قضايا وآراء » السعودية: أسبوع الأخبار السيئة


saascii117diweek_300
يامن صابور

كان المشهد الإعلامي المحيط بالسعوديّة في الأيّام الماضية سوداويًّا، بدءاً من الاستنكار الواسع الذي هيمن على الفضاء الافتراضي بسبب تعيين المملكة على رأس لجنة خبراء مجلس حقوق الإنسان، مروراً بالحوادث الدامية في الحرم الشريف، وصولاً إلى كشف اعتداءات جنسية يمارسها أحد الأمراء السعوديين في قصره في كاليفورنيا.
&laqascii117o;لقد تغلبت البترودولارات والسياسة على حقوق الإنسان". بهذه الكلمات وصف المدير التنفيذي لمنظمة &laqascii117o;مراقبة أداء الأمم المتحدة ascii85N Watch هيليل نوير، تعيين سفير السعودية إلى الأمم المتحدة في جنيف، فيصل بن حسن طراد، رئيساً للجنة الخبراء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. تعليق يأتي ضمن موجة واسعة من الانتقادات وردود الفعل الغاضبة التي اجتاحت الصفحات الإخبارية ومواقع التوصل الاجتماعي لدى إعلان النبأ.
أبرز الانتقادات الصحافية ظهرت على مواقع &laqascii117o;ذا اندبندنت" و &laqascii117o;دايلي إكسبريس" التي سخرت من التعيين بوصفه &laqascii117o;فضيحة" و &laqascii117o;جائزة ترضية" للسعودية، بعدما سحبت ترشيحها لرئاسة مجلس حقوق الإنسان، إثر إدانات ظهرت على نطاق واسع لسجلها الحافل بقمع الحريات والأقليات والمعارضين السياسيين، وإصرارها على تنفيذ عقوبتَي الإعدام والجلد بشكل مستمر.
من جهته، نشر موقع &laqascii117o;ذا هفنغتون بوست" مجموعة تصريحات لسياسيين من حول العالم، ومن ضمنهم أوباما وجورج دبليو بوش وديفيد كاميرون وتوني بلير وكريستين لاغارد وجون كيري وتشاك هيغيل وآخرين، وجميعهم يثنون ويشيدون بحكمة وتسامح الملك السابق عبدالله بن عبد العزيز. وأرفق الموقع كلاً من هذه التحيات بصور من داخل المملكة تظهر حالات الإعدام والعقوبات القاسية والتمييز ضد المرأة وقمع حريات الصحافيين والمدونين والمعارضين.
في هذا السياق كان لإنصاف حيدر، زوجة المدون السعودي رائف البدوي، موقف قوي مستنكر لخبر التعيين الذي اعتبرته بمثابة إعطاء المملكة &laqascii117o;الضوء الأخضر" من أجل متابعة عقوبة جلد رائف البدوي مرة أخرى.
أما المواقع الإخبارية العربية، وخاصة الخليجية منها، فقد حافظت على صمتها حيال الغضب الذي ساد الفضاء الإعلامي. فيما أشادت مواقع أخرى بمداخلة فيصل بن حسن طراد في جلسة مجلس حقوق الإنسان عند مناقشة تقرير اللجنة الدولية للتحقيق في الأزمة السورية، مؤنباً فيها دول العالم لصمتها حيال ما أسماه &laqascii117o;انتهاكات النظام السوري وأعوانه"، ومشيراً إلى أنّ المملكة منذ اليوم الأول فتحت أبوابها لاستقبال السوريين، وحافظت على سلامتهم، وأمنت لهم فرص العمل والتعليم المجاني لكي يصل عدد من لجأ من السوريين إلى السعودية مليونين ونصف المليون. ذلك بالرغم من أنّ الدراسات التي تنشرها المنظمات الدولية تؤكّد أنّ دول مجلس التعاون الخليجي لم تستقبل أي &laqascii117o;لاجئ" من سوريا، وأن السوريين المتواجدين في هذه الدول إنما قدموا إليها في سنوات ما قبل الأزمة أو في بدايتها.
