قضايا وآراء » نساء يخترن الـميديا الاجتماعية للحديث عن التحرش الجنسي

كان الرجل يتبعها منذ لحظة نزولها من الحافلة، ولكنها لم تعره الكثير من الأهمية، فهذا المشهد يتكرر كل يوم في شوارع وأزقة العاصمة البريطانية لندن، حتى أصبح جزءاً لا يتجزأ من يوميات الكثير من النساء في هذه المدينة المكتظة بألف لون ولون من الناس.
edsp_300ولكن الكاتبة التي تخصصت في شؤون المرأة صادفت أموراً كثيرة في الأيام اللاحقة، شكلت نقطة حاسمة في حياتها العملية: مرة، ناداها رجل لا تعرفه بألفاظ بذيئة من نافذة سيارته، ومرة أخرى تقدم منها أحدهم في مقهى عارضاً عليها &laqascii117o;رفقة جميلة لبعض الوقت"، فيما اقترب منها ثالث في الحافلة العمومية بطريقة حميمية، ولم يجرؤ الراكبون أن يدافعوا عنها، مفضلين سياسة النأي بالنفس تفادياً للمشاكل.
وتفاجأت لورا بايتس لما جرى، ليس بسبب الأحداث المتشابهة والمتقاربة بحد ذاتها، بل لمدى تحولها إلى &laqascii117o;عادة يومية" أصبح من السهل تجاوزها وعدم القيام بأي ردة فعل لمواجهتها.
&laqascii117o;حين بدأت بالتكلم إلى نساء أخريات، وجدت كم أن قصصنا تتشابه، وكم أن كل واحدة منا كانت تقول في نفسها: لعلني سيئة الحظ جداً لأني صادفت مثل هذا النوع من الرجال"، تقول بايتس (27 عاماً)، مضيفة أن جميع رفيقاتها &laqascii117o;قلن الجملة نفسها: لو لم تكلمني في الموضوع، لما أعرته أهمية أو تحدثت عنه لأحد".
هذه الأحاديث النسائية أطلقت ما يعرف بـ&laqascii117o;مشروع التمييز اليومي على أساس الجنس" (Everyday sexism project)، وهو موقع إلكتروني أوجدته بايتس لتتحدث فيه النساء بحرية عما يتعرضن له من تحرشات جنسية يومية، في مكان العمل، وفي الشارع، وفي الحافلات، كما في المدرسة والمقهى والمراكز التجارية.
وتحول المشروع، الذي تأسس في العام 2012، إلى حركة نسائية تأخذ شعبية بوتيرة مرتفعة يوماً بعد يوم، حاصدة الدعم من رجال السياسة والشرطة والنساء في داخل بريطانيا وخارجها.
وحصد المشروع حوالي 70 ألف مشاركة من أكثر من 20 دولة، تتراوح بين الإخبار عن محاولة تحرش في مقر عمل أو رواية قصة عن عملية اغتصاب، فيما تحدثت كثيرات عن رجال تعرضوا لهن، أو وجهوا إليهن تهديدات لفظية أو جسدية، في أماكن عامة.
وبالإضافة إلى التحرش الجنسي المباشر، تروي بعض النساء والفتيات حكايات لا تسبب ربما ضرراً مباشرا،ً ولكنها ذات مدلولية عالية في ما يتعلق بالتمييز بين المرأة الرجل، فتنقل إحداهن كيف أن عاملة الصندوق في أحد المراكز التجارية قررت إعادة بقية المال الذي دفعته لها إلى الرجل الذي يرافقها، مقللة من قيمتها أمامه، بينما تروي طفلة في الثانية عشرة من عمرها من دولة آسيوية كيف أن رفيقها في الصف طلب منها &laqascii117o;العودة إلى المطبخ" حينما قررت مناقشة أستاذها في مسألة ما. وهناك فتيات صغيرات كثيرات كتبن عن تحرشات جنسية عديدة يتعرضن لها في طريق عودتهن من المدرسة إلى المنزل.
وجاءت نتيجة هذه المشاركات جميعها لتترك أثراً فعالاً، ولو بسيطاً، تخطى العالم الافتراضي الإلكتروني. فمن خلال موقعها، تمكنت بايتس من المشاركة في منتدى حول حقوق المرأة تديره منظمة الأمم المتحدة، كما تعاونت مع عدد من السياسيين البريطانيين، ومديري المدارس وبعض الشركات، للتنسيق مع شركة النقل العام البريطانية للحد من التحرش الجنسي في الحافلات العامة.
ويقول المفتش البريطاني ريكو توايفورد، المسؤول عن حملة التوعية التي يقودها الموقع، أن &laqascii117o; المشكلة الكبرى التي تقف عائقاً أمام الحد من هذه التجاوزات هي ضعف أو قلة، أو الخوف، من إظهارها إلى العلن عند الكثير من النساء"، مشيراً إلى ارتفاع نسبة إعلام الشرطة عن الكثير من الحوادث منذ عامين إلى الآن نتيجة جهود الموقع وحملة التوعية التي أطلقناها.
من جهتها، تعرب بايتس عن اعتقادها أن &laqascii117o;مسألة التحرش الجنسي في مراكز العمل هي أكثر المسائل الشائكة في هذا الملف، إذ أن العديد من العاملات يفضلن أو يخشين الإبلاغ عن تحرشات جنسية تعرضن لها خوفاً من فقدان الوظيفة"، مضيفة أن &laqascii117o;المساواة بين المرأة والرجل هي مجرد غطاء وهمي لما يجري حقيقة في غرف العمل المغلقة".
وتنقل الكاتبة البريطانية مثلاً عن أجواء العمل غير المتساوية، والمقللة من قيمة المرأة، ما قام به أحد المدراء سراً من خلال نشر صور لأجساد زميلاته على موقع إلكتروني، والطلب من أصدقائه أن يضعوا علامات لهن من واحد إلى عشرة!
وتلعب وسائل &laqascii117o;الميديا الاجتماعية" دوراً أساسياً اليوم في تأجيج الاهتمام وإثارة النقاشات في الحملات المخصصة لقضايا المرأة، على غرار ما فعلته الكاتبة البريطانية على موقعها. فعندما قام رجل مصاب بمرض نفسي بقتل عدد من النساء في ولاية كاليفورنيا في شهر أيار الماضي، أطلقت آلاف النساء حملة على &laqascii117o;هاشتاغ Allwomen" للحديث عن الكراهية التي يتعرضن لها في حياتهن اليومية.
وبالرغم من تعرض موقعها لحملة شرسة من قبل منتقدين يعتبرون أن &laqascii117o;الكثير مما أثير على الموقع لا يرتبط بالتحرش الجنسي"، تعتزم بايتس تطوير حملتها لتشمل مدناً عديدة من المكسيك إلى الهند إلى صربيا.
المصدر: صحيفة السفير عن (أ.ب)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد