قضايا وآراء » رحلة محفوفة بالمخاطر: قصص اللجوء بالكوميكس

نور أبو فرّاج

خلال السنوات الماضية قصّت &laqascii117o;حكايات اللجوء السوري" عبر التقارير الإخبارية والتحقيقات الصحافية والأفلام الوثائقية والتسجيلية. ذلك الكم المكثّف من ساعات التغطية، لم ينجح تماماً في تغيير موقف الحكومات الأوروبية إزاء قضايا الهجرة واللجوء، وذلك ما كان واضحاً بعد اعتداءات باريس الأخيرة.
قبل أيّام، انطلقت مبادرةٌ جديدة لرواية تجارب اللاجئين بأسلوبٍ مختلف، عبر تحويلهم إلى أبطالٍ في قصص مصوّرة. هي محاولة لتقريبهم من الجمهور الغربي، بالاستفادة من تنوع الشخصيات وخلفياتها، وكم المغامرات الشاقة التي خاضتها في رحلاتها إلى أوروبا.
يأتي ذلك ضمن جهود منظّمة &laqascii117o;بوزيتيف نيغاتيف" (إيجابي سلبي) في إنتاج &laqascii117o;كوميكس" حول قضايا إنسانية واجتماعية معاصرة تدمج الشهادات الحيّة للناس ضمن الأعمال الفنية والمضامين التعليمية. وقد أصدرت المنظمة كتابها الجديد &laqascii117o;رحلة محفوفة بالمخاطر"، ويروي حكايات ثلاثة رجال سوريين اضطروا إلى ترك موطنهم وخوض رحلة مُثقلة بالعذابات وصولاً إلى أوروبا.
أطلق المشروع من مركز &laqascii117o;جائزة نوبل" في أوسلو، وسارعت بعد ذلك صحيفة &laqascii117o;ذا غارديان" إلى نشر القصص الثلاث بالتسلسل (11 و12 و13 تشرين الثاني). كما نشرته صحيفة &laqascii117o;أفتن بوستن" (Aftenposten)، إحدى أكثر الصحف متابعةً في النروج.
أشرف على المشروع الرسام البريطاني بنيامين دكس، وأنجزت رسوماته الأميركية ليندسي بولوك، وحوّلت القصص إلى أفلام تحريك نفّذها الفنان السوري وائل طوبجي.
بطل القصة الأولى شاب يدعى خالد مقيم حالياً في أحد مخيمات اللجوء، اعتقل بعد عام 2014 حين كان يصوّر إحدى التظاهرات، قبل أن يستطيع أهله إخراجه ومن ثمّ تسفيره خارج البلاد. تعيد الرسومات بعضاً من ذكريات خالد في المعتقل وتصوّر مشاهد التعذيب التي تعرض لها، وتحمل الكثير من القسوة والمشاهد العنيفة التي لم يخفف من وطأتها تقديمها ضمن إطار فني.
فيما تروي القصة الثانية تفاصيل الرحلة التي خاضها الرسام السوري حسكو حسكو من سوريا مروراً بتركيا وإيطاليا، حتى استطاع الوصول إلى وجهته النهائية في النروج. يعود حسكو بذكرياته إلى مرسمه وبيته الذي فقده في سوريا، باعتباره واحداً من فنانيها المعاصرين الشهيرين. يقول حسكو إن لوحاته كانت تباع في نيويورك وباريس ولندن، بحيث يمكن القول إنّ سفرها وانتقالها، كان أيسر من سفرة هو الذي ابتدعها.
تكمل الحكاية سرد تفاصيل الرحلة الشاقة للرسام. نشاهد قوارب المهاجرين وهي تتقلب وسط أمواجٍ ضخمة تغطي صفحات الحكاية. نرى المهاجرين الذين أجهدهم دوار البحر بعدما تحوّلوا إلى رسومٍ كرتونية شاحبة.
يستطيع حسكو الوصول إلى الدنمارك. يستأجر شقّة ويعاود الرسم ليتمتع بعد عامٍ من ذلك بلمّ شمل عائلته. هي نهاية سعيدة ربما ـ بالرغم من المشقّات ـ بخلاف قصة محمد، البطل الثالث ضمن سلسلة الكوميكس، والتي ظلت نهاية حكايته معلّقةً مثل مصير بطلها. فالشاب أراد الوصول إلى أوسلو، حيث دبّر له أحد أصدقائه هناك عملاً لائقاً. لكن الشرطة الهنغارية ألقت القبض عليه وأخذت بصماته في أراضيها، ما يعني أنه مضطرٌ للبقاء هناك، حسب القوانين الدولية. تنتهي الحكاية، حينما يتصل أحمد بأبيه كي يخبره بأنه آمن، ثم يبكي لأنه لن يستطيع إذا ما بقي في هنغاريا انتشال عائلته من الديون.
يلخص وائل طوبجي في اتصالٍ مع &laqascii117o;السفير" مراحل العمل على المشروع، الذي بدأ بمقابلة عدد كبير من اللاجئين قبل أن يقع الاختيار على الشخصيات الثلاث. بعد ذلك، كتب السيناريو وأنجزت الرسومات، ثم إجراء التعديلات وفق وجهة نظر أصحاب الحكايات أنفسهم. يقول طوبجي إنّ الكوميكس كنوع فني يتوجه إلى الشبان أو المراهقين، وكل من قد لا يهتم بمتابعة الأخبار، بحيث يقدم لهم خلفيات عن الحياة التي عاشها اللاجئون قبل الحرب، ويعرّف المجتمعات الغربية المضيفة بضيفها الجديد. ويضيف: &laqascii117o;يقدّم المشروع اللاجئين بوصفهم بشراً لديهم مشاعر وطموح وعائلات. قد يكون للكوميكس تأثيرٌ كبير على الرأي العام، فالمجتمعات المضيفة بحاجة للتعرف على جيرانها الجدد، فهي لا تعرف إلا ما تسمعه في الإعلام".
تتضمن القصص شحنةً عاطفية وإنسانية، نجحت إلى حدٍ ما، في تقريب اللاجئين وحكاياهم من الجمهور الذي يتابع الكوميكس كنوع فني محدد له خصائصه وأدواته. لكن في المقابل، جاء اختيار الشخصيات وبعض العبارات التي قيلت على ألسنتها، كأنّه بـ &laqascii117o;رسائل تطمين" للقارئ الغربي حول الخوف من التعصّب والانغلاق والتديّن. يشير مبتكرو الكوميكس بوضوح، إلى أنّ خالد بطل الحكاية الأولى/ كان يسهر كل نهاية أسبوع ويتمتع بـ &laqascii117o;نمط حياة غربي". فيما يتحدث حسكو عن أصدقائه من شعراء وفنانين سوريين كما لو أنه يريد التأكيد أن في سوريا &laqascii117o;مثقفين متحرّرين" أيضاً. يقول حسكو في نهاية حكايته إنه لم يكن يريد خوض الرحلة بتلك الطريقة، بحيث يسلم نقوده إلى المجرمين المهربين: &laqascii117o;كان من الممكن أن أسافر إلى هنا بدرجة رجال الأعمال، كالناس المتحضّرين، بينما أحتسي النبيذ، ويشاهد أطفالي الرسوم المتحركة".
يرى وائل طوبجي أن فريق العمل حاول اختيار شخصيات تعكس الفئات المختلفة من المهاجرين: &laqascii117o;طالب العلم الذي يطمح لإكمال تعليمه، والفنان الذي استطاع تحقيق الكثير من أحلامه وفقد كل شيء بسبب الحرب، والعامل البسيط الذي لجأ إلى بلاد المهجر لإعالة عائلته".
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد