فادي الطويل
باستعراض فترتيه الرئاسيتين، حتى الآن على الأقل، يصعب إيجاز علاقة الرئيس الأميركي باراك أوباما بالإعلام غير الأميركي إلا بكونها &laqascii117o;معضلة"، بحسب التعبير الوارد في برنامج &laqascii117o;إمباير" على &laqascii117o;الجزيرة انترناشيونال"، في حلقة سابقة. تكفي المقارنة بين المتحدّث باسم البيت الأبيض إريك شولتز عن الاحترام الذي يكنّه البيت الأبيض لوسائل الإعلام الدوليّة واهتمامه بتوطيد علاقاته معها على &laqascii117o;أساس تقديره الكبير لعملها"، ثم النظر إلى واقع تلك العلاقة فعلياً، وكيفيّة تمثيلها، لتبيان حجم الفجوة.
بالنسبة للإعلام العربي، يمكن القول إنّ تعاطي البيت الأبيض معه محيّر، مع اقتراب نهاية العام 2014. ففي العام 2009، ساد جوّ من التفاؤل المفرط في علاقة الإعلام العربي مع الرئيس الأميركي الجديد، آنذاك، والذي استهلّ فترة حكمه الأولى بمقابلة مع فضائية عربية (قناة &laqascii117o;العربية")، ركّز فيها كثيراً على فكرة &laqascii117o;التواصل" لتوضيح موقف أميركا من العالم العربي والإسلامي. استمرّ ذلك حتى صيف 2009، حين زار أوباما القاهرة وألقى التحية باللّغة العربيّة، وما تبع ذلك من حالة &laqascii117o;تعاطف" إعلاميّة، تجاه رئيس أكبر دولة في العالم... لكنّ ذلك التعاطف ما لبث أن خفت حتى تحوّل إلى حالة من الجفاء. إذ كيف يمكن لرئيس الدولة الكبرى في العالم، أن يتجاهل إعلام منطقة يوجّه نحوها معظم ما يتم طبخه من سياسة خارجية؟ إذ إنّ التواصل مقطوع بينه وبين الشاشات العربيّة، بالرغم من تخصيصه جزءاً كبيراً من مؤتمراته الصحافيّة للشأن العربي، وبالرغم من المساحة الكبيرة التي تفردها فضائيّات عربيّة للترويج للتحالف الدولي للقضاء على &laqascii117o;داعش".
مبرّرات عدّة يسوقها المقرّبون من البيت الأبيض، لتلك القطيعة. فبحسب جو لوكهارت (السكرتير الصحافي للبيت الأبيض بين عامي 1998 و2000) فإن ثمة جوا من &laqascii117o;عدم الثقة" بين البيت الأبيض ووسائل الإعلام (الأميركية وغير الأميركية)، وكأنّه يريد أن يطمئن الإعلام العربي بأنه ليس وحيداً في هذا المناخ من التجاهل والاستبعاد. أما بي.جي كراولي (سكرتير صحافي سابق عمل مع الرئيس أوباما) فيقول إن الرئيس يتحاور مع وسائل الإعلام عبر أفراد من فريق عمله، خصوصاً وزيرة خارجيته هيلاري كلنتون.
الأكيد أن علاقة الرئيس بالإعلام الأميركي، اليميني منه بشكل خاص، تبدو ملتبسة وإشكالية، وهي، في العام الموشك على نهايته، حافظت على هذا التصاعد: أزمته المتجدّدة مع &laqascii117o;فوكس نيوز"، أزمة وثائق جهاز الأمن القومي المسربة، الرعاية الصحيّة، حرية الانترنت والمحاولة الدائمة لاحتواء الصحافة الاستقصائية وتقليص دورها، وغيرها من القضايا... يضاف إلى كلّ ذلك ما نشرته &laqascii117o;بوسطن هيرالد" قبل أيّام من تساؤلات حول التفضيل &laqascii117o;الجندري" الذي يمارسه فريق عمل أوباما، في ما يتعلق بعدم تلقيه أسئلة من الصحافيات، وتفضيله استقبال الأسئلة من الصحافيين. يكشف ذلك شيئاً من توجهات أوباما تجاه الإعلام غير الأميركي بالعموم. بالرغم من ذلك، لا يمكن تجاهل ما يصدر بشكل متكرّر عن البيت الأبيض، حول أنّ الإدارة الأميركيّة الحالية &laqascii117o;قد تكون الأكثر انفتاحاً وشفافية"، لجهة التعاطي مع وسائل الإعلام، وذلك ما يناقض بشكل واضح ممارسات هذه الإدارة وتوجهاتها. هذا ما عبّر عنه أحد المراسلين الأجانب في البيت الأبيض بقوله: &laqascii117o;ثمّة نهج محدد نُعامل كمراسلين أجانب على أساسه، إعلامياً وسياسياً"، يقولون لنا: &laqascii117o;حقائقنا حقائق، أما حقائقكم فأوهام وتخيلات".
المصدر: صحيفة السفير