قضايا وآراء » ندوة الخطاب الديني: الإعلام يرفض النقد الذاتي‎


nadwa_300
زينب حاوي


مع تصاعد الحركات التكفيرية في المنطقة، والمنظومة الإعلامية المرافقة لها التي كانت مدماكها وسندها، توقف العديد من الباحثين عند هذه الظاهرة الدموية الإلغائية وبحثوا في كينونتها والأذرع الداعمة لها. مؤسسة &laqascii117o;مهارات" وبالتعاون مع &laqascii117o;كلية الإعلام" في &laqascii117o;الجامعة اللبنانية" ومع مؤسسة &laqascii117o;كونراد آديناور" الألمانية نظّمت أمس ندوة بعنوان: 'الاعلام والخطاب الديني في لبنان: الواقع والتأثير وفرص تعزيز السلام".

أقيمت الندوة في مبنى &laqascii117o;الإدارة المركزية" للجامعة (المتحف)، شارك فيها عدد من الأكاديميين الذين قدموا أوراقاً بحثية تتعلق مباشرة بهذا الموضوع، الى جانب عدد من الإعلاميين بحضور رئيس الجامعة عدنان السيد حسن. واللافت هنا الغياب الكلّي لرجال الدين الذين تمت دعوتهم، ولم يحضر منهم أحد.
السعي الى الدمج بين البحث الأكاديمي والتجربة العملية، من خلال هذه الندوة يبدو أنه لن يتحقق، طالما أنّ هناك هوة كامنة بين المجالين. قلة من الإعلاميين مثلاً من يتجرأ (إن كان جرأة) أن يقدم نقداً ذاتياً لعمله ولمسيرته الإعلامية، أو أن يتعاون مع الأكاديميين بغية تحسين أدائه وتقديم مقاربة مختلفة مع ضيوفه ومواضيعه. يخرج علينا مثلاً الإعلامي في قناة &laqascii117o;الجديد" جورج صليبي ليقول بلهجة تهديدية &laqascii117o;ممنوع على الآخرين اتهامنا بالتحريض وإثارة النعرات"، تاركاً اللعبة الإعلامية في ملعب الضيوف أو متطلبات تفرضها الأجواء السياسية والتكوين الطائفي في لبنان. في هذه الندوة المتعلقة بالخطاب الديني وتجلياته أكان في النشرات الإخبارية، أو البرامج السياسية والإجتماعية، وأبعاده الاجتماعية والسياسية والثقافية في الاعلام اللبناني، اتفق الجميع على أن الخطاب الذي يخرج علينا على الشاشات هو خطاب سياسي بامتياز يقال على ألسنة رجال دين. في الدراسة البحثية التي قدمها أستاذ الإعلام إبراهيم شاكر تحت عنوان &laqascii117o;الأبعاد الاجتماعية والسياسية والثقافية لحضور الخطاب الديني في الإعلام اللبناني"، ركز شاكر على المنظور الديني وحاجته الى التجديد، وتحديداً على الإسلامي منه، من خلال طرح الإشكالية التالية &laqascii117o;هل يمكن قيام خطاب ديني إسلامي يحاكي خطاباً معاصراً لبنانياً؟". وفي معرض تقديمه لخلاصة بحثه، وضع شاكر جانباً بل نفى أن يكون للخطاب الديني المسيحي الأيديولوجي أي حضور في المنطقة العربية. الأمر الذي حاججه فيه الزميل بيار أبي صعب، إذ اعتبر أن الخطاب الديني المسيحي اليوم &laqascii117o;خطير وانعزالي" ويكاد يوازي &laqascii117o;الخطاب السلفي". أبي صعب دعا الى تجنب الخلط بين الإيمان والاستخدام السياسي للدين المبني على &laqascii117o;مصالح سياسية لطبقة مهيمنة". وفي هذا السياق، الجسم الإعلام طبعاً ليس في منأى عن ذلك، بما أنه جزء من المنظومة &laqascii117o;المافياوية الإقطاعية" بحسب أبي صعب، ويتورط بأشكال عديدة، في أفخاخ الطائفية والتحريض لأسباب مرتبطة بالتسويق والارتزاق والعصبية.
حضور الخطاب الديني في الإعلام وتحديداً في النشرات الإخبارية، كان عنوان بحث قدمته أستاذة الإعلام وفاء أبو شقرا ضمن دراسة شملت 6 قنوات محلية (&laqascii117o;الجديد"، mtv ،otv ،lbci و&laqascii117o;المنار"، و&laqascii117o;المستقبل"). وقد رصدت نشراتها الإخبارية خلال 3 أشهر (آذار - أيار 2015)، لـ 136 تقريراً وخبراً ولاحظت حضور رجال الدين كماً ونوعاً. وضمن خلاصات هذه الدراسة، يظهر الحضور الأقوى لرجال الدين تدرجاً على &laqascii117o;المنار" وotv و&laqascii117o;المستقبل" ثم lbci وأخيراً &laqascii117o;الجديد". وأغلب حضورهم كان في مناسبات دينية، مع سطوة حديثهم عن مواضيع سياسية أغلبها يصب في &laqascii117o;الخطاب الاتهامي".
هذه الورقة الإعلامية البحثية عقّب عليها الإعلامي في &laqascii117o;الجديد" مالك الشريف بتمييزه بشكل خاص، لظهور الأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله، كونه رجل سياسة وليس رجل دين كما يقدم نفسه دائماً. ولذلك ينتفي إسباغه بهذه الصفة وتعداده ضمن حضور رجال الدين في الإعلام. الشريف دعا الى التخفيف من &laqascii117o;عبء النفوذ السياسي على رجال الدين". كما قدمت أستاذة الإعلام جوسلين نادر مقاربتها البحثية عن الخطاب الديني في البرامج السياسية، واستخلاصها أن الإعلام &laqascii117o;ركيزة أساسية" في هذا الخطاب بغية &laqascii117o;السيطرة"، مع هيمنة في هذه البرامج على مواضيع النزاعات مقابل مساحة ضئيلة للحوار، وإبحارها في الصراعات الإقليمية الدائرة.
شكل العام الماضي فورة إعلامية ولّدت العديد من المساجلات، تمثلت في تنافس برامج تسمى &laqascii117o;اجتماعية" بأوقات متقاربة، كانت تبث تحديداً نهار &laqascii117o;الإثنين" :&laqascii117o;حكي جالس" (lbci) و&laqascii117o;للنشر" (الجديد)، 1544 على mtv. هذا الموضوع عاينه أستاذ الإعلام علي رمال ضمن رصد لـ 60 حلقة تلفزيونية لهذه البرامج يضاف إليها برنامج &laqascii117o;من حقك" على otv، من ضمنها 21 حلقة طغى فيها الخطاب الديني بتناول 38 موضوعاً، توزعت بنسب متفاوتة عليها. ظهر فيها نسبة 55% لرجال دين &laqascii117o;سنة" و28% &laqascii117o;للشيعة" و7% للـ &laqascii117o;مسيحيين". في الخلاصات حضرت الاستخدامات السلبية لهذا الخطاب، وإستمالة الخوف والعاطفة لدى الجمهور.
هذه الورقة البحثية عقّبت عليها الإعلامية ريما كركي بإعادة التأكيد على تشريع باب المقابلات مع أي شخصية كانت، &laqascii117o;ما في ضيوف ولا مواضيع ممنوعة". تحدثت كركي عن الشروط التي يضعها الأكاديميون للمشاركة في حلقة تلفزيونية، وأضاءت بشكل مباشر على الأزمات التي يعيشها الإعلام المأزوم مادياً ويعتمد على قياس نسب المشاهدة، والأزمة التي يعيشها الدين جراء تغلغل السياسة فيه.
المصدر: صحيفة الأخبار

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد