قضايا وآراء » عاصفة العزم تهبّ في الإعلانات اللبنانيّة

جوزيت أبي تامر

يبدو أنّ الحملة الإعلانيّة لماركة الفوط الصحيّة &laqascii117o;برايفت"، والهادفة إلى توليد الثقة بالنفس، لم تكن سحابة صيف عابرة في عالم الإعلان اللبنانيّ. إذ انضمّ معجون الأسنان والزبدة أيضاً، إلى لائحة الراغبين ببثّ روح العزم في المرأة، ودعوتها لاستعادة ثقتها المفقودة بنفسها.
في حملتها التي بدأت قبل أشهر، ويستمرّ عرضها بوتيرة عالية على الشاشات اللبنانية، تقدّم &laqascii117o;برايفت" سلسلة إعلانات، بطلاتها لاعبة التايكواندو أندريا باولي، ومصممة ألعاب الفيديو رين عباس، ومدربة الطيران هدى مطر، والعدّاءة الأولمبية غريتا تاسلاكيان.
الشعار المشترك في ختام كلّ شريط، &laqascii117o;وثقي بنفسك اتبعي شغفك"، يبدو بعيداً عن طبيعة المنتج المسوّق له. فكيف لفوط صحيّة أن تعزز الثقة بالنفس أو تشجع على اتباع الشغف؟ لكن إذا وضعنا الأفكار &laqascii117o;العميقة" جانباً لندقق في مضمون الرسالة المراد إيصالها، نجد مجموعة من المصطلحات المرصوفة بشكل مصطنع، لتشكّل ما يصعب تسميته قافية على غرار: &laqascii117o;ما بخاف من البعد بسعى للأبعد، ما بوقف عند حدي رح كفي التحدّي"؛ أو جملٌ شبيهة بالشعارات الانتخابية: &laqascii117o;تعبي مهما صار رح حوله لانتصار، رغم طريقي القاسي حققّت رقم قياسي".
تجمع هذه الأشرطة باقةً من الشعارات السطحية التي تسعى إلى الاقتراب من البلاغة، لبثّ روح العزم في المرأة كما تدّعي. لكنّ الهدف المتعارف عليه للإعلان هو بيع المنتج مهما اختلفت الأساليب أو حاول المعلن تمويه السلع بعناوين مثاليّة وكبيرة.
ليست الحال أفضل في الأشرطة الإعلانيّة لمعجون الأسنان &laqascii117o;سنسوداين". هنا، يتحوّل غرض المعجون من العناية بالأسنان الحساسة إلى العناية بالقلوب الحساسة، كما تخبرنا الشابّة بطلة الشريط قائلة: &laqascii117o;بترجع ثقتك بحالك وبرفقاتك وبحياتك الاجتماعية".
يترافق إعلان &laqascii117o;سنسوداين" التلفزيوني مع حملة &laqascii117o;مهشتغة" على مواقع التواصل الاجتماعي عبر وسم &laqascii117o;‏لا للحساسية". يكفي استعراض بعض العبارات الواردة على صفحة المنتج على &laqascii117o;فايسبوك" ليظهر انفصال الحملة عن الواقع، ومنها مثلاً &laqascii117o;لا أحد يمكنه مقاومة طعم الكنافة الشهي! شاركونا لحظاتكم المميزة أنتم وتتناولون الكنافة وقولوا ‫‏لا للحساسية". لا تنسى صفحة &laqascii117o;سنسوداين" أن تدعو الجميع للاستمتاع &laqascii117o;بالنهار العالمي للفشار مع مشروبهم المفضل". ولا ينام لها جفن قبل أن تطمئن إلى متانة العلاقات الأسرية فتتوجه إلى الأم قائلة: &laqascii117o;لا تدعي الخوف من حساسية الأسنان يشكل عائقاً تجاه تمضية الوقت مع أطفالك! مع ‏سنسوداين ترووايت الآن تستطيعين!".
مستوى متقدّم من المبالغة يتّسم به إعلان زبدة &laqascii117o;لورباك" الأسطوريّ. بموسيقى ملحميّة ومؤثرات بصريّة يبدأ الشريط الإعلاني &laqascii117o;الليلة لما بيخطر عبالنا العشا، منختار القرار الأكثر جرأة، الليلة منختار المغامرة". إذاً تحضير العشاء بالنسبة إلى &laqascii117o;لورباك" مغامرةٌ تتطلّب الجرأة، لأنه بالفعل حدث استثنائي ونادر ان يحضرّ البشر العشاء. في كلّ الأحوال لا داعي للهلع فالإعلان يؤكد لنا أنه &laqascii117o;ما دامت لورباك معنا رح نغرف ونعصر ونرشّ تنوصل لإنجازات جديدة". والحديث هنا موجّه إلى المرأة لأن مكانها الطبيعي هو المطبخ، ومغامرة تحضير العشاء لا تليق إلا بها فـ &laqascii117o;يا أشجع الطباخات تجرأوا مع مجموعة الطبخ الجديدة من لورباك".
يبذل المعلن جهداً لبيع المنتج، يحاول بهدف التميّز، أن يبتعد عن الإقناع المباشر. لكن هل من الضروري أن تمرّ طريق التسويق عبر تحميل المنتجات شعارات من نوع منح المستهلكين، والمستهلكات خصوصاً، الثقة والنجاح وحسّ المغامرة والانطلاق إلى أبعاد خارقة... في الواقع، يكفي أن يحافظ معجون الأسنان على صحّة الفمّ، وأن تكون الزبدة شهيّة وغير مسرطنة، وألا تكون الفوط الصحيّة ملطّخة بإشعاعات نوويّة.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد