محمود عزّت
بعد يوم واحد من إيقاف الإعلامي محمود سعد عن تقديم برنامجه على قناة 'النهار' المصرية، لأنّ 'الكلام الحق قد تتسرب منه وجوه باطلة'، بحسب بيان قناة 'النهار'، عقد رؤساء تحرير الصحف المصرية اجتماعاً مهماً في مقر جريدة 'الوفد' لمناقشة 'أوضاع الصحافة المصرية في إطار مواجهة الأحداث الإرهابية الأخيرة، وتأكيد دعمهم للمشروع الوطني الكبير الذي يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي'.
غنيّ عن القول، ومن دون أدنى شكّ، تم عقد هذا الاجتماع بناءً على رغبة السادة رؤساء التحرير المنفردة، وبإراداتهم الكاملة، من دون ضغط أو ترهيب أو تلويح بالمنع، وهذا يعني أنّ الاجتماع كان علامة فارقة في تاريخ الصحافة المصرية، إذ للمرة الأولى ربما يجلس كل رؤساء تحرير الصحف الصادرة في مصر تقريباً على طاولة واحدة، لا تجمعهم إلا مصلحة الوطن والخوف على مقدراته من يد الإرهاب الآثمة، وبالطبع دعم المشروع القومي لسيادة الرئيس.
لم يسفر الاجتماع إلا عن بيان واحد، يمكن الإشارة فيه إلى عدة نقاط بارزة مثل تعهّد السادة رؤساء التحرير 'بعدم نشر البيانات الصادرة التي تدعم الإرهاب وتدعو إلى تقويض مؤسسات الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر'، أي أن كل بيانات 'الإخوان' و'أنصار بيت المقدس' و'داعش' ستظل خارج التغطية، لن يطّلع عليها الناس إلا على الإنترنت وشبكات التواصل، بينما ستبقى صفحات الصحف المصرية نظيفة، صامدة، تنشر فقط البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات الأمنية ولا يعرف منها المواطنون إلا ما يقرّر كبار المسؤولين أنه مصلحة الوطن.
كذلك تعّهد السادة رؤساء التحرير بـ'التعامل بموضوعية ومن دون مبالغة مع أخبار المظاهرات التخريبية لجماعة الإخوان داخل الجامعات وخارجها'. وبالمقارنة مع أسلوب تغطيات الصحف المشاركة في الاجتماع لتظاهرات الإخوان وأحداث الجامعات الأخيرة'، يمكن فهم 'التعامل بموضوعية ودون مبالغة' بمعنىً واحد، أي عدم نشر أي أخبار عن قتلى ومصابين من صفوف الطلبة أو المتظاهرين.
اختيار مقرّ جريدة 'الوفد' نفسه ذو دلالة قوية، إذ وضع الاجتماع في الأجواء المناسبة لسياقه، نظراً لما تمثله الصحيفة من حضور بارز لدى القارئ المصري كمطبوعة تاريخية يتم شراؤها يومياً، غالباً من باب التعود على اقتناء المجموعة الكلاسيكية الكاملة للصحف المصرية معاً: 'أخبار'، 'أهرام'، 'جمهورية'، 'وفد'، وخطّ تحريري شديد المهنيّة كجريدة لحزب معارض خارج السلطة لا يعرف أحد توجهاته ولا خططه ولا حتى أيديولوجياته إلّا 'التأكيد على دعم سيادة الرئيس'، خلال ما يزيد عن الثلاثين عاماً.
في ذات السياق، تمّ الإعلان عن سلسلة من الاجتماعات التي سيتم عقدها قريباً بين رؤساء التحرير ورؤساء القنوات الفضائية المصرية، تليها اجتماعات أسبوعية دورية لمتابعة التطورات وأسس التنسيق المشترك... وذلك ما يبشّر بأداء إعلامي شامل على مستوى الجمهورية في الفترة القادمة، نظيف وموحّد ومنضبّط، مصطفّ بالكامل كصفّ عسكري، ليس فقط في مواجهة الإرهاب، وإنّما أيضاً كما يؤكد بيان الاجتماع التاريخي: لتقديم الدعم الكامل للمشروع الوطني المصري في إعادة بناء الدولة الوطنية الحديثة الذي يقوده رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.
المصدر: صحيفة السفير