قضايا وآراء » شريف عامر: الإعلام لا يصنع ثورات

القاهرة  ـ محمد علاء الدين

شهدت الفترة التي تلت «ثورة يناير» تراجع شعبية إعلاميين وفقدان الثقة في برامجهم نتيجة مواقفهم المعلنة وآرائهم السياسية المتحيزة، فضلاً عن الملل من الجرعة السياسية الزائدة وظاهرة الجدل على الشاشة التي لم يعهدها الجمهور المصري.

ويُعد شريف عامر أحد المذيعين الذين حققوا المعادلة الصعبة، ونجحوا في الحفاظ على جمهورهم والاحتفاظ بثقته، إذ إن مخاوف الانتقال من برنامج «الحياة اليوم» الذي قدّمه لسنوات على فضائية «الحياة» إلى برنامج أسسه من جديد وقتذاك وهو «يحدث في مصر» على فضائية «أم بي سي مصر» وسعيه لجذب جمهوره مجدداً، كان رهاناً كشف قوة شعبيته.

يقول شريف عامر: «أتحدث معك وأنا أبدأ الأسبوع الثالث بعد عامين من انطلاق «يحدث في مصر»، ولا أنكر أنني مندهش وسعيد جداً بالتجربة، ولم أخطط أن أستمر لعامين في البرنامج، خصوصاً إن الله وفقني في «الحياة» لسنوات، وأقلقتني أخطار الانتقال».

ويضيف: «اليوم أصبحت هناك قاعدة ولاء لبرنامجي من المشاهدين، نظراً لبعض المميزات التي لم يعرضها برنامج عربي من قبل وأهمها أسلوب «Exit poll» أو «استطلاعات ما بعد التصويت» وهو مشروع خاص لـ «أم بي سي مصر» تم التعاون فيه مع مركز «بصيرة»، إضافة إلى تقديم نوعية مختلفة للعرض التلفزيوني والتركيز على الصورة، في وقت ابتعد الإعلام في مصر من التركيز على الصورة، وهو في الأساس يعود لدعم المؤسسة التي أنتمي إليها وشدة إيمانها بذلك».

ويؤكد عامر أن برنامجه حقق في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 أعلى نسبة مشاهدة بين البرامج المنافسة، بسبب الصورة والثقة، والانتشار لموقعه الإلكتروني، والذي حقق نحو 50 مليون مشاهدة في شهر واحد.

ويشير إلى أنه يعتمد على منهج دستوري في برنامجه وهو عدم استضافة أي شخص عليه حكم قضائي، أو أي شخص اشتهر بسلاطة اللسان.

شريف عامر الذي بدأ عمله في التلفزيون المصري، يرى أن مشاركته في برنامج «أنا مصر» الذي يبث من «ماسبيرو» على الأولى الأرضية والفضائية، تجربة إضافية دخلها بأذرع مفتوحة. «أتعامل في هذه التجربة بتطوع من دون مقابل مادي، ومساحة الحرية في التناول ستكشف مستوى التجربة».

ويرى أن الإعلام الحكومي يحاول النجاح، لكنه لا يتوقع نجاحه من عدمه، بسبب الصعوبات في الذهنية التي ينتهجها والكم الكبير من العاملين به.

ولا يحب عامر توجيه الانتقادات اللاذعة لأداء الإعلام المصري، ويقول: «هل نستطيع القول إن أوضاع مصر تغيرت بعد عامين؟ كذلك وضع الإعلام المصري، صراحة لا أحب أن أنتقد مجالي خوفاً من جلد النفس. نعم عندنا مشاكل وعيوب وسوء استخدام، لكن هذا طبيعي في الفترة الحالية، هناك قصور في كل شيء ومن ضمنها الإعلام والسبب أنه واضح ومكشوف للجميع».

ويعتقد بأن «أوهام القوة الزائفة» سيطرت على القائمين على الإعلام في الفترة الأخيرة، لاعتقاد بعضهم أن الإعلام يصنع ثورات وهذا ليس صحيحاً، «لكنه عندما سيطر على المجتمع ظن بعض القائمين أنه صحيح، فجاء التضخيم في قوة نفسنا، التغيير يحدث تدريجياً من الشعب وليس من القائمين على الإعلام». ويوضح أن اعتذارات إعلاميين عن أخطائهم المهنية، لم تكن موجودة، وهي أولى طرق تصحيح أوضاع الإعلام في مصر، في إشارة إلى واقعتي ريهام سعيد وأحمد موسى.

هل تراجعت الحرية الإعلامية في مصر أخيراً؟ يرد عامر: «هناك صعود وهبوط مستمر وفقاً للضغط الاجتماعي، وأستاذنا حمدي قنديل قال في نهاية 2014 جملة أثارت دهشتي «في لحظة من اللحظات من المقبول، أن تتراجع الحريات». واستغربت لهذا الرأي، لكن فعلاً الأمور تراجعت في لحظة معينة بسبب الأزمات. كل يوم قنبلة في مكان، وبعد وقت يمكن طرح أسئلة لا يصح أن تطرح في وقت الأزمة، وهكذا الحال والسبب أننا نعيش في مجتمع إما لا يطبق القوانين وإما يفتقدها».

ويعلن عامر أنه تخوف من انتقاد الرئيس عبدالفتاح السيسي للإعلام المصري وتأخر ميثاق الشرف، كرئيس للجـــمهورية، لكنه تفهـــمه كمواطن، إذ إنه لم يقل شيئاً بعيداً من الذي يقوله الأب المصري»، بحسب رأيه.

ويستدرك عامر: «تخوفت لسوء تفسير الانتقاد من المتطوعين الذين يذكون نار الفتنة، رغم أن السيسي، لم يتخذ أي إجراء ضد التجاوزات، لكن القائمين على الجهاز البيروقراطي «الديناصوري» الكبير يمكنهم أن يرموا من خلال «مجلس النواب» جملة بظن أنها تأييد لما قاله رئيس الجمهورية، من دون العلم أنها ستضر المجتمع كله والرئيس نفسه في هذا الوقت».

ولا يخشى على حرية الإعلام المصري. «لم نعد نخاف من أي شيء، إذا كنا تعلمنا شيئاً بعد الثورة، فهو أن الخوف باتت تتحكم فيه عوامل أخرى مستمرة ومتداخلة». ويرفض عامر كلمة «الحياد» في الإعلام موضحاً أن المهم أن يكون الطرح موضوعياً في الإعلام. «كرهت كلمة «حياد» مثل شفافية التي استغلت أسوأ استغلال في الفترة الأخيرة، أنت تعبر عن مجتمعك ومن أجل مصلحة مجتمعك يجب أن تطرح أي سؤال، وليس موضوعياً أن نقدم مثلاً على طبع غلاف «تشارلي إيبدو». فهذا مسيء لي ويضايقني لأنه يمس ثقافتي وعقيدتي، وكذلك الحال في الغرب ليس هناك حرية مطلقة، في ألمانيا اعتبروا مجرد إعادة طبع كتاب «كفاحي» لهتلر في 2015 حدثاً لا بد من الوقوف أمامه، بما أن الكتاب كان محرماً طبعه قبل ذلك، واتفقوا على ذلك وطبقوه».

ويبدي عامر ارتياحه لقرار إنشاء «نقابة الإعلاميين»، موضحاً أنها مكسب للجميع. لكنها لن تنهي حالة الفوضى، «العملية طويلة، ومشكلتنا أننا في مصر نتكلم بمنطق «المعادلة الصفرية»، فإما تلغيني وإما ألغيك».

المصدر: صحيفة الحياة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد