زينب حاويبعد سبعة أشهر على عرضه الأوّل، تعيد &laqascii117o;الميادين" بث وثائقي &laqascii117o;العميدة" (كتابة وإخراج أسامة الزين) بجزءيه. هذا الفيلم يوثّق لسيرة عميدة المراسلين في البيت الأبيض هيلين توماس (1920 ــ2013) الأميركية ذات الأصول اللبنانية، التي عاصرت عشرة رؤساء للجمهورية في الولايات المتحدة، وناضلت بقوّة، لا بل كانت رائدة الدفاع عن حقوق المرأة، ومهّدت لها طريقاً في مهنة الصحافة.
الشريط الذي بث جزؤه الأوّل يوم الأربعاء الماضي، على أن يبث الثاني بعد غدٍ الأحد (23:00)، يسرد بشكل تاريخي وزمني رحلة امتدت لأكثر من 50 عاماً في عالم الصحافة وأروقة البيت الأبيض. يستند بذلك إلى مواد أرشيفية غنية توثّق هذه المراحل، منذ انتقال عائلة توماس من سوريا إلى الولايات المتحدة، مروراً بعملها في مؤسسات صحافية عدة، وصولاً إلى مرحلة حكم الرئيس الأميركي باراك أوباما، وانطفائها قبل عامين في تموز (يوليو). ويتضمن الشريط أيضاً مقابلة شخصية مع الصحافية المشاكسة، ومن عرفها، بينهم الرئيسة السابقة لـ&laqascii117o;نادي الصحافة الوطني" أنجيلا غريلينغ.
في الجزء الأوّل من هذا العمل، يتركّز البحث حول بدايات توماس المتواضعة في عالم الصحافة. يومها، لم يكن هذا الاختصاص ذا مكانة، ولم يكن يدرّس في الجامعات، كما لم تكن النساء يرغبن في هذا النوع من العمل. لكن شخصية هيلين توماس القوية جعلتها تدخل هذا المضمار، مع تحدّ كبير، كما يبيّن لنا الشريط التسجيلي، وتنقلها في مناصب عدّة، فضلاً عن تغطيتها للأحداث في المقارّ الحكومية المختلفة في فترة الخمسينيات، وصولاً إلى الرئيس الراحل جون كيندي. ذات مرّة، طلب منها الأخير حضور مؤتمره الصحافي لإنقاذه من أسئلة الصحافيين، عبر التدخل لدى انتهاء خطابه والقول: &laqascii117o;شكراً لك الرئيس كينيدي"، فيهمّ بعدها بالرحيل. حقبة كينيدي كانت الأقرب إلى قلب توماس كما تروي، وفي عهده استطاعت كسر التمييز ضد المرأة، وخصوصاً في &laqascii117o;اتحاد مراسلي البيت الأبيض" الذين حرموا النساء من حضور العشاء السنوي لأكثر من 50 عاماً. وبفضل الصحافية الأميركية، وبالاتفاق مع الرئيس وقتها، قرّر كينيدي مقاطعة العشاء بسبب غياب العنصر النسائي. هذا الموقف، أشعر الصحافيين الذكور بـ&laqascii117o;الخجل والعار"، على حد قول توماس. وبالطبع، لم يقف الأمر هنا، بل كرّت السبحة لتفتح هيلين أبواباً كثيرة أمام المرأة في العمل الصحافي، وتكون سبّاقة في شغل مراكز للمرّة الأولى في تاريخ أميركا، من ضمنها توليها رئاسة الفريق الصحافي للبيت الأبيض ومراسليه، ورئاسة وكالة أنباء ascii85PA.
في خضم هذا السرد، يفتح الوثائقي (الجزء الأوّل) الجوانب المهنية والشخصية لتوماس، ولا سيّما في اشتهارها بأسئلتها النارية والمحرجة للرؤساء المتعاقبين، الأمر الذي جعلها &laqascii117o;محط انزعاج لأمناء الصحافة، وللكثير من زملائي"، لكن المهم هنا بالنسبة إليها، &laqascii117o;إيصال ما يريد الناس سؤاله بشكل مباشر".
يُفتتح الجزء الثاني بحقبة الرئيس السابق جورج بوش الذي شنّ حرباً دموية على العراق لأسباب لم &laqascii117o;تكن مقنعة"، بحسب هيلين: &laqascii117o;دفع شعباً بأكمله إلى الموت". ومن المعروف في هذه الفترة نفور بوش من عميدة مراسلي البيت الأبيض وعدم سماحه لها بطرح أسئلتها، إلى أن أتت الفرصة واستطاعت طرح السؤال عليه: &laqascii117o;من يمتلك الأسلحة النووية في الشرق الأوسط؟". لم تجد الراحلة إجابة وقتها، لأنّ الإجابة مرتبطة مباشرة بـ&laqascii117o;إسرائيل"، كما تؤكد.
هيلين توماس، التي دفعت في آخر فترة من حياتها ثمن مواقفها السياسية والإنسانية. ذات مرّة، التقت حاخاماً يهودياً في البيت الأبيض وسألها &laqascii117o;ماذا تعني لك إسرائيل؟"، فأجابت من دون تردّد: &laqascii117o;على الجميع العودة إلى بلادهم". هذا الجواب كان كافياً لشنّ أشنع حملة تحريضية ضد الصحافية الأميركية، والتسبب بطردها من عملها وإجبارها على الاعتذار عن هذا الكلام. ومع هذا الثمن الباهظ، تقرّ هيلين بأنّها &laqascii117o;لم تندم"، بل تأسف لأنّ &laqascii117o;الشعب الأميركي غُسل دماغه بالدعاية الصهيونية ولم يع معاناة الشعب الفلسطيني في التشرّد والإبادة". هكذا، طوت توماس حياتها كصحافية وحقوقية رائدة ومشاكسة، ونامت باطمئنان كما يقول عارفوها، وبجمال أيضاً كما عهدوها!
المصدر: صحيفة الأخبار