قضايا وآراء » متلازمة تلفزيون لبنان: إملأ فراغ الشاشة بالإعادة المناسبة

جوزيت أبي تامر
يشكّل &laqascii117o;تلفزيون لبنان" مادّة ثابتة للتندّر على مواقع التواصل، بسبب انفصاله الدائم عن الأحداث، وإعادة بثّه لبرامج من الأرشيف جزء منها بالأسود والأبيض، ومعظم أبطالها فارقوا الحياة. باستثناء المحطّة اليوميّة مع البرنامج الصباحي، أو إطلالة الشيف أنطوان ونشرات الأخبار، يقوم بثّ التلفزيون الرسمي على الإعادة حصراً التي تشكّل ما يقارب 80 في المئة من مجمل ساعات البثّ. هكذا، ارتبطت وصمة الإعادة من الأرشيف بالتلفزيون الرسميّ حصراً، على الرغم من أنّ القنوات التلفزيونيّة اللبنانيّة الأخرى لم تقصّر في علك أرشيفها خلال الفترة الماضية، ما يجعل منها نسخاً محدّثة إن جاز التعبير عن &laqascii117o;تلفزيون لبنان".
على سبيل المثال، نبشت قناة &laqascii117o;إل بي سي" من أرشيفها &laqascii117o;سامي الثرثار" و&laqascii117o;نونا الملبكة" وعادت لتعرض برنامج &laqascii117o;كيف وليش" للأطفال في السابعة والنصف صباحاً، وهو للمفارقة وقت ذهاب معظم الأطفال إلى المدرسة. لكن إن افترضنا أنّ أطفال اليوم سيتمكنون من مشاهدة البرنامج الذي مضى على إنتاجه نحو عشرين عاماً، فما الذي سيجذبهم فيه؟ إحدى الحلقات تعرض هواية التصوير بالكاميرا وتظهير الصور في الأستوديو، وذلك ما لن يفهمه أطفال كثيرون ولدوا في زمن الهواتف الذكية، ولا يعرفون ربما شكل الكاميرا الفوتوغرافيّة. هل سيهتمون في زمن الآيباد بمشاهدة طفل يلعب أمام شاشة كومبيوتر مكعّبة، لن يعرفوا على الأرجح لماذا تستخدم؟ هل سينسجمون مع طفلٍ لاعبه المفضّل دونغا في زمن نجوميّة لاعبي كرة القدم ميسي وكريستيانو رونالدو ونيمار؟ تبقى المفارقة على شاشة &laqascii117o;أل بي سي آي" أنه تمكن مشاهدة الثنائي كارين رزق الله وفادي شربل بدور &laqascii117o;الست حشورة" و&laqascii117o;جوجو الكلون" صباحاً، وبدور فادي وكارين ليلاً في مسلسل &laqascii117o;عيلة ع فرد ميلة" المعاد أيضاً.
يشكّل برنامج &laqascii117o;كيف وليش" محطة في رحلة الإعادات على شاشة &laqascii117o;المؤسسة اللبنانية للإرسال" التي تضمّ مسلسلات: &laqascii117o;بيت خالتي" (1987)، &laqascii117o;كابتن بوب" (1988)، &laqascii117o;طالبين القرب" (1997)، &laqascii117o;حكاية أمل" (2001) ومسلسلات أخرى حديثة العهد منها &laqascii117o;باب الحارة"، ومسلسلات أميركيّة لاتينيّة مدبلجة باللهجة السوريّة مثل &laqascii117o;الخيانة" (كولومبي أنتج العام 2008). قد يشكّل عرض هذه المسلسلات مناسبة لاستعادة ذكريات جميلة أو مشاهد تمثيلية شكّلت علامات فارقة، لكنّ إعادة الإعادة أكثر من مرّة تؤشر إلى خواء يصيب البرمجة التلفزيونية.
لا يقتصر توسّع &laqascii117o;متلازمة تلفزيون لبنان" على شاشة &laqascii117o;أل بي سي آي" فقط، إذ باتت إعادة المسلسلات السبيل الأسهل لملء الفراغ على باقي القنوات المحليّة أيضاً. فيمكن أن يرتكز يومٌ تلفزيونيّ على قناة &laqascii117o;الجديد"، من الصباح حتى المساء، على الإعادات، مع خرقٍ يسجله برنامجا &laqascii117o;غفران" مع مريم نور، و &laqascii117o;ولا أطيب" مع الشيف ريشار. القناة التي استعانت بأرشيف &laqascii117o;تلفزيون لبنان" وعرضت سابقاً &laqascii117o;الدنيا هيك" و &laqascii117o;أبو سليم" تعيش كمعظم القنوات على البرامج الحواريّة السياسيّة والمحطّات الإخباريّة. أمّا المسلسلات المستعادة فتتنوع بين التركي مثل &laqascii117o;ليلى 2" و&laqascii117o;شارع الظلام"، والسوري &laqascii117o;عيلة سبع نجوم"، واللبناني مثل &laqascii117o;العائدة 2" و &laqascii117o;اتهام"... أمّا إعادة المكسيكي فمن حصّة قناة &laqascii117o;أو تي في".
قد تكون الحاجة إلى الإعادات مبرّرة، في طور استعداد القنوات لبرمجة الخريف الجديدة. لكنّ تلك البرمجة تأخّرت عن المعتاد، ولا يبدو أنّها ستكون مبشّرة، إذ إنّ معظم البرامج المعلن عنها تشكّل مواسم جديدة لبرامج قديمة أو &laqascii117o;نماذج" برامج أجنبيّة تبحث عن المواهب، أو برامج معمّرة ما زالت تحتفظ بشخصيات كوميدية منذ التسعينيات مثل &laqascii117o;بسمات وطن" عبر &laqascii117o;أل بي سي" أو برامج سائرة على درب تكرار الشخصيات والنكات كبرنامج &laqascii117o;ما في متلو" عبر &laqascii117o;أم تي في".
تبقى برامج &laqascii117o;حكي جالس" (أل بي سي)، &laqascii117o;للنشر" (الجديد) &laqascii117o;طوني خليفة 1544" (ام تي في) المسمّاة اجتماعيّة، أو ما يصطلح على تسميته &laqascii117o;برامج الاثنين" مجال المنافسة الأبرز بين القنوات الثلاث التي غالباً ما تحظى بأعلى نسب مشاهدة في لبنان. تكاد تكون هذه الفئة من البرامج الصناعة المحليّة الصرفة الوحيدة على الشاشات، لكن معظم ما تنتجه لا يخرج عن إطار الإثارة أو الاستعراض، مع التكرار للصيغ والقوالب ذاتها في معالجة المواضيع.
واذا كان السواد الأعظم من الشاشات لا يستطيع أن يقدّم صناعة تلفزيونيّة لا تخرج عن البرامج المعرّبة أو البرامج الحواريّة السياسيّة أو الاجتماعية أو المسلسلات المدبلجة لتعبئة الفراغ التلفزيوني، فما الفرق بين كلّ القنوات المحليّة، و&laqascii117o;تلفزيون لبنان"... في هذه الحالة، يبدو أرشيف التلفزيون الحكومي الخيار الأفضل للمتابعة، إذ إنّه يزخر على الأقلّ بعروضٍ فنيّة وبرامج تختصر عصراً ذهبياً، من مسلسلات هند أبي اللمع إلى مسرحيّات وتسجيلات فيروز وصباح النادرة، وغيرها من المواد القيّمة التي نادراً ما تعرض.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد