قضايا وآراء » فوكس نيوز تفضح إرهاب حماس

نور أبو فرّاج

foxnews_300

رغم عدم وجود أيّ جديد يذكر، في انحياز الإعلام الأميركي بشكل واضح لـ«إسرائيل» في عدوانها الحالي على غزّة، إلا أنّ هذا الإعلام لا يزال قادراً على تقديم بعض «المفاجآت». تخرج بعض القنوات علينا كلّ يوم بمفاجأة من العيار الثقيل، من خلال نشرات أخبار أو برامج تتبنّى الرواية الإسرائيليّة، أكثر من الإسرائيليين أنفسهم. آخر تلك المفاجآت تحمل اسم شون هانيتي، المذيع في «فوكس نيوز». يمكن أن نختصر ما قدّمه هانيتي خلال الأيّام الماضية بكلمتين: صهيوني وافتخر!
قبل أيّام، أجرى هانيتي حواراً مع المدير التنفيذي لـ«صندوق القدس ومركز فلسطين في واشنطن» يوسف منير (24/7)، لمناقشة الرسائل التي نشرها «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (CAIR) وطالب فيها الحكومة الأميركية عدم التزام الصمت إزاء استخدام «إسرائيل» غير المتكافئ للقوة ضدّ الفلسطينيين في غزّة. انتقى مذيع «فوكس» مقتطفات من الرسائل، وجدها الأكثر خطورة وإثارة للقلق، وهي المطالبة بعدم «استخدام أموال الضرائب التي يدفعها الأميركيون لمساعدة «إسرائيل» في سلب حياة المدنيين الأبرياء، والتي تصل لبلايين الدولارات كل عام». هذا الطلب استفزّ هانيتي، فسأل: «لماذا تقوم أكبر مجموعة مدنيّة حقوقية أميركية مسلمة، بإظهار التعاطف مع الإرهابيين؟». شنّ هانيتي هجوماً صارخاً على «كير»، مستنكراً عدم اعتراف المجلس بإرهاب «حماس»، ومسؤوليّتها عن الحرب. ولكي يثبت للمتفرّج الأميركي رجاحة منطقه، يوجّه إلى ضيفه منير سؤالاً غاية في الحذاقة: «ماذا كنت ستفعل لو أنني ضربت مكان سكنك بآلاف الصواريخ، وخطفت ثلاثة من تلاميذ المدارس في حيّك، وقتلتهم، ما هي ردود الفعل الملائمة بنظرك على كل ذلك؟». وحين يحاول الضيف الإجابة، موضحاً أنّ «إسرائيل» هي الطرف الملام في الأصل، يتململ المذيع طالباً عدم العودة للحديث عمّا يسمّيه «اتفاقية التقسيم» العام 1948، وسرد تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، متّهماً ضيفه بأنّه يلوم «الضحايا الإسرائيليين المستهدفين بالصواريخ والخطف».
لم يتمكّن منير من الإجابة عن أيّ سؤال، إذ أنّ هانيتي استمرّ في مقاطعته بتعليقات عدائيّة، كأنّه لا يريد الحصول على إجابات أصلاً، بل تكريس القناعات المسبقة في أذهان متابعيه، وإظهار ممثل الجانب الفلسطيني بصورة العاجز عن تقديم إجابات مقنعة. واختار هانيتي أن «يحشر ضيفه في الزاوية»، حينما طالبه الإجابة بنعم أم لا على سؤال: «هل تعتبر «حماس» منظمة إرهابية؟». لم تفلح محاولات يوسف منير الالتفاف على السؤال، وتقديم منظور أوسع للمقاومة الفلسطينية، أمام إلحاح المذيع، ليصل به الأمر حدّ الصراخ: «هل أنا ضيف في البرنامج أم متهم في محكمة؟».
جاء الرد على سلوك هانيتي على لسان الممثل ومقدّم البرامج البريطاني راسل براند، في برنامجه The Trews ممارسات الإعلام الغربي بأسلوبه الساخر، مستلقياً على أريكة في منزله. ينطلق براند في حلقته الجديدة (29/7) من انتقاد منظومة الرموز التي تظهر على شاشة «فوكس نيوز»، بدءاً من صورة الفلسطينيين الملثَّمين في الخلفية، وصولاً إلى هانيتي الذي وصفه براند خارجاً من فيلم الأطفال Toy story. ينتقد براند عدوانية شون هانيتي في مقابلته مع منير، من خلال تقليد إيماءاته وصراخه. يعتمد أسلوب المبالغة لإظهار تحيّز المذيع الأميركي وتطرّفه. يذكّر براند مشاهديه عبر «يوتيوب» بأنّ فلسطين دولة صغيرة، لا جيش لها، متحدّثاً عن عدم تكافؤ القوى. ويضيف: «لا يريد شون هانيتي الخوض في تاريخ الصراع منذ العام 1948، لأنّه ليس مهتماً بالحقيقة». ويشير براند إلى أحد تعريفات الإرهاب، وهو اللجوء إلى التخويف لتحقيق الهدف. وهنا يسأل: «من كان يتصّرف كإرهابيّ، بتخويفه وصراخه ولا منطقيّته؟». يجيب براند: «شون هانيتي».
لم يتأخّر شون هانيتي في الردّ على هجوم براند (30/7) واصفاً إياه «بالغبي والجاهل». إلا أنَّ ردّ هانيتي لم يتجاوز انتقاد مظهر المذيع البريطاني، وأسلوبه، وشعره الأشعث، وثيابه، من دون الخوض حقاً في الخلل الذي كشفه براند، لناحية تحيّز الإعلام الأميركي. تلك لم تكن المرة الأولى التي تطال فيها سهام براند قناة «فوكس نيوز»، إذ أثارت اتهاماته للقناة بأنها «أكثر خطراً من داعش» موجةً واسعة من الجدل.
وبغضّ النظر عن المعركة بين هانيتي وبراند، إلا أنّها جاءت ليؤكّد أنّ تحيّز الإعلام الغربي، أصبح مثار جدل واستياء في أميركا وأوروبا. وما شعبية البرامج المختصة بكشف زيف هذا الإعلام، كبرنامج براند وغيره، إلا أمثلة على الاتجاه الصاعد الجديد. كما أنّها إشارة على أنّ أنصار القضيّة الفلسطينية باتوا اليوم يشكلون تياراً فاعلاً، يتسّع يوماً بعد يوم. ذلك ما يجعل مهمة فضح ممارسات الإعلام الأميركي وتبعيته عملية أكثر سهولة، خصوصاً أنّه خلع رداء الملائكة خلال هذا العدوان، وكشّر عن أنيابه.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد