مصطفى فتحي
بعد ساعات على سقوط الناشطة في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي المصري شيماء الصباغ، بخرطوش أطلقه رجال أمن على متظاهرين بالقرب من ميدان التحرير وسط القاهرة أمس الأوّل السبت، انتشرت صورها بكثافة على مواقع التواصل، وتمّ تغريد اسمها عشرات آلاف المرّات. وتناقل مغرّدون صوراً تظهر اللحظات الأخيرة من حياة الناشطة، وتبيّن مسؤولية الشرطة عن مقتلها. بالتزامن مع ذلك، تفرّغ معظم الإعلاميين المصريين للدفاع عن وزارة الداخلية معتبرين أنّ مندساً أو إخوانياً أو &laqascii117o;طرفاً ثالثاً" هو مَن قتل الصباغ ليفسد العلاقة بين الشعب والشرطة في عيدها.
مساء السبت، عرضت فضائية &laqascii117o;الحياة" فيلم &laqascii117o;الناصر صلاح الدين" بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة المصرية، بينما عرضت باقي القنوات الرسمية والخاصة أفلاماً تسجيلية عن بطولات الشرطة ومواجهة رجالها للإرهاب. ولم يكن غريباً أن تحمل أغلب تغطيات القنوات المصرية لحادث مقتل الصباغ، نوعاً من التحيز لوجهة نظر واحدة، هي بالطبع وجهة نظر وزارة الداخلية.
خلال برنامج &laqascii117o;الحياة اليوم" أعطت لبنى عسل الفرصة كاملة للمتحدث باسم الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف للتعبير عن وجهة نظره، وتأكيد أنّ &laqascii117o;رجال الأمن لم يكن معهم رصاص بل قنابل غاز لتفريق التظاهرات فقط". لم تواجه عسل المتحدث الرسمي بعشرات الصور والفيديوهات التي تظهر رجال أمن يحملون أسلحة. وحين اتصل بالبرنامج أمين الإعلام في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي معتز الشناوي، قاطعته عسل أكثر من مرّة، وسألته: &laqascii117o;لماذا لم تحصلوا على تصريح ليحميكم الأمن، ما دليلكم أنّ الأمن قتلها؟".
في الإطار ذاته جاءت تغطية أحمد موسى في برنامج &laqascii117o;على مسؤوليتي" على شاشة &laqascii117o;صدى البلد". وبدأ موسى حلقته بجملة &laqascii117o;محدش يقولي شيماء الصباغ شهيدة"، مضيفاً أنّ مَن قتلها هم الإخوان وان &laqascii117o;الداخلية" لا علاقة لها بالأمر. لم يكتف موسى بذلك بل اتهم كل مَن يطالب بحق الصباغ بأنّهم &laqascii117o;مأجورون وهدفهم تخريب البلد".
بدورها فشلت لميس الحديدي في تقديم تغطية موضوعية للحادث، وتجاهلت كل الاتهامات الموجهة لـ &laqascii117o;الداخلية" بقتل شيماء، بل وطالبت &laqascii117o;الداخلية" عبر برنامجها &laqascii117o;هنا العاصمة" على فضائية &laqascii117o;سي بي سي" بالبحث عن قاتل شيماء.
وفي خطأ مهني واضح، نقلت بعض وسائل الإعلام المصرية صورة لشخص يرتدي ملابس مدنية ويحمل سلاحاً يطلق منه خرطوشاً، معتبرةً أنّ تلك الصورة، دليل براءة الداخلية. لكنّ بحثاً بسيطاً على الانترنت يبيّن أنّ الصورة قديمة ومن إحدى تظاهرات &laqascii117o;حركة أحرار" التابعة للإخوان، وليس لها علاقة بالحادث الأخيرة.
أما القنوات والإذاعات الرسمية التابعة للحكومة فقد أفردت مساحة كبيرة للأخبار المتعلقة بأمر النائب العام التحقيق في الحادث، وببيان &laqascii117o;الداخلية" الذي يؤكد أنها لم تستخدم خرطوشاً في فض التظاهرة المحدودة.
الاستثناء الوحيد هو ما قامت به ليليان داوود مقدمة برنامج &laqascii117o;الصورة الكاملة" على شاشة &laqascii117o;اون تي في" مساء السبت، إذ بدأت حلقتها بمقدمة ساخنة اعتبرت فيها أن شيماء الصباغ شهيدة الذكرى الرابعة للثورة، وأنّها خرجت &laqascii117o;من اجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية التي لم تتحقق في مصر حتى الآن".
وطوال يوم أمس، تجاهل الإعلام المصري القضيّة، ولم تعرض أي قناة مصرية جنازة شيماء الصباغ التي حضرها المئات من النشطاء في الإسكندرية. وجهت أغلب القنوات كاميراتها إلى ميادين مهمة منها ميدان التحرير، والتي ظهرت خالية من أي تظاهرات بعد إقفال الجيش لها، في إشارة إلى أنّ الأمن مستتب. بينما حملت أشرطة الأخبار في أغلب القنوات أنباءً عن القبض على إخوان أو نجاح الأمن في تفكيك قنابل في أماكن متفرّقة.
المصدر: صحيفة السفير