي، لا بد من الوقوف ملياً عند أهمية التجربة الإيرانية المعاصرة التي تمثل فعلاً نموذجاً سياسياً فريداً ومتميزاً. فقد أعقب انتصار الثورة الإسلامية في إيران إطلاق مشروع كبير لإعادة بناء الدولة فيها على ركائز حديثة ومتينة. وكان من الطبيعي ألا تلجأ أبداً القيادة السياسية الجديدة لإيران إلى اقتباس أحد النماذج المدنية الشائعة في الغرب أو إسقاطه على المسرح الإيراني أو حتى تكرار إحدى تجاربه التي انبثقت من ظروف موضوعية مختلفة. بل قامت خلافاً لذلك بصياغة تجربتها الخاصة، وحاولت أن تبرز من خلالها مفهوم الفقه الشيعي للمرجعية السياسية والشرعية. وقد تضمنت هذه التجربة غير المسبوقة في التاريخ الحديث والمعاصر، الإرهاصات المبدئية لنظرية الحكم الرشيد من وجهة نظر الفقه والاجتهاد في المذهب الجعفري. هكذا أماطت الثورة الإسلامية الإيرانية اللثام عن نظرية الولي الفقيه وغيرها من الطروحات التي ابتدعها العقل الديني المجتهد في إيران من رحم مفهوم الإمامة عند الشيعة الاثني عشرية، على غرار الخلافة الإسلامية أو الرئاسة المدنية أو الملكية الدستورية أو الحكومة الديموقراطية المنتخبة أو الحكومة الجمهورية... بهذا المعنى، تجربة إيران في عصر الثورة، في التعبير عن الإسلام السياسي المعاصر بطريقة عقلانية، جديرة بأن تكون مدار بحث وموضع تمحيص من زاوية التصنيف النظري والمبدئي لنماذج الأنظمة السياسية والاجتماعية في العالم. فقد تمكنت من تجسيد نظرية الحكومة الإسلامية، كما يتطلع إليها أتباع أهل البيت (ع)، في منظومة مؤسساتية وفكرية متعددة الأجهزة والمستويات في الاختصاص والصلاحية.
بالعودة إلى الحيز اللبناني، ثمة من سيسارع إلى القول إن ما تحقق في إيران على أيدي النخب السياسية الإسلامية التي حكمت ولا تزال منذ الثورة فيها، هو غير قابل للتطبيق ضمن الصيغة اللبنانية الحالية، وهو محق. وقد يعتقد البعض أو يقول إن في هذا الكلام دعوة ضمنية لإقامة حكم إسلامي ما، وإنها رغبة غير معلنة لدى البعض تساوره منذ زمن، وهو مخطئ. فالحزب، بما لديه من خبرة، يعي تماماً أنّ من غير الممكن أو المقبول حصول هذا الأمر في لبنان. هنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من الحركات الإسلامية في الأوساط السنية اللبنانية قد تكون لديها أيضاً النية في إحداث تغيير معين في صلب المعادلة الداخلية وإعادة خلط الأوراق تبعاً لخلفيتها العقائدية، إلا أن حجمها المحدود وحضورها المستجد على الساحة قد يحولان دون ذلك حتى الآن. ولكنه أمر مشروع في كل الأحوال، فالباب مفتوح أمام الجميع للتعبير السلمي عن الرأي والجهر بما يريده لجهة كيفية نظرته إلى لبنان، بل ووضعه على طاولة البحث، ما دام لا يمس بالسلم الأهلي والعيش المشترك وليس من شأنه تهديد الاستقرار والأمن في البلد.
إذاً المطلوب من حزب الله، وهو لديه القدرة على ذلك، أن يطلق ورشة عمل داخلية تفضي إلى إعلان وضع أو إعداد أطروحة سياسية مستوحاة من الفكر الإسلامي، وتكون مقبولة بين كافة شرائح المجتمع على أرض الواقع. ليس المقصود أن يعمل حزب الله على نقل التجربة الإيرانية إلى لبنان على الإطلاق، ولا هو بوارد هذا الأمر. ولا المقصود أن يعمل بطريقة أو بأخرى على اقتراح أو طرح فكرة فرض الحكم بالإسلام والتسويق لها أبداً. لكن المطلوب في هذه اللحظة من تاريخ لبنان أو في أية لحظة في المستقبل أن ينهض حزب الله بمسؤولية وطنية وسياسية ودينية في تطوير مقولة الحداثة التي أُسقطت على الساحة اللبنانية من دون أي محاولة لتكييف المفهوم مع الواقع. يمكن حزب الله حينذاك أن يضع بصماته على الصيغة المطبقة أو المقترحة للخلاص في لبنان، وأن تكون له إسهاماته في عملية إعادة النظر بكل شيء أو مجرد المطالبة بها. في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن السعي إلى إعادة قراءة وتركيز دعائم الصيغة التوافقية أو تغييرها كما الإسهام في هذا الجهد العملاق هما مسؤولية جميع القوى والأحزاب في لبنان، حتى لا يظنن أحد أنّ الغاية التي تكمن خلف هذا الكلام إنما هي إطاحة التوازن الوطني وبالتالي تطبيق مقولة حزب السلاح والدويلة ضمن الدولة أو بدلاً منها. إذاً، يستطيع حزب الله أداء هذا العمل كخيار استراتيجي في مواجهة حملة التخوين والتشكيك والتحريض على الإسلام وإلصاق تهمة الإرهاب به. فالحزب قادر على الانخراط في تفعيل العمل الوطني وتطوير الممارسة السياسية والدعوة إلى ذلك، نظراً إلى سلوكه ودوره وقضيته الأولى.
المهم من كل ذلك أن تتوصل قيادة الحزب والنخب الفكرية فيه في نهاية المطاف إلى دراسة سبل الإفادة من أحكام الشريعة الإسلامية. فبدل أن يرفع شعار الجمهورية الإسلامية كما يتهمه البعض، بإمكان الحزب أن يبتكر نظرية متماسكة في التطوير السياسي لعجلة الحكم في لبنان على قاعدة إبراز الفكرة الجوهرية من كل هذا الطرح في الاعتدال والعقلانية لدى الإسلام وفي كنفه. لقد قامت كل النظريات البراغماتية في العالم الغربي المعاصر على إعلاء شأن مسألة التفكير العقلاني المعتدل في بناء الدولة الحديثة الوطنية أو القومية. فما من نهضة ممكنة أو محتملة للشعوب المسلمة إلا بسلوك الخيار نفسه في التخطيط الاستراتيجي مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والديموغرافية. في لبنان، من الثابت أن الحزب ملتزم مبدأ التعايش مع كافة المذاهب والطوائف. يبقى أن يبادر الحزب إلى تعزيز مشاركته في البناء الوطني الجامع بأن ينهل من الفلسفة الإسلامية لدى علماء الطائفة الشيعية في جبل عامل وبعلبك وقم والنجف، وهو يضاعف بهذه الطريقة مقدار الحضور والانخراط السياسي داخل مؤسسات الدولة للطائفة التي ينتمي إليها والتي تحاول النهوض من كبوتها والخروج تدريجاً من دائرة التهميش والإهمال إلى موقع المبادرة والمشاركة في القرار.
إن العمل في سبيل توفير الحرية وتحقيق العدالة هو الهدف الذي يطفو على كل الطروحات والبرامج، أكانت قومية أم اشتراكية أم ليبرالية. لذا، من حق حزب الله وغيره من التيارات الإسلامية والدينية عموماً، أن تطلق مشروعها الوطني الذي يعبر عن رؤيتها الخاصة في كثير من الأمور العامة. وتأتي بعد ذلك خطوة الانتقال بهذه النظرية التي يقول بها إلى ميدان التطبيق عبر تجسيدها في برنامج عمل ينقل المفاهيم المجردة في الحكم والمسؤولية إلى مستوى الآليات التي توضع موضع التنفيذ وتعبّر عن القيم السياسية للحزب. والساحة اللبنانية مفتوحة دائماً أمام حرية التعبير عن الرأي وإمكانية تقبل مختلف التيارات الفكرية أو الأيديولوجية، أقله من الناحية النظرية. فقد تكون الحداثة على الطريقة الإسلامية هي الحل عندئذ!