صمت المواقع العربية انعكس ضجيجاً على صفحات &laqascii117o;تويتر" و &laqascii117o;فايسبوك" حيث يقود الناشطون حملة واسعة تطالب بحرية علي محمد النمر، وهو ابن شقيق رجل الدين المعارض الشيخ نمر باقر النمر، وقد اعتقلته السلطات بتهمة مشاركته في تظاهرات القطيف ضد الدولة وحكم عليه بالإعدام صلباً. الجدير ذكره أن عمر نمر عند اعتقاله لم يكن يتجاوز الثامنة عشرة. كثير من المغردين عدوا الموضوع فضيحة مدوية لسياسات الأمم المتحدة. وانتشرت وسوم وصور علي محمد النمر ورائف البدوي، وسادت حالة من السخرية المريرة عبر تغريدات تشبّه اختيار السعوديّة لمجلس حقوق الإنسان، بتعيين متحرش أطفال جليسا للأطفال. أما على الصفحات الإخبارية التي شاركت الخبر على موقع &laqascii117o;فايسبوك،" فانهالت الاتهامات على الأمم المتحدة التي انحازت برأي المعلقين لسطوة المال. كما ظهر عدد من الرسوم الكاريكاتورية الساخرة التي تظهر سجل السعودية المشين في عمليات القمع والإعدام.
أيضاً كان لقراصنة &laqascii117o;أنونيموس" دورهم في تنفيذ هجوم الكتروني على عدد من المواقع الإلكترونية الحكومية السعودية في عملية أطلقوا عليها وسم #OpNimr وأرفقوها برسالتين مصورتين عبر &laqascii117o;يوتيوب".
وبينما كانت حملة الاستنكار هذه تتصاعد، وفيما لم يهمد بعد غبار سقوط إحدى الرافعات الثقيلة التي تعمل في مشروع توسعة الحرم المكي وتسببها في مقتل حوالي مئة شخص وجرح المئات غيرهم، ودخان نشوب حريق في أحد الفنادق التي تُؤوي الحجاج، فُجِع العالم بحادثة التدافع في أول أيام الأضحى التي أودت بحياة أكثر من 700 حاج. وفيما اعتبر التلفزيون السعودي أن هذه الحادثة قد تحصل في أي تجمع بشري ضخم كهذا، وذكر المشاهدين بحسنة الموت أثناء تأدية الحج، اتهم خالد الفيصل، أمير منطقة مكة، حجاجاً أفارقة بالمسؤولية عن التدافع.
أشعلت تلك التصريحات المترافقة مع صور الجثث المكدسة فوق بعضها، مواقع التواصل الاجتماعي في تغريدات ومنشورات غاضبة ومندّدة بإهمال منظمي الحج لإجراءات السلامة والأمان. ومن جهتها أتت تغريدات &laqascii117o;مجتهد" التي تتهم ولي العهد بإخفاء الحقائق وما نقلته كل من &laqascii117o;رويترز" و &laqascii117o;أسوشيتد برس" عن شهود عيان حول إغلاق بعض المخارج من أجل مرور موكب أحد الشخصيات الهامة (قد يكون احد الأمراء) لتصب الزيت على النار وتزيد في الحملة المنددة بالسلطات السعودية، خاصة مع تأكيد &laqascii117o;نيويورك تايمز" معلومات عن منع المراسلين من الوصول إلى موقع الحادث في صعيد منى لساعات عدة.
سرعان ما حركت السعودية من جهتها آلاتها الإعلامية من أجل التغطية على حادثة التدافع، وإيجاد التبريرات خاصة مع تصعيد إيران لانتقاداتها الرسمية والإعلامية، ومطالبتها فتح تحقيق مشترك.
تأتي حرب التصريحات هذه في وقت نسي فيه الكثيرون المأساة الإنسانية المروعة ورأوا في موت أبرياء يمارسون إيمانهم فرصة لمفاقمة خطاب الكراهية السني/الشيعي ولتبادل الاتهامات الطفولية حول مسببات الحادثة في تغريدات لا تعكس سوى حالات الجهل والضغينة واحتقار الآخر التي تسود العالمَين العربي والإسلامي.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد