قضايا وآراء » هل طوت ذا صن صفحة الصراصير؟


thesascii117n_300
نور أبو فرّاج


تنتقد بعض المنابر الإعلامية اليوم الصحوة المفاجئة لجريدة &laqascii117o;ذا صن" البريطانية، تجاه قضية اللاجئين السوريين إلى أوروبا. نشرت الصحيفة صورة الطفل السوري إيلان كردي، على صدر غلافها الرئيسي في 3 أيلول الحالي، كغيرها من الصحف البريطانيّة، على اختلاف توجّهاتها السياسيّة. ولكن، يعود سبب النقد الموجّه لـ &laqascii117o;ذا صن" بذاتها، إلى كونها لم تجد ضرراً في وصف المهاجرين غير الشرعيين بالصراصير على لسان كاتبة العمود البريطانية كايتي هوبكنز. لم تكتفِ هوبكنز المعروفة بمواقفها العنصريّة، بوصف المهاجرين بأنّهم حشرات، بل دعت إلى إطلاق النار على قواربهم، ومنعهم بأي طريقة من الوصول إلى شواطئ بريطانيا. كما أنّ الصحيفة التي يتابعها ستة ملايين بريطاني، اتهمت طوال أشهر المسلمين المحافظين المقيمين في المملكة المتحدة، بأنهم إرهابيــون محتملون، وظلّت تروّج لاتجاهات عنصرية ترى في المهاجرين كائنات متطــفلة اقتصادياً وقنابل موقوتة.
ما الذي حصل؟ ولماذا قررت &laqascii117o;ذا صن" الانضمام إلى ركب المتعاطفين مع قضايا اللجوء والمهاجرين؟ وكيف تحاول تبرير هذا الانعطاف في موقفها؟
في 3 الحالي، نشرت الصحيفة تقريراً مفصلاً وصفت فيه قضية المهاجرين بأنّها &laqascii117o;مسألة حياة أو موت"، مخاطبة رئيس الوزراء البريطاني: &laqascii117o;انتهى الصيف يا سيد كاميرون، ويجب عليك الآن أن تعالج أكبر أزمة تواجه أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية". يفرّق التقرير بين طالبي اللجوء الهاربين من ظروف استثنائية وبين المهاجرين لأسباب اقتصادية. وكي لا تُتهم الصحيفة من جمهورها بالفصام، تذكّر أنها لطالما حذرت من أخطار المهاجرين على نظام الرفاه البريطاني، وقضايا السكن والخدمات العامة، لكنها تستأنف &laqascii117o;تمتلك أمتنا أيضاً تاريخاً يدعو للفخر في استقبال الأناس اليائسين، ويجب ألا نرجع عنه الآن، إن كنّا متأكدين أن هؤلاء الناس يحاولون النجاة بأرواحهم". وتستطرد الجريدة لتبرر: &laqascii117o;نحن لا نلومهم على اختيارهم الرحيل، لكنهم يجب ألا يصبحوا مشكلة أوروبا أو بريطانيا".
وكي لا يُظن بأن الصحيفة المحافظة تحمل اتجاهاً مختلفاً جذرياً عن السابق، لا بد من التدقيق في الحلول التي تقترحها لحل أزمات اللاجئين. وتتلخص الحلول بضرورة أن يفرض كل من أوباما وكاميرون النظام من جديد في سوريا والعراق، إلى جانب تكثيف الضربات الجوية التي تستهدف &laqascii117o;داعش". وفيما يتعلق باستقبال اللاجئين، تقترح الصحيفة بعد عرض عدد من شهادات سياسيين بريطانيين، ضرورة التفريق &laqascii117o;بين طالبي اللجوء، وبين المهاجرين لتحسين ظروف حياتهم، إذ إنّ &laqascii117o;أوروبا لا تستطيع استقبال الجميع". وعلى من لا تنطبق عليه المعايير المطلوبة أن يعود أدراجه بعدما أقفلت أوروبا أبوابها في وجهه. إلى جانب ذلك، تتحدث الصحيفة عن قضية ضبط الحدود، ومعاقبة المهربين غير الشرعيين.
متأخِّرة عدّة أشهر، أو ربما عدّة سنوات، قرَّرت &laqascii117o;ذا صن" فجأة الاستماع إلى شكوى بعض اللاجئين السوريين المقيمين في مخيمات على الأراضي اللبنانية أو التركية، عبر تقرير خاص قبل يومين. ومن مقاصدها تكريس الاعتقاد بأنه يمكن للبريطانيين من مكانهم، مساعدة اللاجئين، عبر التبرع بأموال لمنظمة Save the children ضمن حملة تنادي بمساعدة الأطفال مثل إيلان، بحيث تصل تلك التبرعات إلى &laqascii117o;باب خيمة اللاجئين"، من دون تكــبد معاناة القدوم إلى بريطانيا لطلب المساعدة. تستمع الجريــدة البريطانية إلى شــكوى الجد حسين (65 عاماً) في أحد المخيمات السوريــة في لبنان، والذي يتحــدث أن البعض يجرِّبون الهجــرة إلى أوروبا: &laqascii117o;فلا أحد يريد أن يــرى أطفاله مرضى، من دون عنايــة صحــية ملائمــة أو مســتوى تعليــمي لائق؟".
في الظاهر، تصغي الصحيفة لمبررات الراغبين بالهجرة، لكنها في الوقت ذاته، تمرِّر رسائل مبطَّنة حول أفضليّة تقديم المساعدة للاجئين حيث هم، تجنباً لمخاطر الرحلة ولقاء مصير مشابه لإيلان. نسمع ذلك على لسان أحد الأطباء العاملين مع منظمة &laqascii117o;أنقذوا الأطفال"، والذي يجادل بالقول: &laqascii117o;إذا ما استطعنا تحسين نوعية حياة السوريين في سوريا فلن يضطروا حينها للتفكير بالهجرة". يستطرد الطبيب مؤكداً ألا أحد يرغب في خوض تجربة مماثلة بالذهاب إلى أوروبا، سالكاً كل تلك المنافذ الخطيرة، مضيفاً: &laqascii117o;موت إيلان جعل السوريين يفكرون بأخطار الرحلة إلى أوروبا". ذلك ما يمكن تفسيره بأنّ حملة &laqascii117o;ذا صن" حول اللاجئين، أشبه بمحاولة لتحذيرهم من مصير مشابه لمن فكرّوا بخوض رحلة اللجوء.
بالرغم من إظهارها تعاطفاً مع مأساة اللجوء، تتمسّك &laqascii117o;ذا صن" بخطابها العنصري الذي يرى في أوروبا الجنّة التي يريد الجميع تخريبها. كأنّها تقول: &laqascii117o;نحن نتعاطف معكم وأنتم في أرضكم، لكن تذكروا: أنتم لستم مشكلتنا".
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد