قضايا وآراء » خلفيات شارلي إيبدو

جيمس زغبي

لم يكن مرتكبو أعمال الرعب في &laqascii117o;شارلي إيبدو" مسلمين ملتزمين أغضبتهم إهانات موجهة لعقيدتهم. ولم يدفعهم ورعهم وتقواهم، ولا هم أرادوا أن يوجهوا ضربة لـ &laqascii117o;حرية التعبير"، إنما كانوا وقوداً سياسياً رديئاً، وكانوا يسعون لإحداث أكبر تأثير ممكن. كانوا قتلة. السذاجة هي وصفهم والحماقة ديدنهم.
والحقيقة أني أؤمن بحرية التعبير، ولكن مع الحرية تأتي المسؤولية. وقد كان البابا فرانسيس محقاً عندما قال إنه &laqascii117o;من غير الجائز استفزاز أو إهانة عقائد الآخرين أو السخرية من دياناتهم". في الوقت ذاته، أشعر بالرعب من حادثة القتل. وكما قال فرانسيس أيضاً: &laqascii117o;لا يمكن للمرء أن يرتكب هجوماً أو يشنّ حرباً أو يقتل باسم الدين، وباسم الإله، فالقتل باسم الله ضلال".
وإذا كانت أعمال القتل في &laqascii117o;شارلي إيبدو" شنيعة، فإن القتل في متجر &laqascii117o;كوشر" الباريسي أشد شناعة وبشاعة، ذلك أن دافع المرتكبين عكس أشد أنواع معاداة السامية، حيث قتل يهود لا لشيء سوى لأنه قدّر لهم أن يكونوا يهوداً في المكان والتوقيت الخاطئين.
ما ينبغي أن يكون واضحاً هو أن فرنسا لديها مشكلة. فمعظم المسلمين فيها يأتون من مستعمرات فرنسية سابقة، حيث كانت السلوكيات في عهد الاستعمار وحشية ومؤذية. فأثناء تلك الفترة، حُرم الجزائريون مثلاً من هويتهم ولغتهم وحقوقهم. ونظر الفرنسيون إليهم وتعاملوا معهم على أنهم أقل إنسانية. وبعد جيلين، جاء بعض الجزائريين الذين كانوا قبل ذلك خاضعين للاستعمار يبحثون عن الوظائف والفرص. لكنهم وجدوا أنفسهم محتجزين في فخ الفقر، ضمن الطبقة المهمشة.
من الضروري أن نفهم هذا السياق من أجل إدراك المرارة التي يشعر بها كثير من الفرنسيين المسلمين عند مشاهدة أفراد من النخبة الإعلامية أو الثقافية الفرنسية تقلل من شأن دينهم. بالطبع، لا يبرر ذلك بحال من الأحوال أعمال القتل المرعبة التي وقعت في &laqascii117o;شارلي إيبدو".
وفي فرنسا مشكلة أخرى. فهي ترحب بالمهاجرين، لكنها قد لا تستوعبهم. في المقابل. وكما أشار الرئيس أوباما صراحة في مؤتمر صحافي خلال الأسبوع الجاري، يأتي المهاجرون إلى الولايات المتحدة، وفي غضون جيل يصبحون أميركيين ويشقون طريقهم في مسار الحراك الاجتماعي والاقتصادي. ويرجع ذلك إلى سببين: أولهما أن فكرة أن تكون أميركياً لا تعبر عن هوية إثنية، بل عن مفهوم متغير مع الوقت. أما السبب الثاني فمأساوي، ذلك أن المهاجرين عندما يأتون إلى الولايات المتحدة لا يبدأون من القاع، لأن في أميركا طبقة شديدة الفقر من السود والإسبان، وكثير منهم توارثوا الفقر على مدار أجيال. ليس هذا هو الحال في أوروبا، إذ إن المهاجرين أصبحوا هم الطبقة الفقيرة، ولم يتم استيعابهم ضمن ثقافة تتغير بهم ومعهم. وقد مكث العرب في فرنسا على مدار أجيال، وكذلك الأتراك والأكراد في ألمانيا، والآسيويون الجنوبيون في المملكة المتحدة، لكنهم ظلوا عرباً وأتراكاً أو باكستانيين. وقيل لهم: &laqascii117o;عليكم أن تصبحوا مثلنا إذا أردتم أن تكونوا جزءاً منّا". ولأنهم ظلوا على هوياتهم الأصلية، وجد المهاجرون أنفسهم خارج دائرة الانتماء.

المصدر: جريدة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد