فاطمة عبداللهجنّد فلاديمير بوتين وجهاً أنثوياً يتميز بثلاثة انطباعات: الشَعر الأشقر، الثوب الأحمر والولاء التام. لن يعني الكثير للقيصر المُندفِع أكانت إيكاترينا غريغوروفا خبيرة طقس أم منجّمة تحشو الرؤوس بواجب تأييد المعركة. يعود السؤال عن دور 'الإعلام الحربي' في صناعة شعوب تتبنّى الأكذوبة.
قرأ الجميع عن شقراء روسية تحدّد للطائرات السماء المثالية للتحرُّك. مرة أخرى، يقف الإعلام على مستوى واحد مع الغارة فيتساويان في التقلُّب والانتهازية. ابتدع بوتين لنشرة الطقس عبر قناة 'روسيا 24' الرسمية خبيرة مناخ تحرِّض على القصف. تنهمك التلفزيونات الحكومية في تعبيد الطرق للنصر الآتي. 'المنار' على هذه الدرب، و'المسيرة' الحوثية ولا بدّ من 'التلفزيون السوري'، واليوم 'روسيا 24'. إعلامٌ وُلِد ليكون مدفعاً أو غارة وفق موضة المرحلة. ظهور غريغوروفا بأحمر الإغراء يرخي على المُشاهد رغبة في تأدية التحية. البروباغندا الروسية دَرْسٌ في الخُلق الرفيع، وشاشات الروس دعابةٌ عفوية. تذكّر أنّ 'التلفزيون السوري' يمازح مشاهديه بخبر عن محاصيل القمح فيما الإنسان عذاب والوطن خراب.
يحلو لغريغوروفا مزاج المرء الباعث على الضحك. هنا الطامة: الدعاية وكيف تُمرَّر. التعبئة وكيف تتسلّل إلى الدماغ. تمرّ الطائرات على الشاشة كالحضّ على أُلفة المشهد والتعايش مع سطوته، بينما الشقراء 'أمّ الأحمر' تربط 'استمرار العمليات العسكرية على ما يرام' بـ'صواب ما توقّع خبراؤنا'. من أُسس الدعاية الإبقاء على التشويق، فتفنّد خبيرة الطقس البوتينية اللحظة المناسبة للغارة بمشهدية كوميدية تستفزّ الخيال: 'رغم إمكان ظهور بعض الغيوم وهبّات رياح ترابية، إلا أنّ الطقس مناسب جداَ للقصف'. مجرّد تفاصيل تُظهِر بطولات بوتين وحنكة اختيار 'الشهر الأنسب' للعملية.
ماذا يريد الرئيس الروسي من إيكاترينا غريغوروفا ونشرات الجوّ؟ استبدال تذمّر الروس من عبثية التهوّر بالحُسن والطرافة. لم يأتِ لمشاهدي نشرة الطقس بوجه غاضب يُملي عليهم هواجس المستقبل. اقتناع الشعوب بخوض الحرب يتطلّب رياء. والروس أيضاً خبراء.
المصدر: صحيفة النهار