قضايا وآراء » تلاقي تنقلب على نجوم الإعلام السوري

رامي كوسا
طاولة قوسيّة يتحلّق حولها شخصان، فضاء مكانيّ مظلم نسبياً، موسيقى مرعبة تشكّل خلفيّة صوتية للحوار، أربعة أسئلة في الدقيقة، ثماني ثوانٍ كحدّ أقصى للإجابة، ومقاطعات لا تنتهي... هذه ليست فقرةً من الفصل صفر الذي اعتمده الروائي الأميركي لصناعة فاتحةٍ تشويقيّة لأعماله، وليست واحدة من مخلّفات أدب السجون في أحد أقبية أمن دول العالم الثّالث؛ إنّها، ومن دون مبالغة، بعض أجواء الحلقة الأولى من برنامج &laqascii117o;قيد الإرسال" الذي تقدّمه ريم جمعة على شاشة قناة &laqascii117o;تلاقي" الفضائية، وتعدّه مع هيثم حسن.
حملت الحلقة عنوان &laqascii117o;التحليل السّياسي... كيف تحوّل إلى ترويج؟" وجاءت صداميّةً بامتياز، إذ لعبت فيها المقدّمة دور المحقّق، فراحت تضيّق على ضيفها بسّام أبو عبد الله، محاولةً دفعه إلى الإقرار بذنب لم يرتكبه. وأسدل ستار الحلقة ولم نسمع الضّيف/ المتّهم يردّد عبارة &laqascii117o;ندمان يا سيدي"، على طريقة المذنبين في برنامج &laqascii117o;الشّرطة في خدمة الشّعب".
حاولت الحلقة أن تستعرض أخطاء المحلّلين السّياسيين اللبنانيين الذين تتسابق شاشات الإعلام السوري، الرسميّ منه والخاص، إلى خطب ودّهم في بداية الأزمة. وقدّمت الحلقة تقريراً سخرت فيه من بعض ما استشرفه النائب اللبناني السابق ناصر قنديل و"مدير المركز الدولي للدراسات والإعلام" رفيق نصر الله. لم يتأخّر نصر الله في الردّ، إذ دوّن عبر صفحته على &laqascii117o;فايسبوك" خطاباً معاتباً يأسف فيه على مهاجمته من منبرٍ سوريّ وهو الذي وقف، مراراً، إلى جانب دمشق، وقال: &laqascii117o;شكراً لقناة &laqascii117o;تلاقي" التي شتمتني، ربما أستحقّ الشتم فعلاً بعد كلّ هذا الزمن". فيما جاء ردّ ناصر قنديل، أكثر صلابةً وتحبّباً، فكتب: &laqascii117o;لا تكسروا مزراب العين كي يتحدث عنكم الآخرون، لأن كسر المهابة جزء من حرب نفسية يخوضها العدو ونحن لا نزال في قلب الحرب، فلا تضعوا رموز حربكم في التداول تحت شعار الحرية".
عضو مجلس الشعب السوري خالد العبّود، دافع، حاله حال كثيرٍ من مُستخدمي الموقعِ الأزرق، عن الإعلاميَين اللبنانييَن، معلناً، عبر صفحته على &laqascii117o;فايسبوك"، مُقاطعته لقناة &laqascii117o;تلاقي"، مطالباً إيّاها بالاعتذار من ناصر قنديل ورفيق نصر الله، ومعاقبة مَن أعدّ الحلقة وقدّمها واصفاً دور المحطّة بـ&laqascii117o;المشكوك فيه".
وبعد السجال الكبير الذي خلّفته الحلقة على مواقع التواصل، أصدرت قناة &laqascii117o;تلاقي" توضيحاً عبر صفحتها على &laqascii117o;فايسبوك" جاء فيه: &laqascii117o;إنّ الحلقة لم تتضمّن في أيّ لحظة نقاش كلمة مسيئة واحدة لأي محلل سياسي (...) وليس لدى القناة ما تخجل به أو منه أو تخفيه".
ما قدّمه البرنامج من أمثلة عن أداء قنديل ونصرالله، شكّل جزءاً من واقعٍ إعلاميّ رديء عاصره السوريون خلال عمر الحرب، شكّلت فيه النبوءات المسرحيّة متلازمة للظهور المتكرّر لبعض المحللين السياسيين اللبنانيين على الشاشة السوريّة. لكنّ أجندة القناة غيّبت عناصر أخرى مهمّة في المشهد. فإن كان بعض الإعلام السوري غير مقتنعٍ بأداء &laqascii117o;الضيفَيْن المتّهميْن"، فما كان سبب لهاثه خلفَ استشرافاتهما وتحليلاتهما خلال أربعة أعوامٍ كاملة؟ وأيّ عذرٍ، أقبح من ذنب، يستطيع أن يشرح احتفاء بعض ذلك الإعلام بـ &laqascii117o;مانديلّا العصر"، والحديث هنا عن النّاشط المصريّ أحمد سبايدر الذي شرّعت له أبواب جامعة دمشق، بمباركةٍ من &laqascii117o;وزارة الإعلام"، فدخلها دخول الفاتحين، وراح يحاضر بطلّابها مُرتدياً الزيّ الرّسمي لجيش البلاد؟ وما دام الإعلام السوري قد استفاق متأخّراً إلى دوره كسلطة رابعة، فلماذا لا يفتح ملف الفساد المنظّم في &laqascii117o;الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون"، عوضاً عن التصويب على ضيوفه شبه الدائمين؟
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد