قضايا وآراء » هي انتفاضة.. لا هبَّة


intifada2015_300
علوان نعيم امين الدين

انها حرب المفاهيم. حرب اعلامية بإمتياز. كلمة واحدة قد تقلب موازين وتعيد أخرى. نتشاطر العبارات والمصطلحات التي 'تطبخ' في السفارات. نسمعها فنتبناها... بل الاخطر أننا نسوَّق لها علِمنا بذلك، وهي مصيبة، ام لم نعلم، والمصيبة اعظم. هذا ما يحدث اليوم بالتحديد.
ان الهدف من توصيف ما يحدث في فلسطين المحتلة بـ 'الهبَّة' هو تقزيم للأمور بغية اعادة استيعابها ومنع تفاقم نتائجها كي لا تخرج عن السيطرة و'تُحرج' بعض من في السلطة، أو خارجها، مع العدو أو أولئك 'الطامحين' الى علاقات مستقبلية معه.
البعض يرد عدم تسميتها بـ 'الانتفاضة' الى عدم مشاركة الفصائل الاساسية فيها. سؤال فيه جواب يضُّر طارحه ومتبنيه. لماذا لا يكون السؤال المطروح هو التالي: لماذا لم تشارك الفصائل الاساسية فيها بعد؟! هل استعادت حقوقها في فلسطين بالمهادنة والتفاهمات المشتركة؟! هل اخذت الشعوب أي حق من حقوقها مع هذا العدو الا بالقوة؟! هل يصدق فينا قول انطون سعاده: 'ان الشعوب الغبية تفعل برجالاتها (وانتفاضاتها) ما تفعله الاطفال بألعابها... تحطمها ثم تبكي طالبة غيرها'؟! هل اصبحنا في مصاف الشعوب الغبية بعدما وُضِعنا على لائحة الدول 'الفاشلة'؟!
يا عزيزي انها انتفاضة سواء اردت ذلك ام لم تُرد.. ومبرراتنا كالتالي:
اولا، ان من يقوم بها هو خيرة شباب وشابات 'اوسلو' المحكومين من قِبل اتفاقات 'اوسلو' من دون ان يتشربوا من ثقافة 'اوسلو'؛
ثانياً، انها تحرك طبيعي فطري تلقائي نتيجة معاناة انسانية على مدى سبعة عقود تقريباً؛
ثالثاً، انها تحرك عام وعابر ينطلق من اندفاع ذاتي لا ينتظر قراراً سياسياً من هذه الجهة او تلك؛
رابعاً، انها انتفاضة 'نظيفة' لم تنغمس في وحول 'سياسة المصالح' على حساب 'سياسة المبادئ' النابعة من الحقوق المشروعة.
كلمة واحدة قد تؤسس الى تغيير معادلة كاملة. كلمة واحدة لا يريد الاعلام نُطقها كي لا يتحمل وزرها.      
لا تذبحوا الانتفاضة بالسكين ذاتها التي يطعن بها إبن السبعة عشر ربيعاً محتله، ولا تكونوا 'المحدلة' التي تهدس آمال جيل لم يَطْبع 'التطبيع' ختماً في ذاكرته.
اذا لم يكن لفلسطين حكَّاماً يصونونها واعلاماً يشفيها... فلها، بالتأكيد، ربُّ يحميها.
لك الله يا فلسطين. حبلت بالحق وأجهضت بالسياسة.
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد