جيمس زغبي
خلال السنوات الخمس الماضية، تسنّت لي فرصة إجراء استطلاعات رأي عدة في دول الشرق الأوسط، من أجل توفير مواد التحليل للنقاشات السياسية التي يتم تنظيمها في &laqascii117o;منتدى صير بني ياس" السنوي بدولة الإمارات العربية المتحدة. وخلال شهر أيلول الماضي، استطلعنا آراء 7400 من الشباب في ستة بلدان عربية، هي مصر ولبنان والأردن والعراق والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة لدولتين غير عربيتين هما تركيا وإيران.
واستطلاع الآراء أشبه بفتح نافذة جديدة تتيح لنا الاستماع إلى أصوات الناس والوقوف على آرائهم ومعتقداتهم واهتماماتهم والأولويات التي ينشدونها. وأنا أدعو هذا النشاط &laqascii117o;علم الاحترام"، لأنه يرصد اهتمامات كل إنسان منفرد. وعندما تُنصت فأنت تتعلم. وفي بعض الأحيان، يتم التحقق من الافتراضات والطروحات النظرية، وفي أحيان أخرى نقع على المفاجآت. وفي استطلاعاتنا لهذا العام، خرجنا بالأمرين معاً. وهنا عرضٌ لأهم ما توصلنا إليه من استطلاعنا:
في العراق، ومثلما كنا نتوقع، وجدنا أن العراقيين منقسمون في ما يتعلق بثقتهم في المؤسسات المهمة وأدوار اللاعبين الإقليميين في بلدهم. فالعرب السنّة على سبيل المثال، لا يثقون بالجيش العراقي ولا بالتدخل الإيراني ولا بوحدات &laqascii117o;الحشد الشعبي" التي تقاتل تنظيم &laqascii117o;داعش". والعرب الشيعة، في المقابل، يؤيدون الأدوار التي تلعبها تلك الأطراف. وهناك إجماع واسع على قضيتين مهمتين. الأولى أن سبب النزاع في العراق يعود إلى أن &laqascii117o;حكومة بغداد لا تمثل كل العراقيين"، والثانية أن &laqascii117o;الطريقة المثلى للوصول بالنزاع إلى حل نهائي تكمن في تشكيل حكومة جامعة للأطياف كافة، وغير مبنية على المحاصصة".
وفي ما يتعلق بـ &laqascii117o;اتفاقية 5+1" النووية، عبّر معظم الذين استطلعنا آراءهم في البلدان المذكورة (ما عدا لبنان وتركيا) عن عدم تأييدهم للاتفاقية، لأنهم لا يتوقعون أنها ستؤدي إلى تقويض الأسس التي يقوم عليها البرنامج النووي الإيراني.
أما الإيرانيون، فهم يشعرون بأن الاتفاقية تمثل تحدياً لهم. وفيما عبّر معظمهم عن تأييده لها، فإن ثلثيهم أعربوا عن تخوفهم من أن تكون حكومتهم قد وافقت على الشروط المتعلقة بتحديد برنامجها النووي في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها. وأعربت نسبة عالية منهم عن رغبتها بأن تمتلك إيران الأسلحة النووية لأن العديد من الدول الأخرى تمتلك مثل هذه الأسلحة. وعندما سئلوا عن الأولويات التي ينبغي لحكومتهم أن تلتزم بها عند تطبيق الاتفاقية، كانت الخيارات التي اتفق عليها المستَطلعون: تطوير الاقتصاد، وتعزيز الأسس التي تقوم عليها الديموقراطية، وتكريس الحقوق المدنية. واحتلت الرغبة بزيادة التدخل في دول المنطقة المرتبة الأخيرة من اهتمامات المستَطلَعين. ولا يزال الإيرانيون يؤيدون دعم بلادهم للعراق وسوريا ولبنان، لكن وفقاً لمستويات أخفض مما كان في السنوات السابقة.
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فقد اتضح من الاستطلاعات أن أخبار فلسطين تراجعت إلى حد كبير في وسائل الإعلام، لكنها ما زالت تحتفظ بأهميتها الكبيرة بالنسبة لكل العرب الذين تم استطلاع آرائهم. وعندما طلبنا منهم ترتيب الصراعات الدائرة في المنطقة بحسب أهميتها، احتلت القضية الفلسطينية رأس القائمة في كل البلدان العربية.
المصدر: صحيفة السفير