قضايا وآراء » الصحة الإنجابية في الإعلام: لا جديد

ملاك مكي

لا يختلف العاملون في حقل الصحافة والإعلام، على وجود خلل في التعاطي مع ملفّ الصحّة الإنجابيّة في لبنان. خلال الندوات التي تعقد سنوياً حول الموضوع، يتفقون جميعاً على أهميّة نشر وتداول معلومات معمّقة حول الموضوع، وعلى ضرورة إنشاء مركز دائم للمعلومات المتعلّقة به، وفتح حلقات حوار مع رجال الدين في ذلك الشأن.
أمس، أعاد الإعلاميون المشاركون في لقاء بعنوان &laqascii117o;إشراك الإعلام في نشر التوعية وتعزيز المعرفة في شأن الصحة الإنجابية والجنسيّة للشباب في لبنان"، تأكيد تلك الثوابت. تمّ تنظيم اللقاء بمبادرة من &laqascii117o;مشروع الصحة الإنجابية والجنسيّة للشباب" في &laqascii117o;كلية العلوم الصحيّة" في &laqascii117o;الجامعة الأميركية في بيروت"، وشهد استعادة للأفكار المطروحة منذ سنوات حول موضوع علاقة الإعلام بالصحّة الإنجابيّة، من دون بلورة تقنيات وآليات محدّدة لتعزيز دور الإعلام في هذا المجال.
تسجّل مفاهيم الصحة الإنجابيّة والجنسيّة والجنسانيّة، وفق المتخصّص في الأمراض النسائية والتوليد الدكتور فيصل القاق، تحوّلات عالمية. لم تعد تلك المفاهيم محصورة بالأمراض التناسليّة أو الإجهاض بل تعدتها إلى مفاهيم الرغبة والمتعة، والمسؤولية، وغياب الإكراه في الممارسة الجنسية، وحق اختيار الشريك الجنسي، واعتبار الحقوق الجنسية جزءاً من حقوق الإنسان وغيرها. ويسجّل المجتمع اللبناني تغيرات اجتماعية عدّة في هذا المجال، من دون أن ينعكس ذلك على تعاطي الإعلام مع الصحة الإنجابيّة. على سبيل المثال، ارتفع معدّل سن الزواج من 24 عند الذكور و20 عند الإناث في السبعينيات، إلى 33 عند الذكور و29 عند النساء اليوم. ومن المتوقع أن يشكّل العازبون نسبة 25 في المئة من الفئة العمرية التي تتراوح أعمارها بين 34 عاماً و45 عاما بحلول العام 2025 في لبنان. ذلك ما يؤثر سلباً على الصحة الإنجابية، من خلال تزايد احتمالات الحمل غير المرغوب فيه، وحالات الإجهاض، والإكراه جنسي، والإصابة بأمراض متناقلة جنسيّاً، وغيرها. من جهة أخرى، ما زالت بعض المفاهيم الصحيّة الخاطئة تنتشر في الإعلام، مثل ضرورة سيل الدماء عند الفتاة أثناء فضّ غشاء البكارة، واعتبار المثليّة الجنسية شذوذاً جنسيّاً، أو توهّم الرجال بقدرتهم على التمييز بين الفتاة العذراء والفتاة التي تقيم علاقات جنسيّة، والاعتقاد بأن العلاقات الجنسية الخارجية لا تؤدي إلى حمل أو إلى الإصابة بعدوى..
وبينما تتغيّر المفاهيم وتتطوّر الوقائع العلمية والاجتماعية، يطرح الإعلاميون التحديات المكرّرة عينها، من حواجز دينية واجتماعية. هكذا، تحدّث المشاركون في اللقاء عن عدم وجود مصادر معلومات حول موضوع الصحّة الإنجابيّة، وعبّروا عن امتعاضهم من بعض الوسائل الإعلامية التي تعالج المواضيع المتعلّقة بالصحة الجنسيّة بطريقة فكاهية، أو مثيرة ومبتذلة. لكن لم يتطرّق المشاركون إلى تحديات مهمّة أخرى، مرتبطة بشكل مباشر بالأداء الإعلامي، لناحية وجود وسائل تقنيّة محدّدة لاختيار المواضيع المطروحة وانتقائها، وكيفيّة تحديد المعارف العلمية التي تناسب حاجات وفئات معيّنة، وكيفيّة نشرها.
يكشف الزملاء المشاركون في اللقاء عن تجاربهم في تناول الصحة الإنجابية وبعض ردود الفعل السلبية التي يواجهونها. يطرحون حاجاتهم إلى مصادر موثوقة، وإلى تغيير في اللغة والتواصل.. غير أن التساؤلات الأساسية والآليات العمليّة تبقى معلّقة في الهواء. إذ يتساءل الفرد، حتى اليوم، عن ماهية المواضيع المتعلقة بالصحة الإنجابية الأكثر إلحاحاً في لبنان؟ ما هي الآلية لتناول مواضيع عن الصحة الإنجابية بغية إحداث فرق في السلوكيات العامة؟ كيفية إقناع القيمين على وسائل الإعلام بأهمية طرح تلك المواضيع من دون قيود اجتماعية ودينية وبلغة علمية مباشرة على غرار الوسائل الإعلامية الغربية؟ ما هي المقاربة لتصويب المعتقدات الخاطئة؟ وما هي المصادر التي يمكن اللجوء إليها لنشر بحوث متعلّقة بتفاصيل وممارسات ومعلومات عمليّة بعيدا عن التعريفات والعموميات؟ كلّها أسئلة بقيت معلّقة إثر ندوة أمس.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد