نور أبو فرّاجتجاوز اهتمام الإعلام الغربي والأميركي بملفّ دخول روسيا المعركة العسكرية المباشرة ضدّ &laqascii117o;داعش"، ما يمكن وصفه بـ &laqascii117o;المكثّف". بدا الأمر كما لو أن المذيعين الأميركيين ارتدوا خوذاً عسكرية، وحملوا عدّة الحرب. فالتصعيدات الروسية الجديدة تنال بنظرهم من &laqascii117o;كرامة أميركا"، وهيبتها كأقوى دولة في التاريخ.
بالرغم من كثافتها وتنوعها الظاهري، سعت التغطية الأميركيّة في الأيام الأولى لتكريس رسالة إعلامية واحدة مفادها أن الضربات الروسية العسكرية لم تستهدف &laqascii117o;داعش"، وإنما وحدات لـ &laqascii117o;الجيش الحر". وهنا بدا أن اختيار الكلمات له دلالة بالغة الأهمية، إذ عنونت &laqascii117o;سي أن أن" أحد أخبارها مؤكدةً أن روسيا تطلق غاراتها الجويّة ضدّ &laqascii117o;أعداء الأسد". فيما اختارت وسائل إعلام أخرى مصطلح &laqascii117o;التدخل الروسي في سوريا".
عند الحديث عن التطور الجديد في الموقف الروسي، لم تُضِع وسائل الإعلام الغربية وقتاً، وبدأت تبحث فوراً عن أصحاب أكثر التصريحات ناريةً وحدّة. هكذا سارعت &laqascii117o;سي أن أن" لاستضافة جون ماكين (1/ 10)، الذي أكد أنّ روسيا تستهدف الفصائل والمقاتلين المدرَّبين من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية. ظهرت الدهشة على وجه المذيع الأميركي، سائلاً ضيفه: &laqascii117o;ماذا ستفعل أميركا حيال ذلك؟"، ليردّ ماكين بأن &laqascii117o;الأميركيين سيحلقون بطياراتهم أينما أرادوا، وعلى روسيا أن تبتعد عن طريقهم".
وبسرعة تحولت مناطق الحظر الجويّ إلى هاجس بالنسبة لوسائل الإعلام الأميركية، فتتبّعت صحيفة &laqascii117o;نيويورك تايمز" مسارات الضربات الروسية، فاردةً على الطاولة خريطة سوريا وحدودها الجغرافية.
وفي الأيام القليلة التالية لبدء الضربات الجويّة الروسية، انتقل الاهتمام الإعلامي لتحليل تصريحات أوباما الأولى حول الحدث، ورصد ردود الفعل الدولية التي تعبِّر عن &laqascii117o;قلقها" إزاء التطورات الجديدة.
وفي المقابل، كانت الضربات العسكرية الروسية فرصةً جديدة لوسائل الإعلام &laqascii117o;لإبراز عضلات" المرشحيّن للرئاسة الأميركية. حاول المرشّحون اللعب على أوتار الكراهية والخوف التي غذّاها &laqascii117o;إرث الحرب الباردة" في نفوس الأميركيين نحو &laqascii117o;الدب الروسي"، فتباروا في استوديوهات القنوات الأميركية على التذكير بمجد أميركا ودورها التاريخي، وإعلان خططهم ردّاً على تحرّكات فيما لو &laqascii117o;كانوا في منصب أوباما".
بدورها أعلنت قناة &laqascii117o;فايس نيوز" على الانترنت حالة الاستنفار القصوى، فإلى جانب تغطيتها وتقاريرها الاعتيادية حول آخر مستجدات الموقف الروسي، أطلقت برنامج &laqascii117o;أون ذا لاين" الذي يناقش فيه سايمون أستروفسكي المناورات الديبلوماسية والعسكرية الروسية. يستقبل البرنامج تساؤلات ومداخلات الجمهور عبر &laqascii117o;تويتر" أو &laqascii117o;سكايب"، حول طموحات روسيا الدولية. في الإعلان الترويجي للبرنامج الجديد، يجري التعاطي مع الضربات الروسيّة كأنّها حالة طوارئ تستوجب تقديم إجابات سريعة للجمهور المتلهّف.
على الساحة الأوروبيّة، اختارت &laqascii117o;ذا غارديان" في تقريرٍ مطوّل (2/10) الاستماع إلى شهادات مدنيين سوريين حول الضربات العسكرية الروسية. ركّزت الصحيفة البريطانيّة على تظهير مشاعر الخوف والقلق إزاء الطيارات الروسية التي باتت تحلّق في سماء سوريا. تنقل &laqascii117o;ذا غارديان" عن أحد الشبّان من معرّة النعمّان قوله إن &laqascii117o;الناس يعلمون الآن بأنها حربٌ ضد السوريين"، وتشير إلى بيانٍ صادرٍ عن أحد المستشفيات الميدانية في إدلب، يؤكد فيه على احتمال حصول كارثة إنسانية، خاصة أن المنطقة تضج باللاجئين والمدنيين، في ظل نفاد المعدات الطبّية. يشير المستشفى كذلك إلى أن عمليات انتشال الضحايا من تحت الأنقاض استمرت حتى ساعات متأخرة من الليل، ما يدلل على &laqascii117o;القوة التدميرية للأسلحة المستخدمة"، لينتهي التقرير بالقول إنّ المدنيين يرفضون الهرب عند كل تفجير أو معركة، لأن ذلك قد لا ينتهي أبداً، فهم يفضّلون &laqascii117o;الموت في ديارهم".
ترافق الاهتمام الإعلامي بالمستجدات الميدانية العسكرية على الأرض السورية، مع درجة عالية من &laqascii117o;شخصنة الأحداث"، وضع فيها كل من فلاديمير بوتين وباراك أوباما بصورة القادة العظماء المتنافسين على فرض الهيبة والسيادة. وتداولت الصحف صورهما بكثرة من زاوية تحليليّة، لدرجة يمكن القول إن تعقيدات التوازنات الدولية والصراع على مناطق النفوذ اختصر إلى حد كبير بوجه بوتين البارد، ووجه أوباما المتجهّم.
استهدف الاستنفار الإعلامي نقل حالة التوتر إلى المشاهد الغربي، والرفع من حدة تأهبه، ليستشعر بأن هناك منعطفاً جديداً في مجرى الأحداث في سوريا، يمسه بصورةٍ مباشرة، هو البعيد عن الأرض السورية ومعاركها والطائرات التي تحلّق فوقها من كل نوعٍ وجنسية.
المصدر: صحيفة السفير