قضايا وآراء » lbci... اللاجئون السوريون ليسوا أرقاماً يا ندى

 

naharkomsaeed_300
زينب حاوي

يبدو من الصعب جداً أن يتعاطى بعض الإعلام اللبناني بمهنية وأخلاقية مع ملف النزوح السوري. منذ أكثر من 3 سنوات، تاريخ الأزمة السورية وتوافد أعداد النازحين الى لبنان، شكل هذا الملف عند بعض الوسائل الإعلامية مساحة لبث الخوف والذعر، والتحذير الدائم من تشكيل هؤلاء &laqascii117o;قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة". في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حذّرت محطة mtv بقوة ضمن برنامج &laqascii117o;تحقيق" (إعداد وتقديم كلود أبو ناضر هندي) من تكاثر الولادات السورية في لبنان، وخطر ذلك على الوضع الديموغرافي داخله (الأخبار 10-11-2015).

وفي تموز (يوليو) من العام الماضي، خصصت قناة lbci تقاريرها الإخبارية وبرامجها الحوارية، خصوصاً الصباحية منها كـ &laqascii117o;نهاركم سعيد" للإضاءة على ما أسمته &laqascii117o;الخلل الديموغرافي بين المسلمين والمسيحيين". ومن هذا الباب، دخلت بالطبع الى قضية النازحين السوريين وتداعيات هذا الوجود على صعيد الأمور المعيشية من إستهلاك للكهرباء وللماء والخبز (الأخبار 11-7-2014). وقتها، حلّ مدير عام &laqascii117o;ستاتيستكس ليبانون" ربيع الهبر على &laqascii117o;نهاركم سعيد"، ليتحدث بأرقام شركته عن هذه الزوايا. بالطبع، كانت حلقة مخزية في الأداء والتعاطي غير الإنساني مع ملف النزوح السوري. واليوم، يتكرر السيناريو، وتعاد استضافة الهبر على مشارف انتهاء العام الحالي. حلقة اليوم من البرنامج تشبه سابقاتها، لم يتغير شيء فيها سوى ممارسة المزيد من الأداء غير المهني الذي لم يلامس حتى أقل الإعتبارات الإنسانية. الحلقة التي وصفتها ندى أندراوس بـ&laqascii117o;الإستثنائية" و&laqascii117o;الخاصة"، احتلّ جزءاً أساسياً منها الحديث مع الهبر عن أرقامه الجديدة حول النزوح السوري في لبنان. كانت أندراوس مشغولة جداً بالسؤال الآتي &laqascii117o;هل أصبح عدد النازحين السوريين اليوم نصف الشعب اللبناني؟، بخاصة مع إيراد الهبر أنّهم أصبحوا أكثر من مليون و700 نازح على الأراضي اللبنانية، بعضهم غير مسجل لدى الدولة اللبنانية. وهنا، تدخلت الإعلامية اللبنانية بعنف كلامي وامتعاض جسدي واضح لتقول &laqascii117o;شو بعدن عم يعملوا بلبنان؟ ليش الدولة اللبنانية ما بتاخذ قرار بترحيلهم؟". استخدم مجدداً الهبر أرقامه، تعقيباً على اقتراح الترحيل، ليورد بأن 40% من النازحين في لبنان آتون من مناطق آمنة &laqascii117o;لم تشهد قتالاً ولا ضرب رصاص". وفي معرض آخر، أكدّ أنّ 78 % منهم يملكون شبكة للإنترنت، وخيمهم مزودة بصحون لاقطة وتلفزيونات. إنّه فعلاً لأمر مريع بأن يمتلك هؤلاء حقوقاً طبيعية معيشية وإنسانية كباقي البشر!
ربما، ليس هذا الكلام بجديد عندما تجتمع لغة الأرقام مع التأويل الواضح الأهداف. لكن الملفت في هذه الحلقة هو التطرق الى المزاحمة في العمل بين اللبنانيين والسوريين التي دخلت اليوم مجالات &laqascii117o;حملة الشهادات الجامعية" كما ورد في هذه الحلقة، فهناك أطباء وممرضون/ات وغيرهم &laqascii117o;يتمددون" خارج نطاق تواجد النازحين السوريين الى جبل لبنان وبيروت حيث أسواق العمل الوافرة!. ولدى الحديث عن مسؤولية الدولة اللبنانية والوزارات المعنية في كبح جماح هذا التمددّ، إقترح الهبر أن يكون الحل عند اللبنانيين عبر تشكيل ما أسماه الوعي عندهم في التّنبه في عمليات شرائهم إلى أن تكون الـ vendeascii117se لبنانية لا سورية لأن الأخيرة تأخذ من درب الأخرى!
مرة أخرى، يسقط الإعلام اللبناني، وخصوصاً &laqascii117o;المؤسسة اللبنانية للإرسال" في التعامل مع ملف شائك وحسّاس كالنزوح السوري في لبنان، ويحوّله سريعاً الى طبق للإلتهام ولإثارة المزيد من المخاوف والذعر عند اللبنانيين، ضمن سيناريو عتيق قدم تاريخ الحرب الأهلية في لبنان. إعلام يسقط على الفور أي حقوق إنسانية ومعيشية للنازحين، ويلصق بهم ويعمّم عليهم صفات إيواء الإرهابيين، ويحمّلهم أعباء الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية للبنانيين. لم يفكر أحد من الجسم الإعلامي، في إستخدام الأرقام الإحصائية في هذا الملف بالتحديد، واستضافة على ضوئه خبراء ومعنيين للوقوف ملياً عليه، ومحاولة إيجاد الحلول بدل إثارة البلبلة كما في كل عام، وايضاً والأهم مقاربته إنسانياً في الدرجة الأولى.
المصدر: صحيفة الأخبار

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد