قضايا وآراء » ما كلّ ما تتمناه المرأة.. جلاية

جوزيت أبي تامر
غالبًا ما يتمّ انتقاد الإعلانات التي تستغلّ صورة المرأة لتسويق المنتجات، ويتركّز النقاش على رفض تسليع المرأة أو اعتبار جسدها ممراً سهلاً الى لاوعي المستهلك. في الإطار عينه، لكن من زاوية أخرى، تستبدل بعض الإعلانات إستراتيجية الاستغلال بالتنميط، إذ تحدّد بشكل غير مباشر واجبات المرأة وأدوارها الاجتماعية كما المنزلية. في الفضاء الإعلاني تكون المرأة المعنيّة الأولى بمساحيق الغسيل والتنظيف واستراتيجيات &laqascii117o;التوفير" العائلية من جهة، ومن جهة أخرى يتحتّم عليها أن تحافظ على الجمال والشباب والوزن المثالي بشكل خاص.
يضاف إلى الرسائل المباشرة، صورٌ أو أفكارٌ عن المرأة يراد لها أن تكون بديهيّة في ذهن المشاهد، فتمرّ مرور الكرام في معظم الأحيان. آخر هذه الصور يرد في سلسلة إعلانات &laqascii117o;بنك الموارد" الجديدة، في ظلّ فورة النقاط والجوائز والمايلات، واستماتة المصارف على إظهار &laqascii117o;كرمها" المدفوع سلفًا من الزبائن.
في شريطين إعلانيين يشجّع &laqascii117o;بنك الموارد" المشاهد على استخدام البطاقة المصرفية الخاصة به لحصد نقاطٍ يمكن استبدالها بهديّة أو سفرة &laqascii117o;على ذوقك مش على ذوق البنك".
في الشريط الأول تظهر الممثلة ليزا الدبس وهي تستقبل شريكها الممثل ايلي متري بلباس نادي برشلونة الاسباني، فيكتشف فوراً أنّ لشريكته غاية ما، وهي استبدال النقاط بـ"جلاية". لكن متري كان السباق واختار جهاز تلفزيون.
يكرّس هذا الاعلان بشكل غير مباشر مجموعة من النظم الاجتماعية المتخلفة، أوّلها أن الرياضة وكرة القدم خاصةً ليست من شؤون النساء، ومتابعة المباريات بحماسة شرفٌ لا يحظى به سوى الرجال، ثانيها أنّ على المرأة &laqascii117o;استرضاء" شريكها للحصول على مبتغاها، وثالثها أنّ اهتمامات المرأة تنحصر بين جدران المطبخ ومطلبها البديهي الأول هو &laqascii117o;جلاية".
في الشريط الثاني تسجل المرأة نقطة على شريكها وتنجح بعدما حرمها &laqascii117o;الجلاية"، في اختيار العاصمة الفرنسية كوجهة سفرٍ بدل اليونان. ليتضح في نهاية الإعلان ان اختيار الرجل لليونان كان يهدف الى مشاهدة سباق السيارات، وطبعاً لم يكشف ذلك لشريكته. فالمنطق الجندري يقول إنها سترفض حتماً لأنها بحاجة الى مرشدٍ عندما تقود السيارة ومجموعة استشاريين عندما تركنها، فكيف لها ان تتحمس لمشاهدة سباق السيارات؟
يتمّ تقديم الشريطين الترويجيين في إطار يراد أن يكون كوميدياً خفيفاً، من خلال الاستعانة بممثلين شابين، قد يتماهى معهما مشاهدون ومشاهدات كثر. تقوم الطرفة على إظهار تنافس أو نديّة معيّنة بين الشريكين، على اعتبار أنهما لا يتقاسمان الرغبات ذاتها، بل يعيش كلّ منهما في عالم خاص، ولهما حاجات مختلفة جذرياً، تبعاً للأدوار الاجتماعيّة المرسومة لهما. وفي هذا الإطار، يكرّس المعلن فكرة أنّ المرأة لا تعنيها إلا أدوات المطبخ، في حين أنّ الرجل يهتمّ بالرياضة والسيّارات... أيّ احتمالات أخرى غير مطروحة.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد