يامن صابور
لا يمكن أن نسمع الصوت الفلسطيني في الإعلام الأميركي. هذه باتت حقيقة تتأكد في كل حين، ولكن إصرار الشعب الفلسطيني على الحياة واستمراره في ابتكار وسائل المقاومة يجبر وسائل الإعلام الأميركية على متابعة أخباره وتغطيتها في محاولة ـ فاشلة غالب الأمر ـ لفهم ثورة الفلسطيني، وفي خشية من نشوب انتفاضة ثالثة قد تنتشر في جميع الأراضي الفلسطينية.
احتلت عناوين الصراع المتجدد في فلسطين معظم الصفحات الرئيسية لمواقع الصحف والقنوات الأميركية، وإن كانت هذه العناوين بحد ذاتها توحي للقارئ ـ كما هي العادة ـ بأن هنالك مجموعة من الشباب الفلسطيني عديمي الرحمة يعتدون على الإسرائيليين المسالمين العزّل. نقرأ على صفحات &laqascii117o;نيويورك تايمز" على سبيل المثال &laqascii117o;اتساع دائرة الغضب مع تنفيذ خمسة اعتداءات على إسرائيليين"، و&laqascii117o;فلسطيني يقتل جندياً إسرائيلياً". أما &laqascii117o;ذا أتلانتيك" فقد عنونت أخبارها بشكل مثير أكثر فنقرأ &laqascii117o;هجوم مسلح فلسطيني على محطة حافلات جنوبي إسرائيل" و&laqascii117o;هجمات إرهابيّة متعدِّدة خلّفت ثلاثة قتلى وعشرات من الجرحى في القدس وإسرائيل". &laqascii117o;ذا واشنطن بوست" من جهتها وصفت كيف يسارع الإسرائيليون إلى اقتناء الأسلحة والتدرّب عليها وسط تصاعد الاعتداءات عليهم، فيما أكد أحد المدربين في ناد للرماية للصحيفة أن الحصول على رخصة اقتناء سلاح في إسرائيل صعب جداً وأن معظم من يتدربون لديه غير مستوفين لشروط حمل السلاح. أما ما نراه نحن على الشاشات من سلاح بين أيدي المستوطنين فهو على ما يبدو &laqascii117o;بخاخات الفلفل" التي يقول ذلك المدرب إنه يعطيها لمن لا يستطيع الحصول على الرخصة!
تواتر أرقام ضحايا العنف كما ينشرها الإعلام الأميركي تظهر تفاوت موازين القوى بين الشعب الفلسطيني من جهة وجيش الاحتلال وشرطته والمستوطنين من جهة أخرى. فقد أوردت وكالة &laqascii117o;أسوشيتد برس" للأنباء عن وقوع أكثر من ثلاثة وأربعين فلسطينياً ضحايا الرصاص الإسرائيلي، فيما سجلت عمليات الطعن التي يقوم بها الشباب الفلسطيني، أو إطلاق النار في حالات نادرة، مقتل ثمانية من الجنود أو المستوطنين الإسرائيليين.
وتحاول الشاشات الأميركية لعب دور الناقل الموضوعي للأخبار فنرى &laqascii117o;سي أن أن" تضع وجهتي نظر الطرفين في تغطيتها للأحداث. إلا أنها تعتبر، في سياق نقلها، أن ما يصدر عن الجانب الإسرائيلي هو ما حدث بالفعل؛ فيما تشكك بالرواية الفلسطينية، وترى فيها محاولة لتبرير الأحداث وتزييف الحقائق من أجل تبرئة ساحة الفلسطينيين، حتى ولو كانت نتيجة المواجهات التي تعترف بها المحطة سقوط 44 شهيدا فلسطينيا خلال شهر واحد وحوالي 1.800 جريح. وفيما تعترف &laqascii117o;ذا واشنطن بوست" ومواقع أميركية أخرى بوجود حوالي ألف جريح ومصاب في صفوف الفلسطينيين خلال عمليات الطعن والتظاهرات، فإن وسائل الإعلام الأميركية تفشل في تشخيص وتفسير أسباب تفجر العنف في فلسطين التي يتم اختصارها لتصبح &laqascii117o;القدس الشرقية والضفة وقطاع غزة" في الإعلام الغربي (ومعظم الإعلام العربي أيضاً).
يتساءل رجل الأعمال الإسرائيلي يوآف شوارتز على &laqascii117o;سي أن أن" حول الدافع لعمليات الطعن التي يقوم بها الفلسطينيون ولا يجده مفهوماً أو مستساغاً؛ &laqascii117o;فما من تبرير للإرهاب أبداً". وفي الإعلام الأميركي ليس هنالك من إرهاب إسرائيلي. الإرهاب دوماً هو ما يقوم به الشعب الفلسطيني من مقاومة لمن سرق أراضيه ومنازله وطعامه وأسماءه وبرتقاله وأحلامه وليأتي بعدها شوارتز ويسأل &laqascii117o;ما الذي فعلناه؟" وهو قد يفهم التوتر الناشئ حول &laqascii117o;حدود" العام 1967، ولكنه لا يقبل أن يكون الصراع حول &laqascii117o;حدود" 1948 ووجود إسرائيل نفسها، ولذلك &laqascii117o;على الفلسطينيين أن يوضحوا هذه النقطة جيداً من أجل استمرار التعايش"، بحسب رأيه.
أما إذا صادفنا عنواناً على صفحة &laqascii117o;فوكس نيوز" ينتقد التغطية المتحيزة للعنف الإسرائيلي/ الفلسطيني فدعنا لا نتحمس أو لا نتفاءل كثيراً؛ فما تعنيه جوديث ميللر هنا أن بعض وسائل الإعلام الأميركية تبالغ في تعاطفها وانحيازها جانب الفلسطينيين. وفقاً لميللر، لن نرى حالة أخرى تتم فيها تسمية &laqascii117o;الإرهاب" على أنه &laqascii117o;توتّر" إلا حينما يعمد فلسطيني إلى طعن إسرائيلي.
المصدر: صحيفة السفير