زينب حاويبعد الكشف عن الشبكة الإرهابية التي خططت لتفجيرَي برج البراجنة ونفّذتهما، وانكشاف أماكن وجود هذه الشبكة وانطلاقها من الأشرفية ومن تخوم مخيم برج البراجنة، توجهت الكاميرات أول من أمس الى شقتَي الأشرفية وبرج البراجنة في محاولة استطلاع السكان عن قاطنيهما الإرهابيين، وكذلك تحديد مسار المخطط التفجيري الذي كان ينوي في الدرجة الأولى استهداف مستشفى &laqascii117o;الرسول الأعظم" القريب من شقة البرج.
تنوّعت التغطيات الإعلامية لهاتين الشقتين، نظراً إلى حيثية كل منهما، ديموغرافياً وسياسياً. شقة البرج تقع بالقرب من مخيم البرج الفلسطيني، الذي حاول جاهداً بعض الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التصوير بأنّ الانتحاريين أتوا من هناك، وأنّ المخيم بات بؤرة تحمي هؤلاء. هذا الكلام الذي كان يراد منه إثارة الفتنة بين أهل المخيم والضاحية الجنوبية، سقط مع الوقت في غياب أي جنسية فلسطينية ضمن هؤلاء الانتحاريين أو مشاريع الانتحاريين.
توجهت الكاميرات أول من أمس الى شقّتَي الأشرفية وبرج البراجنةمع ذلك، أصرّت مراسلة &laqascii117o;الجديد" نانسي السبع في تقريرها عن شقة البرج أول من أمس على إقحام الجنسية الفلسطينية في الموضوع، على الرغم من إعلانها في مستهل التقرير أن الشقة استأجرها أشخاص من &laqascii117o;الجنسية السورية". توجهت السبع الى الشقة واستصرحت سكان المخيم، فسألت أحدهم: &laqascii117o;كم شخصاً أُلقي القبض عليهم؟" وأعقبته بسؤال آخر: &laqascii117o;هل هم فلسطينيو الجنسية؟". أصرت المراسلة الشابة على لصق جنسية الفلسطيني في هذا التقرير بدلاً من الاكتفاء بالسؤال عن الجنسية دون تحديدها مسبقاً.
وبخلاف هذا الفخ المقصود أو غير المقصود الذي مشى به تقرير &laqascii117o;الجديد"، سارت &laqascii117o;المنار" في تيار مختلف عبر تغطيتها لشقة البرج. كان تركيز التقرير الإخباري (إعداد نعمة نعيم) على الوحدة بين أبناء المخيم وسكان ضاحية بيروت الجنوبية، والتأكيد على أنّ هذه الشقة تقع خارج نطاق المخيم، وسكنها هؤلاء الإرهابيون &laqascii117o;من دون علم" أبناء المنطقة.
على الـ mtv، وتحديداً في تقرير عن شقة الأشرفية، عُرض في النشرة المسائية أول من أمس، حاول المراسل نخلة عضيمي بث المزيد من الرعب في قلوب المشاهدين عندما ختم التقرير بالاستناد إلى ما وصفه بـ&laqascii117o;معلومات أمنية" وردت إلى محطته، بأنّ هناك &laqascii117o;خلايا نائمة تقطن الى جانب هذه الشقة، وأن شعبة المعلومات تقوم بعمليات دهم منذ 24 ساعة". وكان اللافت أيضاً في التعاطي الإعلامي مع شقة الأشرفية، الإصرار على ربطها بـ"جامعة القديس يوسف" (أوفلان) بما أنّ طلابها كان يستخدمون الأرض التي تحوي المبنى مرأباً لسياراتهم. في تقرير يناقض مضمونه، نشر موقع &laqascii117o;الكتائب" ما أوردته قناة lbci من معلومات عن شقة الأشرفية مع تأكيد المراسلة ريمي درباس على أنّ مبنى &laqascii117o;مخول" (يضم شقة الإرهابيين) مأهول من جنسيات أجنبية فقط. في الخبر نفسه، أورد الموقع ضمن &laqascii117o;معلومات خاصة &laqascii117o;أنّ طلاب &laqascii117o;اليسوعية" كانوا &laqascii117o;يقطنون في المبنى نفسه".
فيما تنوّعت التغطية المحلية باتجاهات مختلفة، كان لافتاً ما عنونته صحيفة &laqascii117o;القدس" العربي القطرية، إذ خرجت علينا بمانشيت طائفي فاقع ــ كما جرت العادة ــ يقول: &laqascii117o;لبنان: انتحاريّا برج البراجنة هرّبهما شيعي من &laqascii117o;اللبوة" واستأجرا شقة في الأشرفية المسيحية".
... والفرنسي مشغول بأخلاقيات المهنة
بعدما رأى &laqascii117o;المجلس الأعلى للإعلام المرئي والمسموع" في فرنسا أنّ الأداء الإعلامي في اعتداءات باريس كان &laqascii117o;مرضياً"، انطلق الجدل أخيراً بسبب تقريرين عرضتهما قناتا Tf1 وM6 نهار الأحد الماضي، وتضمنا مشاهد قريبة من اعتداء مطعم &laqascii117o;لا بيل إكيب" في باريس.
المشاهد وصفت بالقاسية لأنها عكست دموية الاعتداء، والفوضى والهلع السائدين في مكان الاعتداء، مع تصوير أناس (موِّهت وجوههم) بين الموت والحياة، وآخرين ناجين يطلبون المساعدة. المشهد الذي وصف بالأقسى على الإطلاق هو لشاب ناجٍ من الهجوم يسأل الإطفائي عن وضع أخته الممددة على الأرض، فرد عليه الإطفائي بأنّه لا أمل لها. هذا المشهد ورد في التقرير الأول الذي بث على قناة M6 مساء الأحد ضمن برنامج &laqascii117o;66 دقيقة"، وكان مخصصاً وقتها لتغطية خاصة لاعتداءات باريس الدموية.
تقريران لـ TF1 وM6 من مكان الاعتداء أثارا جدلاً كبيراًفريق عمل المحطة كان يعدّ منذ أيام تقريراً يظهر الحياة اليومية لعمال الإطفاء، لذا كان يرافقهم في كل مكان، وكان معهم على مقربة من الهجوم في مطعم &laqascii117o;لا بيل إكيب" قبل وصول الشرطة. هكذا، سجّل الفريق الإعلامي مشاهد مروّعة، وشهادات مفجعة على السواء. كما صوّر صعوبة عمل جهاز الإطفاء في ظروف طارئة كالتي حدثت في باريس. هذا التقرير الذي بث تحت تنبيه &laqascii117o;لا ينصح بمشاهدته لمن هم دون العشر سنوات"، انقسمت حوله آراء الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، فمنهم من رأى أنه تضمن &laqascii117o;شهادات استثنائية"، بينما ذهب آخرون إلى انتقاد الصور المروّعة &laqascii117o;غير المحتملة" التي تضمنها.
على TF1 أيضاً، وضمن نشرة الساعة 13:00 يوم الأحد، بث تقرير آخر مشابه لتقرير M6. نقل التقرير مشاهد من المكان عينه برفقة رجال الإطفاء، قبل وصول الأجهزة الأمنية إليه. هي المصادفة البحتة التي قادت هاتين القناتين الى الوجود في بقعة الاعتداء وتوثيقهما اللحظات الأولى. لكن الجدل ارتكز غلى أنّ التقريرين المذكورين لا يعودان الى القناتين اللتين بثتهما، بل كان يفترض عرضهما في سياق مختلف على قناتين مختلفتين. على سبيل المثال، تقرير M6 صوّره فريق عمل W9 العامل ضمن شبكتها، وليس تابعاً مباشراً لها. أما تقرير TF1 فقد كان فريقه تابعاً لقناة TMC. هذا البث للتقريرين بدا مخالفاً للأصول بما أنهما بثا على قناتين مختلفتين.
وزارة الداخلية الفرنسية دخلت بثقلها على الموضوع، وعبرت عن غضبها لمضمون التقريرين اللذين أدرجتهما ضمن خانة &laqascii117o;العنف وإهانة كرامة الضحايا" وخصوصاً تقرير M6. وعابت على القناتين بث التقريرين باكراً قبل معرفة هوية الضحايا. كذلك، وجهت انتقاداتها إلى القناتين لأنهما خالفتا الاتفاق المسبق مع الوزارة عن تصوير حياة رجال الإطفاء، فإذا بهما تصوّران ما حدث على أرض الجريمة. لم تكتف الوزارة بهذا الهجوم على القناتين، بل لوّحت بالملاحقات القضائية.
من جهتها، دافعت M6 على لسان مدير أخبارها فانسان رينييه، عن بث التقرير، واضعة توقيته ضمن إطار &laqascii117o;المصادفة"، بما أنّ الفريق كان يتابع الحياة اليومية لعمال الإطفاء. وشدد أيضاً على ما سماه &laqascii117o;القيمة الخبرية العالية" للصور، قائلاً إنّ القناة احترمت عنصرين هامين في الأخلاقيات التي تحكم المهنة، وهما عدم إعاقة سير التحقيق، واحترام الكرامة الإنسانية، فـ&laqascii117o;الوجوه موِّهت في التقرير، ونبّهنا إلى وجود مشاهد قاسية". من جهته، رأى &laqascii117o;المجلس الأعلى للإعلام المرئي والمسموع" أنّ تقرير M6 لم يكن معيباً بعدما وصلته شكاوى وأصداء عدة عليه.
المصدر: صحيفة الاخبار