مصطفى فتحي
منذ بدء الحملة العسكرية التي تقودها السعودية ودول عربية أخرى على دولة اليمن، قرَّرت اغلب وسائل الإعلام المصرية، أن تحصر دورها في الترويج لأهمية الحرب بالنسبة لأمن مصر القومي، من دون الاهتمام بعرض أي وجهات نظر أخرى معارضة. وبدت التبريرات التي يستخدمها اغلب المذيعين المصريين في برامجهم المختلفة متطابقة، وكأنهم يقرأون من كتاب واحد وزعته عليهم إدارة الشؤون المعنوية في القوات المصريّة المسلّحة.
ردّدت برامج الـ &laqascii117o;توك شو" أنّ مصر شاركت في &laqascii117o;عاصفة الحزم" مضطرة، &laqascii117o;لأنّ مضيق باب المندب كان من المحتمل أن يتعرض لخطر". ذلك ما كان يحتاج إلى تأكيد من قبل محللين استراتيجيين يرددون الحجة نفسها. لكن لم يُجِب احدهم على سؤال هام: هل تبدأ الحروب بسبب أن هناك &laqascii117o;احتمالية" ان يتعرض باب المندب لخطر أم حين يتعرض بالفعل لخطر؟
الحوثيّون إرهابيّون؟
تعمد الإعلام المصري أن يظهر الحوثيين كمجموعة من الإرهابيين والهمج، وان مشاركة مصر كانت ضرورية في الحرب لردعهم. وائل الإبراشي مقدّم برنامج العاشرة مساء على فضائيّة &laqascii117o;دريم" عرض فقرة لمصريين في اليمن يتحدثون عن الأهوال والمخاطر التي يمارسها الحوثيون ضدهم. ولم يذكر الإبراشي أسماء هؤلاء كي لا يعرضهم للخطر على حد تعبيره. وكل المشاركين في الفقرة رددوا جملا من نوعية: &laqascii117o;نحن فخورون بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالمشاركة في عاصفة الحزم". بدا الأمر أشبه بتمثيليّة معدّة، خصوصاً حين قال الإبراشي للمشاهدين: &laqascii117o;هل رأيتم؟ نحن أمام جماعات همجية أمدتها دول أخرى بطائرات ونظم دفاع جوي حديثة، لن ننتظر أن يهددوا باب المندب، كان يجب أن نتدخل من الآن".
وعلى شاشة &laqascii117o;صدى البلد" أطل احمد موسى في برنامج &laqascii117o;على مسؤوليتي"، مطمئنا المتخوفين من مشاركة الجيش في حرب برية في اليمن قائلاً: &laqascii117o;لا تقلقوا اذا شارك جيشنا في حرب برية في اليمن لدحر خطر ميليشيات الحوثيين، جيشنا قوي وإمكانياته تختلف الآن عن العام 1962 وسينتصر".
لم يختلف الأمر كثيراً مع باقي الإعلاميين المصريين، بدا الأمر وكأنهم تخرجوا من دورة تدريبية واحدة عنوانها &laqascii117o;ماذا تقول حين تشارك مصر في حرب ضد اليمن". ربما الصوت الوحيد المخالف قليلاً، كان للصحافي المصري إبراهيم عيسى، ففي حلقاته الأخيرة من برنامجه 25"/30" الذي يعرض على فضائية &laqascii117o;أون تي في" انتقد عيسى سياسات السعودية بشكل عام، معتبراً أنّها تخرب اليمن مثلما خربت سوريا من قبل، رافضا وصف بعض وسائل الإعلام الحوثيين بالإرهابيين مؤكدا إنهم فصيل يمني مهم، قائلاً إنّ &laqascii117o;الحوثيين أخطأوا، لكن لا يصح الضرب فيهم". لكن مصادر أكدت لـ &laqascii117o;السفير" إن إدارة &laqascii117o;اون تي في" طلبت منه رسمياً أول أمس الاثنين التوقف عن انتقاد السعودية. وبعدها في اليوم نفسه وزعت القناة بياناً رسمياً على وسائل الإعلام أكدت فيه انها لا تقبل بأية إهانة للمملكة العربية السعودية، وقالت القناة في بيانها، &laqascii117o;إنّها تنفي ما تم تداوله بشأن تجاوزها ضدّ المملكة، وإنّها تكنّ كلّ التقدير والاحترام للسعوديّة شعبًا وحكومةً وملكًا، وأنّها لا تسمح ولا توافق بأي تجاوزات ضدّ أشخاص أو دول تقدر دورهم على المستوى العربي والإقليمي". في الوقت نفسه بدأت حرب على السوشل ميديا ضد إبراهيم عيسى بسبب رفضه للحرب على اليمن. شارك في الحملة مستخدمون مؤيدون للنظام، قام بعضهم بوصف عيسى بالـ &laqascii117o;شيعي".
أصوات ضدّ الحرب
لم تجد المقالات المعارضة للحرب ضد اليمن مكانا لها في الصحف المصرية سواء القومية مثل &laqascii117o;الأهرام"، و &laqascii117o;الأخبار"، و &laqascii117o;الجمهورية"، أو المستقلة مثل &laqascii117o;المصري اليوم"، و &laqascii117o;اليوم السابع" وغيرها... بل وجدت لها مكانا على مواقع مستقلّة، مثل &laqascii117o;رصيف 22" الذي نشر مقالاً بعنوان: &laqascii117o;هل يتحوّل الجيش المصري إلى بلاك ووتر الشرق الأوسط الجديد؟" طرح المقال تصوراً مفاده أن النظام المصري يتجه إلى لعب دور بائع الخدمات الأمنيّة والعسكريّة على غرار شركة بلاك ووتر، وإنّ مصر تتعامل مع الحرب في اليمن بمنطق &laqascii117o;هات وخذ"، أي هات فلوس وخذ جنود.
المصدر: صحيفة السفير