نور أبو فرّاج
&laqascii117o;قد لا نستطيع أن نخبرك كيف تفكر، لكننا قد نخبرك بماذا تفكّر أولاً". تختصر تلك العبارة جوهر نظرية &laqascii117o;ترتيب الأجندات"، إحدى أهم وأوضح النظريات لفهم دور وسائل الإعلام في توجيه اهتمام الجماهير نحو قضايا دون أخرى.
خلال العامين الماضيين، قالت وسائل الإعلام الأميركية لجمهورها: &laqascii117o;العنصرية أولاً". بدا ذلك جلياً في تغطية تظاهرات فيرغسون عقب مقتل الشاب الأسود مايكل براون على يد شرطي، ثم مجزرة كنيسة تشارلستون حين أقدم متطرّف يميني على قتل تسعة على خلفيّة عنصريّة.
هذا الأسبوع، خرجت شبكة &laqascii117o;سي أن أن" بإحصاء جديد بالتعاون مع مؤسسة &laqascii117o;عائلة هنري قيصر" بعنوان &laqascii117o;العنصريّة والحقيقة"، يبيّن أن نصف الأميركيين يرون في &laqascii117o;العنصرية" مشكلةً كبيرة في الولايات المتحدة. يكاد هذا الرقم يكون ضعف من اعتبروها مشكلة كبيرة العام 2011، إذ بلغت النسبة حينها 28 في المئة. شملت الدراسة الجديدة عيّنة مؤلّفة من 1,951 أميركيا، من البيض والسود واللاتينيين. وبيّنت أنّ 28 في المئة من البيض يرونها مشكلة ملحّة، في حين يراها 66 في المئة من السود و64 في المئة من اللاتينيين كذلك.
ضمن برنامج &laqascii117o;نيو داي" (24/11) ناقش مذيعو &laqascii117o;سي أن أن" دلالات الأرقام الجديدة، وطرحوا سؤالاً هامّاً حول ما إذا كان &laqascii117o;واقع العنصرية والتمييز قد تغيّر في العشرين سنة الأخيرة، أم أن منظورنا نحو العنصرية هو الذي تغيّر؟". إلا أنّ أهميّة السؤال، لم تقابلها إجابات شافية أو جديدة. يقول المذيع دون ليمون أن السود مثله لم يكونوا ليحلموا بالجلوس في أستوديو تلفزيوني، قبل عدّة سنوات. &laqascii117o;إذاً الواقع يقول بأن هناك تقدماً باتجاه تجاوز العنصرية". هنا يتدخل مذيعٌ آخر ليؤكد أن المشكلة تتعلق بتقدير الناس لحجم العنصرية وتصوراتهم حولها، ويشير هنا إلى دور وسائل الإعلام في قلب صورة الأشياء: &laqascii117o;فبدلاً من تصوير الناس وهم يهاجمون الشرطة، يتم عكس الصورة لتبدو الشرطة وهي تهاجمهم". ومن جهته، يلوّح دون ليمون بهاتفه المحمول مشيراً إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في توثيق ونشر الانتهاكات على أساس عنصري. فيما تؤكد مذيعة أخرى بأن القضية &laqascii117o;قضية وعي".
واستكمالاً لسلسلة &laqascii117o;العنصرية والواقع"، تنشر &laqascii117o;سي أن أن" عدداً من التجارب الشخصية لتثبت &laqascii117o;كيف يمكن للحب أن يتصدى للعنصرية، ضمن عائلات متعددة الأعراق". تسلِّط القناة الضوء على الصغيرة كيلي التي بدأت تدرك مبكراً بأنها مختلفة عن الأطفال الآخرين، بوصفها الفتاة الوحيدة ذات البشرة الملونة في صفّها، وبنتٌ لأبٍ من أصولٍ نيجيرية وأم بيضاء البشرة. قصة كيلي وذويها واحدة من عشرات القصص المفضّلة لدى القناة لأناسٍ اختاروا الانتصار للحب بدلاً من العنصرية.
تغوص &laqascii117o;سي أن أن" أكثر، محاولةً استعراض آراء وتجارب الأميركيين مع العنصرية، البعض يؤكّد بأنّها &laqascii117o;أسوأ من أي وقتٍ مضى"، وتحديداً بعد رئاسة أوباما. فيما يؤكِّد آخرون &laqascii117o;بأنَّنا جميعاً في القارب نفسه" فالكثيرون يحسون بأنّ العنصرية متجذّرة في المجتمع، يحسونها عند المشي في الشارع أو الذهاب إلى العمل.
بقي النقاش بعيداً عن جوهر الأزمة، مهمّشاً النقاش حول سبب ارتفاع الجرائم المرتكبة على أساس عرقي أو ديني، ومتناسياً النقاش عن ثقافة تعاطي الشرطة بعنف مع كلّ من لا &laqascii117o;يتمتّع ببشرة بيضاء" خصوصاً خلال العامين الماضيين، وخلفيّة الأحقاد العنصريّة المتجذّرة في التاريخ الأميركي. ولذلك ربما اختارت &laqascii117o;سي أن أن" الهرب نحو تجميع الشهادات الحيّة للناس. فالحديث عن &laqascii117o;آفة العنصرية" غدا مسطّحاً، لكن ذلك ليس مهمّاً حتى، كل ما يهم أن تبقى في المقدمة، قبل البطالة، والأزمات الاقتصادية، وارتفاع معدّلات الجريمة، والصراعات الخارجيّة على مناطق النفوذ، وكلفة التأمين الصحّي، وانتشار الأسلحة. المهمّ أن تبقى العنصرية أوَّلاً، وإن كان كل ما يقال حولها هذراً.
المصدر: صحيفة السفير