قضايا وآراء » في عيون أورينت... غسان عبود ملاك

نور أبو فرّاج

ما الفائدة من أن يؤسس رجل أعمالٍ ثري قناةً تلفزيونية، ويتحمّل تكاليفها و&laqascii117o;ألم الرأس" الذي تستدعيه مصاعب العمل الإعلامي، إن لم يستطع أن يجلس في النهاية أمام إحدى كاميراتها، ليقصَّ حكايته مع موسيقى تصويرية مناسبة؟ ذلك هو السؤال الذي يستدعيه اللقاء الذي بثته قناة &laqascii117o;أورينت" مع غسان عبود رجل الأعمال السوري، مالكها ومؤسسها، ضمن برنامج &laqascii117o;تغيرنا" قبل أيّام، حيث بدا عبوّد كجدٍّ يعيد الحكايات ذاتها، ولا خيار أمام أحفاده سوى الإصغاء.
يعدّ البرنامج ويخرجه عبدو مدخنة ويشارك في إعداده وكتابة السيناريو الخاص به محمد حاج بكري، واستضاف سابقاً شخصيّات سياسيّة وثقافيّة من أمثال يوسف بزي، وأحمد قعبور، وسميح شقير، وبرهان غليون، كي يقصوا ذكرياتهم مع عرض صور ولقطات أرشيفية من مراحل تاريخية معينة في حياتهم. لكن وبالرغم من الطابع الموحد الذي يسم حلقات البرنامج، كان للحلقة التي استضافت عبود وقعٌ مختلف، مع غياب مبرّر لاستضافته، إن استثنينا المقصد الترويجي والدعائي بالطبع. امتدت الحلقة على 49 دقيقة، كانت مثقلة بالعبارات التفخيمية والشاعرية التي صدّرت عبود كشخصية مُلهمة ومؤثرة، انطلاقاً من الحديث عن ولادته في محافظة إدلب &laqascii117o;ذلك المكان الهادئ الذي تفتّق فيه وعيه"، و&laqascii117o;صقل شخصه اليوم".
يروي رجل الأعمال تفاصيل طفولته وزيارته المتكرّرة لدكان والده؛ يتحدَّث عن جارته الخالة ثريا التي كان يقرع بابها حينما يحس بالجوع، وعن والده أبو غسان الذي كرس في ذهن ولده &laqascii117o;ثقافة مجتمعية" عبر دعوته إياه لسماع أحاديث الناس في مجالس الكبار، ما &laqascii117o;فتح أمامه وعياً على الحياة".
ولكي لا تشذ الحلقة عن توجهات &laqascii117o;أورينت" العامة، كان هناك وقفة مع &laqascii117o;الذكريات المظلمة" في طفولة غسان عبود حين قرأ الخوف على وجه والديه عند بدء أحداث الثمانينيات في سوريا. يروي عبود مشاهداته على الطريق إلى الفرن بعدما أرسله والده لشراء الخبز، عندما رأى شبان الحي يضربون من قبل الجنود وشاهد أيضاً أجساد بعض القتلى. عند هذا المفصل في اللقاء، لا يكتفي البرنامج بسرد الوقائع على لسان الضيف، بل يعاد تمثيل بعض المشاهد، بحيث نرى طفلاً يحمل ربطة من الخبز ويحضنها خائفاً.
وفي محورٍ آخر من الحلقة يتحدَّث عبود عن معارضة والده لرغبته في دخول قسم الصحافة، لأنَّه لم يرد لابنه أن يعمل في مؤسسات الإعلام الرسمي السوري. ويكمل ليرسم صورة الحياة الجامعية التي عاشها حين تعرّف للمرة الأولى على أناس من طوائف ومحافظات أخرى. لكن استعراض تلك المراحل لا يمرّ من دون تكريس رسائل سياسيّة مباشرة يمليها صوت المعلّق ميشيل جبلي، حين يقول بأن &laqascii117o;الحياة الجامعية كانت تكشف أمام غسان كل يومٍ ستاراً جديداً أغفلته الحياة في إدلب بسبب الرهبة والخوف المزروعين في حياة الناس". وللمفارقة، يستعيد عبود ذكريات الحياة الطلابيّة بصورة تشبه طريقة معالجة &laqascii117o;أورينت" للحدث السوري، من منظور قائم على التركيز على البعد الطائفي والديني. فعبود يرى أن حياة الطلبة السوريين كانت قائمة على المناطقية والشللية، وتلك ظواهر، بالرغم من وجودها، لا يمكن تعميمها كسمة وحيدة في الحياة الطلابية في سوريا، خصوصاً في قسم الإعلام الذي جمع في ذلك الوقت طلاباً من مختلف المحافظات السوريّة.
في الجزء الأخير من اللقاء يسرد مؤسس &laqascii117o;أورينت" تفاصيل بحثه عن عمل داخل سوريا ولبنان، وصولاً إلى حادثة وفاة زوجته الأولى وجنينها في أحد المستشفيات السورية التي لم تملك في ذلك الحين أوكسجيناً لإنقاذها، ما دفعه للسفر إلى الخليج.
يمكن قول الكثير عن الأداء الإعلامي لقناة &laqascii117o;أورينت" بالعموم، وعن الدور الذي اختارت أن تلعبه في الأزمة السورية حتى اللحظة. لكن يبدو، بصورة أو أخرى، أن مشاهدة حلقة &laqascii117o;تغيرنا" مع &laqascii117o;المؤسس غسان عبود"، تختصر طريقة إدارة القناة والمبادئ التي توجهها وتحكمها. فخلال الأشهر القليلة الماضية، أثار عبود سخط المؤيّدين والمعارضين على حد سواء، وصولاً إلى حد تحييده واعتباره &laqascii117o;لا يمثل سوى نفسه"، بعدما بدأ يجاهر بخطاب طائفي إقصائي. تكلل كل ذلك فيما بعد بحادثة طرده لعدد من الصحافيين والعاملين في قناته ومنهم المراسلة ميساء صالح من مكتب &laqascii117o;أورينت" في مدينة غازي عينتاب التركيّة، رداً على وضع صالح إشارة &laqascii117o;لايك" على انتقاد وجه لعبود على &laqascii117o;فايسبوك" بعد مهاجمته الشركس والأرمن. بالرغم من جميع الانتقادات المهنيّة والشخصيّة والوطنيّة التي توجه لعبود في العديد من الأوساط، داخل سوريا وخارجها، يبقى لقناة &laqascii117o;أورينت" رأي آخر بمؤسسها، فعبود ما زال في عين قناته ملاكاً.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد