في أحد مشاهد الحلقة الثانية من مسلسل &laqascii117o;هوملاند" (وطن) الأميركي بموسمه الخامس (عرضت في 11 تشرين الأول على &laqascii117o;شوتايم")، وبينما كانت الكاميرا تصوّر &laqascii117o;جولة" عميلة الاستخبارات الأميركيّة كاري ماثيسون (كلير داينز) على مخيّم للاجئين السوريين على الحدود السوريّة اللبنانية، حدث ما لم يكن في الحسبان. على حائط ما يفترض أنّه ديكور للمخيّم، كُتب بالخطّ العريض: &laqascii117o;الوطن عنصري"، في إشارة إلى المسلسل. لم يكن الأمر ناتجاً عن هفوة من فريق المسلسل، بل هو مقلب نفّذه ثلاث فناني غرافيتي عرب هم هبة أمين، وكرم كامب، وستون.
يحكي &laqascii117o;هوملاند" الحائز على جوائز عدّة، والمأخوذ عن مسلسل إسرائيلي، مغامرات العميلة ماثيسون في مواجهة &laqascii117o;الشرّ"، وتزخر حلقاته بأفكار نمطيّة ومغلوطة عن العرب والمسلمين. ففي إحدى حلقات الموسم الثاني العام 2012، وخلال تنفيذ البطلة لعمليّة في بيروت للقبض على &laqascii117o;إرهابيين من حزب الله" بحسب المسلسل، تظهر العاصمة اللبنانيّة (شارع الحمراء تحديداً) مليئة بالمسلحين المدججين بالرشاشات، والجاهزين للاعتداء على الزوّار الأجانب. تغيير معالم المدن في المسلسل لم يطل بيروت فقط، إذ خصّصت أكثر من حلقة لمدينة إسلام أباد، ما أثار استياءً عارماً، بسبب تشويه صورة التخطيط المدني للعاصمة الباكستانيّة وإخفاء بعض معالمها البارزة، إلى جانب تغيير لهجة سكانها بشكل تبدو أكثر &laqascii117o;فظاظة" مما هي في الحقيقة.
خلال تصوير الموسم الخامس في برلين، لجأ فريق إنتاج المسلسل إلى هبة أمين وكرم كامب وستون لـ &laqascii117o;تزيين" بعض جدران موقع التصوير بكلمات عربيّة، لإضفاء &laqascii117o;بعض المصداقيّة" على ما يفترض أنّه مخيّم للاجئين. تردّد الفنانون قبل الموافقة على أداء المهمّة، ثمّ وجدوها فرصةً لاتخاذ موقف سياسي صريح، من خلال قرصنة واحد من أشهر المسلسلات على الشاشة الأميركيّة، وأكثرها تنميطاً واحتواءً على الأكاذيب والخزعبلات.
وكتب الفنانون على جدران ديكور &laqascii117o;هوملاند": &laqascii117o;الوطن عنصري"، &laqascii117o;الوطن مش مسلسل"، &laqascii117o;الوطن بطيخ"، &laqascii117o;حريّة"، و &laqascii117o;هذا المسلسل لا يعبّر عن رأي الرسامين"، و &laqascii117o;سكتنا له فدخل بحماره"، و &laqascii117o;ما فيش هوملاند"، &laqascii117o;# بلاك ـ لايفز ـ ماتر أي Black Lives Matter" في إشارة إلى الوسم الشهير التضامني مع الأميركيين من أصول أفريقية في مواجهة عنف الشرطة ضدّهم، &laqascii117o;الوطن نكتة وما ضحكنا"، &laqascii117o;ضد الشيطان الأحمر والأزرق والبنفسجي"، &laqascii117o;فلافل وخمرة من يد فائزة".
في تدوينة على موقع هبة أمين، شرح الفنانون سبب &laqascii117o;تخريبهم" لموقع تصوير &laqascii117o;هوملاند"، ومهروا البيان بتوقيع &laqascii117o;فنانو الغرافيتي العربان"، في إشارة إلى العبارة التي استخدمتها شركة الإنتاج لدى التواصل معهم، لطلب تعاونهم. وأشار الفنانون إلى أنّ المسلسل يشوّه نظرة الرأي العام الأميركي إلى قضايا سياسية مهمّة، إذ أنّه أفهم جمهوره مثلاً أنّ القاعدة تابعة لإيران، وأنّها مرتبطة بـ &laqascii117o;حزب الله". &laqascii117o;هذا الوهم تحوّل إلى &laqascii117o;معلومة" سائدة في الولايات المتحدة بسبب المسلسل"، كتب الرسامون، وأضافوا: &laqascii117o;بعد خمسة مواسم، قطع المسلسل شوطاً كبيراً، لكنّ البروباغندا المكشوفة التي يعتمدها لم تصبح أقلّ صخباً. والآن، يستهدف المسلسل حريّة الحصول على المعلومات والخصوصيّة، من خلال تقديمها كخطر تسبّب به مسرّبو المعلومات، و&laqascii117o;داعش"، وبقية المسلمين الشيعة".
في الحلقة التي طلب من الرسامين المشاركة فيها، يُسقِط صانعو المسلسل تجربة إدوارد سنودن على أحداث &laqascii117o;هوملاند"، من خلال ابتداع تسريب يكشف تعاوناً بين الاستخبارات الأميركيّة والألمانيّة، يؤدّي في نهاية المطاف لإجبار الألمان على إطلاق إرهابيين مرتبطين بـ &laqascii117o;داعش"! ويلفت الفنانون في تدوينتهم إلى أنّ المسلسل حافظ خلال مواسمه الخمسة، على إظهار ممثلين بيض وأميركيين يحمون الفضيلة، في مواجهة شرّ وخطر المسلمين. وأضافوا: &laqascii117o;يحصل المسلسل على ثناء الجمهور الأميركي لانتقاده أخلاقيات الحكومة الأميركيّة، لكنّه لا يفعل ذلك إلا من خلال تغذية العنصريّة في اللحظة الهستيرية التي نعيشها اليوم".
وأشار الرسامون إلى أنّه كان عليهم إنجاز العمل خلال يومين، ولم يلقوا أيّ انتباه من مصممي الديكور &laqascii117o;المشغولين بشكل مسعور بتشييد موقع تصوير واقعي من خلال الحرص على أدقّ التفاصيل، ولم ينتبهوا لما كتب على الجدران. بالنسبة لهم كانت الكتابة على الجدران مجرد أكسسوار لإكمال فانتازيا الشرق الأوسط المرعب". وقالت أمين لصحيفة &laqascii117o;ذا غراديان": &laqascii117o;من الواضح أنّهم لا يعرفون شيئاً عن المنطقة التي يريدون تمثيلها، ونحن في المقابل، نتحمّل عقبات ذلك التمثيل السطحي والمضلل".
قناة &laqascii117o;شو تايم" العارضة للمسلسل، لم تعلّق على القضيّة بعد، في حين نقل موقع &laqascii117o;ديدلاين" عن مبتكره ألكس غانسا قوله: &laqascii117o;ليتنا تمكنا من الانتباه لتلك الصور قبل عرض الحلقة، ولكن، بما أنّ &laqascii117o;هوملاند" يسعى دوماً ليكون تخريبيّاً على طريقته، لا يمكننا إلا أن نبدي إعجابنا بفعل التخريب الفنّي هذا".
المصدر: صحيفة السفير