مصطفى فتحي
&laqascii117o;أنا آخر وزير إعلام مصري"، جملة قالها صفوت الشريف أحد أهم رجال نظام مبارك. لكن الرجل الذي بقي في منصبه نحو 22 عاماً، لم يكن يدرك أنّ هناك تسعة وزراء إعلام سيأتون بعده ليرددوا الجملة نفسها. أوّل أولئك الوزراء ممدوح البلتاجي، ثم جاء بعده فاروق حسني ليشغل المنصب لمدة أسبوعين فقط موكلاً الأعمال، إلى أن استلم المنصب أنس الفقي لمدة ست سنوات قبل أن يقبض عليه بعد &laqascii117o;ثورة يناير". جاء بعده في الترتيب &laqascii117o;سامي الشريف" كمسؤول عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون بدرجة وزير إعلام، وبعده استلم المنصب طارق المهدي، مروراً بأسامة هيكل، ثم أحمد أنيس ووصلاً إلى الإخواني صلاح عبد المقصود قبل أن يرسي المنصب على درية شرف الدين. دخلت هذه الأخيرة التاريخ، كأوّل سيدة تشغل المنصب، وكآخر وزيرة إعلام لمصر، بعد التشكيل الحكومي الأخير الذي أبقى حقيبة الإعلام شاغرةً. لكن هل يعني عدم وجود منصب لوزير الإعلام أن الإعلام المصري قد تحرر من قبضة الدولة القوية؟
كانت وزارة الإعلام المصرية منذ إنشائها العام 1952، نموذجاً حقيقياً لفكرة تحكّم السلطة في كل ما يعرض في الإعلام. وبالتالي، كان ما يصل للناس هو ما تريد الدولة إيصاله فقط. بعد ثورة &laqascii117o;25 يناير"، طالبت عدّة أحزاب وقوى ثورية بتحرير الإعلام من قبضة الدولة، معتبرين أنّ تجربة &laqascii117o;بي بي سي" البريطانية نموذج يناسب مصر بعد الثورة. لكن تأجل الأمر وغاب وجود رؤية بديلة، حتى شاهد المصريون صباح أمس الثلاثاء الحكومة المصرية الجديدة وهي تؤدي اليمين الدستورية أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من دون أن يكون بينهم وزير للإعلام. ورغم أن بعض المنظمات الحقوقية مثل &laqascii117o;لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة" قد رأت أن القرار &laqascii117o;خطوة للتحرر من قيود السلطة"، إلا أنّ خبراء إعلام اعتبروا أن الأمر &laqascii117o;شكلي".
يعتبر منسق لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة في مصر بشير العدل، أنّ إلغاء وزارة الإعلام كان واحداً من أبرز المطالب التي نادت بها اللجنة. وقال العدل في بيان رسمي إنّ &laqascii117o;الدول المتقدمة، أو حتى الساعية للتقدم، لا تعرف ما يسمى بوزارة الإعلام"، مؤكداً أن إلغاءها يعني &laqascii117o;تحريراً ولو بشكل جزئي للإعلام من قيود السلطة ووصايتها". لكن في المقابل يعتبر مراقبون إعلاميون أنّ الحكومة الجديدة &laqascii117o;اضطرت" لإلغاء منصب وزير الإعلام بسبب تعارضه مع الدستور المصري الأخير ليس أكثر، وذلك لأنّ الدستور أشار إلى &laqascii117o;تأسيس مجالس لتنظيم الإعلام المرئي والورقي المملوك للدولة". كما أنّ مهام وصلاحيات وزير الإعلام انتقلت إلى عصام الأمير رئيس &laqascii117o;اتحاد الإذاعة والتلفزيون". وبالتالي فإنّ التغيير لم يأتِ في العمق، لأنّ ملكية الإعلام ما زالت للدولة بنسبة مئة في المئة. كما أنّ رئيس الوزراء المصري لم يقدّم حتى الآن أي رؤية تتعلق بتشكيل &laqascii117o;المجلس الوطني للإعلام". وحتى هذه اللحظة، لم يظهر للعلن ميثاق الشرف الإعلامي، رغم أنّه كان بنداً أساسياً في خارطة الطريق التي أعلنها وزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي يوم 3 حزيران / يونيو 2012.
معظم العاملين داخل مبنى &laqascii117o;ماسبيرو"، استقبلوا خبر إلغاء منصب وزير الإعلام ببعض الأمل، معتبرين أنّها خطوة ايجابية. ويقول المحرر ومعد البرامج في قطاع الأخبار عبده جمال لـ&laqascii117o;السفير"، إن إلغاء وزارة الإعلام يعدّ &laqascii117o;اللبنة الأولى لبناء إعلام مسؤول مهني (رسمي، خاص) يحترم عقل الجمهور ويساعد في بناء مصر، لكنّ ذلك لن يتمّ إلا أن أبدت السلطة رغبة جديّة بذلك، وسنّت قوانين وتشريعات واضحة وملزمة لجميع القائمين على الإعلام".
المصدر: صحيفة السفير