زينب حاوي
رغم أنّها مأساة تدرّجت لتصبح خبزاً يومياً على مائدة اللبنانيين، تحوّلت قضية العسكريين المختطفين في الإعلام إلى مادة للتسليع واللعب على المشاعر. آخر الشهداء علي البزّال، الذي أُعلن خبر إعدامه يوم الجمعة الماضي، سرعان ما تحوّلت دماؤه على بعض الفضائيات العربية إلى مادة تحريضية (الأخبار8/12/2014)، واستخدمت للتشفّي السياسي.
أمس، كنّا أمام مشهدين متكرّرين على قنوات مختلفة: &laqascii117o;تسليع الفاجعة". يمكن إطلاق هذه التسمية على تغطية &laqascii117o;الجديد".أمس، عرضت المحطة تقريراً من منزل عائلة الرقيب الشهيد علي البزال في البزّالية (البقاع). تقرير لم يحترم مصاب أمّه الأليم. رأينا الكاميرا تدخل غرفة نومها، إلى حيث نقلت أغراض ابنها، ورأيناها تشمّ حذاءه، وتبكيه بحرقة. من الطبيعي هنا ألا تكون الأم الثكلى المفجوعة في حالة وعي تام لتجيب عن أسئلة مراسلة المحطة نوال بري مثل: &laqascii117o;ليه رجع عمّر بلزقك (إلى جانبك)؟"، لتجيبها الأم وهي تبكي بشدّة: &laqascii117o;لأنّو ما فيه يدشّرني (يفارقني)". في لحظات أساها وحزنها، خرج هذا السؤال وحاصرتها الكاميرا من دون أن تحترم حزنها. وأثناء استكمال طرح الأسئلة، انتقل التقرير مرّات عدّة إلى مشاهد تقترب فيها الأم من الانهيار ولا تقوى على الإجابة نهائياً. وفي الإطار ذاته، راحت كل قناة &laqascii117o;تفتح على حسابها"، وتستعين بخبراء الصورة لتبيّن زيف صور الإعدامات الصادرة عن &laqascii117o;جبهة النصرة". هنا، تبرز أسئلة جوهرية أهمّها: ما الجدوى من هذه التحاليل؟ وما مدى صحّتها؟ وماذا ستكون تداعياتها، وخصوصاً على ذوي الشهداء؟
في اليوم نفسه، &laqascii117o;تصدّى" جو معلوف في برنامجه &laqascii117o;حكي جالس" (21:30 على lbci) لكشف &laqascii117o;زيف" الصورة التي نشرتها &laqascii117o;النصرة" للبزّال بعيد الإعلان عن تصفيته. لهذه الغاية، استشار البرنامج مدير قسم الدراسات الإعلامية في &laqascii117o;الجامعة الأميركية"، جاد مكي، الذي أخضع الصورة المذكورة للتحليل لمعرفة مدى التلاعب بها عبر برنامج الـ&laqascii117o;فوتوشوب". مكي لم ينف صعوبة هذه المهمّة، وخصوصاً أنّ دقّة الصورة ضعيفة، لكنّه مع ذلك أصدر حكمه بأنّها في الأصل عبارة عن صورتين مختلفتين. واحدة تعود إلى رجل يفرّغ رصاصاته في رأس شخص راكع أمامه، وأخرى لوجه لا يعود إلى البزّال. هنا، راحت المواقع الإخبارية وروّاد السوشال ميديا يتداولون هذه النتيجة تحت عنوان: &laqascii117o;كيف عدّلت #جبهة_النصرة صورة إعدام الشهيد #علي_البزال"، متسببة بإرباك وتكهنات عن مصير العسكري الشهيد، وإمكانية بقائه على قيد الحياة!
لكن هذه التحاليل، وبحسب خبراء وحتّى هواة في مجال الصورة، تبيّن ضآلة صدقيّتها ولا سيّما عندما تكون الصورة ذات دقة ضعيفة ومتداولة بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فهي بذلك تفقد قيمتها الفنية، والعناصر الني تمكن من تبيان مدى التلاعب بها.
وسبق أن مارس هذه المهمة طوني خليفة في برنامجه 1544 (الاثنين ــ 21:45 على mtv) بخصوص الصورة التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي وتعود لمريض في &laqascii117o;مستشفى بيروت الحكومي" يدخّن النرجيلة. يومها، استعان خليفة بخبير الصورة بسام لحود الذي أكد أنّ الصورة ليست مركبة. لكن سرعان ما همّ ناشطون مهتمون بشؤون الصورة لدحض هذه النتيجة، مستندين إلى أنّ الصورة تعرّضت لضغط عبر تداولها افتراضياً، ما أفقدها قيمتها ونقاوتها، وقلّل من احتمال إخراج المعلومات المخبّأة داخلها، أو ما يعرف بالـ Exif Data.
المصدر: صحيفة الأخبار