قضايا وآراء » تراخيص البثّ الجديدة في تونس لم ترضِ الجميع

بعد طول انتظار، أعلنت &laqascii117o;الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" في تونس (الهايكا) مساء أمس الأوّل، عن قائمة القنوات الإذاعية والتلفزيونيّة الجديدة الحاصلة على إجازة بثّ قانونيّة. واستقبل إعلاميّون تونسيّون الخبر بتفاؤل كبير، إذ أُضيفت ستّ إذاعات إلى قائمة البثّ المرخّص، وقناة تلفزيونيّة واحدة. ورفضت الهيئة منح الإجازة القانونيّة لسبع إذاعات، وقناتين تلفزيونيّتين، معلنةً أنّها تقوم بدراسة ملفّات باقي وسائل الإعلام، على أن تحدّد موعداً لاحقاً لإعلان نتائج دراستها.
يعود قرار &laqascii117o;الهايكا" في منح بعض المؤسسات إجازات عرض من دون غيرها، إلى مدى التزام تلك المؤسسات بتنفيذ قرار الهيئة الصادر في كانون الأوّل من العام 2014، الذي نصّ على ضرورة إيقاف بث بعض القنوات والإذاعات نهائياً، إلى حين تسوية أوضاعها القانونية. والتزمت بذلك القرار حينها كلّ من قناة &laqascii117o;الجنوبيّة"، وراديو &laqascii117o;حرية أف أم"، وراديو &laqascii117o;مساكن أف أم"، ما منحها أولويّة لدرس ملفّاتها، بحسب ما قال مصدر من الهيئة لـ &laqascii117o;السفير". في حين تمّ تأجيل النظر بملفّي قناتي &laqascii117o;تونسنا" و &laqascii117o;الزيتونة" التي سبق ودخلت الهيئة في صراع معلن مع &laqascii117o;الهايكا". ووصل الأمر حدّ شنّ &laqascii117o;الزيتونة" حملة يومية على الهيئة من خلال برامجها، واستضافت سياسيين عبّروا عن رفضهم القاطع لقرار وقف البثّ المؤقّت، على اعتبار أنّه يشكّل تضييقاً على حرية الإعلام والتعبير التي يضمنها الدستور التونسي. حتّى أنّ أحد مقدّمي البرامج في القناة، مزّق نصّ القرار المذكور على الهواء مباشرة. كما هدّد العاملون فيها بتنفيذ وقفات احتجاجيّة للتعبير عن رفضهم لقرار قد يحرمهم من عملهم في قطاع إعلاميّ متأزّم مادياً.
وقد رجحت عدّة أطراف أنّ إصرار &laqascii117o;الهايكا" على حجز معدّات المؤسسات الإعلاميّة غير الممتثلة لقرارها، سيدخلها في صراع قانوني معها. وفي الوقت الذي تستعد فيه الهيئة لدخول أروقة المحاكم التونسية، يستنكر كثيرون ممارساتها خصوصاً كيلها بمكيالين، وغضّها الطرف مثلاً عن خروقات قناة &laqascii117o;نسمة". إذ أنّ مالك القناة نبيل القروي صرّح بأنّه واحد من الأعضاء المؤسسين لحزب &laqascii117o;نداء تونس" الحاكم، بل أكَّد أنه كان واحداً من أبرز وجوه الصراع بين مختلف أجنحته، بما يخالف القانون. إذ أنّ التشريعات الناظمة لعمل &laqascii117o;الهايكا" ولسير الإعلام التونسي &laqascii117o;تمنع على صاحب وسيلة إعلام سمعية بصرية الجمع بين مهامه الحزبيّة وبين إدارته لوسيلة إعلام، حتى لا يتمّ توظيفها لخدمة طرف سياسي من دون آخر." وقد وضع تصريح القروي الهيئة في موقف محرج، خصوصاً أنّها رفضت منح ترخيص لقناة &laqascii117o;الزيتونة" سابقاً، بحجّة أنّ ممثلها القانوني آنذاك أسامة بن سالم عضو في مجلس شورى حركة &laqascii117o;النهضة".
السجال حول ملفّ قناة &laqascii117o;نسمة" جعل رئيس &laqascii117o;الهايكا" النوري اللجمي يخرج عن صمته، ليقول في تصريح إنّ &laqascii117o;اعتراف القروي بأنّه أحد مؤسسي &laqascii117o;النداء"، وانغماسه في وضع استراتيجيات الحركة في الوقت الذي كان يضطلع فيه بوظيفة الممثل القانوني لقناة &laqascii117o;نسمة"، يشكّل خرقاً للتصاريح على الشرف والالتزامات القانونية التي تقدّم بها &laqascii117o;للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري"، بخصوص عدم استعمال القناة لغرض الدعاية والتسويق لصورته الخاصة أو لصورة غيره أو لحزب ما". وأكّد اللجمي أنّ عقاب الهيئة على ذلك الخرق قد يصل إلى حدّ سحب إجازة البثّ من القناة.
الأكيد أنّ السجال حول منح تراخيص لمؤسسات من دون أخرى لن يخمد بسهولة، إذ أنّ الساحة الإعلامية التونسية تعيش ما يشبه الحرب الباردة، مع رغبة كافة الأطراف السياسيّة بالسيطرة على حصّة من الكعكة الإعلاميّة. ذلك ما يعني أنّ &laqascii117o;الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" لن تتمكن من نشر الثقافة التعديلية وحوكمة الإعلام اللذين تأسست من أجلهما.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد